الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. فَإِن كنت بالمقضي يَا قوم رَاضِيا
…
فربي لَا يرضى بشؤم شكيتي
فَهَل لي رضَا مَا لَيْسَ يرضاه سَيِّدي
…
فقد حرت دلوني على كشف حيرتي
إِذا شَاءَ رَبِّي الْكفْر مني مَشِيئَة
…
فَهَل أَنا عَاص فِي اتِّبَاع الْمَشِيئَة
وَهل لي اخْتِيَار ان أُخَالِف حكمه
…
فبالله فاشفوا بالبراهين علتي
…
الْجَواب
الْحَمد لله رب الْعَالمين
…
سؤالك يَا هَذَا سُؤال معاند
…
تخاصم رب الْعَرْش باري الْبَريَّة
وَهَذَا سُؤال خَاصم الْمَلأ الْعلَا
…
قَدِيما بِهِ إِبْلِيس أصل البلية
وَمن يَك خصما للمهيمن يرجعن
…
على أم رَأس هاويا فِي الحفيرة
ويدعى خصوم الله يَوْم معادهم
…
إِلَى النَّار طرا معشر
الْقَدَرِيَّة
سَوَاء نفوه أَو سعوا ليخاصموا
…
بِهِ الله أَو ماروا بِهِ للشريعة
وأصل ضلال الْخلق من كل فرقة
…
هُوَ الْخَوْض فِي فعل الْإِلَه بعلة
فإنهمو لم يفهموا حِكْمَة لَهُ
…
فصاروا على نوع من الْجَاهِلِيَّة
وَإِن مبادي الشَّرّ فِي كل أمة
…
ذَوي مِلَّة قدسية نبوية
بخوضهم فِي ذَلِك صَار شركهم
…
وَجَاء دروس الْبَينَات بفترة
فَإِن جَمِيع الْكَوْن أوجب فعله
…
مَشِيئَة رب الْخلق باري الخليقة
وَذَات إِلَه الْخلق وَاجِبَة بِمَا
…
لَهَا من صِفَات وَاجِبَات قديمَة
…
.. مَشِيئَته مَعَ علمه ثمَّ قدرَة
…
لَوَازِم ذَات الله قَاضِي الْقَضِيَّة
فقولك لم قد شَاءَ مثل سُؤال من
…
يَقُول فَلم قد كَانَ فِي الأزلية
وَذَاكَ سُؤال يبطل الْعقل وَجهه
…
وتحريمه قد جَاءَ فِي كل شرعة
وَفِي الْكَوْن تَخْصِيص كثير يدل من
…
لَهُ نوع عقل أَنه بِإِرَادَة
وإصداره عَن وَاحِد بعد وَاحِد
…
أَو القَوْل بالتجويز رمية حيرة
ولاريب فِي تَعْلِيق كل مسبب بِمَا قبله من عِلّة موجبية
بل الشَّأْن فِي الْأَسْبَاب أَسبَاب مَا ترى
…
ومصدرها عَن حكم مَحْض الْمَشِيئَة
وقولك لم شَاءَ الْإِلَه هُوَ الَّذِي
…
أزل عقول الْخلق فِي قَعْر حُفْرَة
فَإِن الْمَجُوس الْقَائِلين بخالق
…
لنفع وَرب مبدع للمضرة
سُؤَالهمْ عَن عِلّة الشَّرّ أوقعت
…
رؤوسهم فِي شُبْهَة المثنوية
وَإِن ملاحيد الفلاسفة الأولى
…
يَقُولُونَ بِالْفِعْلِ الْقَدِيم بعلة
بغوا عِلّة للكون بعد انعدامه
…
فَلم يَجدوا ذاكم فضلوا بضلة
وَإِن مبادي الشَّرّ فِي كل أمة
…
ذَوي مِلَّة مَيْمُونَة نبوية
بخوضهمو فِي ذاكم صَار شركهم
…
وَجَاء دروس الْبَينَات بفترة
…
.. وَيَكْفِيك نقضا أَن مَا قد سَأَلته
…
من الْعذر مَرْدُود لَدَى كل فطْرَة
فَأَنت تعيب الطاعنين جَمِيعهم
…
عَلَيْك وترميهم بِكُل مذمة
وتنحل من والاك صفو مَوَدَّة
…
وَتبْغض من ناواك من كل فرقة
وحالهم فِي كل قَول وفعلة
…
كحالك يَا هَذَا بأرجح حجَّة
وهبك كَفَفْت اللوم عَن كل كَافِر
…
وكل غوي خَارج عَن محجة
فيلزمك الْإِعْرَاض عَن كل ظَالِم
…
على النَّاس فِي نفس وَمَال وَحُرْمَة
وَلَا تغضبن يَوْمًا على سافك دَمًا
…
وَلَا سَارِق مَالا لصَاحب فاقة
وَلَا شاتم عرضا مصونا وَإِن علا
…
وَلَا ناكح فرجا على وَجه غية
وَلَا قَاطع للنَّاس نهج سبيلهم
…
وَلَا مُفسد فِي الأَرْض فِي كل وجهة
وَلَا شَاهد بالزور إفكا وفرية
…
وَلَا قَاذف للمحصنات بريبة
وَلَا مهلك للحرث والنسل عَامِدًا
…
وَلَا حَاكم للْعَالمين برشوة
وكف لِسَان اللوم عَن كل مُفسد
…
وَلَا تأخذن ذَا جرمة بعقوبة
وَسَهل سَبِيل الْكَاذِبين تعمدا
…
على رَبهم من كل جَاءَ بفرية
…
.. وَإِن قصدُوا إضلال من تستجيبهم
…
بروم فَسَاد النَّوْع ثمَّ الرياسة
وجادل عَن الملعون فِرْعَوْن إِذْ طَغى
…
فأغرق فِي اليم انتقاما بعصية
وكل كفور مُشْرك بإلهه
…
وَآخر طاغ كَافِر بنبوة
كعاد ونمروذ وَقوم لصالح
…
وَقوم لنوح ثمَّ أَصْحَاب الايكة
وَخَاصم لمُوسَى ثمَّ سَائِر من أَتَى
…
من الْأَنْبِيَاء محييا للشريعة
على كَونهم إِذْ جاهدوا النَّاس إِذْ بغوا
…
ونالوا من العَاصِي بُلُوغ الْعقُوبَة
وَإِلَّا فَكل الْخلق فِي كل لَفْظَة
…
ولحظة عين أَو تحرّك شَعْرَة
وبطشة كف أَو تخطي قديمَة
…
وكل حراك بل بِكُل سكينَة
همو تَحت أقدار الْإِلَه وَحكمه
…
كَمَا أَنْت فِيمَا قد أتيت بِحجَّة
وهبك رفعت اللوم عَن كل فَاعل
…
فعال ردي طردا لهذي المقيسة
فَهَل يمكنن رفع الملام جَمِيعه
…
عَن النَّاس طرا عِنْد كل قبيحة
وَترك عقوبات الَّذين قد اعتدوا
…
وَترك الورى الْإِنْصَاف بَين الرّعية
فَلَا تضمنن نفس وَمَال بِمثلِهِ
…
وَلَا تعقبن عَاد بِمثل الجريمة
…
.. وَهل فِي عقول النَّاس أَو فِي طباعهم
…
قبُول لقَوْل النذل مَا وَجه حيلتي
وَيَكْفِيك نفضا مَا بجسم ابْن آدم
…
صبي وَمَجْنُون وكل بَهِيمَة
من الْأَلَم الْمقْضِي فِي غير حِيلَة
…
وَفِيمَا يَشَاء الله أكمل حِكْمَة
إِذا كَانَ فِي هَذَا لَهُ حِكْمَة فَمَا
…
يظنّ بِخلق الْفِعْل ثمَّ الْعقُوبَة
وَكَيف وَمن هَذَا عَذَاب مخلد
…
عَن الْفِعْل فعل العَبْد عبد الطبيعة
كآكل سم أوجب الْمَوْت أكله
…
وكل بِتَقْدِير لرب الْبَريَّة
فكفرك يَا هَذَا كسم أَكلته
…
وتعذيب نَار مثل جرعة غُصَّة
أَلَسْت ترى فِي هَذِه الدَّار من جنى
…
يُعَاقب إِمَّا بالقضا أَو بشرعة
وَلَا عذر للجاني بِتَقْدِير خَالق
…
كَذَلِك فِي الْأُخْرَى بِلَا مثنوية
وَتَقْدِير رب الْخلق للذنب مُوجب
…
كتقدير عُقبى الذَّنب إِلَّا بتوبة
وَمن كَانَ من جنس المتاب لرفعه
…
عواقب أَفعَال الْعباد الخبيثة
…
.. كجبرية تمحى الذُّنُوب ودعوة
…
تجاب من الْجَانِي وَرب شَفَاعَة
وَقَول حَلِيف الشّعْر إِنِّي مُقَدّر
…
عَليّ كَقَوْل الذيب هذي طبيعتي
وَتَقْدِيره للْفِعْل يجلب نقمة
…
كتقديره الْآثَار طرا بعلة
فَهَل ينفعن عذر الملوم لِأَنَّهُ
…
كَذَا طبعه أم هَل يُقَال لعثرة
أم الذَّنب والتعذيب أوكد للَّذي
…
طَبِيعَته فعل الشرور الشنيعة
فَإِن كنت ترجو أَن تجاب بِمَا عَسى
…
ينجيك من نَار الْإِلَه الْعَظِيمَة
فدونك رب الْخلق فاقصده ضارعا
…
مرِيدا بِأَن يهديك نَحْو الْحَقِيقَة
وذلل قياد النَّفس للحق واسمعن
…
وَلَا تعرضن عَن فكرة مُسْتَقِيمَة
وَمَا بَان من حق فَلَا تتركنه
…
وَلَا تعص من يَدْعُو لأَقوم ريعة
…
.. ودع دين ذَا الْعَادَات لَا تتبعنه
…
وعج عَن سَبِيل الْأمة الغضبية
وَمن ضل عَن حق فَلَا تقفونه
…
وزن مَا عَلَيْهِ النَّاس بالمعدلية
هُنَالك تبدو طالعات من الْهدى
…
تبشر من قد جَاءَ بالحنفية
بِملَّة إِبْرَاهِيم ذَاك إمامنا
…
وَدين رَسُول الله خير الْبَريَّة
فَلَا يقبل الرَّحْمَن دينا سوى الَّذِي
…
بِهِ جَاءَت الرُّسُل الْكِرَام السجية
وَقد جَاءَ هَذَا الحاشر الْخَاتم الَّذِي
…
حوى كل خير فِي عُمُوم الرسَالَة
وَأخْبر عَن رب الْعباد بِأَن من
…
عدا عَنهُ فِي الْأُخْرَى بأقبح جينة
فهذي دلالات الْعباد لحائل
…
وَأما هداه فَهُوَ فعل الربوبة
وفقد الْهدى عِنْد الورى لَا يقيل من
…
عدا عَنهُ بل يجزى بِلَا وَجه حجَّة
وَحجَّة مُحْتَج بِتَقْدِير ربه
…
يُرِيد عذَابا كاحتجاج مَرِيضَة
وَأما رضانا بِالْقضَاءِ فَإِنَّمَا
…
أمرنَا بِأَن نرضى بِمثل الْمُصِيبَة
…
.. كسقم وفقر ثمَّ ذل وغربة
…
وَمَا كَانَ من سوء بِدُونِ جريمة
فَأَما الأفاعيل الَّتِي كرهت لنا
…
فَلَا ترتضى مسخوطة لمشيئة
وَقد قَالَ قوم من أولي الْعلم لَا رضَا
…
بِفعل الْمعاصِي والذنُوب الكريهة
وَقَالَ فريق ترتضى لقضائه
…
لَهَا وَمَا فِيهَا فَيلقى بسخطه
كَمَا أَنَّهَا للرب خلق وَأَنَّهَا
…
لمخلوقة لَيست كَفعل الغريزة
فنرضى من الْوَجْه الَّذِي هِيَ خلقه
…
ونسخط من وَجه اكْتِسَاب بحيلة
ومعصية العَبْد الْمُكَلف تَركه
…
لما أَمر الْمولى وَإِن بِمَشِيئَة
فان إِلَه الْخلق حق مقاله
…
بِأَن الْعباد فِي جحيم وجنة
كَمَا أَنهم فِي هَذِه الدَّار هَكَذَا
…
بل البهم فِي الآلام أَيْضا ونعمة
وحكمته الْعليا اقْتَضَت مَا اقْتَضَت من ال
…
فروق بِعلم ثمَّ أيد وَرَحْمَة
يَسُوق أولى التعذيب للسبب الَّذِي
…
يقدره نَحْو الْعَذَاب بعزة
وَيهْدِي أولي التَّنْعِيم نَحْو نعيمهم
…
بأعمال صدق فِي رَجَاء وخشية
وَأمر إِلَه الْخلق تَبْيِين مَا بِهِ
…
يَسُوق أولي التَّنْعِيم نَحْو السَّعَادَة
…
.. فَمن كَانَ من أهل السَّعَادَة أثرت
…
أوامره فِيهِ بتيسير صَنْعَة
وَمن كَانَ من أهل الشقاوة لم ينل
…
بِأَمْر وَلَا نهي بِتَقْدِير شقوة
وَلَا مخرج للْعَبد عَمَّا بِهِ قضى
…
وَلكنه شَاءَ بِخلق الْإِرَادَة
وَمن أعجب الْأَشْيَاء خلق مَشِيئَة
…
بهَا صَار مُخْتَار الْهدى والضلالة
فقولك هَل أخْتَار تركا لحكمة
…
كَقَوْلِك هَل أخْتَار ترك الْمَشِيئَة
وأختار أَن لَا أخْتَار فعل ضَلَالَة
…
وَلَو نلْت هَذَا التّرْك فزت بتوبة
وَذَا مُمكن لكنه مُتَوَقف
…
على من يَشَاء الله من ذِي الْمَشِيئَة
فدونك فَافْهَم مَا بِهِ قد أجبْت من
…
معَان إِذا إنحلت بفهم غريزة
أشارت إِلَى أصل تُشِير إِلَى الْهدى
…
وَللَّه رب الْخلق أكمل مدحه
وَصلى إِلَه الْخلق جل جلاله
…
على الْمُصْطَفى الْمُخْتَار خير الْبَريَّة
…