المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تم والحمد لله وحده بسم الله الرحمن الرحيم - العقود الدرية في مناقب ابن تيمية - ت الفقي

[ابن عبد الهادي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌حسبي الله وَنعم الْوَكِيل

- ‌مصنفات الشَّيْخ رحمه الله

- ‌تَلْخِيص مَبْحَث

- ‌بحث ثَان جرى

- ‌صُورَة كتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌شجاعة الشَّيْخ وبأسه عِنْد قتال الْكفَّار

- ‌بحث للشَّيْخ مَعَ أحد الرافضة فِي عصمَة غير الْأَنْبِيَاء

- ‌رِسَالَة الشَّيْخ إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌عنوان الْكتاب ظَاهره

- ‌موقف من مَوَاقِف الشَّيْخ

- ‌إبِْطَال أهل الطر الدجالين

- ‌محنة الشَّيْخ وَقيام المبتدعين عَلَيْهِ لتأليفه الحموية

- ‌محنة الشَّيْخ بِدِمَشْق

- ‌إِحْضَار الشَّيْخ بِمَجْلِس نَائِب السلطنة ومناقشته فِي العقيدة

- ‌ملخص مَا حصل للشَّيْخ فِي تِلْكَ الْمجَالِس

- ‌فصل

- ‌كتاب السُّلْطَان بإرسال الشَّيْخ إِلَى مصر

- ‌إرْسَال الشَّيْخ كتابا من سجنه إِلَى دمشق

- ‌إِخْرَاج ابْن مهنا الشَّيْخ من الْجب

- ‌كتاب الشَّيْخ إِلَى والدته وَإِلَى غَيرهَا

- ‌كتاب آخر للشَّيْخ بَعثه من مصر إِلَى دمشق

- ‌شكوى الصُّوفِيَّة الشَّيْخ إِلَى السُّلْطَان وَأمره بحبسه

- ‌مَا ذكره البرزالي فِي حبس الشَّيْخ بالإسكندرية

- ‌كتاب الشَّيْخ شرف الدّين إِلَى أَخِيه بدر الدّين

- ‌إِحْضَار الشَّيْخ من سجن الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى الْقَاهِرَة

- ‌حلم الشَّيْخ وعفوه عَمَّن ظلمه

- ‌كتاب الشَّيْخ إِلَى أَقَاربه بِدِمَشْق

- ‌قيام جمَاعَة من الغوغاء على الشَّيْخ بِجَامِع مصر وضربه وَقيام أهل الحسينية وَغَيرهم انتصارا للشَّيْخ ثمَّ صفحه هُوَ عَمَّن آذوه

- ‌وَاقعَة أُخْرَى فِي أَذَى الشَّيْخ بِمصْر

- ‌خُرُوج الشَّيْخ إِلَى الشَّام مَعَ الْجَيْش الْمصْرِيّ

- ‌تَرْجَمَة الشَّيْخ عماد الدّين ابْن شيخ الحزاميين

- ‌كتاب نَفِيس جدا للشَّيْخ عماد الدّين فِي الثَّنَاء على الشَّيْخ ابْن تَيْمِية والوصاية بِهِ

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَتَاوَى الشَّيْخ بِدِمَشْق وَبَعض اختياراته الَّتِي خَالف فِيهَا الْمذَاهب الْأَرْبَعَة أَو بَعْضهَا

- ‌سجن الشَّيْخ بِسَبَب فتياه فِي الطَّلَاق

- ‌الْكَلَام على شدّ الرّحال إِلَى الْقُبُور

- ‌أَمر السُّلْطَان بِحَبْس الشَّيْخ بقلعة دمشق

- ‌الْجَواب

- ‌انتصار عُلَمَاء بَغْدَاد للشَّيْخ فِي مَسْأَلَة شدّ الرّحال للقبور

- ‌جَوَاب

- ‌أجَاب غَيره فَقَالَ

- ‌وَأجَاب غَيره فَقَالَ

- ‌الْحَمد لله وَهُوَ حسبي

- ‌وَفَاة الشَّيْخ رحمه الله بالقلعة وَمَا كتب بهَا قبل مَوته

- ‌وَفَاة الشَّيْخ عبد الله أخي الشَّيْخ

- ‌مُعَاملَة الشَّيْخ فِي سجنه بالقلعة

- ‌ورقة أُخْرَى مِمَّا كتبه الشَّيْخ فِي السجْن

- ‌مَا كتبه الْعلمَاء فِي وَفَاة الشَّيْخ

- ‌السُّؤَال

- ‌الْحَمد لله رب الْعَالمين…سؤالك يَا هَذَا سُؤال معاند…تخاصم رب الْعَرْش باري الْبَريَّةوَهَذَا سُؤال خَاصم الْمَلأ الْعلَا…قَدِيما بِهِ إِبْلِيس أصل البليةوَمن يَك خصما للمهيمن يرجعن…على أم رَأس هاويا فِي الحفيرةويدعى خصوم الله يَوْم معادهم…إِلَى النَّار طرا معشر

- ‌مراثى الْعلمَاء وَالشعرَاء لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌تمّ وَالْحَمْد لله وَحده بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌تمت وَهِي إثنان وَخَمْسُونَ بَيْتا

- ‌تمت وَهِي ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ بَيْتا

- ‌تمت وَالْحَمْد لله وَحده

- ‌تمت وَهِي خَمْسَة عشر بَيْتا

- ‌تمت بِحَمْد الله وَحسن توفيق

- ‌وَله رَحْمَة الله

- ‌وَله فِيهِ أَيْضا رحمه الله وَرَضي عَنهُ

- ‌ لَئِن نافقوه وَهُوَ فِي السجْن وابتغوا…رِضَاهُ وأبدو رقة وتوددافَلَا غرو إِن ذل الْخُصُوم لِبَأْسِهِ…وَلَا عجب إِن هاب سطوته العدافَمن شِيمَة الْغَضَب المهند أَنه…يخَاف ويرجى مغمدا ومجردا

- ‌وَله أَيْضا فِيهِ يمدحه رحمه الله

- ‌ الله نشكر مُخلصين وَنَحْمَد…وَله نعظم دَائِما ونوحدوبذيله الضافي نلوذ ونلتجي…وَإِلَيْهِ نسعى مخبتين ونحفد

- ‌تمت وَالْحَمْد لله وَحده

- ‌مرثاة أُخْرَى لغيره

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌وَله أَيْضا فِيهِ رحمه الله وَرَضي عَنهُ آمين…أَبى الْيَوْم سر الْكَوْن أَن يتكتما…وصبغ مشيب الدمع أَن يتكلماوكل مصون من شجون ولوعة…بِهِ تمّ فرط الْحزن والدمع قد نماقضى وَمضى مولى سما كل ماجد…فأوحش ربع المكرمات وأظلماغمامة جود أقلعت بعد صوبها…وَبدر

- ‌قصيدة

- ‌تمت وعدتها خَمْسَة وَخَمْسُونَ بَيْتا

- ‌مرثية

- ‌تمت وَللَّه الْحَمد وَهِي خَمْسَة وَثَلَاثُونَ بَيْتا

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الفصل: ‌تم والحمد لله وحده بسم الله الرحمن الرحيم

.. تَقِيّ الدّين أضحى بَحر علم

يُجيب السَّائِلين بِلَا قنوط

أحَاط بِكُل علم فِيهِ نفع

فَقل مَا شِئْت فِي الْبَحْر الْمُحِيط

وَأَيْضًا وجدت بِخَطِّهِ فِي ابْن تَيْمِية يَقُول

أنشدنا الشَّيْخ صَلَاح الدّين القواس من لَفظه ونظمه فِي شَوَّال سنة سِتّ وَسَبْعمائة ببعلبك بِمَسْجِد الْحَنَابِلَة

قَالُوا ابْن تَيْمِية فِي السجْن قلت لَهُم

لَا يعجزنكم الأفكار بالقلق

مَاتَ الْمُوفق وَالْقَاضِي الإِمَام أَبُو

يعلى وَمَات أَبُو الْخطاب والخرقي

وَلابْن حَنْبَل الصّديق نور هدى

حَتَّى الْقِيَامَة مثل الْبَدْر فِي الغسق

وفضله بَين أهل الْفضل مشتهر

وإصبعاه من الزنديق فِي الحدق

‌تمّ وَالْحَمْد لله وَحده بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

وجدت بِخَط الشَّيْخ سعيد الذهلي يَقُول

ص: 412

أنشدنا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل أوحد دهره وفريد عصره إِمَام الْمُحَقِّقين وقدوة أَئِمَّة الْمُحدثين تَقِيّ الدّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود بن عَليّ بن مَحْمُود بن مقبل بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الدقوقي الْمُحدث سامحه الله تَعَالَى لنَفسِهِ

يرثي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة وَالْبَحْر الفهامة حجَّة الْإِسْلَام وقدوة الْأَنَام تَقِيّ الْملَّة وَالْحق وَالدّين أَحْمد بن الشَّيْخ الإِمَام شهَاب الدّين عبد الْحَلِيم بن الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة مجد الدّين عبد السَّلَام بن تَيْمِية الْحَرَّانِي قدس الله روحه وَنور ضريحه فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَلم ير الشَّيْخ رحمه الله

قف بالربوع الهامدات وَعدد

واذر الدُّمُوع الجامدات وبدد

واحبس مطيك فِي الْمنَازل سَاعَة

واسأل وَلَا تَكُ فِي سؤالك مُعْتَد

واقطع علائقك الَّتِي هِيَ فتْنَة

وَاتبع سَبِيل أولي الْهِدَايَة تهتد

ودع صباك ودع أباطيل المنى

واهجر دنيات الْأُمُور وسدد

واقنع من الدُّنْيَا الْقَلِيل ولازم الْفِعْل الْجَمِيل وسر بسير مُجَرّد

وتوخ فعل الْخَيْر واصحب أَهله

متحببا متجنبا أهل الدَّد

لَا تعتبن مفارقا يبكي على

أحبابه وارحمه إِن لم تسعد

ص: 413

.. ودع المروع بالبعاد وعذله

فالعذل أمضى من فعال مهند

مَاذَا الْوُقُوف عَن السرى وصحابنا

سَارُوا وصاروا بالعراء القدخد

لَا اخضر بعدهمْ العقيق وَلَا شدت

ورق الحمائم فَوق برقد تهمد

أما أَنا فلأبكين فان ونى

دمعي سفكت حشاشة الْقلب الصدي

أَيْن الْمعِين على الخطوب إِذا عرت

أَيْن المساعد عِنْد فقد المسعد

أَو مَا درى من كنت تعرف قد مضى

لسبيله فِي ضنك لحد مؤصد

ايْنَ المحامي عَن شَرِيعَة أَحْمد

أَيْن الْمُحَقق نهج مَذْهَب أَحْمد

مَاتَ الإِمَام الْعَالم الحبر الَّذِي

بهداه عَالم كل قوم يَهْتَدِي

من للْيَهُود وَلِلنَّصَارَى بعده

يرميهم بمقاله المتسدد

سل عَنهُ ديان الْيَهُود أما غَدا

متلفعا بصغاره المتهود

نشأت على فعل التقى أطواره

فعنت لَهُ التَّقْوَى وأعطت عَن يَدي

ورث الزهادة كَابِرًا عَن كَابر

وَالْعلم إِرْثا سيدا عَن سيد

قف إِن مَرَرْت بقاسيون على ثرى

فِيهِ ضريح الْعَالم المتفرد

واعجب لقبر ضم بحرا زاخرا

بِالْفَضْلِ يقذف بالعلا والسؤدد

ص: 414

.. بشر يبشر بالغنى من جَاءَهُ

يسر يسر فؤاد عان مزهد

كَانَت بِهِ أَرض الشآم أمينة

من مُبْطل متهول متلدد

لَو تَسْتَطِيع بَنَات نعش أَن ترى

يَوْمًا يسير بنعش ميت ملحد

كَانَت تسير بنعشه وتحطه

فَوق السماك وَفَوق فرق الفرقد

مَاتَ الَّذِي جمع الْعُلُوم إِلَى التقى

وَالْفضل والورع الصَّحِيح الْجيد

شيخ الْأَنَام تَقِيّ الدّين مُحَمَّد

وجمال مَذْهَب ذِي الْفَضَائِل أَحْمد

ودعت قلبِي يَوْم جَاءَ نعيه

فتقاعدي يَا عين بِي أَو أنجدي

سقت العهاد عراص قبر حلّه

جَسَد حوى خلقا وَحسن تودد

يَا مبلغ العذال فرط صبابتي

وتعلقي يَوْم النَّوَى وتسهدي

مَا بعد رزئك فِي الزَّمَان رزية

تصمي الْمقَاتل بالفراق وَلَا تدي

بددت شَمل الْمُلْحِدِينَ جَمِيعهم

وجمعت شَمل ذَوي التقى المتبدد

يَا من ترى أَقْوَاله مبيضة

فِي كل ذِي قَول وَوجه أسود

يَا كالىء الْإِسْلَام من أعدائه

وسمام كل أخي نفاق ملحد

يَا وَاحِد الدُّنْيَا الَّذِي بِعُلُومِهِ

يمتاز فِي الْإِسْلَام كل موحد

يَا حَامِل الأعباء عَن مستنصر

يَا كاشف الغماء عَن مستنجد

يَا طارد الشُّبُهَات عَن مُتَرَدّد

يَا دَافع الفاقات عَن مسترفد

ص: 415

.. قرت عُيُون مجاوريك وَقد غنوا

بجوار قبرك عَن وثير المرقد

فَكَأَنَّمَا تِلْكَ اللحود حدائق

تزهو بنرجس زهرها الغض الندي

يَا خَاتم الْعلمَاء صَحَّ بموتك ال

خبر الَّذِي يرويهِ كل مجود

الْيَوْم قبض الْعلم قولا وَاحِدًا

من غير مَا منع وَغير تردد

لَو لم يكن ختم الْأَئِمَّة أَحْمد

بشرت أهل الْخَافِقين بِأَحْمَد

خوض الكرائه لم يزل من دأبه

فبه الفوارس فِي المضايق تهتدي

شيخ إِذا أبصرته فِي محفل

تقذى بِرُؤْيَتِهِ عُيُون الْحَسَد

ذُو المنقبات الغر والشيم الَّتِي

يفنى الزَّمَان وَذكره لم ينفذ

يَا من يروم لَهُ عديلا فِي الورى

قد رمت كالعنقاء مَا لم يُوجد

كم بَين رئبال الفلاة وثعلب

كم بَين شعواء البزاة وجدجد

ص: 416

.. أرح المطى وَلَا تكن كمحاول

صيد النُّجُوم من الْمِيَاه الركد

قد كَانَ شمسا للصحاب منيرة

بضيائها فِي كل قطر نهتدي

وَالْيَوْم أدْركهَا الْكُسُوف فأظلمت

طرق الْهدى للسالك المتردد

لهفي على تِلْكَ الشَّمَائِل والندى

والجود وَالْهدى القويم الأرشد

هجم الْحمام فَلَا مفر لهارب

وَالْمَوْت فِي الدُّنْيَا لنا بالمرصد

مَاتَ الصّديق وَمَات من عاديته

وَتَمُوت أَنْت كمثله وَكَأن قد

وَإِذا مضى أَقْرَان عمرك فانتظر

فِي يَوْمك الناعي وَإِلَّا فِي غَد

لَكِن لنا عَن كل خل سلوة

بمصاب سيدنَا النَّبِي مُحَمَّد

صلى عَلَيْهِ الله مَا هجر الْكرَى

جفن التقى القانت المتهجد

تمت وَالْحَمْد لله وعدتها سِتَّة وَخَمْسُونَ بَيْتا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

وَأَيْضًا للدقوقي رَحمَه الله تَعَالَى

مَا كُفْء هَذَا الرزء جفن تسجم

أبدا وَلَا قلب يذوب ويألم

رزء أَصمّ جَمِيع أسماع الورى

سبق الْحُدُوث بِهِ الْقَضَاء المبرم

رزء يجل عَن الْبكاء لِأَنَّهُ

لَا رزء مِنْهُ فِي الْبَريَّة أعظم

ص: 417

.. يتضاءل اللسن الفصيح لذكره

ويجل قدرا فِي النُّفُوس ويعظم

رزء لَهُ هوت النُّجُوم وكورت

شمس الضُّحَى وَالصُّبْح ليل معتم

من عظم موقعه وفادح خطبه

لم يدر قس مَا الْبَيَان وأكثم

لكنما تجْرِي الْأُمُور بِكُل مَا

يقْضِي بِهِ رب السَّمَاء وَيحكم

وَالْأَمر أعظم أَن يقوم بِبَعْضِه

دمع يصوب وَلم يخالطه دم

ذَا الْخطب أعظم أَن يداوى بالأسى

هَذَا الْمُصَاب أجل مِمَّا تعلم

كل يدافع حتفه عَن أَنفه

حَتَّى يفاجئه الْحمام المؤلم

أعي الْأَنَام فَمَا لَهُ من ملْجأ

يؤويهم عِنْد الخطوب ويعصم

وَالْمَوْت ورد للْجَمِيع وَكلهمْ

فِي مَاء ذَاك الْورْد حتما يقدم

من أخطأته يَد الْحَوَادِث فِي الصِّبَا

لَا بُد تُدْرِكهُ إِذا هُوَ يهرم

ص: 418

.. سيان فِي حكم الْقَضَاء مُؤَجل

فِي نَفسه ومعجل يتَقَدَّم

أأخي لَا تبعد فَلَيْسَ بِخَالِد

أحد وَلَا حَيّ عَلَيْهَا يسلم

لَا تعذل الباكي على أحبابه

واعذره وارحمه لَعَلَّك ترحم

للخطب يدّخر الصّديق وَلَا أرى

فِي النَّاس يَوْم الْبَين خلا يرحم

لَا تحسبوا ورق الْحمام سواجعا

يَوْم الرحيل وَلَا المطايا تدرم

هذي تحن فتشتكي ألم السرى

وَالْوَرق تذكر إلفها فترنم

مَا حَارَبت أَيدي الردى فِي مأزق

إِلَّا غَدَتْ أقرانه تتخرم

من ذَا يُطيق مَعَ الْفِرَاق تجلدا

قل لي وَقد (مَاتَ الإِمَام الْأَعْظَم)

أودى فريد الدَّهْر أوحد عصره

وَمضى التقى الْعَارِف المتوسم

ص: 419

.. شيخ يسود بجده بحده

وسواه فِي هذَيْن صفر معدم

شيخ كَأَن الله أودع سره

فِيهِ فَمَا تَلقاهُ إِلَّا يعلم

الْيَوْم أكشف عَن غوامض سره

الْيَوْم مِنْهُ يُفَسر المستعجم

قد كَانَ يُؤثر من أَتَاهُ بقوته

ويظل طول نَهَاره لَا يطعم

ويجود بالموجود مِنْهُ ويرشد ال

جنف العصي بهديه وَيقوم

ظَهرت لَهُ شيم التقى فَكَأَنَّهُ

بِطَهَارَة الأثواب نسكا محرم

وَإِذا تَقَاعَسَتْ الرِّجَال فانه

يَوْم النزاع الْعَالم الْمُتَقَدّم

من ذَا يرى للمشكلات يحلهَا

والواقعات وَمن بِهِ يستعصم

وعَلى النَّصَارَى الْمُلْحِدِينَ إِذا أَتَوا

من ذَا يرد وَمن يُجيب وَيفهم

يشتاقه الْإِرْسَال فِي إِسْنَاده

والنسخ والمنسوخ ثمَّ الْمُحكم

وبكته عنعنة الحَدِيث وطرقه

وَبَيَان مَا يحوي عَلَيْهِ المعجم

هَذَا الَّذِي للدّين مِنْهُ مُعَلل

ومنوع ومجنس ومعلم

هَذَا الإِمَام الْحجَّة الحير الَّذِي

تنفى بِهِ شبه الشكوك وتحسم

ص: 420

.. فضل وزهد لَا يعد وعفة

وديانة ورزانة وتحلم

لَك يَا ابْن مجد الدّين طود باذخ

فِي الْفضل مَمْنُوع الجوانب أبهم

أَقْسَمت مَا وصف امْرُؤ بصيانة

فِي نَفسه إِلَّا وصونك أعظم

أبدى مصلاك الْبكاء وحسبه

يبكي عَلَيْك وَحقه يتندم

أسفا على مَا فَاتَهُ من ورده

وَاللَّيْل سَاج وَالْخَلَائِق نوم

حسدوه إِذْ وجدوه أعلم مِنْهُم

ورأوه أفضلهم وَإِن كَانُوا عموا

عقلوه إِذْ عقلوه لَيْث كباشهم

وَاللَّيْث يعقل من سطاه ويلجم

تبْكي عَلَيْهِ جَوَامِع ومجامع

ومناقب ومراتب تتهدم

وزكت خلائقه الشراف وكرمت

مِنْهُ المعارش وَهُوَ مِنْهَا أكْرم

جمعت لَهُ أشتات كل فَضِيلَة

تروي مدائح شاردات حوم

مَلَأت فضائله الْبِلَاد ففضله

كَالشَّمْسِ نور ضيائها لَا يكتم

وَلَقَد دَعَوْت الشّعْر يَوْم نعيه

فَأبى عَليّ فَلم أطق أَتكَلّم

ص: 421

.. أَنى يُجيب وَمن لَوَازِم حَقه

أَن لَا يُجيب وفكره متقسم

وَأخذت أكتب مَا أَقُول وأدمعي

بَين السطور كعقد در ينظم

نفد المداد فساعدته مدامعي

فعصى عَليّ فساعد الدمع الدَّم

حَال المداد عَن السوَاد كَأَنَّهُ

دمع المحاجم صب فِيهِ العندم

جَادَتْ ضريحا بالشآم غمامة

تَسْقِي ثراه على المدى وتدوم

وَسَقَى قبورا جاورته من الرضى

تَحت التُّرَاب سَحَاب عَفْو مثجم

طُوبَى لمن امسى مجاور تربه

من أجلهَا الْجَار المجاور يكرم

أَمْسَى وَتَحْت الأَرْض عرس إِذْ نوى

فِيهَا وَفَوق الأَرْض فِينَا مأتم

هَذَا وأملاك السَّمَاء تحفه

فِي كل يَوْم لَا تمل وتسأم

يَا أَرض صرت بِهِ كروضة جنَّة

لنزيلها فِي كل يَوْم موسم

لسواه تشقيق الْجُيُوب وَإِنَّمَا

شقّ الْجُيُوب عَلَيْهِ مِمَّا يلْزم

سعدت بِهِ أَرض أَقَامَ برمسها

مَيتا وَهَذَا الْمَيِّت حَيّ مكرم

ص: 422

.. نقلت الى جنَّات عدن روحه

والحور والولدان فِيهَا تخْدم

جثمانه تَحت العراء وروحه

فِي مقْعد الصدْق الرضى تتنعم

لَو كَانَ للقبر الْمُحِيط بجسمه

يَوْمًا لِسَان نَاطِق يتَكَلَّم

لسمعت بشراه بِمن وافى إِلَى

عرصاته من خير ضيف يقدم

هُوَ فِي جوَار الله أشرف منزل

وَالله ارأف بالعباد وأرحم

تبْكي لَهُ السَّبع الطّواف وسعيه

وَالْحجر وَالْبَيْت الْعَتِيق وزمزم

وتعطل الْمِحْرَاب من متهجد

بِالذكر فِي اسحاره يترنم

والخلق إِن نسبوا إِلَيْهِ كواحد

فِي أمة وَهُوَ الفريد الأعلم

أضحت سطور الْفضل يصعب فهمها

كالخط أصعبه الْغَرِيب الْمُبْهم

فأبان مشكلها وأوضح رمزها

فغدت بتنقيط الْفَضَائِل تعجم

إِن كَانَ قد أَمْسَى رهين مود أ

زلخ الجوانب جدره متهدم

فلرب عان قد أعَان وأكمه

هدى فأرشده وَلَا يتبرم

وضريحه كالمسك ينشق عرفه

من كَانَ من حنق عَلَيْهِ يسلم

إِن كَانَ هَذَا الرزء يعظم ذكره

شرفا وينجد فِي الْبِلَاد ويتهم

ص: 423

.. فالصبر أكبر ملبس يختاره

حر بَصِير بالعواقب مُسلم

وعَلى النَّبِي من الْإِلَه صلَاته

مَا سَارَتْ الأظعان سوقا ترزم

قَالَ الشَّيْخ أَبُو بكر بن احْمَد الدريبي رحمه الله

كَانَ على النُّسْخَة الَّتِي نقلت مِنْهَا نُسْخَتي هَذِه مَا صورته

نقلتها من خطّ مؤلفها الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة أوحد عصره وفريد دهره أبي الثَّنَاء مَحْمُود بن عَليّ بن مَحْمُود الدقوقي الْبَغْدَادِيّ قدس الله روحه

وَقَالَ أَيْضا شاهدت على الأَصْل الْمَنْقُول عَنهُ مَا صورته

سمع على الْوَلَد السعيد أَبُو الْخَيْر سعيد بن عبد الله الذهلي الحريري جَمِيع هَذِه القصيدة الموسومة بمرثاة الشَّيْخ الْعَالم الرباني تَقِيّ الدّين أَحْمد بن تَيْمِية الجراني بِقِرَاءَة الشَّيْخ الإِمَام الأوحد الْفَاضِل الْمُحَقق الْكَامِل جمال الدّين أبي أَحْمد يُوسُف بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد السامري وَذَلِكَ يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر ربيع الأول سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة

وَكتب ناظمها مَحْمُود بن عَليّ بن مَحْمُود الدقوقي حامدا ومصليا

توفّي ناظم هَذِه المرثاة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الدقوقي يَوْم الْإِثْنَيْنِ

ص: 424

الْعشْرين من الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء بمقبرة الإِمَام أَحْمد وحملت جنَازَته على الرُّءُوس رحمه الله

وللدقوقي ايضا رَحمَه الله تَعَالَى

مضى عَالم الدُّنْيَا الَّذِي عز فَقده

وأضرم نَارا فِي الجوائح بعده

فدمعي طليق فَوق خدي مسلسل

أكفكفه حينا وجفني يردهُ

ويرجو التلاقي والفراق يصده

وَمَا حِيلَة الراجي إِذا خَابَ قَصده

مضى الطَّاهِر الأثواب ذُو الْعلم والحجى

وَلم يتدنس قطّ بالاثم برده

مضى الزَّاهِد النّدب ابْن تَيْمِية الَّذِي

أقرّ لَهُ بِالْعلمِ وَالْفضل ضِدّه

بكته بِلَاد الشأم طرا وَأَهْلهَا

وجامعها وانماع للحزن صلده

يحن إِلَيْهِ فِي النَّهَار صِيَامه

ويشتاقه فِي ظلمَة اللَّيْل ورده

ويبكي لَهُ نوع الْكَلَام وجنسه

ويندبه فصل الْخطاب وجده

حمى نَفسه الدُّنْيَا وعف تكرما

وَلما يصعر للدنيات خَدّه

وَلم يجْتَمع زوجان من شهواتها

لَدَيْهِ وَبَين النَّاس قد صَحَّ زهده

ويؤثر عَن فقر وَفِيه قناعة

وَيُعْجِبهُ من كل شَيْء أشده

عليم بمنسوخ الحَدِيث وَحكمه

وناسخه فَخر الزَّمَان ومجده

ص: 425

.. قؤول فعول طيب الْجِسْم طَاهِر

إِمَام لَهُ من كل علم أسده

فَمَا قَالَ فِي دُنْيَاهُ هجرا وَلَا هوى

وَلَا زاغ عَن حق تبين رشده

عُلُوم كنشر الْمسك من كل سيرة

يشيد دين الْمُصْطَفى ويجده

فَللَّه مَا ضم التُّرَاب وَمَا حوى

من الْفضل فليفخر على الأَرْض لحده

فيا نعشه مَاذَا حملت من امرىء

جَمِيع الورى فِيهِ وفوقك فَرده

وَكَانَ لنا بحرا من الْعلم زاخرا

فَمَا باله لم يصف مذ غَابَ ورده

وَمَا مَاتَ من تبقى التصانيف بعده

مخلدة وَالْعلم وَالْفضل وَلَده

وَخلف آثارا حسانا حميدة

إِذا عددت زَادَت على مَا نعده

وَلست مطيقا شرح ذَاك مفصلا

وَلَكِن على الْإِجْمَال يعكس طرده

لقد فَارق الْأَصْحَاب مِنْهُ مصاحبا

يُرَاعِي وداد الْخلّ إِن خَان أوده

قضى نحبه وَالله رَاض بِفِعْلِهِ

وَللَّه فِيمَا قد قضى فِيهِ حَمده

يدل تُرَاب الْقَبْر من جَاءَ زَائِرًا

إِلَيْهِ بِطيب فِيهِ يعبق نده

وَلَا تحسبوا مَا فاح عطر حنوطه

وَلكنه حسن الثَّنَاء ومجده

وَكَانَ لأهل الْعلم تاجا مكللا

يحوطهم من مُبْطل خيف حقده

ص: 426

.. وَمَا كَانَ إِلَّا التبر عِنْد امتحانه

يبين لعين الحاذق النَّقْد نَقده

وَكَانَ يَقُول الْحق وَالْحق حلوه

مرير لهَذَا كَانَ يكره رده

وَفِي الْحق لم تَأْخُذهُ لومة لائم

وَلَا خَافَ من غمر تشدد حرده

وَمَا كَانَ إِلَّا السَّيْف غارت يَد الْعلَا

عَلَيْهِ فَردته كَمَا غَار غمده

وَلم تلهه الدُّنْيَا وزخرفها الَّذِي

يروق لمن لم يؤنس الدَّهْر رشده

لقد فقدت مِنْهُ المحاسن زينها

وَلما يُفَارق علمه الجم وجده

وخضبت الأقلام بعد مدادها

عَلَيْهِ دَمًا قد فاض بالطرس مده

فللدهر مَا ضم الثرى من مُحَقّق

وَيَا لَك من عض تثلم حَده

وَكَانَ إِمَامًا يستضاء بنوره

وبحرا من الأفضال قد غيض عده

وَكنت أَرْجَى أَن أرَاهُ ونلتقي

وَلَكِن قَضَاء الله من ذَا يردهُ

ترى الْمَوْت مألوف الطباع وَرُبمَا

يُعلل بالمألوف من لَا يوده

فآه على تَفْرِيق شَمل مجمع

وحر فؤاد بَان مذ بَان برده

ص: 427