المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قصيدة   للشَّيْخ الإِمَام جمال الدّين عبد الصمد بن ابراهيم بن الْخَلِيل - العقود الدرية في مناقب ابن تيمية - ت الفقي

[ابن عبد الهادي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌حسبي الله وَنعم الْوَكِيل

- ‌مصنفات الشَّيْخ رحمه الله

- ‌تَلْخِيص مَبْحَث

- ‌بحث ثَان جرى

- ‌صُورَة كتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌شجاعة الشَّيْخ وبأسه عِنْد قتال الْكفَّار

- ‌بحث للشَّيْخ مَعَ أحد الرافضة فِي عصمَة غير الْأَنْبِيَاء

- ‌رِسَالَة الشَّيْخ إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌عنوان الْكتاب ظَاهره

- ‌موقف من مَوَاقِف الشَّيْخ

- ‌إبِْطَال أهل الطر الدجالين

- ‌محنة الشَّيْخ وَقيام المبتدعين عَلَيْهِ لتأليفه الحموية

- ‌محنة الشَّيْخ بِدِمَشْق

- ‌إِحْضَار الشَّيْخ بِمَجْلِس نَائِب السلطنة ومناقشته فِي العقيدة

- ‌ملخص مَا حصل للشَّيْخ فِي تِلْكَ الْمجَالِس

- ‌فصل

- ‌كتاب السُّلْطَان بإرسال الشَّيْخ إِلَى مصر

- ‌إرْسَال الشَّيْخ كتابا من سجنه إِلَى دمشق

- ‌إِخْرَاج ابْن مهنا الشَّيْخ من الْجب

- ‌كتاب الشَّيْخ إِلَى والدته وَإِلَى غَيرهَا

- ‌كتاب آخر للشَّيْخ بَعثه من مصر إِلَى دمشق

- ‌شكوى الصُّوفِيَّة الشَّيْخ إِلَى السُّلْطَان وَأمره بحبسه

- ‌مَا ذكره البرزالي فِي حبس الشَّيْخ بالإسكندرية

- ‌كتاب الشَّيْخ شرف الدّين إِلَى أَخِيه بدر الدّين

- ‌إِحْضَار الشَّيْخ من سجن الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى الْقَاهِرَة

- ‌حلم الشَّيْخ وعفوه عَمَّن ظلمه

- ‌كتاب الشَّيْخ إِلَى أَقَاربه بِدِمَشْق

- ‌قيام جمَاعَة من الغوغاء على الشَّيْخ بِجَامِع مصر وضربه وَقيام أهل الحسينية وَغَيرهم انتصارا للشَّيْخ ثمَّ صفحه هُوَ عَمَّن آذوه

- ‌وَاقعَة أُخْرَى فِي أَذَى الشَّيْخ بِمصْر

- ‌خُرُوج الشَّيْخ إِلَى الشَّام مَعَ الْجَيْش الْمصْرِيّ

- ‌تَرْجَمَة الشَّيْخ عماد الدّين ابْن شيخ الحزاميين

- ‌كتاب نَفِيس جدا للشَّيْخ عماد الدّين فِي الثَّنَاء على الشَّيْخ ابْن تَيْمِية والوصاية بِهِ

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَتَاوَى الشَّيْخ بِدِمَشْق وَبَعض اختياراته الَّتِي خَالف فِيهَا الْمذَاهب الْأَرْبَعَة أَو بَعْضهَا

- ‌سجن الشَّيْخ بِسَبَب فتياه فِي الطَّلَاق

- ‌الْكَلَام على شدّ الرّحال إِلَى الْقُبُور

- ‌أَمر السُّلْطَان بِحَبْس الشَّيْخ بقلعة دمشق

- ‌الْجَواب

- ‌انتصار عُلَمَاء بَغْدَاد للشَّيْخ فِي مَسْأَلَة شدّ الرّحال للقبور

- ‌جَوَاب

- ‌أجَاب غَيره فَقَالَ

- ‌وَأجَاب غَيره فَقَالَ

- ‌الْحَمد لله وَهُوَ حسبي

- ‌وَفَاة الشَّيْخ رحمه الله بالقلعة وَمَا كتب بهَا قبل مَوته

- ‌وَفَاة الشَّيْخ عبد الله أخي الشَّيْخ

- ‌مُعَاملَة الشَّيْخ فِي سجنه بالقلعة

- ‌ورقة أُخْرَى مِمَّا كتبه الشَّيْخ فِي السجْن

- ‌مَا كتبه الْعلمَاء فِي وَفَاة الشَّيْخ

- ‌السُّؤَال

- ‌الْحَمد لله رب الْعَالمين…سؤالك يَا هَذَا سُؤال معاند…تخاصم رب الْعَرْش باري الْبَريَّةوَهَذَا سُؤال خَاصم الْمَلأ الْعلَا…قَدِيما بِهِ إِبْلِيس أصل البليةوَمن يَك خصما للمهيمن يرجعن…على أم رَأس هاويا فِي الحفيرةويدعى خصوم الله يَوْم معادهم…إِلَى النَّار طرا معشر

- ‌مراثى الْعلمَاء وَالشعرَاء لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌تمّ وَالْحَمْد لله وَحده بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌تمت وَهِي إثنان وَخَمْسُونَ بَيْتا

- ‌تمت وَهِي ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ بَيْتا

- ‌تمت وَالْحَمْد لله وَحده

- ‌تمت وَهِي خَمْسَة عشر بَيْتا

- ‌تمت بِحَمْد الله وَحسن توفيق

- ‌وَله رَحْمَة الله

- ‌وَله فِيهِ أَيْضا رحمه الله وَرَضي عَنهُ

- ‌ لَئِن نافقوه وَهُوَ فِي السجْن وابتغوا…رِضَاهُ وأبدو رقة وتوددافَلَا غرو إِن ذل الْخُصُوم لِبَأْسِهِ…وَلَا عجب إِن هاب سطوته العدافَمن شِيمَة الْغَضَب المهند أَنه…يخَاف ويرجى مغمدا ومجردا

- ‌وَله أَيْضا فِيهِ يمدحه رحمه الله

- ‌ الله نشكر مُخلصين وَنَحْمَد…وَله نعظم دَائِما ونوحدوبذيله الضافي نلوذ ونلتجي…وَإِلَيْهِ نسعى مخبتين ونحفد

- ‌تمت وَالْحَمْد لله وَحده

- ‌مرثاة أُخْرَى لغيره

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌وَله أَيْضا فِيهِ رحمه الله وَرَضي عَنهُ آمين…أَبى الْيَوْم سر الْكَوْن أَن يتكتما…وصبغ مشيب الدمع أَن يتكلماوكل مصون من شجون ولوعة…بِهِ تمّ فرط الْحزن والدمع قد نماقضى وَمضى مولى سما كل ماجد…فأوحش ربع المكرمات وأظلماغمامة جود أقلعت بعد صوبها…وَبدر

- ‌قصيدة

- ‌تمت وعدتها خَمْسَة وَخَمْسُونَ بَيْتا

- ‌مرثية

- ‌تمت وَللَّه الْحَمد وَهِي خَمْسَة وَثَلَاثُونَ بَيْتا

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الفصل: ‌ ‌قصيدة   للشَّيْخ الإِمَام جمال الدّين عبد الصمد بن ابراهيم بن الْخَلِيل

‌قصيدة

للشَّيْخ الإِمَام جمال الدّين عبد الصمد بن ابراهيم بن الْخَلِيل بن ابراهيم بن الْخَلِيل الْحَنْبَلِيّ يرثي شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد ابْن تَيْمِية قدس الله روحه وعدتها ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ بَيْتا

عش مَا تشَاء فَإِن آخِره الفنا

الْمَوْت مَالا بُد عَنهُ وَلَا غنى

والدهر إِن يَوْمًا أعَان فطالما

بالسوء عان فعونه عين العنا

لَا بُد من يَوْم يؤمك حتفه

حتما نأى الْأَجَل الْمُقدر أَو دنا

للنَّفس سهم من سِهَام نَوَائِب

يَرْمِي فيصمي من هُنَاكَ وَمن هُنَا

من غرَّة الأمل المديد فَإِنَّهُ

غر لِأَن طَعَامه لن يسمنا

شمس الْحَيَاة تضيفت ومشيبه

ضيف يجر من الْمنية ضيفنا

من حِين أوجد كَانَ نفس وجوده

فِي الْكَوْن بِالْعدمِ الْمُحَقق مُؤذنًا

يَا من يعد الدَّهْر صَاحب دهره

ويعد فِيهِ للإقامة موطنا

أَو مَا رَأَيْت الْمَوْت كَيفَ سَطَا بِمن

فِي الْخلق عَن مَحْض الْعُلُوم تَكُونَا

ندب مُبَاح الصَّبْر حظر بعده

فَلم اسْتَحَالَ وَكَانَ شَيْئا مُمكنا

بذ الْأَنَام مَعَ البذاذة فَضله

إِذْ لم يكن بسوى التقى متزينا

ص: 478

.. ترك الْجَمِيع على الجموع فَلم يهب

تِلْكَ الجموع وَلَا استراب وَلَا ونى

وَلكم مقامات لَهُ فِي الْحق لَا

بيض الظبا يخْشَى وَلَا سمر القنا

بِالْعرْفِ يَأْمر ناهيا عَن مُنكر

متقربا وَهُوَ الْبعيد عَن الْخَنَا

ويخص أَوْقَات الْخَصَاصَة بالندى

فَيعم عادا فقره أعلا الْغِنَا

فبخير مَا سنَن وبالسنن اقْتدى

وَالشُّكْر وَالذكر الجميلين اقتنى

مَا جَار عَن نهج الصَّوَاب وَمَا اعْتدى

وَبِغير تَحْصِيل الْفَضَائِل مَا اعتنى

إِمَّا تبارزه تَجدهُ مبرزا

فِي اي علم شِئْت حبرًا متقنا

وَإِذا تجاريه فَمَا السَّيْل انبرى

إِمَّا جرى فِي بَحثه متفننا

متزهدا متعبدا متهجدا

متخشعا متورعا متدينا

فِي كل عصر سيد هُوَ حجَّة ال

باري على كل الْخَلَائق فِي الدنا

ونرى أَحَق من اسْتحق فحاز ذَا

من للْإِمَامَة لم يزل مُتَعَيّنا

شيخ الْأَنَام وَحجَّة الْإِسْلَام من

أغناه نشر الذّكر عَن ذكر الكنى

أَعنِي أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن تق

ي الدّين حَقًا والعليم الممعنا

فِي الله لَيْسَ يخَاف لومة لائم

وَيرى النَّوَى فِيهِ نهايات المنى

لما تحقق أَن كل مخلف

يفنى وَإِن كَانَ النفيس المثمنا

لم يدّخر قوتا لأجل غَد وَلَا

أبقى لَهُ إِرْثا سوى حسن الثنا

صدر حوى فِي صَدره لكماله

من كل علم معلوي معدنا

ظَهرت ولايات الْولَايَة بعده

واسأل لتصبح بالحقائق موقنا

واسمع مقَالَة أَحْمد متوعدا

أعداءه يَوْم الْجَنَائِز بَيْننَا

ص: 479

.. فأحق مَا يبكى عَلَيْهِ فَقده

أيموت هَذَا الحبر رزءا هينا

فيض النُّفُوس يقل فِيهِ فَلَا تلم

وأعن عيُونا فضن فِيهِ أعينا

يَا من أعَاد أولي التشدق علمه

خرسا وأنطق بالثناء الألسنا

يَا دوحة الْفضل الَّتِي فِي أَصْلهَا

طيب وزاكي فرعها حُلْو الجنا

يَا حبر بل يَا بَحر كم حيرت من

حبر تصير ذَا الفصاحة ألكنا

يَا خَاتم الْفُضَلَاء علمك معجز

بهر الورى فصدرت عَنهُ مُؤمنا

إِن كَانَ ذَا حفظا فوقتك ضيق

عَنهُ وَلَو كَانَ الزَّمَان لَهُ أَنا

لكنه من فضل مَا هُوَ قَاذف

بِالْحَقِّ من نور الْولَايَة والسنا

أسست بنيانا على تقوى ورضوان فَلَا سِيمَا قد ارْتَفع الْبَنَّا

غبرت يَا من لَا يشق غباره

فِي أوجه الْفُضَلَاء قدما قبلنَا

جاهدت فِي ذَات الْمُهَيْمِن صَابِرًا

عِنْد الْأَذَى فَأَتَت بشارات الهنا

إِن الَّذين يجاهدون عدونا

فِينَا سنهديهم إِلَيْنَا سبلنا

الله قد أثنى على الْعلمَاء فِي

نَص الْكتاب وَأَنت أولى من عَنى

لَا غرو إِن كنت ابْتليت بحاسد

فالحر ممتحن بأولاد الزِّنَا

أَشْكُو إِلَيْك وَأَنت أصل شكايتي

من فرط ضرّ فِي افتقادك مسنا

قد عبرت عبراتنا من حزننا

وَبِمَا يجن من الجوى نطق الضنى

سقيا لتِلْك الرّوح من سحب الرِّضَا

وتبوأت جنَّات عدن مسكنا

لَو كَانَ فِيهَا الْمَوْت يقبل فديَة

كَانَ الْأَنَام فدى وأولهم أَنا

ص: 480

تمت بِحَمْد الله وعونه وَحسن توفيقه وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

هَذِه القصيدة نظم الشَّيْخ عبد الله بن خضر بن عبد الرحمن الرُّومِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الحريري الْمَعْرُوف بالمتيم يرثي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَهُوَ اُحْدُ أَصْحَابه رضي الله عنه وأرضاه

لقد عذبُوا قلبِي بِنَار الْمحبَّة

وذاب فُؤَادِي من فِرَاق الْأَحِبَّة

وَزَاد غرامي فِي اشتياقي إِلَى الْحمى

وهيج بلبالي حنيني ولوعتي

فيا عظم أحزاني ووجدي عليهمو

وَيَا طول أشواقي إِلَيْهِم ووحشتي

فَلم أنس أَيَّامًا تقضت بقربهم

وَمن عيشتي لما توَلّوا تولت

مَلَأت النواحي من نواحي وَكَيف لَا

أنوح على قوم همو خير جيرتي

وَمن عجبي أَنِّي أحن إِلَيْهِم

وَقد سكنوا قلبِي وروحي ومهجتي

ذكرت فَلم أنسى زمَان وصالهم

أأنسى لَيَال بالعذيب تقضت

منَازِل أحبابي مَوَاطِن سادتي

مطالع أقماري شروق أهلتي

معاهد أفراحي ديار سعادتي

مواسم أرباحي أويقات لذتي

مَضَت وَانْقَضَت عني كَأَن لم أكن بهَا

وَمَا ذَاك إِلَّا من ترادف غَفلَة

أعلل روحي بالغوير وبانة

وَمَا شوقها إِلَّا لسكان رامة

إِذا لم يلح لي بارق من حماهمو

فيا خيبة الْمَسْعَى وَيَا طول شقوتي

ص: 481

.. وَإِن لم أقض الْعُمر بَين خيامهم

فَلَا عِشْت فِي الدُّنْيَا وَلَا نلْت منيتي

وَإِن لم أشاهد حسنهم فِي مشاهدي

فقد فَاتَنِي سؤلي ومت بحسرتي

وَإِن لم أجد نور الْهدى من خبائهم

يضيء بِهِ قلبِي فيا عظم حيرتي

لغير رضاهم مَا تمنت مطامعي

وَلَا لسواهم مَا حلالي تلفتي

يَقُولُونَ لي لم لَا سلوت هواهمو

فَقلت دَعونِي مَا بليتم بمحنتي

وَلَا ذقتمو مَا ذاق قلبِي من الجوى

وَلَا مسكم ضري وناري وحرقتي

فَهَل لي جنان أَن يهم بغيرهم

وَهل لي لِسَان أَن يفوه بسلوتي

وحاشاي أَن أسلو هواهم وحبهم

يذكرنِي حفظ العهود الْقَدِيمَة

فهم سر أسراري وَنور مناظري

وروحي وريحاني وأنسى وبهجتي

وهم عين أعياني وقلبي وقالبي

وهم مُنْتَهى قصدي ومشهد رؤيتي

وهم فِي معاينهم حَياتِي حَقِيقَة

وهم فِي مغانيهم أهيل مودتي

وهم فِي تجليهم شموس إِذا بدوا

وهم فِي تجنيهم رياضي ونزهتي

وهم أَيْنَمَا كَانُوا نِهَايَة مقصدي

وهم أَيْنَمَا حلوا مرادي وبغيتي

وهم نور أنواري وسر حقائقي

وهم أنس تأنيسي ومأمن خيفتي

ص: 482

.. ترى يشتفي قلبِي برؤيتهم على

رياض الهنا يَوْمًا وتبرد غلتي

وتحيا بهم روحي حَيَاة هنيئة

مسرمدة التَّنْعِيم فِي روض جنَّة

إِذا سمحوا لي نظرة من جمَالهمْ

فقد نلْت من رضوانهم كل وصلَة

عَلَيْهِم سَلام الله مَا هبت الصِّبَا

وَمَا ناحت الأطيار شوقا وحنت

وَقد آن أَن أبدي خفايا صبابتي

وَأظْهر للعذال أصل رزيتي

وأبكي على من كَانَ يجمع شملنا

على طَاعَة الرَّحْمَن فِي كل لمحة

وأندب أحزاني بِمَا قد أصابني

وأنثر اشجاني بنظم قصيدتي

فقدت إِمَامًا كَانَ أوحد عصره

وَقد فجعت فِيهِ جَمِيع الْبَريَّة

فقدت إِمَامًا لم يزل متوكلا

على الله لَا يصغي إِلَى غير سنة

فقدت إِمَامًا كَانَ بِالْعلمِ عَاملا

وَكَانَ حَقِيقا قامعا كل بِدعَة

أَتَى بِكِتَاب الله وَالسّنة الَّتِي

علت وارتقت حَقًا على كل مِلَّة

أَتَى بِأَحَادِيث الرَّسُول وَشَرحهَا

وَعَمن رَوَاهَا بالمتون الصَّحِيحَة

أَتَى بعلوم الْعَالمين جَمِيعهَا

بزهد وتأييد وَدين وَقُوَّة

أَتَى بأصول الدّين وَالْفِقْه مُجملا

وفصلها تَفْصِيل من غير شُبْهَة

أَتَانَا بأحوال الرَّسُول حَقِيقَة

وَسيرَته تسمو على كل سيرة

أَتَانَا بأحوال الصَّحَابَة كلهم

وَالتَّابِعِينَ الْملَّة المستقيمة

أَتَانَا بأوصاف الْأَئِمَّة كلهَا

وصنف كتبا فِي صِفَات الْأَئِمَّة

ص: 483

.. أَتَانَا بِوَصْف الصَّالِحين وحالهم

وَمَا هم عَلَيْهِ من جميل العقيدة

وَعلمنَا شرع الرَّسُول وَدينه

بأفصح أَلْفَاظ وأصدق لهجة

وَأَعْلَمنَا أَن النجَاة من الْهوى

تمسكنا بِالسنةِ النَّبَوِيَّة

وحذرنا من كل زيغ وبدعة

وَعَن كل طاغ خَارج عَن محجة

وناظر أَرْبَاب العقائد كلهم

وَبَين من قد ضل من كل فرقة

ورد على أهل الضلال جَمِيعهم

بأوضح برهَان وأبلغ حجَّة

وَبَين تَكْذِيب الْيَهُود وخبثهم

وَمَا بدلُوا فِي الْملَّة الموسوية

وَأخْبرهمْ عَن سر أَسبَاب كفرهم

فتعسا لَهُم من امة غضبية

وَأظْهر أَيْضا لِلنَّصَارَى ضلالهم

وَمَا أَحْدَثُوا فِي الْملَّة العيسوية

وباحثهم حَتَّى تبين انهم

سكارى حيارى بالطباع الخبيثة

ورد على كتب الفلاسفة الأولى

بمنقول أَحْكَام ومعقول حِكْمَة

وَقرر إِثْبَات النبوات عِنْدهم

وجال عَلَيْهِم كرة بعد كرة

ورد على جهم وجعد بن دِرْهَم

وَبشر المريس عُمْدَة الْجَهْمِية

زنادقة كم أهلكوا من عوالم

بِسوء اعتقادات النُّفُوس السقيمة

وجادل أهل الإعتزال جَمِيعهم

وسل عَلَيْهِم سَيْفه بالأدلة

يَقُولُونَ قَول الله من بعض خلقه

لقد كبكبوا فِي قَعْر نَار حمية

وباحث أَشْيَاخ الروافض وانثنى

يقاتلهم بِالدرةِ العمرية

لأنهمو عَادوا خَواص مُحَمَّد

وَسبوا فهم فِي الأَصْل شَرّ الْخَلِيفَة

ص: 484

.. بغوا وافتروا جهلا فهم أنجس الورى

وأكذب خلق الله من كل فرقة

وهم خصماء الله تَبًّا لدينهم

وبعدا لَهُم من عصبَة ثنوية

فكم أَحْدَثُوا فِي ديننَا من ضَلَالَة

فَلَا مرْحَبًا بالفرقة الْقَدَرِيَّة

ورد على قوم تربت نُفُوسهم

على النَّفْي والتعطيل من غير حجَّة

ورد على قوم وشتت شملهم

وهم أهل تَشْبِيه أَتَوا بكبيرة

ورد على أهل التناسخ عِنْدَمَا

تجروا وخاضوا فِي امور عَظِيمَة

ومزقهم فِي كل وَاد لأَنهم

يَقُولُونَ لَا شَيْء سوى البرزخية

وَقد أَنْكَرُوا أَمر الْمعَاد بقَوْلهمْ

نفوس نأت عَنَّا وَفِي الْغَيْر حلت

وجاهد أهل الِاتِّحَاد وردهم

إِلَى أشرف المسرى وَأهْدى طَريقَة

وأنقذهم من ظلمَة الْجَهْل والعمى

بِنور وبرهان وَدين النَّصِيحَة

ورد على أهل الْحُلُول فَإِنَّهُم

يرَوْنَ تجلي الْحق فِي كل صُورَة

وَقد زَعَمُوا أَن التجلي مظَاهر

وَلَا سِيمَا فِي صُورَة أمردية

فَمن أجل هَذَا يرقصون ديانَة

وَفِي رقصهم جَاءُوا بِكُل قبيحة

يرَوْنَ شُهُود المرد والرقص قربَة

فيا ويلهم من خزي يَوْم الفضيحة

ورد على أَتبَاع إِبْلِيس عِنْدَمَا

رَآهُمْ وَقد مالوا إِلَى الجبرية

وَكم قد طوى فِي علمه من طوائف

حرورية مِنْهُم على حشوية

مطايا بنيات الطَّرِيق سرت بهم

إِلَى أَن أناخوا فِي عراص القطيعة

ص: 485

وَفِي بَحر آراء العقائد أغرقوا

رَمَتْهُمْ خيالات الْعُقُول السخيفة

وَكم قد أَرَاهُم كلهم سبل الْهدى

وَكم قد نَهَاهُم مرّة بعد مرّة

فَمن كَانَ قطب الْكَوْن فِي حَال عصره

سواهُ وَمن قد فَازَ بالبدلية

شُجَاع همام بارع فِي صِفَاته

يروم مراما فِي المراقي الْعلية

تزهد فِي كل الْوُجُود وَغَيره

يَدُور على الدُّنْيَا بِنَفس دنية

يجود على الْمِسْكِين فِي حَال عسره

بأطماره فِي حب باري الْبَريَّة

ويلقى لمن يلقاه بالبشر وَالرِّضَا

بأوصافه الْحسنى وَنَفس زكية

وَيَدْعُو لمن قد نَالَ من ثلم عرضه

وَلم ينْتَقم مِمَّن أَتَى بالأذية

يُسَارع فِي الْخيرَات سرا وجهرة

ويلهو عَن اللَّذَّات فِي كل طرفَة

يُجَاهد فِي الله الْكَرِيم بِجهْدِهِ

بِصدق وإخلاص وعزم وَنِيَّة

وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ حبا لرَبه

وَينْهى عَن الْفَحْشَاء نهيا بهمة

تَقِيّ نقي طَاهِر الذيل مذ نشا

كريم السجايا ذُو صِفَات حميدة

أَلَيْسَ الَّذِي قد شاع فِي الْكَوْن ذكره

وَعم البرايا بالفتاوى الْعَظِيمَة

فَمن كَانَ تَاج العارفين لوقتنا

وَشَيخ الْهدى قل لي بِغَيْر حمية

هُوَ الحبر والقطب الَّذِي شاع ذكره

وفاح شذاه كالعبير المفتت

إِذا مَا ذكرنَا حَاله وَصِفَاته

كأنا حللنا فِي نعيم وروضة

تهنأ أَبَا الْعَبَّاس بِالْقربِ وَالرِّضَا

لقد نلْت مَا ترجو بِكُل مَسَرَّة

ص: 486

.. أَلا يَا تَقِيّ الدّين يَا فَرد عصره

بروقك قد لاحت كشمس مضيئة

وَبَانَتْ لكل النَّاس أوصافك الَّتِي

برزت بهَا مثل الْعُيُون الغزيرة

ظَهرت بأنواع الْعُلُوم وجنسها

وسارت بهَا الركْبَان فِي كل بَلْدَة

فأظهرت مَا قد كَانَ للنَّاس خافيا

بِكُل معَان والفنون الغريبة

وأوضحت إشْكَالًا وبينت مُبْهما

وأبديت أسرارا بِنَفس عليمة

وَكم غصت فِي بَحر المعارف غوصة

ولججت فاستخرجت كل يتيمة

ظَهرت بِإِحْسَان وَحسن سماحة

وَدين وتوحيد وكل فَضِيلَة

خرجت من السجْن الَّذِي كَانَ ضيقا

إِلَى دَار فوز فِي رياض فسيحة

وَقد نلْت من مَوْلَاك مَا كنت راجيا

وأشهدك الْمَعْنى بِعَين قريرة

حملت على النعش الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ

مئين ألوفا فِي بكاء وضجة

وَصلى عَلَيْك الْحَاضِرُونَ جَمِيعهم

بِحسن اعْتِقَاد فِيك يَا شيخ قدوة

وَأما النِّسَاء الْمُؤْمِنَات فَإِنَّهُنَّ

خرجن حيارى فوجة بعد فوجة

ومعهن أبكار تحجبن بالتقى

يَنحن بأكباد عَلَيْك حزينة

صبرت على الْأَحْكَام طَوْعًا وَطَاعَة

وذقت من الآلام طعم البلية

وَكنت حمولا للنوائب كلهَا

صبورا على الأقدار فِي دَار غربَة

وأوسعت صَدرا للمقادير عِنْدَمَا

شهِدت جمال الْحبّ فِي كل خلْوَة

ولاحت لَك الْأَنْوَار بالمشهد الَّذِي

تَطوف بِهِ الْأَنْوَار فِي روض جنَّة

وعاينت مَوْجُودا تعالت صِفَاته

وشاهدت محبوبا بِعَين البصيرة

ص: 487

.. فَلَا أوحش الرَّحْمَن مِنْك وَلَا خلت

ربوعك من تِلْكَ الْعُلُوم الجليلة

وَلَا أقفرت مِنْك الطلول وَلَا نأت

دِيَارك من تِلْكَ الصِّفَات الجميلة

وَلَا سكنت يَوْم الْوَدَاع دموعنا

ولااكتحلت فِيك الجفون بغمضة

وَلَا احْتَجَبت أسماعنا عَنْك سَاعَة

وَلَا أَيِست مِنْك الْعُيُون بنضرة

لقد كنت روحا للقلوب وراحة

وقوتا وأنسا للنفوس النفيسة

تمسكت بِالدّينِ الحنيفي وَالْهدى

وبالعروة الوثقى وأصل الشَّرِيعَة

ظَهرت إِلَى الدُّنْيَا بِأَحْسَن مظهر

ورحت إِلَى الْأُخْرَى بأكمل رَوْحَة

وودعتنا توديع من غير رَاجع

وفارقتنا والدر غير بعيدَة

شربت بكأس العارفين مدامة

حَقِيقَتهَا من سر عين الْحَقِيقَة

وجدت بكأس الْفضل مِنْك تكرما

على تابعين السّنة الأحمدية

فسبحان من أَعْطَاك من فضل جوده

لقد نلْت قربا لَا ينَال بحيلة

لقد عِشْت محبوبا ومت مكرما

عَلَيْك من الرَّحْمَن أزكى تحيني

وَمَا بَرحت تعلوك أنوار أنسه

وَمَا زلت فِي عز وَقرب ورفعة

ومأواك جنَّات النَّعيم مَعَ الَّذِي

تفرد من بَين الورى بالوسيلة

نَبِي الْهدى خير الورى صَاحب اللوا

شَفِيع على الْإِطْلَاق فِي كل أمة

عَلَيْهِ صَلَاة الْحق ثمَّ سَلَامه

على عدد الأنفاس فِي كل طرفَة

وَبعد فَللَّه المحامد كلهَا

على مَا أرانا من وضوح المحجة

وَهَا أَنا يَا رَبِّي عبيد متيم

عساك ترى حَالي وَتغْفر زلتي

ص: 488

تمت وعدتها مائَة وَسَبْعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم وَله أَيْضا رحمه الله يرثي شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية مرّة أُخْرَى

لله عَيْشًا تقضى بالثنيات

مَعَ جيرة لذ لي فيهم صباباتي

مَا كَانَ أهنا زماني فِي ربوعهمو

والسعد يسْعَى بِمَا فِيهَا إراداتي

والكأس تجلى بأنواع السرُور وَفِي

قرب الْأَحِبَّة تبدو لي سعاداتي

إِذا تجلوا على قلبِي بحسبهم

كأنني فِي نعيم وسط روضاتي

قد كنت فِي قربهم والوصل مقترني

لم يخْطر الصد والهجران فِي ذاتي

وَالْيَوْم أَصبَحت ابكي بعد بعدهمْ

لما تناءوا نأت عني مسراتي

وَغَابَ مذ غَابَ عَن عَيْني جمالهمو

راحي وروحي وريحاني وراحاتي

وَلَا صفا بعدهمْ عيشي بمنهلة

ومذ توَلّوا تولى طيب لذاتي

يَا سادة ملكوا قلبِي بلطفهم

مَا ضرهم لَو أعادوا لي أويقاتي

همو مرادي وهم سَمْعِي وهم بَصرِي

وهم نعيمي وروضاتي وجناتي

وهم حَياتِي وهم أنسي وهم شرفي

وَذكرهمْ لم يزل فِي الْقلب جلواتي

لهفي على زمن ولي وَمَا ظَفرت

روحي بِمَا ترتجى يَوْم الأثيلات

لما سروا وفؤادي فِي هوادجهم

ناديت من حرقي يَا عظم لوعاتي

ص: 489

.. مَا كنت أعلم قربي فِي محبتهم

حَتَّى رمتني الى الأبعاد راياتي

فاندب على مَا مضى من عيشنا وَصفا

وابك على مَا قد جرى يَا قلبِي العاتي

وَاذْكُر مصَارِع قوم كَيفَ قد شربوا

بعد الزلَال بكاسات المنيات

فَأَصْبحُوا فِي الثرى تبلى وُجُوههم

تَحت التُّرَاب فيا عظم المصيبات

أَأَنْت من بعدهمْ تسري كسيرهم

إِمَّا بدار هوان أَو بجنات

أَقُول مَا قَالَه العَبْد الْمُنِيب وَقد

أودى بِهِ السجْن فِي بر وطاعات

أَنا الذَّلِيل أَنا الْمِسْكِين ذُو شجن

أَنا الْفَقِير الى رب السَّمَوَات

أَنا الكسير أَنا الْمُحْتَاج يَا أملي

جدلي بِفَضْلِك واعف عَن خطياتي

أَنا الْغَرِيب فَلَا أهل وَلَا وَطن

أَنا الوحيد فَكُن لي فِي ملماتي

أَنا العبيد الَّذِي مَا زلت مفتقرا

إِلَيْك يَا سَيِّدي فِي كل حالاتي

مَا لي سواك وَمَا لي عَنْك منصرف

ذكراك فِي الْقلب قرآني وآياتي

أَنْت الْقَدِير على جبري بوصلك لي

أَنْت الْعَلِيم بأسراري الخفيات

أَدْعُوك يَا سَيِّدي يَا مشتكى حزني

يَا جابري يَا مغيثي فِي مهماتي

فَانْظُر الى عبرتي وَارْحَمْ صبا جَسَدِي

يَا رَاحِم الْخَيْر يَا باري البريات

مَا زَالَ مفتقرا فِي بَاب سَيّده

مَا زَالَ مبتليا بالإمتحانات

مَا زَالَ يتبع آثَار الرَّسُول على الن

هج القويم بأعلام الدلالات

ص: 490

.. يهدي لسنته يُفْتِي بشرعته

يرْعَى لِحُرْمَتِهِ فِي كل سَاعَات

قطب الزَّمَان وتاج النَّاس كلهمو

روح الْمعَانِي حوى كل الْعِبَادَات

حبر الْوُجُود فريد فِي معارفه

أفنى بِسيف الْهدى أهل الضلالات

حوى من الْمُصْطَفى علما وَمَعْرِفَة

وجاءه مِنْهُ إمداد النوالات

مَا جَاءَ سَائل إِلَّا ويمنحه

إِمَّا بجود وَإِمَّا بالمداراة

مَاذَا أَقُول وَقَوْلِي فِيهِ منحصر

فِي وصف أخلاقه كلت عباراتي

فِي علمه مَا علمنَا من يُنَاسِبه

إِلَّا أئتمنا أهل العنايات

فِي زهده مَا سمعنَا من يشاكله

إِلَّا رجال مضوا أهل الكرامات

فِي جوده مَا وجدنَا من يماثله

غير البرامك كَانُوا فِي سعادات

يجود وَهُوَ فَقير إِن ذَا عجب

هُوَ الَّذِي مَا سمعنَا فِي الحكايات

تلوح شمس الْمَعَالِي فِي شمائله

وَفِي صفا وَجهه نور الهدايات

بَحر المعارف تاهوا فِي بدايته

اهل الْمعَانِي وأرباب النهايات

قطب الْحَقَائِق حاروا فِي فضائله

أهل التصوف اصحاب الرياضات

أعجوبة الدَّهْر فَرد فِي فضائله

عَلامَة الْوَقْت فِي الْمَاضِي وَفِي الْآتِي

والهف قلبِي على من كَانَ يجمعنا

على فنون الْمعَانِي والإشارات

فَارَقت من كَانَ يرويني بِرُؤْيَتِهِ

إِذْ اتبدى بدى سر الْعِبَادَات

يروي الْأَحَادِيث عَن سكان كاظمة

فيطرب الْكَوْن من طيب الرِّوَايَات

ويطنب الذّكر فِي إِحْسَان حسنهم

فيرقص الْقلب شوقا نَحْو سَادَات

ص: 491