الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمَاعَة فرسم عَلَيْهِم وَلم يُوجد شرف الدّين ثمَّ أطلق الْجَمَاعَة سوى زين الدّين فَإِنَّهُ حمل إِلَى الْمَكَان الَّذِي فِيهِ الشَّيْخ وَهُوَ قاعة الترسيم بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ إِنَّه أخرج فِي خَامِس صفر سنة تسع وَسَبْعمائة
قَالَ وَفِي اللَّيْلَة الْأَخِيرَة من شهر صفر هَذَا وَهِي لَيْلَة الْجُمُعَة توجه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين من الْقَاهِرَة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة مَعَ أَمِير مقدم وَلم يُمكن أحد من جماعته من السّفر مَعَه وَوصل هَذَا الْخَبَر إِلَى دمشق بعد عشرَة أَيَّام فَحصل التألم لأَصْحَابه ومحبيه
وَضَاقَتْ الصُّدُور وتضاعف الدُّعَاء لَهُ
وبلغنا أَن دُخُوله الْإسْكَنْدَريَّة كَانَ يَوْم الْأَحَد دخل من بَاب الخوخة إِلَى دَار السُّلْطَان وَنقل لَيْلًا إِلَى برج فِي شَرْقي الْبَلَد
ثمَّ وصلت الْأَخْبَار أَن جمَاعَة من أَصْحَابه توجهوا إِلَيْهِ بعد ذَلِك وَصَارَ النَّاس يدْخلُونَ إِلَيْهِ ويقرأون عَلَيْهِ وَيَتَحَدَّثُونَ مَعَه وَكَانَ الْموضع الَّذِي هُوَ فِيهِ فسيحا متسعا
كتاب الشَّيْخ شرف الدّين إِلَى أَخِيه بدر الدّين
وَقد رَأَيْت كتابا بِخَط الشَّيْخ شرف الدّين كتبه إِلَى أَخِيه بدر الدّين بعد توجه الشَّيْخ إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة يَقُول فِيهِ
من أَخِيه عبد الله بن تَيْمِية
سَلام الله وَرَحمته وَبَرَكَاته على الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْجَلِيل الْكَبِير بدر الدّين وَإِلَى الله عَلَيْهِ آلاءه وأتبعها وأسبغ عَلَيْهِ نعمه ونوعها ومنحه مننه وأينعها وأيده بِالْقُوَّةِ والتأييد لإِقَامَة الْحق على الْقَرِيب والبعيد غير مقصر وَلَا وان وَلَا مفتر وَلَا متوان بِالرَّأْيِ السديد والعزم الوكيد وجمعنا وإياه فِي هَذِه الدَّار على طَاعَته وَفِي دَار الْقَرار فِي دَار كرامته مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ أهل ولَايَته إِنَّه ذُو الْفضل الْعَظِيم والمن الجسيم والطول العميم
أما بعد فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَهُوَ للحمد أهل وَهُوَ على كل شَيْء قدير وأصلي على سيد ولد آدم وَخير خلق الله أَجْمَعِينَ وَسيد رسل رب الْعَالمين إِلَى الْأسود والأحمر وَالْجِنّ وَالْإِنْس بشيرا للْمُؤْمِنين وَنَذِيرا للْكَافِرِينَ أتم الصَّلَاة وأفضلها وَأَشْرَفهَا وأكملها دائمة إِلَى يَوْم الدّين وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَنحْن وَالْجَمَاعَة فِي نعم الله الْكَامِلَة ومننه الشاملة الَّتِي تفوت الْعد والإحصاء وتعجز الْعُقُول عَن تصورها ودركها وتحصر
الألسن عَن نعتها ووصفها فضلا عَن كتَابَتهَا فنسأل الله الْعَظِيم أَن يوزعنا شكرها وَأَن يديمها علينا وعَلى جَمِيع الإخوان وَالْمُؤمنِينَ إِنَّه الْجواد الْكَرِيم
فَمِنْهَا نزُول الْأَخ الْكَرِيم بالثغر المحروس فَإِن أَعدَاء الله قصدُوا بذلك أمورا يكيدون بهَا الْإِسْلَام وَأَهله وظنوا أَن ذَلِك يحصل عَن قريب فَانْقَلَبت عَلَيْهِم مقاصدهم الخبيثة الْمَعْلُومَة وانعكست من كل الْوُجُوه وَأَصْبحُوا وَمَا زَالُوا عِنْد الله وَعند العارفين من الْمُؤمنِينَ سود الْوُجُوه يَتَقَطَّعُون حسرات وندما على مَا فَعَلُوهُ وَأَقْبل أهل الثغر أَجْمَعُونَ إِلَى الْأَخ متقبلين لما يذكرهُ وينشره من كتاب الله وَسنة رَسُوله والحط والوقيعة فِي أعدائهما من أهل الْبدع والضلالات وَالْكفْر والجهالات خُصُوصا أَخبث الْمَلَاحِدَة والاتحادية ثمَّ الْجَهْمِية
وَاتفقَ أَنه وجد بهَا إِبْلِيس إلحادهم قد باض وفرخ وَنصب بهَا عَرْشه ودوخ وأضل بهَا فريقي السبعينية والعربية فمزق الله بهَا بقدومه الثغر جموعهم شذر مذر وهتك أستارهم وكشف رمزهم إلحاد وَالْكفْر وأسرارهم وَفَضَحَهُمْ واستتاب جماعات مِنْهُم وتوب رَئِيسا من رُؤَسَائِهِمْ وَإِن كَانَ عِنْد عباد الله الْمُؤمنِينَ حَقِيرًا وصنف هَذَا
التائب كتابا فِي كشف كفرهم وإلحادهم وَكَانَ من خَواص خَواص اللعين عَدو الله وَرَسُوله نصير الْمُلْحِدِينَ واشتهر ذَلِك وَاسْتقر عِنْد عُمُوم الْمُؤمنِينَ وخواصهم من أَمِير وقاض وفقيه ومفت وَشَيخ وَعُمُوم الْمُجَاهدين إِلَّا من شَذَّ من الأغمار الْجُهَّال مَعَ الذلة وَالصغَار حذرا على نَفسه من أَيدي الْمُؤمنِينَ وألسنتهم وعلت كلمة الله بهَا على أَعدَاء الله وَرَسُوله ولعنوا لعنا ظَاهرا فِي مجامع النَّاس بِالِاسْمِ الْخَاص وَصَارَ بذلك عِنْد نصير الْمُلْحِدِينَ الْمُقِيم المقعد وَنزل بِهِ من الْخَوْف والذل مَا لَا يعبر عَنهُ وهم أَن يكيد كيدا آخر فَوَقع مَا وَقع عنْدكُمْ بالشأم من الْأَمر المزعج وَالْكرب المقلق وَالْبَلَاء الْعَظِيم والذل واستعطاف من كَانُوا لَا يلتفتون إِلَيْهِ بالأموال والأنفس والتذلل حَتَّى رق بعض الْأَصْحَاب لَهُم فزجر عَن ذَلِك وَقيل لَهُ {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} إِلَى أُمُور كَثِيرَة من المحن وَالْبَلَاء مِمَّا لَا يُمكن وَصفه فنسأل الله الْعَظِيم أَن يعجل تَمام النقمَة عَلَيْهِم وَأَن يقطع دابرهم وَأَن يرِيح عباده وبلاده مِنْهُم وَأَن ينصر دينه وَكتابه وَرَسُوله وعباده عَلَيْهِم وَأَن يوزعنا شكر هَذِه النِّعْمَة وَأَن يُتمهَا علينا وعَلى سَائِر الْمُؤمنِينَ
وَغير خَافَ عَنْك سيرتنا
…
إِذا أعجبتك خِصَال امرىء
…
فكنه يكن مَا يُعْجِبك
فَلَيْسَ لَدَى الْمجد والمكرما
…
ت إِذا جِئْتهَا حَاجِب يحجبك
…
فأسأل الله الْعَظِيم أَن يعينك ويمدك ويؤيدك بِروح مِنْهُ وَأَن يقربك أعين الْمُؤمنِينَ وَأَن يخزي بك الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَأَن يوفقك لما يُحِبهُ ويرضاه وَأَن يتولاك فِي جَمِيع الْأُمُور ويعينك على الْقيام فِيهَا بِمَا يُرْضِي الله وَرَسُوله
وَالسَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وعَلى السعيدة الْكَرِيمَة الطّيبَة الَّتِي رضي الله عنها وأرضاها وَجعل بعد اجتماعنا بهَا الْجنَّة دارها ومأواها وأراها وَجهه الْكَرِيم فِي دَار النَّعيم الوالدة الَّتِي منحها الله تَعَالَى فِي آخرعمرها هَذِه الْكَرَامَة الْعَظِيمَة والمنزلة الرفيعة والدرجة الْعلية وأكمل السَّلَام وأنماه
وعَلى جَمِيع الْأَهْل والإخوان وَالْأَصْحَاب والمعارف وَالْجِيرَان كَبِيرهمْ وصغيرهم قريبهم وبعيدهم كل فَرد فَرد لَهُ السَّلَام
وَغير خَافَ عَنْهُم الْعَجز عَن حصرهم
فَالله تَعَالَى يرضى عَن جَمِيعهم ويجمعنا وإياهم بعد نصر دين الله وَرَسُوله على مَا يُحِبهُ ويرضاه
وَكتب والخاطر مَشْغُول بِأَمْر الْمُسلمين لحدوث أَمر يذكرهُ لكم الشَّيْخ عبد الله
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا
قلت بَقِي الشَّيْخ بثغر الْإسْكَنْدَريَّة ثَمَانِيَة أشهر مُقيما ببرج مليح نظيف لَهُ شباكان أَحدهمَا إِلَى جِهَة الْبَحْر يدْخل إِلَيْهِ من شَاءَ ويتردد إِلَيْهِ الأكابر والأعيان وَالْفُقَهَاء يقرأون عَلَيْهِ ويبحثون مَعَه ويستفيدون مِنْهُ