الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَليكن شَأْن أَحَدنَا الْيَوْم التَّعْدِيل بَين الْمصَالح الدُّنْيَوِيَّة والفضائل العلمية والتوجهات القلبية وَلَا يقنع أَحَدنَا بِأحد هَذِه الثَّلَاثَة عَن الآخرين فيفوته الْمَطْلُوب وَمَتى اجْتهد فِي التَّعْدِيل فَإِنَّهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى بِقدر مَا يحصل للْعَبد جُزْء من احدهم حصل جُزْءا من الآخر ثمَّ بِالصبرِ عل ذَلِك تَجْتَمِع الْأَجْزَاء المحصلة فَتَصِير مرتبَة عالية عِنْد النِّهَايَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
هَذَا وَإِن كُنْتُم أيدكم الله تَعَالَى بذلك عَالمين لَكِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ
فصل
وَاعْلَمُوا أيدكم الله أَنه يجب عَلَيْكُم أَن تشكروا ربكُم تَعَالَى فِي هَذَا الْعَصْر حَيْثُ جعلكُمْ بَين جَمِيع أهل هَذَا الْعَصْر كَالشَّامَةِ الْبَيْضَاء فِي الْحَيَوَان الْأسود لَكِن من لم يُسَافر إِلَى الأقطار وَلم يتعرف أَحْوَال النَّاس لَا يدْرِي قدر مَا هُوَ فِيهِ من الْعَافِيَة فَأنْتم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حق هَذِه الْأمة الأولى كَمَا قَالَ تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر وتؤمنون بِاللَّه} وكما
أَصْبَحْتُم إخْوَانِي تَحت سنجق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَعَ شيخكم وإمامكم وَشَيخنَا وإمامنا المبدوء بِذكرِهِ رضي الله عنه قد تميزتم عَن جَمِيع أهل الأَرْض فقهائها وفقرائها وصوفيتها وعوامها بِالدّينِ الصَّحِيح
وَقد عَرَفْتُمْ مَا أحدث النَّاس من الْأَحْدَاث فِي الْفُقَهَاء والفقراء والصوفية والعوام فَأنْتم الْيَوْم فِي مُقَابلَة الْجَهْمِية من الْفُقَهَاء نصرتم الله وَرَسُوله فِي حفظ مَا أضاعوه من دين الله تصلحون مَا أفسدوه من تَعْطِيل صِفَات الله
وَأَنْتُم أَيْضا فِي مُقَابلَة من لم ينفذ فِي علمه من الْفُقَهَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وجمد على مُجَرّد تَقْلِيد الْأَئِمَّة فَإِنَّكُم قد نصرتم الله وَرَسُوله فِي تَنْفِيذ الْعلم إِلَى أُصُوله من الْكتاب وَالسّنة واتحاد أَقْوَال الْأَئِمَّة تأسيا بهم لَا تقليدا لَهُم
وَأَنْتُم أَيْضا فِي مُقَابلَة مَا أحدثته أَنْوَاع الْفُقَرَاء من الأحمدية والحريرية
من إِظْهَار شعار المكاء والتصدية ومؤاخاة النِّسَاء وَالصبيان والإعراض عَن دين الله إِلَى خرافات مكذوبة عَن مشايخهم واستنادهم إِلَى شيوخهم وتقليدهم فِي صائب حركاتهم وخطائها وإعراضهم عَن دين الله الَّذِي أنزلهُ من السَّمَاء فَأنْتم بِحَمْد الله تجاهدون هَذَا الصِّنْف أَيْضا كَمَا تجاهدون من سبق حفظتم من دين الله مَا أضاعوه وعرفتم مَا جهلوه تقومون من الدّين مَا عوجوه وتصلحون مِنْهُ مَا أفسدوه
وَأَنْتُم أَيْضا فِي مُقَابلَة رسمية الصُّوفِيَّة وَالْفُقَهَاء وَمَا أحدثوه من الرسوم الوضعية والآصار الابتداعية من التصنع باللباس والإطراق والسجادة لنيل الرزق من الْمَعْلُوم وَلبس البقيار والأكمام الواسعة فِي حَضْرَة الدَّرْس وتنميق الْكَلَام والعدو بَين يَدي الْمدرس راكعين حفظا للمناصب واستجلابا للرزق والإدرار
فخلط هَؤُلَاءِ فِي عبَادَة الله غَيره وتألهوا سواهُ ففسدت قُلُوبهم من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ يَجْتَمعُونَ لغير الله بل للمعلوم وَيلبسُونَ للمعلوم وَكَذَلِكَ فِي أغلب حركاتهم يراعون وُلَاة الْمَعْلُوم فضيعوا كثيرا من دين الله وأماتوه وحفظتم أَنْتُم مَا ضيعوه وقومتم مَا عوجوه
وَكَذَلِكَ أَنْتُم فِي مُقَابلَة مَا أحدثته الزَّنَادِقَة من الْفُقَرَاء والصوفية من قَوْلهم بالحلول والاتحاد وتأله الْمَخْلُوقَات كاليونسية والعربية والصدرية والسبعينية والتلمسانية فَكل هَؤُلَاءِ بدلُوا دين الله تَعَالَى وقلبوه وأعرضوا عَن شَرِيعَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فاليونسية يتألهون شيخهم ويجعلونه مظْهرا للحق ويستهينون بالعبادات ويظهرون بالفرعنة والصولة والسفاهة والمحالات لما وقر فِي بواطنهم من الخيالات الْفَاسِدَة وقبلتهم الشَّيْخ يُونُس وَرَسُول الله