المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ونهى عنها السلف، ويعزر فاعله، ذكره بعض أصحابنا.   ‌ ‌مسألة قيل لأحمد (1): - أصول الفقه - ابن مفلح - جـ ٤

[شمس الدين ابن مفلح]

الفصل: ونهى عنها السلف، ويعزر فاعله، ذكره بعض أصحابنا.   ‌ ‌مسألة قيل لأحمد (1):

ونهى عنها السلف، ويعزر فاعله، ذكره بعض أصحابنا.

‌مسألة

قيل لأحمد (1): الرجل يسأل (2) عن مسألة، أَدُلُّه على إِنسان: هل عليَّ شيء؛ قال: إِن كان متبعًا (3) فلا بأس، ولا يعجبني رأي أحد.

ونقل الأثرم عنه: قوم يفتون هكذا يتقلدون قول الرجل، ولا يبالون بالحديث.

ونقل أبو طالب: عجبا لقوم عرفوا الإِسناد وصحته، يدعونه ويذهبون إِلى رأي سفيان وغيره، قال الله:(فليحذر الذين يخالفون عن أمره) الآية (4)، الفتنة: الكفر.

وقال لأحمد بن الحسن: ألا تعجب، يقال للرجل:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" فلا يقنع، و"قال فلان" فيقنع.

قال ابن الجوزي -عن أصول ظاهرة البرهان-: لا يهولنك مخالفتها (5) لقول معظَّم في النفس وَلِطَغَام (6).

(1) انظر: المسودة/ 513.

(2)

نهاية 251أمن (ب).

(3)

في (ظ): ونسخة في هامش (ب): متعينا.

(4)

سورة النور: آية 63.

(5)

يعني: كونها مخالفة لقول .. إِلخ.

(6)

الطعام: أراذل الناس.

ص: 1572

قال رجل لعليّ: أتظن أنا نظن أن طلبة والزبير على الخطأ، وأنت على الصواب؟ فقال: إِنه ملبوس عليك، اعرف الحق تعرف أهله (1).

وقال رجل لأحمد: "إِن ابن المبارك قال كذا"، قال: إِن ابن المبارك لم ينزل من السماء.

وقال أحمد: من ضيق علم الرجل أن يقلد.

وذُكر لأحمد كلمات عن إِبراهيم بن أدهم (2)، فقال: وقعنا في بنيات (3) الطريق، عليك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وقال ابن الجوزي: التقليد للأكابر أفسد العقائد، ولا ينبغي أن يناظر بأسماء الرجال، وإِنما ينبغي أن يتبع الدليل، فإِن أحمد (4) أخذ (5) في الجد

(1) ذكر ذلك ابن عقيل في فنونه على ما سيذكره المؤلف في الصفحة التالية. وانظر: تلبيس إِبليس/ 81 - 82.

(2)

هو: أبو إِسحاق العجلي، وقيل: التميمي، البلخي، سكن الشام، وروى عن يحيى بن سعيد الأنصاري والثوري وغيرهما، وعنه الأوزاعي والثوري -أيضًا- وغيرهما، توفي سنة 162 هـ. وثقه النسائي وابن معين والعجلي.

انظر: الكاشف 1/ 75، وتهذيب التهذيب 1/ 102.

(3)

بنيات الطريق: هي الطرق الصغار تتشعب من الجادة، وهي الترهات. انظر: الصحاح/ 2287. وفي (ظ): بنيان.

(4)

انظر: تلبيس إِبليس/ 82، والفنون/ 606.

(5)

نهاية 169 أمن (ظ).

ص: 1573

بقول زيد (1)، وخالف الصديق (2).

وفي واضح ابن عقيل: من أكبر الآفات الإِلف لمقالة من سلف أو السكون إِلى قولِ معظَّم في النفس لا بدليل، فهو أعظم حائل عن الحق (3) وبلوى تجب معالجتها (4).

وقال في فنونه عمن قال في مفردات أحمد: "الانفراد ليس بمحمود"، قال:"الرجل ممن يؤثر الوحدة"، ثم ذكر قول علي السابق (5)، وانفراد الشافعي، وصواب عمر في أسرى بدر (6)، فمن يعيّر بعد هذا بالوحدة؟

(1) أعطى زيد بن ثابت الجد ثلث المال مع الأخوة، ونصفه مع الأخ، أخرج هذا سعيد في سننه 3/ 1/ 20، والدارمي في سننه 2/ 258، وعبد الرزاق في مصنفه 10/ 265 - 266، 267، والبيهقي في سننه 6/ 245، 246 - 248.

(2)

جعل أبو بكر الجد أبا. أخرج هذا سعيد في سننه 3/ 1/ 20 - 22، والدارمي في سننه 2/ 254 - 256، وعبد الرزاق في مصنفه 10/ 263، 265، والبيهقي في سننه 6/ 246. وانظر: فتح الباري 12/ 18 وما بعدها.

(3)

نهاية 476 من (ح).

(4)

نهاية 251 ب من (ب).

(5)

في الصفحة السابقة.

(6)

فقد أشار بقتلهم، ونزل القرآن بما يوافق رأيه. ورد ذلك من طرق، أخرجه مسلم في صحيحه/ 1383 - 1385، والطبري في تفسيره 14/ 61 - 63، والحاكم في مستدركه 3/ 21 - 22، والواحدي في أسباب النزول/ 136 - 138، وأحمد في مسنده 1/ 244، 250، 5/ 227 ط: دار المعارف.

وانظر: ص 1472.

ص: 1574

وقال: من صدر اعتقاده عن برهان لم يبق عنده تَلَوُّن يراعي به أحوال الرجال، (أفإِن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)(1)، وكان الصديق ممن ثبت مع اختلاف الأحوال، فلم تنقلب به الأحوال في كل مقام زلت به الأقدام.

وقال: عاب كِيَا في بعض المجامع مذهب أبي حنيفة، وأخذ يقول:"المجموع والكثرة، والله أكرم أن يجمع هؤلاء على ضلالة"، فقال له حنبلي: دليلك في هذا بالكثرة ان استدل به الحنفية وراء النهر أفلست ووجب عليك الانقياد إِلى مذهبه، فإِن تعاند دليلك هناك نقلته إِلى الأديان، فمضيت إِلى قسطنطينية (2)، فصرت نصرانيًا، وهكذا الجهال يفرحون بسوق الوقت، حتى لو اجتمع ألف أقرع (3) يزعقون (4) على بقرة هراس لقوى قلبه بما يعتقد أولئك، وينفر قلبه من أدلة المحققين، بهيمية في طباع الجُهَّال لا تزول بمعالجة.

(1) سورة آل عمران: آية 144.

(2)

وهي المعروفة اليوم بـ "استانبول". وانظر: معجم البلدان 4/ 347. وقد كانت -زمن هذا القول- تحت سيطرة النصارى.

(3)

في لسان العرب 10/ 39: وقولهم: "ألف أقرع" أي: تام، يقال سقت إِليك ألفا أقرع من الخيل أو غيرها، أي: تاما، وهو نعت لكل ألف، كما أن "هنيدة" اسم لكل مائة.

(4)

يعني: يصيحون. انظر: معجم مقاييس اللغة 3/ 8.

ص: 1575