الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
390 -
(8) باب: ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار
(1981)
(873) - (11) وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ. قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَال: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ. فَأَطَال الْقِيَامَ. حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال. ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَال. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَال. ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَال. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَينِ. ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَاكَ. فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. ثُمَّ
ــ
390 - (8) باب ماعرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار
(1981)
(873)(11)(وحدثني يعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه ثقة من (8)(عن هشام) بن أبي عبد الله سنبر (الدستوائي) أبي بكر البصري ثقة من (7)(قال) هشام: (حدثنا أبو الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم صدوق من (4)(عن جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي أبي عبد الله المدني رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد مكي وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والعنعنة (قال) جابر (كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمن حياته (في يوم شديد الحر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف (بأصحابه فأطال القيام) الأول (حتى جعلوا) أي شرعوا (يَخِرُّون) أي يسقطون على الأرض لطول القيام (ثم ركع) الركوع الأول (فأطال) الركوع (ثم رفع) رأسه من الركوع (فأطال) القيام الثاني (ثم ركع) الركوع الثاني (فأطال) الركوع (ثم رفع) رأسه من الركوع الثاني (فأطال) القيام وفيه الاعتدال (ثم سجد سجدتين ثم قام) إلى الركعة الثانية (فصنع نحوًا) أي مثلًا (من ذاك) الذي صنع في الركعة الأولى (فكانت) صلاته (أربع ركعات) أي أربع ركوعات (وأربع سجدات) في ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان (3) خطب خطبتين
قَال: "إِنَّهُ عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَهُ. فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ. حَتَّى لَوْ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا لأَخَذْتُهُ (أَوْ قَال: تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا) فَقَصُرَتْ يَدِي عَنْهُ. وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ. فَرَأَيتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا. رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا. وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ. وَرَأَيتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ
ــ
و(قال) في خطبته (إنه عرض علي كل شيء) أي عرض الله سبحانه وتعالى عليَّ كل شيء (تولجونه) بصيغة المجهول أي كل منزل ومكان تدخلونه في الآخرة من جنة ونار وقبر ومحشر وحساب وميزان وصراط وغيرها وأطلعني عليه من الإيلاج وهو الإدخال وقوله (فعرضت علي الجنة) وما بعده تفصيل لما أجمله أولًا من قوله عرض علي كل شيء تولجونه أي فعرضت علي الجنة وقربت إليَّ (حتى لو تناولت منها قطفًا) أي عنقودًا من العنب أي حتى لو أردت أن آخذ منها قطفًا (لأخذته) لشدة قربها إليَّ (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم أو جابر فعرضت علي الجنة حتى (تناولت منها قطفًا) أي حتى قصرت أن أتناول وآخذ منها قطفًا (فقصرت يدي عنه) أي عن القطف أي عن تناوله والشك من الراوي أو ممن دونه (وعرضت علي النار) الأخروية (فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها) أي بسبب هرة لها وهذه المعصية صغيرة وإنما كانت كبيرة بإصرارها أفاده النواوي وقوله (ربطتها) صفة ثانية لهرة أي ربطتها بحبل (فلم تطعمها) في مربطها معطوف على ربطتها (ولم تدعها) أي لم تتركها (تأكل من خشاش الأرض) بفتح الخاء المعجمة وهو هوامها وحشراتها (ورأيت) فيها (أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر) ويسحب (قصبه) وأمعاءه (في النار) وقوله أبا ثمامة هو كنية ابن لحي المتقدم الذكر واسمه عمرو بن مالك.
قال الأبي: اسم لحي مالك ولحي لقب له وسماه في الحديث الآخر عمرو بن عامر الخزاعي اهـ.
ففي باب قصة خزاعة من صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة وفيه أيضًا وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار وكان أول من سيب السوائب.
قال ابن حجر في شرح الباب المذكور: إن خزاعة من ولد عمرو بن لحي وهو معنى
وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ. وَإِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيكُمُوهُمَا. فَإِذَا خَسَفَا فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ".
(1982)
(0) - (0) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
قوله صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي أبو خزاعة مبتدأ وخبر كما في العيني وفي الجامع الصغير عن ابن عباس: أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة اهـ من بعض الهوامش.
وقوله (يجر قصبه) هو بضم القاف وإسكان الصاد وهي الأمعاء.
(و) قال أيضًا (إنهم) أي إن جهلة الناس وضلالهم (كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم) أي عظيم القدر أو لحياته (وإنهما آيتان من آيات الله) تعالى الدالة على قدرته وألوهيته لا ينكسفان لموت أحد إذ هما خلقان مسخران ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما (يريكموهما) أي يريكم الله خسوفهما تخويفًا لكم عن عقوبته (فإذا خسفا) أي فإذا رأيتم خسوفهما (فصلوا) أي فافزعوا إلى الصلاة وادعوا الله واستغفروه (حتى ينجلي) بالياء أي حتى ينكشف ويزول عنهما خسوفهما أو حتى تنكشف خسفتهما.
قال العلماء: والحكمة في هذا الكلام أن بعض الجهلة الضلال كانوا يعظمون الشمس والقمر فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى لا صنع لهما بل هما كسائر المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغير كغيرهما وكان بعض الضلّال من المنجمين وغيرهم يقول: لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو نحو ذلك فبين أن هذا باطل لا يغتر بأقوالهم لا سيما وقد صادف موت إبراهيم رضي الله عنه فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى ينجلي وفيه الحث على هذه الطاعة وهو أمر استحباب.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود (1178 و 1179) والنسائي (3/ 136).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
(1982)
(0)(0)(وحدثنيه أبو غسان المسمعي) مالك بن عبد الواحد البصري ثقة من (10)(حدثنا عبد الملك بن الصباح) المسمعي أبو محمد البصري صدوق من (9)(عن هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي (بهذا الإسناد) يعني عن أبي الزبير عن جابر (مثله)
إِلَّا أَنَّهُ قَال: "وَرَأَيتُ فِي النَّارِ امْرَأَةً حِمْيَرِيَّةً سَوْدَاءَ طَويلَةً". وَلَمْ يَقُلْ: "مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
(1983)
(0) - (0) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيرٍ. (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) قَال: حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال النَّاسُ:
ــ
أي مثل ما روى إسماعيل بن علية عن هشام غرضه بيان متابعة عبد الملك لابن علية في رواية هذا الحديث عن هشام (إلا أنه) أي لكن أن عبد الملك بن الصباح (قال) في روايته: (ورأيت في النار امرأة حميرية) أي منسوبة إلى حمير بوزن درهم أبو قبيلة من اليمن وموضع غربي صنعاء كما في القاموس (سوداء طويلة ولم يقل) ابن الصباح (من بني إسرائيل) والجمع بينها بترجيح الرواية الأولى على الثانية لأن ابن علية ثقة وابن الصباح صدوق ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
(1983)
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وتقاربا) أي تقارب أبو بكر وابن نمير (في اللفظ قال) محمد بن نمير (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا عبد الملك) بن أبي سليمان ميسرة الفزاري أبو محمد الكوفي صدوق من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن عطاء) بن أبي رباح اليماني أبي محمد المكي ثقة من (3) روى عنه في (10) أبواب) (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مكي وفيه التحديث والعنعنة وغرضه بسوقه بيان متابعة عطاء لأبي الزبير في رواية هذا الحديث عن جابر.
(قال) جابر: (انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من الهجرة وهو ابن ثمانية عشر شهرًا أو أكثر وكان ذلك يوم عاشر المحرم كما قال بعض الحفاظ وفيه رد لقول أهل الهيئة لا يمكن كسوفهما في غير يوم السابع أو الثامن أو التاسع والعشرين إلا أن يريدوا أن ذلك باعتبار العادة وهذا خارق لها اهـ عون (فقال الناس) من الجهال الضلال
إِنَّمَا انْكَسَفَتْ الشمس لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ. فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. بَدَأَ فَكَبَّرَ. ثُمَّ قَرَأَ فَأَطَال الْقِرَاءَةَ. ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى. ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ. ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ. ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ. ثُمَّ
ــ
(إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم) رضي الله عنه (فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات) أي ركوعات في الركعتين كما دل عليه قوله (بأربع سجدات) فإن سجود كل ركعة اثنان وكان ركوع كل ركعة على هذه الرواية ثلاثًا وفيه دلالة على مشروعية الجماعة فيها قال الطيبيُّ: أي صلى ركعتين كل ركعة بثلاث ركوعات وعند الشافعي وأكثر أهل العلم أن الكسوف إذا تمادى جاز أن يركع في كل ركعة ثلاث ركوعات وخمس ركوعات وأربع ركوعات انتهى وقال الإمام البخاري وغيره من الأئمة لا مساغ لحمل هذه الأحاديث على بيان الجواز إلا إذا تعددت الواقعة وهي لم تتعدد لأن مرجعها كلها إلى صلاته صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس يوم مات ابنه إبراهيم وحينئذ يجب ترجيح أخبار الركوعين فقط لأنها أصح وأشهر وخالف في ذلك جماعة من الأئمة الجامعين بين الفقه والحديث كابن المنذر فذهبوا إلى تعدد الواقعة وحملوا الروايات في الزيادة والتكرير على بيان الجواز وقواه النواوي في شرح مسلم انتهى من العون.
وقوله (بدأ) الخ تفسير لقوله (فصلى) أي أراد بداية صلاته (فكبر) للإحرام (ثم قرأ فأطال القراءة) في القيام الأول (ثم ركع) الركوع الأول فأطال الركوع (نحوًا مما قام) أي ركع ركوعًا مماثلًا للقيام الأول في المقدار اهـ أي أطال الركوع الأول قدر القيام الأول (ثم رفع رأسه من الركوع) الأول (فقرأ) في القيام الثاني (قراءة دون القراءة) الواقعة في القومة (الأولى ثم ركع) الركوع الثاني فأطال (نحوًا مما قام) أي قدرًا مماثلًا للقيام الثاني (ثم رفع رأسه من الركوع) الثاني (فقرأ) في القيام الثالث (قراءة دون القراءة) الواقعة في القومة (الثانية ثم ركع) الركوع الثالث وأطاله (نحوًا مما قام) أي قدرًا مماثلًا للقيام الثالث (ثم رفع رأسه من الركوع) الثالث.
(ثم انحدر) هبط وهوى من الانحدار وهو الانهباط والنزول (بالسجود) أي للسجود (فسجد سجدتين) فائدة ذكرها الإشعار بأن الزيادة منحصرة في الركوع دون السجود (ثم
قَامَ فَرَكَعَ أَيضًا ثَلاثَ رَكَعَاتٍ. لَيسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إِلَّا الَّتِي قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا. وَرُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ. ثُمَّ تَأَخَّرَ وَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ. حَتَّى انْتَهَينَا. (وَقَال أَبُو بَكْرٍ: حَتَّى انْتَهَى إِلَى النِّسَاءِ) ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ مَعَهُ. حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ. وَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ، وَقَدْ آضَتِ الشَّمْسُ. فَقَال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ
ــ
قام) إلى الركعة الثانية (فركع) فيها (أيضًا ثلاث ركعات) أي ثلاث ركوعات إطلاقًا للكل وإرادة للجزء كما مر (ليس فيها) أي في الركوعات الثلاث (ركعة) أي ركوع (إلا) الركعة (التي قبلها) أي الركوع الذي قبله (أطول من التي بعدها) أي من الركوع الذي بعده (و) كان (ركوعه) بالرفع على أنه خبر كان المحذوفة وقوله (نحوًا) أي قدرًا بالنصب خبر لكان المذكورة وفي بعض النسخ (نحوًا) بالرفع على أنه خبر لركوعه ولا حاجة إلى تقدير كان وقوله (من سجوده) الصواب نحوًا من قيامه كما في رواية أبي داود ولفظه (إلا أن ركوعه نحو من قيامه) والمعنى وكان ركوعه نحوًا من قيامه الذي قبله أي فالركوع الأول قدر القيام الأول والركوع الثاني قدر القيام الثاني والركوع الثالث قدر القيام الثالث وكذا الرابع والمعنى كان كل ركوع من الركوعات الثلاث قدر القيام الذي قبله قال جابر: (ثم) للترتيب الذكري أي ثم بعد ما ذكرته لكم من كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم للكسوف أقول لكم (تأخر) النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته عن موقفه في صلاته إلى جهة الصفوف (وتأخرت الصفوف) التي (خلفه) عن موقفها إلى جهة النساء اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم (حتى انتهينا) أي وصلنا في التأخر إلى النساء (وقال أبو بكر) في روايته تأخر (حتى انتهى) في تأخره (إلى) موقف (النساء ثم) بعد تأخره (تقدم) إلى موقفه الأول (وتقدم الناس معه) إلى موقفهم الأول وقوله: (حتى قام في مقامه) أي في موقفه الأول متعلق بقوله (تقدم)(وانصرف) أي فرغ من صلاته (حين انصرف) وفرغ منها (و) الحال أنه (قد آضت) ورجعت (الشمس) إلى حالها الأول التي كانت عليها قبل الكسوف يقال آض يئيض أيضًا إذا رجع ومنه قولهم أيضًا وهو مصدر منه والحكمة في تأخره وتقدمه في صلاته رؤيته الجنة حين تقدم ورؤيته النار حين تأخر ثم خطب صلى الله عليه وسلم (فقال) في خطبته: (يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان) أي علامتان دالتان على قدرته تعالى (من آيات الله) أي كائنات من بعض دلائل قدرته تعالى (وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من) أشراف
النَّاسِ (وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لِمَوْتِ بَشَرٍ) فَإِذَا رَأَيتُمْ شَيئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ. مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ. لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ. وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا. وَحَتَّى رَأَيتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ. كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ. فَإِنْ فُطِنَ لَهُ
ــ
(الناس) وخيارهم ولا لموت شرير من أشرارهم (وقال أبو بكر) في روايته: (لموت) جنس (بشر) من الأخيار أو الأشرار وإنما قال ذلك ردًّا على الجهلة الضلال حيث كانوا يعظمون الشمس والقمر فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى لا صنع لهما بل هما كسائر المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغيير كغيرهما وكان بعض الضلال من المنجمين وغيرهم يقول: لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو نحو ذلك فبين أن هذا باطل لا يغتر بأقوالهم وقد صادف موت إبراهيم رضي الله عنه.
(فإذا رأيتم شيئًا من ذلك) الكسوف (فصلوا حتى تنجلي) أي حتى تنكشف وتزول كسفتهما ففيه الحث على هذه الطاعة وهذا يدل على أن وقت الكسوف ينبغي أن يكون معمورًا بالصلاة إما بتطويل الصلاة أو بتعديد الركعات وهذا الأمر على جهة الندب (ما من شيء توعدونه) بصيغة المجهول في الآخرة هذا من الإيعاد وهو الوعيد بخلاف ما يأتي (إلا قد رأيته في صلاتي هذه) ومقامي هذا والله (لقد جيء) إليَّ (بالنار) أي بنار جهنم فرأيتها رؤية عيان ومكاشفة أو ممثلة لي في مقامي هذا (وذلكم) أي رؤيتي إياها (حين رأيتموني تأخرت) عن مقامي إلى جهتكم (مخافة أن يصيبني) وينالني (من لفحها) أي من ضرب لهبها شيء ولفح النار شدة لهبها وتأثيره ومنه قوله تعالى {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ} أي تضربها بلهبها واللفح أشد تأثيرًا من النفح كما في قوله تعالى {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} أي أدنى شيء منها قاله الهروي وهذا يدل على أن العمل اليسير في الصلاة لا يفسدها (و) رأيت النار (حتى رأيت فيها صاحب المحجن) أي الذي يسرق بمحجنه إذا غفل المسروق منه فإن انتبه له أرى من نفسه أن ذلك تعلق بمحجنه من غير قصد والمحجن عصًا معوجة الرأس كالصولجان (يجر قصبه) أي أمعاءه (في النار كان) صاحب المحجن (يسرق الحاج) أي متاعه (بمحجنه) أي يجره بعصاه المعوجة (فإن فطن) بالبناء للمفعول أي فهم (له) أي لصاحب المحجن والفطنة الفهم بحذق أخص من
قَال: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي. وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ. وَحَتَّى رَأَيتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا. وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ. حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا. ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ. وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي. وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيهِ. ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ. فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ"
ــ
الفهم أي فهم صاحب المتاع وعلم بسرقته (قال) صاحب المحجن أنا ما سرقته (إنما تعلق) متاعك (بمحجني) أي بعصاي من غير قصد مني (وإن غفل عنه) بالبناء للمجهول أيضًا أي غفل صاحب المتاع عن صاحب المحجن أي عن أخذه ولم يعلم به (ذهب) صاحب المحجن (به) أي بما أخذه من المتاع ولم أر من ذكر اسمه (و) رأيت النار (حتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها) أي حبستها (فلم تطعمها) أي لم تعط لها الطعام (ولم تدعها) أي لم تتركها وتفكها عن حبسها حالة كونها (تأكل من خشاش الأرض) بفتح الخاء والشين المعجمتين وهي هوام الأرض وقيل صغار الطير ويقال بكسر الخاء وحكي عن أبي عليِّ أنه يقال بضمها وقيل لا يقال في الطير إلا بالفتح أي لم تدعها تأكل منها (حتى ماتت) الهرة (جوعًا).
(ثم جيء) إلي (بالجنة وذلكم) أي المجيء بها إليَّ (حين رأيتموني) أي وقت ما رأيتموني (تقدمت) من محل تأخري أولًا إلى قدامي (حتى قمت في مقامي) الأول (و) الله (لقد مددت) أي بسطت (يدي) اليمنى إلى قدامي لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في الأخذ والعطاء (وأنا) أي والحال أني (أريد أن أتناول) وآخذ (من ثمرها) أي من ثمر الجنة (لتنظروا إليه ثم) بعدما أردت مناولته (بدا) أي ظهر (لي أن لا أفعل) مناولته وأخذه ووقع في رواية أخرى (فقصرت يدي عنه) ووجه الجمع بينهما أنه لما تحقق أنه لا يناله بداله فيما هم به فقصرت يده عنه أي بصرفه إياها عن الأخذ ويحتمل أن يريد أنه لم تلحقه يده لأنه مدخر ليوم الجزاء اهـ من المفهم (فما من شيء توعدونه) في الآخرة من النعيم الأبدي من الوعد بخلاف ما تقدم (إلا قد رأيته في صلاتي هذه) ومقامي هذا.
وشارك المؤلف رحمه الله في رواية هذا الحديث بهذه الرواية أبو داود (1178 و 1179) والنسائي (3/ 136).
وقوله (فما من شيء توعدونه) من الوعد بخلاف ما تقدم في صفة النار فإنه من (الإيعاد كما مر) والخلف في الوعد عند العرب كذب وفي الوعيد كرم قال الشاعر:
(1984)
(873) - (12) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ الْهَمْدَانِي. حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ؛ قَالتْ: خَسَفَتِ الشمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي. فَقُلْتُ: مَا شَأنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ قَالتْ: نَعَمْ. فَأَطَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِيَامَ جِدًّا. حَتى تَجَلَّنِي الْغَشْيُ
ــ
وإني وإن أوعدته أو وعدته
…
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فقال:
(1984)
(873)(12) حدثنا محمد بن العلاء) بن كريب (الهمداني) أبو كريب الكوفي (حدثنا) عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا هشام) بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني (عن) زوجته (فاطمة) بنت المنذر بن الزبير بن العوام بنت عمه الأسدية المدنية (عن) جدتها (أسماء) بنت أبي بكر الصديق التيمية المدنية ذات النطاقين - رضي الله تعالى عنها -.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان وفيه التحديث والعنعنة ورواية تابعي عن تابعية وزوج عن زوجة وحفيدة عن جدتها.
(قالت) أسماء: (خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت على عائشة) - رضي الله تعالى عنها - في حجرتها فإذا الناس قيام في المسجد يصلون (وهي) أي عائشة قائمة (تصلي) معهم وفيه مشروعية صلاة الكسوف جماعة وصلاة النساء معهم قالت أسماء (فقلت) لعائشة (ما شأن الناس يصلون) في هذا الوقت جماعة ولو يدخل وقت الظهر لأن الوقت ضحى (فأشارت) عائشة (برأسها إلى السماء) إعلامًا لها بسبب الصلاة تعني انكسفت الشمس قالت أسماء (فقلت) لعائشة: أهي (آية) أي هذه الكسفة علامة لعذاب الناس (قالت) عائشة بالإشارة: (نعم) أي هي علامة لعذاب الناس ولفظ البخاري (فأشارت أي نعم).
قالت أسماء: (فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام) إطالة (جدًّا) أي بالغًا الغاية (حتى تجلاني) وغشاني وعلاني (الغشي) أي الغشاوة وهو معروف يحصل بطول القيام في الحر وفي غير ذلك من الأحوال أي حتى علاني وغلبني مرض قريب من
فَأَخَذْتُ قِرْبَةً مِنْ مَاءِ إلى جَنْبِي. فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي أَوْ َعَلَى وَجْهِي مِنَ الْمَاءِ. قَالتْ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ. فَخَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم النَّاسَ. فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيهِ. ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ. مَا مِنْ شَيءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيتُهُ إلا قَدْ رَأَيتُهُ في مَقَامِي هذَا
ــ
الإغماء لطول تعب القيام اهـ نواوي قال ابن الأثير: قوله: (تجلاني الغشي) أي غطاني وغشاني وأصله تجللني فأبدلت إحدى اللامات ألفًا ويجوز أن يكون معنى (تجلاني الغشي) ذهب بقوتي وصبري من الجلاء أو ظهر بي وبان عليَّ اهـ.
والغشي بفتح الغين وسكون الشين المعجمتين آخره مثناة تحتية مخففة وبكسر الشين وتشديد التحتانية مرض قريب من الإغماء (فأخذت قربة من ماء إلى جنبي) أي إلى جانبي قريبًا مني (فجعلت) أي شرعت (أصب على رأسي أو) قالت أسماء: أصب (على وجهي من الماء) ليذهب عني الغشي والشك من فاطمة أو ممن دونها وهذا يدل على أن حواسها كانت مجتمعة سليمة وإلا فالإغماء الشديد المستغرق ينقض الوضوء بالإجماع وهذا محمول على أنها لم تكثر أفعالها متوالية لأن الأفعال إذا كثرت متوالية أبطلت الصلاة اهـ نواوي.
وهو مقتضى أحد الأقوال المذكورة في تفسير العمل الكثير كما يعلم من كتب الفقه.
قال النواوي: وضبط أصحابنا القليل بما دون ثلاث خطوات متتابعات وقالوا الثلاث متتابعات تبطلها.
قال القرطبي: هذا كان منها لطول القيام وشدة الحر وكأنها رأت أن فعل مثل هذا مع شدة الحاجة يجوز لخفة ما ليس بفريضة ولأن هذا الفعل ليس من قبيل العمل الكثير الذي ينصرف به عن الصلاة كتأخر النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه في هذه الصلاة اهـ مفهم.
(قالت) أسماء: (فانصرف أي فرغ (رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة (وقد تجلت) أي والحال أنه قد تجلت وصفت وتنورت (الشمس فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فحمد الله) سبحانه وتعالى بتنزيهه من النقائص (وأثنى عليه) بوصفه بالكمالات (ثم) بعد حمد الله وثنائه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما بعد: ما من شيء) من الأشياء (لم أكن رأيته) قبل (إلاقد رأيته) رؤيا عين (في مقامي هذا)
حَتَّى الْجَنةَ وَالنَّارَ. وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِليَّ أنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في الْقُبُورِ قَرِيبا أَوْ مِثْلَ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. (لَا أَدْرِي أَيَّ ذلِكَ قَالتْ أَسْمَاءُ) فَيُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهذَا الرّجُلِ؟ فأَما الْمُؤْمِنُ أَو الْمُوقِنُ. (لَا أَدْرِي أَيَّ ذلِكَ قَالتْ أَسْمَاءُ) فَيَقُولُ: هُوَ مُحمدٌ، هُوَ رَسُولُ الله، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى. فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَأَطَعْنَا
ــ
بفتح الميم الأولى وكسر الثانية لأنه من قام الثلاثي ويصح كونه ظرف مكان أو مصدرًا (حتى) رأيت (الجنة والنار) بالنصب على أن حتى عاطفة عطفت الجنة على الضمير المنصوب في رأيته والنار معطوف عليه وبالرفع على أن حتى ابتدائية والجنة مبتدأ حذف خبره أي حتى الجنة مرئية لي والنار عطف عليه وبالجر على أن حتى جارة واستشكل في المصابيح الجر بأنه لا وجه له إلا العطف على المجرور المتقدم وهو ممتنع لما يلزم عليه من زيادة من مع المعرفة والصحيح منعه اهـ قسط (وإنه) أي إن الشأن والحال (قد أوحي إلى أنكم) أيها الناس (تفتنون في القبور) بسؤال الملكين أي تمتحنون فيها فتنًا (قريبًا) من فتنة المسيح الدجال وأخف منها (أو) قالت أسماء: تفنون فيها (مثل فتنة المسيح الدجال) قالت فاطمة (لا أدري) ولا أعلم (أي ذلك) أي: أيَّ الكلمتين (قالت أسماء) أي أقالت لفظة مثل أو لفظة قريبًا (فيؤتى أحدكم) أيها الناس في قبره (فيقال) له (ما علمك) واعتقادك مبتدأ وخبر قوله (بهذا الرجل) متعلق بعلمك والباء بمعنى (في) أي أيُّ شيء اعتقادك في هذا الرجل المبعوث إليكم أصادق أم كاذب غنى به عن نفسه صلى الله عليه وسلم ولم يقل برسول الله لأنه يصير تلقينًا لحجته أي إنما قال له الملكان السائلان: ما علمك بهذا الرجل ولم يقولا: ما علمك برسول الله صلى الله عليه وسلم امتحانًا له وإغرابًا عليه لئلا يتلقى منهما إكرام النبي صلى الله عليه وسلم ورفع مرتبته فيعظمه هو تقليدًا لهما لا اعتقادًا ولهذا يقول المؤمن: هو رسول الله ويقول المنافق: لا أدري فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
(فأما المؤمن أو) قالت أسماء: فأما (الموقن) قالت فاطمة: (لا أدري أي ذلك) أي أيَّ الكلمتين (قالت أسماء) أي لا أدري هل قالت لفظة المؤمن أو لفظة الموقن والإيقان أشد من الإيمان والشك من فاطمة بنت المنذر (فيقول هو) أي الرجل الذي سألتماني عنه اسمه (محمَّد) صلى الله عليه وسلم (هو) أي وصفه أنه (رسول الله جاءنا بالبينات) أي بالمعجزات الدالة على نبوته (والهدى) الموصل إلى المراد (فأجبنا) دعوته (وآمنا) أي صدقنا بنبوته بحذف ضمير المفعول للعلم أي قبلنا نبوته معتقدين مصدقين
ثَلاثَ مِرَارٍ. فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ. قَدْ كُنا نَعْلَمُ إنكَ لَتُؤْمِنُ بِهِ. فَنَمْ صَالِحًا. وَأَمّا الْمُنَافِقُ أَو الْمُرْتَابُ (لَا أَدْرِي أَيَّ ذلِكَ قَالتْ أَسْمَاءُ) فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي. سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيئا فَقُلْتُ".
(1985)
(0) - (0) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ. قَالتْ: أَتَيتُ عَائِشَةَ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ. وإِذَا هِيَ تُصَلِّي. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْو حَدِيثِ ابْنِ نُمَيرٍ عَنْ هِشَامٍ
ــ
(وأطعنا) أي امتثلنا أمره ونهيه بالانقياد له أي يقول المؤمن ذلك (ثلاث مرارٍ) أي ثلاث مرات (فيقال له) من جهة الملكين أي يقول الملكان للمؤمن المجيب بهذا الجواب: (نم) نومة العروس (قد كنا نعلم إنك لتومن به) أي بهذا الرجل أي قد علمنا إيمانك به (فنم) حالة كونك (صالحًا) مؤمنًا (وأما المنافق أو) قالت أسماء: (المرتاب) أي الشاك في نبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة: (لا أدري) ولا أعلم (أي ذلك) أي أيَّ الكلمتين (قالت أسماء فيقول لا أدري) ولا أعلم ما شأنه (سمعت الناس يقولون) في شأنه (شيئًا فقلت) ما قالوا ولا أدري الآن وفي هذا الحديث أحكام كثيرة من الفقه منها ما تقدم ومنها ما لم نذكره لكونها لا تخفى على المتأمل الفطن.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (148) وابن ماجه (1265).
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- المتابعة في حديث أسماء رضي الله عنها فقال:
(1985)
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) الكوفيان (قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن هشام عن فاطمة عن أسماء).
وهذا السند من خماسياته غرضه بسوقه بيان متابعة أبي أسامة لعبد الله بن نمير في رواية هذا الحديث عن هشام.
(قالت) أسماء: (أتبت عائشة) أختي (فإذا الناس قيام) أي قائمون يصلون (وإذا هي) أي عائشة (تصلي) معهم (فقلت) لها: إما شأن الناس) قائمين مصلين (واقتص) أبو أسامة أي ذكر (الحديث) السابق (بنحو حديث) عبد الله (بن نمير) أي بقريبه في اللفظ والمعنى الذي رواه عبد الله (عن هشام) بن عروة. اهـ.
(00)
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ. قَال: لَا تَقُلْ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ. وَلكِنْ قُلْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ
ــ
وقد فصل المؤلف رحمه الله بين روايات حديث أسماء بأثر عروة بن الزبير على سبيل الاستطراد لأحاديث الباب فقال:
(00)
(أخبرنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا سفيان بن عيينة) الكوفي (عن) محمَّد بن مسلم (الزهريّ عن عروة قال) عروة: (لا تقل: كسفت الشمس) بالكاف (ولكن قل: خسفت الشمس) بالخاء وهذا قول انفرد به عروة لم يقله غيره كما في النواوي والقول المشهور عندهم أن الخسوت والكسوف كلاهما بمعنى واحد سواء أضيفا إلى الشمس أو إلى القمر فمعنى المادتين واحد وهو استتار نورهما بعارض مخصوص يقال: كسفت الشمس وخسف القمر وبالعكس وانكسف القمر وانخسفت الشمس وبالعكس وقيل: بالكاف للشمس وبالخاء للقمر وما قاله عروة قول شاذ لا اعتداد به وغرض المؤلف بذكره بيان شذوذه وانفراد عروة به ولو أسقطه المؤلف لكان أولى لأنه ليس بحديث.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان:
الأول حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين.
والثاني حديث أسماء ذكره للاستدلال به على الجزء الخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
***