الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
405 - (23) باب في تكفين الميت وتسجيته والأمر بتحسين الكفن
(2057)
(903) - (43) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)(قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ) عَنِ الأعمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأرتِّ. قَال: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللهِ. نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ. فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ. فَمِنا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيئًا
ــ
405 -
(23) باب في تكفين الميت وتسجيته والأمر بتحسين الكفن
(2057)
(953)(43)(وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (وأبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (ومحمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (واللفظ) الآتي (ليحيى) بن يحيى (قال يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم التميمي الكوفي (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن شقيق) بن سلمة الأسدي الكوفي (عن خباب بن الأرت) بن جندلة بن سعد التميمي حليف بني زهرة أبي عبد الله الكوفي رضي الله تعالى عنه من السابقين إلى الإسلام.
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى.
(قال) خباب: (هاجرنا) أي تحولنا من مكة وطننا إلى المدينة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد بالمعية الاشتراك في حكم الهجرة إذ لم يكن معه صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعامر بن فهيرة (في سبيل الله) أي في دين الله سبحانه وتعالى وطلب رضاه أي لأجل ذلك لا لغرض من أغراض الدنيا وقوله: (نبتغي) ونطلب به (وجه الله) أي رضاه سبحانه تفسيرًا لما قبله (فوجب أجرنا على الله) وجوبًا شرعيًّا بمقتضى إنجاز وعده الصدق لا عقليًّا إذ لا يجب على الله شيء أي ثبت أجرنا وثوابنا عليه بمقتضى وعده (فمنا) أي فمن المهاجرين معه (من مضى) وذهب إلى الآخرة أي مات حالة كونه (لم يأكل) أي لم يأخذ (من أجره) من الغنائم التي تناولها من أدرك زمن الفتوح (شيئًا) بل قصر نفسه عن شهواتها لينالها متوفرة في الآخرة قال النواوي: معناه لم يوسع عليه الدنيا ولم يعجل له من جزاء عمله شيء.
مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيرٍ. قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ. فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيءٌ يُكَفنُ فِيهِ إلا نَمِرَةٌ -أَي فُوطَةٌ- فَكُنا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأسِهِ، خَرَجَتْ رِجْلاهُ. وَإذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيهِ، خَرَجَ رَأْسُهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ. وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيهِ الإِذْخِرَ" وَمِنَّا مَنْ أَينَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ، فَهُوَ يَهْدُبُهَا
ــ
(منهم مصعب بن عمير) بضم العين وفتح الميم مصغرًا بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي (قتل يوم أحد) شهيدًا قتله عبد الله بن قميئة وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ والجملة مستأنفة (فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة) بفتح النون وكسر الميم ثم راء إزار من صوف أو بردة وقال في القاموس: النمرة شملة أي فوطة فيها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف تلبسها الأعراب (فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه) منها لقصرها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوها) أي اجعلوها (مما) أي على ما (يلي رأسه) من جسده (واجعلوا على رجليه الإذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء المعجمة والراء نبت حجازي طيب الرائحة (قلت): ليس مخصوصًا بالحجاز ينبت في السهول والحزون إذا جف أبيض كذا في العمدة قال ابن بطال: فيه أن الثوب إذا ضاق فتغطية رأس الميت أولى من رجليه لأنه أفضل اهـ.
قال المهلب: وإنما استحب لهم النبي صلى الله عليه وسلم التكفين في تلك الثياب التي ليست سابغة لأنهم قتلوا فيها اهـ.
وفي هذا الجزم نظر بل الظاهر أنه لم يجد لهم غيرها كذا في الفتح.
قال العيني: والتكفين في الثوب الواحد كفن الضرورة وحالة الضرورة مستثناة في الشرع وفي المبسوط: ولو كفنوه في ثوب واحد فقد أساءوا لأن في حياته تجوز صلاته في إزار واحد مع الكراهة فكذا بعد الموت إلا عند الضرورة بأن لم يوجد غيره ومسألة حمزة ومصعب من باب الضرورة اهـ من الملهم.
(ومنا من أينعت) بفتح الهمزة وسكون المثناة التحتيّة وفتح النون أي أدركت ونضجت يقال ينع الثمر وأينع ينعًا وينوعًا فهو يانع وفي بعض الروايات: (ينعت) بغير ألف فهي لغة فيه قال القزاز: وأينعت أكثر أي نضجت (له ثمرته) واستحقت القطف (فهو يهدبها) بفتح التحتانية وسكون الهاء وتثليث الدال بعدها موحدة أي يقطفها ويجنيها وهذا استعارة لما فتح عليهم من الدنيا اهـ نواوي.
(2058)
(0)(0) وحدّثنا عُثْمَانُ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
ــ
وفي الحديث بيان فضيلة مصعب بن عمير وأنه ممن لم ينقص له من ثواب الآخرة شيء قال ابن بطال: وفيه أيضًا ما كان عليه السلف من الصدق في وصف أحوالهم وفيه أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار ثم قال: ليس في حديث خباب تفضيل الفقير على الغني وإنما فيه أن هجرتهم لم تكن لدنيا يصيبونها ولا نعمة يتعجلونها وإنما كانت لله خالصة ليثيبهم عليها في الآخرة فمن مات منهم قبل فتح البلاد توفر له ثوابه ومن بقى حتى نال من طيبات الدنيا خشي أن يكون عجل لهم أجر طاعتهم وكانوا على نعيم الآخرة أحرص اهـ منه.
قال النواوي: في قوله (فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة) دليل على أن الكفن من رأس المال وأنه مقدم على الديون لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتكفينه في نمرته ولم يسأل هل عليه دين مستغرق أم لا ولا يبعد من حال من لم يكن عنده إلا نمرة أن يكون عليه دين واستثنى أصحابنا من الديون الدين المتعلق بعين المال فيقدم على الكفن وذلك كالعبد والجاني والمرهون والمال الذي تعلقت به زكاة أو حق بائعه بالرجوع بإفلاس ونحو ذلك وفي قوله: (واجعلوا على رجليه من الإذخر) دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقص مما يلي الرجلين وستر الرأس فإن ضاق عن ذلك سترت العورة فإن فضل شيء جعل فوقها فإن ضاق عن العورة سترت العورتان لأنهما أهم وهما الأصل في العورة ويستدل به أيضًا على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن (فإن قيل) لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله: (لم يوجد له غيرها) فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملك الميت إلا نمرة ولو كان ستر جميع البدن واجبًا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه إن لم يكن له قريب تلزمه نفقته فإن كان وجب عليه فإن قيل: كانوا عاجزين عن ذلك لأن القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدو فجوابه أن يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ نواوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (1276) وأبو داود (2876) والترمذي (3852) والنسائي (4/ 38).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث خباب رضي الله عنه فقال:
(2058)
(0)(0)(وحدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا جرير) بن
ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ، عَنِ الأعمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
(2059)
(904) - (44) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ
ــ
عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ثقة من (8)(ح وحدثنا إسحاق بن إبراهبم) بن راهويه الحنظلي المروزي (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي (ح وحدثنا منجاب بن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي) الكوفي ثقة من (10)(أخبرنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي ثقة من (8)(ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (جميعًا) أي كلاهما رويا (عن ابن عيينة) ولعل تقديم جميعًا على ابن عيينة تحريف من النساخ والصواب تأخيره عنه بان يقال: (وابن أبي عمر عن ابن عيينة جميعًا) أي كل من هؤلاء المذكورين من جرير وعيسى وعلي بن مسهر وابن عيينة.
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن شقيق عن خباب (نحوه) أي نحو ما حدث أبو معاوية عن الأعمش غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الأربعة لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن الأعمش.
قال القرطبي: وقد يستدل بهذا الحديث على أن الكفن من رأس المال وهو قول عامة علماء الأمة إلا ما حكى عن طاوس أنه من الثلث إن كان المال قليلًا وإلا ما حكى عن بعض السلف أنه من الثلث على الإطلاق ولم يتابعا على هاتين المقالتين وفيه أن الكفن إذا ضاق عن الميت كانت تغطية وجهه ورأسه أولى إكرامًا للوجه وسترًا لما يظهر عليه من تغير محاسنه وإن ضاق عن الوجه والعورة بدئ ستر العورة وتكفين الميت المسلم واجب عند العلماء فإن كان له مال فمن رأس ماله على ما تقدم وإن لم يكن له مال فمن بيت المال أو على جماعة المسلمين واختلف أصحابنا هل يلزم ذلك من كان تلزمه نفقته في حياته أم لا والوتر في الكفن مستحب عند كافة العلماء وكلهم مجمعون على أنه ليس فيه حد واجب اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث خباب بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2059)
(904)(44)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو بكر بن أبي شيبة)
وَأَبُو كُرَيبٍ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيى)(قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، مِنْ كُرْسُفٍ. لَيسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ. أَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ
ــ
الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (واللفظ) الآتي (ليحيى) بن يحيى (قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير الكوفي (عن هشام بن عروة) الأسدي المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير المدني (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو مروزي وكوفي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي (قالت) عائشة: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية) بضم السين نسبة إلى سحول بضم السين جمع سحل وهو الثوب الأبيض أي في ثلاثة أثواب بيض نقية أو بفتح السين نسبة إلى سحول بفتحهما قرية باليمن تجلب منها هذه الثياب وعلى الأول فسحولية صفة ثانية لأثواب مؤكدة لبيض وعلى الثاني صفة ثانية مؤسسة لأثواب وقوله (من كرسف) أي كائنة من قطن صفة ثالثة مؤسسة أي في ثلاثة أثواب لفائف بيض نقية كائنة من قطن والكرسف بضم الكاف والسين بينهما راء ساكنة القطن وقوله (ليس فيها قميص ولا عمامة) يحتمل نفي وجودهما بالكلية ويحتمل نفي كونهما معدودين من الثلاثة أي الثلاثة خارجة عن القميص والعمامة وبه قال الشافعي وبالثاني قال المالكية نعم يجوز التقميص عند الشافعي من غير استحباب لأن ابن عمر كفن ابنًا له في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاثة لفائف رواه البيهقي قال في المهذب وشرحه والأفضل أن لا يكون في الكفن قميص ولا عمامة وإن كان لم يكره لكنه خلاف الأولى لخبر عائشة المذكور اهـ من الإرشاد.
والمعنى لم يكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميص ولا عمامة وإنما كفن في ثلاثة أثواب غيرهما ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر اهـ نواوي.
(أما الحلة) قال ابن الأثير: الحلة واحدة الحلل وهي برود اليمن ولا تسمى حلة إلا إذا كانت ثوبين من جنس واحد إزارًا ورداء أي وأما الحلة التي زعموا أنه صلى الله عليه وسلم كفن فيها (فـ) ـأنه لم يكفن (إنما شبه) بالبناء للمفعول مع تشديد الباء
عَلَى النَّاسِ فِيهَا، أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا. فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ. وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ. فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. فَقَال: لأحبِسَنَّهَا حَتَّى أُكَفِّنَ فِيهَا نَفْسِي. ثُمَّ قَال: لَوْ رَضِيَهَا اللهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا. فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا.
(2060)
(0)(0) وحدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. أَخْبَرَنَا عَلِي بْنُ مُسْهِرٍ
ــ
الموحدة أي اشتبه والتبس (على الناس) أمر (فيها) أي في الحلة لـ (ـأنها اشتريت له) صلى الله عليه وسلم اشتراها عبد الله بن أبي بكر الصديق (ليكفن فيها فتركت الحلة و) لم يكفن فيها بل (كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية فأخذها عبد الله بن أبي بكر فقال) عبد الله: (لأحبسنها) وأدخرنّها عندي (حتى أكفن) أي كي أكفن (فيها نفسي) إذا مت أي ليكفنوني فيها إذا مت (ثم قال) عبد الله: (لو رضيها الله عز وجل أي لو رضي الله تعالى وأراد التكفين بها (لنبيه) صلى الله عليه وسلم (لكفنه) أي لكفن الله تعالى نبيه (فيها) ولكن لم يرد تكفينه فيها (فباعها) عبد الله (وتصدق بثمنها) على المحاويج وقال الترمذي: وقد روى في كفن النبي صلى الله عليه وسلم روايات مختلفة وحديث عائشة أصح الروايات التي رويت في كفن النبي صلى الله عليه وسلم والعمل على حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انتهى.
وهذا الحديث يدل على استحباب البياض في الكفن وقد قال صلى الله عليه وسلم (إن من خير ثيابكم البياض فكفنوا فيها موتاكم) والكفن في غيره جائز ومن أطلق عليه أنه مكروه فمعناه أن البياض أولى واختلف قول مالك في المعصفر فمرة كرهه لأنه مصبوغ يتجمل به وليس بموضع تجمل وأجازه أخرى لأنه من الطيب ولكثرة لباس العرب له وقد كره مالك وعامة العلماء التكفين في ثياب الحرير للرجال والنساء وأجازه ابن حبيب للنساء خاصة اهـ من المفهم وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 40 و 231) والبخاري (1271) وأبو داود (3151) والترمذي (969) والنسائي (4/ 35) وابن ماجه (1469).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
(2060)
(0)(0)(وحدثني علي بن حجر) بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي ثقة من (9)(أخبرنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (8)
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: أُدْرِجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ يَمَنِيةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ. وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَاب سُحُولٍ يَمَانِيَةٍ. لَيسَ فِيهَا عِمَامَةٌ وَلَا قَمِيصٌ. فَرَفَعَ عَبْدُ اللهِ الْحُلَّةَ فَقَال: أُكَفَّنُ فِيهَا. ثُمَّ قَال: لَمْ يُكَفَّنْ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأُكَفَّنُ فِيهَا! فَتَصَدَّقَ بِهَا
ــ
(حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) رضي الله تعالى عنها غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة علي بن مسهر لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن هشام بن عروة (قالت) عائشة: (أدرج) بالبناء للمفعول أي أدخل (رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية) بفتح أوله منسوبة إلى اليمن اختلف رواة مسلم في هذه اللفظة فعند العذري: (يمنية) بلا ألف مع فتح أوله منسوبة إلى اليمن وعند الصدفي: (يمانية) بفتح أوله أيضًا مع إثبات الألف أي منسوبة إلى اليمن أيضًا وعند الفارسي (يمنة) بضم الياء وإسكان الميم وفتح النون وبحذف التنوين من حلة وإضافتها إلى يمنة قال الخليل هي ضرب من برود اليمن أي أدخل في حلة يمنية (كانت لعبد الله بن أبي بكر) الصديق وهو عبد الله بن عبد الله بن عثمان وهو شقيق أسماء بنت أبي بكر ذكره ابن حبان في الصحابة وقال: مات قبل أبيه وثبت ذكره في البخاري في قصة الهجرة عن عائشة قالت: وكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بأخبار قريش وهو غلام شاب فطن فكان يبيت عندهما ويخرج من السحر فيصبح مع قريش اهـ من الإصابة (ثم نزعت) تلك الحلة وأخذت (عنه) صلى الله عليه وسلم (وكفن في ثلاثة أثوابٍ) بالتنوين (سحولٍ) بالتنوين أيضًا صفة لأثواب وهو بضم المهملتين آخره لام أي بيض وهو جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي ولا يكون إلا من قطن كذا في الفتح (يمانيةٍ) صفة ثانية لها أي منسوبة إلى اليمن وهو بتخفيف الياء مع الألف على اللغة المشهورة (ليس فيها) أي في تلك الثلاثة (عمامة ولا قميص) معناه لم يكفن في قميص ولا عمامة كما مر (فرفع عبد الله) بن أبي بكر (الحلة) وأخذها لأنه اشتراها ليكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تركوها أخذها (فقال) عبد الله: (أكفن) بالبناء للمفعول أي أكفن (فيها) إن شاء الله تعالى لأنها مست جسده الشريف (ثم قال) عبد الله: (لم يكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركت (و) كيف (أكفن فيها) فباعها (فتصدق بها) أي بثمنها.
(2061)
(0)(0) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ عُيَينَةَ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَعَبْدَةُ وَوَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَيسَ فِي حَدِيثِهِمْ قِصَّةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
(2062)
(0)(0) وحدّثني ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ
ــ
واختلف في القميص الذي غسل فيه النبي صلى الله عليه وسلم الذي نهوا عن نزعه كما ذكر ابن عبد البر فقال بعض العلماء إنه نزع عنه حين كفن وستر بالأكفان لأنه كان مبلولًا ولا يتفق تكفينه فيه ذكره القرطبي في المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
(2061)
(0)(0)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي ثقة من (8)(و) سفيان (بن عيينة) الهلالي الكوفي ثقة حجة من (8)(و) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي ثقة من (8)(وعبدة) بن سليمان الكلابي الكوفي ثقة من (8)(ووكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي ثقة من (9)(ح وحدثناه يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي المدني (كلهم) أي كل من هؤلاء المذكورين من حفص ومن بعده في السند الأول وعبد العزيز بن محمد في السند الثاني رووا (عن هشام) بن عروة (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن عائشة مثل ما روى علي بن مسهر عن هشام غرضه بسوقها بيان متابعة هؤلاء المذكورين لعلي بن مسهر (و) لكن (ليس في حديثهم قصة عبد الله بن أبي بكر) الصديق.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديثهما فقال:
(2062)
(0)(0)(وحدثني) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا عبد العزيز) بن محمد الدراوردي المدني (عن يزيد) بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي مولاهم أبي عبد الله المدني ثقة من (5)(عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد بن صخر القرشي التيمي أبي عبد الله المدني ثقة من (4)(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة من (3)(أنه) أي أن أبا سلمة (قال: سألت عائشة زوج
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لَهَا: فِي كَمْ كفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالتْ: كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَاب سَحُولِيَّةٍ.
(2063)
(905) - (55) وحدّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَحَسَنٌ الْحُلوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ (قَال عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ). حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزهري أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ أَخبَرَهُ؛ أَن عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالتْ: سُجِّيَ
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم مدنيون إلا ابن عمر فإنه مكي غرضه بسوقه بيان متابعة أبي سلمة لعروة بن الزبير في رواية هذا الحديث عن عائشة (فقلت لها) أي لعائشة: (في كم) من الأثواب (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت) عائشة: (كفن) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في ثلاثة أثوابٍ) أي في ثلاثة لفائف (سحوليةٍ) قال الأزهري: بالفتح ناحية من اليمن تعمل فيها الثياب وبالضم الثياب البيض وقيل بالفتح نسبة إلى قرية باليمن وبالضم ثياب القطن وفي المغرب للمطرزي: نسبة إلى سحول قرية باليمن بالفتح والضم اهـ من فتح الملهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى للجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لعائشة رضي الله عنها فقال:
(2063)
(905)(55)(وحدثنا زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (وحسن) بن علي بن محمد بن علي الهذلي (الحلواني) الخلال أبو علي المكي (وعبد بن حميد) الكسي (قال عبد) بن حميد: (أخبرني وقال الآخران: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ثقة من صغار (9)(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري أبو إسحاق المدني ثقة من (8)(عن صالح) بن كيسان المدني أبي محمد الغفاري مولاهم ثقة من (4)(عن) محمد بن مسلم (بن شهاب الزهري) أبي بكر المدني ثقة متقن حافظ من (4)(أن أبا سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (أخبره) أي أخبر لابن شهاب (أن عائشة أم المومنين) رضي الله تعالى عنها وهذا السند من سباعياته رجاله ستة منهم مدنيون وواحد إما نسائي أو مكي أو كسي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي (قالت: سجي) بالبناء للمجهول من
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ.
(2064)
(0)(0) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قَال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ. أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ، كِلاهُما عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ، سَوَاءً
ــ
التسجية بمعنى التغطية أي غطي وستر (رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات) قبل غسله أي غطى جميع بدنه (بثوب حبرة) بالإضافة أي بثوب من حبرة وحبرة ضرب من برود اليمن قال القاضي عياض: مضى العمل على تسجية الميت وتغطية وجهه لتغير حاله بالموت فحكمته صيانته عن الانكشاف وستر عورته المتغيرة عن الأعين والحبرة بكسر الحاء وفتح الباء الموحدة هي ضرب من برود اليمن اهـ.
وفي الحديث استحباب تسجية الميت قال أصحابنا: ويلف طرف الثوب المسجى به تحت رأسه وطرفه الآخر تحت رجليه لئلا ينكشف عنه قالوا تكون التسجية بعد نزع ثيابه التي توفي فيها لئلا يتغير بدنه بسببها اهـ نواوي وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 153 و 269) والبخاري (5814) وأبو داود (3120).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
(2064)
(0)(0)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعبد بن حميد) الكسي (قالا: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني ثقة من (9)(قال) عبد الرزاق: (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري ثقة من (7)(ح وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمد السمرقندي ثقة متقن من (11)(أخبرنا أبو اليمان) الحكم بن نافع القضاعي الحمصي ثقة من (10)(أخبرنا شعيب) بن أبي حمزة دينار الأموي مولاهم أبو بشر الحمصي ثقة من (7)(كلاهما) أي كل من معمر وشعيب رويا (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن عائشة مثل ما روى صالح بن كيسان عن الزهري حالة كون كل من الحديثين (سواء) أي متساويين في اللفظ والمعنى فهو تأكيد لمعنى المماثلة المفهومة من المقام غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة معمر وشعيب لصالح بن كيسان.
ثم استدل المؤلف على تحسين الكفن بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال: