المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌411 - (29) باب اللحد ونصب اللبن على الميت وجعل القطيفة تحته والأمر بتسوية القبور والنهي عن تجصيصها والجلوس عليها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الاستسقاء

- ‌383 - (1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء وكيفية العمل فيها

- ‌384 - (2) باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء والإشارة إلى السماء بظهر كفيه

- ‌385 - (3) - باب الدعاء في الاستسقاء في المسجد بغير صلاة

- ‌386 - (4) باب التبرك بالمطر والفرح به والتعوذ عند الريح والغيم وما ورد في الصبا والدبور

- ‌أبواب الكسوف

- ‌387 - (5) - باب كيفية العمل في صلاة الكسوف وأن فيها ركوعين في كل ركعة

- ‌388 - (6) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌389 - (7) باب: ذكر عذاب القبر في صلاة الخسوف

- ‌389 - (7) باب التعوذ من عذاب القبر في صلاة الخسوف

- ‌390 - (8) باب ماعرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار

- ‌391 - (9) باب فزع النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف

- ‌392 - (10) باب مشروعية صلاة الكسوف جماعة

- ‌393 - (11) باب ما جاء أنه يركع في كل ركعة أربع ركعاتٍ

- ‌394 - (12) - باب النداء في الكسوف بالصلاة جامعة

- ‌395 - (13) باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته

- ‌396 - (14) باب الفزع إلى الذكر والدعاء والاستغفار عند الكسوف

- ‌397 - (15) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌398 - (16) باب الأمر بصلاة الكسوف على الإطلاق

- ‌أبواب الجنائز

- ‌399 - (17) باب تلقين الموتى وما يقال عند المصيبة وعند حضور المرضى والموتى

- ‌400 - (18) باب: إغماض الميت والدعاء له، وشخوص بصره عند الموت

- ‌401 - (19) - باب: البكاء على الميت وعيادة المرضى والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌402 - (20) باب ما جاء أن الميت يعذب ببكاء الحي عليه

- ‌403 - (21) باب ما جاء في النياحة واتباع النساء الجنائز

- ‌404 - (22) باب الأمر بغسل الميت وبيان كيفيته

- ‌405 - (23) باب في تكفين الميت وتسجيته والأمر بتحسين الكفن

- ‌(بشارة عظيمة حصلت لي في هذا المكان)

- ‌406 - (24) باب الإسراع بالجنازة وفضل الصلاة عليها واتباعها

- ‌407 - (25) باب الاستشفاع للميت وأن الثناء عليه شهادة له وأنه مستريحٌ ومستراحٌ منه

- ‌408 - (26) باب كم يكبر على الميت والصلاة على الغائب والصلاة على القبر

- ‌409 - (27) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌410 - (28) باب الدعاء للميت في الصلاة وأين يقوم الإمام من المرأة وركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌411 - (29) باب اللحد ونصب اللبن على الميت وجعل القطيفة تحته والأمر بتسوية القبور والنهي عن تجصيصها والجلوس عليها

- ‌412 - (30) باب الصلاة على الجنازة في المسجد وزيارة القبور وما يقال فيها

- ‌413 - (31) باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه والنهي عن زيارة القبور ثم الترخيص فيها وترك الصلاة على قاتل نفسه

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌414 - (32) باب ما تجب فيه الزكاة وبيان نصبه ومقدار ما يخرج منها

- ‌415 - (23) باب لا زكاة فيما اتخذ للقنية وتقديم الزكاة وتحملها عمن وجبت عليه

- ‌416 - (34) باب الأمر بزكاة الفطر وبيان من تخرج عنه وما تخرج منه ومتى تخرج

- ‌417 - (35) باب وجوب الزكاة في الذهب والبقر والغنم وإثم مانع الزكاة

- ‌418 - (36) باب إرضاء السعاة وتغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة

- ‌419 - (37) باب الترغيب في الصدقة والاعتناء بالدين وذم المكثرين وأن صاحب الكبائر يدخل الجنة إلا الشرك

- ‌420 - (38) باب التغليظ على الكنازين وتبشير المنفق بالخلف

- ‌421 - (39) باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم والابتداء في الإنفاق بالنفس ثم الأهل ثم ذوي القرابة

الفصل: ‌411 - (29) باب اللحد ونصب اللبن على الميت وجعل القطيفة تحته والأمر بتسوية القبور والنهي عن تجصيصها والجلوس عليها

‌411 - (29) باب اللحد ونصب اللبن على الميت وجعل القطيفة تحته والأمر بتسوية القبور والنهي عن تجصيصها والجلوس عليها

(2120)

(929) - (79) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمِسْوَرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ أَن سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقاصٍ قَال في مَرَضِهِ الذِي هَلَكَ فِيهِ: الْحَدُوا لِي لَحْدًا. وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنَ نَصْبًا. كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

411 -

(29) باب اللحد ونصب اللبن على الميت وجعل القطيفة تحته والأمر بتسوية القبور والنهي عن تجصيصها والجلوس عليها

(2120)

(929)(79)(حدثنا يحيى بن يحيى) النيسابوري (أخبرنا عبد الله بن جعفر) بن عبد الرحمن بن المسور الزهري المخرمي بفتح الميم (المسوري) أبو محمد المدني وثقه العجلي وقال في التقريب: لا بأس به من (8)(عن إسماعيل بن محمد بن سعد) بن أبي وقاص الزهري أبي محمد المدني وثقه ابن معين والعجلي وقال في التقريب: ثقة حجة من (4)(عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني ثقة من (3)(أن سعد بن أبي وقاص) مالك بن أهيب الزهري المدني رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم زهريون مدنيون إلا يحيى بن يحيى (قال) سعد (في مرضه الذي هلك) ومات (فيه) أي منه وذكر الموت بلفظة الهلاك في لغة العرب غير مقصور في موضع الذم: (الحدوا لي لحدًا) لا شقًا أي إذا مت فاحفروا لي لحدًا وادفنوني فيه وقوله: (الحدوا) بوصل الهمزة وفتح الحاء ويجوز بقطع الهمزة وكسر الحاء قاله النواوي واللحد هو ما يحفر أسفل جانب القبر القبلي أو غيره (وانصبوا عليَّ) أي على فتحة لحدي (اللبن) وهو ما يضرب من الطين مربعًا للبناء به واحدتها لبنة ككلمة وكلم أي ضعوا على فتحة لحدي اللبن (نصبًا) أي وضعًا أي سدوها باللبن لئلا يصل إلى تراب القبر واصنعوا بي (كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم عند دفنه وهذا تأكيد لما قبله وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (1/ 184) والنسائي (4/ 80) وابن ماجه (1556).

قال القرطبي: (قوله: الحدوا لي لحدًا) واللحد هو أن يشق في الأرض ثم يحفر قبر آخر في جانب الشق من جهة القبلة يدخل فيه الميت ويسد عليه باللبن وهو أفضل

ص: 250

(2121)

(930) - (80) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وَوَكِيعٌ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛

ــ

عندنا من الشق وكل واحد منهما جائز غير أن الذي اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هو اللحد وذلك أنه لما أراد الصحابة أن يحفروا للنبي صلى الله عليه وسلم اشتوروا في ذلك وكان في المدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر لا يلحد فقالت الصحابة: اللهم اختر لنبيك فجاء الذي يلحد أولًا فلحدوا اشتوارهم في ذلك وتوقفهم يدل على أنه لم يكن عندهم في أفضلية أحدهما من النبي صلى الله عليه وسلم تعيين ولذلك رجعوا إلى الدعاء في تعيين الأفضل وفيه استحباب اللحد ونصب اللبن وأنه فعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقد نقلوا أن عدد لبناته صلى الله عليه وسلم تسع اهـ نواوي ولم يقع في كتاب مسلم ذكر غسله صلى الله عليه وسلم ولا الصلاة عليه وقد ذكر في غيره فأما غسله صلى الله عليه وسلم فغسل في قميصه وذلك أنهم أرادوا أن ينزعوا قميصه ليغسلوه فسمعوا قائلًا يقول: لا تنزعوا القميص كما ذكره مالك في الموطإ بلفظ بلاغًا (2/ 231) وأما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فصلى الناس عليه أفواجًا الرجال النساء والصبيان من غير إمام صلوا فوجًا بعد فوج على ما ذكره أهل السير واختلف في سبب ذلك على أقوال فقيل: لأنهم لم يكن لهم إمام وهذا خطأ لأن إمامة الفريضة لم تتعطل ولأن البيعة لأبي بكر تمت قبل دفنه وهو إمام الناس وقيل: بل صلى عليه كذلك ليأخذ كل من الناس بنصيبه من الأجر والفضل ومات النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأخر إلى يوم الثلاثاء لأنهم اشتغلوا بأمر الإمامة لأنهم خافوا ثوران فتنة اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

(2121)

(930)(80)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا وكيع) ابن الجراح الرؤاسي الكوفي (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا) محمد بن جعفر (غندر) الهذلي البصري (ووكيع جميعًا عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى واللفظ له قال: حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري (حدثنا شعبة حدثنا أبو جمرة) نصر بن

ص: 251

قَال: جُعِلَ في قَبْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَطِيفَة حَمْرَاءُ.

قَال مُسْلِمٌ: أَبُو جَمْرَةَ اسْمُهُ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ. وَأَبُو التَّيَّاحِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ حُمَيدٍ. مَاتَا بِسَرَخْسَ.

(2122)

(931) - (81) وحدَّثني أَبُو الطاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا

ــ

عمران بن عصام الضبعي البصري (عن ابن عباس) رضي الله عنهما.

وهذه الأسانيد كلها من خماسياته الأول منها رجاله اثنان بصريان وواحد طائفي وواحد كوفي وواحد نيسابوري والثاني منها ثلاثة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد كوفي أو بصريان وكوفيان والثالث منها أربعة بصريون وواحد طائفي. (قال) ابن عباس: (جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة) كساء له خمل (حمراء قال مسلم) على سبيل التجريد أو بعض رواته (أبو جمرة اسمه نصر بن عمران وأبو التياح) ولكن لا ذكر له هنا (اسمه يزيد بن حميد ماتا بسرخس) مدينة معروفة بخراسان.

إنما ذكره مسلم مع أبي جمرة لاشتراكهما في أشياء قل أن يشترك فيها اثنان من العلماء فإنهما جميعًا ضبعيان بصريان تابعيان ثقتان ماتا بسرخس في سنة واحدة (128) ثمان وعشرين ومائة أفاده النواوي وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي (1048) والنسائي (4/ 81) وهذه القطيفة كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها فلما مات اختلف في أخذها علي وعباس وتنازعا فيها فأخذها شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها في القبر وقال: والله لا يلبسها أحد بعده أبدًا وقيل: إنما جعلت في قبره لأن المدينة سبخة والله تعالى أعلم.

وقد نص الشافعي وجميع أصحابنا وغيرهم من العلماء على كراهة وضع قطيفة أو مضربة أو مخدة ونحو ذلك تحت الميت في القبر وشذ عنهم البغوي من أصحابنا فقال في كتابه التهذيب: لا بأس بذلك لهذا الحديث والصواب كراهته كما قاله الجمهور وأجابوا عن هذا الحديث بأن شقران انفرد بفعل ذلك لم يوافقه غيره من الصحابة ولا علموا ذلك وإنما فعله شقران لما ذكرناه عنه من كراهته أن يلبسها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم اهـ نواوي.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه فقال:

(2122)

(931)(81)(وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو) المصري (حدثنا)

ص: 252

ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. ح وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدِ الأيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ (في رِوَايَةِ أَبِي الطَاهِرِ) أن أَبَا عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَهُ. (وَفِي رِوَايَةِ هَارُونَ)؛ أن ثُمَامَةَ بْنَ شُفَيٍّ حَدَّثَهُ. قَال: كُنَّا مَعَ فَضَالةَ بْنِ عُبَيدِ بِأرْضِ الرُّومِ. بِرُودِسَ. فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا. فَأَمَرَ فَضَالةُ بْنُ عُبَيدٍ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ. ثُمَّ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِتَسْويَتِهَا

ــ

عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري (ح وحدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر (حدثنا ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث في رواية أبي الطاهر: أن أبا علي) ثمامة بن شفي بضم المعجمة وفتح الفاء وتشديد التحتانية (الهمداني) المصري (حدثه) أي حدث عمرًا (وفي رواية هارون: أن ثمامة بن شفي) بذكر اسمه روى عن فضالة بن عبيد في الجنائز وعقبة بن عامر في الجهاد وجماعة ويروي عنه (م س ق) وعمرو بن الحارث وابن إسحاق وعدة وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات قال ابن يونس: توفي قبل العشرين ومائة (120)(حدثه) أي حدث لعمرو بن الحارث (قال) ثمامة بن شفي: (كنا مع فضالة بن عبيد) بن نافذ بن قيس الأنصاري الأوسي أبي محمد الدمشقي الصحابي المشهور رضي الله عنه له (50) خمسون حديثًا انفرد له (م) بحديثين ويروي عنه (م عم) وأبو علي الهمداني في الجنائز وعلي بن رباح في البيوع وحنش الصنعاني مات في عهد معاوية بدمشق سنة (58) ثمان وخمسين وقيل قبلها.

وهذان السندان من خماسياته رجالهما أربعة منهم مصريون وواحد دمشقي.

(بأرض الروم برودس) بضم الراء وسكون الواو ثم دال مكسورة ثم سين مهملة وقيل بفتح الراء وقيل بفتح الدال وقيل بالشين المعجمة وهي جزيرة معروفة بأرض الروم تجاه الإسكندرية قال أبو علي: (فتوفي صاحب لنا) أي رفيق لنا (فأمر فضالة بن عبيد) بالرفع على الفاعلية (بقبره) أي بتسوية قبر ذلك الصاحب وطمسه وعدم رفعه (فسوي) قبره بالأرض ولم يرفع (ثم قال) فضالة بن عبيد: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها) أي بتسوية القبور وعدم رفعها على الأرض ومعنى التسوية أن لا يعلو بناؤها ولا يرتفع كما كانت قبور المشركين بل تكون لاصقة بالأرض ثم تسنم ليعرف أنه قبر وجاء أن عمر هدمها وقال: ينبغي أن تُسَوَّى تسوية تسنيم وهو معنى قول الشافعي:

ص: 253

(2123)

(932) - (82) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ) عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الأسَدِيِّ. قَال: قَال لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: ألا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَن لَا تَدَعَ تِمْثَالا إِلَّا

ــ

تسطح ولا تبنى ولا ترفع بل تكون على وجه الأرض نحوًا من شبر اهـ من الأبي.

قال النواوي: وفيه أن السنة أن القبر لا يرفع على الأرض رفعًا كثيرًا ولا يسنم بل يرفع نحوًا من شبر ويسطح وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه ونقل القاضي عن أكثر العلماء أن الأفضل عندهم تسنيمها هو مذهب مالك اهـ منه وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود (3219) والنسائي (4/ 88).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث فضالة بحديث علي رضي الله عنهما فقال:

(2123)

(932)(82)(حدثنا يحيى بن يحيى) النيسابوري (وأبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وزهير بن حرب) الحرشي النسائي (قال يحيى أخبرنا وقال الآخران: حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن حبيب بن أبي ثابت) قيس الأسدي الكوفي ثقة من (3)(عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم (عن أبي الهياج الأسدي) حيان بن حصين الكوفي روى عن علي بن أبي طالب في الجنائز وعمر ويروي عنه (م د ت س) وأبو وائل والشعبي وابناه منصور وجرير قال العجلي: تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: ثقة من الثالثة (قال) أبو الهياج: (قال لي علي بن أبي طالب) الهاشمي المدني رضي الله عنه.

وهذا السند من سباعياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا علي بن أبي طالب فإنه مدني أو خمسة كوفيون وواحد نيسابوري أو نسائي وواحد مدني ومن لطائفه أيضًا أنه اجتمع فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض حبيب عن أبي وائل عن أبي الهياج وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة.

(ألا أبعثك) بتشديد اللام للتخصيص وقيل بفتحها للتنبيه أي هلَّا أجعلك أميرًا (على ما بعثني) أي على ما أمرني (عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: أبعثك وأؤمرك على (أن لا تدع) ولا تترك (تمثالًا) أي صورة حيوان مجسدة أو منقوشة (إلا

ص: 254

طَمَسْتَهُ. وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلا سَوَّيتَهُ.

(2124)

(0)(0) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ

ــ

طمسته) أي إلا كسرته ومحوته وأبطلته بيان لما بعثه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم قال النواوي: فيه الأمر بتغيير صورة ذوات الأرواح.

قال القرطبي: (والتمثال) مثال صورة ما فيه روح وهو يعم ما كان متجسدًا وما كان مصورًا في رقم أو نقش لا سيما وقد روى (صورةً) مكان (تمثال) وقيل إن المراد به هنا ما كان له شخص وجسد دون ما كان في ثوب أو حائط منقوشًا وحاصل هذا الحديث الأمر بتغيير الصور مطلقا وأن إبقاءها كذلك منكرًا و (طمسها) تغييرها وذلك يكون بقطع رؤوسها وتغيير وجوهها وغير ذلك مما يذهبها (و) أن (لا) تدع أي لا تترك (قبرًا مشرفًا) أي مرتفعًا (إلا سويته) أي ألزقته بالأرض قال في الأزهار: وقال العلماء: يستحب أن يرفع القبر قدر شبر ويكره فوق ذلك ويستحب الهدم ففي قدره خلاف قيل: إلى الأرض تغليظًا وهو أقرب إلى لفظ الحديث من التسوية وقال ابن الهمام: هذا الحديث محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء العالي وليس مرادنا بذلك تسنيم القبر بل بقدر ما يبدو من الأرض ويتميز عنها والله سبحانه وتعالى أعلم.

قال القرطبي: (قوله: ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته) ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطية أي لازقة إلى الأرض وقد قال بها بعض أهل العلم وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته ليس هو التسنيم ولا ما يعرف به القبر كي يحترم وإنما هو الارتفاع الكثير الذي كانت الجاهلية تفعله فإنها كانت تعلي عليها وتبني فوقها تفخيمًا لها وتعظيمًا وأما تسنيمها فذلك صفة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وهذا معنى قول الشافعي: تسطح القبور ولا تبنى ولا ترفع وتكون على وجه الأرض وتسنيمها اختيار أكثر العلماء وجلة أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة والشافعي. (قلت): والذي صار إليه عمر أولى فإنه جمع بين التسوية والتسنيم اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود (3219) والنسائي (4/ 88 - 89) والترمذي (1049) وأحمد (1/ 96 و 129).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عليّ رضي الله عنه فقال:

(2124)

(0)(0)(وحدثنيه أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري

ص: 255

حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال: وَلَا صُورَةً إلا طَمَسْتَهَا.

(2125)

(933) - (83) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ

ــ

ثقة من (10)(حدثنا يحيى) بن سعيد بن فروخ التميمي أبو سعيد البصري (وهو القطان حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري (حدثني حبيب) بن أبي ثابت الكوفي (بهذا الإسناد) يعني عن أبي وائل عن أبي الهياج عن علي غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة يحيى القطان لوكيع (و) لكن (قال) يحيى القطان في روايته: (ولا) تدع (صورةً إلا طمستها) بدل قوله: (ولا تمثالًا إلا طمسته).

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة بحديث جابر رضي الله عنه فقال:

(2125)

(933)(83)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا حفص بن غياث) بن طلق النخعي الكوفي ثقة من (8)(عن) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (عن أبي الزبير) الأسدي محمد بن مسلم بن تدرس المكي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان كوفيان وواحد مدني.

(قال) جابر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصَّص القبر) أي أن يطلى بالجص وهو النورة قال ملا علي: لعل ورود النهي لأنه نوع من الزينة ولذلك رخَّص بعضهم في التطيين منهم الحسن البصري اهـ.

وفي الرواية الأخرى: (نهى عن تقصيص القبور) بقاف وصادين مهملتين وهو التجصيص والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد هي الجص قال في الأزهار: النهي عن تجصيص القبور للكراهة وهو يتناول البناء بذلك وتجصيص وجهه والنهي في البناء للكراهة إن كان في ملكه وللحرمة في المقبرة المسبلة ويجب الهدم وإن كان مسجدًا وقال التوربشتي: البناء يحتمل وجهين أحدهما البناء على القبر بالحجارة وما يجري مجراها والآخر أن يضرب عليها خباء ونحوه كلاهما منهي عنه لعدم الفائدة فيه وكأنه من صنيع

ص: 256

وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيهِ. وَأَنْ يُبْنَى عَلَيهِ

ــ

أهل الجاهلية أي كانوا يظللون على الميت إلى سنة قال: وعن ابن عمر أنه رأى فسطاطًا على قبر أخيه عبد الرحمن فقال: انزعه يا غلام وإنما يظله عمله وقال بعض الشراح من علمائنا: ولإضاعة المال اهـ من فتح الملهم (و) نهى (أن يقعد عليه) بالبناء للمفعول كالذي قبله والذي بعده قيل: للتغوط والحدث وقيل: للإحداد وهو أن يلازم القبر ولا يرجع عنه وقيل: مطلقًا لأن فيه استخفافًا بحق أخيه المسلم وحرمته كذا قاله بعض علمائنا وقال الطيبي: المراد من القعود هو الجلوس كما هو الظاهر وقد نهى عنه لما فيه من الاستخفاف بحق أخيه المسلم وحمله بعضهم على قضاء الحاجة.

ونسبوه إلى زيد بن ثابت والأول هو الصحيح لما أخرجه الحاكم والطبراني عن عمارة بن حزم قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا على قبر فقال: يا صاحب القبر انزل من على القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه سئل عن الوطء على القبر قال: كما أكره أذى المؤمن في حياته فإني أكره أذاه بعد موته اهـ منه.

(وأن يبنى عليه) فيه دليل على تحريم البناء على القبر وتقدم بيانه آنفًا في شرح قوله: (وأن يجصص القبر) قال الشافعي: رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى على القبر ويدل على الهدم حديث علي المتقدم وروى الترمذي مصححًا نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يُبنى عليها وأن توطأ وقال الحاكم: الكتابة وإن لم يذكرها مسلم فهي على شرطه وهي صحيحة غريبة وفي الدر المختار: لا بأس بالكتابة إن احتيج إليها حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن قال ابن عابدين: كان النهي عنها وإن صح فقد وجد الإجماع العملي بها فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق ثم قال هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف اهـ ويتقوى بما أخرجه أبو داود بإسناد جيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل حجرًا فوضعه عند رأس عثمان بن مظعون فقال أتعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي فإن الكتاب طريق إلى تعرف القبر بها نعم يظهر أن محل دلالة هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها إذا كانت الحاجة داعية إليها في الجملة كما أشار إليه في المحيط بقوله: إن احتيج إلى الكتابة حتى لا يذهب ولا يمتهن فلا بأس به فأما الكتابة بغير عذر فلا اهـ من فتح الملهم.

ص: 257

(2126)

(0)(0). وحدّثني هَارُونَ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ.

(2127)

(0)(0) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَال: نُهِيَ عَنْ تَقْصِيصِ الْقُبُورِ

ــ

(قلت) وما ذكره الحاكم من أنه عمل أخذه الخلف عن السلف لا يسلم لأن أئمة المسلمين لم يفتوا بالجواز ولا أوصوا أن يفعل ذلك بقبورهم بل تجد أكثرهم يفتي بالمنع ويكتب ذلك في تصنيفه وغاية ما يقال: إنهم يشاهدون ذلك ولا ينكرون اهـ من الأبي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 332) والنسائي (4/ 88) وابن ماجه (1562).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

(2126)

(0)(0)(وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي (حدثنا حجاج بن محمد) الأعور البغدادي أبو محمد المصيصي ثقة من (9)(ح وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (جميعًا) أي كل من حجاج وعبد الرزاق رويا (عن ابن جريج) غرضه بيان متابعتهما لحفص بن غياث (قال) ابن جريج: (أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وساقا (بمثله) أي بمثل حديث حفص بن غياث وفائدة هذه المتابعة تصريح سماع أبي الزبير عن جابر لأنه مدلس.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

(2127)

(0)(0)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا إسماعيل) ابن إبراهيم (ابن علية) الأسدي البصري (عن أيوب) السختياني البصري (عن أبي الزبير) المكي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أيوب السختياني لابن جريج (قال) جابر: (نهى) أي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن تقصيص القبور) وتجصيصها قال النواوي: قال أصحابنا: تجصيص القبر مكروه والقعود عليه حرام وكذا الاستناد إليه والاتكاء عليه وأما البناء عليه فإن كان في ملك الباني فمكروه

ص: 258

(2128)

(934) - (84) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ"

ــ

وإن كان في مقبرة مسبّلة فحرام نص عليه الشافعي والأصحاب قال الشافعي في الأم ورأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى عليها ويؤيد الهدم قوله: (ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته).

قال القرطبي: ووجه النهي عن البناء والتجصيص في القبور أن ذلك مباهاة واستعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة وتشبه بمن كان يعظم القبور ويعبدها وباعتبار هذه المعاني وبظاهر هذا النهي ينبغي أن يقال هو حرام كما قد قال به بعض أهل العلم وقوله: (وأن يقعد عليها) اختلف في معناه فمنهم من حمله على ظاهره من الجلوس ورأى أن القبر يحترم كما يحترم المسلم المدفون فيه فيعامل بالأدب وبالتسليم عليه وبغير ذلك ولا شك في أن التخلي على القبور وبينها ممنوع إما بهذا الحديث وإما بغيره كحديث الملاعن الثلاث فإنه مجلس الزائر للقبر فهو في معنى التخلي في الظلال والطرق والشجر المثمر وغير ذلك ولأن ذلك استهانة للميت المسلم وأذىً لأوليائه الأحياء والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2128)

(934)(84)(وحدثني زهير بن حرب) الحرشي النسائي (حدثنا جرير) ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح السمان المدني (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد نسائي.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة) وشعلة من نار (فتحرق ثيابه فتخلص) بضم اللام أي فتصل (إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر) الظاهر عمومه وفي الأزهار نقلًا عن بعض العلماء أن يحمل ما فيه التغليظ من هذه الأحاديث على الجلوس للحدث فإنه يحرم وما لا تغليظ فيه على الجلوس المطلق فإنه مكروه وهذا تفصيل حسن والاتكاء والاستناد كالجلوس المطلق كذا في المرقاة وفي الحديث جعل الجلوس على القبر وسراية مضرته إلى قلبه وهو لا

ص: 259

(2129)

(0)(0) وحدّثناه قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ). ح وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيرِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كِلاهُمَا عَنْ سُهَيلٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

(2130)

(935) - (85) وحدَّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرِ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ وَاثِلَةَ،

ــ

يشعر بمنزلة سراية النار من الثوب إلى الجلد والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 311 و 389) وأبو داود (3228) والنسائي (4/ 95) وابن ماجه (1566).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2129)

(0)(0)(وحدثناه قتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البلخي (حدثنا عبد العزيز) بن محمد الجهني المدني (يعني الدراوردي ح وحدثنيه عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حدثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي (الزبيري) مولاهم الكوفي ثقة من (9)(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي ثقة حجة من (7)(كلاهما) أي كل من عبد العزيز وسفيان رويا (عن سهيل) بن أبي صالح السمان (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن أبي هريرة (نحوه) أي نحو ما حدث جرير بن عبد الحميد عن سهيل أي قريبه لفظا ومعنى غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة عبد العزيز وسفيان لجرير بن عبد الحميد فالسند الأول من خماسياته والثاني من سداسياته.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أبي مرثد رضي الله عنهما فقال:

(2130)

(935)(85)(وحدثني علي بن حجر) بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي ثقة من (9)(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي الأموي مولاهم الدمشقي ثقة من (8)(عن) عبد الرحمن بن يزيد (بن جابر) الأزدي أبي عتبة الدمشقي الداراني ثقة من (7)(عن بسر بن عبيد الله) الحضرمي الشامي الحافظ روى عن واثلة في الجنائز وأبي إدريس الخولاني في الجنائز والجهاد وعمرو بن عبسة وعدة ويروي عنه (ع) وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وزيد بن واقد وثور بن يزيد وعدة وثقه العجلي والنسائي ومروان بن محمد وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: ثقة حافظ من الرابعة (عن واثلة) بن الأسقع بن

ص: 260

عَنْ أَبِي مَرْثَدِ الْغَنَويِّ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيهَا"

ــ

كعب الليثي الشامي الصحابي المشهور من أهل الصفة أسلم قبل تبوك وشهدها له (56) ستة وخمسون حديثًا انفرد له (خ) بحديث و (م) بآخر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي هريرة وأم سلمة وأبي مرثد الغنوي مات سنة (85) خمس وثمانين وله مائة وخمس سنين (105)(عن أبي مرثد الغنوي) بفتح أوله وثانيه كناز بن الحصين بن يربوع القرشي الهاشمي مولاهم حليف حمزة بن عبد المطلب وكان تِرْبَةُ الصحابي المشهور بكنيته الشامي شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عنه (م د ت س) وواثلة بن الأسقع في الجنائز له عندهم فرد حديث عن واثلة بن الأسقع عداده في الشاميين مات سنة (12) اثنتي عشرة من الهجرة وليس عندهم من الرواة من اسمه كناز إلا هذا.

وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم شاميون إلا علي بن حجر فإنه مروزي وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والعنعنة وفيه رواية صحابي عن صحابي (قال) أبو مرثد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور) قال ابن الهمام وكره الجلوس على القبر ووطؤه وحينئذ فما يصنعه الناس ممن دفنت أقاربه ودفنت حواليه خلق من وطءِ القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه ويكره النوم عند القبر وقضاء الحاجة بل أولى ويكره كل ما لم يعهد من السنة والمعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائمًا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل في الخروج إلى البقيع ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لي ولكم العافية (ولا تصلوا) مستقبلين (إليها) لما فيه من التعظيم البالغ لأنه من مرتبة المعبود فجمع بين الاستخفاف العظيم والتعظيم البليغ.

قال الطيبي: لو كان هذا التعظيم حقيقةً للقبر أو لصاحبه لكفر المعظم فالتشبه به مكروه وينبغي أن تكون كراهة تحريم وفي معناه بل أولى من الجنازة الموضوعة أمامه وهو مما ابتلي به أهل مكة حيث يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها قاله القاري في شرح المشكاة اهـ من فتح الملهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (4/ 135) والترمذي (1050) ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه فقال:

ص: 261

(2131)

(0)(0) وحدّثنا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ أبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدِ الْغَنَويِّ؛ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ. وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيهَا"

ــ

(2131)

(0)(0)(وحدثنا حسن بن الربيع البجلي) أبو علي الكوفي ثقة من (10)(حدثنا) عبد الله (بن المبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي ثقة من (8)(عن عبد الرحمن بن يزيد) بن جابر الشامي (عن بسر بن عبيد الله) الشامي (عن أبي إدريس الخولاني) العوذي عائذ الله بن عبد الله الشامي ثقة من (2)(عن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد الغنوي).

وهذا السند من سباعياته غرضه بسوقه بيان متابعة ابن المبارك للوليد بن مسلم.

(قال) أبو مرثد (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) ومعنى قوله: (لا تصلوا إلى القبور) أي لا تتخذوها قبلةً وهذا مثل ما قدمناه في النهي عن اتخاذ قبره مسجدًا وفي ذم اليهود بما فعلوا من ذلك وكل ذلك لقطع الذريعة أن يعتقد الجهال في الصلاة إليها أو عليها الصلاة لها فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام ذلك اهـ من المفهم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث:

الأول منها: حديث سعد بن أبي وقاص ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.

والثاني: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني.

والثالث: حديث فضالة بن عبيد ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة.

والرابع: حديث علي بن أبي طالب ذكره للاستشهاد به لحديث فضالة بن عبيد وذكر فيه متابعة واحدة.

والخامس: حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعتين.

والسادس: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.

والسابع: حديث أبي مرثد الغنوي ذكره للاستشهاد به لحديث أبي هريرة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 262