الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
402 - (20) باب ما جاء أن الميت يعذب ببكاء الحي عليه
(2022)
(894) - (34) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيرٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ بِشْرٍ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عُبَيدِ الله بْنِ عُمَرَ قَال: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ الله؛ أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ عَلَى عُمَرَ. فَقَال: مَهْلًا يَا بُنَيَّةُ، أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ؟ "
ــ
402 -
(20) باب ما جاء أن الميت يعذب ببكاء الحي عليه
(2022)
(894)(34)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير جميعًا عن) محمد (بن بشر) العبدي الكوفي (قال أبو بكر: حدثنا محمد بن بشر العبدي عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني (قال) عبيد الله: (حدثنا نافع) العدوي مولاهم أبو عبد الله المدني (عن عبد الله) بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد مكي وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة.
(أن) أختي (حفصة) بنت عمر رضي الله تعالى عنها (بكت على) والدنا (عمر) بن الخطاب حين طعن أبي صاحت عليه (فقال) عمر لها (مهلًا) أي أمهليني مهلًا وأنظريني إنظارًا (يا بنية) لأكلمك لحظة (ألم تعلمي) بهمزة الاستفهام التقريري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت يعدب ببكاء أهله عليه) يحمل البكاء هنا على النياحة توفيقًا بين الروايات وهو رفع الصوت بالبكاء والحديث محمول على ما إذا أوصى الميت بالنياحة عليه كما كان يفعل أهل الجاهلية ونفذت وصيته ومن الوصية بذلك قول طرفة بن العبد:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله
…
وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
فحينئذ كما قال ابن الملك يصير معذبًا بفعله لا بفعل غيره فلا معارضة بينه وبين قوله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} وحمله أبو داود وطائفة على ظاهره فيمن لم يوص ألا يبكى عليه فيعذب لتفريطه في ترك الوصية وتركه ما أمره الله به في قوله {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} اهـ أبي وانفرد المؤلف بهذه الرواية عن أصحاب الأمهات.
قال النواوي: (قوله: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه) وفي رواية: (ببعض بكاء أهله عليه) وفي رواية: (ببكاء الحي عليه) وفي رواية: (يعذب في قبره بما نيح عليه) وفي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رواية: (من يبك عليه يعذب) وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله تعالى عنهما وأنكرت عائشة ونسبتهما إلى النسيان والاشتباه عليهما وأنكرت أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك واحتجت بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} قالت وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم في يهودية (إنها تعذب وهم يبكون عليها) يعني تعذب بكفرها في حال بكاء أهلها عليها لا بسبب البكاء.
واختلف العلماء في هذا الحديث الذي اختلفت الروايات فيه فتأوله الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم لأنه بسببه ومنسوب إليه قالوا: فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب لقول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} قالوا: وكان من عادة العرب الوصية بذلك قالوا: فخرج الحديث مطلقًا حملًا على ما كان معتادًا لهم وهذا أصح التأويلات كما سيأتي.
وقالت طائفة: هذا الحديث محمول على من أوصى بالبكاء والنوح عليه أو لم يوص بتركهما فمن أوصى بهما أو أهمل الوصية بتركهما يعذب بهما لتفريطه بإهمال الوصية بتركهما فأما من وصى بتركهما فلا يعذب بهما إذ لا صنع له فيهما ولا تفريط منه وحاصل هذا القول إيجاب الوصية بتركهما ومن أهملها عذب بهما.
وقالت طائفة: معنى الحديث أنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم وتلك الشمائل قبائح في الشرع يعذب بها كما كانوا يقولون: يا مرمل النسوان ومخرب العمران ومفرق الأخدان ونحو ذلك مما يرونه شجاعة وفخرًا وهو حرام شرعًا.
وقالت طائفة: معناه أنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره وقال القاضي عياض: وهو أولى الأقوال واحتجوا بحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر امرأة عن البكاء على أبيها وقال: (إن أحدكم إذا بكى استعبر به صويحبه) يعني الميت فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم وقالت عائشة: معنى الحديث أن الكافر أو غيره من أصحاب الذنوب يعذب في حال بكاء أهله عليه بذنبه لا ببكائهم والصحيح من هذه الأقوال الأربعة قول الجمهور المذكور أولًا كما مر هناك
(2023)
(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَال:"الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ".
(2024)
(0)(0) وحدَّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
ــ
وأجمع كل الطوائف على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا البكاء بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين اهـ.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
(2023)
(0)(0)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري الملقب ببندار (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر (حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (يحدث عن سعيد بن المسيب) بن حرب القرشي المخزومي أبي محمد المدني سيد التابعين (عن ابن عمر عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم بصريون واثنان مدنيان وواحد مكي وفيه التحديث والعنعنة ورواية صحابي عن صحابي وولد عن والده وتابعي عن تابعي وغرضه بسوقه بيان متابعة سعيد بن المسيب لنافع وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة.
(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) ما مصدرية نيح ماض مبني للمجهول صلة لما المصدرية أي بالنوح عليه أي رفع الصوت بالبكاء عليه.
وشارك المؤلف في هذه الرواية أحمد (2/ 61) والبخاري (1292) والترمذي (1000) وابن ماجه (1593).
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
(2024)
(0)(0)(وحدثناه محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا) محمد بن إبراهيم (ابن أبي عدي) السلمي البصري (عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري (عن قتادة) بن دعامة (عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن عمر) رضي الله تعالى عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم
قَال: "الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ".
(2025)
(0)(0) وحدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَال: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أُغْمِيَ عَلَيهِ. فَصِيحَ عَلَيهِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَال:
ــ
بصريون واثنان مدنيان وواحد مكي وغرضه بسوقه بيان متابعة سعيد بن أبي عروبة لشعبة في رواية هذا الحديث عن قتادة (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) أي بالنوح عليه إذا أوصاه ونفذت وصيته ولا وجه لتكرار المتن هنا على هذه النسخة لأنها مثل الرواية التي قبلها والحق أن يقال: بمثله ولكن في بعض النسخ: (يعذب) بالبناء للفاعل (في قبره ما نيح عليه) بحذف الباء الجارة وجملة ما المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية أي يعذب الميت في قبره النوح عليه أي رفع الصوت بالبكاء عليه أي يعذب بسببه وأيضًا فيه حذف لفظة (في قبره) وعلى هذه النسخة فلتكرار المتن وجه لما بين الروايتين من المخالفة بإثبات الباء الجارة وحذفها وبإثبات لفظة (في قبره) وحذفها كما ذكره النواوي هذا ما ظهر لفهمي السقيم ولم أر من ذكره من الشراح ولكن أشار إليه النواوي بقوله في الرواية الأولى: إنه روى بإثبات الباء الجارة وبحذفها اهـ والباء على إثباتها سببية وما موصولة أو مصدرية أي بسبب ما نيح عليه مثل واجبلاه بأن يزعم أنه كان كجبل يلاذ به ويا مؤيم النسوان ويا مؤتم الولدان ومخرب العمران ومفرق الأخدان ونحو ذلك مما يرونه شجاعة وفخرًا وهو كما قال النواوي: حرام شرعًا أو بسبب النياحة وعلى تقدير حذف الباء تكون ما مصدرية ظرفية أي يعذب مدة النوح عليه أو مصدرية مجردة أي يعذبه النوح عليه كما مر آنفًا والله أعلم اهـ من بعض الهوامش.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
(2025)
(0)(0)(وحدثني علي بن حجر) بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي (حدثنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي قاضي الموصل (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن أبي صالح) ذكوان السمان القيسي مولاهم المدني (عن ابن عمر قال: لما طعن عمر) بن الخطاب بالخنجر وهو سكين حاد الجانبين طعنه كافر من كفار العجم وهو يصلي بالناس الصبح بخنجر في خاصرته وتحت سرته لست بقين من ذي الحجة وتوفي في سلخه سنة ثلاث وعشرين من الهجرة (23) رضي الله عنه وأرضاه (أغمي عليه) أي غشي عليه لشدة الألم (فصيح عليه) أي رفع الصوت بالبكاء عليه (فلما أفاق) عمر من إغمائه (قال) لمن عنده.
أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ؟ ".
(2026)
(0)(0) حدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعدي. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَال: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ، جَعَلَ صُهَيبٌ يَقُولُ: وَاأَخَاهْ! فَقَال لَهُ عُمَرُ: يَا صُهَيبُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عليه"
ــ
وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد مكي وواحد مروزي غرضه بسوقه بيان متابعة أبي صالح لنافع وسعيد بن المسيب في رواية هذا الحديث عن ابن عمر.
أي فلما أفاق عمر قال لمن عنده: (أما) بهمزة الاستفهام التقريري وما النافية أو للاستفتاح أي قد (علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي) بكاء مع رفع الصوت والندب سواء كان الباكي من أهل الميت أم لا فليس مختصًا بأهله وقوله: (ببكاء أهله) خرج مخرج الغالب لأن المعروف أنه إنما يبكى على الميت أهله والمراد بالحي المقابل للميت أو المراد بالحي القبيلة ويراد به قبيلة الميت لأنه في تقدير حيه فيوافق قوله في الرواية الأخرى: (ببكاء أهله عليه) أفاده القسطلاني وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
(2026)
(0)(0)(حدثني علي بن حجر السعدي) المروزي (حدثنا علي بن مسهر) الكوفي (عن) سليمان بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) أبي إسحاق الكوفي ثقة من (5)(عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري الكوفي الفقيه ثقة من (3)(عن أبيه) أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه (قال) أبو موسى (لما أصيب عمر) بن الخطاب أي جرح بالخنجر الجراحة التي مات منها على ما تقدم (جعل) أي شرع (صهيب) بن سنان النينوي الأصل الرومي المنشإ أبو يحيى المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه يبكي وينوح على عمر و (يقول) في نوحه: (واأخاه) بألف الندبة وهاء السكت ساكنة (فقال له عمر) منكرًا عليه بكاءه لرفعه صوته بقوله: واأخاه خوفًا من استصحابه ذلك أو زيادته عليه بعد موته: (يا صهيب أما علمت) أي قد علمت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه) أي
(2027)
(0)(0) وحدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. أَخْبَرَنَا شُعَيبُ بْنُ صَفْوَانَ أَبُو يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى؛ قَال: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ أَقْبَلَ صُهَيبٌ مِنْ مَنْزِلِهِ. حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُمَرَ. فَقَامَ بِحِيَالِهِ يَبْكِي. فَقَال عُمَرُ: عَلامَ تَبْكِي؟ أَعَلَيَّ تَبْكِي؟ قَال: إِي
ــ
المقابل للميت أو المراد بالحي القبيلة وتكون اللام فيه عوضًا عن الضمير المضاف إليه والتقدير: يعذب ببكاء حيه أي قبيلته وعشيرته عليه فيوافق قوله في الرواية الأخرى (ببكاء أهله عليه) وهو صريح في أن الحكم ليس خاصًّا بالكافر وظاهره أن صهيبًا سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه نسيه حتى ذكره به عمر رضي الله عنه اهـ من القسطلاني كما مر.
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مروزي غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي موسى الأشعري لابن عمر في رواية هذا الحديث عن عمر بن الخطاب وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والعنعنة ورواية صحابي عن صحابي وتابعي عن تابعي وولد عن والد وهذه الرواية شارك المؤلف في روايتها البخاري.
ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
(2027)
(0)(0)(وحدثني علي بن حجر) السعدي المروزي (أخبرنا شعيب بن صفوان) بن الربيع الثقفي (أبو يحيى) الكوفي كاتب عبد الله بن شبرمة الضبي روى عن عبد الملك بن عمير في الجنائز والفتن وأبي إسحاق ويروي عنه (م س) وعلي بن حجر وثقه أحمد وابن حبان وقال أبو حاتم: لا يحتج به ويكتب حديثه وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، له في (م) حديث واحد وقال في التقريب: مقبول من السابعة (عن عبد الملك بن عمير) مصغرًا اللخمي الكوفي ثقة فقيه تغير حفظه من (3) روى عنه في (15) بابا (عن أبي بردة بن أبي موسى) الكوفي ثقة من (3)(عن أبي موسى) الأشعري (قال) أبو موسى: (لما أصيب) وطعن (عمر أقبل) أي جاء (صهيب) بن سنان الرومي (من منزله) أي من بيته (حتى دخل على عمر) في بيت عمر (فقام) صهيب (بحياله) أي بحيال عمر وحذائه ومقابله حالة كون صهيب (يبكي) على عمر (فقال عمر) لصهيب: (علام تبكي) أي على أيِّ شيء تبكي وهو مركب من على الجارة وما الاستفهامية حذفت ألفها فرقًا بينها وبين ما الموصولة إذا دخل عليها حرف الجر (أ) أي هل (عليَّ تبكي قال) صهيب: (إي) أي نعم
وَاللهِ. لَعَلَيكَ أَبْكِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَال: وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ يُبْكَى عَلَيهِ يُعَذَّبُ".
قَال: فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ. فَقَالطَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: إِنَّمَا كَانَ أُولئِكَ الْيَهُودَ.
(2028)
(0)(0) وحدّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ،
ــ
(والله لعليك أبكي يا أمير المومنين قال) عمر: (والله لقد علمت) يا صهيب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يبكى عليه يعذب) بالبناء للمجهول في الفعلين بسبب البكاء عليه قال النواوي: هكذا هو في الأصول (يبكى) بإثبات الألف التي أصلها الياء في آخره وهو صحيح وتكون من موصولة بمعنى الذي والتقدير الذي يبكي عليه أهله يعذب بسبب البكاء عليه ويجوز أن تكون من شرطية جازمة وإثبات الألف حينئذ على لغة لبعض العرب كقولهم:
ألم يأتيك والأنباء تنمي
…
بما لاقت لبون بني زياد
بإثبات الياء في يأتيك مع دخول ألم عليه وسند هذا الحديث من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مروزي غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الملك بن عمير لأبي إسحاق الشيباني في رواية هذا الحديث عن أبي بردة.
(قال) عبد الملك بن عمير بالسند السابق: (فذكرت ذلك) الحديث الذي سمعته من أبي بردة (لموسى بن طلحة) بن عبيد الله القرشي التيمي أبي محمد المدني ثقة من (2)(فقال) موسى بن طلحة: (كانت عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (تقول: إنما كان أولئك) المعذبون ببكاء أهلهم عليهم وهو اسم كان وخبرها قوله: (اليهود) أي أولئك المعذبون ببكاء أهلهم هم اليهود والكافرون لا المسلمون لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث عمر رضي الله عنه فقال:
(2028)
(0)(0)(وحدثني عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حدثنا عفان بن مسلم) بن عبد الله الأنصاري أبو عثمان البصري ثقة من كبار (10)(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي أبو سلمة البصري ثقة من (8)(عن ثابت)
عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، لَمَّا طُعِنَ، عَوَّلَتْ عَلَيهِ حَفْصةُ. فَقَال: يَا حَفْصَةُ، أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الْمُعَوَّلُ عَلَيهِ يُعَذَّبُ"؟ وَعَوَّلَ عَلَيهِ صُهَيبٌ. فَقَال عُمَرُ: يَا صُهَيبُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيهِ يُعَذَّبُ؟
(2029)
(895) - (35) حدَّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيدٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي مُلَيكَةَ
ــ
ابن أسلم بن موسى البناني أبي محمد البصري ثقة من (4)(عن أنس) بن مالك الأنصاري البصري رضي الله عنه (أن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه.
وهذا السند من. سداسياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد مدني وواحد بغدادي وفيه رواية صحابي عن صحابي غرضه بسوقه بيان متابعة أنس بن مالك لابن عمر وأبي موسى الأشعري في رواية هذا الحديث عن عمر بن الخطاب.
(لما طعن) وجرح الجراحة التي مات بها (عوّلت) أي صاحت (عليه) ابنته (حفصة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أي رفعت صوتها بالبكاء والصياح عليه (فقال) عمر: (يا حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المعوّل عليه) أي الميت الذي عوّل عليه وصيح بالبكاء عليه (يعذب) بما عوّل عليه وفي نهاية ابن الأثير: المعوّل عليه اسم مفعول من أعول إعوالًا إذا بكى رافعًا صوته ويروى بفتح العين وتشديد الواو المفتوحة للمبالغة والعويل صوت الصدر بالبكاء، قيل: أراد به من يوصي بذلك، أو كافرًا، أو شخصًا بعينه علم بالوحي حاله اهـ.
(وعوَّل) أيضًا أي رفع صوته بالبكاء (عليه صهيب) بن سنان (فقال) له (عمر: يا صهيب أما علمت أن المعوّل عليه يعذب) بما عوَّل عليه أهله.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عمر بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2029)
(895)(35)(حدثنا داود بن رشيد) مصغرًا الهاشمي مولاهم أبو الفضل البغدادي ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه الأسدي مولاهم أبو بشر البصري ثقة من (8)(حدثنا أيوب) السختياني بن أبي تميمة كيسان العنزي البصري ثقة من (5).
قَال: كُنْتُ جَالِسًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ. وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جَنَازَةَ أُمِّ أَبَانٍ بِنْتِ عُثْمَانَ. وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ. فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُودُهُ قَائِدٌ. فَأُرَاهُ أَخْبَرَهُ بِمَكَانِ ابْنِ عُمَرَ. فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي. فَكُنْتُ بَينَهُمَا
ــ
(عن عبد الله) بن عبيد الله (بن أبي مليكة) بالتصغير زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي الأحول أبي بكر المكي كان قاضيًا بمكة على عهد ابن الزبير روى عن عائشة في الصلاة والصوم والعلم وابن عمرو في الجنائز وابن عباس والقاسم في القدر والنكاح والحشر والفضائل وعباد بن عبد الله بن الزبير في الزكاة والمسور بن مخرمة في الزكاة والفضائل وذكوان مولى عائشة في النكاح وعبد الله بن الزبير في النكاح والفضائل وأسماء بنت أبي بكر وعبد الله بن عمرو في دلائل النبوة وعبد الله بن جعفر في الفضائل وحميد بن عبد الرحمن بن عوف في ذكر المنافقين فجملة ماروى عنه المؤلف فيها عشرون بابًا تقريبًا ويروي عنه (ع) وأيوب وابن جريج وعمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد وحميد الطويل في الصوم ونافع بن عمر في الأحكام وغيره وخلق قال أبو زرعة وأبو حاتم: ثقة وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث وقال العجلي: مكي تابعي ثقة وقال في التقريب: ثقة فقيه من الثالثة مات سنة (117) سبع عشرة ومائة وقد أدرك ثلاثين (30) من الصحابة.
(قال) ابن أبي مليكة: (كنت جالسًا إلى جنب ابن عمرو ونحن) معاشر المجتمعين هناك (ننتظر) حضور (جنازة أم أبان بنت عثمان) لم أر من ذكر اسمها وكان وفاتها بمكة كما سيأتي لنصلِّي عليها (وعنده) أي وعند ابن عمر (عمرو بن عثمان) أخوها وبه يكنى سيدنا عثمان (فجاء ابن عباس) حالة كونه (يقوده قائد) أي يتقدمه إنسان آخذًا بيده لأنه كان قد عَمِي في كبره قال ابن أبي مليكة (فأراه) أي فأظن قائد ابن عباس (أخبره) أي أخبر لابن عباس (بمكان) جلوس (ابن عمر) رضي الله عنهما (فجاء) ابن عباس ودنا إلينا (حتى جلس إلى جنبي) أي إلى جانبي قال ابن أبي مليكة: (فكنت) أنا جالسًا (بينهما) أي بين ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.
وفي هذا دليل على جواز الجلوس والاجتماع لانتظار الجنازة واستحبابه وأما جلوسه بين ابن عمر وبين ابن عباس وهما أفضل بالصحبة والعلم والفضل والصلاح والنسب والسن وغير ذلك مع أن الأدب أن المفضول لا يجلس بين الفاضلين إلا لعذر فمحمول على عذر إما لأن ذلك الموضع أرفق بابن عباس وإما لغير ذلك والله أعلم اهـ نواوي.
فَإِذَا صَوْتٌ مِنَ الدَّارِ. فَقَال ابْنُ عُمَرَ (كَأَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَى عَمْرٍو أَنْ يَقُومَ فَيَنْهَاهُمْ): سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ" قَال: فَأَرْسَلَهَا عَبْدُ الله مُرْسَلَةً. فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ نَازِلٍ فِي شَجَرَةٍ. فَقَال لِي: اذْهَبْ فَاعْلَمْ لِي مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ. فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيبٌ
ــ
(فإذا) فجائية (صوت) مرتفع (من) جهة (الدار) التي فيها الجنازة أي فاجأنا صوت مرتفع من جهة دار الجنازة من أصوات النائحات (فقال ابن عمر كأنه) أي كان ابن عمر (يعرض على عمرو) بن عثمان أخيها أي يطلب منه على سبيل التعريض (أن يقوم فينهاهم) أي فينهى الباكين ويزجرهم عن البكاء والنوح أي قال ابن عمر معرضا لعمرو: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول):
وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان بصريان وواحد بغدادي.
أي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله) عليه (قال) عبد الله بن أبي مليكة: (فأرسلها) أي أرسل روايته لهذا الحديث (عبد الله) بن عمر وجعلها (مرسلة) أي عامة غير مقيدة ببعض كما ذكره ابن عباس عن عمر كذلك ولا بيهودي كما ذكرته عائشة كذلك ولا بوصية كما قيده بذلك بعضهم اهـ أبي.
قال النواوي: معناه أن ابن عمر أطلق في روايته تعذيب الميت ببكاء الحي ولم يقيده بيهودي كما قيدته عائشة ولا بوصية كما قيده آخرون ولا قال ببعض بكاء أهله كما رواه أبوه عمر كذلك رضي الله عنه اهـ.
قال عبد الله بن أبي مليكة بالسند السابق: (فقال ابن عباس) رضي الله عنهما: (كنا مع أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طريق مكة (حتى إذا كنا بالبيداء) اسم موضع بين مكة والمدينة قريب إلى المدينة وهي في الأصل المفازة التي لا شيء فيها وإذا في قوله (إذا هو) أي عمر راءٍ (برجل نازل في) ظل (شجرة) فجائية رابطة لجواب إذا الشرطية أعني إذا الأولى لكون الجواب جملة اسمية أي حتى إذا كنا بالبيداء فاجأه رؤية رجل نازل في ظل شجرة (فقال لي) عمر: (اذهب) إلى هذا الرجل النازل (فاعلم لي) أي فاعرف لي (من ذاك الرجل) أي أيٌّ هو قال ابن عباس: (فذهبت) إلى ذلك الرجل (فإذا هو) أي ذلك الرجل (صهيب) بن سنان بن قاسط بالقاف وكان من
فَرَجَعْتُ إِلَيهِ. فَقُلْتُ: إِنَّكَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعْلَمَ لَكَ مَنْ ذَاكَ. وَإِنَّهُ صُهَيبٌ. قَال: مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا. فَقُلْتُ: إِنَّ مَعَهُ أَهْلَهُ. قَال: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ (وَرُبَّمَا قَال أَيُّوبُ: مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا). فَلَمَّا قَدِمْنَا لَمْ يَلْبَثْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أُصِيبَ. فَجَاءَ صُهَيبٌ يَقُولُ: وَاأَخَاهْ، وَاصَاحِبَاهْ! فَقَال عُمَرُ: أَلَمْ تَعْلَمْ، أَوْ
ــ
السابقين الأولين المعذبين في الله رضي الله عنه (فرجعت إليه) أي إلى عمر (فقلت) له: (إنك أمرتني) آنفًا (أن أعلم) وأعرف (لك من ذاك) الرجل النازل تحت الشجرة فذهبت إليه (وإنه صهيب قال) عمر: اذهب إليه و (مره) بأن يلحق بنا (فليلحق بنا) أي فليذهب معنا (فقلت) لعمر: (إن معه أهله) فلا يمكن أن يلحق بنا (قال) عمر: مره باللحوق بنا (وإن كان معه أهله وربما قال أيوب) السختياني في روايته عن ابن أبي مليكة أي ربما زاد بعد قوله وإن كان معه أهله لفظة: (مره فليلحق بنا) أي وإن كان معه أهله مره فليلحق بنا وهذا من كلام ابن علية قال ابن عباس: (فلما قدمنا) المدينة من مكة (لم يلبث) أي لم يمكث (أمير المؤمنين) عمر بن الخطاب أي لم يتأخر عن (أن أصيب) وطعن أبي لم يمض زمان كثير بين إقامته وإصابته (فجاءه)(صهيب) حالة كونه يبكي و (يقول) في بكائه (واأخاه واصاحباه) بألف الندبة فيهما لتطويل مد الصوت وليست علامة إعراب في الأسماء الستة.
والهاء للسكت لا ضمير لكن الشرط في المندوب أن يكون معروفًا فيقدر أن الأخوة والصاحِبِيّة كانا معلومين معروفين حتى يصح وقوعهما للندبة والندبة نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه كواظهراه.
(فائدة) وإعراب (واأخاه) وا: حرف نداء وندبة مبنية على السكون أخا منادى مندوب مضاف منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة لالتقائها ساكنة مع ألف الندبة منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة للياء الممنوعة بالفتحة المناسبة لألف الندبة لأن أصله يا أخي يا صاحبي أخ مضاف وياء المتكلم المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل الجر مضاف إليه مبنية على السكون والألف حرف ندبة جيئ بها لمد الصوت مبنية على السكون والهاء حرف سكت مبني على السكون وكذا يقال في صاحباه.
(فقال عمر) بن الخطاب لصهيب: (ألم تعلم) يا صهيب بهمزة الاستفهام التقريري أي ألم تعلم يا صهيب أن رسول الله قال (أو) بفتح الهمزة وسكون الواو للشك من ابن
لَمْ تَسْمَعْ (قَال أَيُّوبُ: أَوْ قَال: أَوَلَمْ تَعْلَمْ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ".
قَال: فَأَمَّا عَبْدُ الله فَأَرْسَلَهَا مُرْسَلَةً. وَأَمَّا عُمَرُ فَقَال: بِبَعْضِ.
فَقُمْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ. فَحَدَّثْتُهَا بمَا قَال ابْنُ عُمَرَ. فَقَالتْ: لَا وَاللهِ! مَا قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ". وَلكِنَّهُ قَال: "إِنَّ الْكَافِرَ يَزِيدُهُ اللهُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَابًا. وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى
ــ
عباس أو ممن دونه أو قال عمر أو ابن عباس: أ (لم تسمع) يا صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخ (قال أيوب) السختياني: (أو قال) لنا ابن أبي مليكة: (أو) بفتح الواو العاطفة على محذوف والهمزة للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف تقديره: أتبكي يا صهيب و (لم تعلم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أ) تبكي يا صهيب (ولم تسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله) بزيادة لفظة بعض في رواية عمر قيده ببعض البكاء فحمل على ما فيه نياحة جمعًا بين الأحاديث اهـ قسط (قال) ابن أبي مليكة: (فأما عبد الله) بن عمر (فأرسلها) أي ساق روايته (مرسلة) أي مطلقة غير مقيدة بلفظ بعض ولا بغيره (وأما) أبوه (عمر) بن الخطاب (فقال) أي ساق روايته مقيدًا: (بـ) لفظ (بعض) حين قال: (ليعذب ببعض بكاء أهله) وذلك البعض هو ما اشتمل على النوح والندب ورفع الصوت كما مر مرارًا.
قال ابن أبي مليكة بالسند السابق: (فقمت) من ذلك المجمع (فدخلت على عائشة) رضي الله عنها (فحدثتها بما قال ابن عمر) من قوله: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله)(فقالت) عائشة: (لا) أي ليس الأمر كما قال ابن عمر (والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قط) أي في زمن من أزمنة حياته ففيه الحلف على غلبة الظن (إن الميت يعذب ببكاء أحد) من الناس (ولكنه) صلى الله عليه وسلم (قال: إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابًا) على عذاب الكفر (و) كيف يعذب ببكاء أهله (إن الله لهو أضحك) أي لهو الذي أظهر الضحك ممن ضحك (وأبكى) أي أظهر البكاء ممن بكى.
وهذا تقرير لنفي ما ذهب إليه ابن عمر من أن الميت يعذب ببكاء أهله وذلك أن بكاء الإنسان وضحكه وحزنه وسروره من الله تعالى يظهرها فيه فلا أثر في ذلك يعني أن
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18].
قَال أَيُّوبُ: قَال ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَال: لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ قَالتْ: إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُوني عَنْ غَيرِ كَاذِبَينِ وَلَا مُكَذَّبَينِ. وَلكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ
ــ
العَبرة لا يملكها ابن آدم ولا تسبب له فيها فكيف يعاقب عليها فضلًا عن الميت اهـ نواوي حسبكم القرآن أي كافيكم حجة على ما قلنا قوله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} أي لا تؤاخذ نفس بذنب غيرها.
(قال أيوب) السختياني بالسند السابق: (قال ابن أبي مليكة: حدثني القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق التيمي المدني (قال) القاسم: (لما بلغ عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (قول عمر وابن عمر قالت) عائشة: (إنكم) أيها المؤمنون (لتحدثوني) هذا الحديث (عن غير كاذبين) أي عن رجلين غير قاصدين الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم (ولا مكذبين) بصيغة اسم المفعول أي غير منسوبين إلى الكذب فيما رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم (ولكنّ) بتشديد النون (السمع) منهما قد (يخطئ) ويغلط فيظن أنه سمع بما لم يسمع.
وفي العون: وإنكار عائشة لعدم بلوغ الخبر إليها من وجه آخر فحملت الخبر على الخبر المعلوم عندها بواسطة ما ظهر لها من استبعاد أن يعذب أحد بذنب آخر وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} لكن الحديث ثابت بوجوه كثيرة وله معنى صحيح وهو حمله على ما إذا رضي الميت ببكائهم وأوصى به أو علم من دأبهم أنهم يبكون ولم يمنعهم من ذلك فلا وجه لإنكارها ولا إشكال في الحديث قاله في فتح الودود اهـ.
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا الحديث أحد الأحاديث التي ردتها عائشة على عمر واستدركتها ووهمت فيه ابن عمر والصواب مع ابن عمر فإنه حفظه ولم يتهم فيه وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبوه عمر بن الخطاب وهو في الصحيحين وقد وافقه من حضره من جماعة الصحابة كما أخرجا في الصحيحين عن ابن عمر قال: لما طعن عمر أغمي عليه فصيح عليه فلما أفاق قال: أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه وأخرجا أيضًا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والميت يعذب بما نيح عليه) وأخرجا أيضًا في الصحيحين عن أبي موسى قال: فلما أصيب عمر جعل صهيب يقول: واأخاه فقال له عمر: يا
(2030)
(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيكَةَ. قَال: تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِمَكَّةَ. قَال: فَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا. قَال: فَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ. قَال: وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَينَهُمَا. قَال: جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا
ــ
صهيب أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يبك عليه يعذب وفي الصحيحين عن أنس أن عمر لما طعن أعولت عليه حفصة فقال: يا حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (المعوَّل عليه يعذب) وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه) فهؤلاء عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابنته حفصة وصهيب والمغيرة بن شعبة كلهم يروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ومحال أن يكون هؤلاء كلهم وهموا في الحديث والمعارضة التي ظنتها أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها بين روايتهم وبين قوله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} غير لازمة لزم في روايتها أيضًا أن الكافر يزيده الله تعالى ببكاء أهله عذابًا فإن الله تعالى لا يعذب أحد بذنب غيره الذي لا تسبب له فيه فما تجيب به أم المؤمنين من قصة الكافر يجيب به أبناؤها عن الحديث الذي استدركته عليهم اهـ من شرحه على أبي داود.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2030)
(0)(0)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة من (11)(وعبد بن حميد) الكسي (قال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني ثقة من (9)(أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج أخبرني عبد الله بن أبي مليكة) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن جريج لأيوب السختياني في رواية هذا الحديث عن ابن أبي مليكة (قال) ابن أبي مليكة: (توفيت) أي ماتت (ابنة لعثمان بن عفان بمكة) تقدم أن اسمها أم أبان (قال) ابن أبي مليكة: (فجئنا) أي حضرنا (لنشهدها) أي لنحضر جنازتها للصلاة عليها ودفنها (قال) ابن أبي مليكة: (فحضرها) أي فحضر جنازتها (ابن عمر وابن عباس قال) ابن أبي مليكة: (وإني لجالس بينهما قال) ابن أبي مليكة في بيان كيفية جلوسه بينهما: (جلست) أنا (إلى أحدهما) أي جنب أحدهما الجالسِ قبلي وهو ابن
ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي. فَقَال عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَهُوَ مُوَاجِهُهُ: أَلا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ؟ فَإِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ".
فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ بَعْضَ ذلِكَ. ثُمَّ حَدَّثَ فَقَال: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ. فَقَال: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاءِ الرَّكْبُ؟ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيبٌ. قَال: فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَال: ادْعُهُ لِي
ــ
عمر كما مر في الرواية السابقة (ثم جاء الآخر) وهو ابن عباس (فجلس إلى جنبي فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان) أخي الجنازة (وهو) أي والحال أن ابن عمر (مواجهه) أي مستقبل لعمرو بن عثمان بوجهه: (ألا تنهى) وتزجر النائحات (عن البكاء) أي عن النياحة حين سمع النياحة من داخل الدار (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) فيما إذا أوصى بأن يبكى عليه ويناح عليه بعد موته فنفذت وصيته فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم لأنه بسببه ومنسوب إليه فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب لقول الله تعالى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} .
فأرسل ابن عمر روايته عن التقييد ببعض بكاء أهله (فقال ابن عباس: قد كان) أمير المؤمنين (عمر) بن الخطاب (يقول بعض ذلك) أي بعض الحديث الذي حدثته يا ابن عمر (ثم حدَّث) ابن عباس أي شرع في بيان حديث عمر (فقال) ابن عباس: (صدرت) أي رجعت قافلًا من الحج (مع عمر) بن الخطاب بعد ما حججنا (من مكة) ودنونا إلى المدينة (حتى إذا كنا بالبيداء) موضع قريب إلى ذي الحليفة (إذا) فجائية (هو) أي عمر راء (بركب) أي أصحاب إبل عشرة فما فوقها مسافرين نازلين (تحت ظل شجرة) أي حتى إذا كنا بالبيداء فاجأه رؤية ركب نازلين في ظل شجرة عظيمة من العضاه.
(فقال) لي عمر: (اذهب) إلى هؤلاء الركب (فانظر من هولاء الركب) وفي بعض الهوامش: قوله: (إذا هو بركب) أي مفاجئ بجماعة من الركبان أصحاب الإبل مسافرين والرواية المتقدمة (إذا هو برجل نازل في ظل شجرة) وهو المراد ها هنا أيضًا بقوله: (فانظر من هؤلاء الركب) يعني كبيرهم كما يدل عليه (فنظرت فإذا هو) أي كبيرهم (صهيب) بن سنان الرومي (قال) ابن عباس: (فأخبرته) أي فأخبرت عمر أنه صهيب (فقال) عمر: (ادعه لي) أي
قَال: فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيبٍ. فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا أَنْ أُصِيبَ عُمَرُ، دَخَلَ صُهَيبٌ يَبْكِي يَقُولُ: وَاأَخَاهْ، وَاصَاحِبَاهْ! فَقَال عُمَرُ: يَا صُهَيبُ! أَتَبْكِي عَلَيَّ؟ وَقَدْ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ".
فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذلِكَ لِعَائِشَةَ. فَقَالتْ: يَرْحَمُ الله عُمَرَ. لَا وَاللهِ! مَا حَدَّثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَحَدٍ" وَلكِنْ قَال: "إِنَّ اللهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ". قَال: وَقَالتْ عَائِشَةُ: حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]
ــ
اطلب منه الحضور إلي (قال) ابن عباس: (فرجعت إلى صهيب فقلت) له: (ارتحل) أي انتقل من منزلك هذا (فالحق أمير المؤمنين) عمر بن الخطاب فإنه يريد مرافقتك قال ابن عباس: (فلما) شرطية (أن) زائدة بعد لما أي فلما (أصيب) وطعن (عمر) بعد عوده من الحج (دخل صهيب) على عمر حالة كونه (يبكي) عليه وينوح حالة كونه (يقول) في نوحه (واأخاه واصاحباه فقال عمر: يا صهيب أتبكي عليَّ) بهمزة الاستفهام الإنكاري (و) الحال أنه (قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه) قيده ببعض البكاء فحمل على ما فيه نياحة جمعًا بين الأحاديث.
(فقال ابن عباس: فلما مات عمر) بن الخطاب (ذكرت ذلك) الحديث الذي حدثه عمر (لعائشة فقالت) عائشة: (يرحم الله عمر) قال الطيبي: هذا من الآداب الحسنة على منوال قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} فاستغربت عائشة من عمر ذلك القول فجعلت قولها (يرحم الله عمر) تمهيدًا ودفعًا لما يوحش من نسبته إلى الخطإ (لا) أي ليس الأمر كما قال عمر (والله ما حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يعذب المؤمن ببكاء أحد) من الناس قال في الإرشاد: يحتمل أن يكون جزمها بذلك لكونها سمعت صريحًا من النبي صلى الله عليه وسلم اختصاص العذاب بالكافر أو فهمت ذلك من القرآن (ولكن قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه قال) ابن عباس: (وقالت عائشة: حسبكم القرآن) أي كافيكم أيها المؤمنون قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ} أي نفس آثمة ولا غيرها {وزْرَ أُخْرَى} أي لا تؤاخذ
قَال: وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذلِكَ: وَاللهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى.
قَال ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ: فَوَاللهِ مَا قَال ابْنُ عُمَرَ مِنْ شَيءٍ.
(2031)
(0)(0) وحدّثنا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَال عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ: كُنَّا فِي جِنَازَةِ أُمِّ أَبَانٍ بِنْتِ عُثْمَانَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَلَمْ يَنُصَّ رَفْعَ الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا نَصَّهُ أَيُّوبُ وَابْنُ جُرَيجٍ. وَحَدِيثُهُمَا
ــ
نفس بذنب غيرها (قال) ابن أبي مليكة: (وقال ابن عباس عند ذلك) أي عند إنكار عائشة قول عمر وابن عمر: (والله أضحك وأبكى) تقرير لنفي ما ذهب إليه ابن عمر من أن الميت يعذب ببكاء أهله وذلك أن بكاء الإنسان وضحكه وحزنه وسروره من الله تعالى يظهرها فيه فلا أثر له في ذلك اهـ قسط يعني أن العبرة لا يملكها ابن آدم ولا تسبب له فيها فكيف يعاقب عليها فضلًا عن الميت اهـ من المرقاة كما مر.
(قال ابن أبي مليكة) بالسند السابق: (فوالله ما قال ابن عمر) بعد ما حدث ابن عباس حديث عمر (من شيء) من الكلام أي ما قال شيئًا من الكلام كما هو لفظ البخاري يعني أن ابن عمر سكت بعد ذلك إما تركًا للمجادلة وإما إذعانًا.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2031)
(0)(0)(وحدثنا عبد الرحمن بن بشر) بن الحكم بن حبيب بن مهران العبدي النيسابوري ثقة من (10) روى عنه في (13)(حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي الكوفي ثقة حجة من (8)(قال) سفيان (عمرو) بن دينار الجمحي المكي ثقة من (4) روى عنه في (22) بابا وعمرو مبتدأ خبره محذوف تقديره: قال سفيان: عمرو بن دينار حدثنا (عن) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي مليكة) زهير بن جدعان التيمي المكي ثقة من (3) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عمرو بن دينار لأيوب السختياني وابن جريج في رواية هذا الحديث عن ابن أبي مليكة قال ابن أبي مليكة: (كنا في جنازة أم أبان بنت عثمان) بن عفان (وساق) عمرو بن دينار (الحديث) السابق الذي روياه عن ابن أبي مليكة (ولم ينص) عمرو أي لم يصرح (رفع الحديث عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما نصه) أي كما صرح رفع الحديث (أيوب) السختياني (وابن جريج وحديثهما) أي
أَتمُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو.
(2032)
(0)(0) وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ".
(2033)
(896) - (36) وحدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ. قَال خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: "الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ". فَقَالتْ:
ــ
حديث أيوب وابن جريج (أتم) أي أطول متنًا (من حديث عمرو) بن دينار.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2032)
(0)(0)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (حدثنا عبد الله بن وهب) القرشي المصري (حدثني عمر بن محمد) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني ثقة من (6) روى عنه في (10) أبواب (أن سالمًا) ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني ثقة من (3)(حدثه) أي حدث سالم بن عبد الله عمر بن محمد (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد مكي غرضه بسوقه بيان متابعة سالم بن عبد الله لابن أبي مليكة في رواية هذا الحديث عن ابن عمر.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء الحي)
ثم استشهد المؤلف لحديث عمر ثانيًا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2033)
(896)(36)(وحدثنا خلف بن هشام) بن ثعلب البزار أبو محمد البغدادي ثقة من (10)(وأبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري ثقة من (10)(جميعًا) أي كل منهما (عن حماد) بن زيد الأزدي البصري ثقة من (8)(قال خلف: حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه قال) عروة: (ذكر عند عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان أو بغدادي وبصري أي ذكر عند عائشة (قول ابن عمر: الميت يعذب ببكاء أهله عليه فقالت) عائشة:
رَحِمَ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ. سَمِعَ شَيئًا فَلَمْ يَحْفَظْهُ. إِنَّمَا مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ. وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيهِ. فَقَال: "أَنْتُمْ تَبْكُونَ وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ".
(2034)
(0)(0) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ ببُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ". فَقَالتْ: وَهَلَ. إِنَّمَا قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ
ــ
(رحم الله أبا عبد الرحمن) هو كنية عبد الله بن عمر فقولها: رحم الله تمهيد ودفع لما يوحش من نسبته إلى الخطإ (سمع شيئًا) من النبي صلى الله عليه وسلم: (فلم يحفظه إنما مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة يهودي وهم) أي والحال أن اليهود (يبكون عليه) أي على الميت (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنتم تبكون) عليه (وإنه ليعذب) في قبره بكفره في حال بكاء أهله لا بسبب البكاء لأنه ليس من عمله وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود (3129) والنسائي (4/ 18).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
(2034)
(0)(0)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن هشام) بن عروة المدني الأسدي (عن أبيه) عروة بن الزبير (قال: ذكر عند عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان غرضه بسوقه بيان متابعة أبي أسامة لحماد بن زيد في رواية هذا الحديث عن هشام بن عروة.
(أن ابن عمر يرفع) أي يروي رافعًا (إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله عليه فقالت) عائشة: (وَهَلَ) ابن عمر بفتح الواو وفتح الهاء وكسرها أي غلط ونسي وأخطأ قال الهروي: يقال: وهل يهل إلى الشيء إذا ذهب وهمك إليه ومنه قول ابن عمر: (وهل أنس) يريد غلطَ، وقال أبو زيد وهلت في الشيء ووهلت عنه أهل وهلًا نسيت وغلطت ووهلت إلى الشيء أهل وهلًا إذا ذهب وهمك إليه اهـ من المفهم.
(إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه) أي إن الميت (ليعذب بخطيئته) أي
أَوْ بِذَنْبِهِ. وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيهِ الآنَ". وَذَاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْقَلِيب يَوْمَ بَدْرٍ. وَفِيهِ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَقَال لَهُمْ مَا قَال: "إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ" وَقَدْ وَهِلَ. إِنَّمَا قَال: "إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ" ثُمَّ قَرَأَتْ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]. {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22].
يَقُولُ: حِينَ تَبَوَّؤُا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ
ــ
بمعصيته (أو) قالت عائشة: ليعذب (بذنبه) والشك من عروة أو ممن دونه (وإن أهله ليبكون عليه الآن) أي بعد موته ودفنه (وذاك) أي وهله في هذا الحديث يعني إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه (مثل) وهله وخطئه في (قوله) أي في قول ابن عمر: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب) أي على قليب بدر وهو حفرة رميت فيها جيف كفار قريش المقتولين ببدر وفسر بالبئر العادية القديمة ولفظه مذكر ليس كلفظ البئر ولذا قال: (وفيه قتلى بدر) وفي المفهم: والقليب البئر غير المطوية أي قام على قليب بدر (يوم) غزوة (بدر وفيه) أي والحال أن في القليب (قتلى) يوم (بدر من المشركين) والقتلى جمع قتيل كالجرحى جمع جريح.
(فقال لهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما قال) لهم يعني قوله: هل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم حين قيل له: يا رسول الله تنادي ناسًا أمواتًا: (إنهم) أي إن هؤلاء القتلى (ليسمعون ما أقول) لهم وفي مغازي البخاري (ما أنتم بأسمع لما قلت منهم) قالت عائشة: (وقد وهل) وأخطأ ابن عمر في هذا الحديث بقوله: إنهم ليسمعون ما أقول (إنما قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم: (إنهم) أي إن قتلى بدر (ليعلمون أن ما كنت أقول لهم) من التوحيد (حق) أي صدق إذا رأوا جزاء شركهم (ثم قرأت) عائشة استدلالًا على إنكارها سماع الموتى قوله تعالى ({إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى})[النمل: 80] وقوله تعالى ({وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ})[فاطر: 22](يقول) النبي صلى الله عليه وسلم أي يريد بقوله: (إنهم ليعلمون أن ما كنت أقول حق) أي ليعلمون حقيته (حين تبوؤا) أي اتخذوا ونزلوا (مقاعدهم) أي منازلهم (من النار) فقولها: (وذاك مثل قوله) إلخ هذا تنظير منها وهله في عذاب الميت ببكاء الحي بوهله في سماع الموتى ذكر الفقهاء في كتاب الأيمان لو حلف لا يكلمه فكلمه ميتًا لا
(2035)
(0)(0) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ. وَحَدِيثُ أَبِي أُسَامَةَ أَتَمُّ
ــ
يحنث لأنها تنعقد على من يفهم والميت لا يفهم لعدم سماعه قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وهذا التشبيه لحال الكفار في عدم إذعانهم للحق بحال الموتى يفيد سماع الموتى إذ هو فرعه وقد قيل في الجمع:
سماع موتى كلام الخلق قد وردت
…
حقًّا وجاءت به الآثار في الكتب
وآية النفي معناها سماع هدى
…
لا يقبلون ولا يصغون للأدب
اهـ من بعض الهوامش.
وقولها: حين تبوؤا مقاعدهم من النار أي اتخذوا منازل منها ونزلوها اهـ منه.
قال القرطبي: وحاصل الكلامِ أنها أنكرت ما رواه الثقة الحافظ لأجل أنها ظنت أن ذلك معارض بقوله تعالى {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} وبقوله {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ولا تعارض بينهما لوجهين: أحدهما أن الموتى في الآية إنما يراد بهم الكفار فكأنهم موتى في قبورهم والسماع يراد به الفهم والإجابة هنا كما قال تعالى {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} وهذا كما سماهم بصم وبكم وعمي مع سلامة هذه الحواس منهم وثانيهما أنا لو سلمنا أن الموتى في الآية على حقيقتهم فلا تعارض بينها وبين أن بعض الموتى يسمعون في وقت ما أو في حال ما فإن تخصيص العموم ممكن وصحيح إذا وجد المخصص وقد وجد هنا بدليل هذا الحديث وحديث أبي طلحة الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بدر: (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) متفق عليه وبما في معناه مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الميت (إنه ليسمع قرع النعال).
رواه أحمد من حديث أبي هريرة وبالمعلوم من سؤال الملكين للميت في قبره وجوابه لهما إلى غير ذلك مما لا ينكر فحديث ابن عمر صحيح النقل وما تضمنه يقبله العقل فلا طريق لتخطئته والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ مفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة فقال:
(2035)
(0)(0)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا هشام بن عروة بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن عائشة (بمعنى حديث أبي أسامة) غرضه بيان متابعة وكيع لأبي أسامة (و) لكن (حديث أبي أسامة أتم) أي أطول من حديث وكيع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديثهما فقال:
(2036)
(0)(0) وحدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ، وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ. فَقَالتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ الله لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ. أَمَّا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ. وَلكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ. إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيهَا. فَقَال: "إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا".
(2037)
حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيدِ الطَّائِيِّ
ــ
(236)
(0)(0)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل البلخي الثقفي (عن مالك بن أنس) المدني (فيما قرئ عليه عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي أبي محمد المدني ثقة من (5) قال العجلي: مدني تابعي ثقة (عن أبيه) أبي بكر بن محمد ثقة من (5) وأبو بكر اسمه وكنيته واحد وقيل: اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد (عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ثقة من (3)(أنها) أي أن عمرة (أخبرته) أي أخبرت أبا بكر بن محمد (أنها) أي أن عمرة (سمعت عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد فإنه بلخي غرضه بيان متابعة عمرة لعروة في رواية هذا الحديث عن عائشة.
(و) الحال أنه قد (ذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن) كنية عبد الله بن عمر (أما) حرف استفتاح (إنه) أي إن عبد الله بن عمر (لم يكذب) بهذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولكنه نسي أو) قالت عائشة: (أخطأ) والشك من عمرة أو ممن دونها وإنما قلت ذلك لأنه (إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على) ميتة (يهودية يبكى عليها) أي يبكي عليها أهلها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنهم ليبكون) عليها (و) الحال (إنها لتعذب) بكفرها (في قبرها) لا ببكائهم لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 39) والترمذي (1004) وابن ماجه (1595).
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عمر بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما فقال:
(2037)
(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سعيد بن عبيد الطائي) أبي
وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ. قَال: أَوَّلُ مَنْ نِيحَ عَلَيهِ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ. فَقَال الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ:
ــ
الهذيل الكوفي روى عن علي بن ربيعة في الجنائز وبشير بن يسار في القيامة وعبد الله بن شقيق ويروي عنه (خ م د ت س) ووكيع ومروان الفزاري ويحيى القطان وأبو نعيم وثقه أحمد والنسائي وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وابن نمير وقال في التقريب: ثقة من السادسة (6)(ومحمد بن قيس) الأسدي أبي قدامة الكوفي روى عن علي بن ربيعة الوالبي في الجنائز والحكم والشعبي وأبي الضحى ويروي عنه (م د س) ووكيع وعلي بن مسهر وثقه أحمد وابن المديني: وابن معين والنسائي ووكيع وقال في التقريب: ثقة من كبار السابعة قال ابن المديني له نحو عشرين حديثًا كلاهما رويا (عن علي بن ربيعة) بن نضلة الأسدي الوالبي نسبة إلى والبة بطن من أسد بن خزيمة أبي المغيرة الكوفي روى عن المغيرة بن شعبة في الجنائز وعن علي وسلمان ويروي عنه (ع) ومحمد بن قيس الأسدي وسعيد بن عبيد الطائي وثقة النسائي وابن نمير وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال العجلي: تابعي كوفي ثقة له في (خ م) فرد حديث وقال في التقريب: ثقة من كبار الثالثة (قال) علي بن ربيعة: (أول من نيح) أي رفع الصوت بالبكاء (عليه قرظة) بفتحات وظاء مشالة (بن كعب) بن ثعلبة بن عمرو الأنصاري الخزرجي شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد وهو أحد العشرة الذين وجههم عمر مع عمار بن ياسر إلى الكوفة من الأنصار لتعليم الناس دينهم وكان فاضلًا وفتح الري سنة (23) ثلاث وعشرين في خلافة عمر وولاه على الكوفة لما سار إلى الجمل فلما خرج إلى صفين أخذه معه وشهد مع علي مشاهده وتوفي في خلافته في داره بالكوفة وصلى عليه علي وقيل: بل توفي في إمارة المغيرة بن شعبة على الكوفة أول أيام معاوية والأول أصح كذا في أسد الغابة والمذكور في هذا الصحيح يؤيد الثاني (فقال المغيرة بن شعبة) بن أبي عامر بن مسعود الثقفي أبو محمد الكوفي رضي الله عنه وكان واليًا على الكوفة إلى أن مات سنة خمسين (50) كما في أسد الغابة وقد مر البسط في ترجمته في أول الكتاب وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وفيه التحديث والقول والعنعنة والمقارنة.
وفي رواية الترمذي: (فجاء المغيرة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال النوح في الإسلام).
سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ نِيحَ عَلَيهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
(2038)
(0)(0) وحدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيسِ الأَسْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الأَسْدِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ.
(2039)
(0)(0) وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (يَعْنِي الْفَزَارِيَّ). حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ عَلِيُّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ
ــ
(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه) أي بسبب النوح عليه إن كان النوح من عادته أو وصى بالنوح عليه (يوم القيامة) وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (4/ 245) والبخاري (1291) والترمذي (1000).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال:
(2038)
(0)(0)(وحدثني علي بن حجر) بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي ثقة من (9)(حدثنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (8)(أخبرنا محمد بن قيس الأسدي) الكوفي (عن علي بن ربيعة الأسدي) الوالبي الكوفي (عن المغيرة بن شعبة) الثقفي الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا علي بن حجر فإنه مروزي (عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله) أي مثل ما روى وكيع عن محمد بن قيس غرضه بيان متابعة علي بن مسهر لوكيع بن الجراح في رواية هذا الحديث عن محمد بن قيس.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث المغيرة رضي الله عنه فقال:
(2039)
(0)(0)(وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث (يعني الفزاري) أبو عبد الله الكوفي (حدثنا سعيد بن عبيد الطائي) الكوفي (عن علي بن ربيعة) الوالبي الكوفي (عن المغيرة بن شعبة) الكوفي (عن
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم مثله) أي مثل ما روى وكيع عن سعيد بن عبيد وجملة ما ذكر المؤلف في هذ الباب أربعة أحاديث:
الأول: منها حديث عمر بن الخطاب ذكره للاستدلال وذكر فيه ست متابعات.
والثاني: حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات.
والثالث: حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات.
والرابع: حديث المغيرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والله أعلم.
* * *