الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
385 - (3) - باب الدعاء في الاستسقاء في المسجد بغير صلاة
(1959)
- (864)(4) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ
ــ
385 -
(3) باب الدعاء في الاستسقاء في المسجد بغير صلاة
(1959)
(864)(4)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وبحيى بن أيوب) المقابري أبو زكريا البغدادي (وقتيبة) بن سعيد البلخي (و) علي (بن حجر) بن إياس السعدي أبو الحسن المروزي (قال يحيى) بن يحيى: (أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو إسحاق المدني ثقة من (8)(عن شريك) بن عبد الله (بن أبي نمر) القرشي أبي عبد الله المدني وثقه أبو داود وابن سعد ذكره ابن حبَّان في الثقات وقال في التقريب صدوق من (5)(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد بصري وواحد إما نيسابوري أو بغدادي أو بلخي أو مروزي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة (أن رجلًا) هو كعب بن مرة أو غيره. اهـ قسط (دخل المسجد) النبوي قال الأبي: هذا المُشِقُّ من القحط كان أكابر الصحابة رضي الله عنهم عالمين به ولم يقع منهم ما وقع من الرجل فيقوم منه أن الصبر على المشاق وعدم التسبب في كشفها أرجح لأنهم إنما يفعلون الأفضل اهـ.
(يوم جمعة) بالتنكير وفي بعض روايات البخاري (يوم الجمعة) بالتعريف (من باب كان نحو) أي جهة (دار القضاء) وهي دار كانت لعمر بن الخطاب سميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كتبه على نفسه لبيت مال المسلمين وأوصى ابنه عبد الله أن يباع فيه ماله فإن عجز ماله استعان ببني عدي ثم بقريش فباع عبد الله ابنه داره هذه لمعاوية بن أبي سفيان وباع ماله بالغابة وقضى دينه فكان يقال له دار قضاء دين عمر ثم اختصروا فقالوا دار القضاء وهي دار مروان وقد غلط من قال فيها دار قضاء الأمراء ووهم أيضًا من قال فيها دار الإمارة لأنه لمَّا بلغه أنها دار مروان ظنَّ أنها دار الإمارة وكان دين عمر الذي كتبه على نفسه ثمانية وعشرين ألفًا
وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ. فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا. ثُمَّ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ. فَادْعُ اللهِ يُغِثْنَا. قَال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيهِ. ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.". قَال أَنَسٌ: وَلَا وَاللهِ، مَا
ــ
قال النواوي: هذا غلط والصحيح أنها ستة وثمانون ألفًا وكذا ذكره البخاري في صحيحه وغيره من أصحاب السير هـ أبي (ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب) خطبة الجمعة (فاستقبل) الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه حالة كونه (قائمًا) اعتناءً بسؤاله (ثم قال) الرجل في هذا جواز كلام الداخل مع الخطيب في حال خطبته ويحتمل أن يكون إنما كلمه في حال سكتةٍ كانت من النبي صلى الله عليه وسلم إما الاستراحة في النطق وإما في حال الجلوس والله أعلم: (يا رسول الله هلكت الأموال) أي المواشي وأصل المال كل ما يتموَّل وعرفه عند العرب الإبل لأنها معظم أموالهم وهلاكها لقلة الأقوات بسبب انعدام المطر والنبات (وانقطعت السبل) أي الطرق لهلاك الإبل ولعدم ما يؤكل في الطرق أي انقطعت الطرق فلم تسلكها الإبل إما لخوف الهلاك أو الضعف بسبب قلة الكلأ أو عدمه (فادع الله) لنا المطر إن دعوت الله لنا (يغثنا) بالجزم بالطلب السابق أي يمطر لنا الغيث بضم الياء من أغاث الرباعي يغيث إغاثة والمشهور في كتب اللغة أنه إنما يقال: غاث الله الناس والأرض يغيثهم بفتح الياء أي أنزل المطر قال القاضي عياض: قال بعضهم: هذا المذكور في الحديث من الإغاثة بمعنى الإعانة وليس من طلب الغيث إنما يقال في طلب الغيث: اللهم أغثنا قال القاضي: ويحتمل أن يكون من طلب الغيث أي هب لنا غيثًا وارزقنا غيثًا كما يقال سقاه الله وأسقاه أي جعل له سقيا على لغة من فرق بينهما اهـ (قال) أنس: (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا) ثلاث مرات أي أنزل لنا الغيث أو أدركنا من جهد القحط بالغيث وبهذا الحديث استدلت الأحناف على عدم تحويل الرداء وعدم الصلاة في الاستسقاء فقد استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ولم يقلب رداءه ولم يصل له وثبت أن عمر استسقى كذلك ولو كان سنة لما تركها لأنه كان أشد الناس اتباعًا للسنة وهي لا تثبت إلا بالمواظبة اهـ من بعض الهوامش (قال أنس) رضي الله عنه: (ولا والله ما) تأكيد للنفي المفهوم من لا أو لا زائدة لتأكيد القسم
نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ. وَمَا بَينَنَا وَبَينَ سَلْعٍ مِنْ بَيتٍ وَلَا دَارٍ. فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ. فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ. ثُمَّ أَمْطَرَتْ. قَال: فَلَا وَاللَّهِ، مَا رَأَينَا الشَّمْسَ سَبْتًا. قَال: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ. وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ. فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا. فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ
ــ
كما في قوله تعالى {لَا أُقسِمُ} كلَّا أي ما (نرى في السماء من سَحَاب ولا قزعة) أي قطعة من سحاب من ذكر الجزء بعد الكل يجمع على قزع كقصبة وقصب قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون في الخريف (وما بيننا) يعني أهل المدينة (وبين) جبل (سلع) بفتح السين المهملة وسكون اللام جبل مشهور بقرب المدينة (من بيت) صغير (ولا دار) كبير أي ليس بيننا وبينه من حائل يمنعنا من رؤية سبب المطر فنحن مشاهدون له وللسماء (فطلعت) أي ظهرت (من ورائه) أي من وراء ذلك الجبل (سحابة مثل الترس) أي شبه الحجفة والترس هو ما يتقى به السيف وتشبيه السحابة بالترس في كثافتها واستدارتها لا في القدر (فلما توسطت) السحابة (السماء) أي وصلت وسط السماء (انتشرت) وتفرقت في نواحي السماء (ثم أمطرت) السحابة أي أنزلت المطر الكثير وأمطر رباعيًّا ومطر ثلاثيًّا بمعنى واحد وقيل أمطر في العذاب ومطر في الرحمة والأول أشهر.
(قال) أنس: (فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا) أي أسبوعًا من السبت إلى السبت كما نقول جمعةً أي من جمعة إلى جمعة والسبت في اللغة القطع وبه سمي يوم السبت وقد رواه الداودي سبتًا وفسره بستة أيام من الدهر وهو تصحيف (قال) أنس (ثم) بعد أُسبوع (دخل رجل) آخر (من هذا الباب) الذي كان من جهة دار القضاء (في الجمعة المقبلة) أي المستقبلة للجمعة الأولى وإنما فسرنا برجل آخر جريًا على القاعدة المشهورة عند البلغاء كما قال السيوطي في عقود الجمان:
ثم من القواعد المشتهرةْ
…
إذا أتت نكرة مكررةْ
تغايرت وإن يعرِّف ثاني
…
توافقا كذا المعرفان
(ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله) صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل حالة كونه (قائمًا فقال يا رسول الله هلكت الأموال) أي المواشي من كثرة المطر لتعذر رعيها (وانقطعت السبل) لتعذر سلوكها فهلاك الأموال وانقطاع السبل في هذه
فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا. قَال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيهِ. ثُمَّ قَال: "اللَّهُمَّ حَوْلَنَا وَلَا عَلَينَا. اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ". فَانْقَلَعَتْ. وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ قَال شَرِيكٌ: فَسَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَال: لَا أَدْرِي.
(1960)
(0)(0) وحدَّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيد. حدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،
ــ
المرة من كثرة الأمطار لتعذر الرعي والسلوك (فادع الله) سبحانه لنا أن (يمسكها عنَّا) بالرفع على تقدير فهو يمسكها وبالجزم على جواب الطلب (قال) أنس (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم) أنزله (حولنا ولا) تنزله (علينا اللهم) أمطره (على الآكام) بكسر الهمزة أو بفتحها مع المد قال في المصباح الأكمة تل والجمع أكم وأكمات مثل قصبة وقصب وقصبات وجمع الأكم إكام مثل جبل وجبال وجمع الإكام أكم بضمتين مثل كتاب وكتب وجمع الأكم آكام مثل عنق وأعناق اهـ (و) على (الظراب) أي على الجبال الصغار وهو بكسر الظاء المشالة جمع ظرب بفتحها وكسر الراء بمعنى الرابية الصغيرة فالظراب الجبال الصغار وهي دون الجبل الكبار والآكام هي التلال وهي دون الظراب (و) على (بطون الأودية و) على (منابت الشجر فانقلعت) أي فأمسكت السحابة الماطرة عن المدينة المنورة (وخرجنا) من المسجد حالة كوننا (نمشي في الشمس قال شريك) بن أبي نمر: (فسألت أنس بن مالك أهو) أي الرجل الثاني الذي اشتكى كثرة المطر هو (الرجل الأول) الذي اشتكى القحط أم لا (قال) أنس (لا أدري) أي ما أدري ولا أعلم هل هو الرجل الأول أم غيره والظاهر من القواعد أنه غير الأول كما مر ولكن قد جاء في رواية للبخاري وغيره أنه الأول اهـ نواوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 104 و 1187) والبخاري (1013) وأبو داود (1174 و 1175) والنسائي (3/ 154 و 155) وفي هذا الحديث استحباب طلب انقطاع المطر على المنازل والمرافق إذا كثر وتضرروا به ولكن لا يشرع له صلاة ولا اجتماع في الصحراء اهـ النواوي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
(1960)
(0)(0)(وحدثنا داود بن رشيد) بالتصغير الهاشمي مولاهم أبو الفضل البغدادي ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي الأموي
عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَبَينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. إِذْ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ. وَفِيهِ قَال:"اللَّهُمَّ حَوَالينَا وَلَا عَلَينَا"
ــ
مولاهم الدمشقي ثقة من (8)(عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) أبي عمرو الدمشقي ثقة عالم من (7)(حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني (عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري.
وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم دمشقيان وواحدٌ بصري وواحدٌ مدني وواحدٌ بغدادي وفيه التحديث إفرادًا وجمعا والعنعنةُ غرضه بسوقه بيان متابعة إسحاق بن عبد الله لشريك بن أبي نمر في رواية هذا الحديث عن أنس.
(قال) أنس (أصابت الناس سنة) أي قحطٌ وجدب وهو انقطاع المطر ويبس الأرض (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمان حياته (فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس) ويذكرهم (على المنبر يوم الجمعة إذ) فجائيةٌ رابطةٌ لجوابِ بينا (قام أعرابيٌّ) أي شخصٌ بدويٌّ والمعنى بينا أوقات خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على المنبر فاجأهم قيامُ أعرابى (فقال) الأعرابي (يا رسول الله هلك المال) أي الإبل لقلة المرعى (وجاع العيال) أي الأولاد والنساء لقلة القوت (وساق) إسحاق بن عبد الله (الحديث) السابق (بمعناه) أي بمعنى حديث شريك بن أبي نمر (و) لكن (فيه) أي في الحديث الذي ساقه إسحاق بن عبد الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم) أنزل المطر (حوالينا) أي في الجهات المحيطة بنا (ولا) تنزله (علينا) وهو منصوب بالياء على الظرفية لأنه ملحق بالمثنى في إعرابه لأن المقصود منه التكرار لا التثنية قال الجوهري: يقال: قعدوا حوله وحواله وحوليه وحواليه بفتح اللام ولا يقال حواليه بكسرها اهـ.
قال القاضي عياض: وفي قوله (اللهم حوالينا) الخ أدبه الكريم وخلقه العظيم إذ لم يدع برفعه لأنه رحمة بل دعاء بكشف ما يضرهم وتصييره إلى حيث يبقى فيه نفعه وخصبه ولا يستضر به ساكن ولا ابن سبيل فيجب التأدب بمثله في مثل هذا اهـ.
قَال: فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ إِلَّا تَفَرَّجَتْ. حَتَّى رَأَيتُ الْمَدِينَةَ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ. وَسَال وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا. وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا أَخْبَرَ بِجَوْدٍ.
(1961)
(0)(0) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللَّهِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَقَامَ إِلَيهِ النَّاسُ
ــ
(قال) أنس (فما يشير) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيده) الشريفة (إلى ناحية) وجانب من نواحي المدينة (إلا تفرجت) السحب وتقطعت وزالت وانكشفت عنها (حتى رأيت المدينة) ونظرت إليها كأنها (في مثل الجوبة) وشبهها والجوبة بفتح الجيم وسكون الواو الفجوة والفجوة الفرجة بين الشيئين أو بين البيوت والفجوة أيضًا المكان المتسع وفجوة الدار ساحتها اهـ مصباح.
والمعنى تقطعت السحب عن المدينة وانكشفت عنها وصارت مستديرة حولها حتى باينت المدينة ما جاورها من الأرض مباينة الجوبة لما حولها وصارت خالية منها (وسال) سيل (وادي قناة شهرًا) وقناة إسم واد من أودية المدينة وعليه زروع لهم فأضافه هنا إلى نفسه (ولم يجئ أحد من ناحية) من نواحي المدينة (إلا أخبر بجود) أي بمطر كثير والجود هو المطر الشديد.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
(1961)
(0)(0)(وحدثني عبد الأعلى بن حمّاد) بن نصر الباهلي مولاهم أبو يحيى البصري ثقة من (10) روى عنه في (7) أبواب (ومحمد بن أبي بكر) بن علي بن عطاء بن مقدم (المقدمي) نسبة إلى هذا الجد أبو عبد الله الثقفي البصري ثقة من (10) روى عنه في (5) أبواب (قالا: حدثنا معتمر) بن سليمان التيمي البصري ثقة من (9)(حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العدوي العمري المدني ثقة من (5)(عن ثابت) بن أسلم (البناني) نسبة إلى بنانة أبي محمد البصري ثقة من (4)(عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري.
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا عبيد الله بن عمر وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والعنعنة والقول والمقارنة وغرضه بيان متابعة ثابت لإسحاق بن عبد الله في الرواية عن أنس.
(قال) أنس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقام إليه الناس
وَصَاحُوا وَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! قَحِطَ الْمَطَرُ، وَاحْمَرَّ الشَّجَرُ، وَهَلَكَتِ الْبَهَائِمُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الأَعْلَى: فَتَقَشَّعَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ. فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوَاليهَا. وَمَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً. فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الإِكْلِيلِ.
(1962)
(0)(0) وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ،
ــ
وصاحوا) أي ضجوا ورفعوا أصواتهم بالشكوى في الرواية السابقة (جاء رجل) الخ فبين الروايتين معارضة فيجمع بينهما بأن الرجل ابتدأ بالشكوى فتبعه الناس فذكر في الأولى المبتدئ وفي هذه التابعين له في الشكوى ويحتمل أن يراد بالناس هنا الواحد نظير قوله تعالى {الَّذِينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ} وإنما قال لهم واحد اهـ من إكمال المعلم بتصرف.
(وقالوا) في صياحهم: (يا نبي الله قحط) بفتح القاف وبفتح الحاء وكسرها أي احتبس (المطر واحمر الشجر) كناية عن يبس ورقها وظهور عودها أي تغيرت لونه من الخضرة إلى الحمرة من اليبس (وهلكت البهائم) أي المواشي لفقدان الكلأ (وساق) ثابت أي ذكر (الحديث) السابق بمثل حديث إسحاق بن عبد الله (و) لكن (فيه) أي في حديث ثابت حالة كونه (من رواية عبد الأعلى) بن حمّاد لفظه (فتقشعت) السحابة أي زالت وانكشفت (عن المدينة فجعلت) أي شرعت (تمطر حواليها) أي حوالي المدينة وجوانبها (وما تمطر) السحابة بضم التاء من الأمطار (بالمدينة قطرة) من الماء بالنصب مفعول به وجملة النفي حالية قال أنس: (فنظرت إلى المدينة) أي إلى سمائها وإلى أرضها (وإنها) أي وإن سماءها أو إن أرضها (لفي مثل الإكليل) هو كل ما أحاط بالشيء وسمي التاج إكليلًا لإحاطته بالرأس شبه إحاطة المطر أو السحاب بها بإحاطة الإكليل بجوانب الرأس.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
(1962)
(0)(0)(وحدثناه أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حمّاد بن أسامة الهاشمي مولاهم الكوفي (عن سليمان بن المغيرة) القيسي البصري من (7)(عن ثابت) البناني (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وساق سليمان بن
بِنَحْوهِ. وَزَادَ: فَأَلَّفَ اللَّهُ بَينَ السَّحَابِ. وَمَكَثْنَا حَتَّى رَأَيتُ الرَّجُلَ الشَّدِيدَ تُهِمُّهُ نَفْسُهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ.
(1963)
(0)(0) وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي أُسَامَةُ؛ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ
ــ
المغيرة (بنحوه) أي بنحو حديث عبيد الله بن عمر فغرضه بيان متابعة سليمان لعبيد الله (و) لكن (زاد) سليمان بن المغيرة على عبيد الله لفظة (فألف الله) سبحانه وتعالى بعد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أي ركّب وجمع (بين السحاب ومكثنا) أي جلسنا أسبوعًا يمطر السحاب المؤلف وكثر المطر (حتى رأيت الرجل الشديد) أي القوي منا فضلًا عن الضعيف (تهمه نفسه) بضم التاء مع كسر الهاء من أهم الرباعي أو بفتح التاء مع ضم الهاء من همّ الثلاثي يقال همّه الشيء وأهمّه أي اهتم له واغتنم به أي تدخل عليه نفسه الهم والغم.
وجملة قوله (أن يأتي أهله) وعياله ويرجع إليهم في تأويل مصدر مرفوع على أنه بدل اشتمال من نفسه أي يهمه إتيان أهله والرجوع إليهم لكثرة المطر.
ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أنس فقال:
(1963)
(0)(0)(وحدثنا هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي أبو جعفر (الأيلي) المصري (حدثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (حدثني أسامة) بن زيد الليثي أبو زيد المدني صدوق من (7)(أن حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك) الأنصاري البصري صدوق من (3)(حدّثه) أي حدّث لأسامة بن زيد (أنه) أي حفص بن عبيد الله (سمع أنس بن مالك) الأنصاري البصري رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان مصريان وواحد مدني غرضه بسوقه بيان متابعة حفص بن عبيد الله لثابت في رواية هذا الحديث عن أنس بن مالك حالة كون أنس.
(يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو) صلى الله عليه وسلم (على المنبر واقتص) أي ذكر حفص بن عبيد الله (الحديث) السابق الذي
وَزَادَ: فَرَأَيتُ السَّحَابَ يَتَمَزَّقُ كَأَنَّهُ الْمُلاءُ حِينَ تُطْوَى
ــ
رواه ثابت (و) لكن (زاد) حفص بن عبيد الله على ثابت لفظة (فرأيت السحاب يتمزق) أي يتقطع ويتفرق قطعًا قطعًا حتى يكون (كأنه الملاء) بضم الميم وبالمد جمع ملاءة بالمد أيضًا وهي الريطة أي الملحفة تلتحف بها المرأة وترتدي بها (حين تطوى) وتلف أي كأنه الملحفة أي مثل الملحفة المطوية بعد نشرها شبه انقشاع السحاب وانكشافه عن المدينة بلف الملاءة والملحفة المنشورة للبسها أولًا ثم طويت.
قال النواوي: لا خلاف أن الملاءة في الجمع والإفراد ممدودة ورأيت في كلام القاضي أنها مقصورة في الجمع وهو غلط من الناسخ وإن كان من الأصل فهو خطأ لا شك فيه اهـ.
وفي بعض الهوامش شبه تفرق الغيم واجتماع بعضه إلى بعض في أطراف السماء بلف الملاءة المضموم بعضها إلى بعض بعد نشرها للبسها اهـ.
وانفرد مسلم بهذه الرواية ولا يخفى ما في هذا الحديث من الأحكام ومن كرامات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب إلا حديث أنس وذكر فيه أربع متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
(تنبيه):
(فإن قلت) لمَ لمْ يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالاستسقاء حتى سألوه مع أنه صلى الله عليه وسلم أشفق عليهم منهم وأولى بهم من أنفسهم.
(قلت) إنما ترك البداية به قبل سؤالهم به لأن مقامه صلى الله عليه وسلم التوكل والصبر على البأساء والضراء ولذلك كان أصحابه الخواص يقتدون به في ذلك وهذا المقام لا يصل إليه العامة وأهل البوادي ولهذا والله أعلم كان السائل في الاستسقاء بدويًّا فلما سألوه أجاب رعاية لهم وإقامةً لسنة هذه العبادة فيمن بعده من أهل الأزمنة التي يغلب على أهلها الجزع وقلة الصبر على اللأواء فيؤخذ منه أن الأفضل للأئمة الاستسقاء ولمن ينفرد بنفسه في صحراء أو سفينة الصبر والتسليم للقضاء لأنه صلى الله عليه وسلم قبل السؤال فوّض ولم يستسق اهـ من الإرشاد.