المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌414 - (32) باب ما تجب فيه الزكاة وبيان نصبه ومقدار ما يخرج منها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الاستسقاء

- ‌383 - (1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء وكيفية العمل فيها

- ‌384 - (2) باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء والإشارة إلى السماء بظهر كفيه

- ‌385 - (3) - باب الدعاء في الاستسقاء في المسجد بغير صلاة

- ‌386 - (4) باب التبرك بالمطر والفرح به والتعوذ عند الريح والغيم وما ورد في الصبا والدبور

- ‌أبواب الكسوف

- ‌387 - (5) - باب كيفية العمل في صلاة الكسوف وأن فيها ركوعين في كل ركعة

- ‌388 - (6) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌389 - (7) باب: ذكر عذاب القبر في صلاة الخسوف

- ‌389 - (7) باب التعوذ من عذاب القبر في صلاة الخسوف

- ‌390 - (8) باب ماعرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار

- ‌391 - (9) باب فزع النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف

- ‌392 - (10) باب مشروعية صلاة الكسوف جماعة

- ‌393 - (11) باب ما جاء أنه يركع في كل ركعة أربع ركعاتٍ

- ‌394 - (12) - باب النداء في الكسوف بالصلاة جامعة

- ‌395 - (13) باب لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته

- ‌396 - (14) باب الفزع إلى الذكر والدعاء والاستغفار عند الكسوف

- ‌397 - (15) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌398 - (16) باب الأمر بصلاة الكسوف على الإطلاق

- ‌أبواب الجنائز

- ‌399 - (17) باب تلقين الموتى وما يقال عند المصيبة وعند حضور المرضى والموتى

- ‌400 - (18) باب: إغماض الميت والدعاء له، وشخوص بصره عند الموت

- ‌401 - (19) - باب: البكاء على الميت وعيادة المرضى والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌402 - (20) باب ما جاء أن الميت يعذب ببكاء الحي عليه

- ‌403 - (21) باب ما جاء في النياحة واتباع النساء الجنائز

- ‌404 - (22) باب الأمر بغسل الميت وبيان كيفيته

- ‌405 - (23) باب في تكفين الميت وتسجيته والأمر بتحسين الكفن

- ‌(بشارة عظيمة حصلت لي في هذا المكان)

- ‌406 - (24) باب الإسراع بالجنازة وفضل الصلاة عليها واتباعها

- ‌407 - (25) باب الاستشفاع للميت وأن الثناء عليه شهادة له وأنه مستريحٌ ومستراحٌ منه

- ‌408 - (26) باب كم يكبر على الميت والصلاة على الغائب والصلاة على القبر

- ‌409 - (27) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌410 - (28) باب الدعاء للميت في الصلاة وأين يقوم الإمام من المرأة وركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌411 - (29) باب اللحد ونصب اللبن على الميت وجعل القطيفة تحته والأمر بتسوية القبور والنهي عن تجصيصها والجلوس عليها

- ‌412 - (30) باب الصلاة على الجنازة في المسجد وزيارة القبور وما يقال فيها

- ‌413 - (31) باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه والنهي عن زيارة القبور ثم الترخيص فيها وترك الصلاة على قاتل نفسه

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌414 - (32) باب ما تجب فيه الزكاة وبيان نصبه ومقدار ما يخرج منها

- ‌415 - (23) باب لا زكاة فيما اتخذ للقنية وتقديم الزكاة وتحملها عمن وجبت عليه

- ‌416 - (34) باب الأمر بزكاة الفطر وبيان من تخرج عنه وما تخرج منه ومتى تخرج

- ‌417 - (35) باب وجوب الزكاة في الذهب والبقر والغنم وإثم مانع الزكاة

- ‌418 - (36) باب إرضاء السعاة وتغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة

- ‌419 - (37) باب الترغيب في الصدقة والاعتناء بالدين وذم المكثرين وأن صاحب الكبائر يدخل الجنة إلا الشرك

- ‌420 - (38) باب التغليظ على الكنازين وتبشير المنفق بالخلف

- ‌421 - (39) باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم والابتداء في الإنفاق بالنفس ثم الأهل ثم ذوي القرابة

الفصل: ‌414 - (32) باب ما تجب فيه الزكاة وبيان نصبه ومقدار ما يخرج منها

‌414 - (32) باب ما تجب فيه الزكاة وبيان نصبه ومقدار ما يخرج منها

(2143)

(942) - (92) وحدَّثني عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيرٍ النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. قَال: سَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ. فَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ

ــ

414 -

(32) باب ما تجب فيه الزكاة وبيان نصبه ومقدار ما يخرج منها

(2143)

(942)(92)(وحدثني عمرو بن محمد بن بكير) بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة قال) سفيان: (سألت عمرو بن يحيى بن عمارة) بن أبي الحسن المازني المدني ثقة من (6) روى عنه في (9) أبواب أي سألته عما تجب فيه الزكاة وعن نصبه قال الأبي: والمسؤول عنه مفهوم من السياق وهو مقدار النصب التي دل عليها الجواب بقوله: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) إلى آخر ما ذكر (فأخبرني) عمرو بن يحيى (عن أبيه) يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني المدني ثقة من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي سعيد) الأنصاري (الخدري) سعد بن مالك المدني رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد بغدادي (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس فيما دون) أي في أقل من (خمسة أوسق صدقة) أي زكاة ودون في كل مواضعه من هذا الحديث بمعنى أقل أي ليس في أقل من خمس صدقة لا أنَّه نفى الصدقة عن غير الخمس مما زاد كما زعم بعضهم في قوله (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أنها بمعنى غير وظاهر الحديث أنَّه إذا نقص من النصاب ولو أقل ما ينطلق عليه اسم النقص لم تجب فيه زكاة وبه قال أبو حنيفة وقال مالك: إذا كان النقصان يسيرًا لم تسقط الزكاة واختلف أصحابه في مقدار اليسير فمنهم من قال: ما لا يتشاح فيه في العادة ومنهم من فسره بأنه المقدار الَّذي تختلف فيه المكاييل أو الموازيين وحكي عن عمر بن عبد العزيز أن نصاب الدراهم إن نقص ثلاثة دراهم ونصاب الذهب إن نقص ثلث دينار لم تسقط الزكاة والظاهر مع أبي حنيفة.

والمعنى ليس فيما يخرج من الأرض عشر حتَّى يبلغ هذا المقدار فلفظ دون بمعنى

ص: 290

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أقل والأوسق جمع قلة لوسق كفلس وأفلس ويقال: أوساق جمع وسق بكسر الواو يقال: عدل وأعدال ورطل وأرطال ويجمع على وسوق كفلس وفلوس والوسق كما في القاموس ستون صاعًا أو حمل بعير سمى وسقًا لجمعه الصيعان لأنه من وسق بمعنى جمع ومنه قوله تعالى: {وَالْلَّيلِ وَمَا وَسَقَ} أي جمع وضم قال الخطابي: والوسق تمام حمل الدواب النقالة وهو ستون صاعًا وقال غيره: والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالعراقي ويقال بالبغدادي والرطل العراقي هو اثنا عشر أوقية والأوقية هنا هي زنة عشرة دراهم وثلثي درهم من دراهم الكيل فمبلغ زنة الرطل من دراهم الكيل مائة درهم وثمانية وعشرون درهمًا والحديث حجة لأبي يوسف ومحمد في قولهما بعدم الوجوب حتَّى يبلغ خمسة أوسق وتمسك الإمام أبو حنيفة في قوله بالوجوب في قليل ما يخرج من الأرض وكثيره بعموم قوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} وعموم ما يأتي من قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقي بالسانية نصف العشر).

وأول ما تمسكا به من حديث الباب بأن المراد به زكاة التجارة لأن الناس كانوا يتبايعون بالأوسق وقيمة الوسق أربعون درهمًا كما في الفتح وغيره فيساوي خمسة أوسق مائتي درهم اهـ من بعض الهوامش ولم يقع في الحديث بيان المكيل بالأوسق لكن في رواية مسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة) وفي رواية له: (ليس في حب ولا تمر صدقة حتَّى يبلغ خمسة أوسق) ولفظ (دون) في المواضع الثلاثة بمعنى أقل لا أنَّه نفي عن غير الخمس بالصدقة كما زعم بعض من لا يعتد بقوله كذا في الفتح اهـ.

وقوله أيضًا: (ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة) احتج به الشافعي وأبو يوسف ومحمد والجمهور على أن ما أخرجته الأرض إذا بلغ خمسة أوسق تجب فيها الصدقة وهي العشر وليس فيما دون ذلك شيء وقال أبو حنيفة في كل ما أخرجته الأرض قليله وكثيره العشر سواء سقي نضحًا أو سقته السماء إلَّا القصب الفارسي والحطب والحشيش قال النواوي: وفي هذا الحديث فائدتان إحداهما: وجوب الزكاة في هذه المحدودات والثانية: أنَّه لا زكاة فيما دون ذلك ولا خلاف بين المسلمين في هاتين إلَّا ما قال أبو حنيفة وبعض السلف إنه تجب الزكاة في قليل الحب وكثيره وهذا مذهب باطل منابذ لصريح الأحاديث الصحيحة اهـ قال العيني: وهذه عبارة سمجة فلا يليق التلفظ بها في

ص: 291

وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ. وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ"

ــ

حق إمام متقدم علمًا وفضلًا وزهدًا وقربًا إلى الصحابة والتابعين اهـ من فتح الملهم باختصار.

(ولا فيما دون خمس ذود صدقة) والذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة الإبل قال القرطبي: والرواية المشهورة فيه على الإضافة ومنهم من يرويه بالتنوين على البدل والصحيح في الرواية: إسقاط الهاء من خمس على التأنيث وأثبتها بعضهم على التذكير وهذا على الخلاف في الذود هل يطلق على الإناث أو على المذكور على ما يأتي وأصل وضع الذود إنما هو مصدر من ذاد يذود إذا دفع شيئًا فكان من كان عنده دفع عن نفسه معرة الفقر أو شدة الفاقة والحاجة واختلف اللغويون في معناه فقال أبو عبيد: هو ما بين الثنتين إلى التسع من الإناث دون المذكور ونحوه عن سيبويه في التأنيث وقال الأصمعي: الذود ما بين الثلاث إلى العشر والضبة خمس أو ست والصرمة ما بين العشر إلى العشرين والفكرة ما بين العشرين إلى الثلاثين والهجمة ما بين الستين إلى السبعين والهنيدة مائة والخطر نحو المائتين والعرج من خمسمائة إلى الألف وقال غيره: وهند غير مصغر مائتان وأمامة ثلاثمائة اهـ من المفهم.

قال العيني: وفيه بيان أقل الإبل التي تجب فيها الزكاة فبين أنَّه لا تجب الزكاة في أقل من خمس ذود من الإبل فإذا بلغت خمس سائمات وحال عليها الحول ففيها شاة وهذ بالإجماع وليس فيه خلاف.

قال الشيخ الدهلوي: وإنما قدر من الإبل خمس ذود وجعل زكاته شاة وإن كان الأصل أن لا تؤخذ الزكاة إلَّا من جنس المال وأن يجعل النصاب عددًا له بال لأن الإبل أعظم المواشي جثة وأكثرها فائدةً يمكن أن تذبح وتركب وتحلب ويطلب منها النسل ويستدفأ بأوبارها وجلودها وكان بعضهم يقتني نجائب قليلة يكفي كفاية الصرمة (وهي من عشرة إلى عشرين) وكان البعير في ذلك الزمان يسوّى بعشر شياه وبثمان شياه واثنتي عشرة شاه كما ورد في كثير من الأحاديث أنَّه جعل خمس ذود في حكم أدنى نصاب من الغنم وجعل فيها شاةً اهـ من فتح الملهم (ولا فيما دون خمس أواق صدقة) أي زكاة زاد مالك (من الورق) وأواق كجوار بالتنوين وبإثبات التحتانية مشددًا ومخففًا جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد التحتانية وحكى بعضهم وقية بحذف الألف وفتح الواو وهي هنا

ص: 292

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالاتفاق أربعون درهمًا كما في المصباح والمراد بالدرهم الخالص من الفضة سواء كان مضروبًا أو غير مضروب قال القاضي عياض: قال أبو عبيد: إن الدرهم لم يكن معلوم القدر حتَّى جاء عبد الملك بن مروان فجمع العلماء فجعلوا كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل وهذا يلزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أحال نصاب الزكاة على أمر مجهول وهو مشكل والصواب أن معنى ما نقل من ذلك أنَّه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام وكانت مختلفة الوزن بالنسبة إلى العدد فعشرة مثلًا وزن عشرة وعشرةٌ وزن ثمانية فاتفق الرأي على أن ينقش بكتابة عربية ويصير وزنها وزنًا واحدًا وقال غيره: لم يتغير المثقال في جاهلية ولا إسلام وأما الدرهم فاجمعوا على أن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم كذا في الفتح وقال الشيخ بدر الدين: وحدد الشرع نصاب كل جنس بما يحتمل المواساة فنصاب الفضة خمس أواق وهو مائتا درهم بنص الحديث والإجماع وأما الذهب فعشرون مثقالًا والمعول عليه فيه الإجماع إلَّا ما روى عن الحسن البصري والزهري وسيأتي الكلام فيه مبسوطًا إن شاء الله تعالى اهـ فتح الملهم.

قال القرطبي: قال أبو عبيد: والأوقية هي اسم لوزن مبلغه أربعون درهمًا كيلًا ودرهم الكيل زنته خمسون حبة وخمسًا حبة وسمى درهم الكيل لأنه بتكييل عبد الملك بن مروان أي بتقديره وتحقيقه وذلك أن الدراهم التي كان الناس يتعاملون بها على وجه الدهر نوعان نوع عليه نقش فارس ونوع عليه نقش الروم أحد النوعين يقال له البغلية وهي السود الدرهم منها ثمانية دوانق والأخرى يقال لها: الطبرية (نسبة إلى طبرستان) وهي العتق الدرهم منها أربعة دوانق فجاء الإسلام وهي كذلك فكان الناس يتعاملون بها مجموعة على الشطر من هذه والشطر من هذه لدى الإطلاق ما لم يعينوا بالنص أحد النوعين وكذلك كانوا يؤدون الزكاة في أول الإسلام باعتبار مائة من هذه ومائة من هذه في النصاب ذكر هذا أبو عبيد وغيره فلما كان عبد الملك بن مروان تحرج من نقوشها فضرب الدرهم بنقش الإسلام بعد أن تحرى معاملتهم الإطلاقية فجمع بين درهم بغلي من ثمانية دوانق وبين درهم طبري من أربعة دوانق فكان اثني عشر دانقًا فقسمها نصفين فضرب الدرهم من نصفها وهو ستة دوانق والدانق ثمان حبات وثلث حبة وثلث خمس حبة من الشعير المطلق.

واتفق المسلمون على اعتبار درهم الكيل المذكور لمواققته ما كان معتبرًا من عهد

ص: 293

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ضربت وأن نصاب الزكاة مائتا درهم من دراهم الكيل وهي الخمسة الأواقي المذكورة في الحديث ولم يخالفه في ذلك إلَّا من زعم أن أهل كل بلد يعتبرون النصاب بما يجرى عندهم من الدراهم صغرت أو كبرت وهو مذهب ابن حبيب الأندلسي والصحيح ما ذهب إليه الجمهور ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم (الوزن على وزن أهل مكة) رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة من حديث ابن عباس رضي الله عنه وهو حديث صحيح وقد تقدم أن هذا المقدار المذكور هو الَّذي كان على وزن أهل مكة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما دينار الذهب فهو أربعة وعشرون قيراطًا والقيراط ثلاث حبات من وسط الشعير فمجموعه اثنتان وسبعون حبة وهو مجمع عليه.

ولم يجر في هذا الحديث ذكر لنصاب الذهب ولا وقع في الصحيحين ولا ما يدل

على اشتراط الحول في الزكاة وقد ذكر أبو داود ما يدل عليهما فروى بإسناد صحيح إلى

أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي بن أبي طالب

رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها

الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك (يعني في الذهب) حتَّى يكون لك عشرون دينارًا

فإذا كان لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك

ولا أدري أعلي يقول بحساب ذلك أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس في مال

زكاة حتَّى يحول عليه الحول رواه أبو داود (1573).

(قلت): هذا الحديث غاية ما قيل فيه إن جرير بن حازم رواه عن أبي إسحاق وقرن فيه بين عاصم بن ضمرة وهو ثقة وبين الحارث الأعور وهو كذاب ورواه جماعة من الأئمة عن أبي إسحاق عن عاصم موقوفًا على علي فقال من رد ذلك الحديث: لعل جريرًا سمعه من أبي إسحاق عن عاصم موقوفًا وسمعه عنه من الحارث في هذا الحديث مسندًا ولذلك فرق بينهما وكان الإسناد متلقًى عن الحارث وهذا لا ينبغي أن يرد الخبر له لأنه وهم وظن غير محقق بل هو مردود لأن المعتمد ثقة.

جرير وأمانته وقد أخبر أنَّه سمعه منهما في مساق واحد وظاهره أنَّه تلقاه عن كل واحد منهما على نحو ما تلقاه عن الآخر فيعتمد على رواية الثقة وتلغى رواية غيره ولا

ص: 294

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يضر وقف من وقفه إذا كان الَّذي رفعه ثقة قال القاضي عياض: فأما نصاب الذهب فهو عشرون دينارًا والمعول في تحديده على الإجماع وقد حكي فيه خلاف شاذ وورد فيه أيضًا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.

(قلت) وأما نصاب الغنم فلم يخرج في كتاب مسلم من ذلك شيء وقد خرج البخاري فيه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق وأما نصاب البقر فلم يقع في الصحيحين شيء من ذلك وقد روى في ذلك النسائي عن مسروق عن معاذ بن جبل قال: لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة وعن كل حالم دينارًا أو عدله معافر والمعافر برود (أي ملابس) يمنية منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن.

غير أنَّه منقطع لم يلق مسروقٌ معاذًا وقد خرجه الترمذي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ولم يسمع أبو عبيدة من أبيه ورواه مالك عن طاوس عن معاذ من فعله موقوفًا وطاوس لم يدرك معاذًا وأحسن ما في الباب ما خرجه الدارقطني عن الشعبي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في كل أربعين من البقر مسنة وفي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة) رواه الدارقطني (2/ 103) ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس (10974).

قال أبو محمد بن حزم: وقد صح الإجماع المتيقن المقطوع به الَّذي لا اختلاف فيه أن في كل خمسين بقرة بقرة فوجب الأخذ بهذا وما دون ذلك فمختلف فيه ولا نص في إيجابه.

(قلت): وحديثا جابر وأبي سعيد المذكوران في مسلم وغيره يدلان على أن ما نقص عن هذه النصب ليس فيه زكاة ولا خلاف في ذلك إلَّا ما ذهب إليه أبو حنيفة وبعض السلف من أن الحب تخرج الزكاة من قليله وكثيره والحديثان حجة عليهم وقال داود: كل ما يدخله الكيل فتراعى فيه الخمسة الأوسق وما عداه مما لا يوسق ففي قليله وكثيره الزكاة قال القاضي عياض: وأجمعوا على أن في عشرين دينارًا الزكاة ولا تجب في أقل منها إلَّا ما روي عن الحسن والزهري مما لم يتابعا عليه أن لاصدقة في أقل من أربعين دينارًا والأشهر منهما ما روي عن الجماعة وروي عن بعض السلف أن الذهب إذا كانت قيمته مائتي درهم فيه الزكاة فإن نقصت عن ذلك فلا شيء فيه واتفقوا على أن

ص: 295

(2144)

(0)(0) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنِي عَمْرو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ. كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

ما زاد من الحب على خمسة أوسق أن الزكاة في قليله وكثيره ولا وقص فيه واتفقوا على الأوقاص في المواشي واختلفوا في الذهب والفضة فذهب مالك وبعض السلف والجمهور إلى أن لا وقص فيهما وذهب أبو حنيفة وبعض الجماعة إلى أنَّه لا شيء فيما زاد.

على المائتي درهم حتَّى تبلغ أربعين ولا العشرين دينارًا حتَّى تبلغ أربعة دنانير فإذا زادت على ذلك ففي كل أربعين درهمًا درهم وفي كل أربعة دنانير درهم ومعتمدهم في هذا حديث ضعيف لا أصل له ومالك وجمهور علماء الأمصار يرون ضم الذهب والفضة على اختلاف بينهم فمالك وجماعة يراعون الوزن والضم على الإجزاء لا على القيم وينزلون كل دينار منزلة عشرة دراهم على الصرف القديم وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري يرون ضمها على القيمة في وقت الزكاة وقال الشافعي وداود وأبو ثور وأحمد لا يضم منهما شيء إلى شيء ويراعى نصاب كل واحد منهما بنفسه وذهب آخرون إلى أنَّه إنما يضم إذا كمل من أحدهما نصاب فيضم الآخر ويزكى الجميع اهـ من المفهم.

قال الخطابي: وقد يستدل بهذا الحديث من يرى أن الصدقة لا تجب في شيء من الخضراوات لأنه يزعم أنها لا توسق ودليل الخبر أن الزكاة إنما تجب فيما يوسق ويكال من الحبوب والثمار دون ما لا يكال من الفواكه والخضراوات ونحوها وعليه عامة أهل العلم اهـ من العون.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 44 - 45) والبخاري (1447) وأبو داود (1558) والنسائي (5/ 17) وابن ماجة مختصرًا.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:

(2144)

(0)(0) وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر) التجيبي المصري (أخبرنا الليث) بن سعد المصري (ح وحدثني عمرو) بن محمد (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حَدَّثَنَا عبد الله بن إدريس) الأودي الكوفي كلاهما) أي كل من الليث وعبد الله رويا (عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (عن عمرو بن يحيى) بن عمارة المازني المدني (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه يحيى بن عمارة عن أبي سعيد (مثله) مفعول ثان لما

ص: 296

(2145)

(0)(0) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ؛ قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ. وَأَشَارَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِكَفًهِ بِخَمْسِ أَصَابِعِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ.

(2146)

(0)(0) وحدَّثني أَبُو كَامِلٍ فُضَيلُ بْنُ حُسَينِ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بن غَزِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ؛ قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ:

ــ

عمل في المتابع وهو يحيى بن سعيد والضمير عائد إلى ابن عيينة والتقدير: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرو بن يحيى مثل ما روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة يحيى بن سعيد الأنصاري لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن عمرو بن يحيى.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

(2145)

(0)(0)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حَدَّثَنَا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه يحيى بن عمارة) المازني المدني (قال: سمعت أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته غرضه بسوقه بيان متابعة ابن جريج لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن عمرو بن يحيى (يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول و) الحال أنَّه قد (أشار النبي صلى الله عليه وسلم بكفه) وقوله: (بخمس أصابعه) بدل من قوله: (بكفه) أي أشار بخمس أصابعه إلى خمسة أوسق وإلى خمس ذود وإلى خمس أواق (ثم ذكر) ابن جريج (بمثل حديث ابن عيينة).

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه فقال:

(2146)

(0)(0)(وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجَحْدري) البصري (حَدَّثَنَا بشر يعني ابن مفضل) بن لاحق الرقاشي البصري (حَدَّثَنَا عمارة بن كزية) الأنصاري المازني المدني وثقه أحمد وأبو زرعة وقال في التقريب: لا بأس به من السادسة (عن يحيى بن عمارة) المازني المدني (قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول) وهذا السند من

ص: 297

قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ. وَلَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ. وَلَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ".

(2147)

(0)(0) وحدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ"

ــ

خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان غرضه بيان متابعة عمارة بن غزية لعمرو بن يحيى في رواية هذا الحديث عن يحيى بن عمارة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة) وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:

(2147)

(0)(0)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب) النسائي (قالوا) أي قال كل من الثلاثة: (حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح الكوفي (عن سفيان) الثوري الكوفي (عن إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي المكي ثقة من (6)(عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة الأنصاري المازني أبي عبد الله المدني ثقة من (4)(عن يحيى بن عمارة) بن أبي حسن المازني المدني (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة كوفيون وواحد مكي أو كوفيان ونسائي وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة غرضه بسوقه بيان متابعة محمد بن يحيى بن حبان لعمرو بن يحيى بن عمارة في رواية هذا الحديث عن يحيى بن عمارة.

(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أوساق) هكذا هو في الأصول (خمسة أوساق) وهو صحيح جمع وسق بكسر الواو كحمل وأحمال (من تمر) بفتح التاء المثناة فوق وإسكان الميم (ولا حب) هذا بيان ما أجمل في الروايات المتقدمة (صدقة) أي زكاة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

ص: 298

(2148)

(0)(0) وحدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَن يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيسَ في حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَة. حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ. وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ".

(2149)

(0)(0) وحدَّثني عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ

ــ

(2148)

(0)(0)(وحدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي المروزي ثقة من (11)(أخبرنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي) بن حسان الأزدي البصري ثقة من (9)(حَدَّثَنَا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي ثقة حجة من (7)(عن إسماعيل بن أمية) الأموي المكي (عن محمد بن يحيى بن حبان) المازني المدني (عن يحيى بن عمارة) المازني المدني (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه وهذا السند من سباعياته غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الرحمن بن مهدي لوكيع بن الجراح في رواية هذا الحديث عن سفيان الثوري (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس في حب ولا) في (تمر) بفتح المثناة وسكون الميم (صدقة) أي زكاة (حتَّى يبلغ) ويكمل (خمسة أوسق ولا فيما دون خمس ذود) أي إبل (صدقة ولا فيما دون خمسة أواق) من الفضة (صدقة) أي زكاة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة سادسًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

(2148)

(0)(0)(وحدثني عبد بن حميد) بن نصر الكسي نسبة إلى شمس مدينة فيما وراء النهر ثقة من (11)(حَدَّثَنَا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي ثقة من (9)(حَدَّثَنَا سفيان) بن سعيد (الثوري) الكوفي (عن إسماعيل بن أمية بهذا الإسناد) يعني عن محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد الخدري الجار والمجرر متعلق بحدثنا يحيى بن آدم وكذا قوله: (مثل حديث ابن مهدي) مفعول ثان غرضه بيان متابعة يحيى بن آدم لعبد الرحمن بن مهدي.

ثم ذكر المؤلف المتابعة سابعًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

ص: 299

(2150)

(0)(0) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الزَّرَّاقِ. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بْنِ آَدَمَ. غَيرَ أنَّهُ قَال بَدَلَ (التَّمْرِ): ثَمَرٍ.

(5151)

(943) - (93) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ. قَالا: حدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛

ــ

(2150)

(0)(0)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة من (11)(حَدَّثَنَا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني ثقة من (9)(أخبرنا) سفيان (الثوري ومعمر) بن راشد الأزدي البصري (عن إسماعيل بن أمية) المكي وقوله: (بهذا الإسناد) يعني عن محمد بن يحيى بن حبان الخ متعلق بحدثنا عبد الرزاق وكذا قوله: (مثل حديث ابن مهدي ويحيى بن آدم) مفعول ثان له غرضه بيان متابعة عبد الرزاق لهما واستثنى من المماثلة بقوله: (غير أنَّه) أي لكن أن عبد الرزاق (قال) في روايته (بدل التمر) بفتح المثناة وسكون الميم: ولا (ثمر) بفتح المثلثة وفتح الميم فيكون حجة لمن لم يشترط البقاء في وجوب العشر وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإن الخلاف بينه وبين صاحبيه كما تقرر في محله من الفقه في موضعين في اشتراط النصاب وفي اشتراط البقاء عندهما لا عنده فالعشر يجب عنده في كل ما أخرجته الأرض ولا يشترط فيه نصاب ولا أن يكون مما يبقى كالحنطة والتمر والزبيب حتَّى يجب في الثمار والخضراوات اهـ من بعض الهوامش.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد الخدري بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:

(2151)

(943)(93)(حَدَّثَنَا هارون بن معروف) المروزي نزيل بغداد ثقة من (10)(وهارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) ثقة من (10)(قالا: حَدَّثَنَا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري ثقة من (9)(أخبرني عياض بن عبد الله) بن عبد الرحمن الفهري المدني ثم المصري وثقه ابن حبان وقال أبو حاتم: ليس بالقوي وقال في التقريب: فيه لين من السابعة روى عنه في (4) أبواب (عن أبي الزبير) محمد بن مسلم المكي (عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مصريان وواحد مدني وواحد مكي وواحد إما مروزي أو أيلي

ص: 300

أَنهُ قَال: "لَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ. وَلَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ. وَلَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ".

(2152)

(944) - (94) حدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ. كُلُّهُمْ

ــ

(أنَّه) صلى الله عليه وسلم (قال: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) قال أهل اللغة: يقال: ورق بفتح الواو وكسر الراء وإسكانها والمراد به هنا الفضة كلها مضروبة كانت أو غير مضروبة لكن ينبغي أن يفسر ما في سورة الكهف بالمضروبة منها كما لا يخفى واختلف أهل اللغة في أصله فقيل: يطلق في الأصل على جميع الفضة وقيل: هو حقيقة في المضروب دراهم ولا يطلق على غير الدراهم إلَّا مجازًا وهذا قول كثير من أهل اللغة وبالأول قال ابن قتيبة وغيره منهم وهو مذهب الفقهاء ولم يات في الصحيح بيان نصاب الذهب وقد جاءت فيه أحاديث بتحديد نصابه بعشرين مثقالًا وهي ضعاف ولكن أجمع من يعتد به في الإجماع على ذلك وكذا اتفقوا على اشتراط الحول في زكاة الماشية والذهب والفضة دون المعشرات كما مر اهـ من فتح الملهم وجعل الحول شرطًا لأنه عدل بين أرباب الأموال والمساكين لأن الأموال تنمو فيه وليس على المساكين إجحاف في الصبر إليه ولهذا المعنى لم يجعل شرطًا في زكاة الحب لأن النماء يحصل فيه قبل الحول اهـ أبي و (أواق) بالتنوين كجَوارٍ بإثبات التحتانية مشددًا ومخففًا جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد التحتانية وحكى بعضهم بحذف الألف وفتح الواو ومقدارها في هذا الحديث أربعون درهمًا كما مر (وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة) وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لجابر رضي الله عنه فقال:

(2152)

(944)(94)(حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (وهارون بن سعيد الأيلي وعمرو بن سواد) بتشديد الواو بن الأسود السرحي أبو محمد المصري ثقة من (11) روى عنه في (2) بابين (والوليد بن شجاع) بن الوليد بن قيس الكندي الكوفي ثقة من (10) روى عنه في (8) أبواب (كلهم) أي كل من

ص: 301

عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. قَال أَبُو الطَّاهِرِ: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا الزُّبَيرِ حدَّثَهُ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَذْكُرُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"فِيمَا سَقَتِ الأنَّهَارُ وَالْغَيمُ الْعُشُورُ. وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ"

ــ

الأربعة رووا (عن) عبد الله (بن وهب) المصري (قال أبو الطاهر) في روايته: (أخبرنا عبد الله بن وهب) بصيغة السماع بالعنعنة (عن عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري أبي أمية المصري الفقيه المقرئ ثقة من (7)(أن أبا الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم (حدثه) أي حدث لعمرو بن الحارث (أنَّه) أي أن أبا الزبير (سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني (يذكر أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال) وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مصريون وواحد مدني وواحد مكي وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت الأنهار) جمع نهر وهو الماء الجاري على وجه الأرض (و) فيما سقت (الغيم) أي المطر والجار والمجرور خبر مقدم لقوله: (العشور) وهو مبتدأ مؤخر نظرًا إلى خفة المؤنة والأنهار جمع نهر وهو الماء الكبير الجاري على وجه الأرض كالفرات والنيل وفي رواية أبي دواد زيادة: (والعيون) جمع عين وهو الماء القليل الجاري على وجه الأرض والمراد بها الأنهار الجارية التي يستقى منها من دون اغتراف بآلة بل تساح إساحة (والغيم) المراد به ماء المطر أو الثلج أو البرد أو الطل والعشور بضم العين جمع عشر بدليل مابعده والمعروف في جمعه أعشار كقفل وأقفال وقدم في القاموس ذكر العشور على الأعشار لوروده في الحديث وأكثر الرواة على فتح العين وهو اسم للقدر المخرج من المال قال الطبري: والحكمة في فرض العشر أنَّه يكتب بعشرة أمثاله فكان المخرج للعشر تصدق بجميع ماله فافهم والله أعلم (وفيما سقي بالسانية) وهي البعير الَّذي يستقى به الماء من البئر ويقال له: الناضح يقال من سنا يسنو سنًّا إذا استقى به قال الحافظ: وذكر البعير كالمثال وإلا فالبقر وغيرها كذلك في الحكم اهـ من فتح الملهم وفي بعض الهوامش: السانية هي حيوان يرفع بواسطة الماء من بئر أو نهر يكون ذلك الحيوان في بلاد العرب بعيرًا أو ناقة وفي بعض البلاد ثورًا أو حمارًا أو برذونًا يدور بالدولاب في ساحة بجانب البئر أو في شاطئ النهر والجمع سوان كجوار جمع جارية وفي المثل (سير السواني سفر لا ينقطع) والمراد بها كل ما فيه مؤنة (نصف العشر) نظرًا إلى ثقل المؤنة

ص: 302

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحديث يدل على أنَّه يجب العشر الكامل فيما سقي بماء السماء والأنهار وغيرهما مما ليس فيه مؤنة كثيرة ونصف العشر فيما سقي بالسواني ونحوهما مما فيه كلفة قال النواوي: وهذا متفق عليه وإن وجد مما يسقى بالنضح تارةً وبالمطر تارةً أخرى فإن كان كذلك على جهة الاستواء وجب ثلاثة أرباع العشر وإن اختلفا فيقسط كل وهو قول أهل العلم قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافًا بينهم وإن كان أحدهما أكثر كان حكم الأقل تبعًا للأكثر عند أحمد والثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وقيل: يؤخذ بالتقسيط قال الحافظ: ويحتمل أن يقال: إن أمكن فصل كل واحد منهما أخذ بحسابه اهـ من العون.

قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على الأخذ بهذا الحديث في قدر ما يؤخذ واستدل أبو حنيفة بعمومه على وجوب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض من الثمار والرياحين والخضر وغيرها إلَّا الحشيش وشبهه من الحطب والقصب وما يثمر من الشجر كالسمر وشبهه وما سبق من قوله: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) إذا لم يحمل على زكاة التجارة كما تأوله الإمام كذلك خاص معارض لما هنا ولما لم يعلم التاريخ قدم العام الَّذي هو ما هنا لأنه أحوط.

وخالفه جماعة من العلماء في ذلك على اختلافهم في تفاصيل ذلك وقد أجمعوا على الحنطة والشعير والتمر والزبيب ورأى الحسن والثوري وابن أبي ليلى في آخرين أنَّه لا زكاة إلَّا في هذه الأربعة وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنها تجب في كل ما يقتات ويدخر للعيش غالبًا ونحوه قال الشافعي وأبو ثور إلَّا أنهما استثنيا الزيتون وقال ابن الماجشون من أصحابنا: تجب في ذوات الأصول كلها ما ادخر منها وما لا يدخر اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 341) وأبو داود (1597) والنسائي (5/ 42) وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأول: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الأول والثاني من الترجمة وذكر فيه سبع متابعات والثاني حديث جابر الأول ذكره للاستشهاد والثالث حديث جابر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة.

***

ص: 303