الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
407 - (25) باب الاستشفاع للميت وأن الثناء عليه شهادة له وأنه مستريحٌ ومستراحٌ منه
(2078)
(910) - (60) حدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مائَةَ. كُلُّهُمْ
ــ
407 -
(25) باب الاستشفاع للميت وأن الثناء عليه شهادة له وأنه مستريحٌ ومستراحٌ منه
(2078)
(910)(60)(حدثنا الحسن بن عيسى) بن ماسرجس الحنظلي مولاهم أبو علي النيسابوري ثقة من (10)(حدثنا) عبد الله (بن المبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم المروزي ثقة ثبت متقن من (8)(أخبرنا سلام بن أبي مطيع) سعد أبو سعيد الخزاعي مولاهم البصري وفي النسائي: الدمشقي وقال الأصفهاني: عداده من أهل البصرة روى عن أيوب السختياني وشعيب بن الحبحاب في الجنائز وأبي عمران الجوني وقتادة ويروي عنه (خ م ت س ق) وابن المبارك وابن مهدي وهدبة بن خالد وسليمان بن حرب ومسدد وثقة أحمد وابن معين وأبو داود وقال النسائي: ليس به بأس وقال ابن عدي: ليس بمستقيم الحديث عن قتادة وله أحاديث حسان وقال في التقريب: ثقة رمي بالقدر من السابعة مات سنة (167) سبع وستين ومائة (عن أيوب) السختياني العنزي أبي بكر البصري ثقة من (5)(عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي البصري ثقة فاضل من (3)(عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة) رضي الله تعالى عنها البصري قال في القاموس: رضيعك أخوك في الرضاعة روى عن عائشة في الجنائز ويروي عنه (م عم) وأبو قلابة فقط قال العجلي: تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: ثقة من (3)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها (عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد مدني وواحد مروزي وواحد نيسابوري وفيه التحديث والإخبار والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي.
(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من ميت) أي مسلم ولو أنثى (يصلي) بالياء والتاء على صيغة المعلوم (عليه أمَّة) أي جماعة (من المسلمين يبلغون مائة) رجل (كلهم
يَشْفَعُونَ لَهُ. إلا شُفِّعُوا فِيهِ". قَال: فَحَدَّثْتُ بِهِ شُعَيبَ بْنَ الْحَبْحَابِ. فَقَال: حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(2079)
(911) - (61) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ
ــ
يشفعون) من المجرد أي يطلبون ويدعون بالرحمة والمغفرة (له) من الله تعالى (إلا شفعوا) من التفعيل على بناء المجهول أي إلا قبلت شفاعتهم (فيه) أي في ذلك الميت قال القرطبي: وفي الحديث الآخر أربعون قيل: سبب هذا الاختلاف اختلاف السؤال وذلك أنه سئل مرة عمن صلَّى عليه مائة واستشفعوا له فقال: شفعوا وسئل مرة أخرى عمن صلَّى عليه أربعون فأجاب بذلك ولو سئل عن أقل من ذلك لقال ذلك والله أعلم.
إذ قد يستجاب دعاء الواحد ويقبل استشفاعه وقد رُويَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلَّى عليه ثلاثة صفوف شفعوا له) رواه البيهقي في شعب الإيمان (9252) من حديث ميمونة ولعلهم يكونون أقل من أربعين اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 32 و 40) والترمذي (1029) والنسائي (4/ 75 - 76).
(قال) سلام بن أبي مطيع الراوي أولًا عن أيوب هكذا بيَّنه النسائي في روايته: (فحدثت به) أي بالحديث الذي حدثنيه أيوب (شعيب بن الحبحاب) الأزدي مولاهم أبا صالح البصري روى عن أنس في الجنائز والنكاح والدعاء والفتن وأبي العالية ويروي عنه (خ م دت س) وسلام بن أبي مطيع وحماد بن زيد وعبد الوارث ويونس بن عبيد وغيرهم وثقه أحمد والنسائي وابن سعد قال ابن المديني: له نحو ثلاثين حديثًا وقال في التقريب: ثقة من الرابعة مات صنة (131) إحدى وثلاثين ومائة (فقال) لي شعيب: (حدثني به) أي بهذا الحديث (أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القاضي عياض: رواه سعيد بن منصور موقوفًا على عائشة فأشار إلى تعليله بذلك وليس معللًا لأن من رفعه وهو شعيب بن الحبحاب ثقة وزيادة الثقة مقبولة اهـ نواوي بتصرف وزيادة.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:
(2079)
(911)(61)(حدثنا هارون بن معروف) المروزي أبو علي البغدادي نزيل بغداد ثقة من (10)(وهارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي أبو جعفر (الأيلي) نزيل مصر
وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ السَّكُونِيُّ (قَال الْوَلِيدُ: حَدَّثَنِي. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب). أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ. فَقَال: يَا كُرَيبُ، انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ. قَال: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ. فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَال: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: أَخْرِجُوهُ. فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُل مُسْلِمٍ
ــ
ثقة من (10)(والوليد بن شجاع) بن الوليد بن قيس (السكوني) نسبة إلى السكون بفتح السين وضم الكاف اسم قبيلة اهـ عون الكندي أبو همام الكوفي نزيل بغداد ثقة من (10)(قال الوليد: حدثني وقال الآخران: حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري ثقة من (9)(أخبرني أبو صخر) حميد بن زياد الخراط المدني صدوق من (6)(عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر) أبي عبد الله المدني القرشي ويقال: الليثي من أنفسهم صدوق من (5)(عن كريب مولى ابن عباس) أبي رشدين المدني ثقة من (3)(عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد طائفي وواحد مصري وواحد إما مروزي أو أيلي أو كوفي وفيه التحديث والإخبار والمقارنة والعنعنة.
(أنه) أي أن الشأن والحال (مات ابن له) أي لابن عباس (بقديد) بالتصغير (أو) قال الراوي: مات (بعسفان) بضم العين وسكون السين شك من الراوي وقديد وعسفان موضعان بين الحرمين وعسفان أقرب إلى مكة من قديد.
(فقال) لي ابن عباس: (يا كريب انظر ما اجتمع له) أي الذين اجتمعوا للصلاة على هذا الابن (من الناس) هل هم قليل أم كثير (قال) كريب: (فخرجت) من عند ابن عباس وهو عند الميت (فإذا) فجائية (ناس) مبتدأ سوّغ الابتداء بالنكرة وقوعه بعد إذا الفجائية أو قصد الجنس وجملة (قد اجتمعوا له) أي للصلاة على هذا الابن خبر المبتدإ والمعنى فخرجت من عنده ففاجأني اجتماع ناس له (فأخبرته) أي فأخبرت ابن عباس اجتماعهم له (فقال) لي ابن عباس: (تقول): أي هل تقول وتظن أنـ (هم أربعون) نفرًا أي هل تظن بلوغهم هذا العدد (قال) كريب: قلت له: (نعم) أي أظن بلوغهم هذا العدد المذكور (قال) ابن عباس لمن عنده: (أخرجوه) أي أخرجوا هذا الميت إلى المجتمعين من الناس ليصلوا عليه ويدفنوه (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم) وكذا
يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيئًا إلا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَعْرُوفٍ: عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
ــ
المرأة المسلمة (يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا) للصلاة عليها وجملة (لا يشركون بالله شيئًا) من المخلوق (إلا شفَّعهم) من التشفيع أي إلا قبل (الله) سبحانه وتعالى شفاعتهم (فيه) أي في ذلك الرجل المسلم بفضله وكرمه فيغفر له صفة لأربعين أي غير مشركين بالله (وفي رواية) هارون (بن معروف: عن شريك بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس) بلا ذكر لفظة عبد الله بين شريك وبين ابن أبي نمر.
قيل: وحكمة خصوص هذا العدد أنه ما اجتمع أربعون قط إلا كان فيهم ولي لله ذكره ملا علي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (1/ 277) وأبو داود (3170) وابن ماجه (1489).
وأخرج أصحاب السنن إلا النسائي حديث مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما من ميت يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب) وقال الترمذي: حديث حسن وفي هذه الأحاديث استحباب تكثير جماعة الجنازة ويطلب بلوغهم إلى هذا العدد الذي يكون من موجبات الفوز وقد قيد ذلك بأمرين: الأول: أن يكونوا شافعين فيه أي مخلصين له الدعاء سائلين له المغفرة الثاني: أن يكونوا مسلمين ليس فيهم من يشرك بالله شيئًا كما في حديث ابن عباس قال القاضي عياض: قيل: هذه الأحاديث خرجت أجوبة للسائلين سألوا عن ذلك فأجاب كل واحد عن سؤاله قال النواوي: ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بقبول شفاعة مائة فأخبر به ثم بقبول شفاعة أربعين فأخبر به ثم ثلاثة صفوف وإن قل عددهم فأخبر به وحينئذ كل الأحاديث معمول بها وتحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين اهـ كلام النواوي.
وقال التوربشتي: لا تضاد بين هذه الأحاديث لأن السبيل في أمثال هذ المقام أن يكون الأقل من العددين متأخرًا عن الأكثر لأن الله تعالى إذا وعد المغفرة لمعنى لم يكن من سنته النقصان من الفضل الموعود بعد ذلك بل يزيد تفضلًا فيدل على زيادة فضل الله
(2080)
(912) - (62) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبِ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) قَال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيهَا خَيرًا. فَقَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ" وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فأُثْنِيَ عَلَيهَا شَرًّا
ــ
وكرمه على عباده اهـ تحفة الأحوذي.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:
(2080)
(912)(62)(وحدثني يحيى بن أيوب) المقابري أبو زكرياء البغدادي (وأبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خثيمة النسائي (وعلي بن حجر السعدي) أبو الحسن المروزي ثقة من صغار التاسعة (كلهم) رووا (عن) إسماعيل بن إبراهيم (بن علية) القرشي الأسدي مولاهم أبي بشر البصري (واللفظ ليحيى) بن أيوب (قال) يحيى: (حدثنا) إسماعيل (بن علية أخبرنا عبد العزيز بن صهيب) البناني مولاهم البصري الأعمى ثقة من (4)(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه.
وهذا السند من رباعياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد إما بغدادي أو كوفي أو نسائي أو مروزي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة.
(قال) أنس: (مُرَّ) بضم الميم على صيغة المجهول أي مروا (بجنازة) على مجلس كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأثني عليها خيرًا) منصوب بنزع الخافض أي وصفوها بخير وفي رواية النضر بن أنس عن أبيه عند الحاكم: فقالوا: كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت) بالتكرار ثلاث مرات قال النواوي: والتكرار لتأكيد الكلام المهتم ليحفظ ويكون أبلغ وليس التكرار في غير هذا الصحيح (ومرَّ بجنازةٍ) أي مروا على ذلك المجلس بجنازة أخرى (فأثني عليها شرًّا) منصوب بنزع الخافض أيضًا أي وصفوها بشر قال في رواية الحاكم المذكورة (فقالوا: كان يبغض الله ورسوله ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها) واستعمال الثناء في الشر لغة شاذة لكنه استعمل هنا للمشاكلة لقوله فأثني عليها خيرًا وإنما مكنوا من الثناء بالشر مع الحديث الصحيح في البخاري في النهي عن سب الأموات لأن النهي عن سبهم إنما هو في حق غير المنافقين والكفار وغير المتظاهر بالفسق والبدعة وأما هؤلاء فلا يحرم سبهم للتحذير من
فَقَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ". قَال عُمَرُ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيهَا خَيرًا. فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ. وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فأثْنِيَ عَلَيهَا شَرًّا. فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَثْنَيتُمْ عَلَيهِ خَيرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. وَمَنْ أَثْنَيتُمْ عَلَيهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ. أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرضِ. أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرضِ
ــ
طريقتهم ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم قاله النواوي اهـ من الإرشاد (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت) بالتكرار ثلاثًا أيضًا (قال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مستفهمًا عن قوله:
(فدى) بكسر الفاء وفتحها وبالقصر وبكسرها مع المد وهو خبر مقدم و (لك) متعلق به (أبي وأمي) مبتدأ مؤخر أي أبي وأمي فداء لك يا رسول الله عن كل مكروه وفيه جواز قول مثل ذلك أي ما معنى قولك: وجبت في الحالتين فإنه (مر بجنازة فأُثني عليها خيرًا) بالنصب وبالرفع على أنه نائب فاعل (فقلت: وجبت وجبت وجبت ومر بجنازة فأُثني عليها شرًّا فقلت: وجبت وجبت وجبت) فما معنى قولك: وجبت (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيرًا) أي من وصفتموه بخير فإنه (وجبت له الجنة) بمقتضى فضله ففيه بيان أن المراد بقوله: وجبت أي الجنة لذي الخير والنار لذي الشر والمراد بالوجوب الثبوت إذ هو في صحة الوقوع كالشيء الواجب والأصل أنه لا يجب على الله شيء بل الثواب فضله والعقاب عدله لا يسئل عمَّا يفعل (ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار) بمقتضى عدله قال الطيبي: استعمال الثناء في الشر مشاكلة أو تهكم اهـ ويمكن أن يكون أثنوا في الموضعين بمعنى وصفوا فيحتاج حينئذِ إلى القيد ففي القاموس: الثناء وصف بمدح أو ذم أو خاص بالمدح اهـ (أنتم) أيها المخاطبون (شهداء الله في الأرض) والإضافة للتشريف وهم بمنزلة عالية عند الله تعالى وهو أيضًا كالتزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وإظهار عدالتهم بعد شهادتهم لصاحب الجنازة فينبغي أن يكون لها أثر ونفع في حقه وإلى معنى هذا يشير قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} فالمراد بهم المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان فالمعتبر شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من كان مثلهم كما في شروح البخاري وفيها أيضًا والصحيح أنه على عمومه وإطلاقه وأن كل مسلم مات فألهم الله الناس الثناء عليه بخير كان دليلًا على أنه من أهل الجنة سواء كانت
أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرضِ".
(2081)
(0)(0) وحدّثني أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا
ــ
أفعاله تقتضي ذلك أم لا إذ العقوبة غير واجبة فإلهام الله تعالى الثناء عليه دليل على أنه شاء المغفرة له وبهذا تظهر فائدة الثناء وإلا فإذا كانت أفعاله مقتضية للجنة لم يكن للثناء فائدة ولعله لهذا جاء (لا تذكروا الموتى إلا بخير) اهـ بزيادة من السندي على النسائي وقوله: (أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض) مرتين بعد الأولى تأكيد لها على ما تقرر من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم منه وهذا هو الأظهر وقيل: كرره ثلاثًا إشارة إلى أن المراد القرون الثلاثة الذين قال فيهم (خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) رواه البخاري ومسلم وغيرهما قال القرطبي: (قوله من أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار) يشكل هذا بالنهي عن سب الموتى وبقوله: (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم) رواه أبو داود والترمذي والحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (وأجيب) عنه بأوجه:
أحدها: أن هذا الذي تحدث عنه بالشر كان مستظهرًا له ومشهورًا به فيكون ذلك من باب لا غيبة لفاسق انظر كشف الخفاء (2/ 366).
وثانيها: أن محمل النهي إنما هو فيما بعد الدفن وأما قبله فمسوغ ليتعظ به الفساق وهذا كما يكره لأهل الفضل الصلاة على المعلن بالبدع والكبائر. وثالثها: أن الذي أثنى عليه الصحابة بالشر يحتمل أن يكون من المنافقين ظهرت عليه دلائل النفاق فشهدت الصحابة بما ظهر لهم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (وجبت له النار) والمسلم لا تجب له النار وهذا هو مختار القاضي عياض ورابعها: أن يكون النهي عن سب الموتى متأخرًا عن هذا الحديث فيكون ناسخًا والثناء بتقديم الثاء المثلثة على النون ممدودًا إنما يقال في الخير غالبًا والذي يقال في الشر هو النثا بتقديم النون وتأخير الثناء والقصر إلا أن هذا الحديث جاء في الثناء في الشر لمطابقته للفظ الثناء في الخير.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 186 و 245) والبخاري (2642) والنسائي (4/ 49 - 50) والترمذي (1058) وابن ماجه (1491) والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
(2081)
(0)(0)(وحدثني أبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (حدثنا
حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيدٍ). ح وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيمَانَ. كِلاهُمَا عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجَنَازَةٍ. فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ. غَيرَ أَن حَدِيثَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَتَمُّ.
(2082)
(913) - (63) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ؛ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرَّ عَلَيهِ بِجَنَازَةٍ. فَقَال: "مُسْتَرِيحٌ
ــ
حماد يعني ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري (ح وحدثني يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا جعفر بن سليمان) الضبعي نسبة إلى ضبيعة نزل فيهم أبو سليمان البصري (كلاهما) أي كل من حماد وجعفر رويا (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذان السندان من رباعياته رجالهما كلهم بصريون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري غرضه بسوقهما بيان متابعة ثابت بن أسلم لعبد العزيز بن صهيب في رواية هذا الحديث عن أنس: (قال) أنس: (مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازةٍ فذكر) ثابت (بمعنى حديث عبد العزيز عن أنس غير أن حديث عبد العزيز أتم) وأطول متنًا.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة فقال:
(2082)
(913)(63)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي (عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني (فيما قرئ عليه عن محمد بن عمرو بن حلحلة) الديلي المدني ثقة من (6)(عن معبد بن كعب بن مالك) الأنصاري المدني قال العجلي: مدني تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: مقبول من الثالثة كان أصغر الإخوة روى عنه في (3) أبواب (عن أبي قتادة) الحارث (بن ربعي) الأنصاري السلمي بفتح السين واللام فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه روى عنه في (7) أبواب.
وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد فإنه بلخي.
(أنه كان يحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرَّ) بضم الميم على صيغة المبني للمجهول (عليه) صلى الله عليه وسلم (بجنازة فقال) النبي صلى الله عليه وسلم هذا الميت أو كل ميت إما: (مستريح) من تعب الدنيا لأنها سجن المؤمن والواو في
وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ فَقَال: "الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا. وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ".
(2083)
(0)(0) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا
ــ
قوله: (ومستراح) بمعنى أو التفصيلية أي أو مستراح (منه) العباد يعني أن أمر الميت بين هذين الأمرين قاله ابن الملك في المبارق وقال السندي في حواشي النسائي: الواو بمعنى أو التفصيلية والتقدير: هذا الميت أو كل ميت إما مستريح أو مستراح منه (قالوا) أي قال الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه) أي ما معناهما (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا) وتعبها لأنها سجن المؤمن والنصب كالتعب وزنًا ومعنى فهذا بيان للمستريح (والعبد الفاجر) أي الكافر أو الفاسق (يستريح منه) أي من أذاه (العباد) من جهة أنه إذا فعل منكرًا فمنعوه من فعله أذاهم وإن سكتوا أذنبوا اهـ ابن الملك قال ابن التين: يحتمل أن يريد بالمؤمن التقي خاصة ويحتمل أن يريد كل مؤمن والفاجر يحتمل أن يريد به الكافر ويحتمل أن يدخل فيه كل عاص قال النواوي: أما استراحة العباد من الفاجر معناه اندفاع أذاه عنهم وأذاه يكون من وجوه منها: ظلمه لهم ومنها: ارتكابه للمنكرات فإن أنكروها قاسوا مشقة من ذلك وربما نالهم ضرره وإن سكتوا عنه أثموا (و) يستريح منه (البلاد والشجر) لأنها تمنع المطر بمعصيته قاله: الداودي، وقال الباجي: لأنه يغصبها ويمنعها حقها من الشرب وغيره (و) تستريح منه (الدواب) لأنه كان يؤذيها ويضربها ويحملها ما لا تطيقه ويجيعها في بعض الأوقات إلى غير ذلك اهـ منه بتصرف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (5/ 296 و 304) والبخاري (6512) والنسائي (4/ 48).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:
(2083)
(0)(0)(وحدثنا محمد بن المثنى) بن عبيد العنزي البصري (حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (جميعًا) أي كل من يحيى بن سعيد وعبد الرزاق رويا
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ:"يَسْتَرِيحُ مِنْ أَذَى الدُّنْيَا وَنَصَبِهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ"
ــ
(عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند) الفزاري أبي بكر المدني وثقه أحمد وأبو داود وابن معين وقال في التقريب: صدوق ربما وهم من (6) روى عنه في (3) أبواب (عن محمد بن عمرو) بن حلحلة الديلي المدني ثقة من (6)(عن) معبد (ابنٍ لكعب بن مالك) الأنصاري المدني (عن أبي قتادة) الحارث بن رِبْعِي الأنصاري المدني رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان أو مروزي وصنعاني غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الله بن سعيد لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن محمد بن عمرو.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم و) لكن (في حديث يحيى بن سعيد) القطان البصري: العبد المؤمن (يستريح من أذى الدنيا ونصبها) أي من إذاية الناس له ومن تعب عيشها (إلى رحمة الله) ورضوانه أي إلى محلهما وهو الجنة دار الكرامة للمؤمنين جعلنا الله وأحبتنا وجميع المسلمين من أهلها.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث:
الأول منهما: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.
والثاني: حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد به لحديث عائشة.
والثالث: حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
والرابع: حديث أبي قتادة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعةً واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***