الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
472 - (28) باب: إحرام المتمتع يوم التروية إذا توجه إلى منى
2822 -
(1186)(106) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما. قَال: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا أَحْلَلْنَا، أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنَى. قَال: فَأَهْلَلْنَا مِنَ الأَبْطَحِ.
2823 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ
ــ
472 -
(28) باب إحرام المتمتع يوم التروية إذا توجه إلى منى
2822 -
(1186)(106)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد) التميمي القطان البصري (عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أي أمر المتمتعين منا الذين لم يسوقوا الهدي (لما أحللنا) من عمرتنا وتمتعنا بعد التحلل (أن نحرم) بالحج يوم التروية (إذا) خرجنا من مكة و (توجهنا) أي أقبلنا (إلى منى قال) جابر (فأهللنا) أي أحرمنا بالحج (من الأبطح) هو بطحاء مكة وهو متصل بالمحصب، وقد يستدل به من يجوز للمكي والمقيم بها الإحرام بالحج من الحرم، وفي المسئلة وجهان لأصحابنا أصحهما لا يجوز أن يحرم بالحج إلا من داخل مكة، وأفضله من باب داره، وقيل من المسجد الحرام، والثاني يجوز من مكة ومن سائر الحرم فمن قال بالثاني احتج بحديث جابر هذا لأنهم أحرموا من الأبطح وهو خارج مكة لكنه من الحرم، ومن قال بالأول وهو الأصح قال: إنما أحرموا من الأبطح لأنهم كانوا نازلين فيه، وكل من كان دون الميقات المحدود فميقاته منزله كما سبق في باب المواقيت كذا قال النواوي في الشرح والله أعلم. وقال في الهداية: فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد، والشرط أن يحرم من الحرم، وأما المسجد فليس بلازم اهـ قال ابن الهمام: بل هو أفضل ومكة أفضل من غيرها من الحرم والشرط الحرم اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري والنسائي وابن ماجه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه هذا فقال:
2823 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ. قَال: سَمِعْتُ جَابرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، فِي نَاسٍ مَعِي. قَال: أَهْلَلْنَا، أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، بِالْحَجِّ خَالِصًا وَحْدَهُ. قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. فَأَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ. قَال عَطَاءٌ: قَال: "حِلُّوا وَأَصِيبُوا النِّسَاءَ". قَال عَطَاءٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيهِمْ. وَلكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ. فَقلْنَا: لَمَّا لَمْ
ــ
(حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن ابن جريج أخبرني عطاء) بن أبي رباح القرشي مولاهم أبو محمد المكي، ثقة، من (3)(قال) عطاء (سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الأنصاري السلمي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عطاء لأبي الزبير في الرواية عن جابر، وفائدتها رفع إبهام عنعنة أبي الزبير في السند الأول أي سمعته (في ناس) أي مع ناس كانوا (معي) أي سمعته (قال أهللنا أصحاب) بالنصب على الاختصاص بعامل محذوف تقديره أخص أصحاب (محمد صلى الله عليه وسلم أي أحرم كثير منهم (بالحج خالصًا) عن شوب نية العمرة، وقوله (وحده) أي مفردًا حال ثانية مؤكدة للأولى أي أحرمنا بالحج ليس معه عمرة وهذا محمول على ما كانوا ابتدأوا به ثم وقع الإذن بإدخال العمرة على الحج وبفسخ الحج إلى العمرة فصاروا على ثلاثة أقسام مثل ما قالت عائشة: منا من أهل بحج، ومنا من أهل بعمرة، ومنا من جمع (قال عطاء قال) لنا (جابر فقدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة (صبح) بضم الصاد وكسرها اهـ نووي، أي قدم مكة صبيحة ليلة (رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا) أي أمر من لم يسق الهدي من (أن نحل) بفتح النون وكسر الحاء من حل الثلاثي أي أن نخرج من إحرامنا (قال عطاء) قال جابر في بيان صيغة أمر النبي صلى الله عليه وسلم (قال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (حلوا) بكسر الحاء بصيغة أمر الثلاثي؛ أي اجعلوا حجكم عمرة وتحللوا منها بالطواف والسعي (وأصيبوا النساء) أي باشروا حلائلكم وجامعوهن (قال عطاء) قال جابر (ولم يعزم) النبي صلى الله عليه وسلم أي لم يجزم ولم يؤكد أمر إصابة النساء وجماعهن (عليهم) أي على الذين أمرهم بالتحلل أي لم يأمرهم أمرًا جازمًا في وطء النساء بل أباحه لهم، وأما الإحلال فعزم فيه على من لم يكن معه هدي اهـ نووي فأمر حلوا للوجوب وأصيبوا للإباحة وقد تقدم قالوا أي الحل قال الحل كله (ولكن أحلهن لهم فقلنا) فيما
يَكُنْ بَينَنَا وَبَينَ عَرَفَةَ إلا خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نُفْضِيَ إِلَى نِسَائِنَا. فَنَأْتِيَ عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَنِيَّ! قَال: يَقُولُ جَابِرٌ بيَدِهِ (كأَني أَنْظُرُ إِلَى قَوْلِهِ بِيَدِهِ يُحَرِّكُهَا) قَال: فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِينَا. فَقَال: "قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقاكُمْ لِلهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ. وَلَوْلا هَدْيِي لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ. وَلَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا
ــ
بيننا أي قال بعضنا لبعض (لما لم يكن بيننا وبين) يوم (عرفة) وهو التاسع من ذي الحجة (إلا خمس) ليال فلما حينية متعلقة بقوله (أمرنا) أي حين لم يبق بيننا وبين يوم عرفة إلا خمس ليال أمرنا (أن نفضي) بضم النون من الإفضاء بمعنى الإيصال أي أمرنا أن نصل ونضم (إلى نسائنا) أي حلائلنا بالجماع والمباشرة (فـ) بعد ذلك (نأتي) ونحضر (عرفة) أراد بها عرفات، قال في المصباح: يقال وقفت بعرفة كما يقال بعرفات، فنأتي بالنصب معطوف على نفضي، والفاء بمعنى ثم كما أشرنا إليه في الحل، وقيل بالرفع نص عليه ملا علي أي فنحن حينئذ نأتي عرفات مع مقاربة النساء بقربها فكرهوا ذلك فضلًا عن كراهيتهم الاعتمار في أشهر الحج، حالة كوننا (تقطر) وتصب (مذاكيرنا) أي ذكرنا (المني) فالجملة حالية وهو كناية عن قرب الجماع، وقول عمر بن الخطاب في هذا المعنى فيما يأتي (تقطر رؤوسهم) أحسن من هذا، قال ملا علي: وكان ذلك عيبًا في الجاهلية حيث يعدونه نقصًا في الحج اهـ، وقطر من باب نصر يتعدى ولا يتعدى، والمذاكير جمع الذكر بمعنى آلة الذكورة على غير قياس، وأما الذكر خلاف الأنثى فيجمع على ذكور وذكران (قال) عطاء (يقول جابر) أي يشير (بيده) إلى صفة تقاطر المذاكير المني حالة كونه يحركها ففيه إطلاق القول على الفعل، ومثله قوله (كأني أنظر) الآن (إلى قوله) أي إلى قول جابر وإشارته (بيده) حالة كونه (يحركها) أي يحرك يده ويميلها، حكاية لصفة المذاكير عند تقطير المني، وجملة (كأني) إلخ من كلام عطاء، قال الكرماني: هذه الإشارة لبيان كيفية القطر، ويحتمل أن تكون إلى محل التقطر اهـ (قال) جابر (فقام النبي صلى الله عليه وسلم فينا) زاد في رواية حماد خطيبًا فقال: ما بلغني أن أقوامًا يقولون كذا وكذا (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد علمتم) أيها المسلمون (أني أتقاكم) أي أشدكم خشية وتقوى الله) تعالى (وأصدقكم) أي أكثركم صدقًا في الكلام (وأبركم) أي أكثركم برًّا وإحسانًا إلى الغير (ولولا) سوق (هديي) معي (لحللت) من إحرام الحج (كما تحلون) أي إحلالًا كإحلالكم بفسخ الحج إلى العمرة (ولو استقبلت من أمري) بيان مقدم لقوله (ما
اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ. فَحِلُّوا" فَحَللْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: فَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايَتِهِ
ــ
استدبرت) وما موصولة في محل النصب على المفعولية لاستقبلت، والاستقبال خلاف الاستدبار؛ والمعنى لو ظهر لي أولًا ما ظهر لي آخرًا من الإحرام بعمرة (لم أسق الهدي) معي وفعلت معكم ما أمرتكم بفعله من فسخ الحج إلى العمرة، وسائق الهدي لا يجوز له ذلك فإنه لا يحل من إحرامه حتى ينحره ولا ينحره إلا يوم النحر بخلاف من لم يسق الهدي، قال الأبي: وإنما منع الهدي من التحلل من العمرة لأن التحلل منها هو بعد الفراغ منها وآخر عملها الحلق ولو حلق منها لحلق قبل أن يبلغ الهدي محله، والله سبحانه شرط في الحلق أن يكون بعد بلوغ الهدي محله لقوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} الآية، لا يقال يقصر ويؤخر الحلق حتى يبلغ الهدي محله لأن الشارع جعل التقصير بمنزلة الحلق فإذا امتنع الحلق امتنع التقصير اهـ منه. وقال ابن الأثير: وإنما أراد بهذا القول تطييب قلوب أصحابه لأنه كان يشق عليهم أن يحلوا وهو محرم فقال لهم ذلك لئلا يجدوا في أنفسهم، وليعلموا أن الأفضل لهم قبول ما دعاهم إليه وأنه لولا الهدي لفعله اهـ، وقال الحافظ: فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من تطييب قلوب أصحابه وتلطفه بهم وحلمه عنهم اهـ (فحلوا) بكسر الحاء أمر من الثلاثي؛ أي اخرجوا من إحرامكم بالطواف والسعي والتقصير، قال جابر (فحللنا) من إحرامنا (و) قلنا له (سمعنا) ما قلت لنا (وأطعنا) ما أمرتنا به (قال عطاء قال جابر فقدم علي) بن أبي طالب رضي الله عنه (من سعايته) بكسر السين أي من عمله باليمن من الجباية وغيرها، قال القاضي: أي من عمله في السعي في الصدقات، قال: وقال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث أنه إنما بعث عليًّا أميرًا لا عاملًا على الصدقات إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الزكاة لقوله صلى الله عليه وسلم للفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" ولم يستعملهما، قال القاضي: يحتمل أن عليًّا ولي الصدقات وغيرها احتسابًا أو أعطي عمالته عليها من غير الصدقة، قال: وهذا أشبه لقوله من سعايته والسعاية تختص بالصدقة هذا كلام القاضي وهذا الذي قاله حسن إلا قوله إن السعاية تختص بالعمل على الصدقة فليس كذلك لأنها تستعمل في مطلق الولاية وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصدقة، ومما يدل لما ذكرته حديث حذيفة السابق في كتاب الإيمان من صحيح مسلم قال في حديث رفع الأمانة: "ولقد أتى علي زمان ما أبالي أيكم
فَقَال: "بِمَ أَهْلَلْتَ؟ " قَال: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا"
ــ
بايعت لئن كان مسلمًا ليردنه علي دينه، ولئن كان نصرانيًّا أو يهوديًّا ليردنه علي ساعيه" يعني الوالي عليه والله أعلم اهـ فتح الملهم (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (بم أهللت) أي بأي نسك من النسكين أحرمت يا علي (قال) علي أهللت (بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أو الإفراد أو التمتع، وهذا يسمى عند الفقهاء إحرامًا تشبيهيا (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهد) بقطع الهمزة أي فاذبح دم القرآن وقت دخول ذبحه وهو يوم النحر (وامكث) بوصلها (حرامًا) أي واجلس الآن محرمًا حتى يبلغ الهدي محله، وفي حديث ابن عمر قال: فأمسك فإن معنا هديًا، قال النواوي: ثم ذكر مسلم بعد هذا بقليل حديث أبي موسى الأشعري قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء فقال لي: "حججت؟ " فقلت: نعم، فقال: "بم أهللت" قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "قد أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل" وفي الرواية الأخرى عن أبي موسى أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "بم أهللت؟ " قال: أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "هل سقت من هدي؟ " قلت: لا، قال: "طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل" هذان الحديثان متفقان على صحة الإحرام معلقًا وهو أن يحرم إحرامًا كإحرام فلان فينعقد إحرامه ويصير محرمًا بما أحرم به فلان، واختلف آخر الحديثين في التحلل فأمر عليًّا بالبقاء على إحرامه وأمر أبا موسى بالتحلل، وإنما اختلف آخرهما لأنهما أحرما كإحرام النبي صلى الله عليه وسلم وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم هدي فشاركه علي رضي الله عنه في أن معه هديا فلهذا أمره بالبقاء على إحرامه كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم على إحرامه بسبب الهدي وكان قارنًا وصار علي قارنًا، وأما أبو موسى فلم يكن معه هدي فصار له حكم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن معه هدي، وقد قال صلى الله عليه وسلم إنه لولا الهدي لجعلها عمرة وتحلل، فأمر أبا موسى بذلك فلذلك اختلف أمره صلى الله عليه وسلم فاعتمد ما ذكرته فهو الصواب، وقد تأولها الخطابي والقاضي عياض تأويلين غير مرضيين والله أعلم اهـ منه، ثم قال: وفي هذين الحديثين دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أنه يصح الإحرام معلقا بأن ينوي إحرامًا كإحرام زيد فيصير هذا المعلق كزيد فإن كان زيد محرمًا بالحج كان هذا أيضًا محرمًا بالحج، وإن كان بعمرة فبعمرة وإن
قَال: وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا. فَقَال سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هذَا أَمْ لأَبَدِ؟ فَقَال:"لأَبَدِ".
2824 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيمَانَ،
ــ
كان بهما فبهما، وإن كان زيد أحرم مطلقًا كان هذا محرمًا إحرامًا مطلقًا فيصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة ولا يلزمه موافقة زيد في الصرف (قال) جابر (وأهدى له) صلى الله عليه وسلم أي ساق له صلى الله عليه وسلم (علي) رضي الله عنه (هديًا) من اليمن فإنه كما يأتي قدم من اليمن ومعه هدي (فقال) له صلى الله عليه وسلم (سراقة بن مالك بن جعشم) بضم الجيم والشين بينهما مهملة ساكنة (يا رسول الله ألعامنا هذا) أي جواز العمرة في أشهر الحج أي هل هو مختص بهذه السنة (أم لأبد) أي أم هو باق في الأمة إلى أبد (فقال) صلى الله عليه وسلم هو باق (لأبد) أي إلى أبدٍ، وأما فسخ الحج إلى العمرة فمختص بهم في تلك السنة لا يجوز بعدها عند جمهور الفقهاء، وإنما أمروا به في تلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية أفاده النووي، وفي رواية فشبك أصابعه واحدةً في أخرى وقال: دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لأبدٍ أبدٍ، قال النواوي: معناه عند الجمهور أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إبطالًا لما كان عليه الجاهلية، وقيل معناه: جواز القِران أي دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج، وقيل معناه: سقط وجوب العمرة وهذا ضعيف لأنه يقتضي النسخ بغير دليل، وقيل معناه: جواز فسخ الحج إلى العمرة قال: وهو ضعيف، وتعقب بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عما هو أعم من ذلك حتى يتناول التأويلات المذكورة إلا الثالث والله أعلم كذا في فتح الباري، قال الأبي: التشبيك بين الأصابع يرجح أنه يعني القرآن لأن سؤال سراقة وارد على قوله فمن لم يكن معه هَدي فليحل وعدم الهَدي يتقرر في المفرد والمعتمر والقارن الذي ليس معه هَدي، والمفرد والمعتمر لا مدخل لأحدهما في معنى التشبيك فيتعين القارن اهـ والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه هذا فقال:
2824 -
(00)(00)(حدثنا) محمد (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثني أبي) عبد الله بن نمير، ثقة، من (9)(حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان) ميسرة الفزاري أبو
عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما. قَال: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ. فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةٌ. فَكَبُرَ ذلِكَ عَلَينَا. وَضَاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا. فَبَلَغَ ذلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَمَا نَدْرِي أَشَيءٌ بَلَغَهُ مِنَ السَّمَاءِ، أَمْ شَيءٌ مِنْ قِبَلِ النَّاسِ. فَقَال:"أَيُّهَا النَّاسُ! أَحِلُّوا. فَلَوْلا الْهَدْيُ الَّذِي مَعِي، فَعَلْتُ كلمَا فَعَلْتُمْ" قَال: فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ. وَفَعَلْنَا مَا يَفْعَلُ الْحَلالُ. حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْويةِ، وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ، أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ
ــ
محمد الكوفي، صدوق، من (5) روى عنه في (7) أبواب (عن عطاء) بن أبي رباح القرشي مولاهم المكي، ثقة، من (3)(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الملك لابن جريج (قال) جابر (أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن نحل) من حجتنا (ونجعلها عمرة) فيه حذف ما علم من الروايات المتقدمة أي فلما قدمنا مكة وفعلنا بها ما يفعله الحاج الآفاقي أمرنا بفسخ ما فعلنا من مناسك الحج إلى العمرة اهـ من بعض الهوامش (فكبر) أي ثقل وشق (ذلك) الفسخ (علينا) أي على قلوبنا وهو صلى الله عليه وسلم على إحرامه (وضاقت) أي حرجت (به) أي بذلك الفسخ (صدورنا) أي قلوبنا (فبلغ ذلك) أي وصل ضيق صدورنا به (النبي صلى الله عليه وسلم بالنصب على المفعولية (فما ندري) ولا نعلم (أ) ذلك الضيق (شيء بلغه) صلى الله عليه وسلم بالوحي (من السماء أم شيء) بلغه (من قبل) إخبار (الناس) منا له (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيها الناس أحلوا) من إحرامكم بالحلق أو التقصير -بفتح الهمزة وكسر الحاء- أمر من الإحلال الرباعي، وهو للوجوب (فلولا الهدي) أي فلولا سوق الهدي (الذي معي) موجود واقع مني (فعلت كما فعلتم) أي أحللت إحلالًا كإحلالكم لأنه الواجب على من لم يسق الهدي (قال) جابر (فأحللنا) كل الحل (حتى وطئنا النساء وفعلنا ما يفعل الحلال) من محظورات الإحرام وصرنا على تلك الحال (حتى إذا كان) ودخل (يوم التروية) وهو اليوم الثامن من ذي الحجة (وجعلنا مكة بظهر) أي بوراء منا وخلف ظهرنا (أهللنا بالحج) معناه عند إرادة الذهاب من منزلنا إلى منى والله أعلم.
2825 -
(00)(00) وحدّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيمٍ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ نَافِعٍ. قَال: قَدِمْتُ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا بِعُمْرَةٍ. قَبْلَ التَّرْويةِ بَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. فَقَال النَّاسُ: تَصِيرُ حَجَّتُكَ الآنَ مَكِّيَّةً. فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فَاسْتَفْتَيتُهُ. فَقَال عَطَاءٌ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنهما، أَنَّهُ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ. وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا. فَقَال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ. فَطُوفُوا بِالْبَيتِ وَبَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَقَصِّرُوا
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه هذا فقال: 2825 - (00)(00)(وحدثنا ابن نمير حدثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين مشهور بكنيته التميمي مولاهم الكوفي الأحول، ثقة، من (9)(حدثنا موسى بن نافع) الحناط الهذلي الأسدي أبو شهاب الأكبر الكوفي، مشهور بكنيته، روى عن عطاء بن أبي رباح في الحج، وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، ويروي عنه (خ م س) وأبو نعيم والثوري وعيسى بن يونس ووكيع والقطان وغيرهم، وثقه ابن معين، وقال أحمد: منكر الحديث، له في (خ م) فرد حديث وفي (س) آخر، وقال في التقريب: صدوق، من السادسة (قال) موسى بن نافع (قدمت مكة متمتعًا بعمرة قبل) يوم (التروية بأربعة أيام فقال) لي (الناس تصير حجتك الآن مكية) يعني قليلة الثواب لقلة مشقتها، وقال ابن بطال: معناه أنك تنشئ حجك من مكة كما ينشئ أهل مكة منها فيفوتك فضل الإحرام من الميقات فيقل ثوابك بقلة مشقتك كأنهم كانوا لا يرون التمتع في الحج شيئًا (فدخلت على عطاء بن أبي رباح فاستفتيته) أي فاستفتيت عطاء بن أبي رباح عن حجتي هذه (فقال) لي (عطاء حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة موسى بن نافع لعبد الملك (أنه) أي أن جابرًا (حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ساق) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الهدي معه) يعني عام حجة الوداع (وقد أهلوا) كلهم أولًا أي أحرموا (بالحج مفردًا) عن العمرة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لم يسق الهدي (أحلوا من إحرامكم) أي اجعلوا إحرامكم عمرة وتحللوا بعملها وهو الطواف والسعي ثم التقصير، وقوله (فطوفوا بالبيت و) اسعوا (بين الصفا والمروة وقصروا) شعوركم تفسير لقوله "أحلوا" وإنما أمرهم بالتقصير لأنهم يهلون بعد قليل بحج فأخر الحلق له لأن بين دخولهم وبين يوم التروية أربعة أيام فقط
وَأَقِيمُوا حَلالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْويةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ. وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً". قَالُوا: كَيفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةَ وَقَدْ سَمَّينَا الْحَجِّ؟ قَال: "افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ. فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ، لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ. وَلكِنْ لَا يَحِلَّ مِنِّي حَرَامٌ. حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ" فَفَعَلُوا.
2826 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيسِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ،
ــ
(وأقيموا حلالًا حتى) يدخل يوم التروية فـ (إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا) الحجة (التي قدمتم بها متعةً) أي تمتعًا أي اجعلوا الحجة المفردة التي أهللتم بها عمرة فتحلوا منها فتصيروا متمتعين فأطلق على العمرة متعة مجازًا والعلاقة بينهما ظاهرة كذا في الفتح (قالوا كيف نجعلها متعةً وقد سمينا) أي ذكرنا (الحج) في إحرامنا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (افعلوا ما آمركم به) من فسخ الحجة إلى العمرة (فإني لولا أني سقت الهدي) أي لولا سوق الهدي معي واقع (لفعلت مثل الذي أمرتكم به) من الفسخ لأنه الأفضل لمن لم يسق الهدي (ولكن لا يحل مني حرام) أي لا يحل لي شيء مما حرم علي بالإحرام (حتى يبلغ الهدي) الذي سقته معي (محله) أي مكان حل ذبحه ووقته وهو يوم النحر في منى (ففعلوا) ما أمرهم به لما رأوا أنه عزم محتم، قال النواوي: وفي هذا دليل ظاهر لمذهب الشافعي ومالك وموافقيهما في ترجيح الإفراد، وأن غالبهم كانوا محرمين بالحج، ويتأول رواية من روى من روى متمتعين أنه أراد في آخر الأمر صاروا متمتعين كما سبق تقريره في أوائل هذا الباب، وفيه دليل للشافعي وموافقيه في أن من كان بمكة وأراد الحج إنما يحرم به من يوم التروية، وقد ذكرنا المسئلة مرات اهـ منه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في هذا الحديث فقال:
2826 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي) أبو عبد الله البحراني البصري، صدوق، من (11) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي) البصري، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة (200) مائتين، روى عنه في (6) أبواب (عن أبي عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن أبي بشر) الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري البصري، ثقة،
عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما. قَال: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً. وَنَحِلَّ. قَال: وَكَانَ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم الْهَدْيُ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً
ــ
من (5)(عن عطاء بن أبي رباح) اليماني المكي (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد مكي وواحد واسطي، غرضه بيان متابعة أبي بشر لموسى بن نافع (قال) جابر (قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة (مهلين) أي محرمين أغلبهم (بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها) أي أن نجعل الحجة (عمرة ونحل) بفتح النون وكسر الحاء أي نخرج من الإحرام بالتقصير (قال) جابر (وكان معه صلى الله عليه وسلم الهدي فلم يستطع أن يجعلها عمرة) لما مر.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث جابر رضي الله عنه هذا وذكر فيه أربع متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***