الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
506 - (62) باب: بيان كيفية رمي جمرة العقبة والتكبير عنده وجواز الركوب فيه وكون حصاه بقدر حصى الخذف، وبيان وقت الرمي وكونها سبعًا
(3011)
- (1258)(188) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَال: رَمَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. قَال: فَقِيلَ لَهُ:
ــ
506 -
(62) باب بيان كيفية رمي جمرة العقبة والتكبير عنده وجواز الركوب فيه وكون حصاه بقدر حصى الخذف وبيان وقت الرمي وكونها سبعًا
3011 -
(1258)(188)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي (عن عبد الرحمن بن يزيد) بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من (3)(قال رمى عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وأنه اجتمع فيه ثلاثة من التابعين، أي رمى (جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات) حالة كونه (يكبر مع كل حصاة) منها (قال) عبد الرحمن بن يزيد (فقيل له) أي لابن مسعود، وقوله (رمى عبد الله) اختلف في حكم رمي الجمار فالجمهور على أنَّه واجب يجبر تركه بدم، وعند المالكية سنة مؤكدة فيجبر، وعندهم رواية أن رمي جمرة العقبة ركن يبطل الحج بتركه ومقابله قول بعضهم أنها إنما تشرع حفظًا للتكبير فإن تركه وكبر أجزأه حكاه ابن جرير عن عائشة وغيرها اهـ فتح الملهم، قوله (جمرة العقبة) قال الحافظ: وتمتاز جمرة العقبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء اختصاصها بيوم النحر وأن لا يوقف عندها وترمى ضحى ومن أسفلها استحبابًا، وجمرة العقبة هي الجمرة الكبرى، وليست من منى بل هي حد منى من جهة مكة، وهي التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار عندها على الهجرة إليهم، والجمرة اسم لمجتمع الحصى سميت بذلك لاجتماع الناس بها يقال تجمر بنو فلان إذا اجتمعوا، وقيل إن العرب تسمي الحصى الصغار جمارًا فسميت تسمية الشيء بلازمه، وقيل كان آدم أو إبراهيم عليهما السلام لما عرض له إبليس فحصبه جمر بين يديه أي أسرع فسميت بذلك اهـ، قوله (من بطن الوادي) هذا هو
إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا. فَقَال عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ! مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ
ــ
المستحب عند الكافة ومن حيث ما رمى من أعلى العقبة أو وسطها أو أسفلها جاز، وأما سائر الجمرات فمن فوقها اهـ إكمال المعلم، وهذا في الزمان الأول، وأما الآن فترمى كل الجمرات من كل الجهات حيث وصلت الحصى إلى موضع الرمي والله أعلم، قوله (بسبع حصيات) روي عن ابن عمر أنَّه قال من رمى بست فلا شيء عليه، وفي رواية عنه يتصدق بشيء، وعن مالك والأوزاعي من رمى بأقل من سبع وفاته التدارك يجبره بدم، وعن الشافعية في ترك حصاة مد، وفي ترك حصاتين مدان، وفي ترك ثلاثة فأكثر دم، وعن الحنفية إن ترك أقل من نصف الجمرات الثلاث فنصف صاع وإلا فدم، قوله (يكبر مع كل حصاة) برفع صوت، فيه استحباب التكبير مع كل حصاة وأجمعوا على أنَّه لو ترك التكبير لا شيء عليه، وفي بعض روايات ابن مسعود أنَّه لما فرغ من رمي جمرة العقبة قال: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا كذا في الفتح، وفي الدر المنثور للسيوطي أخرج البيهقي في سننه عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنَّه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وعملًا مشكورًا، وقال: حدثني أبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت.
(إن أناسًا يرمونها) أي يرمون جمرة العقبة (من فوقها) أي لا من أسفلها (فقال عبد الله بن مسعود هذا) المكان الذي أنا قمت فيه من بطن الوادي، وجملة قوله (والذي لا إله غيره) جملة قسمية معترضة بين المبتدإ والخبر جيء بها لتأكيد الكلام هو (مقام) النبي (الذي أنزلت عليه سورة البقرة) صلى الله عليه وسلم خصها بالذكر لأنَّ كثيرًا من أفعال الحج مذكور فيها فكأنه قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه أحكام المناسك، منبهًا بذلك على أن أفعال الحج توقيفية، وقيل خص البقرة بذلك لطولها وعظم قدرها وكثرة ما فيها من الأحكام اهـ فتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 415]، والبخاري [1748]، وأبو داود [1974]، والترمذي [901]، والنسائيُّ [5/ 273].
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
(3012)
- (. . .)(. . .) وحدّثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ. قَال: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ، وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ. السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ. وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ. وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ. قَال: فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ
ــ
3012 -
(. . .)(. . .)(وحدثنا منجاب) بكسر أوله وسكون ثانيه ثمَّ جيم ثمَّ موحدة (ابن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي) أبو محمَّد الكوفي، ثقة، من (10)(أخبرنا) علي (ابن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة، من (8)(عن الأعمش قال) الأعمش (سمعت الحجاج بن يوسف) الثقفي الأمير المشهور لم يقصد الأعمش بهذا الكلام الرواية عنه لأنه لم يكن أهلًا لذلك وإنما أراد أن يحكي القصة ويوضح خطأ الحجاج فيها بما ثبت عمن يرجع إليه في ذلك بخلاف الحجاج، وكان أي الحجاج لا يرى إضافة السورة إلى الاسم فرد عليه إبراهيم النخعي بما رواه عن ابن مسعود من الجواز أي سمعت الحجاج (يقول وهو) أي والحال أنَّه (يخطب على المنبر) في مسجد الكوفة أي سمعته يقول في خطبته (ألفوا) أمر من التأليف أي رتبوا (القرآن) أي آي القرآن (كما ألفه) أي كما رتبه (جبريل) الأمين عليه السلام فإن ترتيب الآي توقيفي ولا تقولوا في تسمية سورة سورة البقرة وسورة آل عمران مثلًا بل قولوا في أسماء سورة منها (السورة التي يذكر فيها البقرة و) منها (السورة التي يذكر فيها النساء والسورة التي يذكر فيها آل عمران) مثلًا، قال القاضي عياض: إن كان الحجاج أراد بقوله كما ألفه جبريل تأليف الآي في كل سورة ونظمها على ما هي عليه الآن في المصحف فهو إجماع المسلمين، وأجمعوا على أن ذلك تأليف النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان يريد تأليف السور بعضها إثر بعض وترتيبها فهو قول بعض الفقهاء والقراء، وخالفهم المحققون وقالوا بل هو اجتهاد من الأئمة وليس بتوقيف، قال وتقديمه هنا النساء على آل عمران دليل على أنَّه لم يرد إلا نظم الآي وتركيبها لأنَّ الحجاج إنما كان يتبع مصحف عثمان رضي الله عنه ولا يخالفه، والظاهر أنَّه أراد ترتيب الآي لا ترتيب السور اهـ إكمال المعلم. وهذا السند أيضًا من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن مسهر لأبي معاوية في الرواية عن الأعمش (قال) الأعمش (فلقيت) أي رأيت (إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي (فأخبرته) أي فأخبرت إبراهيم (بقوله) أي بقول الحجاج المذكور آنفًا يعني قوله السورة التي يذكر
فَسَبَّهُ وَقَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ؛ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَأَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ. فَاسْتَعْرَضَهَا. فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. قَال: فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّ النَّاسَ يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا. فَقَال: هذَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ! مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.
(3013)
- (. . .)(. . .) وحدّثني يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا
ــ
فيها البقرة إلخ (فسبه) أي فسب إبراهيم الحجاج وشتمه، والسب الشتم الوجيع، والمراد هنا ذكره بعدم كونه أهلًا لذلك القول، قال الأبي: يحتمل أنَّه إنما سبه حينئذ لأنه تذكر بالقضية أفعاله الخبيثة، وقوله (وقال) إبراهيم النخعي معطوف على فسبه (حدثني عبد الرحمن بن يزيد) النخعي الكوفي (أنَّه كان مع عبد الله بن مسعود فأتى) عبد الله (جمرة العقبة فاستبطن الوادي) أي دخل بطن الوادي (فاستعرضها) أي فأتى الجمرة من جانبها عرضًا بحيث تكون مكة على يساره ومنى على يمينيه (فرماها من بطن الوادي) هذا هو المستحب، وقد اتفقوا على أنَّه من حيث رماها جاز سواء استقبلها أو جعلها عن يمينه أو يساره أو من فوقها أو من أسفلها أو وسطها وإنما الخلاف في الأفضل اهـ من الإرشاد (بسبع حصيات) وفي بعض الرواية إسقاط حرف الجر، حالة كونه (يكبر مع كل حصاة) من السبع وكيفية التكبير أن يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد نقله الماوردي عن الشافعي (قال) عبد الرحمن بن يزيد (فقلت) لابن مسعود (يا أبا عبد الرحمن إن الناس يرمونها من فوقها فقال) ابن مسعود (هذا) المكان من بطن الوادي (والذي لا إله إلا غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) بفتح ميم مقام اسم مكان من قام يقوم أي هذا موضع قيام النبي صلى الله عليه وسلم.
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
3013 -
(. . .)(. . .)(وحدثني يعقوب) بن إبراهيم بن كثير العبدي (الدورقي) البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا) يحيى بن زكرياء (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الكوفي، ثقة، من (9)(ح وحدثنا) محمَّد (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا
سُفْيَانُ. كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ. قَال: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: لَا تَقُولُوا: سُورَةُ الْبَقَرَةِ. وَاقْتَصَّا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ.
(3014)
- (. . .)(. . .) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ؛ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عَبْدِ اللهِ. قَال: فَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. وَجَعَلَ الْبَيتَ عَنْ يَسَارِهِ. وَمِنىً عَنْ يَمِينِهِ. وَقَال: هذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.
(3015)
- (. . .)(. . .) وحدّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي
ــ
سفيان) بن عيينة (كلاهما) أي كل من يحيى وسفيان رويا (عن الأعمش) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن أبي زائدة وسفيان لعلي بن مسهر (قال) الأعمش (سمعت الحجاج) بن يوسف الثقفي الكوفي (يقول لا تقولوا سورة البقرة) بإضافة السورة إلى البقرة (واقتصا) أي واقتص سفيان وابن أبي زائدة (الحديث بمثل حديث ابن مسهر).
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
3014 -
(. . .)(. . .)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر) محمَّد بن جعفر (عن شعبة ح وحدثنا محمَّد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، من (5)(عن إبراهيم) النحعي (عن عبد الرحمن بن يزيد) النخعي (أنَّه حج مع عبد الله) بن مسعود. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة الحكم للأعمش في رواية هذا الحديث عن إبراهيم (قال) عبد الرحمن بن يزيد (فرمى) عبد الله (الجمرة) أي جمرة العقبة وهي التي أسفل الجبل على يمين الذاهب إلى مكة (بسبع حصيات وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه وقال) عبد الله (هذا) المقام (مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة).
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
3015 -
(. . .)(. . .)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي)
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَلَمَّا أَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
(3016)
- (. . .)(. . .) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو الْمُحَيَّاةِ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظ لَهُ) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. قَال: قِيلَ لِعبْدِ اللهِ: إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَ الْجَمْرَةَ مِنْ فَوْقِ الْعَقَبَةِ. قَال: فَرَمَاهَا عَبْدُ اللهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي. ثُمَّ قَال: مِنْ ههُنَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ! رَمَاهَا الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ
ــ
معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة) أي حدثنا معاذ بن معاذ (بهذا الإسناد) يعني عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الرحمن عن عبد الله، غرضه بيان متابعة معاذ بن معاذ لمحمد بن جعفر في رواية هذا الحديث عن شعبة (غير أنَّه) أي لكن أن معاذ بن معاذ (قال) في روايته (فلما أتى) عبد الله بن مسعود (جمرة العقبة) رماها بسبع حصياتٍ بدل قول محمَّد بن جعفر "فرمى الجمرة بسبع حصيات".
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
3016 -
(. . .)(. . .)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا) يحيى بن يعلى بن حرملة التيمي (أبو المحياة) الكوفي -بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الياء المثناة تحت، آخره هاء- روى عن سلمة بن كهيل في الحج، ويروي عنه (م ت س ق) ويحيى بن يحيى وابن أبي شيبة، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبَّان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من (8)(ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ) الآتي (له)(أخبرنا يحيى بن يعلى) بن حرملة (أبوالمحياة عن سلمة بن كهيل) الحضرمي الكوفي، ثقة، من (4)(عن عبد الرحمن بن يزيد قال) عبد الرحمن (قيل لعبد الله) بن مسعود، والقائل له عبد الرحمن بن يزيد كما في الرواية السابقة (إن ناسًا يرمون الجمرة من فوق العقبة) أي من فوق عقبة الجبل (قال) عبد الرحمن (فرماها عبد الله) بن مسعود (من بطن الوادي ثمَّ قال) عبد الله (من ها هنا) أي من هذا المكان (والذي لا إله غيره رماها) أي رمى الجمرة النبي (الذي أنزلت عليه سورة البقرة) صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة منها إثبات رمي جمرة العقبة يوم النحر وهو مجمع
(3017)
- (1259)(189) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. جَمِيعًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ. قَال ابْنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ. وَيَقُولُ: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ
ــ
عليه وهو واجب وهو أحد أسباب التحلل وهي ثلاثة؛ رمي جمرة العقبة يوم النحر فطواف الإفاضة مع سعيه إن لم يكن سعى والثالث الحلق عند من يقول إنه نسك وهو الصحيح، فلو ترك جمرة العقبة حتى فاتت أيام التشريق فحجه صحيح وعليه دم هذا قول الشافعي والجمهور، وقال بعض أصحاب مالك الرمي ركن لا يصح الحج إلا به، والصحيح الأول. ومنها كون الرمي بسبع حصيات وهو مجمع عليه. ومنها استحباب التكبير مع كل حصاة وهو مذهبنا ومذهب مالك والعلماء كافة. ومنها استحباب كون الرمي من بطن الوادي على الكيفية السابقة، وأما رمي باقي الجمرات في أيام التشريق فيستحب من فوقها اهـ نووي.
ثمَّ استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة وهو جواز الركوب فيه بحديث جابر رضي الله عنه فقال:
3017 -
(1259)(189)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعلي بن خشرم) بن عبد الرحمن المروزي (جميعًا عن عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي (قال ابن خشرم أخبرنا عيسى عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير) المكي محمَّد بن مسلم الأسدي (أنَّه سمع جابرًا) ابن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد كوفي وواحد مروزي، حالة كون جابر (يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي) جمرة العقبة حالة كونه راكبًا (على راحلته) أي ناقته (يوم النحر) قال الشافعي: يستحب لمن وصل منى راكبًا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، ومن وصلها ماشيًا أن يرميها ماشيًا وفي اليومين الأولين من التشريق يرمي الجمرات ماشيًا وفي اليوم الثالث يرمي راكبًا وينفر، وقال أحمد وإسحاق: يستحب يوم النحر أن يرمي ماشيًا ذكره الطيبي رحمه الله تعالى، وكونه صلى الله عليه وسلم رمى راكبًا ليظهر للناس فعله على ما قررناه في طوافه وسعيه في حديث جابر رضي الله عنه (و) الحال أنَّه (يقول لتأخذوا) عني (مناسككم) أي أحكامها،
فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هذِهِ".
(3018)
- (1260)(190) وحدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ،
ــ
واللام في لتأخذوا بكسرها هي لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم، وهكذا وقع في رواية غير مسلم بلا لام تقديره هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته وهي مناسككم فخذوها عني واقبلوها واحفظوها وعلموها الناس، وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة:"صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال السندي: معناه لتأخذوا مناسككم أي تعلموا وتحفظوا وهذا أمر بأخذ المناسك وتعلمها وحفظها، ولا دلالة فيه على وجوب المناسك أصلًا بل على وجوب تعلمها وحفظها في تلك السنة فاستدلال كثير من الفقهاء بهذا الحديث على الوجوب غير ظاهر إذ وجوب تعلم الشيء لا يدل على وجوب ذلك الشيء إذ جميع المندوبات والسنن يجب أخذها وتعلمها ولو على وجه الكفاية وهي غير واجبة عملًا فافهم والله تعالى أعلم اهـ منه (فإني لا أدري) ولا أعلم متى يحل أجلي (لعلي) قال الزرقاني: أي أظن، ويحتمل كون لعل للتحقيق كما يقع في كلامه صلى الله عليه وسلم كثيرًا أي وأظن أن (لا أحج بعد حجتي هذه) قال النووي: فيه إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه وانتهاز الفرصة من ملازمته وتعلم أمور الدين ولهذا سميت حجة الوداع اهـ قال القرطبي: وفي الحديث أمر للاقتداء به وحوالة على فعله الذي وقع به البيان لمجملات الحج في كتاب الله وهذا كقوله لما صلى "صلوا كما رأيتموني أصلي" متفق عليه، ويلزم من هذين الأمرين أن يكون الأصل في أفعال الصلاة والحج الوجوب إلا ما خرج بدليل كما ذهب إليه أهل الظاهر، وحكي عن الشافعي اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [1970]، والنسائيُّ [5/ 270].
ثمَّ استشهد المؤلف لحديث جابر بحديث أم الحصين رضي الله تعالى عنهما فقال:
3018 -
(1260)(190)(وحدثني سلمة بن شبيب) المسمعي المكي، ثقة، من (11)(حدثنا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) نسب إلى جده لشهرته به مولى بني مروان الحراني، صدوق، من (9)(حدثنا معقل) بن عبيد الله الجزري الحراني أبو عبيد الله
عَنْ زَيدِ بْنِ أَبِي أُنَيسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَينٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ الْحُصَينِ. قَال: سَمِعْتُهَا تَقُولُ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ. فَرَأَيتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَمَعَهُ بِلالٌ وَأُسَامَةُ. أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ. وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّمْسِ
ــ
العبسي مولاهم، صدوق، من (8)(عن زيد بن) زيد (أبي أنيسة) بالتصغير الغنوي أبي أسامة الجزري، ثقة، من (6)(عن يحيى بن حصين) البجلي الأحمسي المدني، روى عن جدته أم الحصين في الحج والجهاد، وعن طارق بن شهاب، ويروي عنه (م د س ق) وزيد بن أبي أنيسة وشعبة وأبو إسحاق، وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائيُّ، وذكره ابن حبَّان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة (عن جدته أم الحصين) بمهملتين مصغرًا لم يعرف اسمها، بنت إسحاق الأحمسية الصحابية المدنية شهدت خطبة حجة الوداع، لها أحاديث انفرد (م) بحديثين منها، ويروي عنها (م عم) وابن ابنها يحيى بن الحصين والعيزار بن حريث. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان حرانيان وواحد جزري وواحد مكي (قال) يحيى بن حصين (سمعتها) أي سمعت جدتي أم حصين (تقول حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته) صلى الله عليه وسلم (حين رمى جمرة العقبة وانصرف) معطوف على رمى أي رجع من الرمي إلى منزله (وهو) أي والحال أنَّه صلى الله عليه وسلم راكب (على راحلته ومعه بلال وأسامة) بن زيد حبه صلى الله عليه وسلم (أحدهما) أي أحد الرجلين (يقود به) صلى الله عليه وسلم (راحلته) ماسكًا زمامها (والآخر) من الرجلين (رافع ثوبه) أي ثوبًا في يده (على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقاية له (من الشمس) أي من حرارتها يعني يظله بثوب مرتفع عن رأسه بحيث لا يصل الثوب إلى رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النواوي: فيه تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره وهو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء سواء كان راكبًا أو نازلًا، وقال مالك وأحمد: لا يجوز وإن فعل لزمته الفدية، وعن أحمد رواية أنَّه لا فدية، وأجمعوا على أنَّه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز، ووافقونا على أنَّه إذا كان الزمان يسيرًا في المحمل لا فدية وكذا لو استظل بيده وقد يحتجون بحديث عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة قال: صحبت عمر بن
قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا كَثِيرًا. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنْ أُمِّرَ عَلَيكُمْ عَبْدٌ مُجدَّعٌ (حَسِبْتُهَا قَالتْ) أَسْوَدُ، يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالى،
ــ
الخطاب رضي الله عنه فما رأيته مضربًا فسطاطًا حتى رجع رواه الشافعي والبيهقيُّ بإسناد حسن، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه أبصر رجلًا على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال اضح "ابرز إلى حر الضحى" لمن أحرمت له رواه البيهقي بإسناد صحيح، وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ما من محرم يضحى للشمس حتى تغرب إلا غربت ذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه" رواه البيهقي وضعفه، واحتج الجمهور بحديث أم الحصين وهذا المذكور في مسلم ولأنه لا يسمى لبسًا، وأما حديث جابر فضعيف كما ذكرنا مع أنَّه ليس فيه نهي وكذا فعل عمر وقول ابن عمر ليس فيه نهي ولو كان فحديث أم الحصين مقدم عليه والله أعلم ويؤيده الاستظلال بالقبة المضروبة في عرفة اهـ (قالت) أم الحصين (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا كثيرًا) من الأوامر والنواهي (ثمَّ سمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول إن أُمِّر) بالبناء للمجهول أي جعل (عليكم) أميرًا (عبد مجدع) بضم الميم وفتح الجيم والدال المهملة المشددة أي مقطع الأطراف من الجدع وهو القطع من أصل العضو والتشديد للتكثير وإلا فالجدع قطع الأنف والأذن والشفة والذي قطع منه أجدع والأنثى جدعاء، ومقصوده التنبيه على نهاية خسته فإن العبد خسيس في العادة، ثمَّ سواده نقص آخر، وجدعه نقص آخر، وفي الحديث الآخر كأن رأسه زبيبة ومن هذه الصفات مجموعة فيه فهو في نهاية الخسة، والعادة أن يكون ممتهنًا في أرذل الأعمال فأمر صلى الله عليه وسلم بطاعة ولي الأمر ولو كان بهذه الخساسة ما دام يقودنا بكتاب الله تعالى. قال العلماء: معناه ما داموا متمسكين بالإِسلام والدعاء إلى كتاب الله تعالى على أي حال كانوا في أنفسهم وأخلاقهم ولا يشق عليهم العصا بل إذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا. فإن قيل كيف يؤمر بالسمع والطاعة للعبد مع أن شرط الخليفة كونه قرشيًا؟ فالجواب من وجهين أحدهما أن المراد بعض الولاة الذين يوليهم الخليفة ونوابه لا أن الخليفة يكون عبدًا، والثاني أن المراد لو قهر عبد مسلم واستولى بالقهر نفذت أحكامه ووجبت طاعته ولم يجز شق العصا عليه والله أعلم اهـ نواوي، قال يحيى بن حصين:(حسبتها) أي حسبت أم حصين وأظنها (قالت) لفظة (أسود) صفة ثانية لعبد (يقودكم) أي يأمركم (بكتاب الله تعالى) وحكمه
فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا".
(3019)
- (. . .)(. . .) وحدّثني أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيدِ بْنِ أَبِي أُنيسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَينِ، عَنْ أُمِّ الْحُصَينِ جَدَّتِهِ. قَالتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ. فَرَأَيتُ أُسَامَةَ وَبِلالًا. وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ
ــ
(فاسمعوا له) فيما يقول (وأطيعوه) فيما يأمر، ويفهم منه وجوب الطاعة لمن ولي شيئًا من أمور المسلمين إذا عدل فيهم ولا تنزع يد من طاعته ولا ينظر إلى نسبه ومنصبه فيما عد الإمامة الكبرى اهـ من المفهم. وضارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 402]، والترمذي [1706]، والنسائيُّ [7/ 154]، وابن ماجه [1861].
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أم حصين رضي الله تعالى عنهما فقال:
3019 -
(. . .)(. . .)(وحدثني أحمد) بن محمَّد (بن حنبل) الشيباني المروزي (حدثنا محمَّد بن سلمة) بن عبد الله الباهلي مولاهم أبو عبد الله الحراني، روى عن خاله أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد في الحج، ويروي عنه (م عم) وأحمد بن حنبل وأبو جعفر النفيلي، كان ثقة فاضلًا عالمًا، له فضل ورواية وفتوى، وثقه النسائي وابن سعد، وقال أبو عروبة: أدركنا الناس لا يختلفون في فضله وحفظه، وقال العجلي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة (191) إحدى وتسعين ومائة، له في (م) فرد حديث في الحج (عن) خاله (أبي عبد الرحيم) خالد بن أبي يزيد الجمحي مولاهم المصري الإسكندراني، ثقة، من (6) روى عنه في (8) أبواب (عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي عبد الرحيم لمعقل بن عبيد الله في رواية هذا الحديث عن زيد بن أبي أنيسة (قالت) أم الحصين (حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالًا) معه صلى الله عليه وسلم (وأحدهما) أي والحال أن أحدهما (آخذ بخطام) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الطاء المهملة، أي بمقود (ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر) منهما (رافع ثوبه) أي ثوب نفسه على رأس رسول الله
يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ. حَتَّى رَمَى الجَمْرَةَ.
قَال مُسْلِمٌ: وَاسْمُ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ. وَهُوَ خَالُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ. رَوَى عَنْهُ وَكِيعٌ وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ.
(3020)
- (1261)(191) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَال ابْنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ، بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ
ــ
صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يستره) صلى الله عليه وسلم (من الحر) أي من حرارة الشمس، وقوله (حتى رمى الجمرة) أي جمرة العقبة متعلق برأيت أي رأيتهما مصاحبين معه ملازمين له حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من رمي جمرة العقبة.
(قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى (واسم أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد وهو خال محمَّد بن سلمة روى عنه وكيع) بن الجراح (وحجاج) بن محمَّد (الأعور) البغدادي ثمَّ المصيصي.
ثمَّ استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
3020 -
(1261)(191)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (وعبد بن حميد) الكسي (قال ابن حاتم حدثنا محمَّد بن بكر) البرساني البصري، صدوق، من (9)(أخبرنا ابن جريج أخبرنا أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول) وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد بصري وواحد إما بغدادي أو كسي (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة) أي جمرة العقبة (بمثل حصى الخذف) أي بقدر حصى يخذف بها أي يرمى بها بين السبابتين؛ وهي بقدر الباقلاء، وفي الحديث دليل على استحباب كون الحصى في هذا القدر وهو كقدر حبة الباقلاء أو النواة أو الأنملة فيكره أصغر من ذلك وأكبر منه، وقد سبقت المسئلة في شرح حديث جابر الطويل. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي [897]، والنسائيُّ [5/ 278].
(3021)
- (1262)(192) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَال: رَمَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحَى. وَأَمَّا بَعْدُ، فَإِذَا زَالتِ الشَّمْسُ.
(3022)
- (. . .)(. . .) وحدّثناه عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى
ــ
ثمَّ استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة وهو بيان وقتها بحديث آخر لجابر رضي الله عنه فقال:
3021 -
(1262)(192)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق، من (8)(و) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي، ثقة ثقة، من (8)(عن ابن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(عن أبي الزبير) محمَّد بن مسلم الأسدي المكي، من (4)(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان كوفيان وواحد مدني (قال) جابر (رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة) أي جمرة العقبة (يوم النحر) لأنه لا يشرع فيه غيرها بالإجماع (ضحى) أي وقت الضحوة وهو من بعد طلوع الشمس إلى ما قبل الزوال (وأما) رميه (بعد) أي فيما بعد يوم النحر وهو أيام التشريق (فـ) كان (إذا زالت الشمس) أي وقت زوال الشمس، قال الحافظ: وفيه ما يدل على أن السنة أن يرمي الجمار في غير يوم الأضحى بعد الزوال وبه قال الجمهور، وخالف فيه عطاء وطاوس فقالا يجوز قبل الزوال مطلقًا ورخص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل الزوال، وقال إسحاق: إن رمى قبل الزوال أعاد إلا في اليوم الثالث فيجزئه، وهذا الحديث حجة عليهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري رواه تعليقًا [3/ 579]، وأبو داود [1971]، والترمذي [894]، والنسائيُّ [5/ 270]، وابن ماجه [3053].
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر هذا رضي الله عنه فقال:
3022 -
(. . .)(. . .)(وحدثناه علي بن خشرم) بن عبد الرحمن المروزي، ثقة، من (10)(أخبرنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (8)
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ.
(3023)
- (1263)(193) وحدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ (وَهُوَ ابْنُ عُبَيدِ اللهِ الْجَزَرِيُّ) عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الاسْتِجْمَارُ تَوٌّ. وَرَمْيُ الْجِمَارِ تَوٌّ. وَالسَّعْيُ بَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَوٌّ. وَالطَّوَافُ تَوٌّ. وَإِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ بِتَوٍّ"
ــ
(أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عيسى بن يونس لأبي خالد وابن إدريس، وفيه فائدة تصريح سماع أبي الزبير لجابر لأنه مدلس (يقول) جابر (كان النبي صلى الله عليه وسلم) وساق عيسى بن يونس (بمثله) الصواب (بمثلهما) أي بمثل حديث أبي خالد وابن إدريس والله أعلم بالصواب.
ثمَّ استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة وهو كون حصى الجمار سبعًا بحديث آخر لجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
3023 -
(1263)(193)(وحدثني سلمة بن شبيب) المسمعي المكي، ثقة، من (11)(حدثنا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) الحراني، صدوق، من (9)(حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله الجزري) صدوق، من (8)(عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله. وهذا السند من خماسياته، وهو مر لك قريبًا من هذا الباب (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستجمار) أي مسح المخرجين الدبر والقبل من الخارج (تو) أي وتر أي ثلاث مسحات إن حصل الإنقاء بها وإلا زيد وترًا أي خمسًا أو سبعًا أو تسعًا إلى أن حصل الإنقاء، والتو بفتح التاء المثناة فوق وتشديد الواو الوتر (ورمي الجمار) أي رمي الحصيات في الجمرات (تو) أي وتر أي الحصى التي ترمى إلى الجمار يوم النحر وأيام التشريق سبع حصيات وكلها واجبة لا تنقص (والسعي بين الصفا والمروة تو) أي سبعة أشواط لا ينقص (والطواف) بالبيت (تو) أي سبعة أشواط لا ينقص (وإذا استجمر أحدكم) أي إذا استنجى أحدكم بالأحجار (فليستجمر) أي فليتنج (بتو) أي بوتر أي بأحجار ثلاث أو خمس مثلًا، قال القاري: الظاهر أن المراد بالاستجمار هنا التبخر فإنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون بوضع العود على جمرة النار فيكون ثلاث مرات فيرتفع التكرار وهو أولى من قول القاضي عياض، وتبعه الطيبي: المراد بالمذكور في أول الحديث الفعل أي المسح وبالمذكور في آخر الحديث عدد الأحجار اهـ، قال السندي: ويحتمل عندي في وجوه التكرار أن يحمل الاستجمار في هذا الحديث في أحد الموضعين على الاستنجاء وفي الموضع الآخر على التبخر كتبخر أكفان الميت ونحوه والله تعالى أعلم. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث:
الأول حديث ابن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه خمس متابعات.
والثاني حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة.
والثالث حديث أم الحصين ذكره للاستشهاد به لحديث جابر وذكر فيه متابعة واحدة.
والرابع حديث جابر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة.
والخامس حديث جابر الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
والسادس حديث جابر الرابع ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسيدخل وقت رمي جمرة العقبة بنصف ليلة النحر لما روى أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنَّه صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر ثمَّ أفاضت.
ويبقى وقت الرمي المختار إلى آخر يوم النحر، ووقت الجواز إلى نصف الليل الأول من ليالي التشريق.
وأما الجمار الثلاث التي بعد يوم النحر في الأيام الثلاثة فوقت أداء كل يوم منها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من زوال شمسه إلى غروبها يعني يمتد وقته المختار إلى الغروب، ووقت الجواز إلى نصف الليل.
ويندب تقديمه على صلاة الظهر كما في المجموع عن الأصحاب، ولا يجوز تقديمه على الزوال.
ويشترط أن يبدأ بالجمرة الأولى ثمَّ بالوسطى ثمَّ بالجمرة الكبرى التي تلي مكة للاتباع رواه البخاري.
والأولى منها هي التي تلي مسجد الخيف أقرب إليه ومن بابه الكبير إليها ألف ذراع ومائتا ذراع وأربعة وخمسون ذراعًا وسدس ذراع، ومنها إلى الجمرة الوسطى مائتا ذراع وخمسة وسبعون ذراعًا، ومن الوسطى إلى جمرة العقبة مائتا ذراع وثمانية أذرع كل ذلك بذراع الحديد.
وحصى الرمي جميعه سبعون حصاة، لرمي يوم النحر سبع، ولكل يوم من أيام الشريق إحدى وعشرون حصاة لكل جمرة سبع.
فإن نفر في اليوم الثاني قبل الغروب سقط عنه رمي اليوم الثالث وهو إحدى وعشرون حصاة ولا دم عليه ولا إثم فيطرحها، وما يفعله الناس من دفنها لا أصل له.
وهذا مذهب الأئمة الأربعة وعليه أصحاب أحمد.
لكن روي عنه أنها ستون فيرمي كل جمرة ستة.
وعنه أيضًا خمسون فيرمي كل جمرة بخمسة وإذا ترك رمي يوم أو يومين عمدًا أو سهوًا تداركه في باقي الأيام فيتدارك الأول في الثاني أو الثالث والثاني أو الأولين في الثالث ويكون ذلك أداء، وفي قول قضاء لمجاوزته للوقت المضروب له، وعلى الأداء يكون الوقت المضروب وقت اختيار كوقت الاختيار للصلاة، وجملة الأيام في حكم الوقت الواحد.
ويجوز تقديم رمي التدارك على الزوال ويجب الترتيب بينه وبين رمي يوم التدارك بعد الزوال، وعلى القضاء لا يجب الترتيب بينهما.
ويجوز التدارك بالليل لأنَّ القضاء لا يتأقت، وقيل لا يجوز لأنَّ الرمي عبادة النهار
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالصوم ذكره كله الرافعي في الشرح وتبعه في الروضة والمجموع.
وحكى في الشرح الصغير عن القاضي وجهين في التدارك قبل الزوال أصحهما المنع لأنَّ ما قبل الزوال لم يشرع فيه رمي قضاء ولا أداء، قال: ويجري الوجهان في التدارك ليلًا وإن جعلناه أداء ففيما قبل الزوال والليل الخلاف.
قال الإمام: والوجه القطع بالمنع فإن تعيين الوقت بالأداء أليق ولا دم مع التدارك.
وفي قول يجب وإن لم يتدارك المتروك فعليه دم في ترك يوم وكذا في اليومين والثلاثة لأنَّ الرمي فيها كالشيء الواحد.
ولو ترك رمي ثلاث حصيات لزمه دم كما يجب في حلق ثلاث شعرات لمسمى الجمع.
وفي الحصاة مد طعام والحصاتين مدان لعسر تبعيض الدم اهـ من إرشاد الساري.
***