الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
486 - (42) باب: في متعة الحج وجواز العمرة في أشهر الحج
(2885)
- (1207)(127) حدَّثنا مُحَمَّدُ بن حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ. قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ فَرَخَّصَ فِيها. وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيرِ يَنْهَى عَنْها. فَقَال: هذِهِ أُمُّ ابْنِ الزُّبَيرِ تُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِيها. فَادْخُلوا عَلَيها فَاسْأَلُوهَا. قَال: فَدَخَلْنَا عَلَيها. فَإِذَا امْرَأَة ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ
ــ
486 -
(42) باب في متعة الحج وجواز العمرة في أشهر الحج
2885 -
(1207)(127)(حدثنا محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن مسلم) بن مخراق العبدي (القري) بضم القاف وكسر المهملة المشددة مولى بني قرة بطن من عبد القيس أبي الأسود المازني البصري القطان، ويقال مولى بني ضبة بن قرة، روى عن عبد الله بن عباس في الحج، وأسماء بنت أبي بكر في الحج، وعن أبي بكرة الثقفي وابن الزبير وغيرهم، ويروي عنه (م د س) وشعبة وابن عون وابنه سوادة وجماعة، وثقة النسائي، وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من (4) الرابعة (قال) القري (سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد بغدادي (عن متعة الحج) أي عن فسخه إلى العمرة والتحلل بعملها (فرخص) ابن عباس أي جوز (فيها) أي في متعة الحج أي فسخه إلى العمرة (وكان) عبد الله (بن الزبير ينهى عنها) أي عن متعة الحج (فقال) ابن عباس لمسلم القري ومن معه (هذه) أسماء بنت أبي بكر (أم) عبد الله (بن الزبير) بدل من اسم الإشارة الواقع مبتدأ خبره (تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيها) أي في متعة الحج (فادخلوا عليها) أي على أم ابن الزبير (فاسألوها) أي فاسألوا أم ابن الزبير عن متعة الحج (قال) القري (فدخلنا عليها) أي على أم ابن الزبير في منزلها (فإذا) هي أم ابن الزبير (امرأة ضخمة) أي جسيمة عظيمة الجسم (عمياء) أي مكفوفة البصر، وكان عماها في آخر عمرها، ماتت بعد قَتْل ابنها عبد الله بأيام (50) خمسين يومًا، ولها مائة سنة، وكلامها مع ابنها لما استشارها في قبول الأمان لما حصره الحجاج يدل على عقل
فَقَالت: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيها.
(2886)
- (00)(00) وحدّثناه ابنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. ح وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) جَمِيعًا عن شُعْبَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. فَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَفِي حَدِيثِهِ الْمُتْعَةُ. وَلَمْ يَقُلْ: مُتْعَةُ الْحَجِّ. وَأَمَّا ابْنُ جَعْفَرٍ فَقَال: قَال شُعْبَةُ: قَال مُسْلِمٌ: لَا أَدْرِي مُتْعَةُ الْحَجِّ أَوْ مُتْعَةُ النِّسَاءِ.
2887) - (1208)(128) وحدّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْقُرِّيُّ. سَمِعَ ابْنَ عَبِّاسِ رضي الله عنهما يَقُولُ: أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
ــ
كبير ودين متين وقلب صبور ذكره ابن الأثير في كامل التواريخ، فسألناها عن حكمها (فقالت قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها) أي في متعة الحج، وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2886 -
(00)(00)(وحدثناه ابن المثنى حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثناه) محمد (بن بشار) العبدي البصري (حدثنا محمد يعني ابن جعفر) الهذلي البصري (جميعًا) أي كل من عبد الرحمن ومحمد بن جعفر رويا (عن شعبة بهذا الإسناد) يعني عن مسلم عن ابن عباس (فأما عبد الرحمن ففي حديثه المتعة) بلا إضافة (ولم يقل) عبد الرحمن (متعة الحج) بالإضافة (وأما ابن جعفر فقال قال شعبة قال مسلم) القري (لا أدري) ولا أعلم ما قال ابن عباس هل قال (متعة الحج أو) قال (متعة النساء) وهو النكاح إلى مدة.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بحديث آخر له فقال:
2887 -
(1208)(128)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ البصري (حدثنا شعبة حدثنا مسلم) بن مخراق (القري) البصري (سمع ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، حالة كونه (يقول أهل) أي أحرم (النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع في أول
بِعُمْرَةٍ. وَأهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ. فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ. فَكَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيدِ اللهِ فِيمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَلَمْ يَحِلَّ.
(2888)
- (00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غيرَ أَنَّهُ قَال: وَكَانَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيدِ اللهِ. وَرَجُلٌ آخَرُ. فَأَحَلَّا
ــ
أمره (بعمرة) ثم أدخل عليه الحج (وأهل أصحابه) أي معظمهم (بحج فلم يحل النبي على الله عليه وسلم) من إحرامه إلى يوم النحر لأنه كان قارنًا (ولا من ساق الهدي من أصحابه وحل بقيتهم) وهم الذين لم يسوقوا الهدي بعمل عمرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ حجهم إلى العمرة وهذا الفسخ هو الذي يسمى بمتعة الحج (فكان طلحة بن عبيد الله) بن عثمان بن عمرو بن كعب بن تيم بن مرة التيمي، أبو محمد المدني، أحد العشرة، والستة الشورى، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام رضي الله عنه (فيمن ساق الهدي فلم يحل) من إحرامه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود والنسائي اهـ تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
2888 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن بشار حدثنا محمد يعني ابن جعفر حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن مسلم عن ابن عباس مثله. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة محمد بن جعفر لمعاذ بن معاذ في الرواية عن شعبة، وبين محل المخالفة بين الروايتين بقوله (غير أنه) أي لكن أن محمد بن جعفر خالف معاذ بن معاذ في روايته و (قال) أي محمد بن جعفر (وكان ممن لم يكن معه الهدي) خبر مقدم لكان واسمها (طلحة بن عبيد الله) وقوله (ورجل آخر) معطوف على طلحة، ولم أر من ذكر اسمه، وقوله (فأحلا) بألف التثنية معطوف على كان؛ أي وكان طلحة ورجل آخر ممن لم يكن معه هدي فأحلا من إحرامهما بفسخ الحج إلى العمرة، وبين هذه الرواية والرواية التي قبلها معارضة وكلاهما صحيحة فلا يمكن الجمع بينهما لأن الأولى نفت تحلل طلحة والأخيرة أثبتته فيرجع إلى ترجيح إحداهما، فنقول رواية معاذ بن معاذ مرجحة
(2889)
- (1209)(129) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيبٌ. حَدَّثَنَا عَبدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عن أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَال: كَانُوا يَرَوْنَ أَن الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الأَرْضِ. ويجْعَلُونَ الْمُحرَّمَ صَفَرًا
ــ
مقدمة على رواية محمد بن جعفر لأنه أثبت من محمد بن جعفر، قال في التقريب: محمد بن جعفر ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلةً، من التاسعة، وقال في معاذ بن معاذ قال القطان: ما بالبصرة ولا بالكوفة ولا بالحجاز أثبت من معاذ بن معاذ، وقال في التقريب أيضًا: معاذ بن معاذ ثقة متقن، من كبار التاسعة اهـ من الفهم السقيم، ولذلك اقتصر أبو داود على رواية معاذ بن معاذ.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
2889 -
(1209)(129)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثني بهز) بن أسد العمي أبو الأسود البصري، ثقة، من (9)(حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي أبو بكر البصري، ثقة، من (7)(حدثنا عبد الله بن طاوس) بن كيسان الحميري أبو محمد اليماني، ثقة، من (6)(عن أبيه) طاوس بن كيسان الحميري أبي عبد الرحمن اليماني، ثقة، من (3)(عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم يمانيان واثنان بصريان وواحد طائفي وواحد بغدادي (قال) ابن عباس (كانوا) أي كان أهل الجاهلية (يرون) بفتح أوله؛ أي يعتقدون، ولابن حبان من طريق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون، فذكره نحوه فعرف بهذا تعيين القائلين فكانوا يزعمون أن أشهر الحج لا ينسك فيها إلا بالحج وأن غيرها من الأشهر للعمرة اهـ فتح الملهم (أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور) أي من أفحش الفواحش وأعظم الذنوب وهذا من تحكماتهم الباطلة المأخوذة من غير أصل ولا مستند، والفجور الانبعاث في المعاصي أي من أفجر الفجور الذي يفعل (في الأرض) وهذا قيد لا مفهوم له (ويجعلون) أي يجعل أهل الجاهلية (المحرم صفرًا) هكذا هو في جميع النسخ بالألف
ويقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدبَر. وَعَفَا الأَثر. وَانْسَلَخَ صَفر. حَلَّتِ العمرة لِمَنِ اعتَمَر
ــ
بعد الراء، وهو منصوب مصروف بلا خلاف، وكان ينبغي أن يكتب بالألف وسواء كتب بالألف أم بحذفها لا بد من قراءَته هنا منصوبًا لأنه مصروف أي يجعلون الصفر من الأشهر الحرم، ولا يجعلون المحرم منها اهـ عيني، قال النووي: قال العلماء المراد به الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه وكانوا يسمون المحرم صفرًا ويحلونه وينسئون المحرم أي يؤخرون تحريمه إلى صفر لئلا يتوالى عليه ثلاثة أشهر محرمة فتضيق عليهم أمورهم التي اعتادوها من المقاتلة والغارة بعضهم على بعض فضللهم الله تعالى في ذلك بقوله: ({إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37]) قال القرطبي: وحاصله أنهم كانوا يحلون من الأشهر الحرم ما احتاجوا إليه، ويحرمون مكان ذلك غيره وكان الذين يفعلون ذلك يسمون النساءة وكانوا أشرافهم، وفي ذلك قال عمير بن قيس الطعان:
ألسنا الناسئين على معد
…
شهور الحل نجعلها حراما
فرد الله تعالى ذلك عليهم بقوله إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا قال: وأما تسمية الشهر صفرًا فقال رؤبة أصلها أنهم كانوا يغيرون فيها بعضهم على بعض فيتركون منازلهم صفرًا أي خالية من المتاع، وقيل لإصفار أماكنهم من أهلها اهـ (ويقولون) في جعلهم المحرم صفرًا (إذا برأ) كذا بهمزة، وفي بعض نسخ البخاري على ما أخبر به شارحه القسطلاني (إذا برأ) به. بدالها ألفًا أي إذا برأ وشفي (الدبر) أي جراحة ظهر البعير، والدبر بفتحتين ما كان يحصل بظهور الإبل من الجراحة ونحوها بسبب الحمل عليها ومشقة السفر فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج (وعفا) أي انمحى واندرس وانعدم (الأثر) أي أثر أخفاف الإبل وأقدام الناس في سيرها لطرل مرور الأيام عليها، وذكر العيني عن الكرماني روايةً (وعفا الوبر) وهو كذلك في سنن أبي داود، وعفا بمعنى أكثر فإنه من الأضداد، والوبر صوف الإبل، أي أكثر وبر الإبل الذي حلقته رحال الحاج (وانسلخ صفر) أي انتهى شهره، والمراد بانسلاخ صفر خروج المحرم فإنهم كانوا يسمون المحرم صفرًا بسبب النسيء كما بيانه (حلت العمرة لمن اعتمر) أي لمن أراد الاعتمار، قال النووي: وهذه الألفاظ يقرأ كلها ساكنة الراء ويوقف عليها لأن مرادهم السجع اهـ ووجه تعلق جواز الاعتمار بانسلاخ صفر مع كونه ليس من أشهر الجج وكذلك المحرم أنهم لما جعلوا المحرم صفرًا ولا يستقرون ببلادهم في الغالب ولا
فَقَدِمَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأصحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ. مُهِلِّينَ بِالْحَج فَأمَرَهُم أن يَجْعَلُوها عُمرَةً. فَتَعَاظَمَ ذلِكَ عِنْدَهُم. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَي الحِل؟ قَال: "الْحِل كُلهُ"
ــ
يبرأ دبر إبلهم إلا عند انسلاخه ألحقوه بأشهر الحج على طريق التبعية وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرم الذي هو في الأصل صفر والعمرة عندهم في غير أشهر الحج اهـ فتح الملهم (فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) مكة (صبيحة) ليلة (رابعة) مضت من ذي الحجة، حالة كونهم (مهلين) أي محرمين (بالحج) أي أكثرهم، واحتج به من قال كان حج النبي صلى الله عليه وسلم مفردًا، وأجاب من قال كان قارنًا بأنه لا يلزم من إهلاله بالحج أن لا يكون أدخل عليه العمرة قاله الحافظ، وسبقت المسألة بدلائلها في باب بيان أوجه الإحرام (فامرهم) أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أي من لم يسق الهدي منهم (أن يجعلوها) أي أن يجعلوا حجتهم (عمرة) ويفسخوا إليها (فتعاظم) أي تثاقل (ذلك) أي جعل حجتهم عمرة (عندهم) أي عند الصحابة أي لما كانوا يعتقدونه أولًا كذا في الفتح (فقالوا) لتعاظمه عليهم (يا رسول الله أي الحل) هو أي الحل الذي أمرتنا به أيُّ حلّ أي حلٌّ من جميع المحرمات أو من بعضها فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحل الذي أمرتكم به (الحل كله) أي الحل من جميع المحرمات ظاهر سؤالهم كأنهم يعرفون أن للحج تحللين فأرادوا بيان ذلك فبين لهم أنهم يتحللون الحل كله لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد ووقع في رواية الطحاوي (أي الحل تحل قال الحل كله) اهـ.
(قوله فتعاظم ذلك عندهم) وقال الشيخ الأنور رحمه الله تعالى: وجه التعاظم عندي هو استثقالهم الحل في الوسط كما قالوا نروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيًّا فأحبوا أن يتمادوا في العبادة أي في الإحرام، وزعموا أن أمره صلى الله عليه وسلم بالتحلل إنما هو إبقاء علينا وزعم الزاعمون كافةً أن وجه إنكار الصحابة من الحل في الوسط كان زعم الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، ولم أر أحدًا عدل عن هذا الوجه، ولكني أقول إن هذا الوجه لا يلصق لأن الصحابة كانوا يعتمرون قبل هذه الحجة ثلاث عمرات في أشهر الحج أي في ذي القعدة وما أنكر أحدهم على تلك العمرات فليس باعث استنكاف الصحابة من الإحلال إلا أنهم أحبوا التمادي في حال الإحرام ولم
(2890)
- (00)(00) حدثنا نَصرُ بن عَلِي الجَهضَمِي. حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ أَيوبَ، عن أَبِي العَالِيَةِ البراءِ؛ أَنهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاس رضي الله عنهما يَقُولُ: أَهل رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالحجِّ. فَقَدِمَ لأربع مَضَينَ مِنْ ذِي الحجة. فَصَلَّى الصبحَ. وَقَال، لَما صَلى الصبحَ:"مَن شَاءَ أَن يَجعَلَها عمرَة، فَليَجعَلها عُمرَةً".
(2891)
(00)(00) وحدثناه إِبرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ. حَدَّثَنَا رَوح. ح وَحدثَنَا أَبُو دَاوُدَ
ــ
يرضوا بالحل في الوسط، وقالوا: نذهب إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيًّا كذا نقله عنه جامع تقاريره والله تعالى أعلم اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 252] والبخاري [1564]، وأبو داود [1987]، والنسائي [5/ 180].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
2890 -
(00)(00)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي البصري (الجهضمي) نسبة إلى الجهاضمة محلة من البصرة (حدثنا أبي) علي بن نصر البصري (حدثنا شعبة عن أيوب) السختياني البصري (عن أبي العالية) زياد بن فيروز مولى قريش (البراء) لقب به لأنه كان يبري النبل البصري، وهو غير أبي العالية الرياحي، وقد اشتركا في الرواية عن ابن عباس، ثقة، من (4) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي العالية لطاوس بن كيسان (أنه) أي أن أبا العالية (سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول أهل رسول الله على الله عليه وسلم بالحج فقدم) مكة (لأربع) ليال (مضين) أي خلون (من ذي الحجة فصلى الصبح وقال) لأصحابه (لما صلى الصبح) أي بعدما صلى الصبح (من شاء أن يجعلها) أي أن يجعل حجته (عمرة فليجعلها عمرة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثه رضي الله عنه فقال:
2891 -
(00)(00)(وحدثناه إبراهيم بن دينار) البغدادي التمار، ثقة، من (10) ورى عنه في (7) أبواب (حدثنا روح) بن عبادة بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنا أبو داود) سليمان بن محمد، ويقال سليمان بن داود بن محمد الواسطي
الْمُبَارَكِي. حَدَّثَنَا أبُو شِهابٍ. ح وَحَدثَنَا مُحَمدُ بن المُثَنى. حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ كَثِيرٍ. كُلهُم عَنْ شُعبَةَ، فِي هذَا الإِسنَادِ. أَمَّا رَوحٌ ويحيَى بْنُ كَثِيرٍ فَقَالا كَمَا قَال نصر: أَهل رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالحج. وَأما أبُو شِهابٍ فَفِي رِوَايَتِهِ: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُهِلُّ بِالْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِهِم جَمِيعًا: فَصَلَّى الصُّبْحَ بِالبَطْحَاءِ. خَلا
ــ
(المباركي) بفتح الراء نسبة إلى المبارك وهي بليدة بقرب واسط بينها وبين بغداد وهي على طرف دجلة كذا في الشرح، وقال الحافظ: وقع في كلام بعضهم ثنا سليمان أبو داود المباركي فصحفها آخر سليمان بن داود، وإنما هو سليمان بن محمد، فقد جزم بذلك الحاكم أبو عبد الله ورجحه أبو إسحاق الحبال وغيره، وقال ابن قانع: أبو داود المباركي صالح، وقال أبو عوانة في صحيحه ثنا محمد بن علي بن داود، ثنا سليمان أبو داود المباركي، وكان من أصحاب الحديث اهـ فتح الملهم، روى عن عبد ربه أبي شهاب ويحيى بن أبي زائدة وإسماعيل بن عياش، ويروي عنه (م س) وأحمد بن علي المرزوي، وله في (م) فرد حديث، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو زرعة: شيخ ثقة، مات سنة (231) إحدى وثلاثين ومائتين، وقال في التقريب: صدوق، من العاشرة (حدثنا أبو شهاب) عبد ربه بن نافع الكناني الحناط بمهملة ونون، صاحب طعام، الكوفي نزيل المدائن، روى عن شعبة في الحج، والأعمش وليث بن أبي سليم، ويروي عنه (خ م دس في) وأبو داود المباركي ويحيى بن آدم ومسدد، وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال في التقريب: صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة (171)(ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن كثير) بن درهم العنبري مولاهم أبو حسان البصري ثقة من (9) أخرج له الجماعة (كلهم) أي كل من روح وأبي شهاب ويحيى بن كثير (عن شعبة في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لعلي بن نصر بن صهبان (أما روح ويحيى بن كثير فقالا) في روايتهما (كما قال نصر) وهذا تحريف من النساخ، والصواب كما قال علي (أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأما أبو شهاب فـ (قال (في روايته خرجنا مع رسول الله على الله عليه وسم نهل بالحج وفي حديثهم) أي وفي حديث كل من الثلاثة (جميعًا فصلى الصبح بالبطحاء) واد معروف بقرب مكة، وهو المسمى بذي طوى في الرواية الآتية (خلا) عليًّا
الْجَهْضَمِيَّ فَإِنهُ لَمْ يَقُلْهُ.
(2892)
- (00)(00) وحدّثنا هارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ الْفَضْلِ السدُوسِي. حَدَّثَنَا وُهيبٌ. أَخْبَرَنَا أَيوبُ، عن أَبِي العَالِيَةِ البَراءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَال: قَدِمَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأصحَابُهُ لأَربَعٍ خَلَونَ مِنَ العَشْرِ. وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ
ــ
(الجهضمي) بالنصب على الاستثناء بخلا لأنها كلمة يستثنى بها، وتنصب ما بعدها إن كان فعلًا، وتجره إن كان حرف جر هذا إذا تجردت عن ما، وأما إذا اقترنت بها فلا يجوز فيما بعدها إلا النصب كما هو مبسوط في محله (فإنه) أي فإن عليًّا الجهضمي (لم يقله) أي لم يقل قوله فصلى الصبح بالبطحاء.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
2892 -
(00)(00)(وحدثنا هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي المعروف بالحمال (حدثنا محمد بن الفضل السدوسي) أبو النعمان البصري الحافظ الملقب بعارم، روى عن وهيب في الحج والنكاح، ومهدي بن ميمون في البيوع وذكر الموت، وحماد بن زيد في الجهاد واللباس، وعبد الواحد بن زياد في الضحايا، وثابت بن يزيد الأحول في الأطعمة، والمعتمر بن سليمان في الفضائل، ويروي عنه (ع) وهارون بن عبد الله وأحمد بن سعيد الدارمي وعبد بن حميد وحجاج بن الشاعر وسليمان بن معبد، قال أبو حاتم: ثقة، وقال: اختلط بآخره وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط، وقال في التقريب: ثقة ثبت، تغير في آخر عمره، من صغار التاسعة، مات سنة (224) أربع وعشرين ومائتين (حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي البصري، ثقة، من (7)(أخبرنا أيوب) السختياني (عن أبو العالية البراء عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة وهيب لشعبة في الرواية عن أيوب (قال) ابن عباس (قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) مكة؛ أي فقدم فأسقط فاء العطف في هذه الرواية فهي ثابتة في رواية شعبة عن أيوب (لأربع) ليالٍ أي عند أربع ليال (خلون) أي مضين (من العشر) أي من عشر ذي الحجة يوم الأحد فبقيت من العشرة ست (وهم) أي والحال أنهم (يلبون بالحج) أي ملبون به ولا يلزم من
فَأَمَرَهم أَنْ يَجْعَلُوها عُمرَةً.
(2893)
- (00)(00) وحدّثنا عَبدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخبَرَنَا مَعمَرٌ، عَنْ أيوب، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَباسٍ رضي الله عنهما. قَال: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبحَ بِذِي طَوَى. وَقَدِمَ لأَربَعٍ مَضَينَ مِنْ ذِي الْحجَّةِ. وَأَمَرَ أصحَابَهُ أَنْ يُحَوِّلُوا إِحرَامَهُم بِعُمرَةٍ. إلا من كَانَ مَعَهُ الهديُ
ــ
إهلاله بالحج أن لا يكون قارنًا فلا حجة فيه لمن قال إنه صلى الله عليه وسلم كان مفردًا (فأمرهم) صلى الله عليه وسلم (أن يجعلوها) أي أن يقلبوا الحجة (عمرةً) فيتحللوا بعملها فيصيروا متمتعين، وهذا الفسخ خاص بذلك الزمن خلافًا لأحمد كما مر غير مرة اهـ قسط.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في هذا الحديث فقال:
2893 -
(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي، ثقة، من (11)(أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني الحميري، ثقة، من (9)(أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة معمر لشعبة ووهيب (قال) ابن عباس (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (الصبح) أول ما دخل مكة (بذكره طوى) قال النووي: هو بفتح الطاء وضمها وكسرها ثلاث لغات حكاهن القاضي وغيره، الأصح الأشهر الفتح وهو مقصور منون، وهو واد معروف بقرب مكة في أسفلها وهو غير الوادي المقدس طوى المذكور في القرآن الكريم فإنه طوى بالضم ولا إضافة فيه وهو موضع بالشام عند الطور (وقدم) مكة (لأربع مضين من ذي الحجة وأمر أصحابه أن يحولوا) أي أن يقلبوا (إحرامهم) بالحج (بعمرة) أي إلى عمرة (إلا من كان معه الهدي) وفي هذا الحديث دليل لمن قال يستحب للمحرم دخول مكة نهارًا لا ليلًا وهو أصح الوجهين لأصحابنا، وبه قال ابن عمر وعطاء والنخعي وإسحاق بن راهويه وابن المنذر، والثاني دخولها ليلًا ونهارًا سواء لا فضيلة لأحدهما على الآخر وهو قول القاضي أبي الطيب والماوردي وابن الصباغ والعبدري من أصحابنا، وبه قال طاوس والثوري، وقالت عائشة وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز يستحب دخولها ليلًا وهو أفضل من النهار والله أعلم. (قلت) وفي رد المحتار المستحب دخولها نهارًا كما في الخانية والله أعلم اهـ فتح الملهم.
(2894)
- (1210)(140) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ. فَإِن الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال:
2894 -
(1210)(140)(وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة (ح) وحدثنا عببد الله بن معاذ واللفظ) الآتي (له) لا لابن المثنى وابن بشار (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، ثقة، من (5) (عن مجاهد) بن جبر المخزومي مولاهم أبي الحجاج المكي (عن ابن عباس رضي الله عنهما وهذان السندان من سداسياته رجالهما ثلاثة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد مكي وواحد كوفي (قال) ابن عباس (قال رسول الله على الله عليه وسلم هذه) الحجة المفسوخة (عمرة استمتعنا) أي استمتعتم (بها) قال القاري: الاستمتاع هنا تقديم العمرة والفراغ منها فهو محمول على معناه اللغوي أي الانتفاع، قال الأبي: لا يقال فيه إنه أحرم متمتعًا لأن الإشارة بهذه إلى عمرة الفسخ، ومعنى استمتعنا استمتعتم أو يكون أدخل نفسه معهم فيها، ولكن قام المانع وهو كون الهدي معه اهـ وهذا قوي في تأييد جواز الفسخ اهـ منه (فمن لم يكن عنده الهدي فليحل) من إحرامه (الحل كله) أي الحل الذي يحل فيه كل ما يحرم على المحرم حتى غشيان النساء لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد (فإن العمرة قد دخلت في الحج) أي في أشهره، قال ابن الملك: يعني أن دخولها في أشهره لا يختص بهذه السنة بل يجوز في جميع السنين (إلى يوم القيامة). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود أخرجه في المناسك عن عثمان عن غندر، والنسائي أخرجه في المناسك عن بندار اهـ تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس الأول بحديث آخر له أيضًا رضي الله عنه فقال:
(2895)
- (00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ. قَال: تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ عَنْ ذلِكَ. فَأَتَيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذلِكَ؟ فَأَمَرَنِي بِهَا. قَال: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْبَيتِ فَنِمْتُ. فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَال: عُمْرَة مُتَقَبَّلَةٌ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ. قَال: فأَتَيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيتُ. فَقَال: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ
ــ
2895 -
(1211)(141)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال) شعبة (سمعت أبا جمرة) بفتح الجيم وسكون الميم، نصر بن عمران بن عصام (الضبعي) بضم المعجمة وفتح الموحدة بعدها مهملة، البصري، ثقة، من (3)(قال) أبو جمرة (تمتعت) أي أحرمت بالعمرة فيها؛ أي في أشهر الحج، قال الأبي: والأظهر أنه يعني بالمتعة المتعة في أشهر الحج (فنهاني ناس) من الصحابة (عن ذلك) أي عن الاعتمار في أشهر الحج، قال الأبي: والناهون له هم الذين كرهوها في أشهر الحج وهو منقول عن ابن عمر وغيره، ويبعد أن يريد بها الفسخ، قال الحافظ: لم أقف على أسمائهم وكان ذلك في زمن ابن الزبير، وكان ينهى عن المتعة كما رواه مسلم من حديث ابن الزبير عنه وعن جابر، ونقل ابن أبي حاتم عن ابن الزبير أنه كان لا يرى التمتع إلا للمحصر ووافقه علقمة وإبراهيم، وقال الجمهور: لا اختصاص بذلك للمحصر اهـ (فأتيت ابن عباس فسألته عن ذلك) أي عن الاعتمار في أشهر الحج (فأمرني) ابن عباس (بها) أي بأن أستمر عليها (قال) أبو جمرة (ثم انطلقت) أي ذهبت من عند ابن عباس (إلى البيت) أي إلى بيتي ومنزلي (فنمت) في منزلي (فأتاني آت في منامي فقال) لي عمرتك هذه (عمرة متقبلة) أي مقبولة عند الله سبحانه وتعالى (و) حجك بعدها (حج مبرور) أي مقبول، كان إنسانًا أتاه في المنام فناداه وقال له ذلك اهـ أبي (قال) أبو جمرة (فأتيت) أي جئت (ابن عباس فأخبرته بـ) المنام (الذي رأيتـ) ـه (فقال) ابن عباس تعجبًا من موافقة هذا المنام لما أفتاني (الله أكبر الله أكبر) أي عجبًا لله الذي أراك هذا المنام، يدل على أنه تأيد بالرؤيا واستبشر بها ففيه التكبير عند المسرة، وفيه استئناس بالرؤيا فيما يقوم عليه الدليل الشرعي لما دل عليه الشرع من عظم قدرها وأنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وهذا الاستئناس والترجيح لا ينافي الأصول، وقوله (سنة أبي القاسم
صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ
ــ
صلى الله عليه وسلم خبر مبتدإ محذوف؛ أي عمرتك هذه سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم أي موافقة لها، ويجوز فيه النصب بفعل محذوف أي عمرتك هذه وافقت سنة أبي القاسم أو على الاختصاص، وفي رواية للبخاري زيادة بعد هذا ونصها فقال لي: أقم عندي فأجعل لك سهمًا من مالي، قال شعبة: فقلت: لم؟ فقال: للرؤيا التي رأيت اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في الحج عن آدم وإسحاق بن منصور اهـ تحفة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث خمسة الأول حديث ابن عباس الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعةً واحدةً، والثاني حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد للأول وذكر فيه متابعةً واحدةً، والثالث حديث ابن عباس الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والرابع حديث ابن عباس الرابع ذكره للاستشهاد به للثالث، والخامس حديث ابن عباس الخامس ذكره أيضًا للاستشهاد به للثالث والله سبحانه وتعالى أعلم.
***