الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
512 - (68) باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليه وبيان ما يفعل بالهدي إذا عجز في الطريق
(3089)
- (1236)(216) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ البَدَنَةَ. فَقَال:"ارْكبهَا" قَال: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَال: "اركَبْهَا. وَيلَكَ" فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ
ــ
512 -
(68) باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليه وبيان ما يفعل بالهدي إذا عجز في الطريق
3089 -
(1236)(216)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (يسوق البدنة) أهداها إلى الحرم، وفي حديث أنس عند النسائي (وقد جهده المشي)(فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (اركبها) يا رجل فـ (قال) الرجل (يا رسول الله إنها بدنة) أي هدي ظانًا أنه لا يجوز ركوب الهدي مطلقًا، قال الحافظ رحمه الله تعالى: الظاهر أن الرجل ظن أنه خفي على النبي صلى الله عليه وسلم كونها هديًا فلذلك قال له إنها بدنة، والحق أنه لم يخف ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لكونها كانت مقلدة (فـ) لهذا (قال) له لما زاد في مراجعته (اركبها ويلك) أي ألزمك الله الويل والهلاك كلمة جرت على ألسنة العرب من غير قصد لمعناها تقوية للكلام كقولهم تربت يداه، قاتله الله مثلًا (في) المرة (الثانية أو في) المرة (الثالثة) بالشك من الراوي أي في إحدى المرتين متعلق بقال.
واستدل بهذا الحديث على جواز ركوب الهدي سواء كان واجبًا أو تطوعًا لكونه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب الهدي من ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف بذلك، وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد من حديث علي أنه سئل هل يركب هديه؟ فقال: لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه أي هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وبالجواز مطلقًا، قال عروة بن
(3090)
- (00)(00) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال: بَينَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً
ــ
الزبير ونسبه ابن المنذر لأحمد وإسحاق وبه قال أهل الظاهر وهو الذي جزم به النووي في الروضة تبعًا لأصله في الضحايا ونقله في شرح المهذب عن القفال والماوردي (قوله ويلك) قال السندي: الظاهر أن المراد به مجرد الزجر لا الدعاء عليه، وقال القرطبي: قالها له تأديبًا له لأجل مراجعته له على عدم خفاء الحال عليه صلى الله عليه وسلم وبهذا جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ حتى قال: الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا، قال: ولو أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك ذلك الرجل لا محالة، قال القرطبي: ويحتمل أن يكون فهم عنه أنه يترك ركوبها على عادة الجاهلية في البحيرة والسائبة والوصيلة فزجره عن ذلك فَعَلى الحالتين هي إنثاء ورجحه عياض وغيره قالوا والأمر هنا، وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا، ويحتمل أن يكون ظن أنه يلزمه غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن الصادر له بركوبها إنما هو للشفقة عليه فتوقف فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال، وقيل لأنه كان أشرف على هلكة من الجهد (وويل) كلمة تقال لمن وقع في هلكة فالمعنى أشرفت على الهلاك فاركب فعلى هذا هي إخبار، وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها، ولا تقصد معناها كقولهم لا أم لك، ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك، قال الهروي: ويل يقال لمن وقع في هلكة يستحقها وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها كذا في الفتح، واستنبط البخاري من هذا الحديث جواز انتفاع الواقف بوقفه وهو موافق للجمهور في الأوقاف العامة اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [21/ 487]، والبخاري [1689]، وأبو داود [1760]، والنسائي [51/ 176]، وابن ماجه [3103].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
3090 -
(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن) بن عبد الله بن حزام (الحزامي) بكسر الحاء المدني، ثقة، من (7)(عن أبي الزناد عن الأعرج بهذا الإسناد) يعني عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة المغيرة لمالك بن أنس (و) لكن (قال) المغيرة (بينما رجل يسوق بدنة مقلدة) وثبت أنها كانت مقلدة نعلًا.
(3091)
- (00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَال: بَينَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً، قَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وَيلَكَ، ارْكَبْهَا" فَقَال: بَدَنَةٌ. يَا رَسُولَ اللهِ! قَال: "وَيلَكَ! ارْكَبْهَا. وَيلَكَ! ارْكَبْهَا".
(3092)
- (1237)(217) وحدّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَسُرَيجُ بْنُ يُونُسَ. قَالا: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا حُمَيدٌ،
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3091 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة، من (9)(حدثنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصنعاني، ثقة، من (4)(قال) همام (هذا) الحديث الذي أحدثه لكم (ما حدثنا) به (أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) همام (أحاديث) عن أبي هريرة (منها) أي من تلك الأحاديث، قال أبو هريرة: كذا وكذا (وقال) أبو هريرة أيضًا (بينما رجل يسوق بدنة مقلدة) بنعل كما مر. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة همام للأعرج (قال له) أي لذلك الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك) أي ألزمك الله الهلاك (اركبها فقال) الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي (بدنة) أي هدي (يا رسول الله قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويلك اركبها ويلك اركبها) مرتين على التوالي فتكون ثلاث مرات مع المرة الأولى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:
3092 -
(1237)(217)(وحدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (وسريج بن يونس) بن إبراهيم البغدادي، هما ثقتان، من (10)(قالا) أي قال كل منهما (حدثنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي نزيل بغداد، ثقة، من (7)(أخبرنا حميد)
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: وَأَظُنُّنِي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ) أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ حُمَيدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً. فَقَال: "ارْكَبْهَا" فَقَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَال: "ارْكَبْهَا" مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا.
(3093)
- (00)(00) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبَدَنَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ
ــ
الطويل بن أبي حميد تير البصري، ثقة، من (5)(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري، ثقة، من (4)(عن أنس قال) حميد (وأظنني) بنونين أولاهما مشددة مضمومة كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها (وأظني) بنون واحدة مشددة مكسورة وهي لغة كذا في الشرح أي وأظن نفسي (قد سمعته) أي قد سمعت هذا الحديث (من أنس) بلا واسطة ثابت. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان بغداديان (ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ) الآتي (له) أي ليحيى (أخبرنا هشيم) بن بشير (عن حميد عن ثابت البناني عن أنس قال) أنس (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة) أي هديًا إلى الحرم، وقد أجهده المشي (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (اركبها فقال) الرجل (إنها بدنة) أي هدي يا رسول الله (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (اركبها مرتين) مع الأولى (أو) قال له (ثلاثًا) من المرات مع الأولى بالشك من الراوي. وشارك المؤلف في هذا الحديث النسائي فقط أخرجه في المناسك عن محمد بن المثنى اهـ تحفة الأشراف.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
3093 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن مسعر عن بكير بن الأخنس) السدوسي الكوفي، ثقة، من (4)(عن أنس) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة بكير بن الأخنس لثابت البناني (قال) بكير (سمعته) أي سمعت أنسًا (يقول مر) بالبناء للمجهول (على النبي صلى الله عليه وسلم ببدنة) تساق إلى الحرم (أو) قال أنس مر عليه بـ (هدية) هي واحدة الهدي وزان غني؛ بمعنى الهدي وزان فلس، ويجمع على هدايا كضحايا جمع ضحية يقال ما جاز في
فَقَال: "ارْكَبْهَا" قَال: إِنَّهَا بَدَنَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ. فَقَال: "وَإِنْ".
(3094)
- (00)(00) وحدّثناه أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ. حَدَّثَنِي بُكَيرُ بْنُ الأَخْنَسِ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبَدَنَةٍ. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
(3095)
- (1238)(218) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ. قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ؟ فَقَال:
* * *
الضحايا جاز في الهدايا اهـ من بعض الهوامش (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للمار (اركبها قال) المار بها (إنها بدنة) أي هدي (أو) قال المار إنها (هدية فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للمار اركبها (وإن) كانت الناقة بدنة أي هديًا، وإن غائية لا جواب لها، ومدخولها محذوف كما قدرنا أو شرطية جوابها معلوم مما قبلها والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
3094 -
(00)(00)(وحدثناه أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا) محمد (بن بشر) العبدي الكوفي (عن مسعر) بن كدام بن ظهير الهلالي الكوفي، ثقة، من (7)(حدثني بكير بن الأخنس قال سمعت أنسًا) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن بشر لوكيع بن الجراح (يقول مر على النبي صلى الله عليه وسلم ببدنة فذكر) ابن بشر (مثله) أي مثل ما روى وكيع عن مسعر.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
3095 -
(1238)(218)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان التميمي البصري (عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد بصري وواحد بغدادي، والحال أنه (سئل) أي سأله سائل، ولم أر من ذكر اسمه (عن) حكم (ركوب الهدي) الذي يساق إلى الحرم هل يجوز ركوبه أم لا؟ (فقال) جابر للسائل: نعم يجوز ركوبه إذا اضطر إليه لأني
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيهَا. حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا".
(3096)
- (00)(00) وحدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ. قَال: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ؟ فَقَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ، حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا"
ــ
(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول) لمن يسوق الهدي في طريق مكة (اركبها) أي اركب هذه البدنة ركوبًا ملتبسًا (بالمعروف) عند الناس أي بوجه لا يلحقها ضرر، قال القرطبي: قوله بالمعروف يعني بالرفق في الركوب والسير على الوجه المعروف من غير عنف ولا إفحاش اهـ من المفهم (إذا ألجئت) أي إذا احتجت (إليها) أي إلى ركوبها حاجة ضرورية مضطرًا إليه (حتى تجد ظهرًا) أي مركبًا غيرها، يفهم من القيد المذكور أن من استغنى عنها لا يركبها لأنه جعلها خالصة لله تعالى فلا يصرف شيئًا من عينها ومنافعها إلى نفسه اهـ ابن الملك، وقال الشافعي وأبو حنيفة: ثم إذا ركبها عند الحاجة فاستراح نزل، قال إسماعيل القاضي: وهو الذي يدل عليه مذهب مالك وهو خلاف ما ذكره ابن القاسم أنه لا يلزمه النزول، وحجته إباحة النبي صلى الله عليه وسلم له الركوب فجاز له استصحابه، وقال أبو حنيفة والشافعي: إذا نقصها الركوب المباح فعليه قيمة ذلك ويتصدق به اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 317]، وأبو داود [1761]، والنسائي [5/ 177].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3096 -
(00)(00)(وحدثني سلمة بن شبيب) المسمعي النيسابوري نزيل مكة، ثقة، من (11)(حدثنا الحسن) بن محمد (بن أعين) الحراني مولى بني مروان، صدوق، من (9)(حدثنا معقل) بن عبيد الله الجزري أبو عبد الله العبسي بالموحدة مولاهم الحراني، صدوق، من (8)(عن أبي الزبير) المكي (قال سألت جابرًا) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة معقل بن عبيد الله لابن جريج أي سألته (عن) حكم (ركوب الهدي) في سوقها إلى مكة (فقال) جابر (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول) لسائقها وقد أجهده المشي (اركبها بالمعروف حتى تجد ظهرًا) أي مركوبًا غيرها والله أعلم.
(3097)
- (1239)(219) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ الضُّبَعِيِّ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْهُذَلِيُّ. قَال: انْطَلَقْتُ أَنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ مُعْتَمِرَينِ. قَال: وَانْطَلَقَ سِنَانٌ مَعَهُ بِبَدَنَةٍ يَسُوقُهَا. فَأَزْحَفَتْ عَلَيهِ بِالطَّرِيقِ
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
3097 -
(1239)(219)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا عبد الوارث بن سعيد) بن ذكوان التميمي البصري، ثقة، من (8)(عن أبي التياح) بمثناة فوقية ثم تحتانية مشددة وبحاء مهملة، يزيد بن حميد البصري (الضبعي) بضاد معجمة مضمومة وباء موحدة مفتوحة نسبة إلى بني ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، قال السمعاني: نزل أكثر هذه القبيلة البصرة وكانت بها محلة تنسب إليهم، ثقة، من (5)(حدثني موسى بن سلمة) بن المحبق بوزن محمد (الهذلي) البصري، ثقة، من (4)(قال) موسى بن سلمة (انطلقت أنا و) أخي (سنان بن سلمة) بن المحبق الصحابي الهذلي أبو عبد الرحمن البصري، ولد يوم حنين فله رؤية رضي الله عنه سماه النبي صلى الله عليه وسلم سنانًا، مات في آخر ولاية الحجاج بن يوسف الجائر سنة (50) خمسين وكان شجاعًا فارسًا بطلًا، ولى غزو الهند، روى عن ابن عباس في الحج وعمر، ويروي عنه (م د س ق) وقتادة، له فرد حديث في (م) معلول، وحبيب بن عبد الله الأزدي وخالد الأشج أي ذهبت أنا وأخي سنان بن سلمة من البصرة إلى مكة (معتمرين) أي محرمين بالعمرة (قال) موسى بن سلمة (وانطلق) أخي (سنان معه ببدنة يسوقها) إلى مكة تقربًا إلى الله تعالى (فأزحفت) تلك البدنة أي وقفت (عليه) من الكلال والإعياء (بالطريق) قبل الوصول إلى مكة، قال النواوي: قوله (فأزحفت) بفتح الهمزة وإسكان الزاي وفتح الحاء المهملة، من أزحف الرباعي أي وقفت عليه في الطريق وعجزت عن المشي معه، هذا رواية المحدثين لا خلاف بينهم فيه، قال الخطابي: كذا يقول المحدثون قال: وصوابه والأجود فأزحفت بضم الهمزة من زحف الثلاثي، يقال زحف البعير إذا قام في الطريق وعجز عن المشي وأزحفه السير أي أعجزه، قال الهروي: كلاهما واحد يقال زحف البعير وأزحفه السير لغتان وأزحف الرجل وقف بعيره، والحاصل أن زحف الثلاثي لا يكون إلا قاصرًا،
فَعَيِيَ بِشَأْنِهَا. إِنْ هِيَ أُبْدِعَتْ كَيفَ يَأْتِي بِهَا. فَقَال: لَئِنْ قَدِمْتُ الْبَلدَ لأَسْتَحْفِيَنَّ عَنْ ذلِكَ. قَال: فَأَضْحَيتُ. فَلَمَّا نَزَلْنَا الْبَطْحَاءَ قَال: انْطلِقْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ نَتَحَدَّثُ إِلَيهِ. قَال: فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ بَدَنَتِهِ. فَقَال: عَلَى الْخبِيرِ سَقَطْتَ. بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسِتّ عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ وَأَمَّرَهُ فِيهَا. قَال: فَمَضَى ثُمَّ رَجَعَ
ــ
وأزحف بالهمزة يستعمل قاصرًا ومتعديًا (فعيي بشأنها) أي عجز عن معرفة حكمها (إن هي أبدعت) بضم الهمزة وكسر الدال وفتح العين وإسكان التاء وإن بمعنى إذ أي حين أعيت وكلت ووقفت في الطريق (كيف يأتي بها) أي كيف يفعل بها (فقال) أخي سنان: والله (لئن قدمت البلد) ودخلت مجمع الناس (لأستحفين) أي لأسألن الناس سؤالًا بليغًا (عن ذلك) الحكم الذي أشكل على يعني حكم بدنته (قال) موسى بن سلمة (فأضحيت) أي دخلت في وقت الضحى (فلما نزلنا البطحاء) أي المحصب (قال) لي سنان (انطلق) بنا (إلى ابن عباس نتحدث إليه) أي نخبر إليه خبر بدنتي (قال فذكر) سنان (له) أي لابن عباس (شأن بدنته) من إبداعها في الطريق. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد نيسابوري (فقال) ابن عباس لسنان بن سلمة (على الخبير) أي على العليم بحكم بدنتك (سقطت) أي وقفت وبالمجيب لك صادفت يعني نفسه، وفيه دليل لجواز ذكر الإنسان بعض ممادحته للحاجة، وإنما ذكر ابن عباس ذلك ترغيبًا للسامع في الاعتناء بخبره وحثًا له على الاستماع له وأنه علم محقق وهذا من أمثال العرب يضرب لمن كان عالمًا بالأمر، قال القاضي أبو الفضل: الخبير العالم والخبر العلم، وسقطت أي عثرت عبر عن العثور بالسقوط لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يعثر عليه، يقال إن المثل لمالك بن جبير العامري، وكان من حكماء العرب، وتمثل به الفرزدق لحسين بن علي رضي الله عنهما حين أقبل يريد العراق فلقيه وهو يريد الحجاز، فقال له الحسين رضي الله عنه: ما وراءك، قال: على الخبير سقطت، قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والأمر ينزل من السماء، فقال الحسين رضي الله عنه: صدقتني اهـ. وأذكر لك يا سنان دليلًا على ما سألتني عنه من حكم بدنتك وذلك أنه (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بست عشرة بدنة) إلى مكة (مع رجل) أي مع ناجية بن جندب الأسلمي (وأمره) بتشديد الميم أي أمر ذلك الرجل وجعله أميرًا (فيها) ووكيلًا عليها لينحرها بمكة (قال) ابن عباس (فمضى) الرجل أي ذهب قليلًا (ثم رجع)
فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيفَ أَصْنَعُ بِمَا أُبْدِعَ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَال: "انْحَرْهَا. ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيهَا فِي دَمِهَا. ثُمَّ اجْعَلْهُ عَلَى صَفْحَتِهَا. وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ"
ــ
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال يا رسول الله كيف أصنع) وأفعل (بما أبدع) بالبناء للمجهول أي بما حبس (عليّ) من الكلال وانقطع عن السير (منها) أي من تلك البدن، ولم يقل بما أُبدع بي لأنه لم يكن هو راكبًا لها لأنها بدنة يسوقها بل قال أبدع عليّ لتضمين معنى الحبس كما ذكرنا (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (انحرها) أي انحر ما أبدع عليك منها (ثم اصبغ) بتثليث حركات الباء كما في القاموس (نعليها) أي اللتين قلدتهما في عنقها، والمراد بنعليها ما علق بعنقها من الأمدسة علامة لكونها هديًا، والنعل اسم لما وقيت به القدم من الأرض ليس بخاص بما وقي به حافر البدنة أي اغمسهما (في دمها ثم اجعله) أي اجعل كل واحدة من النعلين (على صفحتها) وفي المشكاة (ثم اجعلها) فإن النعل مؤنثة أي اجعل كل واحدة من النعلين على صفحة من صفحتي سنامها أي على جانب من جانبي سنامها لئلا يأكل منها الأغنياء أي ليعلم من مر بها أنها هدي فيأكلها من يستحقها من الفقراء ويتركها من لا يستحقها من الأغنياء (ولا تأكل منها أنت) يا ناجية (ولا أحد من أهل رفقتك) بضم الراء وسكون الفاء، وفي القاموس الرفقة مثلثة أي أحد من رفقائك، فأهل زائد أو الإضافة بيانية، قال الطيبي: سواء كان فقيرًا أو غنيًّا وإنما منعوا ذلك قطعًا لأطماعهم لئلا ينحرها أحد ويتعلل بالعطب، قال المازري: نهاه عن ذلك حماية أن يتساهل فينحره قبل أوانه بذلك، وقال القرطبي: قوله (ثم اجعلها على صفحتها) يعني النعل الذي قلدها به يجعله على صفحة عنقها، وإنما أمره بذلك ليكون ذلك علامة على أنه هدي فيمتنع منه كل من لا يحل له أكله، قوله (أنت ولا أحد من رفقتك) يعني برفقته المرافقين له في سوق الهدي ومن يتعلق به، وإنما منعه النبي صلى الله عليه وسلم ورفقته من أكلها سدًا للذريعة لأنه لو لم يمنعهم من ذلك لأمكن أن يبادروا إلى نحرها أو يتسببوا إلى ذلك ليأكلوها فلما منعهم من المحذور المتوقع انسد ذلك الباب، وهذا وأشباهه من المواضع الواقعة في الشريعة حمل مالكًا على القول بسد الذريعة وهو أصل عظيم لم يظفر به إلا مالك بدقة نظره وجودة قريحته، وبظاهر هذا النهي قال ابن عباس واختاره ابن المنذر فقالا: لا يأكل منها سائقها ولا أحد من أهل رفقته، وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور
(3098)
- (00)(00) وحدّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ) عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛
ــ
وأصحاب الرأي ومن تبعهم: لا يأكل منها سائقها شيئًا ويخلي بينها وبين الناس يأكلونها، وروي عن ابن عمر أنه كان يرى الأكل منها، وعلى قول المانعين فإن أكل منها ضمنها عند مالك وغيره، وكونه صلى الله عليه وسلم لم يلزم صاحب الهدي المعطوب بدلًا دليل للجمهور على أن لا بدل عليه في هدي التطوع إذ لو كان لبينه له لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فأما الواجب منه فعليه بدله لأنه متعلق بذمته وله الأكل منه والإطعام للأغنياء وغيرهم عند جمهور العلماء غير مالك، واختلفوا هل له بيعه فمنعه مالك وأجازه الآخرون، وأما إذا بلغ الهدي محله فاختلف العلماء فيما يأكل منه صاحبه فمشهور مذهب مالك أنه لا يأكل من ثلاثة؛ من جزاء الصيد، ونذر المساكين، وفدية الأذى، ويأكل مما سوى ذلك إذا بلغ محله واجبًا أو تطوعًا، ووافقه على ذلك جماعة من السلف وفقهاء الأمصار ثم إذا أكل مما منع فهل يغرم قدر ما أكل منه أو يغرم هديًا كاملًا قولان في مذهبنا، وقال الشافعي وأبو ثور: ما كان أصله واجبًا فلا يأكل منه وما كان تطوعًا ونسكًا أكل منه وأهدى وادخر وتصدق والمتعة والقران عنده نسك ونحوه مذهب الأوزاعي، وقال أبو حنيفة وأصحاب الرأي: يأكل من هدي المتعة والتطوع ولا يأكل مما سوى ذلك، وحكي عن مالك أنه لا يأكل من دم الفساد وعلى قياس هذا لا يأكل من دم الجبران كقول الشافعي والأوزاعي اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 217]، وأبو داود [1763]، والنسائي في الكبرى [4136]، وابن ماجه [3105].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
3098 -
(00)(00)(وحدثناه يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر) السعدي (قال يحيى أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي التياح) يزيد بن حميد الضبعي (عن موسى بن سلمة عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إسماعيل بن علية لعبد الوارث بن
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِثَمَان عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ الْحَدِيثِ.
(3099)
- (1240)(220) حدّثني أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ ذُؤَيبًا أَبَا قَبِيصَةَ
ــ
سعيد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل) من بني أسلم تقدم أنه ناجية بن جندب، وقد تقدمت الرواية بست عشرة بدنة، قال النواوي: يجوز أنهما قضيتان، ويجوز أن تكون قضية واحدة، والمراد أنها ثماني عشرة، وليس في قوله ست عشرة نفي الزيادة لأنه مفهوم عدد ولا عمل عليه والله أعلم، ونقل الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم استعمل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي، وأمره أن يتقدمه بها وقال كان سبعين بدنة فهذا مخالف لرواية مسلم اللهم إلا أن يقال العدد المذكور في رواية مسلم مختص بخدمة ناجية له والباقي لغيره من رفقائه كما يدل عليه قوله وأمره فيها والله أعلم اهـ فتح الملهم (ثم ذكر) إسماعيل بن علية (بمثل حديث عبد الوارث ولم يذكر) إسماعيل (أول الحديث) أي أول حديث عبد الوارث السابق.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث أبي قبيصة رضي الله عنهم فقال:
3099 -
(1240)(220)(حدثني أبو غسان) مالك بن عبد الواحد (المسمعي) البصري، ثقة، من (10)(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي أبو محمد البصري، ثقة، من (8)(حدثنا سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم البصري، ثقة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من (4)(عن سنان بن سلمة) بن المحبق كمعظم الهذلي البصري الصحابي رضي الله عنه (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (أن ذؤيبًا) ابن حلحلة الخزاعي المدني (أبا قبيصة) بن ذؤيب، شهد الفتح، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم معه بهديه، له أربعة أحاديث، انفرد له (م) بحديث، ويروي عنه (م ت ق) وابنه قبيصة وابن عباس وغيرهم، وقال في التقريب: صحابي، مات في خلافة معاوية، ويقال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وليس في مسلم من اسمه ذؤيب إلا هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته
حَدَّثَهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: "إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيءٌ، فَخَشِيتَ عَلَيهِ مَوْتًا، فَانْحَرْهَا. ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا. ثُمَّ اضرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا. وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ"
ــ
رجاله خمسة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد مدني، ومن لطائفه أن فيه ثلاثة من الصحابة روى بعضهم عن بعض. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه أخرجه في المناسك، قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: لم يسمع قتادة من سنان بن سلمة أحاديثه عنه مرسلة وسمع من موسى بن سلمة، وقال أبو بكر بن خيثمة عن يحيى بن معين: لم يدرك قتادة سنان بن سلمة ولا سمع منه اهـ تحفة الأشراف.
أي أن ذؤيبًا (حدثه) أي حدث ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه) أي مع ذؤيب إلى مكة (بالبدن) أي ببدنه وهداياه (ثم يقول) رسول الله صلى الله عليه وسلم لذؤيب (إن عطب) من باب فرح وتعب أي إن قارب الهلاك (منها) أي من تلك البدن (شيء) والعطب بوزن التعب الهلاك، والمراد إن قارب الهلاك والموت شيء منها بقرينة، قوله (فخشيت عليه موتًا فانحرها) أي فانحر تلك البدنة التي خشيت عليها الموت (ثم اغمس نعلها) أي النعل التي كانت معلقة بعنقها أي ألق نعلها (في دمها) الذي يسيل منها كيلا ينتفع بشيء منها حتى لا تحبس نعلها ليقلد بها غيرها (ثم اضرب به) أي بنعلها (صفحتها) أي اجعله على صفحة عنقها وجانبه ليحترز عن أكلها الغني ويعرف أنها هدي (ولا تطعمها) أي ولا تأكل لحمها (أنت) يا ذؤيب (ولا أحد من أهل رفقتك) وهذا محمول كما في النواوي على سد الذرائع حتى لا يتساهل فينحر قبل أوانه، قال السندي في حاشيته على ابن ماجه: ويحتمل أنهم كانوا أغنياء، والرفقة جماعة ترافقهم في سفرك سموا بذلك لأنهم يرتفق بعضهم ببعض والأهل مقحم اهـ من بعض الهوامش.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أنس ذكره للاستشهاد به لحديث أبي هريرة وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث جابر ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس حديث ذؤيب بن حلحلة ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم والله سبحانه وتعالى أعلم.