المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌511 - (67) باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وفتل قلائده وأنه لا يلزم الباعث اجتناب ما يجتنبه المحرم - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌472 - (28) باب: إحرام المتمتع يوم التروية إذا توجه إلى منى

- ‌473 - (29) باب: في الاختلاف في المتعة بالحج والعمرة

- ‌474 - (30) باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌475 - (31) باب: الوقوف بعرفات ونزول قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [

- ‌476 - (32) باب: جواز تعليق الإحرام وهو أن يحرم كإحرام فلان فيصير محرمًا مثل إحرام فلان

- ‌477 - (33) باب: الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌478 - (34) باب: من قال المتعتان خاصة بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌479 - (35) باب: الاعتمار في أشهر الحج

- ‌480 - (36) باب: وجوب الدم أو بدله على المتمتع والقارن

- ‌481 - (37) باب: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاجّ المفرد

- ‌482 - (38) باب: بيان جواز التحلل بالإِحصار وجواز القران واقتصار القارن على طواف واحد وسعي واحد

- ‌483 - (39) باب: الاختلاف فيما أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌484 - (40) باب: استحباب طواف القدوم للحاج والسعي بعده

- ‌485 - (41) باب: بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي وأن المحرم بحج لا يتحلل بطواف القدوم وكذلك القارن

- ‌486 - (42) باب: في متعة الحج وجواز العمرة في أشهر الحج

- ‌487 - (43) باب: تقليد الهدي وإشعاره عند الإِحرام

- ‌488 - (44) باب: حديث من طاف بالبيت حل

- ‌489 - (45) باب: جواز تقصير المعتمر من شعره وأنه لا يجب حلقه وأنه يستحب كون حلقه أو تقصيره عند المروة

- ‌490 - (46) باب: الصراخ بالحج أي رفع الصوت بتلبيته

- ‌491 - (47) باب: الاختلاف في المتعتين

- ‌492 - (48) باب: إهلال النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌493 - (49) باب: إهلال عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌494 - (50) باب: كم اعتمر النبيّ صلى الله عليه وسلم وكم حج مع بيان زمانهنّ وكم غزا

- ‌495 - (51) باب: اعتماره صلى الله عليه وسلم في رجب

- ‌496 - (52) باب: فضل العمرة في رمضان

- ‌497 - (53) باب: من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة ومن أين خرج منهما

- ‌498 - (54) باب: استحباب المبيت بذي طوى والاغتسال فيه قبل دخول مكة ودخولها نهارًا وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك

- ‌499 - (55) باب: استحباب الرمل في طواف العمرة وفي الطواف الذي يعقبه سعي في الحج

- ‌500 - (56) باب: استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌501 - (57) باب: جواز الطواف على الراحلة لعذر واستلام الركن بالمحجن

- ‌502 - (58) باب: بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة لا يتمان إلا به وأن السعي لا يكرر

- ‌503 - (59) باب: متى يقطع الحاج التلبية يوم النحر وبيان ما يقال يوم عرفة في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌504 - (60) باب: الإفاضة من عرفة بعد الغروب وجمع صلاتي المغرب والعشاء بمزدلفة والسير على هينته والإسراع إذا وجد فجوة

- ‌505 - (61) باب: التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها وتقديم الظعن والضعفة إلى منى

- ‌506 - (62) باب: بيان كيفية رمي جمرة العقبة والتكبير عنده وجواز الركوب فيه وكون حصاه بقدر حصى الخذف، وبيان وقت الرمي وكونها سبعًا

- ‌507 - (63) باب: في الحلاق والتقصير وأن السنة يوم النحر أن يرمي ثمَّ ينحر ثمَّ يحلق والابتداء في الحلق بالأيمن

- ‌508 - (64) باب: من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي واستحباب طواف الإفاضة يوم النحر

- ‌509 - (65) باب: النزول بالمحصب يوم النفر والترخيص في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية وفضل القيام بها

- ‌510 - (66) باب: التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وجلالها والاشتراك فيها وذبح الرجل عن نسائه ونحر الإبل قائمة

- ‌511 - (67) باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وفتل قلائده وأنه لا يلزم الباعث اجتناب ما يجتنبه المحرم

- ‌512 - (68) باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليه وبيان ما يفعل بالهدي إذا عجز في الطريق

- ‌513 - (69) باب: وجوب طواف الوداع على الآفاقي غير الحائض واستحباب دخول الكعبة والصلاة فيها لكل أحد محرمًا كان أو حلالًا آفاقيًا أو غيره

- ‌514 - (70) باب نقض الكعبة وبنائها والجدر وبابها والحج عن المعضوب والصبي

الفصل: ‌511 - (67) باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وفتل قلائده وأنه لا يلزم الباعث اجتناب ما يجتنبه المحرم

‌511 - (67) باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وفتل قلائده وأنه لا يلزم الباعث اجتناب ما يجتنبه المحرم

(3074)

- (1235)(215) وحدّثنا يَحيَى بْنُ يَحيَى وَمُحَمدُ بْنُ رُمح. قَالا: أَخْبَرَنَا الليثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنِ ابْنِ شِهاب، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبَيرِ وَعَمرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرحمَنِ؛ أَن عَائِشَةَ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهْدِي مِنَ الْمَدِينَةِ. فَأَفْتِلُ قَلائِدَ هديِهِ. ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيئًا مما يَجْتَنِبُ الْمحرِمُ

ــ

511 -

(67) باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وفتل قلائده وأنه لا يلزم الباعث اجتناب ما يجتنبه المحرم

3074 -

(1235)(215)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (ومحمد بن رمح) المصري (قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة) بن سعيد (حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن) الأنصارية (أن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان (قالت كان رسول الله على الله عليه وسلم يهدي) أي يبعث بهديه (من المدينة) إلى الكعبة وذلك حين بعثها مع أبي بكر الصديق عام تسع من الهجرة حين حج أبو بكر بالناس، فلفظ كان غير مقتض للتكرار كما ذكره النووي من قبل في حديث جابر كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذبح البقرة عن سبعة ولم يوجد ذلك منهم إلا مرة واحدة وهي حجة الوداع، وفيه دليل على استحباب الهدي إلى الحرم وأن من لم يذهب إليه يستحب له بعثه مع غيره (فأفتل) أي ألوي بنفسي (قلائد هديه) صلى الله عليه وسلم من فتلت الحبل وغيره إذا لويته، والقلائد جمع قلادة والمراد بها ما يعلق بعنق الهدي من الخيوط المفتولة علامة له فيكف الناس عنه، والهدي هو ما يهدى إلى الحرم من النعم ففيه استحباب تقليد الهدي وفتل قلائده (ثم) بعد بعثه الهدي إلى الحرم (لا يجتنب) ولا يعتزل ولا يبعد (شيئًا مما يجتنب) منه (المحرم) من محظورات الإحرام، فيه أن من بعث هديًا إلى الحرم لا يصير محرمًا ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم ولا يجب عليه شيء.

وقد روي عن ابن عباس وغيره كما سيجيء أنه يجتنب محظورات الإحرام، وهكذا حكى الخطابي عن أصحاب الرأي، قال الحافظ: وهو خطأ عليهم فالطحاوي أعلم بهم

ص: 361

(3075)

- (00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ حرمَلَةُ بْنُ يحيى. أَخبَرَنَا ابنُ وَهبٍ. أخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ، بهذَا الإِسنَادِ، مِثلَهُ.

(3076)

- (00)(00) وحدّثناه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَزُهيرُ بْنُ حربٍ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزهْري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ

ــ

منه، واستدل الداودي بقولها هديه على أن الحديث الذي روته ميمونة مرفوعًا: إذا دخل عشر ذي الحجة فمن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره، يكون منسوخًا بحديث عائشة أو ناسخًا، قال ابن التين: ولا يحتاج إلى ذلك لأن عائشة إنما أنكرت أن يصير من يبعث هديه محرمًا بمجرد بعثه ولم تتعرض على ما يستحب في العشر خاصة من اجتناب إزالة الشعر والظفر ثم قال: لكن عموم الحديث يدل على ما قال الداودي، وقد استدل به الشافعي على إباحة ذلك في عشر ذي الحجة قال: والحديث المذكور أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي قلت: هو من حديث أم سلمة لا من حديث ميمونة توهم الداودي في النقل وفي الاحتجاج أيضًا فإنه لا يلزم من دلالته على عدم اشتراط ما يجتنبه المحرم على المضحي أنه لا يستحب فعل ما ورد به الخبر المذكور لغير المحرم والله أعلم، كذا حققه الحافظ في الفتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 78 و 85]، والبخاري [1696]، وأبو داود [1757]، والترمذي [908]، والنسائي [5/ 171]، وابن ماجه [3098].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

3075 -

(00)(00)(وحدثنيه حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (ابن وهب) المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن عروة وعمرة عن عائشة. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة يونس لليث بن سعد، وساق يونس (مثله) أي مثل ما حدّث ليث عن ابن شهاب.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثها فقال:

3076 -

(00)(00)(وحدثناه سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني المكي، ثقة، من (10)(وزهير بن حرب قال حدثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهريّ عن عروة عن

ص: 362

عَائِشَةَ. عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

(3077)

- (00)(00) ح وَحَدثَنَا سَعِيدُ بْنُ منصُورٍ وَخَلَفُ بن هِشَامٍ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: أَخبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن عَائِشَةَ. قَالت: كَأنِّي أَنظُرُ إليَّ، أَقتِلُ قَلائِدَ هديِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِنَحوه،

(3078)

- (00)(00) وحدّثنا سَعِيدُ بن منصُورٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن عَبْدِ الرحمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها

ــ

عائشة) رضي الله عنها (عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة سفيان لليث بن سعد.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

3077 -

(00)(00)(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا سعيد بن منصور) وفي بعض النسخ إسقاط حاء التحويل كنسخة الأبي والسنوسي فإسقاطها أولى لأن المحل محل متابعة لا محل تحويل (وخلف بن هشام) بن ثعلب -بالمثلثة- البزار -بالراء آخره- أبو محمد البغدادي (وقتيبة بن سعيد قالوا أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم البصري (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوفه بيان متابعة هشام للزهري (قالت) عائشة (كأني أنظر) الآن (إليّ) أي إلى نفسي حالة كوني (أفتل) أي ألوي من باب ضرب (قلائد هدي رسول الله على الله عليه وسلم) التي بعثها مع أبي بكر سنة تسع، وساق هشام (بنحوه) أي بنحو حديث الزهريّ عن عروة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

3078 -

(00)(00)(وحدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني (عن أبيه) القاسم بن محمد (قال) القاسم (سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها)

ص: 363

تَقُولُ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ هديِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَي هاتَينِ. ثُمَّ لَا يَعتَزِلُ. شَيئًا وَلَا يَتْرُكُهُ.

(3079)

- (00)(00) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعنَبٍ. حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: فَتَلْتُ قَلائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَي. ثُمَّ أَشْعَرَها وَقَلَّدَها. ثُمَّ بَعَثَ بِها إِلَى الْبَيتِ. وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ. فَمَا حَرُمَ عَلَيهِ شَيءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا

ــ

وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة القاسم بن محمد لعروة بن الزبير، حالة كون عائشة (تقول كنت أفتل) وألوي (قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي) تثنية يد (هاتين ثم) بعد بعثه الهدي (لا يعتزل) ولا يبتعد (شيئًا) مما يعتزله المحرم من لبس المخيط واستعمال الطيب وملامسة النساء مثلًا (ولا يتركه) عطف تفسيري للاعتزال.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

3079 -

(00)(00)(وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) القعنبي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا أفلح) بن حميد بن نافع الأنصاري المدني، ثقة، من (7)(عن القاسم) بن محمد (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة أفلح بن حميد لعبد الرحمن بن القاسم (قالت) عائشة (فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم أي خيوطًا تعلق في عنق هدايا رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيدي) هاتين، والبدن -بضم الباء وسكون الدال جمع بدنة؛ وهي ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها (ثم) بعد ما فتلت قلائدها (أشعرها) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أعلمَها بطعنها جنبَ سنامها ومسح الدم عليها (وقلدها) أي علق في عنقها الخيوط التي فتلتها، ففيه استحباب الإشعار والتقليد في الإبل والبقر، قال النواوي: وفيه أنه إذا أرسل هديه أشعره وقلده من بلده، ولو أخذه معه أخر الإشعار والتقليد إلى حين يحرم من الميقات أو من غيره اهـ (ثم بعث بها إلى البيت) أي إلى الكعبة (وأقام) بنفسه (بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلًا) مما يتجنبه المحرم من استعمال الطيب والمخيط ومباشرة النساء.

ص: 364

(3080)

- (00)(00) وحدّثنا عَلِي بْنُ حُجْرٍ السعدِي ويعقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِي. قَال ابْنُ حُجْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيوبَ، عَنِ الْقَاسِمِ وَأَبِي قِلابَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ بِالْهديِ. أَفْتِلُ قَلائِدَها بِيَدَي. ثُمَّ لَا يُمسِكُ عَنْ شَيءٍ، لَا يمسِكُ عَنْهُ الْحَلالُ.

(3081)

- (00)(00) وحدّثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنى. حَدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ الْحَسَنِ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

3080 -

(00)(00)(وحدثنا علي بن حجر) -بضم المهملة وسكون الجيم- ابن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي، ثقة، من (9)(ويعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي، ثقة، من (10)(قال ابن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية، ثقة، من (8)(عن أيوب) السختياني (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر (وأبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي البصري كلاهما (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لأفلح بن حميد (قالت) عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث بالهدي) من المدينة إلى مكة وكنت أنا (أفتل قلائدها بيدي) هاتين (ثم) بعد بعثه (لا يمسك) أي لا يجتنب (عن شيء) من محظورات الإحرام، وجملة قوله (لا يمسك عنه الحلال) أي لا يجتنب عنه الحلال صفة لشيء أي لا يجتنب عن شيء لا يجتنب عنه غير المحرم من الطيب والدهن ومباشرة النساء لأنه لا يصير محرمًا بمجرد بعث الهدي إلى مكة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا فقال:

3081 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا حسين بن الحسن) بن يسار -بتحتانية مفتوحة ومهملة مخففة- ويقال ابن الحسن بن مالك بن يسار النصري بالنون، مولاهم مولى بني نصر بن معاوية أبو عبد الله البصري، روى عن ابن عون في الحج والبيوع والفتن وغيره، ويروي عنه (خ م س) وابن المثنى وأحمد وابن

ص: 365

حَدَّثَنَا ابنُ عَوْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤمِنِينَ. قَالت: أَنَا فَتَلْتُ تلكَ القَلائِدَ مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدَنَا. فَأصْبَحَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَلالًا. يَأْتِي مَا يَأتِي الْحَلالُ مِنْ أَهْلِهِ. أَوْ يَأتِي مَا يَأتِي الرجُلُ مِنْ أَهلِهِ.

(3082)

- (00)(00) وحدّثنا زُهيرُ بْنُ حربٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ

ــ

معين ووثقاه، وقال النسائي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الثامنة، مات سنة (188) ثمان وثمانين ومائة، له في (خ) فرد حديث (حدثنا) عبد الله (بن عون) بن أرطبان المزني مولاهم أبو عون البصري، ثقة ثبت، من (6)(عن القاسم) بن محمد (عن أم المؤمنين) عائشة رضي الله تعالى عنها كما في بعض الروايات. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن عون لأيوب السختياني (قالت أنا فتلت) أي ضفرت (تلك القلائد) التي يقلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه (من عهن) بكسر المهملة وسكون الهاء أي الصوف، وقيل هو المصبوغ منه، وقيل هو الأحمر خاصة، قال الحافظ: وفيه رد على من كره القلائد من الأوبار، واختار أن تكون من نبات الأرض وهو منقول عن ربيعة ومالك، وقال ابن التين: لعله أراد أنه الأول مع القول بجواز كونها من الصوف والله أعلم اهـ وفسره الزمخشري في الكشاف بالصوف المصبوغ ألوانًا اهـ، وجملة قوله (كان عندنا) صفة لعهن (فأصبح) مقيمًا (فينا) في المدينة (رسول الله على الله عليه وسلم) حالة كونه (حلالًا) أي غير محرم (يأتي) أي يفعل ويستمتع (ما يأتي الحلال من أهله) أي ما يفعل الحلال من قضاء شهوته من أهله (أو) قالت عائشة (يأتي) أي يقضي (ما يأتي) ويقضي (الرجل من أهله) أي من زوجته من الشهوات الفرجية والجسمية، والشك من الراوي عنها.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

3082 -

(00)(00)(وحدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من (5)(عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة، من (5)(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

ص: 366

قَالتْ: لَقَد رَأيتُنِي أَفْتِلُ الْقَلائِدَ لِهديِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الغَنَمِ. فَيَبْعَثُ بِهِ. ثُمَّ يُقيمُ فِينَا حَلالًا

ــ

وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأسود للقاسم بن محمد (قالت) عائشة والله (لقد رأيتني) أي لقد رأيت نفسي (أفتل) وألوي (القلائد لهدي رسول الله على الله عليه وسلم من الغنم فيبعث به) أي بهديه إلى مكة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة تع (ثم يقيم فينا) في المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم (حلالًا) أي فاعلًا ما يفعله الحلال من محظورات الإحرام من المباشرة بأزواجه واستعمال الطيب ولبس المخيط مثلًا (قولها من الغنم) تفرد الأسود عن عائشة بتقليد الغنم دون بقية الرواة عنها من أهل بيتها وغيرهم، قال الحافظ: قال ابن المنذر: أنكر مالك وأصحاب الرأي تقليد الغنم، زاد غيره وكأنهم لم يبلغهم الحديث ولم نجد لهم حجة إلا قول بعضهم إنها تضعف عن التقليد، وهي حجة ضعيفة لأن المقصود من التقليد العلامة، وقد اتفقوا على أنها لا تشعر لأنها تضعف عنه فتقلد بما لا يضعفها، والحنفية في الأصل يقولون ليست الغنم من الهدي فالحديث حجة عليهم من جهة أخرى، قال الشيخ بدر الدين العيني: وهذا افتراء على الحنفية ففي أي موضع قالت الحنفية إن الغنم ليست من الهدي بل كتبهم مشحونة بأن الهدي اسم لما يهدى من النعم إلى الحرم ليتقرب به قالوا: وأدناه شاة لقول ابن عباس رضي الله عنه: ما استيسر من الهدي شاة، ومن هذا قالوا: الهدي إبل وبقر وغنم ذكورها وإناثها حتى قالوا هذا بالإجماع، وإنما مذهبهم أن التقليد في البدنة، والغنم ليست من البدنة فلا تقلد لعدم التعارف بتقليدها إذ لو كان تقليدها سنة لما تركوها، وقالوا في الحديث المذكور تفرد به الأسود ولم يذكره غيره على ما ذكرنا، وادعى صاحب المبسوط إنه أثر شاذ. (فإن قلت) كيف تركوها وقد ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه أن ابن عباس قال: لقد رأيت الغنم يؤتى بها مقلدة؟ (قلت) ليس في ذلك كله أن التقليد كان في الغنم التي سيقت في الإحرام وأن أصحابها كانوا محرمين على أنا نقول إنهم ما منعوا الجواز، وإنما قالوا إن التقليد في الغنم ليس بسنة اهـ فتح.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

ص: 367

(3083)

- (00)(00) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَأَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ (قَال يَحيَى: أخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ) عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: رُبمَا فَتَلْتُ الْقَلائِدَ لِهديِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَيُقلِّدُ هديَهُ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ. ثُمَّ يُقِيمُ. لَا يَجْتَنِبُ شَيئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحرِمُ.

(3084)

- (00)(00) وحدّثنا يحيى بْنُ يَحيى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبًا. قَال يحيى: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويةَ، عَنِ الأَعمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَرةً إِلَى الْبَيتِ غَنَمًا، فَقلَّدَها

ــ

3083 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) محمد بن العلاء (قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير (عن الأعمش عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة الأعمش لمنصور (قالت) عائشة (ربما فتلت) أي قليلا لويت (القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقلد) رسول الله صلى الله عليه وسلم (هديه) بتلك القلائد (ثم يبعث به) أي بهديه إلى مكة مع أبي بكر الصديق (ثم يقيم) بالمدينة في أهله، حالة كونه (لا يجتنب شيئًا مما يجننب المحرم) عنه من الملابس والطيب والنساء.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

3084 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند أيضًا من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأعمش لمنصور وهو نفس السند الذي قبله حرفًا بحرف ولكن كرره لبيان مخالفة متن حديثه لمتن حديث السند الذي قبله (قالت) عائشة (أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرة) واحدة مع أبي بكر الصديق (إلى البيت غنمًا فقلدها) رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 368

(3085)

- (00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي. حَدّثَنِي مُحَمدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنِ الْحكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: كُنَّا نُقَلِّدُ الشَّاءَ فَنُرسِلُ بِها. وَرَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم حَلال، لَمْ يَحرُم عَلَيهِ مِنْهُ شَيءٌ.

(3086)

- (00)(00) حدَّثنا يَحيَى بْنُ يَحيَى. قَال: قَرأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرحمَنِ؛ أَنَّها أَخْبَرَتْهُ؛ أن ابْنَ زِيَادٍ

ــ

ثم ذكر المؤلف المتابعة حادي عشرها في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

3085 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام المعروف بالكوسج التميمي النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم أبو سهل البصري، صدوق، من (9)(حدثني أبي) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري أبو عبيدة البصري، ثقة، من (8)(حدثني محمد بن جحادة) بضم الجيم وتخفيف المهملة الأودي الكوفي، ثقة، من (5) مات سنة (131) إحدى وثلاثين ومائة (عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، ثقة، من (5)(عن إبراهيم) بن يزيد (عن الأسود عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من ثمانياته، غرضه بيان متابعة الحكم للأعمش (قالت) عائشة (كنا) معاشر أهل البيت (نقلد الشاء) جمع شاة (فنرسل بها) إلى الكعبة (ورسول الله صلى الله عليه وسلم حلال لم يحرم عليه منه) أي مما يحرم على المحرم (شيء) من محظورات الإحرام، وقوله منه بيان مقدم لشيء، وضميره يعود على غيره مذكور معلوم من السياق والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثاني عشرها في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

3086 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر) اسمه كنيته ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أبي محمد المدني، ثقة، من (5)(عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية الفقيهة، سيدة نساء التابعين، ثقة، من (3)(أنها أخبرته أن) عبيد الله (بن زياد) بن أبي سفيان بن حرب القرشي الأموي، وعبيد الله هذا هو الذي قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، قال

ص: 369

كَتَبَ إِلَى عَائِشةَ؛ أَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَباسٍ قَال: مَنْ أَهْدَى هدْيًا حَرُمَ عَلَيهِ مَا يحرُمُ عَلَى الْحَاجِّ. حَتى يُنْحَرَ الْهديُ. وَقد بَعَثتُ بِهديِي. فَاكْتُبِي إِليَّ بِأمرِكِ. قَالتْ عَمرَةُ: قَالتْ عَائِشَةُ: لَيسَ كَمَا قَال ابْنُ عبَّاسٍ: أنا فَتَلْتُ قَلائِدَ هديِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَ. ثُمَّ قلَّدها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ. ثُمَّ بَعَثَ بِها مَعَ أَبِي

ــ

الحافظ: هو هو نبه عليه أبو علي الغساني ومن تبعه، قال النووي: قوله (أن ابن زياد) هكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم، قال أبو علي الغساني والمازري والقاضي وجميع المتكلمين على صحيح مسلم: هذا غلط لأن ابن زياد لم يدرك السيدة الصديقة رضي الله تعالى عنها، وصوابه أن زياد بن أبي سفيان (كتب إلى عائشة) رضي الله تعالى عنها وهو الموجود في رواية البخاري وعند جميع رواة الموطإ، وبهذا الاسم يسمى في زمن بني أمية، وأما بعدهم فما يقال له إلا زياد ابن أبيه، وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد، وكانت أمه سمية مولاة الحارث بن كلدة الثقفي تحت عبيد المذكور فولدت زيادًا على فراشه فكان ينسب إليه فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زيادًا ولده فاستلحقه معاوية لذلك وزوج ابنه ابنته وأمر زيادًا على العراقيين البصرة والكوفة جمعهما له، ومات في خلافة معاوية سنة (53) ثلاث وخمسين، وقد بسطنا الكلام في سبب استلحاق معاوية له في كتاب الإيمان فراجعه إن شئت والله أعلم. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمرة لمن روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أي كتب إلى عائشة (أن عبد الله بن عباس قال من أهدى هديًا) أي بعث هديًا إلى الكعبة (حرم عليه ما يحرم على الحاج) من محظورات الإحرام (حتى ينحر الهدي) أي هديه (وقد بعثت بهديي) إلى مكة (فاكتبي إلي بأمرك) أي بما تأمريني به (قالت عمرة قالت عائشة ليس) الأمر والحكم (كما قال ابن عباس أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي) هاتين (ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها مع أبي) ووالدي أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما فهو بفتح الهمزة وكسر الموحدة الخفيفة تريد بذلك أباها، واستفيد من ذلك وقت البعث وأنه كان في سنة تسع عام حج أبو بكر بالناس، قال ابن التين: أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصة، ويحتمل أن تريد أنه آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حج في

ص: 370

فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ. حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ

ــ

العام الذي يليه حجة الوداع لئلا يظن ظان أن ذلك كان في أول الإسلام، ثم نسخ فأرادت إزالة هذا اللبس اهـ.

(فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله) تعالى (له) مما حرمه الله على الحاج (حتى نحر الهدي) غاية لقوله فلم يحرم لا لبيان أنه حرم عليه شيء بعد النحر بل لبيان أنه لم يحرم عليه شيء أصلًا لا قبل النحر ولا بعده، أما بعده فظاهر لا يقول أحد بخلافه، وأما قبله فما حرم عليه شيء أصلًا إذ لو كان شيء حرامًا لكان إلى هذا الحد فإذا لم يكن إلى هذا الحد فلا حرمة أصلًا وهو المطلوب، فالغاية في مثل هذا لإفادة الدوام اهـ فتح الملهم.

وقوله (ليس الأمر كما قال ابن عباس) رضي الله عنهما قال عبد الله بن الزبير حين بلغه صنيع ابن عباس في ذلك: بدعة ورب الكعبة، قال الطحاوي: لا يجوز عندنا أن يكون حلف ابن الزبير على ذلك إلا أنه قد علم أن السنة على خلافه، وقال سعيد بن منصور: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا محدث عن عائشة وقيل لها: إن زيادًا إذا بعث الهدي أمسك عما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه، فقالت عائشة: أو له كعبة يطوف بها في المدينة، قال ابن التين: خالف ابن عباس في هذا جميع الفقهاء، واحتجت عائشة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وما روته في ذلك يجب أن يصار إليه ولعل ابن عباس رجع عنه اهـ وفيه قصور شديد فإن ابن عباس لم ينفرد بذلك بل ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة، قال ابن المنذر: قال عمر وعلي وقيس بن سعد وابن عباس وابن عمر والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون: من أرسل الهدي وأقام حرم عليه ما يحرم على المحرم، وقال ابن مسعود وعائشة وأنس وابن الزبير وآخرون: لا يصير بذلك محرمًا وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار، وقد ذهب سعيد بن المسيب إلى أنه لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم إلا الجماع ليلة جمع رواه ابن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح، نعم جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ما قال ابن عباس، ففي نسخة أبي اليمان عن شعيب عنه وأخرجه البيهقي من طريقه قال: أول من كشف العمى عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة فذكر الحديث عن عمرة، وعمرة عنها قال: فلما

ص: 371

(3087)

- (00)(00) وحدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ تُصَفِّقُ وَتَقُولُ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ. ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا. وَمَا يُمْسِكُ عَنْ شَيءٍ مِمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ. حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ

ــ

بلغ الناس قول عائشة أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس والله أعلم كذا في الفتح، وحاصل اعتراض عائشة على ابن عباس أنه ذهب إلى ما أفتى به قياسًا للتولية في أمر الهدي على المباشرة له، فبينت عائشة أن هذا القياس لا اعتبار له في مقابلة هذه السنة الظاهرة، وفي الحديث من الفوائد تناول الكبير الشيء بنفسه وإن كان له من يكفيه إذا كان مما يهتم به لا سيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الديانة، وفيه تعقب بعض العلماء على بعض ورد الاجتهاد، وأن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم التأسي به حتى تثبت الخصوصية اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالث عشرها في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

3087 -

(00)(00)(وحدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني المكي، ثقة، من (10)(حدثنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد) سعد البجلي الكوفي، ثقة، من (4)(عن الشعبي) عامر بن شراحيل الحميري الكوفي ثقة، من (3)(عن مسروق) بن الأجدع الهمداني الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(قال سمعت عائشة وهي من وراء الحجاب) حالة كونها (تصفق) أي تضرب بإحدى يديها على الأخرى وأرادت بتصفيقها استنصاتهم (وتقول كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي) هاتين (ثم يبعث بها) إلى مكة (و) الحال أنه (ما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم) من محظورات الإحرام (حتى ينحر هديه) في منى يوم النحر، وسند هذا الحديث من سداسياته، غرضه بيان متابعة مسروق لمن روى عن عائشة، قوله (تصفق) وفي البخاري عن مسروق أتى عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين إن رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر فيوصي أن تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس، قال: فسمعت تصفيقها من وراء

ص: 372

(3088)

- (00)(00) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حَدَّثَنَا دَاوُدُ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ. كِلاهُمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بِمِثْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

ــ

الحجاب .. الحديث؛ أي ضربت إحدى يديها على الأخرى تعجبًا أو تأسفًا على وقوع ذلك اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى رابع عشرها في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:

3088 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا داود) بن أبي هند دينار القشيري البصري، ثقة، من (5)(ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا زكرياء) بن أبي زائدة خالد بن ميمون الوادعي الكوفي، ثقة، من (6)(كلاهما) أي كل من داود بن أبي هند وزكرياء بن أبي زائدة رويا (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن مسروق عن عائشة) وهذان السندان من سداسياته، غرضه بيان متابعة داود بن أبي هند وزكرياء بن أبي زائدة لإسماعيل بن أبي خالد، وقوله (بمثله) مقدم على قوله (عن النبي صلى الله عليه وسلم والصواب (عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله) أي وساقا بمثله أي بمثل حديث إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وذكر فيه أربع عشرة متابعة.

* * *

ص: 373