المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌485 - (41) باب: بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي وأن المحرم بحج لا يتحلل بطواف القدوم وكذلك القارن - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌472 - (28) باب: إحرام المتمتع يوم التروية إذا توجه إلى منى

- ‌473 - (29) باب: في الاختلاف في المتعة بالحج والعمرة

- ‌474 - (30) باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌475 - (31) باب: الوقوف بعرفات ونزول قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [

- ‌476 - (32) باب: جواز تعليق الإحرام وهو أن يحرم كإحرام فلان فيصير محرمًا مثل إحرام فلان

- ‌477 - (33) باب: الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل

- ‌478 - (34) باب: من قال المتعتان خاصة بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌479 - (35) باب: الاعتمار في أشهر الحج

- ‌480 - (36) باب: وجوب الدم أو بدله على المتمتع والقارن

- ‌481 - (37) باب: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاجّ المفرد

- ‌482 - (38) باب: بيان جواز التحلل بالإِحصار وجواز القران واقتصار القارن على طواف واحد وسعي واحد

- ‌483 - (39) باب: الاختلاف فيما أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌484 - (40) باب: استحباب طواف القدوم للحاج والسعي بعده

- ‌485 - (41) باب: بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي وأن المحرم بحج لا يتحلل بطواف القدوم وكذلك القارن

- ‌486 - (42) باب: في متعة الحج وجواز العمرة في أشهر الحج

- ‌487 - (43) باب: تقليد الهدي وإشعاره عند الإِحرام

- ‌488 - (44) باب: حديث من طاف بالبيت حل

- ‌489 - (45) باب: جواز تقصير المعتمر من شعره وأنه لا يجب حلقه وأنه يستحب كون حلقه أو تقصيره عند المروة

- ‌490 - (46) باب: الصراخ بالحج أي رفع الصوت بتلبيته

- ‌491 - (47) باب: الاختلاف في المتعتين

- ‌492 - (48) باب: إهلال النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌493 - (49) باب: إهلال عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌494 - (50) باب: كم اعتمر النبيّ صلى الله عليه وسلم وكم حج مع بيان زمانهنّ وكم غزا

- ‌495 - (51) باب: اعتماره صلى الله عليه وسلم في رجب

- ‌496 - (52) باب: فضل العمرة في رمضان

- ‌497 - (53) باب: من أين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة ومن أين خرج منهما

- ‌498 - (54) باب: استحباب المبيت بذي طوى والاغتسال فيه قبل دخول مكة ودخولها نهارًا وتعيين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك

- ‌499 - (55) باب: استحباب الرمل في طواف العمرة وفي الطواف الذي يعقبه سعي في الحج

- ‌500 - (56) باب: استلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

- ‌501 - (57) باب: جواز الطواف على الراحلة لعذر واستلام الركن بالمحجن

- ‌502 - (58) باب: بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة لا يتمان إلا به وأن السعي لا يكرر

- ‌503 - (59) باب: متى يقطع الحاج التلبية يوم النحر وبيان ما يقال يوم عرفة في الغدو من منى إلى عرفات

- ‌504 - (60) باب: الإفاضة من عرفة بعد الغروب وجمع صلاتي المغرب والعشاء بمزدلفة والسير على هينته والإسراع إذا وجد فجوة

- ‌505 - (61) باب: التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة والإفاضة منها وتقديم الظعن والضعفة إلى منى

- ‌506 - (62) باب: بيان كيفية رمي جمرة العقبة والتكبير عنده وجواز الركوب فيه وكون حصاه بقدر حصى الخذف، وبيان وقت الرمي وكونها سبعًا

- ‌507 - (63) باب: في الحلاق والتقصير وأن السنة يوم النحر أن يرمي ثمَّ ينحر ثمَّ يحلق والابتداء في الحلق بالأيمن

- ‌508 - (64) باب: من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي واستحباب طواف الإفاضة يوم النحر

- ‌509 - (65) باب: النزول بالمحصب يوم النفر والترخيص في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية وفضل القيام بها

- ‌510 - (66) باب: التصدق بلحوم الهدايا وجلودها وجلالها والاشتراك فيها وذبح الرجل عن نسائه ونحر الإبل قائمة

- ‌511 - (67) باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وفتل قلائده وأنه لا يلزم الباعث اجتناب ما يجتنبه المحرم

- ‌512 - (68) باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليه وبيان ما يفعل بالهدي إذا عجز في الطريق

- ‌513 - (69) باب: وجوب طواف الوداع على الآفاقي غير الحائض واستحباب دخول الكعبة والصلاة فيها لكل أحد محرمًا كان أو حلالًا آفاقيًا أو غيره

- ‌514 - (70) باب نقض الكعبة وبنائها والجدر وبابها والحج عن المعضوب والصبي

الفصل: ‌485 - (41) باب: بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي وأن المحرم بحج لا يتحلل بطواف القدوم وكذلك القارن

‌485 - (41) باب: بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي وأن المحرم بحج لا يتحلل بطواف القدوم وكذلك القارن

(2879)

- (1203)(123) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَن عَمرِو بْنِ دِينَارٍ. قَال: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلِ قَدِمَ بِعُمرَةٍ. فَطَافَ بِالْبَيتِ وَلَمْ يَطُفْ بَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أَيَأتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَال: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيتِ سَبْعًا. وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَينِ. وَبَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، سَبْعًا. وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

ــ

485 -

(41) باب بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي وأن المحرم بحج لا يتحلل بطواف القدوم وكذلك القارن

2879 -

(1203)(123)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي (عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي (قال) عمرو (سألنا ابن عمر) وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد كوفي وواحد نسائي (عن رجل قدم) مكة (بعمرة فطاف بالبيت) طواف العمرة (ولم يطف) أي لم يسع (بين الصفا والمروة) فأطلق الطواف على السعي إما لأن السعي نوع من الطواف وإما للمشاكلة ولوقوعه في مصاحبة طواف البيت اهـ فتح الملهم (أيأتي) أي هل يطأ (امرأته) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستفسار أي أيجوز له الجماع يعني أحصل له التحلل من الإحرام أي قبل السعي بين الصفا والمروة أم لا، وإنما خص إتيان المرأة بالذكر وإن كان الحكم سواء في جميع المحرمات، لأن إتيان المرأة من أعظم المحرمات اهـ فتح الملهم (فقال) ابن عمر (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة (فطاف) طواف القدوم (بالبيت سبعًا) من الأشواط (وصلى خلف المقام) أي مقام إبراهيم (ركعتين) سنة الطواف، قال العيني: فيه صلاة ركعتين خلف المقام فقيل إنها سنة، وقيل واجبة، وقيل تابعة للطواف، إن كان الطواف سنة فالصلاة سنة، وإن كان واجبًا فالصلاة واجبة، ونقل ابن المنذر الاتفاق على جوازهما في أي موضع شاء الطائف، إلا أن مالكًا كرههما في الحجر، ونقل بعض أصحابنا عن الثوري أنه كان يعينهما خلف المقام اهـ منه (و) سعى (بين الصفا والمروة سبعًا) من الأشواط (وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقدوة طيبة، قوله (أسوة حسنة) بضم الهمزة وكسرها؛

ص: 129

(2880)

- (00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يحيى وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَنْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخبَرَنَا ابنُ جُرَيجٍ. جَمِيعًا عَنْ عَمرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ.

(2881)

- (1204)(124) حدّثني هارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ

ــ

أي قدوة، زاد البخاري بعد قوله أسوة حسنة وسألنا جابر بن عبد الله فقال: لا يقربنها حتى يطوف بين الصفا والمروة، فأجاب ابن عمر بالإشارة على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما في أمر المناسك لقوله صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني مناسككم" والنبي صلى الله عليه وسلم ما تحلل قبل السعي فيجب التأسي به، وأجاب جابر بصريح النهي عنه اهـ فتح الملهم، قال النواوي: معناه لا يحل لك ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحلل من عمرته حتى طاف وسعى فتجب متابعته والاقتداء به اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري والنسائي وابن ماجه اهـ تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

2880 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (عن حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (ح وحدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا محمد بن بكر) الأزدي البرساني أبو عثمان البصري، صدوق، من (9)(أخبرنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (جميعًا) أي كل من حماد بن زيد وابن جريج رويا (عن عمرو بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما وهذان السندان الأول منهما رباعي، والثاني خماسي، غرضه بيان متابعة حماد بن زيد وابن جريج لسفيان بن عيينة (عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث ابن عيينة) منصوب بعامل محذوف تقديره روى حماد بن زيد وابن جريج نحو حديث ابن عيينة.

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث عائشة رضي الله عنهم فقال:

2881 -

(1204)(124)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر، ثقة، من (10)(حدثنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري، ثقة، من (9)

ص: 130

أَخْبَرَنِي عَمْرٌو (وَهُو ابنُ الْحَارِثِ) عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَال لَهُ: سَل لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيرِ عن رَجُل يُهِلُّ بالْحَجِّ. فَإِذَا طَافَ بِالْبَيتِ أَيَحِلُّ أَمْ لا؟ فَإنْ قَال لَكَ: لَا يَحِلُّ. فَقُل لَهُ: إِن رَجُلًا يَقُولُ ذلِكَ. قَال فَسَألْتُهُ فَقَال: لَا يَحِلُّ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إلا بِالْحَجِّ. قلت: فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُولُ ذلِكَ. قَال: بِئْسَ مَا قَال. فَتَصَدَّانِي الرَّجُلُ فَسَأَلَنِي فَحَدَّثتُهُ. فَقَال: فَقُل لَهُ: فَإنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

(أخبرني عمرو وهو ابن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري، ثقة، من (7)(عن محمد بن عبد الرحمن) بن نوفل بن الأسود الأسدي أبي الأسود المدني يتيم عروة، ثقة، من (6)(أن رجلًا من أهل العراق) لم أر من ذكر اسمه (قال له) أي لمحمد بن عبد الرحمن (سل لي) يا محمد (عروة بن الزبير عن رجل يهل) أي يحرم (بالحج) ويقدم مكة (فإذا طاف بالبيت) طواف القدوم (أيحل) أي هل يتحلل من إحرامه بمجرد الطواف (أم لا) يتحلل، قال الأبي: سؤال الرجل إنما هو عن فسخ الحج إلى العمرة على ما يأتي للقاضي اهـ. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة مصريون، قال الرجل (فإن قال لك) عروة (لا يحل) من إحرامه بمجرد الطواف (فقل) يا محمد (له) أي لعروة (إن رجلًا) من المسلمين لم أر من ذكر اسمه (يقول ذلك) أي تحلله بمجرد الطواف (قال) محمد بن عبد الرحمن (فسألته) أي فسألت عروة عما أمرني به الرجل (فقال) عروة (لا يحل) من إحرامه (من أهل بالحج إلا بالحج) أي إلا بالفراغ من جميع أعمال الحج، قال محمد (قلت) لعروة (فإن رجلًا) من المسلمين (كان يقول ذلك) أي بتحلله بمجرد الطواف (قال) عروة (بئس) وقبح (ما قال) ذلك الرجل من تحلله بمجرد الطواف، قال محمد (فتصداني) أي استقبلني وتعرض لي ذلك (الرجل) الذي أمرني بسؤال عروة، قال النواوي: هكذا هو في جميع النسخ تصداني بالنون، والأشهر في اللغة تصدى لي اهـ أي تهيأ لسؤالي (فسألني) عما قال عروة، قال محمد (فحدثته) أي فحدثت الرجل ما قاله عروة (فقال) الرجل لمحمد (فقل) يا محمد (له) أي لعروة (فإن رجلًا) من الصحابة يعني به ابن عباس فإنه كان يذهب إلى أن من لم يسق الهدي وأهل بالحج إذا طاف يحل من حجه، وأن من أراد أن يستمر على حجه لا يقرب البيت حتى يرجع من عرفات، وكان يأخذ ذلك من أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي من أصحابه أن يجعلوها عمرة اهـ فتح الملهم (كان يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 131

قَدْ فَعَلَ ذلِكَ. وَمَا شَأْنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيرِ قَدْ فَعَلا ذلِكَ. قَال: فَجِئْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ ذلِكَ. فَقَال: مَنْ هذَا؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَال: فَمَا بَالُهُ لَا يأْتِينِي بِنَفْسِهِ يَسأَلُنِي؟ أَظُنُّهُ عِرَاقيًّا. قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَال: فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ. قَدْ حَجٍّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها؛ أَنَّ أوَّلَ شَيءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ. ثُمَّ طَافَ بِالْبَيتِ،

ــ

قد فعل ذلك) معناه أي أمر به، وعرف أن هذا مذهب لابن عباس، خالفه فيه الجمهور، ووافقه فيه ناس قليل منهم إسحاق بن راهويه، وعرف أن مأخذه فيه ما ذكر، وجواب الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يفسخوا حجهم فيجعلوه عمرةً، ثم اختلفوا فذهب الأكثر إلى أن ذلك كان خاصًّا بهم، وذهب طائفة على أن ذلك جائز لمن بعدهم، واتفقوا كلهم على أن من أهل بالحج مفردًا لا يضره الطواف بالبيت، وبذلك احتج عروة في حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالطواف ولم يحل من حجه ولا صار عمرة وكذا أبو بكر وعمر اهـ فتح الملهم (وما شأن أسماء والزبير) والحال أنهما (قد فعلا ذلك) أي التحلل بمجرد الطواف وهما زوجان، وأسماء هي ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق أخت الصديقة لأب أسن منها، وهي التي استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في صلة أمها وهي مشركة، والزبير بن العوام أحد العشرة (قال) محمد بن عبد الرحمن (فجئته) أي فجئت عروة (فذكرت له) أي لعروة (ذلك) الكلام الذي قاله ذلك الرجل (فقال) عروة (من هذا) السائل الذي أرسلك إلي ولا يأتيني بنفسه؟ قال محمد (فقلت) لعروة (لا أدري) ولا أعلم من هو (قال) عروة (فما باله) أي فما بال ذلك الرجل وشأنه (لا يأتيني بنفسه) فـ (يسألني أظنه) أي أظن ذلك الرجل (عراقيًّا) يعني وهم يتعنتون في المسائل قاله الحافظ، قيل وقول عروة هذا مشعر بعدم رضاه عن العراقيين لوقوع قتل أخيه مصعب فيهم، وقد أغرب الأبي ومتابعه السنوسي في قولهما يحتمل قوله ذلك لأن أهل العراق غلب عليهم القياس وعدم التمسك بالآثار اهـ، قال محمد بن عبد الرحمن (قلت) لعروة (لا أدري) ولا أعلم هل هو عراقي أم لا؟ (قال) عروة (فإنه) أي فإن ذلك الرجل السائل (قد كذب) فيما أخبره عن رجل من الصحابة فإنه (قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة رضي الله عنها أن أول شيء بدأ به). رسول الله صلى الله عليه وسلم (حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت) طواف

ص: 132

ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيتِ. ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيرُهُ. ثُمَّ عُمَرُ، مِثْلُ ذلِكَ. ثُم حَجَّ عُثْمَانُ فَرَأيتُهُ أَوَّلُ شَيءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيتِ. ثُمَّ لَمْ يَكُنْ

ــ

القدوم، قال في المرقاة: أي جدد الوضوء لما تقدم أنه كان يغتسل، أو المراد معناه اللغوي وعلى كل فلا دلالة فيه على كون الطهارة شرطًا لصحة الطواف لأن مشروعيتها مجمع عليها، وإنما الخلاف في صحة الطواف بدونها فعندنا أنها واجبة والجمهور على أنها شرط، وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه النطق فمدفوع لأن الحديث ضعيف مع أن المشبه بالشيء لا يستدعي المشاركة معه في كل شيء ألا ترى إلى جواز الأكل والشرب في الطواف بالإجماع مع عدم جوازهما في الصلاة من غير نزاع اهـ منه (ثم حج أبو بكر) الصديق (فكان أول شيء بدأ به) أبو بكر بنصب أول على أنه خبر كان مقدم، واسمها (الطوات بالبيت ثم لم يكن) أي لم يوجد من أبي بكر (غيره) أي غير الحج الذي أحرم به أي لم يغيره ولم يفسخه إلى العمرة وكان السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة أفاده النواوي، وذكر أن القاضي عياضًا قال بتصحيف العبارة، وصوابها ثم لم تكن عمرة كما هو لفظ البخاري وليس فيها تصحيف بل هي واضحة لا غبار عليها، قال القرطبي: وتكون رواية من رواه لم تكن عمرة مفسرةً لرواية لم يكن غيره اهـ، قال الأبي: وإكثار عروة من الاحتجاجات يشبه أن يكون احتجاجًا بعمل أو إجماع اهـ (ثم) حج (عمر) وكان أول ما بدأ به (مثل ذلك) أي مثل ما بدأ به أبو بكر من الطواف بالبيت، والظاهر في إعراب مثل هذا الرفع، وقال ملا علي: بالنصب أي فعل مثل ذلك، وفي نسخة بالرفع أي ثم عمر فحل ذلك اهـ (ثم حج عثمان) قال الداودي: ما ذكر من حج عثمان هو من كلام عروة وما قبله من كلام عائشة، وقال أبو عبد الملك: منتهى حديث عائشة عند قوله ثم لم تكن عمرة ومن قوله ثم حج أبو بكر الخ من كلام عروة اهـ فعلى هذا يكون بعض هذا منقطعًا لأن عروة لم يدرك أبا بكر وعمر، نعم أدرك عثمان، وعلى قول الداودي يكون الجميع متصلًا وهو الأظهر كذا في الفتح (فرأيته) أي فرأيت عثمان، فرأى هنا بصرية تتعدى لمفعول واحد، وجملة قوله (أول شيء بدأ به الطواف بالبيت) جملة اسمية على أن الخبر مقدم على المبتدإ حالا من مفعولا رأيت؛ أي رأيته حال كون الطواف أول شيء بدأ به (ثم لم يكن)

ص: 133

غَيرُهُ. ثُمَّ مُعَاويةُ وَعَندُ اللهِ بن عُمَرَ. ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي، الزُّبَيرِ بْنِ الْعَوَّامِ. فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيتِ. ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيرُهُ. ثُمَّ رَأَيتُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذلِكَ. ثُمَّ لَم يَكُنْ غَيرُهُ. ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيتُ فَعَلَ ذلِكَ ابْنُ عُمَرَ. ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرةٍ. وَهذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلا يَسْأَلُونَهُ؟ وَلَا أَحدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَؤُونَ بِشَيءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوافِ بِالْبَيتِ. ثُمَّ لَا يَحلُّونَ. وَقَدْ رَأَيتُ أُمِّي وَخَالتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْتَدآنِ بِشَيءٍ أوَّلَ مِنَ الْبَيتِ تَطُوفَانِ بِهِ. ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ. وَقَدْ أَخبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا

ــ

من عثمان (غيره) أي غير الحج (ثم) حج (معاوية) بن أبي سفيان (وعبد الله بن عمر ثم حججت مع أبي) أي مع والدي (الزبير بن العوام) بالكسر بدل من أبي أو عطف بيان له؛ أي مع والدي الزبير بن العوام رضي الله عنه (فكان أول شيء بدأ به) والدي (الطواف بالبيت) بالرفع على أنه اسم كان مؤخرًا كما مر، قال النواوي: فيه أن المحرم بالحج إذا قدم مكة ينبغي له أن يبدأ بطواف القدوم، ولا يفعل شيئًا قبله، ولا يصلي تحية المسجد، بل أول شيء يصنعه الطواف، وهذ كله متفق عليه عندنا (ثم لم يكن غيره) أي غير الحج (ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون) أي يصنعون (ذلك) أي البداية بطواف القدوم (ثم لم يكن غيره) أي غير الحج (ثم آخر من رأيت فعل ذلك) أي البداية بالطواف عبد الله (ابن عمر ثم لم ينقضها) ابن عمر أي ثم بعد طواف القدوم لم يفسخ عبد الله بن عمر حجته (بعمرة) بل استمر على إحرامه إلى فراغه منها (وهذا) الصحابي الحاضر بيننا (ابن عمر) موجود (عندهم أ) يسكتون (فلا يسألونه) عن أمور دينهم إن كانوا صادقين في اتباع السنة (ولا أحد ممن مضى) وسبق من الصحابة (ما كانوا يبدؤون بشيء حين يضعون أقدامهم) في المسجد الحرام يعني حين وصلوا إليه (أول) بالجر بالفتحة صفة لشيء أو بشيء أول (من الطواف بالبيت ثم) بعد طوافهم (لا يحلون) من إحرامهم بمجرد الطواف، وفيه التصريح بأنه لا يجوز التحلل بمجرد طواف القدوم كما سبق (و) لـ (قد رأيت أمي) أسماء بنت أبي بكر (وخالتي) عائشة الصديقة (حين تقدمان) مكة (لا تبتدآن بشيء أول من) الطواف بـ (البيت تطوفان به ثم لا تحلان) من إحرامهما بمجرد الطواف، قال عروة أيضًا (وقد أخبرتني أمي) أسماء (أنها أقبلت) أي قدمت (هي وأختها) الصديقة مكة واستشكل من حيث إن عائشة في تلك الحجة لم تطف لأجل حيضها، وأجيب

ص: 134

وَالزُّبَيرُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ بِعُمْرةٍ قَطُّ. فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذلِكَ

ــ

بالحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع فقد كانت عائشة بعد النبي صلى الله عليه وسلم تحج كثيرًا كذا قال الحافظ في طواف القدوم، ثم قال في أبواب العمرة: وفيه أي في الحديث إشكال وهو ذكره لعائشة فيمن طاف والواقع أنها كانت حينئذ حائضًا وكنت أولته هناك على أن المراد أن تلك العمرة كانت في وقت آخر بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن سياق رواية هذا الباب يأباه فإنه ظاهر في أن المقصود العمرة التي وقعت لهم في حجة الوداع، وقد قال عياض في الكلام عليه: ليس هو على عمومه فإن المراد من عدا عائشة لأن الطرق الصحيحة فيه أنها حاضت ولم تطف بالبيت ولا تحللت من عمرتها، قال وقيل لعل عائشة أشارت على عمرتها التي فعلتها من التنعيم، ثم حكى التأويل السابق وأنها أرادت عمرةَ أخرى غير التي في حجة الوداع وخطأه (والزبير) بن العوام (وفلان وفلان بعمرة قط) أي فيما مضى من الزمان، قال القسطلاني: والمراد بفلان وفلان عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان ذكره في باب الطواف على وضوء، ثم ذكر في باب متى يحل المعتمر قول الحافظ ابن حجر: لم أقف على تعيينهما وكأنها سمت ما عرفته ممن لم يسق الهدي، وقوله (قط) هذا من جملة المواضع التي جاء فيها قط بعد المثبت (فلما مسحوا الركن) أي استلموا الحجر الأسود (حلوا) أي صاروا حلالًا، والمراد بالماسحين من سوى عائشة، وإلا فعائشة رضي الله عنها لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع بل كانت قارنةً، ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر، والمراد بالركن هو الحجر الأسود، والمراد بمسحه الطواف لأن من تمام الطواف استلامه، وفي الفتح قال النواوي: لا بد من تأويل قوله مسحوا الركن أن المراد به الحجر الأسود ومسحه يكون في أول الطواف، ولا يحصل التحلل بمجرد مسحه بالإجماع فتقديره فلما مسحوا الركن وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقوا حلوا، وحذفت هذه المقدرات للعلم بها لظهورها، وقد أجمعوا على أنه لا يتحلل قبل تمام الطواف (وقد كذب) ذلك القائل (فيما ذكر من ذلك) التحلل بمجرد الطواف. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1614].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث أسماء رضي الله عنهما فقال:

ص: 135

(2882)

- (1205)(125) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. ح وَحدَّثَنِي زُهيرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكرِ رضي الله عنهما. قَالتْ: خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَقُمْ عَلَى إِخرَامِهِ. وَمَنْ لَم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَحْلِلْ" فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلَلْتُ. وَكَانَ مَعَ الزُّبَيرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحْلِلْ

ــ

2882 -

(1205)(125)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا محمد بن بكر) الأزدي البرساني (أخبرنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (ح وحدثني زهير بن حرب واللفظ) الآتي (له) أي لزهير (حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا ابن جريج حدثني منصور بن عبد الرحمن) بن طلحة الحجبي المكي، ثقة، من (5)(عن أمه صفية بنت شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية المدنية لها رؤية (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديقة رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مكيان وواحد بصري وواحد إما مروزي أو نسائي (قالت) أسماء (خرجنا) من المدينة (محرمين فقال) لنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليقم) أي فليستمر (على إحرامه) وليثبت عليه، وفي نسخة مضبوطة فليقم من الإقامة أي فليبق في حاله فلا ينتقل عنها ثابتًا على إحرامه وضبطه ابن الملك أيضًا بضم الياء، وقال أي ليقم نفسه على إحرامه ولا يحل له شيء مما حرم فيه اهـ من بعض الهوامش (ومن لم يكن معه هدي فليحلل) من إحرامه بعمل العمرة ثم ليهل بالحج قالت أسماء (فلم يكن معي هدي فحللت) بعمل عمرة (وكان مع الزبير هدي فلم يحلل) الزبير من إحرامه، وهذا معارض لذكر الزبير مع من أحل في رواية عروة الماضية، ورواية عبد الله مولى أسماء الآتية فإن قضية رواية صفية عن أسماء أن الزبير لم يحل لكونه ممن ساق الهدي فإن جمع بينهما بأن القصة المذكورة وقعت لها مع الزبير في غير حجة الوداع كما أشار إليه النووي فذاك على بعده وإلا فقد رجح عند البخاري رواية عبد الله مولى أسماء، واقتصر على إخراجها دون رواية صفية بنت شيبة، وأخرجهما مسلم مع ما فيهما من الاختلاف ويقوي صنيع البخاري ما تقدم من رواية

ص: 136

قَالتْ: فَلَبِسْتُ ثِيَابِي ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَلَسْتُ إِلَى الزُّبَيرِ. فَقَال: قُومِي عَنِّي. فَقُلْتُ: أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيكَ؟ .

(2883)

- (00)(00) وحدّثني عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِي. حَدَّثَنَا أبُو هِشَام الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخزُومِيُّ. حَدَّثَنَا وُهَيبْ. حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عن أَسْمَاء بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما. قَالتْ: قَدِمْنَا

ــ

محمد بن عبد الرحمن أو يقال إن الزبير مستثنى في رواية مولى أسماء ومحمد بن عبد الرحمن كما استثنيت عائشة رضي الله عنها والله أعلم (قالت) أسماء (فلبست ثيابي) لعلها أرادت بها ثياب زينتها وإلا فالنساء ليس لهن المنع من المخيط في إحرامهن حتى يحتجن عند الإحلال إلى لبس الثياب المعتادة وأيد ما قلته ما رأيته بعد في سنن النسائي من زيادة قولها وتطيبت من طيبي فحمدت الله تعالى (ثم خرجت) من خيمتي (فجلست إلى الزبير) زوجي أي جلست مجلسًا منتهيًا إليه أو إلى بمعنى عند (فقال) لي الزبير (قومي عني) أي من عندي حتى لا يقع مني ما يحرك شهوتي، وهذا احتياط منه رضي الله عنه لنفسه بمباعدتها من حيث إنها زوجة متحللة تطمع فيها النفس، قال النووي: إنما أمرها بالقيام مخافةً من عارض قد يندر منه كلمس بشهوة أو نحوه، فإن اللمس بشهوة حرام في الإحرام فاحتاط لنفسه بمباعدتها عنه، قالت أسماء (فقلت) له في جواب أمره (أتخشى) وتخاف مني (أن أثب) وأهجم (عليك) مضارع مسند للمتكلم من الوثب؛ وهو الظفر والهجوم، والهمزة فيه للاستفهام الإنكاري؛ أي هل تخاف أن أساورك وأهجم وأقع عليك، وهذا كناية عن إيقاعها الملامسة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي وابن ماجه اهـ تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسماء رضي الله عنها فقال:

2883 -

(00)(00)(وحدثني عباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل بن توبة (العنبري) أبو الفضل البصري، ثقة حافظ، من (11)(حدثنا أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي) البصري، ثقة، من (9)(حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي البصري، ثقة، من (7)(حدثنا منصور بن عبد الرحمن) الحجبي المكي (عن أمه) صفية بنت شيبة العبدرية المدنية (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق التيمية المدنية رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة وهيب بن خالد لابن جريج (قالت) أسماء (قدمنا

ص: 137

مَعَ رِسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيجٍ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَال: اسْتَرْخِي عَنِّي. اسْتَرْخِي عَنِّي. فَقُلْتُ: أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيكَ؟ .

(2884)

- (1206)(126) وحدّثني هارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي عَمْرٌو، عن أَبِي الأَسْوَدِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرِ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ؛ أَنهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ، كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ تَقُولُ: صَلَّى اللهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسلَّمَ. لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ

ــ

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين) أي محرمين (بالحج ثم ذكر) وهيب (بمثل حديث ابن جريج) وقوله (غير أنه) استثناء من المماثلة أي لكن أن وهيبًا (قال) في روايته (فقال) الزبير لأسماء (استرخي عني استرخي عني) مرتين أي تأخري عني وتباعدي ولا تقربيني (فقلت) له (أتخشى أن أثب) وأصول (عليك).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ئانيًا لحديث عائشة بحديث آخر لأسماء رضي الله تعالى عنهما فقال:

2884 -

(1206)(126)(وحدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) ثم المصري، ثقة، من (10)(وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري، صدوق، من (10) كلاهما (قالا حدثنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (أخبرني عمرو) بن الحارث الأنصاري المصري، ثقة، من (7)(عن أبي الأسود) محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي المدني، ثقة، من (6)(أن عبد الله) بن كيسان (مولى أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما التيمي مولاهم أبا عمر المدني، ثقة، من (3) روى عن أسماء في الحج، وعبد الله بن عمر في اللباس، ويروي عنه (ع) وأبو الأسود وابن جريج وعبد الملك بن أبي سليمان (حدثه) أي حدث لأبي الأسود (أنه) أي أن عبد الله (كان يسمع أسماء) بنت أبي بكر الصديق. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة مصريون حالة كونها (كلما مرت) وجاوزت (بالحجون) بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة؛ جبل معروف بمكة مشرف على مسجد الحرس عند المحصب وعنده المقبرة المعروفة بالمعلى على يمين الداخل إلى مكة ويسار الخارج منها إلى منى، وفي المصباح الحجون بوزن رسول جبل مشرف بمكة اهـ (تقول صلى الله على رسوله وسلم) والله (لقد نزلنا معه) صلى الله عليه

ص: 138

ههُنَا. وَنَحْنُ، يَومَئِذٍ، خِفَافُ الْحَقَائِبِ. قَلِيلٌ ظَهْرُنَا. قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا. فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيرُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ. فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيتَ أَحْلَلْنَا. ثُمَّ أهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ. قَال هارُونُ فِي رِوَايَتِهِ: أَنَّ مَولَى أَسْمَاءَ. وَلَم يُسَمِّ: عَبْدَ اللهِ

ــ

وسلم (ها هنا) أي في المحصب (ونحن يومئذ) أي يوم إذ نزلنا معه ها هنا (خفاف الحقائب) أي خفيفة حقائبنا جمع حقيبة وهو كل ما حمل في مؤخر الرحل والقتب من الحوائج، ومنه احتقب فلان كذا إذا حفظه في الحقيبة، قال الأبي: وظاهر الاستعمال أنه ما علق للحفظ فيه اهـ، وخفتها كناية عن قلة ما فيها كما يدل عليه قوله قليلة أزوادنا (قليل ظهرنا) أي مركبنا (قليلة أزوادنا فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان) أي عبد الرحمن بن عوف (وفلان) أي عثمان بن عفان كما مر عن القسطلاني (فلما مسحنا البيت) أي طفنا به، قال النواوي: المراد بالمسح الطواف، وعبر عن الطواف ببعض ما يفعل فيه، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:

فلما قضينا من منى كل حاجة

ومسح بالأركان من هو ماسح

لأن الطائف يمسح الركن أي الحجر الأسود أي فلما طفنا بالبيت وسعينا وحلقنا أو قصرنا (أحللنا) من إحرامنا (ثم) بعد تحللنا (أهللنا من العشي) أي من عشية يوم التروية ومسائه (بالحج قال هارون) بن سعيد الأيلي (في روايته أن مولى أسماء ولم يسم عبد الله) أي لم يذكر اسم عبد الله، وأما عائشة والزبير فمستثنيان من التحلل لأن عائشة لم تطف لعارض الحيض، وأما الزبير فلم يتحلل لأنه ممن ساق معه الهدي كما مر، قال الأبي: قوله (ثم أهللنا) يعني في حجة الوداع وحينئذ يشكل مع ما في الحديث الذي قبله أن الزبير ممن كان معه الهدي فلم يحل وكذلك عائشة لم تحل أيضًا لأنها كانت حائضًا، وعند التعارض وعدم إمكان الجمع لم يبق إلا الفزع إلى الترجيح بموجباته، ولهذا والله أعلم ذكره مسلم رحمه الله تعالى في الأتباع والشواهد اهـ منه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري فقط اهـ تحفة الأشراف.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثلاثة، الأول لعائشة ذكره للاستدلال، والثاني حديث أسماء الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أسماء الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا والله أعلم.

***

ص: 139