الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
501 - (57) باب: جواز الطواف على الراحلة لعذر واستلام الركن بالمحجن
(2953)
- (1236)(166) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ
ــ
501 -
(57) باب جواز الطواف على الراحلة لعذر واستلام الركن بالمحجن
2953 -
(1236)(166)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو المصري (وحرملة بن يحيى) التجيبي المصري (قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي أبي عبد الله المدني، ثقة، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد طائفي وواحد أيلي، وفيه رواية تابعي عن تابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع) قال النواوي: فيه صحة أن يقال حجة الوداع وكرهه بعضهم اهـ (على بعير) والبعير يطلق على الذكر والأنثى، والذكر منه يسمى جملًا، والأنثى تسمى ناقة، وهذا أي طوافه على بعير كان في طواف الإفاضة لعذر به لما جاء في بعض الروايات من ذكر مرضه صلى الله عليه وسلم فإن المشي في الطواف وكذا في السعي واجب عندنا يعني عند الأحناف على من لا عذر له وليس ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لما سيأتي من أمره لأم سلمة بالطواف حالة الركوب بسبب مرضها، نعم فيه خصوصية زحام الناس وسؤالهم عن الأحكام وكون ناقته محفوظةً من الروث والبول اهـ من المرقاة، وقال الحافظ: إن البخاري حمل سبب طوافه صلى الله عليه وسلم على أنه كان من شكوى وأشار بذلك إلى ما أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس أيضًا بلفظ قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته، ووقع في حديث جابر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا ليراه الناس وليسألوه فيحتمل أن يكون فعل ذلك للأمرين وحينئذ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبًا لغير عذر وكلام الفقهاء يقتضي الجواز إلا أن المشي أولى والركوب مكروه تنزيهًا، وأما
يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ.
(2954)
- (1237)(167) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: طَافَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَيتِ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، عَلَى رَاحِلَتِهِ. يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ. لأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ، وَليُشْرِفَ،
ــ
طواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا فلحاجة أخذ المناسك عنه؛ أي: فلحاجة أخذ الناس عنه المناسك، ولذلك عده بعض من جمع خصائصه فيها، واحتمل أيضًا أن تكون راحلته عصمت من التلويث حينئذ كرامة له فلا يقاس غيره عليه وأبعد من استدل به على طهارة بول البعير وبعره اهـ وسيأتي المزيد لذلك في شرح حديث أم سلمة، حالة كونه (يستلم الركن) أي الحجر كما سيأتي التصريح به في الرواية الآتية (بمحجن) والمحجن بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم بعدها نون هو عصا معوجة الرأس يتناول بها الراكب ما سقط منه ويحول بطرفها بعيره ويحركه للمشي، والحجن الاعوجاج وبذلك سمي الحجون، والمعنى أنه يومئ بعصاه إلى الركن حتى يصيبه، قال ابن التين: وهذا يدل على قربه من البيت لكن من طاف راكبًا يستحب له أن يبعد إن خاف أن يؤذي أحدًا فيحمل فعله صلى الله عليه وسلم على الأمن من ذلك انتهى، ويحتمل أن يكون في حال استلامه قريبًا حيث أمن من ذلك وأن يكون في حال إشارته بعيدًا حيث خاف ذلك كذا في الفتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 214]، والبخاري [1607]، وأبو داود [1877]، والنسائي [5/ 233]، وابن ماجه [2948].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث جابر عبد الله رضي الله عنهم فقال:
2954 -
(1237)(167)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة، من (8)(عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر) وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد مروزي وواحد كوفي (قال) جابر (طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت) طواف الإفاضة (في حجة الوداع على راحلته) أي ناقته حالة كونه (يستلم الحجر) الأسود (بمحجنه) أي بعصاه المعوجة الرأس أي طاف على راحلته (لأن يراه الناس) فيأخذوا عنه المناسك (وليشرف) ويعلو على
وَلِيَسْأَلُوهُ. فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ
ــ
الناس ويكون مرفوعًا من أن يناله أحد بأذى، وفي العون أي ليطلعه عليه (وليسألوه) عما يحتاجون إليه من أحكام الحج (فإن الناس غشوه) بتخفيف الشين وضمها أي ازدحموا عليه وكثروا وهو من غشيه من باب تعب إذا أتاه، وقال القرطبي: الرواية الصحيحة بضم الشين وهو الصحيح لأن أصله غشيوه استثقلوا الضمة على الياء فنقلوها إلى الشين فسكنت الياء فلما اجتمعت مع الواو الساكنة حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وفيه تعليل آخر وما ذكرناه أولى اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 317]، وأبو داود [1880]، والنسائي [5/ 241].
[تتمة] واعلم أنه لا كراهة في الطواف راكبًا من غير عذر على المشهور عند الشافعية، قال النواوي: لكنه خلاف الأولى، وقال الإمام بعد حكايته عدم الكراهة وفي النفس من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شيء فإن أمكن الاستيثاق فذاك وإلا فإدخالها مكروه اهـ وعند الحنفية أن من واجبات الطواف المشي إلا من عذر حتى لو طاف راكبًا من غير عذر لزمه الإعادة ما دام يمكنه وإن عاد إلى بلده لزمه الدم، ومذهب المالكية أنه لا يجوز إلا لعذر فإن طاف راكبًا لغير عذر أعاد إلا أن يرجع إلى بلده فيبعث بهدي، ولو طاف زحفًا مع قدرته على المشي فطوافه صحيح لكنه يكره عند الشافعية، وعند الحنابلة لا شيء عليه عند العجز فإن كان قادرًا فعليه الإعادة إن كان بمكة والدم إن رجع إلى أهله، قال العز بن جماعة: ورواية من روى أنه طاف راكبًا لمرض ضعيفة، قال الشافعي: ولا أعلمه في تلك الحجة اشتكى والذي يظهر أن هذا الطواف الذي ركب فيه صلى الله عليه وسلم هو طواف الإفاضة كما ذكره الشافعي في الأم لأنه صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع ثلاثة أسابيع طوافه أول القدوم، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم رمل فيه ومشى أربعًا وطواف الإفاضة وطواف الوداع، والمناسب أن يكون المركوب فيه منهما طواف الإفاضة ليراه الناس ويسألوه عن المناسك لا طواف الوداع فإنه صلى الله عليه وسلم طافه في السحر بعد أن أخذ الناس المناسك.
فإن (قلت) في صحيح مسلم من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع بالبيت وبالصفا والمروة لأن يراه الناس ويسألوه وسعيه في حجة الوداع كان مرة واحدة وكان عقب طوافه الأول. (أجيب) بأن الواو لا تقتضي الترتيب فيكون طاف
(2955)
- (00)(00) وحدّثنا عَلِيُّ بْنُ خَشرَمٍ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَبدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ) قَال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، بِالْبَيتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْالُوهُ. فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ. وَلَمْ يَذْكُرِ ابنُ خَشْرَمٍ: وَلِيَسْأَلُوهُ. فَقَطْ.
(2956)
- (1228)(168) حدّثني الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى الْقَنْطَرِيُّ. حَدَّثَنَا شُعَيبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ
ــ
أول قدومه ماشيًا ثم سعى راكبًا ثم طاف يوم النحر راكبًا اهـ من إرشاد الساري.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
2955 -
(00)(00)(وحدثنا علي بن خشرم) بمعجمتين الثانية ساكنة والأولى مفتوحة بزنة جعفر بن عبد الرحمن المروزي، ثقة، من (10)(أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أبو عمرو الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (عن ابن جريج ح وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي، ثقة، من (11)(أخبرنا محمد يعني ابن بكر) الأزدي البرساني، صدوق، من (9)(قال أخبرنا ابن جريج أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عيسى بن يونس ومحمد بن بكر لعلي بن مسهر (طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف) على الناس (وليسألوه فإن الناس غشوه ولم يذكر ابن خشرم) لفظة (وليسألوه فقط) دون غيرها من الكلمات المذكورة في الحديث.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله عنهم فقال:
2956 -
(1238)(168)(حدثني الحكم بن موسى) بن أبي زهير أبو صالح البغدادي (القنطري) نسبة إلى القنطرة محلة ببغداد، صدوق، من (10)(حدثنا شعيب بن إسحاق) بن عبد الرحمن الأموي مولاهم البصري ثم الدمشقي، ثقة، من (9) (عن
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ قَالتْ: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، حَوْلَ الْكَعْبَةِ، عَلَى بَعِيرِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ. كَرَاهِيَةَ أَنْ يُضْرَبَ عَنْهُ النَّاسُ.
(2957)
- (1239)(169) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ دَاوُدَ. حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ. قَال:
ــ
هشام بن عروة عن) أبيه (عروة) بن الزبير (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد دمشقي وواحد بغدادي (قالت) عائشة (طاف النبي صلى الله عليه وسلم طواف الإفاضة (في حجة الوداع حول الكعبة) هذا بيان للمعلوم لأن الطواف لا يكون إلا حولها راكبًا (على بعيره) أي ناقته حالة كونه (يستلم الركن) أي الحجر الأسود بمحجنه، وقوله (كراهية) مفعول لأجله أي طاف على بعيره لأجل كراهية (أن يضرب) ويصرف (عنه الناس) توسعة له لو مشى في طوافه، وقوله كراهية أن يضرب الخ هو هكذا في أكثر النسخ يضرب بالباء الموحدة، وفي بعضها يصرف بالصاد المهملة وبالفاء وكلاهما صحيح كذا في الشرح، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لو كان ماشيًا لَطَرقَ الناسُ بين يديه ولَصُرِفوا عنه وكان يكره ذلك على أن قولها كراهية أن يصرف عنه الناس يحتمل أن يكون الضمير في (عنه) راجعًا إلى الركن فتأمله اهـ مفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي [5/ 224].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ابن عباس بحديث أبي الطفيل رضي الله عنهم فقال:
2957 -
(1239)(169)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا سليمان بن داود) بن الجارود أبو داود الطيالسي البصري، ثقة حافظ، من (9)(حدثنا معروف بن خربوذ) بخاء مفتوحة أو مضمومة والفتح أشهر، وممن حكاهما القاضي عياض في المشارق، والقائل بالضم هو أبو الوليد الباجي، وقال الجمهور: بالفتح وبعد الخاء راء مفتوحة مشددة ثم باء موحدة ثم واو ثم ذال معجمة، ولكن في طبع القاموس لم تظهر نقطة الذال في الآخر، الأموي مولاهم مولى عثمان المكي، روى عن أبي الطفيل في الحج ومحمد الباقر، ويروي عنه (خ م د ق) وأبو داود الطيالسي، وثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم، وكان أخباريًا علامة، من الخامسة (قال) معروف
سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيلِ يَقُولُ: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ، وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ.
(2958)
- (1240)(170) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زيَنْبَ بنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ؛ أَنهَا قَالتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي. فَقَال: "طُوفِي مِنْ
ــ
(سمعت أبا الطفيل) عامر بن واثلة الليثي المكي وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان بصريان (بقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن) أي الحجر الأسود (بمحجن) أي بعصا معوجة كانت (معه وبقبل المحجن) قال الجمهور: إن السنة أن يستلم الركن بيده ويقبل يده فإن لم يستطع أن يستلمه بيده استلمه بشيء في يده وقبل ذلك الشيء فإن لم يستطع أشار إليه واكتفى بذلك، وعن مالك في رواية لا يقبل يده وكذلك القاسم بن محمد، وفي رواية عند المالكية يضع يده على فمه من غير تقبيل اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه [2949].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عباس بحديث أم سلمة رضي الله عنهم فقال:
2958 -
(1240)(170)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل) بن الأسود الأسدي المدني، يتيم عروة، ثقة، من (6)(عن عروة) بن الزبير (عن زينب بنت أبي سلمة) عبد الله بن عبد الأسود بن هلال بن مخزوم الصحابية المخزومية المدنية رضي الله تعالى عنها (عن) أمها (أم سلمة) هند بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها المخزومية المدنية. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى، وفيه رواية صحابية عن صحابية (أنها) أي أن أم سلمة (قالت شكوت) أي أخبرت (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الشكوى في حجة الوداع (أني أشتكي) أي أنا ضعيفة لا أقدر على الطواف ماشية، من الشكاية وهي المرض أي شكوت إليه أني مريضة اهـ من العون (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (طوفي) يا أم سلمة (من
وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكبَةٌ" قَالتْ: فَطُفْتُ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيتِ. وَهُوَ يَقْرَأُ "بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ"
ــ
وراء الناس) إنما أمرها أن تطوف وراء الناس ليكون أستر لها ولا تقطع صفوفهم ولا يتأذون بدابتها، ففي الحديث جواز الطواف للراكب إذا كان لعذر ويلتحق بالراكب المحمول (وأنت راكبة) أي على بعيرك كما في بعض الروايات، قال ملا علي: فيه دلالة على أن الطواف راكبًا ليس من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، وقال ابن بطال: في هذا الحديث جواز إدخال الدواب التي يؤكل لحمها المسجد إذا احتيج إلى ذلك لأن بولها لا ينجسه بخلاف غيرها من الدواب، وتعقب بأنه ليس في الحديث دلالة على الجواز مع الحاجة بل ذلك دائر على التلويث وعدمه فحيث يخشى التلويث يمتنع الإدخال، وقد قيل إن ناقته صلى الله عليه وسلم كانت منوقة أي مدربة معلمة فيؤمن منها التلويث وهي سائرة فيحتمل أن يكون بعير أم سلمة كان كذلك والله أعلم كذا في الفتح، وقال النواوي: وهذا الحديث لا دلالة فيه لأنه ليس من ضرورته أن يبول أو يروث في حال الطواف وإنما هو محتمل وعلى تقدير حصوله ينظف المسجد منه كما أنه صلى الله عليه وسلم أقر إدخال الصبيان الأطفال المسجد مع أنه لا يؤمن بولهم بل قد وجد ذلك ولأنه لو كان ذلك محققًا لنُزِّه المسجد منه سواء كان نجسًا أو طاهرًا لأنه مستقذر (قالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي) بالناس صلاة الصبح (إلى جنب البيت) أي منتهيًا إلى جدار الكعبة (وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور) أي هذه السورة، وفي بعض الروايات فطوفي على بعيرك والناس يصلون، وإنما طافت في حال صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أستر لها لخلاء المطاف حينئذ من الناس، وكانت هذه الصلاة صلاة الصبح قاله النواوي بزيادة من شرح الأبي. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [6/ 290]، والبخاري [464]، وأبو داود [1882]، والنسائي [5/ 223]، وابن ماجه [2961].
وفي العون: قوله (إلى جنب البيت) أي متصلًا إلى جوار الكعبة، وفيه تنبيه على أن أصحابه كانوا متحلقين حولها اهـ، وقوله (وهو يقرأ بالطور) أي بهذه السورة في ركعة واحدة كما هي عادته صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه قرأها في ركعتين وكان الأولى للراوي أن يقول يقرأ الطور أو يكتفي بالطور ولم يقل وكتاب مسطور كذا في المرقاة اهـ من العون.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث الأول حديث ابن عباس رضي الله عنهما ذكره للاستدلال، والثاني حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث عائشة رضي الله عنها ذكره للاستشهاد أيضًا، والرابع حديث أبي الطفيل رضي الله عنه ذكره للاستشهاد، والخامس حديث أم سلمة رضي الله عنها ذكره للاستشهاد أيضًا والله سبحانه وتعالى أعلم.
***