الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
513 - (69) باب: وجوب طواف الوداع على الآفاقي غير الحائض واستحباب دخول الكعبة والصلاة فيها لكل أحد محرمًا كان أو حلالًا آفاقيًا أو غيره
(3100)
- (1241)(221)(حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنصُور) وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: كانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا ينْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيتِ"
ــ
513 -
(69) باب وجوب طواف الوداع على الآفاقي غير الحائض واستحباب دخول الكعبة والصلاة فيها لكل أحد محرمًا كان أو حلالًا آفاقيًا أو غيره
3100 -
(1241)(221)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة المكي، ثقة، من (10)(وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي، ثقة، من (10)(قالا حدثنا سفيان) بن عيينة، ثقة، من (8)(عن سليمان) بن أبي مسلم (الأحول) المكي خال عبد الله بن أبي نجيح، ثقة، من (5)(عن طاوس) بن كيسان اليماني الحميري، ثقة، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد طائفي وواحد يماني وواحد كوفي (قال) ابن عباس (كان الناس) إذا فرغوا من حجهم أو عمرتهم (ينصرفون) أي يذهبون من مكة ويتفرقون (في كل وجه) أي من كل طريق طائفًا وغير طائف رجوعًا إلى أوطانهم من غير أن يودعوا البيت (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي نهاهم عن ذلك الانصراف قبل أن يودعوا البيت بقوله (لا ينفرن) أي لا يذهبن (أحد) منكم النفر الأول ولا الثاني أو لا يخرجن أحدكم من مكة، والمراد به الآفاقي، والمراد بالنفر هنا الإسراع للعود إلى بلادهم (حتى يكون آخر عهده) أي لقائه (بالبيت) أي الطواف بالبيت كما في رواية أبي داود، فظاهر هذا الحديث وجوب طواف الوداع على كل حاج أو معتمر غير مكي وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه فإذا تركه وجب عليه الدم كذا في المبارق، ووجوبه على غير المكي كما هو المبين في الفقه وعلى غير الحائض من الآفاقي فإنه خفف عنها كما في الرواية التالية، وفي الموطإ أن عمر بن الخطاب رد رجلًا من مر الظهران لم يكن ودع البيت
قَال زُهَيرٌ: يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ. وَلَمْ يَقُلْ: فِي.
(3101)
- (00)(00) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ (وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ) قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ
ــ
حتى ودع اهـ (قال زهير) بن حرب في روايته (ينصرفون) أي يرجعون إلى أوطانهم (كل وجه) أي في كل جهة ومن كل طريق (ولم يقل) زهير لفظة (في) في قوله كل جهة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 222]، وأبو داود [2002]، والنسائي أيضًا.
قال النووي: في هذا الحديث دلالة لمن قال بوجوب طواف الوداع وأنه إذا تركه لزمه دم وهو الصحيح في مذهبنا، وبه قال أكثر العلماء منهم الحسن البصري والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال مالك وداود وابن المنذر هو سنة لا شيء في تركه وعن مجاهد روايتان كالمذهبين اهـ، قال الحافظ: والذي رأيته في الأوسط لابن المنذر أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء. قال الشيخ الدهلوي: والسر في إيجاب طواف الوداع تعظيم البيت بأن يكون هو الأول وهو الآخر تصويرًا لكونه هو المقصود من السفر وموافقة لعادتهم في توديع الوفد ملوكها عند السفر والله أعلم.
وليس طواف الوداع على من في مكة وعلى من كان داخل الميقات وهو من كان دون مسافة القصر من مكة لأنهم حاضرو الحرم، وكذا من اتخذ مكة دارًا ثم بدا له الخروج ليس عليهم طواف الوداع، وكذا فائت الحج لأن العود مستحق عليه ولأنه صار كالمعتمر وليس على المعتمر طواف الوداع، ذكره في التحفة، وفي إثباته على المعتمر حديث ضعيف رواه الترمذي، وفي البدائع قال أبو يوسف: أحب إلي أن يطوف المكي طواف الوداع لأنه وضع لختم أفعال الحج وهذا المعنى يوجد في أهل مكة اهـ فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال.
3101 -
(00)(00)(حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ لسعيد قالا حدثنا سفيان) بن عيينة (عن) عبد الله (بن طاوس عن أبيه) طاوس (عن ابن
عَبَّاسٍ. قَال: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيتِ. إلا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ.
(3102)
- (00)(00) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسِلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ. قَال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. إِذْ قَال زَيدُ بْنُ ثَابِتٍ: تُفْتِي أَنْ تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيتِ؟ فَقَال
ــ
عباس) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن طاوس لسليمان الأحول (قال) ابن عباس (أمر الناس) أي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم (أن يكون آخر عهدهم) الطواف (بالبيت إلا أنه) أي لكن أن طواف الوداع (خفف) بالبناء للمفعول أي أسقط (عن المرأة الحائض) وفي معناه النفساء، وعلى هذا الاستثناء اتفاق عامة أهل العلم، وفي هذه الرواية زيادة الاستثناء.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
3102 -
(00)(00)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن ابن جريج أخبرني الحسن بن مسلم) بن ينَّاق -بفتح التحتانية وتشديد النون- المكي، ثقة، من (5)(عن طاوس قال كنت مع ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الحسن بن مسلم لابن طاوس (إذ) ظرف لما مضى متعلق بكنت (قال زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري النجاري المدني كاتب الوحي رضي الله عنه أي كنت مع ابن عباس وقت قول زيد بن ثابت لابن عباس هل (تفتي) يا ابن عباس للناس (أن تصدر الحائض) وترجع إلى بلدها (قبل أن يكون آخر عهدها) الطواف (بالبيت) ولعل هذه المحاورة جرت بينهما بعدما بلغه فتوى ابن عباس وما جرى بينه وبين أهل المدينة من المراجعة، ففي صحيح البخاري عن عكرمة أن أهل المدينة سألوا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن امرأة طافت ثم حاضت قال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك وندع قول زيد، قال: إذا قدمتم المدينة فاسألوا، فقدموا المدينة فسألوا فكان فيمن سألوا أم سليم فذكرت حديث صفية، وفي رواية الثقفي، فقالوا: لا نبالي أفتيتنا أو لم تُفْتِنا، زيد بن ثابت يقول: لا تنفر، وفي رواية أبي داود الطيالسي من طريق قتادة عن عكرمة فقالت الأنصار: لا نتابعك يا ابن
لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِمَّا لَا. فَسَلْ فُلانَةَ الأَنْصَارِيَّةَ. هَلْ أَمَرَهَا بِذلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: فَرَجَعَ زَيدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ. وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَرَاكَ إلا قَدْ صَدَقْتَ.
(3103)
- (1242)(222) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ
ــ
عباس، وأنت تخالف زيدًا فقال: سلوا صاحبتكم أم سليم (فقال له) أي لزيد (ابن عباس إما لا) أي إن لم تصدقني فيما أخبرتك (فسل فلانة) أي أم سليم (الأنصارية) أم أنس رضي الله عنهم، والمستفاد في هذا التركيب مما في النهاية وشرح النووي أن إما مركبة من إن الشرطية وما الزائدة فأدغمت نون إن الشرطية في ميم ما الزائدة ولا حكم لما معنى ولا لفظًا إلا التوكيد، وفي لا إمالة خفيفة، وقوله فسل جواب إن الشرطية والمعنى إن كنت لا تعرف ذلك فسل فلانة الأنصارية (هل أمرها) أي أمر فلانة (بذلك) أي بالنفر والخروج من مكة بلا طواف وداع (رسول الله صلى الله طيه وسلم) أم لم يأمرها؟ وفي رواية الطيالسي فسأل زيد أم سليم فقالت: حضت بعدما طفت بالبيت "تعني طواف الإفاضة" فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفر، ثم ذكرت قصة صفية رضي الله تعالى عنها (قال) طاوس (فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس) حالة كونه (يضحك وهو يقول) لابن عباس (ما أراك إلا قد صدقت) فيما أخبرتني، وفي رواية البيهقي من طريق خالد عن عكرمة ثم أرسل زيد بعد ذلك إلى ابن عباس إني وجدت قلت كما قلت فلعله أرسله إليه أولًا ثم لقيه بعد كما يدل عليه قوله في حديث الباب يضحك والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله عنهم فقال:
3103 -
(1242)(222)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد (ح وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر المصري (حدثنا الليث) بن سعد الفهمي المصري، وفائدة هذا التحويل بيان اختلاف شيخيه في لفظ ليث لأن الليث مع أل أعرف لاحتمال ليث بلا ألف لليث بن أبي سليم هكذا قالوا (عن ابن شهاب عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (وعروة) بن الزبير (أن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة
قَالتْ: حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ. قَالتْ عَائِشَةُ: فَذَكَرْتُ حِيضَتَهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَابِسَتُنا هِيَ؟ " قَالتْ: فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ! إنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بالْبَيتِ. ثُمَّ حَاضَتْ بعْدَ الإِفَاضَةِ
ــ
منهم مدنيون واثنان مصريان أو مصري وبلخي (قالت: حاضت صفية بنت حيي) بضم الحاء وكسرها والضم أشهر، زوج النبي صلى الله عليه وسلم (بعدما أفاضت) أي طافت طواف الإفاضة (قالت عائشة: فذكرت) أنا بضم التاء (حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحابستنا) أي هل (هي) مانعتنا من الخروج من مكة والرجوع إلى المدينة بسبب حيضها لأن الحائض لا تطوف والحج لا يكمل إلا بطواف الإفاضة وظن أنها لم تطف طواف الإفاضة، وفي فتح الملهم معنى هذا الكلام أي أهي مانعتنا من التوجه من مكة إلى المدينة في الوقت الذي أردنا التوجه فيه ظنًّا منه صلى الله عليه وسلم أنها ما طافت طواف الإفاضة، وإنما قال ذلك لأنه كان لا يتركها ويتوجه، ولا يأمرها بالتوجه معه وهي باقية على إحرامها فيحتاج إلى أن يقيم حتى تطهر وتطوف وتحل الحل الثاني اهـ.
(قالت) عائشة (فقلت) له صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله إنها) أي إن صفية (قد كانت أفاضت) أي ذهبت إلى مكة (وطافت بالبيت) طواف الإفاضة (ثم حاضت بعد) طواف (الإفاضة) قال الأبي: وقول عائشة إنها قد أفاضت من فقهها وعلمها أن من أفاض لا توديع عليه فلذلك ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ.
وسيأتي في الباب من بعض الطرق فقالوا: يا رسول الله إنها قد زارت، وفي بعضها إن صفية هي قالت نعم في جواب قوله صلى الله عليه وسلم أكنت أفضت يوم النحر، وجاء في بعض الطرق حججنا فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله فقلت: يا رسول الله إنها حائض الحديث، وهذا لأنه صلى الله عليه وسلم إن كان علم أنها طافت طواف الإفاضة كيف يقول أحابستنا هي، وإن كان ما علم فكيف يريد وقاعها قبل التحلل الثاني، ويجاب عنه بأنه صلى الله عليه وسلم ما أراد ذلك منها إلا بعد أن استأذنه نساؤه في طواف الإفاضة فأذن لهن فكان بانيًا على أنها قد حلت، فلما قيل له إنها حائض جوز أن
فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَلْتَنْفِرْ".
(3104)
- (00)(00) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةَ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى (قَال أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ) أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، قَالتْ: طَمِثَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. بَعْدَمَا أَفَاضَتْ طَاهِرًا. بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيثِ
ــ
يكون وقع لها قبل ذلك حتى منعها من طواف الإفاضة، فاستفهم عن ذلك فأعلمته عائشة أنها طافت معهن، فزال عنه ما خشيه من ذلك والله أعلم كذا في الفتح.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن (فلتنفر) معنا، فيه دليل على سقوط طواف الوداع عن الحائض، وأن طواف الإفاضة ركن لا بد منه، وأنه لا يسقط عن الحائض ولا عن غيرها، وأن الحائض تقيم له حتى تطهر فإن ذهبت إلى وطنها قبل طواف الإفاضة بقيت محرمة اهـ فتح الملهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 122 و 192]، والبخاري [328]، والنسائي [1/ 194]، وابن ماجه [3073].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3104 -
(00)(00)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو (وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري (قال أحمد: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة وعروة عن عائشة، غرضه بيان متابعة يونس لليث بن سعد (قالت) عائشة (طمثت) أي حاضت، قال الفيومي: وبابه ضرب، ومن باب تعب لغة وعليها ضبط الشراح (صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعدما أفاضت) أي طافت طواف الإفاضة حالة كونها (طاهرًا) من الحيض، يقال امرأة طاهرة من الأدناس وطاهر من الحيض بغير هاء، وساق يونس (بمثل حديث الليث) السابق لفظًا ومعنى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديثها فقال:
(3105)
- (00)(00) وحدّثنا قُتَيبَةُ (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ. كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّ صَفِيَّةَ قَدْ حَاضَتْ. بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ.
(3106)
- (00)(00) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: كُنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ تَحِيضَ صَفِيَّةُ قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ. قَالتْ: فَجَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "أَحَابِسَتُنَا
ــ
3105 -
(00)(00)(وحدثنا قتيبة يعني ابن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا زهير بن حرب حدثنا سفيان) بن عيينة (ح وحدثني محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (حدثنا أيوب) بن أبي تميمة السختياني (كلهم) أي كل من الليث وسفيان وأيوب رووا (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها (أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن صفية قد حاضت) وساق عبد الرحمن (بمعنى حديث الزهري) عن أبي سلمة وعروة عن عائشة لا بلفظه، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة عبد الرحمن بن القاسم للزهري ولكنها متابعة ناقصة لأن عبد الرحمن روى عن عائشة بواسطة أبيه القاسم بن محمد، والزهري روى عن عائشة بواسطة أبي سلمة وعروة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديثها فقال:
3106 -
(00)(00)(وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي القعنبي، ثقة، من (9)(حدثنا أفلح) بن حميد بن نافع الأنصاري المدني، ثقة، من (7)(عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة أفلح بن حميد لعبد الرحمن بن القاسم (قالت) عائشة (كنا نتخوف) من باب تفعل الخماسي من التخوف وهو ظهور الخوف على الإنسان، أي نخاف بمقتضى عادتها (أن تحيض صفية) بنت حيي (قبل أن تفيض) أي قبل أن تطوف طواف الإفاضة (قالت) عائشة (فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا)
صَفِيَّةُ" قُلْنَا: قَدْ أَفَاضَتْ. قَال: "فَلَا. إِذًا".
(3107)
- (00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ
ــ
أي أمانعتنا (صفية) من السفر بسبب حيضها (قلنا) له صلى الله عليه وسلم (قد أفاضت) أي قد طافت طواف الإفاضة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا) حبس علينا (إذًا) بالتنوين أي إذا أفاضت لأنها فعلت ما وجب عليها من أركان الحج، فهذا نص في أنه ليس على الحائض طواف وداع، وما في أبي داود والنسائي مرفوعًا أنه عليها أجاب عنه الطحاوي بأنه منسوخ بحديث عائشة هذا وهو في الصحيحين وغيرهما بطرق عديدة وبحديث أم سليم في الصحيحين أيضًا. ومعنى قوله (فلا إذن) أي فلا منع علينا حينئذ لأنها قد فعلت الذي وجب عليها، وطواف الوداع بموضع السقوط عنها، وكلمة إذن مكتوبة في أكثر النسخ بالألف منونة تشبيهًا لنونها بتنوين المنصوب وكذلك هي في آخر كتاب النفقات من صحيح البخاري، والحال أن نونها أصلية وكتابتها بالألف رسم المصحف وخطه لا ينقاس، وعن المبرد كما في حواشي المغني: أشتهى أن تكوى يد من يكتب إذن بالألف لأنها مثل إن ولن ولا يدخل التنوين على الحروف فالنون من أصل الكلمة فأي داع إلى تشبيهها بالنون الزائدة علي بنية الكلمة اهـ من بعض الهوامش.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3107 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال قرأت على مالك) ابن أنس (عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني، ثقة، من (5)(عن أبيه) أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي النجاري المدني القاضي، ثقة، من (5)(عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، ثقة، من (3)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى فإنه نيسابوري، غرضه بسوقه بيان متابعة عمرة لمن روى عن عائشة (أنها) أي أن عائشة (قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن
صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا. أَلَمْ تَكُنْ قَدْ طَافَتْ مَعَكُنَّ بِالْبَيتِ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَال: "فَاخْرُجْنَ".
(3108)
- (00)(00) حدّثني الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ (لَعَلَّهُ قَال) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ مِنْ صَفِيَّةَ بَعْضَ مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ
ــ
صفية بنت حيي قد حاضت) اليوم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها) أي لعل صفية (تحبسنا) أي حابستنا ومانعتنا من السفر إلى المدينة إن لم تكن طافت طواف الإفاضة (ألم تكن) صفية (قد طافت معكن، بالبيت) يوم النحر طواف الإفاضة (قالوا) أي قالت عائشة ومن معها من الرجال والإناث، يحتمل أن يكون معهن ذكر وغلب على الإناث قاله الأبي (بلى) طافت معنا يوم النحر (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن (فاخرجن) أنتن وهي معنا إلى المدينة لأن طواف الوداع ساقط عن الحائض.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:
3108 -
(00)(00)(حدثني الحكم بن موسى) بن أبي زهير البغدادي أبو صالح القنطري نسبة إلى القنطرة موضع ببغداد، صدوق، من (10)(حدثني يحيى بن حمزة) بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي، ثقة، من (8)(عن) عمرو بن عبد الرحمن (الأوزاعي) الدمشقي، ثقة، من (7) قال يحيى بن حمزة (لعله) أي لعل الأوزاعي (قال) عندما روى لي هذا الحديث (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي، ثقة، من (5) قال القاضي: وأظن أن الاسم كله سقط من كتب بعضهم أو شك فيه فألحقه على المحفوظ الصواب ونبه على إلحاقه بقوله لعله اهـ (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد (التيمي) المدني، ثقة، من (4)(عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن الزهري المدني (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان دمشقيان وواحد يمامي وواحد بغدادي، غرضه بيان متابعة محمد بن عبد الرحمن لابن شهاب في رواية هذا الحديث عن أبي سلمة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد من صفية) بنت حيي (بعض ما يريد الرجل من أهله)
فقَالُوا: إِنهَا حَائِضٌ. يَا رَسُولَ اللهِ! قَال: "وَإِنَّهَا لَحَابِسَتُنَا؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إنَّهَا قَدْ زَارَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَال: "فَلْتنْفرْ مَعَكُمْ".
(3109)
- (00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالت: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْفِرَ، إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً
ــ
أي من زوجته من الجماع ومقدماته، وفيه حسن أدب عائشة رضي الله تعالى عنها في العبارة (فقالوا) أي قال أهله يعني أزواجه صلى الله عليه وسلم (إنها) أي إن صفية (حائض) لا تصلح للاستمتاع (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإنها لحابستنا) من السفر إن لم تطف طواف الإفاضة (فقالوا يا رسول الله إنها قد زارت) أي طافت طواف الزيارة وهو طواف الإفاضة (يوم النحر) فـ (قال) إذن (فلتنفر) أي فلتخرج (معكم) من مكة إلى المدينة لسقوط طواف الوداع عن الحائض، وفي قوله معكم تغليب للرجال على الإناث، وفي قوله (قد زارت يوم النحر) دليل لمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأهل العراق أنه لا يكره أن يقال لطواف الإفاضة طواف الزيارة، وقال مالك: يكره، وليس للكراهة حجة تعتمد اهـ فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3109 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ واللفظ له حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم) بن عتيبة الكندي الكوفي، ثقة، من (5)(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من (5)(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأسود لمن روى عن عائشة (قالث) عائشة (لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر) أي أن يخرج من مكة ويسافر منها إلى المدينة (إذا صفية) قائمة (على باب خبائها) أي على باب خيمتها، وإذا فجائية، والخباء واحد الأخبية، حالة كونها (كئيبة) أي منكسرة القلب من الكأب وهو الغم وسوء الحال
حَزِينَةً. فَقَال: "عَقْرَى! حَلْقَى! إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا" ثُمَّ قَال لَهَا: "أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالتْ: نَعَمْ. قَال: "فَانْفِرِي"
ــ
والانكسار من حزن، وبابه كما في القاموس تعب، وله ثلاثة مصادر الكأب كسبب، والكأبة كثمرة، والكآبة بمد الهمزة، وحالة كونها (حزينة) أي ذات حزن وأسف لحيضها، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يرتحل فاجأه قيام صفية على باب خبائها حزينة منكسرة القلب لحيضها، قال الحافظ: وهذا يشعر بأن الوقت الذي أراد منها ما يريد الرجل من أهله كان بالقرب من وقت النفر من منى، واستشكله بعضهم بناء على ما فهمه أن ذلك كان وقت الرحيل وليس ذلك بلازم لاحتمال أن يكون الوقت الذي أراد منها ما أراد سابقًا على الوقت الذي رآها فيه على باب خبائها الذي هو وقت الرحيل بل ولو اتحد الوقت لم يكن ذلك مانعًا من الإرادة المذكورة اهـ.
(فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (عقرى) أي عقرك الله عقرًا وجرحك جرحًا (حلقى) أي أصابك الله بداء الحلق أو حلق الله شعرك (إنك لحابستنا) أي مانعتنا من النفر والسفر إن لم تطف طواف الإفاضة (ثم قال لها أكنت) أي هل كنت (أفضت) أي طفت طواف الإفاضة (يوم النحر قالت) صفية (نعم) طفت طواف الإفاضة يوم النحر (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن (فانفري) بكسر الفاء أي فارتحلي واخرجي معنا إلى المدينة لأن طواف الوداع ساقط عنك بسبب الحيض، قوله (عقرى حلقى) قال الطيبي رحمه الله تعالى: هكذا روي على وزن فَعْلى بلا تنوين، والظاهر عقرًا وحلقًا بالتنوين أي عقرها الله عقرًا وحلقها الله حلقًا يعني قتلها وجرحها أو أصاب حلقها وجع وهذا دعاء لا يراد وقوعه بل عادة العرب التكلم بمثله على سبيل التلطف، وقيل هما صفتان للمرأة يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم أي تستأصلهم من شؤمها اهـ، وقيل إنهما مصدران، والعقر الجرح والقتل وقطع العصب، والحلق إصابة وجع في الحلق أو الضرب على الحلق أو الحلق في شعر الرأس لأنهن يفعلن ذلك عند شدة المصيبة، وحقهما أن ينونا لكن أبدل التنوين بالألف إجراء للوصل مجرى الوقف اهـ، وفيه أنه لا يساعده رسمهما بالياء، وقيل إنهما تأنيث فعلان أي جعلها عقرى أي عاقرًا أي عقيمًا، وحلقى أي جعلها صاحبة وجع الحلق، وهذا وأمثال ذلك مثل تربت يداه وثكلته أمه مما يقع في كلامهم للدلالة على تهويل الخبر وأن ما سمعه لا يوافقه لا للقصد إلى وقوع مدلوله الأصلي والدلالة على التماسه اهـ من فتح الملهم.
(3110)
- (00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوَيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ. جَمِيعًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. نَحْوَ حَدِيثِ الْحَكَمِ. غَيرَ أَنَّهُمَا لا يَذْكُرَانِ: كَئِيبَةً حَزِينَةً.
(3111)
- (1243)(223) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ، هُوَ وَأُسَامَةُ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديثها فقال:
3110 -
(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب عن أبي معاوية عن الأعمش ح وحدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن منصور) بن المعتمر (جميعًا) أي كل من الأعمش ومنصور رويا (عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث الحكم غير أنهما) أي أن الأعمش ومنصورًا (لا يذكران) لفظة (كئيبة حزينة).
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
3111 -
(1243)(223)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل) عام الفتح كما وقع مبينًا في الروايات الصحيحة التي يأتي بعضها في الباب (الكعبة) المشرفة شرفها الله تعالى بكثرة زوارها (هو) تأكيد لفاعل دخل ليعطف عليه، قوله (وأسامة) بن زيد بن حارثة (وبلال) بن رباح المؤذن (وعثمان بن طلحة) بن أبي طلحة بن عبد العزى من عبد الدار بن قصي بن كلاب (الحجبي) بفتح الحاء المهملة والجيم منسوب إلى حجابة الكعبة وهي ولايتها وفتحها وإغلاقها وخدمتها ولآل بيته الحجبة لحجبهم الكعبة، ويعرفون الآن بالشيبيين نسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عم عثمان هذا لا ولده، وله أيضًا صحبة ورواية، وفيه استحباب دخول الكعبة، وقد روى ابن خزيمة والبيهقي من حديث ابن عباس مرفوعًا: "من دخل البيت دخل في حسنة وخرج مغفورًا
فَأَغْلَقَهَا عَلَيهِ
ــ
له". قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف، ومحل استحبابه ما لم يؤذ أحدًا بدخوله، قال بعض العلماء: وليجتنب داخله الزحمة والمزاحمة ما أمكن فإن أكثر داخليها في هذا الزمان ربحهم أقل من خسرانهم وطاعتهم أقل من عصيانهم، قال: قال ابن العربي: الحمد لله الذي أغنانا عن منة الشيبة بإخراج الحجر من الكعبة المشرفة، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين سألت دخول الكعبة: "صل فيه فإنه منها" قال الحافظ: وروى ابن أبي شيبة من قول ابن عباس: إن دخول البيت ليس من الحج في شيء، وحكى القرطبي عن بعض العلماء: إن دخول البيت من مناسك الحج، ورده بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دخله عام الفتح ولم يكن حينئذ محرمًا اهـ فتح الملهم (فأغلقها) أي فأغلق الكعبة من داخلها كما في رواية ابن ماجه عثمان بن طلحة (عليه) أي على النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يزدحم الناس عليه، وفي الموطإ (فأغلقاها عليه) والضمير لعثمان وبلال، وفي رواية آتية (فأجافوا عليهم الباب) قال الحافظ: والجمع بينها أن عثمان هو المباشر لذلك لأنه من وظيفته، ولعل بلالًا ساعده في ذلك، ورواية الجمع يدخل فيها الآمر بذلك والراضي به، وأما الحكمة في إغلاق الباب فقال بعض العلماء: يحتمل أن يكون ذلك لئلا يزدحموا عليه لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه أو ليكون ذلك أسكن بقلبه وأجمع لخشوعه، وإنما أدخل معه عثمان لئلا يظن أنه عزل من ولاية الكعبة وبلال وأسامة لملازمتهما خدمته، وفيه أن الفاضل من الصحابة قد كان يغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المشاهد الفاضلة ويحضره من هو دونه فيطلع على ما لم يطلع عليه لأن أبا بكر وعمر وغيرهما ممن هو أفضل من بلال ومن ذكر معه لم يشاركوهم في ذلك، قال القرطبي:(قوله فأغلقها عليه) فيه دليل على اختصاص السابق للمنفعة المشتركة بها ومنعها ممن يخاف تشويشها عليه، وقال الشافعي: فائدة أمره صلى الله عليه وسلم بإغلاقها وجوب الصلاة إلى جدار من جدرها وأنه لو صلى إلى الباب وهو مفتوح لم يجزه لأنه لم يستقبل منها بشيء وألزم من مذهبه إبطال هذا لأنه يجيز الصلاة في أرضها لو تهدمت من الجدر لاستقباله أرضها، وقيل إنما أغلقها دونهم لئلا يتأذى بزحامهم، وقيل لئلا يصلى بصلاته فتتخذ الصلاة فيها سنة، ولا يلتفت لقول من قال إنما فعل ذلك لئلا يستدبر شيئًا من البيت كما وقع في زيادة البخاري عن بعض الرواة لأن الباب إذا أغلق صار كأنه جدار البيت اهـ من المفهم.
ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا. قَال ابْنُ عُمَرَ: فَسأَلْتُ بِلالًا، حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: جَعَلَ عَمُودَينِ عَنْ يَسَارِهِ. وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ. وَثَلاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الْبَيتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ. ثُمَّ صَلَّى
ــ
(ثم مكث) النبي صلى الله عليه وسلم مع من معه (فيها) أي في جوف الكعبة (قال ابن عمر فسألت بلالًا حين خرج) من البيت (ما صنع) أي أي شيء صنع وفعل (رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مكث في البيت، وقوله (فسألت بلالًا) الخ هذا هو المحفوظ، ووقع عند أبي عوانة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن ابن عمر أنه سأل بلالًا وأسامة بن زيد حين خرجا أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه؟ فقالا: على جهته. وكذا أخرجه البزار ونحوه لأحمد والطبراني من طريق أبي الشعثاء عن ابن عمر قال: أخبرني أسامة أنه صلى فيه ها هنا. ولمسلم والطبراني من وجه آخر فقلت: أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: فإن كان محفوظًا حمل على أنه ابتدأ بلالًا بالسؤال ثم أراد زيادة الاستثبات في مكان الصلاة فسأل عثمان أيضًا وأسامة، ويؤيد ذلك قوله في رواية ابن عون عند مسلم: ونسيت أن أسألهم كم صلى؟ بصيغة الجمع، وهذا أولى من جزم عياض بوهم الرواية التي أشرنا إليها من عند مسلم وكأنه لم يقف على بقية الروايات، ولا يعارض قصته مع قصة أسامة ما أخرجه مسلم أيضًا من حديث ابن عباس أن أسامة بن زيد أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه ولكنه كبر في نواحيه، فإنه يمكن الجمع بينهما بأن أسامة حيث أثبتها اعتمد في ذلك على غيره وحيث نفاها أراد ما في علمه لكونه لم يره صلى الله عليه وسلم حين صلى وسيأتي مزيد بسط فيه في أواخر هذا الباب إن شاء الله تعالى (قال) بلال (جعل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عمودين عن يساره وعمودًا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ) أي يوم إذ دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم (على ستة أعمدة) ثلاثة سطر والثلاثة الأخرى سطر، وقوله (ثم صلى) معطوف على جعل وكانت صلاته بين أعمدة السطر الأول (قوله عمودين عن يساره وعمودًا عن يمينه) كذا في هذه الرواية التي رواها يحيى بن يحيى عن مالك، وفي رواية إسماعيل عن مالك عكس هذا فإنه قال: عمودين عن يمينه، ووافقه عليه ابن القاسم والقعنبي وأبو مصعب ومحمد بن الحسن وأبو حذافة، وكذا الشافعي وابن مهدي في إحدى الروايتين عنهما، وقد جزم البيهقي بترجيح رواية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إسماعيل ومن وافقه، وفي رواية عثمان بن عمر عن مالك جعل عمودين عن يمينه وعمودين عن يساره، قال الدارقطني: لم يتابع عثمان بن عمر على ذلك وسيأتي في روأية أبي أسامة وعبيد الله عن نافع بين العمودين المقدمين، وفي رواية عبد الله بن يوسف عن مالك جعل عمودًا عن يساره وعمودًا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وليس بين هاتين الروايتين مخالفة، ولكن قوله في رواية مالك وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة مشكل لأنه يشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين، ولهذا عقبه البخاري برواية إسماعيل التي قال فيها عمودين عن يمينه، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه حيث ثنى أشار إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحيث أفرد أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك، ويرشد إلى ذلك قوله وكان البيت يومئذ لأن فيه إشعارًا بأنه تغير عن هيئته الأولى اهـ فتح الملهم، قال القرطبي: وظاهر هذا الاختلاف اضطراب ويمكن أن يقال إنه صلى الله عليه وسلم تكررت صلاته في تلك المواضع وإن كانت قضية واحدة فإنه صلى الله عليه وسلم مكث في الكعبة طويلًا اهـ من المفهم.
وفي الحديث من الفوائد سؤال المفضول مع وجود الأفضل والاكتفاء به، والحجة بخبر الواحد ولا يقال هو أيضًا خبر واحد فكيف يحتج للشيء نفسه لأنا نقول هو فرد ينضم إلى نظائر مثله يوجب العلم بذلك، وفيه السؤال عن العلم والحرص فيه، وفضيلة ابن عمر بشدة حرصه على تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ليعمل بها، قال الحافظ: ويستفاد من قوله (ثم صلى) أن قول العلماء تحية المسجد الحرام الطواف مخصوص بغير داخل الكعبة لكونه صلى الله عليه وسلم جاء فأناخ عند البيت فدخله فصلى فيه ركعتين فكانت تلك الصلاة إما لكون الكعبة كالمسجد المستقل وهو تحية المسجد العام، قال: وفيه استحباب الصلاة في الكعبة وهو ظاهر في النفل ويلتحق به الفرض إذ لا فرض بينهما في مسئلة الاستقبال للمقيم وهو قول الجمهور، وعن ابن عباس لا تصح الصلاة داخلها مطلقًا وعلله بأنه يلزم من ذلك استدبار بعضها، وقد ورد الأمر باستقبالها فيحمل على استقبال جميعها، وقال به بعض المالكية والظاهرية والطبري، وقال المازري: المشهور في المذهب منع صلاة الفرض داخلها ووجوب الإعادة، وعن ابن عبد الحكم الإجزاء، وصححه ابن عبد البر وابن العربي، وعن ابن حبيب يعيد أبدًا وعن أصبغ إن كان متعمدًا وأطلق الترمذي، وعن مالك جواز النوافل، وقيده بعض أصحابه بغير
(3112)
- (00)(00) حدَّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيدٍ. قَال أَبُو كَامِلٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ. فَنَزَلَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ. وَأَرْسَلَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ. فَجَاءَ بِالْمِفْتَحِ. فَفَتَحَ الْبَابَ. قَال: ثُمَّ دَخَلَ
ــ
الرواتب وما تشرع فيه الجماعة، وفي شرح العمدة لابن دقيق العيد: كره مالك الفرض أو منعه فكأنه أشار إلى اختلاف النقل عنه في ذلك ومن المشكل ما نقله النواوي في زوائد الروضة عن الأصحاب: إن صلاة الفرض داخل الكعبة إن لم يرج جماعة أفضل من خارجها، ووجه الإشكال أن الصلاة خارجها متفق على صحتها بين العلماء بخلافها داخلها فكيف يكون المختلف في صحته أفضل من المتفق عليه اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 33 و 55]، والبخاري [505]، وأبو داود [2023 و 2025]، والنسائي [2/ 63].
ثم ذكر المؤلف رحمه لله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3112 -
(00)(00)(حدثنا أبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (وقتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (كلهم عن حماد بن زيد) بن درهم البصري (قال أبو كامل حدثنا حماد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لمالك (قال) ابن عمر (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة (يوم الفتح فنزل بفناء الكعبة) -بكسر الفاء- أي بجانبها وحريمها وساحتها (وأرسل إلى عثمان بن طلحة) الحجبي هو بفتح الحاء والجيم منسوب إلى حجابة الكعبة وسدانتها وهي ولايتها وفتحها وإغلاقها وخدمتها، ويقال له ولأقاربه الحجبيون وهو عثمان بن طلحة العبدري كما مر، أسلم مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاص في هدنة الحديبية، وشهد فتح مكة، ودفع النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إليه وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال:"خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم" أقام عثمان بالمدينة إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم تحول إلى مكة فأقام بها إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين (42) اهـ نووي (فجاء) عثمان (بالمفتح) -بكسر الميم- وفي الرواية الأخرى بالمفتاح وهما لغتان بمعنى واحد وهو اسم لآلة فتح الباب أي جاء بمفتاح الكعبة (ففتح) عثمان (الباب
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبِلالٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. وَأَمَرَ بِالْبَابِ فَأُغْلِقَ. فَلَبَثُوا فِيهِ مَلِيًّا. ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ. فَقَال عَبْدُ اللهِ: فَبَادَرْتُ النَّاسَ. فَتَلَقَّيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجًا. وَبِلالٌ عَلَى إِثْرِهِ. فَقُلْتُ لِبِلالٍ: هَل صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: نَعَمْ. قُلْتُ: أَينَ؟ قَال: بَينَ الْعَمُودَينِ. تِلْقَاءَ وَجْهِهِ. قَال: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَمْ صَلَّى
ــ
قال) ابن عمر (ثم) بعد فتحه (دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة هو (وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة) صاحب المفتاح (وأمر) النبي صلى الله عليه وسلم عثمان (بـ) إغلاق (الباب) من داخله (فأغلق) الباب بالبناء للمجهول (فلبثوا) أي مكث كل من الأربعة (فيه) أي في جوف الكعبة (مليًا) أي زمانًا طويلًا (ثم فتح) عثمان بن طلحة (الباب) أي باب الكعبة عنهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (فقال عبد الله) بن عمر (فبادرت الناس) أي سابقت الناس إلى باب الكعبة لدخولها، وفي رواية أيوب (وكنت رجلًا شابًّا قويًّا فبادر الناس فبدرتهم) أي سابقتهم فسبقتهم (فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي استقبلته حالة كونه (خارجًا) من الكعبة (وبلال على إثره) بكسر الهمزة وسكون المثلثة أي على عقبه، قال ابن عمر (فقلت لبلال هل صلى فيه) أي في البيت (رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) بلال (نعم) صلى فيه (قلت) لبلال (أين) صلى أي في أي ناحية من نواحي البيت صلى؟ (قال) بلال صلى (بين العمودين) المقدمين الكائنين (تلقاء وجهه) أي مقابل وجهه حين دخل (قال) عبد الله بن عمر (ونسيت أن أسأله) أي أن أسأل بلالًا (كم) من الركعات (صلى) أي هل صلى ركعتين أم أكثر؟ لكن ورد في رواية يحيى بن سعيد عند البخاري قال (أي بلال) نعم ركعتين، وقد استشكل الإسماعيلي وغيره هذا مع أن المشهور عن ابن عمر من طريق نافع وغيره عنه أنه قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟ قال: فدل على أنه أخبره بالكيفية وهي تعيين الموقف في الكعبة، ولم يخبره بالكمية ونسي هو أن يسأله عنها، والجواب عن ذلك أن يقال يحتمل أن ابن عمر اعتمد في قوله في هذه الرواية ركعتين على القدر المتحقق له وذلك أن بلالًا أثبت له أنه صلى ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل في النهار بأقل من ركعتين فكانت الركعتان متحققًا وقوعهما لما عرف بالاستقراء من عادته فعلى هذا فقوله ركعتين من كلام ابن عمر لا من كلام بلال، وقد وجدت ما يؤيد هذا ويستفاد منه جمعًا آخر بين
(3113)
- (00)(00) وحدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَامَ الْفَتْحِ، عَلَى نَاقَةٍ لأُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ. حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَقَال:"ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ"
ــ
الحديثين وهو ما أخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة من طريق عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر في هذا الحديث فاستقبلني بلال فقلت: ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ها هنا؟ فأشار بيده أي صلى ركعتين بالسبابة والوسطى فعلى هذا فيحتمل قوله نسيت أن أسأله كم صلى على أنه لم يسأله لفظًا ولم يجبه لفظًا وإنما استفاد منه صلاة الركعتين بإشارته لا بنطقه، وأما قوله في الرواية الأخرى ونسيت أن أسأله كم صلى فيحمل على أن مراده أنه لم يتحقق هل زاد على ركعتين أو لا؟ وأما ما نقله عياض أن قوله ركعتين غلط من يحيى بن سعيد القطان لأن ابن عمر قد قال: نسيت أن أسأله كم صلى؟ قال: وإنما دخل الوهم عليه من ذكر الركعتين بعد فهو كلام مردود والمغلط هو الغالط فإنه ذكر الركعتين قبل وبعد فلم يهم من موضع إلى موضع كذا قال الحافظ في الفتح، ثم ذكر لرواية يحيى متابعات وشواهد ثم قال: فالعجب من الإقدام على تغليط جبل من جبال الحفظ بقول من خفي عليه وجه الجمع بين الحديثين فقال بغير علم ولو سكت لسلم والله الموفق.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3113 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لحماد (قال) ابن عمر (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام (عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ) أي نوخ وأضجع تلك الناقة (بفناء الكعبة) وحريمها (ثم دعا عثمان بن طلحة) بن أبي طلحة الحجبي ليأخذ منه المفتاح فجاءه عثمان (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ائتني بالمفتاح) روى عبد الرزاق والطبراني من جهته من مرسل الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان يوم الفتح:"ائتني بمفتاح الكعبة" فأبطأ عليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم
فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ. فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ. فَقَال: وَاللهِ! لَتُعْطِينِيهِ أَوْ لَيَخْرُجنَّ هَذَا السَّيفُ مِنْ صُلْبِي. قَال: فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ. فَجَاءَ بِهِ. إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَهُ إِلَيهِ. فَفَتَحَ الْبَابَ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيدٍ
ــ
ينتظره حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق، ويقول:"ما يحبسه" فسعى إليه رجل وجعلت المرأة التي عندها المفتاح وهي أم عثمان، واسمها سلافة بنت سعيد من بني عمرو بن عوف، ولا ذكر لها في الصحابيات فالظاهر عدم إسلامها كما في أسد الغابة تقول: إن أخذه منكم لا يعطيكموه أبدًا فلم يزل بها حتى أعطت المفتاح، فجاء به ففتح، ثم دخل البيت، ثم خرج، فجلس عند السقاية فقال علي رضي الله عنه: إنا أعطينا النبوة والسقاية والحجابة ما قوم بأعظم نصيبًا منا، فكره النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، ثم دعا عثمان بن طلحة فدفع المفتاح إليه، وروى ابن عائذ من مرسل عبد الرحمن بن سابط أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع مفتاح الكعبة إلى عثمان فقال:"خذها خالدة مخلدة، إني لم أدفعها إليكم ولكن الله دفعها إليكم ولا ينزعها منكم إلا ظالم" ومن طريق ابن خزيمة إن عليًّا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اجمع لنا الحجابة والسقاية، فنزلت إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فدعا عثمان فقال:"خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم" ومن طريق علي بن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني شيبة كلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف" كذا في الفتح (فذهب) عثمان (إلى أمه فأبت) أي امتنعت أمه (أن تعطيه) أي أن تعطي المفتاح إلى عثمان (فقال) لها عثمان (والله لتعطينيه) أي لتعطي إياي المفتاح (أو ليخرجن هذا السيف من صلبي) وظهري بعد أن أدخلت في صدري، قال السندي: هذا كناية عن قتله نفسه، ولعل مراده بذلك تخويفها لتعطيه، والمعنى اختاري بين أن تعطيني إياه أو أن أقتل نفسي إن لم تعطيني، ولعلها ما أسلمت فلذلك منعت (قال) ابن عمر (فأعطته) أي فأعطت أم عثمان لعثمان (إياه) أي المفتاح (فجاء) عثمان (به) أي بالمفتاح (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه) أي فدفع النبي صلى الله عليه وسلم المفتاح (إليه) أي إلى عثمان (ففتح) عثمان (الباب) بأمره صلى الله عليه وسلم (ثم ذكر) سفيان (بمثل حديث حماد بن زيد).
وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
(3114)
- (00)(00) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ). ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيتَ، وَمَعَهُ أُسَامَةُ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. فَأَجَافُوا عَلَيهِمُ الْبَابَ طَويلًا. ثُمَّ فُتِحَ. فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ. فَلَقِيتُ بِلالًا. فَقُلْتُ: أَينَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: بَينَ الْعَمُودَينِ الْمُقَدَّمَينِ، فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَمْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
3114 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثني يحيى) بن سعيد (وهو القطان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير واللفظ) الآتي (له) أي لابن نمير (حدثنا عبدة) بن سليمان الكلابي العامري الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، كل من يحيى القطان وأبي أسامة وعبدة بن سليمان رووا (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العدوي (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذه الأسانيد الثلاثة من خماسياته، غرضه بسوقها بيان متابعة عبيد الله لمالك بن أنس وأيوب السختياني (قال) ابن عمر (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت) أي الكعبة المشرفة (ومعه) صلى الله عليه وسلم (أسامة وبلال وعثمان بن طلحة) الحجبي (فأجافوا) أي ردوا (عليهم الباب) وأغلقوه، يقال أجاف الباب إذا رده عليه أي رده عليهم عثمان بن طلحة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يزدحم عليهم الناس ومكثوا زمنًا (طويلًا ثم فتح) الباب بالبناء للمفعول أي فتح عنهم عثمان الباب بأمره صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر (فكنت) أنا (أول من دخل) البيت بعد ما فتح (فلقيت بلالًا فقلت) له رضي الله عنه (أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في أي ناحية من نواحي البيت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (فقال) بلال صلى (بين العمودين المقدمين) في صدر البيت، قال عبد الله بن عمر (فنسيت أن أسأله) أي أن أسأل بلالًا (كم) من الركعات (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت.
(3115)
- (00)(00) وحدّثني حُمَيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنهُ انْتَهَى إِلَى الْكَعْبَةِ. وَقَدْ دَخَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبِلالٌ وَأُسَامَةُ. وَأَجَافَ عَلَيهِمْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْبَابَ. قَال: فَمَكَثُوا فِيهِ مَلِيًّا. ثُمَّ فُتِحَ الْبَابُ. فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَرَقِيتُ الدَّرَجَةَ. فَدَخَلْتُ الْبَيتَ. فَقُلْتُ: أَينَ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: ههُنَا. قَال: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُمْ: كَمْ صَلَّى؟ .
(3116)
- (00)(00) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3115 -
(00)(00)(وحدثني حميد بن مسعدة) بن المبارك الباهلي السامي، صدوق، من (10)(حدثنا خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة، من (8)(حدثنا عبد الله بن عون) بن أرْطبان المزني مولاهم أبو عون البصري، ثقة ثبت، من (6)(عن نافع عن عبد الله بن عمر) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن عون لمن روى عن نافع (أنه) أي أن ابن عمر (انتهى) أي وصل (إلى الكعبة وقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة وأجاف) أي رد (عليهم) أي على الداخلين (عثمان بن طلحة الباب قال) ابن عمر (فمكثوا فيه) أي في البيت (مليًّا) أي زمانًا طويلًا (ثم فتح) عثمان عنهم (الباب فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ورقيت) أنا -بكسر القاف- أي صعدت وعلوت (الدرجة) أي درجة الباب وهو السلم (فدخلت البيت فقلت) لمن فيه (أين صلى) أي في أي مكان صلى (النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالوا ها هنا) صلى؛ أي في هذا المكان صلى النبي صلى الله عليه وسلم مشيرين لي إلى ناحية من نواحي البيت (قال) ابن عمر (ونسيت) أنا (أن أسألهم كم صلى) رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركعات.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3116 -
(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا) محمد (بن
رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ قَال: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيتَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَغْلَقُوا عَلَيهِمْ. فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ وَلَجَ. فَلَقِيتُ بِلالًا فَسَألْتُهُ: هَل صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: نَعَمْ. صَلَّى بَينَ الْعَمُودَينِ الْيَمَانِيَينِ.
(3117)
- (00)(00) وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ قَال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ. وَلَمْ يَدْخُلْهَا مَعَهُمْ أَحَدٌ
ــ
رمح أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة سالم لنافع (أنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم) أي أغلق بعضهم عليهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وهو عثمان بن طلحة (فلما فتحوا) الباب، فيه ما في أغلقوا من التأويل (كنت) أنا (في أول من ولج) ودخل البيت، ولفظة في زائدة كما يعلم مما سبق (فلقيت بلالًا فسألته هل صلى فيه) أي في البيت (رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ (قال) بلال (نعم صلى بين العمودين) المقدمين (اليمانيين) من السطر الأول من الأعمدة، فلا ينافي ما تقدم في رواية نافع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3117 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس لليث بن سعد (قال) ابن عمر (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة ولم يدخلها) أي ولم يدخل الكعبة (معهم) أي مع هؤلاء الأربعة (أحد) من الناس، قال الأبي: والأظهر في اختصاص بلال وأسامة بالدخول معه أنه لاختصاصهما بخدمته
ثُمَّ أُغْلِقَتْ عَلَيهِمْ. قَال عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَأَخْبَرَنِي بِلالٌ أَوْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، بَينَ العَمُودَينِ الْيَمَانِيَينِ.
(3118)
- (1244)(224) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ بَكْرٍ. قَال عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. قَال: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ. قَال: لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ. وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ الْبَيتَ دَعَا مِنْ نَوَاحِيهِ
ــ
صلى الله عليه وسلم لا لفضلهما على غيرهما، وأما عثمان بن طلحة فلأنه صاحب المفتاح اهـ منه (ثم أغلقت) الكعبة (عليهم) أي على هؤلاء الأربعة أي أغلقها عليهم عثمان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم. قال سالم بالسند السابق (قال عبد الله بن عمر فأخبرني بلال أو) قال عبد الله فأخبرني (عثمان بن طلحة) بالشك من سالم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة) أي في داخلها (بين العمودين اليمانيين) المقدمين.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث ابن عباس س رضي الله عنهم فقال:
3118 -
(1244)(224)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعبد بن حميد) الكسي (جميعًا) أي كلاهما (عن) محمد (بن بكر) البرساني البصري (قال عبد) ابن حميد (أخبرنا محمد بن بكر) البرساني (أخبرنا ابن جريج قال قلت لعطاء) بن أبي رباح المكي (أسمعت) أي هل سمعت (ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (يقول) للناس (إنما أمرتم) أيها الناس في الكتاب والسنة (بالطواف) بالبيت (ولم تؤمروا بدخوله) أي بدخول البيت. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد طائفي وواحد بصري وواحد إما مروزي أو كسي، وفيه التحديث والإخبار والسماع والعنعنة والمقارنة ورواية صحابي عن صحابي (قال) عطاء في جواب سؤال ابن جريج (لم يكن) ابن عباس (ينهى) الناس (عن دخوله) أي عن دخول البيت إذا دخله لعدم ورود النهي عنه قال عطاء (ولكني) أي ولكن أنا (سمعته) أي سمعت ابن عباس (يقول أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا من نواحيه) أي في
كُلِّهَا. وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. حَتَّى خَرَجَ. فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ الْبَيتِ رَكْعَتَينِ. وَقَال: "هذِهِ الْقِبْلَةُ" قُلْتُ
ــ
جوانبه (كلها و) لكن (لم يصل) النبي صلى الله عليه وسلم (فيه) أي في جوف البيت (حتى خرج) من البيت، أجمع أهل الحديث في هذا الباب على الأخذ برواية بلال أنه صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وصلى فيها بين العمودين لأنه مثبت فمعه زيادة علم فوجب ترجيحه، أما أسامة فلبعده عن مقام بلال واشتغاله بالدعاء لم ير ما رآه بلال ولأن بإغلاق الباب تكون الظلمة مع احتمال أن يحجبه بعض الأعمدة فنفاها عملًا بظنه، والمراد بالصلاة: الصلاة المعهودة ذات ركوع وسجود ولهذا قال ابن عمر: ونسيت أن أسأله كم صلى؟ اهـ من النووي بزيادة من الزرقاني، ورواية بلال أيضًا مرجحة على رواية ابن عباس لأنه لم يكن يومئذ مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في بعض شروح البخاري، وقال بعض العلماء: يقدم إثبات بلال على نفي غيره كابن عباس لأمرين أحدهما أن ابن عباس لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ، وإنما أسند نفيه تارة لأسامة وتارة لأخيه الفضل مع أنه لم يثبت أن الفضل كان معهم إلا في رواية شاذة، وقد روى أحمد من طريق ابن عباس عن أخيه الفضل نفي الصلاة فيها فيحتمل أن يكون تلقاه عن أسامة فإنه كان معه كما تقدم، وقد وقع إثبات صلاته فيها عن أسامة من رواية ابن عمر عن أسامة عند أحمد وغيره فتعارضت الروايتان في ذلك عنه فترجح رواية بلال من جهة أنه مثبت وغيره ناف ومن جهة أنه لم يختلف عليه في الإثبات، واختلف على من نفى اهـ فتح الملهم (فلما خرج) صلى الله عليه وسلم من البيت (ركع) أي صلى من إطلاق الجزء وإرادة الكل اهـ (في قُبل البيت) بضم القاف والباء ويجوز إسكان الباء أي في أوله أو ما استقبلك منه كما في النهاية، قال النووي: وفي رواية الصحيح "فصلى (ركعتين) في وجه الكعبة" وهذا هو المراد بقبلها، ومعناه عند بابها (وقال) صلى الله عليه وسلم (هذه) الكعبة هي (القبلة) في صلاتكم معناه أن أمر القبلة قد استقر على استقبال هذا البيت فلا ينسخ بعد اليوم فصلوا إليه أبدًا ما دامت الصلاة، يحتمل أنه علمهم سنة موقف الإمام وأنه يقف في وجهها دون أركانها وجوانبها وإن كانت الصلاة في جميع جهاتها مجزئة هذا كلام الخطابي، ويحتمل معنى ثالثًا وهو أن معناه هذه الكعبة هي المسجد الحرام الذي أمرتم باستقباله لا كل الحرم ولا مكة ولا كل المسجد الذي حول الكعبة بل هي الكعبة نفسها فقط والله أعلم، قال ابن جريج أو عطاء أو ابن عباس (قلت
لَهُ: مَا نَوَاحِيهَا؟ أَفِي زَوَايَاهَا؟ قَال: بَلْ فِي كُلِّ قِبْلَةٍ مِنَ الْبَيتِ.
(3119)
- (1245)(225) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَفِيهَا سِتُّ سَوَارٍ. فَقَامَ عِنْدَ سَارِيةٍ فَدعَا، وَلَمْ يُصَلِّ.
(3120)
- (1246)(226) وحدّثني سُرَيجُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنِي هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. قَال: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى،
ــ
له) أي لعطاء أو لابن عباس أو لأسامة (ما) معنى (نواحيها) أي نواحي الكعبة في قوله دعا في نواحيه (أ) دعا (في زواياها) وأركانها أم في جهاتها (قال) عطاء أو ابن عباس أو أسامة (بل) معناه دعا (في كل قبلة) أي في كل جهة (من) جهات (البيت). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [398]، والنسائي [5/ 220 - 221].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر ثانيًا بحديث آخر لابن عباس رضي الله عنهم فقال:
3119 -
(1245)(225)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي العوذي البصري، ثقة، من (7)(حدثنا عطاء) بن أبي رباح (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها ست سوار) جمع سارية وهي الأسطوانة (فقام) صلى الله عليه وسلم (عند سارية) من سواريها (فدعا) الله سبحانه وتعالى (ولم يصل) فيها الصلاة المعهودة.
وانفرد المؤلف برواية هذا الحديث عن أصحاب الأمهات.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر ثالثًا بحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهم فقال:
3120 -
(1246)(226)(وحدثني سريج بن يونس) بن إبراهيم المروزي الأصل أبو الحارث البغدادي، ثقة، من (10)(حدثني هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد) سعد الأحمسي الكوفي، ثقة، من (4)(قال) إسماعيل (قلت لعبد الله بن أبي أوفى) علقمة بن خالد الأسلمي أبي إبراهيم الكوفي
صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيتَ فِي عُمْرَتِهِ؟ قَال: لَا
ــ
الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما، روى عنه في (5) أبواب. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم كوفيان وواحد واسطي وواحد بغدادي (صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ملازمه (أ) للاستفهام الاستخباري أي هل (دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت) أي الكعبة المشرفة (في عمرته) عمرة القضاء سنة سبع عام القضية (قال) ابن أبي أوفى (لا) أي ما دخل البيت في عمرته عمرة القضية، قال النووي: قال العلماء: وسبب عدم دخوله صلى الله عليه وسلم ما كان في البيت من الأصنام والصور ولم يكن المشركون يتركونه لتغييرها، فلما فتح الله تعالى عليه مكة دخل البيت وصلى فيه وأزال الصور قبل دخوله حتى إنه أبي أن يدخل البيت يوم الفتح إلى أن أخرجت الصور منه كما في صحيح البخاري والله أعلم اهـ، قال الحافظ: ويحتمل أن يكون دخول البيت لم يقع في الشرط فلو أراد دخوله لمنعوه كما منعوه من الإقامة بمكة زيادة على الثلاث فلم يقصد دخوله لئلا يمنعوه، وفي السيرة عن علي رضي الله عنه أنه دخلها قبل الهجرة فأزال شيئًا من الأصنام، وفي الطبقات عن عثمان بن طلحة نحو ذلك فإن ثبت ذلك لم يشكل على الوجه الأول لأن ذلك الدخول كان لإزالة شيء من المنكرات لا لقصد العبادة والإزالة في الهدنة كانت غير ممكنة بخلاف يوم الفتح اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1791]، وأبو داود [1902 و 1903].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول حديث ابن عباس الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عباس رضي الله عنهما وذكر فيه سبع متابعات، والثالث حديث ابن عمر رضي الله عنهما ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ست متابعات، والرابع حديث ابن عباس الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر، والخامس حديث ابن عباس الثالث ذكره للاستشهاد به ثانيًا لحديث ابن عمر، والسادس حديث عبد الله بن أبي أوفى ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر رضي الله عنهما والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *