الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
482 - (38) باب: بيان جواز التحلل بالإِحصار وجواز القران واقتصار القارن على طواف واحد وسعي واحد
(2869)
- (1199)(119) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما خَرَجَ فِي الْفِتْنَةِ مُعْتَمِرًا. وَقَال: إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
482 -
(38) باب بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران واقتصار القارن على طواف واحد وسعي واحد
2869 -
(1199)(119)(وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع أن عبد اللهِ بن عمر رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته (خرج) أي أراد أن يخرج من المدينة إلى مكة للحج كما سيظهر مما يأتي، وأما قوله (في) زمن (الفتنة معتمرًا) فمعناه كما في العسقلاني أنه خرج أولًا يريد الحج فلما ذكروا أمر الفتنة أحرم بالعمرة، والفتنة التي ذكروها له هي فتنة نزول حجاج بن يوسف الثقفي لقتال ابن الزبير، وفي شرح الموطإ للرزرقاني أنه لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية ولم يستخلف بقي الناس بلا خليفة شهرين وأيامًا فأجمع أهل الحل والعقد من أهل مكة فبايعوا عبد الله بن الزبير وتم له ملك الحجاز والعراق وبايع أهل الشام ومصر مروان بن الحكم فلم يزل الأمر كذلك حتى مات مروان وولي ابنه عبد الملك فمنع الناس الحج خوفًا أن يبايعوا ابن الزبير ثم بعث جيشًا أمر عليهم حجاجًا الثقفي ققاتل أهل مكة وحاصرهم حتى غلبهم وقتل ابن الزبير وصلبه وذلك سنة ثلاث وسبعين (73)(وقال) ابن عمر (إن صددت) ومنعت (عن) الوصول إلى (البيت) هذا الكلام قاله جوابًا لقول من قال له إنا نخاف أن يحال بينك وبين البيت كما أوضحته الرواية التي بعد هذه، وفيه جواز الخروج إلى النسك في الطريق المظنون خوفه إذا رجي السلامة، قاله ابن عبد البر (صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النواوي: معناه إن صددت وحصرت تحللت كما تحللنا عام الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله (صنعنا) بضمير الجمع يعني نفسه ومن معه من أولاده، وقوله (كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون عن البيت في الحديبية من التحلل من العمرة فإنه صلى الله عليه وسلم
فَخَرَجَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ. وَسَارَ حَتَّى إِذَا ظَهَرَ عَلَى الْبَيدَاءِ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَال: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ. أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ. فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا جَاءَ
ــ
تحلل من عمرته فيها ونحر هديه وحلق رأسه كما في صحيح البخاري، قال ابن عمر ذلك جوابًا لولديه عبد الله وسالم حين أشارا عليه بالتأخير ذلك العام كما يفهم مما يأتي، قال الحافظ: وفيه أن من أحصره العدو بأن منعه عن المضي في نسكه حجًّا كان أو عمرةً جاز له التحلل بأن ينوي ذلك وينحر هديه ويحلق رأسه أو يقصر منه اهـ (فخرج) ابن عمر من المدينة إلى مكة (فـ) لما وصل ذا الحليفة (أهل بعمرة) أي رفع صوته بالإهلال بها والتلبية (وسار) أي مشى وذهب من ذي الحليفة (حتى إذا ظهر) وارتفع وعلا (على البيداء) وهو موضع بين مكة والمدينة قدام ذي الحليفة، وهو في الأصل الأرض الملساء والمفازة (التفت إلى أصحابه) ورفقته (فقال ما أمرهما) أي ما شأن الحج والعمرة في جواز التحلل بالإحصار (إلا واحد) فضمير التثنية عائد إلى الحج والعمرة بمعونة المقام، وفي رواية الليث فيما يأتي ما شأن الحج والعمرة إلا واحد في حكم الإحصار وهو جواز التحلل منهما بسببه وقد ثبت تحلله صلى الله عليه وسلم من أجل الإحصار عام الحديبية من إحرامه بالعمرة وحدها، قال الزرقاني: فإذا جاز التحلل في العمرة مع أنها غير محدودة بوقت فهو في الحج أجوز، وفيه العمل بالقياس، قال النواوي: وفيه صحة القياس والعمل به وإن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يستعملونه فلهذا قاس الحج على العمرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تحلل من الإحصار عام الحديبية من إحرامه بالعمرة وحدها اهـ، لكن لما كان الإحرام بالحج مساويًا للإحرام بالعمرة في الحكم حمله عليه (أشهدكم) أيها الحاضرون عندي على (أني قد أوجبت) وألزمت نفسي (الحج مع العمرة) التي أحرمتها يعني أنه أردف الحج على عمرته المتقدمة فصار قارنًا، وفيه حجة على جواز الإرداف وهو مذهب الجمهور اهـ المفهم، قال شراح البخاري: الظاهر أنه أراد تعليم غيره وإلا فليس التلفظ شرطًا فضلًا عن الإشهاد، وفيه جواز إدخال الحج على العمرة وهو قول الجمهور لكن شرطه عند الأكثر أن يكون قبل الشروع في طواف العمرة، وقيل إن كان قبل مضي أربعة أشواط صح وهو قول الحنفية، وقيل قبل تمام الطواف وهو قول المالكية، ونقل ابن عبد البر أن أبا ثور شذ فمنع إدخال الحج على العمرة قياسًا على منع إدخال العمرة على الحج (فخرج) من البيداء ذاهبًا إلى مكة، ولفظ الموطإ ثم نفذ (حتى إذا جاء
الْبَيتَ طَافَ بِهِ سَبْعًا. وَبَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، سَبْعًا. لَمْ يَزِدْ عَلَيهِ. وَرَأَى أَنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْهُ. وَأَهْدَى.
(2870)
- (00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطانُ) عَنْ عُبَيدِ اللهِ. حَدَّثَنِي نَافِعٌ؛ أَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ
ــ
البيت) يعني أنه مضى ولم يصد عن البيت (طاف به سبعًا) طواف القدوم (و) سعى (بين الصفا والمروة سبعًا) سعي القارن، حالة كونه (لم يزد عليه) أي على السعي الواحد (ورأى) ابن عمر أي علم وتيقن (أنه) أي أن السعي الواحد (مجزئ) أي كاف (عنه) أي عن سعي حجه وعمرته كما تدل عليه الرواية الآتية (وأهدى) لأجل قرانه أي ذبحه بمنى يوم النحر لأنه وقته، وفي فتح الملهم قوله (حتى إذا جاء البيت طاف به سبعًا) الخ، هذه الرواية والروايات الآتية في الباب ظاهرة في أن الطواف المذكور إنما وقع في أول دخول مكة فهو عندنا محمول على طواف العمرة وقد تداخل فيه طواف القدوم للحج، وفي عمدة القاري ناقلًا عن الطحاوي: ولكن وجه ذلك عندنا والله تعالى أعلم أنه لم يطف لحجته طوافًا مستقلًا قبل يوم النحر لأن الطواف قبل يوم النحر في الحجة إنما يفعل للقدوم لا لأنه من صلب الحجة وركنها فاكتفى ابن عمر بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته اهـ، قوله (ورأى أنه مجزئ عنه) أي رأى أن ما فعله من طواف واحد مجزئ عن طواف القدوم المشروع في الحج وعن طواف العمرة وأن ما فعله من سعي واحد مجزئ عن إعادته السعي بعد طواف الإفاضة لأن السعي لا يتكرر هذا عند غير الأحناف، وأما عندهم فإن القارن يحتاج إلى طوافين وسعيين، وقوله (وأهدى) وفي رواية آتية زيادة هديًا اشتراه من قديد وهذا الهدي لا بد منه لمن جمع نسكين قرانًا أو تمتعًا، وشذ ابن حزم فقال: لا هدي على القارن، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [1813] والنسائي [5/ 158].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
2870 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى) بن سعيد (وهو القطان عن عبيد الله) بن عمر (حدثني نافع أن عبد الله بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب، وفي بعض روايات البخاري عبيد الله بن عبد الله بالتصغير، وعبيد الله المذكور شقيق سالم على ما ذكر في الخلاصة، قال البيهقي: عبد الله مكبرًا (وسالم بن عبد الله) أخاه
كَلَّمَا عَبْدَ اللهِ حِينَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيرِ. قَالا: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَحُجَّ الْعَامَ. فَإِنا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ بَينَ النَّاسِ قِتَالٌ يُحَالُ بَينَكَ وَبَينَ الْبَيتِ. قَال: فَإِنْ حِيلَ بَينِي وَبَينَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأنَا مَعَهُ. حِينَ حَالتْ كُفَّارُ قُرَيشٍ بَينَهُ وَبَينَ الْبَيتِ. أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى ذَا الْحُلَيفَةِ فَلَبَّى بِالْعُمْرَةِ. ثُمَّ قَال: إِنْ خُلِّيَ
ــ
(كلما) أباهما (عبد الله) بن عمر حين أراد الحج (حين نزل) مكة (الحجاج) بن يوسف الثقفي الجائر القتال) عبد الله (بن الزبير) فـ (قالا) له (لا يضرك) يا أبانا ولا يهمك (أن لا تحج) هذا (العام فإنا نخشى) ونخاف (أن يكون بين الناس) أي بين الحجاج وبين ابن الزبير (قتال) فـ (يحال بينك وبين البيت) أي يحجزونك عن الوصول إلى البيت، فيحال مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير المصدر؛ أي تقع الحيلولة بينك وبينه فتمنع من الوصول إليه (قال) ابن عمر في جوابهما (فإن حيل) وحجز (بيني وبينه) أي بيني وبين البيت، أي وقعت الحيلولة بيني وبينه (فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه) وقوله (حين حالت كفار قريش بينه وبين البيت) الظرف متعلق بفعل الرسول (أشهدكم) يا أولادي على (أني قد أوجبت) وألزمت نفسي (عمرةً) أي قال ذلك في بيته (فانطلق) أي ذهب من بيته (حتى أتى ذا الحليفة فلبى بالعمرة) وفي بعض روايات أيوب عن نافع فأهل بالعمرة من الدار، قال الحافظ: والمراد بالدار المنزل الذي نزل بذي الحليفة، ويحتمل أن يحمل على الدار التي بالمدينة ويجمع بأنه أهل بالعمرة داخل بيته ثم أعلن بها وأظهرها بعد أن استقر بذي الحليفة اهـ، ثم قال بعد أسطر إن قوله في رواية جويرية فأهل بالعمرة من ذي الحليفة ثم سار ساعةً ثم قال إنما شأنهما واحد يؤيد الاحتمال الأول في أن المراد بالدار المنزل الذي نزله بذي الحليفة، ووقع في رواية الليث أشهدكم أني قد أوجبت عمرةً ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد، ولو كان إيجابه العمرة من داره التي بالمدينة لكان ما بينها وبين ظاهر البيداء أكثر من ساعة اهـ. (قلت) وهذا عجيب منه فإنه لما أراد بقوله أهل بالعمرة من ذي الحليفة على الاحتمال الثاني الإظهار والإعلان فيراد بقوله ثم سار ساعة أيضًا السير بعد ذلك الإعلان والإظهار وهذا واضح.
(ثم) بعدما لبى بالعمرة (قال) ابن عمر (إن خلي) بالبناء للمجهول مع تشديد اللام
سَبِيلِي قَضَيتُ عُمْرَتِي. وَإِنْ حِيلَ بَينِي وَبَينَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ. ثُمَّ تَلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْبَيدَاءِ قَال: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ. إِنْ حِيلَ بَينِي وَبَينَ الْعُمْرَةِ حِيلَ بَينِي وَبَينَ الْحَجِّ. أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى ابْتَاعَ بِقُدَيدٍ هَدْيًا. ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بِالْبَيتِ وَبَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
ــ
(سبيلي) نائب فاعل؛ أي إن كان طريقي إلى مكة خاليًا من الموانع (قضيت) أي أديت (عمرتي) التي أحرمتها (وإن حبل) أي حجز (ببني وبينه) أي وبين سبيلي أي إن حجزني مانع من سلوكي في طريق مكة (فعلت) في عمرتي كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته (وأنا معه) حين صده المشركون من الوصول إلى مكة عام الحديبية (ثم تلا) أي قرأ ابن عمر قوله تعالى ({لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ}) صلى الله عليه وسلم {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] أي قدوة حسنة (ثم) بعد تلاوته (سار) أي ذهب من ذي الحليفة (حتى إذا كان بظهر البيداء) أي وسط البيداء (قال ما أمرهما) أي ما شأن الحج والعمرة في حكم الإحصار (إلا واحد) أي متحد (إن حبل) أي إن حصلت الحيلولة (بيني وبين العمرة) فقد (حيل بيني وبين الحج أشهدكم) أيها الأولاد، خطاب لسالم وعبيد الله ومن معهما على (أني قد أوجبت) وأحرمت (حجةً مع عمرة) فأدخل الحج على العمرة فصار قارنًا (فانطلق) أي ذهب من البيداء (حتى) إذا وصل قديدًا (ابتاع) أي اشترى (بقديد هديًا) أتى دمًا لقرانه وساق معه إلى مكة، وقديد -بضم القاف وفتح الدال مصغرًا- اسم موضع بين مكة والمدينة، وهو في الأصل اسم ماء هناك اهـ وقوله (ما أمرهما إلا واحد) أي في حكم الصد يعني أنه من صد عن البيت بعدو فله أن يحل من إحرامه سواء كان محرمًا بحج أو عمرة وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما صد عن عمرة لكن لما كان الإحرام بالحج مساويًا للإحرام بالعمرة في الحكم حمله عليه وقوله (أشهدكم أني قد أوجبت حجة) يعني أنه أردف الحج على عمرته المتقدمة فصار قارنًا، وفيه حجة على جواز الإرداف وهو مذهب الجمهور، وقوله (ابتاع بقديد هديًا) أي اشتراه هناك وقلده وأشعره يعني الهدي الذي وجب عليه لأجل قرانه اهـ من المفهم (ثم) بعد وصوله إلى مكة (طاف لهما) أي للحج والعمرة (طوافًا واحدًا) يعني طواف القدوم لاندراج العمرة تحت الحج (بالبيت و) سعى (بين الصفا والمروة) سعيًا واحدًا ولم
ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا بِحَجَّةٍ، يَوْمَ النَّحْرِ.
(2871)
- (00)(00) وحدَّثناه ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ. قَال: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ الْحَجَّ حِينَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيرِ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ هذِهِ الْقِصَّةِ. وَقَال فِي آخِرِ الْحَدِيثِ؛ وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ جَمَعَ بَينَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ. وَلَمْ يَحِل حَتَّى يَحِل مِنْهُمَا جَمِيعًا
ــ
يحصل له ما توهمه من الصد، وفيه دليل على جواز إحرام من توقع الصد وتوهمه بخلاف من تحققه فإنه لا يكون له حكم المصدود اهـ من المفهم (ثم) بعد طوافه وسعيه (لم يحل منهما حتى حل منهما بحجة) أي بفراغه من أعمال الحج (يوم النحر) من الرمي والحلق والذبح وطواف الإفاضة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
2871 -
(00)(00)(وحدثناه) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله (حدثنا عبيد الله) بن عمر العدوي (عن نافع قال أراد ابن عمر الحج حين) أي عام (نزل الحجاج) الجائر مكة (بـ) سبب قتال (ابن الزبير) وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة عبد الله بن نمير لمالك بن أنس ويحيى القطان (واقتص) عبد الله بن نمير (الحديث) السابق (بمثل هذه القصة) المذكورة في حديث يحيى القطان (وقال) عبد الله بن نمير (في آخر الحديث وكان) ابن عمر (يقول من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد) أي سعي واحد الذي سعاه بعد طواف القدوم لأن السعي لا يتكرر، وقال القرطبي: يعني الطواف بين الصفا والمروة وأما الطواف بالبيت فلا يصح أن يقال فيه إنه اكتفى بطواف القدوم عن طواف الإفاضة لأنه هو الركن الذي لا بد منه للمفرد والقارن ولا قالْل بان طواف القدوم يجزئ عن طواف الإفاضة بوجه اهـ من المفهم (ولم يحل) القارن من إحرامه (حتى يحل منهما) أي من الحج والعمرة (جميعًا) أي كليهما يوم النحر باعمال الحج كما مر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2872)
- (00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَن ابْنَ عُمَرَ أرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيرِ. فَقِيلَ لَهُ: إِن النَّاسَ كَانَ بَينَهُمْ قِتَالٌ. وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصدُّوكَ. فَقَال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. إِنًي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً. ثمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيدَاءِ قَال: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلا وَاحِدٌ. اشْهَدُوا (قَال ابْنُ رُمْحٍ: أُشْهِدُكُمْ) أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي. وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيدٍ. ثُمَّ انْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا. حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. فَطَافَ بالْبَيتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
ــ
2872 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (ح وحدثنا قتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (واللفظ) الآتي (له) أي لقتيبة لا لمحمد بن رمح (حدثنا ليث عن نافع أن ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج) بن يوسف التابعي الجائر مكة (بابن الزبير) أي لقتاله. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ليث بن سعد لمن روى عن نافع من مالك ومَنْ بعده (فقيل له) أي قال له أولاده (أن الناس) يعني فريق ابن الزبير وفريق الحجاج (كان بينهم قتال) في هذه السنة (وإنا) نحن (نخاف) ونخشى (أن يصدوك) أي أن يمنعوك عن الوصول إلى مكة، فلو جلست في هذه السنة (فقال) ابن عمر في جواب طلباتهم ({لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}) إن صدوني (أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون عام الحديبية (غني أشهدكم) على (أني قد أوجبت) وأحرمت (عمرةً ثم خرج) من ذي الحليفة ومشى (حتى إذا كان بظاهر البيداء) أي بأعلاها ومرتفعها (قال ما شأن الحج والعمرة) أي ما حكمهما في الإحصار عنهما (إلا واحد) وهو التحلل في موضع الإحصار بذبح وحلق (أشهدوا) يا أولادي (قال ابن رمح) في روايته (أشهدكم) على (أني قد أوجبت) أي أحرمت وأردفت (حجًّا مع عمرتي) إنما أخبرهم بذلك ليقتدوا به في ذلك (وأهدى) قلد وأشعر (هديًا اشتراه بقديد) والجملة الفعلية صفة لهديًا (3) بعد ما قلد هديه (انطلق) أي ذهب إلى مكة، حالة كونه (يهل) أي يلبي (بهما) أي بالحج والعمرة (جميعًا) وقوله (حتى قدم مكة) غاية الإهلال (فـ) لما قدم مكة (طاف بالبيت) طواف القدوم (و) سعى (بالصفا والمروة) أي بينهما سعي الحج
وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذلِكَ. وَلَمْ يَنْحَرْ. وَلَمْ يَحْلِقْ. وَلَمْ يُقَصِّرْ. وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيءٍ حَرُمَ مِنْهُ. حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ. وَقَال ابْنُ عُمَرَ: كَذلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(2873)
- (00)(00) حدَّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ. كِلاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِهذِهِ الْقِصَّةِ. وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
ــ
والعمرة لاندراج العمرة تحت الحج (ولم يزد) في عمله (على ذلك) الطواف والسعي أي لم ينحر هديه ولم يحلق رأسه بعدهما للتحلل كما بينه بقوله (ولم ينحر) ابن عمر هديه (ولم يحلق) رأسه (ولم يقصر) هـ (ولم يحلل) أي لم يصر حلالًا (من شيء حرم) أي منع (منه) من محظورات الإحرام (حتى كان) وجاء (يوم النحر فنحر) هديه (وحلق) رأسه (ورأى) أي أيقن (أن قد قضى) وأدى (طواف الحج والعمرة) أي سعيهما (بطوافه الأول) أي بسعيه الذي سعى بعد طواف القدوم (وقال ابن عمر كذلك) أي مثل ما فعلت في التحلل (فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالطواف بين الصفا والمروة حين طاف للقدوم ولم يعد السعي، وفيه حجة على أبي حنيفة إذ قال: إن القارن لا يكتفي بعمل واحد بل لا بد من عمل واحد من الحج والعمرة اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
2873 -
(00)(00)(حدثنا أبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (وأبو كامل) الجحدري فضيل بن حسين البصري (قالا حدثنا حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8)(ح وحدثني زهير بن حرب) الحرشي النسائي (حدثني إسماعيل) ابن علية الأسدي البصري، ثقة، من (8)(كلاهما) أي كل من حماد وإسماعيل (عن أيوب) ابن أبي تميمة السختياني البصري (عن نافع عن ابن عمر) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لليث بن سعد أي روى أيوب عن نافع (بهذه القصة) التي ذكرها الليث (ولم يذكر) أيوب في روايته (النبي صلى الله عليه وسلم بالنصب على
إلا فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ. حِينَ قِيلَ لَهُ: يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيتِ. قَال: إِذَنْ أَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: هكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. كَمَا ذَكَرَهُ اللَّيثُ
ــ
المفعولية (إلا في أول الحديث حين قيل له) أي لابن عمر (يصدوك) أي يصدك الناس ويمنعونك (عن (الوصول إلى (البيت) الشريف، وقوله (يصدوك) كذا بإسقاط النون اختصارًا مما سبق في قول القائل وإنا نخاف أن يصدوك، وفي بعض النسخ يصدونك بإثباتها اهـ من بعض الهوامش (قال) ابن عمر في جواب أولاده (إذن أفعل) بالنصب بإذن لأنها حرف جواب وجزاء أي إن صدوني أفعل وأصنع (كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده المشركون (ولم يذكر) أيوب في روايته (في آخر الحديث) لفظة (هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره الليث) في روايته، وهذا بيان لمحل المخالفة بين رواية الليث وأيوب.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وذكر فيه أربع متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***