الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
473 - (29) باب: في الاختلاف في المتعة بالحج والعمرة
(2827)
- (1187)(107) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحدِّثُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. قَال: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ. وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيرِ يَنْهَى عَنْهَا. قَال: فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِجابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ. فَقَال: عَلَى يَدَيَّ دَارَ الْحَدِيثُ. تَمَتَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ قَال: إِنَّ اللهَ كَانَ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ. وَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَزلَ مَنَازِلَهُ. فَأتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ. كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ
ــ
473 -
(29) باب في الاختلاف في المتعة بالحج والعمرة
2827 -
(1187)(107)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن المثنى) في روايته (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي المعروف بغندر (حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة) العبدي المنذر بن مالك بن قطعة بكسر القاف وسكون الطاء، وفي التقريب: بضم القاف وفتح الطاء، ثقة، من (3)(قال) أبو نضرة (كان ابن عباس يأمر بالمتعة) أي يجوزها ويرخص فيها (وكان) عبد الله (ابن الزبير ينهى عنها قال) أبو نضرة (فذكرت ذلك) الاختلاف الواقع بينهما الجابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال القرطبي: هذه المتعة التي اختلف فيها هي فسخ الحج إلى العمرة التي أمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم فكان ابن عباس يرى أن ذلك جائز لغير الصحابة، وكان ابن الزبير يرى أن ذلك خاص بهم (فـ) هي التي (قال) فيها جابر بن عبد الله (على يدي دار الحديث) أي وقع في حضرتي ذلك الحديث أي فعلى الخبير سقطت (تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أي فسخنا حجنا إلى العمرة وتحللنا منها (فلما قام عمر) بن الخطاب خليفةً عن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم منعها، واستدل على منعها بقول الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله حيث (قال) عمر (إن الله) سبحانه وتعالى (كان يحل لرسوله ما شاء) من الأحكام (بما شاء) من الوحي يشير بذلك إلى أن ذلك خاص بهم (وإن القرآن قد نزل منازله) بالنصب على الظرفية أي في أوقات نزوله وهي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بإتمامها منطوقًا، ونهى عن فسخهما مفهومًا (فأتموا) أيها الناس (الحج والعمرة لله كما أمركم الله) تعالى بإتمامهما في هذه
وَابِتُّوا نِكَاحَ هذِهِ النِّسَاءِ. فَلَنْ أُوتَى بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ، إلا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ
ــ
الآية ولا تفسخوا الحج إلى العمرة لأن ذلك خاص بالصحابة، قال القرطبي: أيضًا ولا معنى لقول من قال إن اختلافهما كان في الأفضل بين المتعة التي هي الجمع بين الحج والعمرة في عام واحد وسفر واحد وبين غيرها من الإفراد والقرآن لأنه لو كان اختلافهما في ذلك لكان استدلال عمر ضائعًا إذ كان يكون استدلالًا في غير محله غير أنه لما كان لفظ المتعة يطلق عليهما بالاشتراك خفي على كثير من الناس، وكذلك يصلح هذا اللفظ لمتعة النكاح ولذلك ذكرهما جابر عن عمر في نسق واحد، وكان ابن عباس أيضًا خالف في متعة النكاح ولم يبلغه ناسخها على ما يأتي في النكاح إن شاء الله تعالى اهـ من المفهم، وقول جابر في الرواية الآتية (فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهى عنهما عمر رضي الله عنه فلم نعد لهما) هذا يدل على أن إجماع الصحابة انعقد على ترك العمل بتينك المتعتين وأن تينك خاصتان بهم ممنوعتان في حق غيرهم كما قال أبو ذر.
وقول عمر (إن القرآن قد نزل منازله) أي استقرت أحكامه وثبتت معالمه فلا يقبل النسخ ولا التبديل بعد أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك أن متعة الحج قد رفعت لما أمر الله تعالى بإتمام الحج والعمرة ومتعة النكاح أيضًا كذلك لما ذكر الله شرائط النكاح في كتابه وبيَّن أحكامه فلا يزاد فيها ولا ينقص منها شيء ولا يغير.
(و) قال عمر أيضًا (أبتوا نكاح هذه النساء) اللاتي عقد عليهن نكاح المتعة أي اقطعوا نكاحهن وأبدوه ولا تقيدوه بمدة كشهر أو شهرين أمر من الإبتات، يقال بت وأبت بمعنى قطع وهذا منه أمر وتهديد ووعيد شديد لمن استمر على ذلك النكاح بعد هذه التقدمة والإعلان، قال النواوي: ومتعة النكاح هي نكاح المرأة إلى أجل فكان مباحًا، ثم نسخ يوم خيبر، ثم أبيح يوم الفتح، ثم نسخ في أيام الفتح واستمر تحريمه إلى الآن وإلى يوم القيامة، وقد كان فيه خلاف في العصر الأول ثم ارتفع وأجمعوا على تحريمه، ثم قال عمر (فلن أوتى) بالبناء للمفعول (برجل نكح امرأةً) مؤجلًا نكاحها (إلى أجل) معلوم أو مجهول (إلا رجمته بالحجارة) على جهة التغليظ، وظاهره أنه كان يرجمه
(2828)
- (00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ
ــ
لأنه قد كان حصل عنده على القطع والبتات نسخ نكاح المتعة، ثم إنه تقدم بهذا البيان الواضح والتغليط الشديد فكأنه لو أتي بمن فعل ذلك بعد تلك الأمور لحكم له بحكم الزاني المحصن ولم يقبل له اعتذارًا بجهل ولا غيره، قال أبو عمر بن عبد البر: لا خلاف بين العلماء في أن التمتع المراد بقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي أنه الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج في عام واحد وسفر واحد من غير المكي، قال غيره: عليه كافة فقهاء الأمصار، وروي عن الحسن إسقاط شرط الحج من عامه، ورأى أن على المعتمر في أشهر الحج هديًا حج أو لم يحج، وروي عنه إسقاط شرط العمرة في أشهر الحج، وقال: إن اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فعليه الهدي، وهذان القولان شاذان لم يقل بهما أحد من العلماء غيره اهـ من المفهم، وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
[تتمة] قال المازري: اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحج، فقيل هي فسخ الحج إلى العمرة وقيل هي العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامه وعلى هذا إنما نهى عنها ترغيبًا في الإفراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها، وقال القاضي عياض: ظاهر حديث جابر وعمران وأبي موسى أن المتعة التي اختلفوا فيها إنما هي فسخ الحج إلى العمرة قال ولهذا كان عمر رضي الله عنه يضرب الناس عليها ولا يضربهم على مجرد التمتع في أشهر الحج وإنما ضربهم على ما اعتقده هو وسائر الصحابة أن فسخ الحج إلى العمرة كان خصوصًا في تلك السنة للحكمة التي قدمنا ذكرها من زجرهم عما كانوا عليه في الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور وأقبح الذنوب هذا كلام القاضي. (قلت) والمختار أن عمر وعثمان وغيرهما إنما نهوا عن المتعة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه ومرادهم نهي أولوية للترغيب في الإفراد لكونه أفضل، وقد انعقد الإجماع بعد هذا على جواز الإفراد والتمتع والقران من غير كراهة، وإنما اختلفوا في الأفضل منها وقد سبقت هذه المسئلة مستوفاةً كذا في شرح النووي.
وقد ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
2828 -
(00)(00)(وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الأنصاري مولاهم أبو عثمان الصفار البصري، قال العجلي: ثقة ثبت، من كبار العاشرة
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال فِي الْحَدِيثِ: فَافْصِلُوا حَجَّكُمْ مِنْ عُمْرَتِكُمْ. فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ. وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ.
(2829)
- (00)(00) وحدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ وَقُتَيبَةُ. جَمِيعًا عَنْ حَمَّاد. قَال خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ. قَال: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما. قَال: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيكَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً
ــ
(حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي البصري، ثقة ثبت ربما وهم، من (7)(حدثنا قتادة) بن دعامة البصري، ثقة، من (4) وهذا السند من سداسياته أيضًا، غرضه بيان متابعة همام بن يحيى لشعبة في رواية هذا الحديث عن قتادة (بهذا الإسناد) يعني عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه (و) لكن (قال) همام (في) رواية هذا (الحديث فافصلوا) أي أفردوا (حجكم من عمرتكم) ثم اعتمروا (فإنه) أي فإن إفراد الحج وفصله عن العمرة (أتم) أي أكثر أجرًا (لحجكم وأتم) أي أكثر أجرًا (لعمرتكم) لما في الإفراد من كثرة الأعمال.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله تعالى عنه هذا فقال:
2829 -
(00)(00)(وحدثنا خلف بن هشام) بن ثعلب البزار -بالراء آخره- البغدادي المقرئ، ثقة، من (10)(وأبو الربيع) الزهراني سليمان بن داود البصري (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (جميعًا عن حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري (قال خلف) في روايته عنه (حدثنا حماد بن زيد عن أيوب) السختياني (قال سمعت مجاهدًا) ابن جبر المكي (يحدث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما هذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة مجاهد لأبي نضرة (قال) جابر (قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول) أي أغلبنا يقول (لبيك بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أمر من لم يسق الهدي منا (أن نجعلها) أي نجعل حجتنا (عمرةً) فعملنا أعمال العمرة فتحللنا منها إلى يوم التروية، وظاهره أنهم فسخوا الحج إلى العمرة فاختلف هل هو خاص بهم أم للأبد؟ .
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث جابر رضي الله تعالى عنه هذا وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.