الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد مرت علاقة الإنسان ببيئته بتطورات كثيرة بدأت منذ مئات الآلاف من السنين حين كان الإنسان مجرد جامع لثمار النبات وأوراقه وجذوره، وفي هذه المرحلة لم يتعد أثر الإنسان أثر آكلات العشب، ثم تحول الإنسان إلي صائد قناص للحيوانات فأضحى أثره شبيهًا بآكلات اللحوم، تلت ذلك مرحلة استقرار وزراعة، أي مرحلة إنتاج للطعام بعد أن كان مجرد مستهلك، وفي تلك المرحلة أحدث الإنسان بعض تغيرات في بيئته لكنها لم تضر البيئة، ثم جاءت مرحلة الصناعة واستخدام المواد الكيماوية وتلويث الجو بأدخنة المصانع فظهرت مشكلات بيئية عديدة.1
إن الإنسان بطبيعته لا يستطيع العيش بعيداً عن موارد رزقه وعن أفراد جنسه، وبما أن موارد الرزق ليست موزعة بالتساوي على سطح كوكب الأرض فإننا نجد بنى البشر يكثرون في مناطق ويقلون أو ينعدمون في مناطق أخرى. ويختلف تأثيرهم في بيئاتهم تبعًا لأعدادهم وأساليب استغلالهم لموارد البيئة.
1 الإنسان والبيئة "1411هـ-1990م"، مكتب التربية العربي لدول الخليج، ص13-15.
توزيع السكان على سطح الأرض والعوامل المؤثرة فيه
مدخل
…
أولاً: توزيع السكان على سطح كوكب الأرض والعوامل المؤثرة فيه
ليس في مقدورنا أن نرجع في دراسة الإنسان إلى ما قبل العصر الحجري حينما احترف الجمع والالتقاط ثم تعلم الصيد واعتصم بالكهوف وكان أسيرا لظروف بيئته والمصادفات. ويقدر بعض الباحثين عدد السكان في العالم لفترة نهاية العصر الحجري القديم بنحو 5 مليون نسمة، ويبنون تقديرهم هذا على أساس أن عدد السكان كان محدوداً ولم يزد لاعتمادهم على الصيد، والصيد كثير الأخطار وغير مضمون إذ إنه يرتبط بالحيوان والحيوانات تتوزع في مساحات شاسعة وهى سريعة العدو
ويقدر بعض العلماء أن فترة الجمع والالتقاط قد استمرت مدة طويلة جدًّا استغرقت ما بين 98-99% من فترة وجود الإنسان على سطح هذا الكوكب.
وتقدم الإنسان خطوة أخرى على درب حضارته الطويل، فاهتدى إلى استئناس الحيوان وكان الكلب هو أول ما استأنسه الإنسان1، ثم بدأت الحيوانات الأخرى تتوالى في أسر الاستئناس، ويقدر عدد الحيوانات التي استأنسها الإنسان ببضعة وأربعين نوعًا. وكان نتيجة استئناس الحيوانات أن أصبح الإنسان حريصًا على حيواناته يحافظ عليها بعد أن كان يطاردها، وهكذا أصبح غذاؤه متوافرًا إلى حد ما، مما أدى إلى زيادة عدد سكان العالم حتى وصل إلى 20 مليونًا في نهاية العصر الحجري الحديث كما قدر العلماء.
وتعزى زيادة السكان في العصر الحجري الحديث إلى اكتشاف الزراعة، ويعد هذا الاكتشاف ذا أثر مهم في حياة الإنسان، إذ إنه اكتشف الاستقرار والتعاون والاطمئنان مع اكتشاف الزراعة، ولم يعد الإنسان يعيش تحت رحمة الحيوان صيدًا أو رعيًا، مطاردًا أو مصاحبًا، بل اعتمد على مساحة من الأرض تعطي الزرع سنويًّا فأصبح مورد الغذاء ثابتًا مضمونًا ومتجدداً ويفي بحاجات عدد كبير من البشر.
1 يعتقد بعض العلماء أن الكلب استأنس نفسه بنفسه إذ إنه تبع الإنسان في حله وترحاله واعتمد على بقايا طعامه من لحوم وعظام وجلود ونفايات.
تطور عدد سكان قارات العالم "بالمليون"
1650-
1999 1
1 world almanac، 2000، p.878.
1 انقسم الاتحاد السوفيتي في 25 ديسمبر 1991م إلى 21 جمهورية تتمتع باستقلال ذاتي يبلغ إجمالي مساحاتها أكثر من 76% من مساحة الاتحاد السوفيتي السابق، وأصبح الاسم روسيا الفيدرالية أو الاتحادية وهي أكبر دول العالم مساحة.
لقد انتقل الإنسان من حياة تعتمد على الحظ إلى حياة تعتمد على التخطيط، حيث بدأ في إنتاج المواد الغذائية عن طريق التوسع في الزراعة واستئناس الحيوان، ويطلق علماء الآثار على الفترة التي تحول فيها الإنسان إلى إنتاج الطعام عن طريق الزراعة واستئناس الحيوان اسم "حضارة العصر الحجري الحديث Neolithic ". وقد بدأت هذه المرحلة بعد الألف السابعة قبل الميلاد، ولقد نشأت وترعرعت هذه الحضارة في بلاد ما بين النهرين ووادي النيل ووادي نهر السند. وكانت أشهر الحبوب الزراعية الموجودة هناك آنذاك القمح والشعير، ومع ازدياد وسائل إنتاج الطعام ازداد عدد سكان العالم حتى بلغ 100 مليون في سنة 300 ق. م، ووصل عدد سكان الأرض في الألف الأولى بعد الميلاد إلى 400 مليون نسمة، وزاد هذا العدد إلى 470 مليونًا سنة 1650م وفق تقدير ويلكوس الأمريكي Willcox. وتبعا لتقديرات الأمم المتحدة وكارسوندرز Carr Saunders فإن سكان العالم قد تضاعفوا أربع مرات ونصف على مدى ثلاثة قرون أي في الفترة الواقعة ما بين 1650، 1950م وأصبح عددهم حوالي 2564 مليون نفس "شكل 70".
وقدر عدد سكان العالم سنة 2000م "1421هـ" بأكثر من 6000 مليون نسمة يتوزعون على مساحة من اليابس تقدر بنحو 135.8 مليون كم2 باستثناء القارة القطبية الجنوبية. وتصل نسبة الزيادة الصافية للسكان 1.7% سنويًّا أو ما يزيد على 90 مليون شخص كل عام.
شكل "70" تطوير عدد سكان العالم
ويتوزع سكان العالم بين السلالات حسب اللون على النحو التالي:
توزيع سكان العالم بين السلالات حسب اللون
ويتوزع السكان على سطح الأرض توزيعا غير متساو، فمثلا نجد أن 90% من السكان يشغلون مساحة تصل إلى 10% من مساحة اليابس. ويعيش غالبية السكان شمالي خط الاستواء، حيث يعيش نحو 80% من سكان العالم بين دائرتي عرض 20 ْو60 ْشمالاً. وأهم تجمعاتهم هي شمال غرب أوروبا وشرقي آسيا، ولا يعيش جنوبي خط الاستواء سوى 10% من مجموع سكان العالم، وأول ما يخطر ببالنا أن هناك ارتباطاً وثيقا بين الإنسان وبيئته وأن توزيع السكان على سطح الأرض يمكن تفسيره من قراءة ظروف بيئته، لكننا نرى أن هناك أقاليم لم تتغير طبيعتها ومع ذلك تغير توزيع السكان فيها، ومن أمثلة ذلك أمريكا الشمالية قبل اكتشافها وحالتها الآن.
وما نخرج به من دراسة توزيع السكان على سطح الأرض هو أن هناك مجموعة من الظروف الجغرافية الطبيعية والعوامل البشرية تتضامن في تفسير هذا التوزيع.