الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الكون فإننا سنقوم بمعالجة هذه المجموعة بشيء من الإيحاز في الصفحات التالية:
بداية الكون:
من أهم الاكتشافات الفلكية في القرن العشرين هو التحقق من أن جميع المجرات تتباعد عن مجرتنا بسرعات رهيبة، كما تتباعد كل مجرة عن الأخرى، مما يشير إلى أن الكون يتمدد، وقد أوحى هذا الاكتشاف إلى علماء الفلك إلى أن الكون كان مندمجًا ومتضامًّا أي كان "رتقًا"، وذلك منذ أزمنة سحيقة، ثم حدث انفجار مروع وانفتاق هائل منذ ما بين 8 إلى 20 بليون سنة صحبته درجات حرارة لا نهائية قدرها العلماء بعد مولد الكون بثانية واحدة بنحو عشرة بلايين درجة مئوية، وفي درجات الحرارة العالية جدًّا تتحرك الجسيمات بسرعة هائلة تفوق جميع قوى الجذب النووية أو الكهرومغناطيسية، وعندما يبرد الكون تبرد الجسيمات وتتجمع وتبدأ في الالتصاق ببعضها، وبعد مئات الآلاف من السنين من حدوث "الانفتاق" انخفضت درجات الحرارة بحيث تمكنت الألكترونات والنوايا أن تتجمع لتشكيل الذرة الثابت، وقد تكونت المواد الأساسية للكون من الهيدروجين والهيليوم والليثيوم.
وأطلق جورج جامو "Gamou" على بداية الكون بهذه الطريقة، الفرقعة المروعة "Big Bang" وافترض أن مواد الكون كانت متجمعة في نقطة واحدة، وكانت كثافتها لا نهائية، وأطلق على هذه النقطة "نقطة الآحاد Singularity ". ثم حدث الانفتاق الهائل وأخذ الكون يتمدد ويتسع، وما زال كذلك؛ حيث ثبت ذلك علميًّا، ويعد هذا الاكتشاف من أعظم الثورات الفكرية في القرن العشرين؛ لأنه أثبت خطأ ألبرت أينشتين
"صاحب نظرية النسبية" التي ترى أن الكون استاتيكي أي ثابت الحجم1.
إن ما وصلت إليه هذه الاكتشافات العلمية يتفق تمامًا مع ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} [سورة الأنبياء، آية: 30] ، فالآية الكريمة تشير إلى أن الكون، ممثلًا في السماوات والأرض، كان متصلاً متضامًّا أو وحدة واحدة، وهذا ما عبرت عنه نظرية الفرقعة المروعة بنقطة الآحاد ثم حدث الانفجار وتوالى اتساع الكون الذي لا يزال مستمرًّا، حيث ثبت ذلك بالقياسات العلمية فيما يعرف بتأثير دوبلر Doppler effect، وتفسير ذلك أن الضوء يتكون من سبعة ألوان، لكل لون موجة وذبذبة معينة، وأقصر موجة هى أعلى ذبذبة وهي اللون الأزرق، وأطول موجة هي الأقل ذبذبة وهي اللون الأحمر، وعلى ذلك فكلما ابتعد النجم أو المجرة كلما حدث ابتعاد في اللون الأحمر، كالصوت؛ كلما بعد مصدر الصوت كلما ضعف الصوت، ولا شك أن هذا الاكتشاف العلمي يتفق مع ما جاء في القرآن الكريم منذ خمسة عشر قرنًا في قوله تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [سورة الذاريات، آية: 47] . وهكذا يتزايد فهم الإنسان لوجوه الإعجاز المتعددة في القرآن الكريم كلما ازداد علمًا، وإعجاز القرآن لم يتوقف ولن يتوقف، بنص حديث النبى صلى الله عليه وسلم:"لا تنقضي عجائبه"2.
1 يحيى المحجري "1991م": آيات قرانية في مشكاة العلم، المختار الإسلامي، القاهرة، ص 38-42.
2 محمد محمود محمدين "1419هـ/199م": الشعراوي والإشارات الجغرافية القرآنية، دار الخريجي، الرياض، ص6.