الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باستمرار فوق الأهداف وتعطي تقارير وافية عن الظروف الجوية. وأوضحت تلك التقارير بأن ظروف هيروشيما مناسبة ولا توجد سحب تحجبها فألقيت عليها أول قنبلة ذرية في أغسطس عام 1945م.
وعندما ندرس معارك أمريكا في فيتنام نجد أن هذه المعارك كانت موسمية، بمعنى أن الفيتناميين كانوا يشنون هجماتهم في فصل الصيف فصل المطر لعجز الطيران الأمريكي عن أداء دوره بنجاح بسبب كثرة السحب في الصيف1، كما أن الدبابات والمصفحات كانت تجد مشقة كبيرة بسبب الأوحال التي تنشأ عن الأمطار الموسمية فوق تربات رسوبية.
وإذا كان الفيتناميون قد تخصصوا في هجمات الصيف، فإن القوات الأمريكية كانت تشن هجماتها شتاء؛ وهو فصل الجفاف وندرة السحب.
من الأمثلة السابقة يتضح لنا أن للمعرفة الجغرافية دورا مهما في المعارك الحربية، ولقد أصبحت دراسة ظروف البيئة الجغرافية واستغلالها في المعارك فرعا مهما من فروع الجغرافية التطبيقية هو الجغرافية العسكرية، والتي يمكن إيجاز تعريفها في أنها فن استغلال ظروف البيئة الجغرافية في خدمة المعارك العربية.
1 أمطار فيتنام أمطار موسمية تسقط في فصل الصيف.
الجغرافية والمشكلات البيئية
مدخل
…
الجغرافيا والمشكلات البيئية
تعد الدراسات البيئية من أبرز التطورات العلمية الحديثة التي بدأت تتبلور منذ أقل من ربع قرن، ولقد أحدثت هذه الدراسات صدًى إيجابيا لتحذيرات العلماء من أخطار تلوث البيئة، ومنذ ذلك الوقت اهتم كثير
من العلماء من تخصصات مختلفة بالدراسات البيئية كل من زاوية تخصصه، فالبيئة بتعدد جوانبها الطبيعية والبشرية مجال رحب فسيح يسع الباحثين على اختلاف تخصصاتهم ذات العلاقة، وليس من المبالغة أو من ضروب التحيز أن نقول إن الجغرافيا أنسب العلوم وأقدرها على الدراسات البيئية، ويزكيها لهذه المكانة ما تتسم به من شمولية المعالجة لأبعاد البيئة بشقيها الطبيعي والبشري.
إن الإنسان يعتمد على النبات والحيوان في توفير كثير من حاجاته الغذائية، وهو يحاول استغلال هذه الموارد بطريقة منظمة ليضمن تلبية احتياجاته وزيادة الإنتاج من نفس الإمكانات المتاحة، وهو هنا يتعامل مع نظام معقد يقوم على التفاعل المتوازن بين كائنات البيئة الحية أو ما يطلق عليه النسق البيئي ECOSYSTM1. يقسم العلماء سطح كوكبنا إلى أنساق بيئية، لكل نسق خصائصه التي تميزه وتحافظ على اتزانه، إلا أن تدخل الإنسان يحدث اختلالا في توازن البيئة، وعلى سبيل المثال: يتدخل الإنسان لتطهير منطقة غابية من أشجارها ليعدها للزراعة، فيحرق أو يقطع ويجتث أشجارها وبالتالي يلحق الضرر بالحياة البرية التي تسهم في إضافة المواد العضوية إلى التربة، وإزالة الغابات يؤدي إلى تغير المناخ وإلى جرف التربة؛ لأن سقوط الأمطار الغزيرة على التربة مباشرة دون وجود أشجار يؤثر على التربة نتيجة لاصطدام قطرات المطر مع التربة العارية، مما يؤدي إلى تفكيكها وجرفها بسبب عدم وجود نباتات تحد من سرعة اندفاع المياه وعدم وجود جذور نباتات تثبت التربة.
1 David Briggs and Peter Smithson، Fundamentals of Physical Geography، 1986، London، pp. 426-429
إن النظام البيئي البشري Anthropogene Ecosystem نظام حضاري له متطلبات عديدة متنوعة معظمها ترتبط باستغلال البيئة، ومن هذه المتطلبات الزحف العمراني وإقامة المباني الأسمنتية محل الغابات، حتى أطلق بعض الباحثين والمفكرين على المدن غابات الأسمنت، كما أن إقامة المدن الصناعية والتوسع فيها على حساب أراضي الغابات أو الحشائش الطبيعية يؤدي إلى تلوث الجو بأدخنة المصانع، وبالتالي سقوط الأمطار الحامضية Acid Rains
إن الدراسات البيئية وتقارير الهيئات الدولية تشير إلى أن هناك كثيرا من المشكلات البيئية، وأن هذه المشكلات تزداد يوما بعد يوم، ومن هذه التقارير تقرير برنامج البيئة الصادر عن الأمم المتحدة في مايو 1991م1، والذي استعرض بعض المؤشرات ذات الدلالة الخطيرة منها: أن ستة ملايين هكتار على الأقل من الأراضي الزراعية تتحول سنويا إلى صحارٍ لا قيمة لها؛ بسبب قطع الأشجار واتباع أساليب بدائية في استغلالها، كما أن ما يدمر من الغابات سنويا يصل إلى أحد عشر مليون هكتار تحول إلى أراضٍ زراعية محدودة الإنتاج وفي سبيلها إلى التصحر، ويقدر التقرير متوسط ما تستنزفه الدول الصناعية من موارد عالم الجنوب أي عالم الدول النامية بنحو ستين مليار دولار سنويا، والنتيجة المترتبة على ذلك زيادة ديون هذه الدول وانخفاض أسعار موادها الأولية، وقدر التقرير أن ما يموت من أطفال هذه الدول لا يقل عن 40000 طفل يوميا بسبب أمراض الحصبة والملاريا والإسهال وسوء التغذية
1 سمير حنا صادق، العرب ومشاكل البيئة، مقال بجريدة الأهرام القاهرية، في 27/5/1992م، ص13.