الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضبط الرواة، وإذا كانت المقاييس لقبول القراءة الصحيحة تشترط لقبول الرواية بالإضافة إلى صحة السند ملائمة القراءة لكل من قواعد اللغة والرسم العثماني، فإن صحة السند هي الأساس وهي المعيار الأقوى والأكثر سدادا واعتبارا في هذا الموضوع.
واشترط العلماء الدقة في كل ما يتعلق بالقرآن، والضبط في نقل القراءات عن القراء من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بالإقراء وحسن المعرفة بالقرآن
…
أنواع القراءات:
نقل السيوطي عن القاضي جلال الدين البلقيني قوله:
القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد وشاذ، فالمتواتر: القراءات السبعة المشهورة، والآحاد: قراءات الثلاثة التي هي تمام العشر، ويلحق بها قراءة الصحابة، والشاذ: قراءات التابعين كالأعمش ويحيى بن ثابت وابن جبير ونحوهم (1).
ولم يوافقه على هذا التقسيم وقال: «هذا الكلام فيه نظر» (2)، واختار السيوطي كلام ابن الجزري في كتابه النشر الذي وضع معيارا موضوعيا للقراءة الصحيحة ومقياسا دقيقا، وهي الرواية التي صح سندها ووافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا» (3) وفسر ابن الجزري معنى قوله وافقت العربية «ولو بوجه» «نريد به وجها من وجوه النحو، سواء كان أفصح أم فصيحا مجمعا عليه أم مختلفا فيه، وقسم السيوطي القراءات إلى ستة أنواع (4):
الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب، عن مثله إلى منتهاه، وغالب القراءات كذلك.
(1) انظر الإتقان، ج 1، 210.
(2)
انظر نفس المصدر.
(3)
انظر نفس المصدر، ص 211.
(4)
انظر الإتقان ج 1، ص 215 - 216.
الثاني: المشهور: وهو ما صح سنده ولم يبلغ درجة التواتر ووافق العربية والرسم، واشتهر عند القراء، فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ
…
ومثاله ما اختلفت الطرق في نقله عن السبعة، فرواه بعض الرواة عنهم دون بعض
…
الثالث: الآحاد: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، ولا يقرأ به، من ذلك ما أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ [الرحمن: 76]، ومن حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17].
الرابع: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده ومنه قراءة: ملك يوم الجنّة وهم هذا ينفقون رزقناهم المضاجع يستكبرون بصيغة الماضي ونصب يوم».
الخامس: الموضوع: وهو ما ثبت أنه ليس له أصل، كقراءات أبي جعفر الخزاعي التي نسبها إلى أبي حنيفة.
السادس: وهو ما يشبه حديث المدرج، ويراد به الزيادة على وجه التفسير، كقراءة سعد لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [في مواسم الحج] [البقرة: 198].
قال ابن الجزري:
ربما كانوا يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا، لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا، فهم آمنون من الالتباس، وربما كان بعضهم يكتبه معه.
وقال السيوطي:
«لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه، ولما في محله ووضعه وترتيبه .. للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله، لأن هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم مما تتوفر الدواعي على نقل جمله وتفاصيله، فما نقل آحادا ولم يتواتر يقطع بأنه ليس من القرآن قطعا (1).
(1) انظر الإتقان، ج 1، ص 217.
العشر الذي يعتبر حجة في القراءات، ووصفه السيوطي بقوله:«أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل جدا» ، وفي مجال التساؤل عما يقبل من القرآن الآن فيقرأ به، وما لا يقبل ولا يقرأ به قال ابن الجزري:
أولا: قسم يقرأ به اليوم وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي أن ينقل عن الثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن سائغا، ويكون موافقا لخط المصحف، فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قرئ به وقطع على مغيبه وصحته وصدقه لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقة خط المصحف وكفر من جحده ..
ثانيا: ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين:
إحداهما: أنه لم يؤخذ بإجماع إنما أخذ بأخبار الآحاد، ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد.
والعلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيبه وصحته، وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به، ولا يكفر من جحده، ولبئس ما صنع إذا جحده.
ثالثا: ما نقله غير ثقة أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية، فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف
…
».
ثم قال بعد ذلك:
واختلف العلماء في جواز القراءة بذلك في الصلاة، فأجازها بعضهم لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف في الصلاة، وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد، وأكثر العلماء على عدم الجواز، لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني، أو أنها لم تنقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن أو أنها لم تكن من الأحرف