الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التأويل فهو تفسير خفي للإشارات والمواقف، ويغلب عليه جانب الإلهام المعتمد على قوى عقلية خارقة أو على قوة روحية متميزة.
والتفسير هو بيان للمفردات وتوضيح لمعانيها، بحسب الدلالة اللغوية، والتأويل أعم وأشمل، ووسائله ليست هي اللغة، وإنما هي قوة الملاحظة ودقة الإشارة واستلهام المعاني الخفية غير المدركة بالحواس، ولهذا يكون التأويل مظنة للانحراف إذا وجه المؤول العبارة نحو معاني مخالفة لما تدل عليه الألفاظ، معتمدا في ذلك على إشارات خفية.
وبالرغم من كل محاولات إبراز أوجه التباين والاختلاف بين التفسير والتأويل، فإن من الصعب وضع ضوابط دقيقة، لكل من التفسير والتأويل، بل إن بعض العلماء ذهب إلى أنه لا فرق بين التفسير والتأويل، وإنهما يأتيان بمعنى واحد.
آراء العلماء في التفسير والتأويل:
نقل السيوطي في الإتقان (1) والزركشي في البرهان (2) آراء العلماء في معنى كل من التفسير والتأويل:
- قال أبو عبيد وطائفة من العلماء: التفسير والتأويل بمعنى واحد، وردّ الزركشي هذا الرأي وقال: والصحيح تغايرهما، وحجة من قال بفكرة التماثل والترادف أن كلا من التفسير والتأويل يفيد معنى البيان والتوضيح، ويبدو أن علماء التفسير يرجحون هذا القول، وهذا الرأي يقلل من أهمية الفروق الواضحة في استعمال كل من اللفظتين، وقد استعمل القرآن كلمة التأويل في مواطن محددة حيث يبرز عجز الإنسان عن الإحاطة بإرادة الله، مما لا تستطيع القدرة البشرية أن تفسره أو أن تستكشف معانيه المرادة، وغالبا ما يكون في الأمور الغيبية.
(1) انظر الإتقان، ج 4، ص 167.
(2)
انظر البرهان، ج 2، ص 149.
- قال الراغب الأصفهاني: التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها (1).
- قال الماتريدي: التفسير القطع على أن المراد من اللفظ هذا، والشهادة على الله أنه عنى باللفظ هذا، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح، وإلا فتفسير بالرأي، وهو المنهي عنه، والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله (2).
- قال أبو طالب التغلبي: التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازا، كتفسير الصراط بالطريق والصيب بالمطر، والتأويل تفسير باطن اللفظ، مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر، فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد، والتفسير إخبار عن دليل المراد، لأن اللفظ يكشف عن المراد، والكاشف دليل، مثاله قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ تفسيره أنه من الرصد، يقال: رصدته راقبته، والمرصاد: فعال منه، وتأويله: التحذير عن التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه، وقاطع الأدلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة (3).
- قال الأصبهاني في تفسيره: اعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن، وبيان المراد، أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره وبحسب المعنى الظاهر وغيره، والتأويل أكثره في الجمل، والتفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصيلة أو في وجيز يتبين بشرح، نحو أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وما في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها كقوله:«إنما النسيء زيادة في الكفر» ، وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصا، نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق، وتارة في
(1) انظر الإتقان، ج 4، ص 167.
(2)
انظر الإتقان، ج 4، ص 167.
(3)
انظر الإتقان، ج 4، ص 168.