الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتجويد الحروف، وروي عن ابن عمر قوله: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها، وقال: فعن كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة .. وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح (1).
واشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز ألا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء، وكان الأئمة يوقفون القراء المتعلمين عند كل حرف ويشيرون إليهم بالأصابع
…
[اقسام الوقف عند ابن الانبارى]
وقسم ابن الأنباري الوقف إلى ثلاثة أقسام (2):
الوقف التام: وهو الذي يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده ولا يكون بعده ما يتعلق به، كقوله تعالى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
الوقف الحسن: وهو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده كقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا يحسن الابتداء ب رَبِّ الْعالَمِينَ لأنه صفة لما قبله ..
الوقف القبيح: وهو الذي ليس بتمام ولا حسن، كالوقف على قوله:«بسم» من قوله: «بسم الله» ولا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا المنعوت دون نعته ولا الرافع دون مرفوعه، ولا الناصب دون منصوبه، ولا المؤكد دون توكيده ولا المعطوف دون المعطوف عليه ولا البدل دون مبدله وهكذا، بالنسبة للاسم والخبر والاستثناء والموصول
…
[اقسام الوقف عند معظم القراء]
ومعظم القراء يقسمون الوقف إلى أربعة أقسام (3):
الأول: تام مختار: وهو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده، وأكثر ما يكون عند
(1) انظر النشر في القراءات العشر، ج 1، ص 225.
(2)
انظر الإتقان للسيوطي، ج 1، ص 232.
(3)
انظر البرهان، ج 1، ص 352 - 353.
رءوس الآيات، وأحيانا يوجد قبل انقضاء الفاصلة عند ما ينتهي الكلام كقوله تعالى: وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً، وهنا انتهى كلام بلقيس، وكقوله تعالى:
مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ، لأنه معطوف على المعنى، أي الصبح وبالليل.
الثاني: الكافي: منقطع في اللفظ متعلق في المعنى فيحسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده، كقوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ هنا الوقف، ثم يبتدئ بما بعد ذلك.
الثالث: الحسن: وهو الذي يحسن الوقوف عنده، ولا يحسن الابتداء بما بعده، لتعلقه به في اللفظ والمعنى، كقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وقوله: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
الرابع: القبيح: وهو الذي لا يفهم منه المراد.
ومن الوقف القبيح الوقف على قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا والابتداء بقوله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، ومن تعمد الوقف وقصد معناه فقد كفر .. ومن الوقف القبيح الوقف على قوله: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ، والوقف على النفي دون الإيجاب في قوله: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ.
وقال ابن الجزري في النشر:
وأكثر ما يكون الوقف التام في رءوس الآي وانقضاء القصص، ويكثر الوقف الكافي في الفواصل، ويختلف حكم الوقف القبيح بحسب درجة القبح في المعنى من حيث فساد ذلك المعنى
…
(1) انظر القراءات العشر ج 1، ص 225 - 226.
وفرق العلماء بين الوقف والقطع والسكت، فالوقف: عبارة عن قطع الصوت على الكلمة زمنا بتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله، والقطع: عبارة عن قطع القراءة رأسا للانتهاء من القراءة، ولا يكون إلا على رءوس الآيات، والسكت: عبارة عن قطع الصوت زمنا هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس، واختلفت ألفاظ الأئمة في التأدية عنه مما يدل على طوله وقصره، وهي وقفة قصيرة، وقال الداني: وقفة لطيفة من غير قطع، كالسكت عند قوله: ص. ق. ن، واتفقت أقوال العلماء على أن السكت زمنه دون زمن الوقف العادي، وقال الجعبري: السكت قطع الصوت زمانا قليلا أقصر من زمن إخراج النفس، لأنه إن طال صار وقفا يوجب البسملة (1).
ووضع علماء القراءات معايير دقيقة للوقف والابتداء، وقاموا بدراسات مفصلة لكل حالة من الحالات ولكل لفظة من الألفاظ، مثل كلا وبلى، ونعم، والذين، وأوضحوا حالات الوقف عليها وحالات الابتداء بها، متى يجب ومتى يجوز ومتى يمتنع، ويختلف الأمر بحسب موضع الكلمة من الآية وبحسب ما تدل عليه
…
وهذا كله يدلنا على مدى العناية التي بذلها علماء القرآن بكل ما يتعلق بقراءة القرآن وكيفية أدائه، وسلامة تلاوته، لكي تكون القراءة صحيحة مؤدية المعنى المراد بها
…
(1) انظر نفس المصدر، ص 240 - 241.