الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كتب الرسول إلى "ربيعة بن ذي مرحب" الحضرمي وآله، يدعوه إلى الإسلام، أشار إلى "رقيقهم" في الكتاب، مما يدل على أن عددهم كان كبيرًا1.
1 ابن سعد، طبقات "1/ 266".
بيع الولاء:
وقد نهى الإسلام عن بيع الولاء وعن هبته. وهو أنه إذا مات "المُعْتَق" ورثه شرعًا "مُعْتِقه" حسب قوانين أهل الجاهلية، وكانت العرب تبيعه وتهبه مع أنه كالنسب فلا يزول بالإزالة. وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره، فإذا أعتق رجل عبده، صار له حق ولائه، وله ولورثته حق بيع ذلك الولاء، على نحو ما كان لهم من حق الحصول على إرثه، فنهى الشارع عن ذلك1.
1زاد المسلم "5/ 503 وما بعدها".
رزق المملوك:
وما يحصل عليه العبد من عمل يديه، يكون لسيده؛ لأنه ملك يمينه، مملوك الرقبة. وإذا شهد غزوًا أو حربًا فلا يسهم له بسهم في الغنائم؛ لكونه مملوكا1، وإذا حارب سيده حارب معه، وإذا أمر بالاشتراك في غزو أو حرب وجبت عليه الطاعة وبذل النفس في القتال، دون أن يصيب من غنائمه أي شيء.
وإذا عهد السيد إلى مملوكه القيام بتجارة، فإن التجارة وأرباحها تكون لسيد العبد، وكان الرسول قد أعطى "العباس" عمه عشرين غلامًا، تجروا بماله2. وكان لـ"تميم الداري" خمسة غلمان يتاجرون بالخمر؛ اسم أحدهم "فتحا"، وكان من بيت المقدس، فلما رآهم الرسول مع "تميم" قال له: "بعني غلمانك لأعتقهم"، فقال له تميم: قد أعتقتهم يا رسول الله. و"فتحا" هو الذي
1 الإصابة "2/ 150"، "رقم 3916".
2 المقريزي، إمتاع الأسماع "1/ 61".
أسرج مسجد النبي، وكان يسرج بسعف النخل. فقدم "فتحا" بالقناديل والزيت والحبال وأسرج المسجد، فسماه الرسول "سراجًا"1.
وإذا أجاز مالك عبد لعبده الاشتغال بالتجارة، صار من حقه الاتجار حسب ما اتفق عليه. ويقال للعبد المأذون له في التجارة:"المجيز"2.
وقد يقرر السيد ضريبة يفرضها على عبده، يدفعها إليه في كل يوم، وعلى العبد أداؤها له3، فيشتغل العبد في السوق أو يقوم بأي عمل يتمكن منه لأداء ما فرضه سيده عليه. ونظرًا إلى عدم تمكن بعضهم من الوفاء بما فرض عليه، فقد عمد بعضهم إلى السرقة ليسد مبلغ ما فرض عليه. وفرض بعض منهم على إمائه أن يزنين؛ ليأتين إليهم بما فرضوه عليهن من ضريبة، فقد ذكر علماء التفسير أن "عبد الله بن أبي بن سلول" كان يكره فتياته على البغاء، ليأخذ أجورهن. وروي عن "عبد الله بن عباس" أنه قال:"كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنى، يأخذون أجورهن، فقال الله: لا تكرهوهن على الزنى من أجل المنالة في الدنيا"4. وفي منع ذلك وتحريمه نزل في القرآن الكريم: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} 5.
وتكون المسبية ملكًا لسابيها، له أن يصيبها متى شاء، وله أن يبقيها عنده حتى تموت أو يموت هو، فتنتقل إرثًا لورثته، وله أن يبيعها متى أراد. وكان منهم من يصيب المسبيات، غير أنه يعزل، فلا ينزل فيها، حتى لا يحصل لها الولد المانع من البيع، وذلك لحبهم للأثمان6.
ومن الحرف التي شاعت بين الرقيق الحجامة، وقد كان سادتهم يأخذون أجورهم منها. ومن الحجامين الذين ورد اسمهم في الكتب "سالم الحجام"، وقد حجم الرسول وشرب دم المحجمة التي فيها دم الرسول تبركًا به7.
1 الإصابة "2/ 17"، "3103".
2 تاج العروس "4/ 21"، "جوز".
3 إرشاد الساري "4/ 139".
4 تفسير الطبري "18/ 103 وما بعدها"، الاستيعاب "4/ 401"، "حاشية على الإصابة"، الإصابة "4/ 394"، "رقم 1003".
5 سورة النور، الرقم 24، الآية 23، أسباب النزول "ص245 وما بعدها".
6 إرشاد الساري "4/ 110".
7 الإصابة "2/ 6"، "رقم 2051".