الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثياب قد بليت، صارت كالهباء حين لمسها، ووجد كنزًا حمله معه إلى والده ليسترضيه، فرضي عنه، ومن هناك جاء غناه1. ويقال: إنه كان نخاسًا2.
وروي أنه مذ هذا الحادث صار يطعم الناس ويفعل المعروف، وصنع له جفنة كبيرة جدًّا يأكل منها القائم والراكب لعظمها، ووضع له جفانًا في ردحة بيته ليأكل منها من يقصده. وورد أن الرسول ربما كان يحضر طعامه، وقد رأى جفنته، واستظل بها لضخامتها3.
ولمكانته هذه ولمنزلته في قومه وبين الناس، آمنت به العرب، ووثقت به، فكانت تدفع أسلحتها إليه، حتى تفرغ من التسوق من سوق عكاظ ومن الحج، فإذا أرادت الرجوع، دفع إليها أسلحتها4.
وقد عرف السكر عند الجاهليين، ويقال له: المبرت بلغة حميرة5، ولا يستبعد صنعه في جزيرة العرب أو استيراده من الهند أو من أماكن أخرى. وقد ذكر "ديوسقوريدس" Dioscurides أن في الهند وفي اليمن مادةً تشبه الملح في المنظر، تستخرج من سائل كالعسل6، وفي هذا الوصف ما ينطبق على السكر.
1 بلوغ الأرب "1/ 87 وما بعدها".
2 المعارف "ص250".
3 بلوغ الأرب "1/ 88 وما بعدها".
4 الأغاني "19/ 76".
5 شمس العلوم "1/ 146"، "البرت بالضم: السكر الطبرزذ، بإعجام الذال، وهو لغة اليمن"، تاج العروس "1/ 525"، "برت".
6 Ency. Of Islam، Vol.، IV، p. 510
حرف أخرى:
ومن الحرف الحِلاقة والحجامة. ويجمع الحلاق في الغالب بين حلاقة الشعر والحجامة، ويستعمل الحلاق الموسى والمقص في الحلاقة، ويتخذ المرآة لإراءة المحلوق شعره وكيفية قصه، وكذلك يتخذ أدوات زينة وطيب لتطييب الشخص؛ إذ الحلاقة نوع من أنواع الزينة كذلك. وكانت حلاقة الرأس مختلفة، لا تجري على طريقة واحدة؛ فللقبائل عادات مختلفة في طريقة حلاقة الشعر وقصه، كما أن الأعراب يختلفون عن أهل المدن في تنظيم شعر رءوسهم وحلاقته، وهم يدهنون
شعورهم ويتركونها تتدلى في الغالب، وقد يجعلونها ضفائر وجدائل تتدلى على الأكتاف.
واعتماد الحجام على الموسى يشرط به جروحًا خفيفة يمص منها الدم بكأس من الزجاج توضع فوق الشرط، ثم يسحب الحجام الهواء من الفتحة الضيقة المتصلة بقناة داخل الكأس، فيخرج الدم إلى داخل الكأس، وقد كانت الحجامة من وسائل التداوي في ذلك الزمن. كذلك عد "الفصد"، وهو إخراج الدم من عرق في اليد، نوعًا من أنواع المداواة، ويقال للقائم به:"الفصاد"، وقد يقوم بذلك الأطباء. واستعمل نوع من الديدان في امتصاص الدم كذلك، وذلك كنوع من أنواع المعالجات الطبية، ولا تزال هذه الطريقة معروفة عند الأعراب وأهل القرى والمدن. وقد حجم الرسولَ رجلٌ اسمه "أبو طيبة"، وأعطاه أجره عليه1، ويستعمل الفصاد المبضع في الفصد2.
وعاش بعض الناس على بيع الحطب، فكانوا يجمعونه من البادية ومن الجبال ويأتون به إلى المدن والقرى مثل مكة ويثرب فيبيعونه، يقوم بذلك "الحَطَّابة"3. وقد نعتت امرأة أبي لهب في القرآن الكريم بـ"حمالة الحطب"؛ وذلك على سبيل الازدراء والتحقير. ويشد الحطب ويربط بحبل، ويوضع على ظهر الدابة، وقد يحمله الأشخاص لبيعه، والأغلب أن تبيع النساء العاقول والحطب.
والرتم من الحطب الذي يعطي نارًا شديدة ذات لهب، يبيعه الحطابون لأهل المدن، ويقال له:"روتيم" في العبرانية. ويتخذ منه فحم، وذلك بإطفاء ناره قبل احتراقه، فيتولد من ذلك الفحم4.
ومن أنواع الحطب الأطد، وهو:"أطد" في العبرانية أيضا، والعوسج، والحدق، ويقال له "حدق" في العبرانية كذلك، والسمر، وهو "شمير" عند العبرانيين5.
وقد كان أكثر من يتعاطى الطبخ والخبازة والجزارة من العبيد. وقد تخصص
1 عمدة القاري "11/ 221 وما بعدها"، تاج العروس "8/ 237".
2 المغرب "ص39".
3 المغرب "ص126".
4 Hastings، Dict. Of the Bible، Vol.، I، p. 71
5 Smith، Dict.، Vol.، III، P. 1191
بعضهم بعمل واحد من الحرفة الواحدة، مثل بيع نوع واحد من الطبيخ، فذكر أن رسول الله دعا إليه مرة عبدًا، كان يبيع الخرديق1. و"القدَّار" هو "الجزار"2.
والموقد، هو الموضع الذي توقد فيه النار، ويعرف بـ"ميقدة" عند العبرانيين3. وقد كان عرب بلاد الشام والعراق يتخذون المواقد للاصطلاء بها في أيام الشتاء، كما يستعمله الطباخ موضعًا للطبخ، يضع القدور عليه ويشعل فيه النار.
وقد عاش أناس على كراء الحمير والإبل للمحتاجين إلى ذلك، ويقال لذلك: البرطسة4، ولمكتريها للناس: المبرطس5.
وقد احترف بعض الناس حرفة صنع الحصر والسلال والقلل والسرر. صنعوها من الخوص ومن سعف النخيل؛ لوجودها بكثرة، وصنعها بعضهم من القصب وذلك في الأماكن التي تكثر فيها المياه والرطوبة. ولا تزال هذه الحرف قائمة معروفة، وتصنع بعضها بنسج الخوص أو الألياف كما هو الحال بالنسبة إلى "الحصر": جمع حصير، المنسوج الذي يبسط في البيوت. وذكر أن الحصير: سقيفة تصنع من بردي وأسلٍ ثم تفرش6.
ويستخدم "السفط" في حفظ الأوراق والأشياء الثمينة، ويصنع من القصب والخيزران ومن الخوض أيضا، حيث يصفُّ صفًّا.
و"القفة": نوع من السلال أيضًا. وتكون مختلفة الأحجام، وتستخدم في أغراض متعددة، ومنها نقل الطين، وتعرف عند أهل العراق بـ"قفة طين"، أو لنقل الأحجار، وتصنع من المعدن أو من الأغصان. وأشير إليها بـ"kophinoi" و""kophinos" "Cophinus في الأناجيل، من اليونانية حيث تسمى بـ"Kophinoi"
1 تاج العروس "6/ 327".
2 الفاخر "ص98".
3 Hastings، Dict. Of the Bible، Vol.، I، p. 72
4 شمس العلوم "ج1 ق1 ص155".
5 شمس العلوم "ج1 ق1 ص155".
6 اللسان "4/ 195 وما بعدها".
"kophinos" واللاتينية، حيث تسمى بـ""Cophinus1. ولعل بين لفظة "قفة" والتسمية اليونانية اللاتينية صلة، ومن لفظة "kophinos" أخذت لفظة "Coffen" أي: تابوت. ويلاحظ أن بين هذه اللفظة ولفظة "كفن" العربية، صلة كبيرة كذلك2.
وذكر علماء اللغة أن القفة: الزّبيل، ويسمونها القفعة ويجعلون لها معاليق يعلقونها بها من آخرة الرحل، يلقي الراكب فيها زاده وتمره، وهي مدورة. وعرفت أنها شبه زبيل صغير من خوص يجتنى فيه الرطب وتضع فيها النساء الغزل3. وعرف الزبيل والزنبيل بالجراب، وقيل: الوعاء يحمل فيه، والقفة4.
وأما السلة المصنوعة من الخوص، فيقال لها:"العلاقة" في العراق في الوقت الحاضر. وتكون صغيرة ومتوسطة، أما الكبيرة فيقال لها:"الكوشر" و"الزنبيل"، ويستعملهما الحمالون في حمل الأشياء للناس.
وتستعمل السلال المصنوعة من الأعواد ومن أغصان الشجر الطرية في حفظ الأطعمة والمطبوخات؛ لدخول الهواء إليها، ولمنع الطيور والكلاب والقطط من الوصول إليها. وتكون مثل هذه السلال مرتفعة ذات قاعدة أصغر من الوجه العريض الذي يوضع على العرض.
وقد وردت في التوراة والإنجيل وفي الكتب اليونانية واللاتينية وفي الآثار المصرية أسماء سلال صنعت في ذلك العهد، تفيدنا في تكوين فكرة عن السلال عند الجاهليين. وقد صنعت بعض تلك السلال من القصب ومن التبن ومن الخوص ومن الأعواد، وهي مختلفة في الأحجام والسعة. ففي التوراة لفظة هي:"س ل""سل"، وهي "السلة" عندنا، والجمع:"سلال"، وتصنع في بلاد العرب من الخوص أو من الأغصان الطرية، وتستعمل في نقل الخبز واللحوم والخضر والأشياء الأخرى5.
1 Hastings، Dict، vol، I، p. 256، Hastings، Dict. Of the Christ، vol، I، p. 174. Smith، A Dictionary of the Bible، I، p. 171
2 The Bible dictionary، vol، I، p. 283
3 اللسان "9/ 287".
4 اللسان "11/ 300 وما بعدها".
5 Hastings، Dict، vol، I، p. 255، Smith، Dict، vol، I، P. 171، Ency. Bibl، vol، p. 499