المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وهي مثل الكيس أحيانًا، يمكن ضمها بعضها إلى بعض وتكون - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ١٤

[جواد علي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع عشر

- ‌الفصل الثاني بعد المئة: القوافل

- ‌مدخل

- ‌قوافل الميرة:

- ‌الفصل الثالث بعد المئة: طرق الجاهليين

- ‌الفصل الرابع بعد المئة: الأسواق

- ‌مدخل

- ‌أسواق العرب الموسمية:

- ‌سوق عكاظ في الإسلام:

- ‌الفصل الخامس بعد المئة: البيع والشراء

- ‌أنواع البيع

- ‌الخلابة:

- ‌الحكرة:

- ‌شهود البيع:

- ‌فسخ البيع:

- ‌العربون:

- ‌الخيار في البيع:

- ‌صفات البيع:

- ‌الدَّيْن:

- ‌المنحة:

- ‌الفصل السادس بعد المئة: الشركة

- ‌مدخل

- ‌أنواع الشركات:

- ‌المشاركة:

- ‌السفتجة:

- ‌الوكالة:

- ‌السمسرة:

- ‌الفصل السابع بعد المئة: المال

- ‌مدخل

- ‌رأس المال:

- ‌استثمار الأموال:

- ‌الربا:

- ‌القراض:

- ‌التسليف:

- ‌الإفلاس:

- ‌الفصل الثامن بعد المئة: أصحاب المال

- ‌مدخل

- ‌عادات وأعراف:

- ‌سرقة أموال الآلهة:

- ‌دفن الذنوب:

- ‌الفصل التاسع بعد المئة: الطبقة المملوكة

- ‌مدخل

- ‌الاتجار بالرقيق:

- ‌الموالي:

- ‌بيع الولاء:

- ‌رزق المملوك:

- ‌العتق:

- ‌المكاتبة:

- ‌سوء حالة العبيد:

- ‌تعرب العبيد والموالي:

- ‌السخرة:

- ‌الفصل العاشر بعد المئة: الاتاوة والمكس والاعشار

- ‌مدخل

- ‌الطعمة:

- ‌ضرائب الزراعة:

- ‌الفصل الحادي عشر بعد المئة: النقود

- ‌الفصل الثاني عشر بعد المئة: الصناعة والمعادن والتعدين

- ‌مدخل

- ‌الإجارة:

- ‌الأحجار:

- ‌النسيج والحياكة:

- ‌الفصل الثالث عشر بعد المئة: حاصلات طبيعية

- ‌الصبغ

- ‌العصير:

- ‌الزيوت والدهون:

- ‌الصمغ:

- ‌الدباغة:

- ‌الخمور:

- ‌الفصل الرابع عشر بعد المئة: الحرف

- ‌مدخل

- ‌النجارة:

- ‌الحدادة:

- ‌الصياغة:

- ‌حرف الإعاشة:

- ‌حرف أخرى:

- ‌حرف الجلد:

- ‌الحياكة والنسيج والثياب:

- ‌الفصل الخامس عشر بعد المئة: قياس الابعاد والمساحات والكيل

- ‌فهرس الجزء الرابع عشر

الفصل: وهي مثل الكيس أحيانًا، يمكن ضمها بعضها إلى بعض وتكون

وهي مثل الكيس أحيانًا، يمكن ضمها بعضها إلى بعض وتكون لها يد تحمل بها. وهي في مقابل "الطبق" عند العراقيين، غير أن الطبق ثابت يصنع من أغصان بعض الأشجار مثل الرمان، حيث تكون لينة لا تنكسر. ويكون بأحجام متعددة؛ منه ما هو صغير الحجم، ومنه ما هو وسط، ومنه ما هو كبير يستعمل لنقل الخضر والفواكه من البساتين والحقول إلى مواضع البيع، ومنه ما يستعمله القصابون المتجولون لبيع اللحم.

والسرير: المضطجع والذي يجلس عليه1. وكانت أكثر الأسرة مصنوعة من الجريد؛ وذلك لتوفر الجريد في كل أنحاء جزيرة العرب، وقلة الخشب فيها.

ولبست العباءة كذلك، تلبس فوق الملابس، وقد ذكر أن رسول الله كان يلبس العباء2.

والبيطرة من الحرف المعروفة عند الجاهليين. وقد كانوا يستعملون الأدوية والكيّ في مداواة الحيوان، كما يستعملون بعض الآلات في معالجتها، مثل "المبزغ" وهو مثل مشرط الحجام3.

1 اللسان "4/ 361".

2 البيان "1/ 236"، "2/ 30".

3 المغرب في ترتيب المعرب، تأليف أبي الفتح ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي الخوارزمي، المتوفى سنة 616، "ص37" طبعة حيدر آباد، تاج العروس "3/ 51".

ص: 275

‌حرف الجلد:

والدباغة حرفة مهمة اشتهرت بها أماكن متعددة من جزيرة العرب، ولا سيما بعض القرى والمدن مثل الطائف وجرش ومواضع متعددة في اليمن وفي العربية الجنوبية. وهي صناعة تقوم على أساس إصلاح الجلد وإبعاد الصوف والشعر عنه؛ للاستفادة منه في أغراض نافعة. وقد استخدم الدباغون مواد مساعدة تعين على نتف الصوف والشعر من الجلد بسهولة، وبدون أذى له أو للجلد، مثل مادة الجير أو مواد أخرى، كما استخدموا مواد تساعد على حفظ الجلد ومنعه من التلف لدبغه، مثل العفص وغيره من مواد نباتية دابغة. وقد أنف كثير من الناس من هذه الصناعة وتجنبوها؛ لما ينشأ عنها من روائح كريهة ولاستعمال

ص: 275

الدباغين بها موادَّ تعد نجسة في نظر بعض الأديان. كما منعوا إقامة المدابغ في الأماكن المأهولة المعمورة، وحرصوا على عزلها وحصرها في الأماكن البعيدة عن أحياء السكنى، ولا سيما سكنى الطبقات المتنفذة الغنية.

ويقوم الدباغون ببيع ما يدبغونه إلى التجار، وقد يحمل إلى أسواق بعيدة لاستخدامه في أغراض عديدة، كتحويله إلى قرب يخزن فيها الماء أو يحمل، أو أوعية تحفظ فيها الخمور والسمن والسويق والطيب، أو أحذية وسيور وغير ذلك من الحاجات، وقد يحوله الدباغون أنفسهم إلى هذه الأشياء المذكورة. كما تخصص أناس بحرف تحويل الجلود إلى مواد نافعة يستعملها الإنسان في حياته اليومية، كالمواد المتقدمة والدلاء وأمثال ذلك من أدوات.

والقرب في ذلك الوقت مهمة جدًّا في حياة الإنسان؛ فقد كانت مخازن متحركة يخزن فيها أشياء كثيرة ضرورية. فكانت أوعية لحمل الماء في الحضر وفي السفر، كما كانت الأوعية الرئيسة لحفظ الخمور والأنبذة والزيوت والدهون والشحوم والدبس والمواد الغذائية الأخرى، يحتاج إليها الأعرابي في حله وفي ترحاله والحضري في مستقره وفي سفره. كان المصريون واليونان والرومان والعبرانيون يحفظون الخمور والأنبذة في أوعية القرب، وقد أشار إلى ذلك بعض الكتبة القدماء. ويعالج إهاب القرب معالجة خاصة ليعطي الشراب نكهة طيبة، ولئلا يتأثر الشراب من رائحة الجلد1.

وذكر علماء اللغة أن "القربة": الوطب من اللبن، وقد تكون للماء، وقيل: هي المخروزة من جانب واحد2.

وأما "الجِراب" فوعاء من إهاب الشاء لا يُوعى فيه إلا يابس3. فهو وعاء من الجلد -إذن- خُصص لحفظ الأشياء الجافة كالدقيق وما أشبه لحفظه. كما يقال لوعاء الزاد: المزود4.

وتدخل المصارين، وهي أمعاء الحيوانات المذبوحة، في جملة الأعمال التي

1 Smith، Dict. Of the Bible، Vol.، I، p. 223

2 اللسان "6/ 668".

3 اللسان "1/ 261"، تاج العروس "1/ 119"، "جرب".

4 تاج العروس "2/ 366".

ص: 276

يقوم بها الدباغون، إذ يتعهدونها بالرعاية والعناية والإصلاح، فينظفونها مما بها من أوساخ ويصلحونها ويعالجونها، ثم يبيعونها إلى التجار أو يحوِّلونها إلى مواد نافعة مفيدة، مثل اتخاذها أوتارًا لآلات موسيقية أو للأقواس لرمي السهام، أي: لأغراض حربية. وكلما كانت العناية شديدة بمعالجة هذه الأمعاء، كانت الأوتار ذات قابلية كبيرة على الشد والتوتر، وبذلك يكون مجال رمي السهام بالأقواس كبيرًا، وفائدة القوس في القتال عظيمة. وقد كان القواسون، أي: الرماة بالقوس، قوة ذات أهمية في مصير حرب ما في ذلك العهد.

وتدخل الجلود في أغراض حربية كذلك؛ فقد استخدمت لحماية الجسم من ضربات السيوف ومن تساقط السهام عليه، كما استخدمت في صنع الدروع والخوذ الواقية للرأس، وفي حماية الدبابات والمنجنيقات بتغليفها بجلود ثخينة مقاومة، وتعالج بمواد خاصة تكسبها مقاومة خاصة أمام تساقط النار أو الماء الحار أو الزيوت الساخنة عليها، وقد تعمل ستائر منها يحتمي الجنود المشغلون لها تحتها من المواد المقذوفة عليهم. وهناك استعمالات أخرى للجلود أدت للجيوش خدمات كبرى في الحروب؛ فالقرب مادة ضرورية في الحرب؛ لأنها أوعية ومخازن للماء، والماء مادة ضرورية للانتصار في الحروب، والراوية وهي المزادة من ثلاثة جلود، هي مادة ضرورية في الحرب وفي غير الحرب لما تحمله من ماء1. وصنعت الدرق من الجلود، وهي الحجفة تتخذ من جلود ليس فيها خشب ولها عقب2، ويراد بالحجفة التروس من جلود خاصة، وقيل: من جلود الإبل مقورة بلا خشب ولا عقب، وقد كانت معروفة عند الأحباش خاصة3. ويراد بالتروس كل الأسلحة التي يتوقى المحارب بها، والتراسة صنعة التروس، وأما الصانع فهو التراس4.

وتفرغ أناس لاحتراف أنواع خاصة من أعمال الجلود، فصرف بعضهم نفسه إلى صناعة القرب والدلاء وأدوات السقي، وتخصص قوم بعمل السروج ونحوها من الأدوات التي تستعمل في الحيوان، مثل اللجام و"الرسن"، كما تخصص آخرون

1 المغرب "ص225".

2 تاج العروس "6/ 342".

3 المصدر المذكور "6/ 65".

4 تاج العروس "4/ 114".

ص: 277

بصنع الأحذية. وذكر بعض العلماء أن بعض هذه الأدوات المصنوعة مثل "الرسن"1 هي من الألفاظ المعربة، وأن "الرسن" لفظة فارسية الأصل، وقد عربت في الجاهلية. وتصنع "القباب" من الأدم خاصة2، وقد تكون كبيرة، ولكنها ذات أحجام مختلفة.

ومن الأدوات المصنوعة من الجلد "الجلبان"، وهي شبه جراب من الأدم، يوضع فيه السيف مغمودًا، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه بآخر الرحل وواسطته3، والغرز وهو ركاب الرحل الذي تركب به الإبل، ويصنع من الجلد؛ فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب4، والسقاء وهو ظرف الماء إذا كان من جلد5، ويكون في الغالب من جلد رقيق6، والركوة دلو صغير يشرب فيه، ويصطحب في الأسفار7، والكنانة وهي الجعبة التي يكون فيها النشاب8، والقفَّاز ويعمل لليدين وقد يحشى بالقطن وتكون له أزرار يزر بها على الساعدين من البرد، وقد كان يستعمله النساء9. وأما "الأرندج" و"اليرندج" فذكر الجواليقي أنها لفظة معربة، وأن أصلها "رندة"، وهي كلمة فارسية، ويراد بها الجلد الأسود المدبوغ بالعفص حتى يسود. وقد وردت لفظة "أرندج" في شعر منسوب إلى الأعشى10.

وتصنع الهمايين من الجلود أيضا، وقد اشتهرت همايين عجر. واللفظة من الألفاظ المعربة عن الفارسية11، ويراد بالهميان الكيسُ تجعل فيه النفقة ويشد على الوسط.

1 المعرب "ص164".

2 تاج العروس "1/ 419".

3 جامع الأصول "4/ 397"، تاج العروس "1/ 187".

4 جامع الأصول "4/ 371، 504"، تاج العروس "4/ 63".

5 جامع الأصول "6/ 119".

6 جامع الأصول "6/ 125".

7 جامع الأصول "6/ 119".

8 جامع الأصول "9/ 327".

9 جامع الأصول "4/ 365".

10

عليه ديابوذ تسربل تحته

أرندج إسكافه يخالط عظلما

المعرب للجواليقي "ص16"، تحقيق أحمد شاكر، "القاهرة 1942"، تاج العروس "2/ 50".

11 تاج العروس "1/ 368".

ص: 278

وتحلى الجاهليون بحلي مصنوعة من الجلد أيضا. ومن هذه الحلي الجمانة، وهي سفينة من أدم ينسج، وفيها خرز من كل لون، تتوشحه المرأة1.

ويصنع الخوان من الجلد في بعض الأحيان، ويراد به ما يؤكل عليه الطعام، وهو من الألفاظ المعربة2. وأما الصُّفن، فخريطة الراعي، يكون فيها طعامه وزاده وما يحتاج إليه، وقيل: هو مثل الركوة3.

و"العياب": هي أوعية من الأدم، ويقال للواحد منها:"عيبة"، يوضع فيها المتاع والثياب، وتطلق أيضًا على الزبيل الذي ينقل فيه الزرع المحصود إلى الجرين4. و"الشن": الوعاء المعمول من أدم، فإذا يبس فهو شن، وفي المثل:"وافق شن طبقه"؛ يضرب لكل اثنين أو أمرين جمعتهما حالة واحدة اتصف بها كل منهما، وهناك قصص عن أصل هذا المثل5.

واستعمل النصارى واليهود "الزنار"، يشدونه في وسطهم على القميص أو الثوب أو المسوح الذي يلبسونه، ويتدلى أحد طرفيه إلى قريب من القدمين. ويصنع من الجلد أو الحرير أو القطن أو الوبر أو شعر الماعز، وقد يشد على الوسط عدة مرات. وقد يوضع فيه محل لحفظ منديل فيه، أو محبرة وحبر إذا كان صاحبه من الرهبان أو الكتاب، وقد يوضع خنجر أو سلاح حاد فيه، وهو يشبه في فائدته الحزام في الوقت الحاضر. وإذا اشتغل الفلاح أو الأعرابي أو غيرهما بعمل ما رفع الطرف الأسفل من قميصه إلى الزنار أو الحزام؛ ليسهل عليه العمل، وقد يضع في عُبّه أي: القسم الواقع فوق الزناد من جهة الصدر أشياء عديدة يحملها معه مثل خبزه وطعامه أو نقوده أو أشياء أخرى يحتاج إليها في ترحاله6.

وقد كان الجاهليون يستفيدون من جلود السمك أيضًا، يصنعون منها أشياء متعددة. فالسفن مثلًا وهو جلد الأطوم، وهي سمكة في البحر ذات جلد خشن

1 تاج العروس "9/ 163".

2 تاج العروس "9/ 194".

3 المغرب "ص304".

4 البرقوقي "ص58".

5 اللسان "10/ 214".

6 Hastings، Dict.، of the christ، vol.، I، p. 498

ص: 279

يستخرج منه السياط والسهام، ويكون على قوائم السيوف1.

واستخدم الجاهليون كذلك فراء مختلف الحيوانات في الأيام الباردة، ومن أنواع الفراء نوع يدعى "سبنجونة"، وهي من جلود الثعالب، وهي من الألفاظ المعربة2، ونوع آخر يدعى "الفنك"، وقد ذكر بعض علماء اللغة أن الفنك دابة يفترى جلدها، وذكر أيضًا أن الفنك جلد يلبس3.

ومن أنواع الفراء "المساتق" وواحدتها: "المُستُقة". وقد ورد ذكرها في كتب الحديث، حيث قيل: إن الرسول كان يلبس "مستقة"، كما ذكر أن عمر كان يصلي وعليه "مستقة". وذكر الجواليقي أنها لفظة معربة عن الفارسية، وأنها "مشتة" بالفارسية، وقيل: إنها فراء طوال الأكمام4، وذكر أنها جبة واسعة5.

ويقوم صانع الأحذية بصنع الأحذية، مثل النعال والخف و"القفش" أو "الكفش" ويراد به الخف أو الخف القصير، واللفظة من الألفاظ المعربة عن الفارسية6. ومن أنواع النعال، النعال السبتية التي لا شعر لها، وتصنع من جلود البقر المدبوغة بالقرظ7، و"السبت": كل جلد مدبوغ أو المدبوغ بالقرظ، ومنه تصنع النعال السبتية8.

ويقال للخف: "الموزج" أيضًا، وقد ذكر الاسم في كتب الحديث، وكذلك "الموق". وذكر أن "الموق: الخف الغليظ يلبس فوق الخف"، وقد ذكر الجواليقي أن أصل الموزج فارسي هو "موزة" "موزجان" وأدخل الموق أيضا في باب المعربات9، والجمع: "أمواق". ويظهر من بيت شعر لـ"النمر بن

1 المعرب "ص255"، تاج العروس "8/ 187".

2 المعرب "ص188".

3 المعرب "ص248"، تاج العروس "7/ 170".

4 المعرب "ص308".

5 تاج العروس "9/ 70".

6 المعرب "ص268".

7 جامع الأصول "4/ 398".

8 قال عنترة:

بطل كأن ثيابه في سرحة

يحذى نعال السبت ليس بتوءم

تاج العروس "1/ 548".

9 المعرب "ص311".

ص: 280

ثولب"، أن العباديين وهم نصارى الحيرة، كانوا يمشون بالأسواق1. وهناك نوع آخر من أنواع الخفاف، يقال لها "القسوبية" و"القساب"2، و"النعل" هو لباس الرجل المستعمل عند الجاهليين وعند الساميين، وهو "نعلِم" أي "نعل" في العبرانية. ولا يزال النعل مستعملًا حتى اليوم؛ يستعمل في البيت وفي خارجه، وهو يحمي باطن القدمين من حر الأرض في الصيف ومن الحجارة والمواد المؤذية التي تكون على وجه الأرض، وقد يستعمل نعلًا من خشب، يستعمله أهل القرى وأهل المدن في البيوت. والعرب تمدح برقة النعال وتجعلها من لباس الملوك، وتقدم النعال على سائر أنواع الأحذية3.

ومن أنواع النعال: "النعال السبتية"، وهي المصنوعة من الجلد المدبوغ بالقرظ، وخص بعضهم جلود البقر مدبوغة كانت أم غير مدبوغة. وقيل: نعال سبتية: لا شعر عليها، وذكر أنها نعال أهل النعمة والسعة4.

وعرفت "حضرموت" بنعالها، فقيل:"نعل حضرمي" و"الحضرمي". وعرفت بأنها النعال المخصرة التي تضيق من جانبيها، كأنها ناقصة الخصرين5.

وقد تفنن في تزيين وزخرفة الجلود، فذهَّبوها ورسموا عليها صورًا، وضغطوا عليها بآلات لإبراز بعض الصور عليها. ومن الجلود المذهبة:"المذاهب"، وهي جلود كانت تُذهَّب، تجعل فيها خطوط مذهبة، فيرى بعضها في أثر بعض، فكأنها متتابعة. وقيل: سيور تُموَّه بالذهب6.

والجلود التي يستعملها الإسكافي هي: جلود البقر والجمال والغنم والماعز، وقد تستعمل جلود الثعابين والسمك إذا كانت كبيرة سميكة، وذلك بعد إصلاحها ودبغها.

ويستعمل الإسكافي والنحَّات الإزميل، وقد ذكر علماء اللغة أن الإزميل حديدة تجعل في طرف رمح الصيد لصيد البقر: بقر الوحش، والمطرقة7، وهي من الألفاظ المعربة، وأصلها "زميلي""Zmili" في اليونانية8.

1

فترى النعاج به تمشي خلفة

مشي العباديين في الأسواق

المعرب، للجواليقي "ص311".

2 البرقوقي "ص146".

3 اللسان "11/ 667".

4 اللسان "2/ 36 وما بعدها"، الروض الأنف "1/ 71".

5 اللسان "4/ 202"، الروض الأنف "1/ 71".

6 اللسان "1/ 395".

7 تاج العروس "7/ 360".

8 غرئب اللغة "ص252".

ص: 281