الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد ..
فسأتحدث في هذه المقدمة عن الأمور التالية:
1 -
أهمية البحث
.
2 -
أسباب اختياري لهذا الموضوع.
3 -
خطة البحث.
أما أهمية البحث:
فإن الفقه من أهم العلوم وأشرفها، وحاجة الناس إليه متجددة متكررة، وقد بين صلى الله عليه وسلم أن من أراد الله به خيرًا فقهه في الدين، ذلك أن من أوتي الفقه في الدين فقد أوتي القرآن وتفسيره، وأوتي العلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم -
وإجماع الأمة ووسائل الاستنباط، فتلك مصادر الفقه وموارد الفقيه التي يستقي منها الفتوى في كل مسألة عويصة وحادثة جديدة.
وقد ضرب فقهاء السلف في ذلك بسهم وافر، وكانوا سببًا في الثراء الكبير، الذي افتخرت به المكتبة الإِسلامية، بما ألفوا من الكتب وقعّدوا من القواعد، وبما خرّجوا من التلاميذ الذين حملوا المشعل بأمانة إلى من بعدهم، وساروا بالأمة على النهج الواضح القويم.
كان من أبرز هؤلاء الأئمةُ الأربعةُ الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وقد تتابع أتباع كل مذهب من هذه المذاهب على التأليف فيه وتدريسه ونشره، ولن ينقطع هذا الاهتمام ما دامت الأمة معتزة بتشريعها وتراثها، متصلة بماضيها الخالد النفيس.
وكان الإمام أحمد بن حنبل أحد هؤلاء الأئمة، واحد أئمة الحديث الكبار الذين حفظوا الأحاديث وأتقنوا الآثار وأجادوا تلك الصناعة حتى كان من أحذق صيارفة الحديث، ولقد كان مصدر شهرة الإمام أحمد في الحديث ما امتاز به من حفظ منقطع النظير، وما تركه من آثار كبيرة في هذا المجال. فلقد كان من آثاره رحمه الله:
1 -
كتاب المسند، المشهور وفيه ما يقرب من أربعين ألف حديث -بالمكرر- مطبوع.
2 -
كتاب التفسير، وعدد أحاديثه مائة وعشرون ألفًا (1).
(1) وقد استبعد الذهبي -في سير أعلام النبلاء 13/ 521 - 522، في ترجمة عبد الله بن الإمام أحمد- أن يكون مثل هذا الكتاب للإمام أحمد للأسباب التالية:
1 -
عدم وصول شيء منه إلينا، مع اهتمام علماء الحنابلة بتراث أحمد ووفرتهم ببغداد.
2 -
أنه لو كان لأحمد لنقحه من الأحاديث التي لا تثبت ولم يصل عدد أحاديثه إلى هذا القدر.
3 -
أن الإمام أحمد كان لا يرى التصنيف وإنما جمع المسند ابنه عبد الله، حيث كان
يسمعه من والده نسخًا وأجزاءً.
3 -
كتاب الزهد، وهو في مجلد، وهو مملوء بالأحاديث والآثار- مطبوع.
4 -
كتاب الصلاة- مطبوع.
5 -
كتاب المناسك الكبير، وكتاب المناسك الصغير.
6 -
حديث شعبة.
7 -
كتاب السنة.
8 -
كتاب الفتن.
9 -
كتاب الورع.
10 -
كتاب الترجل.
وغيرها من الكتب، وكلها مملوءة بالأحاديث والآثار الكثيرة التي تدل على ما يتصف به الإمام من تضلع متين في الحديث وحفظ كبير للآثار.
ولقد أثر هذا الرصيد الضخم من الأحاديث والآثار على منهج الإمام الفقهي، فلقد استطاع رحمه الله أن يستل فتاواه الفقهية مما حازه من تلك الذخيرة الفائقة، وذلك المخزون العميق من الحديث والأثر، فبدت فتاواه وكأنها آثار بحتة، حيث اصطبغت بصبغتها واندمجت في ثناياها.
ولقد كان هذا الرصيد الضخم سببًا قويًا وظاهرًا من أسباب انفراد الإمام أحمد بمسائل فقهية عن بقية الأئمة الأربعة، فقد تتوفر عنده طرق الحديث حتى يشاهد صحتها، أو تتضح عنده الرؤية حولها فيجزم بأحكامها وعدم نسخها، وقد تصل إليه فتاوى الصحابة في الموضوع فلا يبغي بها بديلًا ولا يرضى بغيرها من الأقيسة دليلًا.
ومن عرف أحمد فقيهًا محدثًا متشبعًا بآثار الصحابة والتابعين، لا بدّ أن يحسب لمفرداته ألف حساب، مما يجعله يتتبع مستنده فيها، فيبحث ويدقق. فلعل حافظة الإمام وَعَتْ شيئًا فات من قبله، أو أدرك آثارًا لم تصل سابقيه. رحم الله الجميع، فقد كان قصدهم حسنًا وهدفهم واحدًا.
وكلهم من رسول الله مقتبس
…
غَرْفًا من البحر أو رشفًا من الديمِ