الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: ما يكون وسيلة للمفسدة.
فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين (1)
الأصل الحادي عشر: العرف:
العرف لغة: المعروف وهو ضد المنكر. وسمي بذلك لأنّ النفوس تسكن إليه.
وشرعًا: ما تعارف عليه الناس وصار عندهم شائعًا، سواء كان في جميع البلدان أو بعضها، قولًا كان أو فعلًا (2)، وهو قسمان:
1 -
عرف صحيح: وهو ما شهد له الشرع بالاعتبار في الجملة، أو لم يعارض نصوص الشارع.
2 -
عرف فاسد: وهو ما تعارف عليه الناس مما يخالف نصوص الشارع ويصادم قواعده (3). ولم ينازع أحد من الفقهاء في اعتبار العرف مصدرًا ودليلًا تُبْنَى عليه الأحكام، بل لقد اشتهرت بين الفقهاء قواعد فقهية تبيّن قيمة الأعراف الصحيحة في المجتمع، كقول الفقهاء: المشروط عرفًا كالمشروط شرطًا والثابت بالعرف كالثابت بالنص (4) وكقولهم العادة محكمة.
وقد لاحظ ذلك فقهاء الحنابلة في كثير من فتاواهم وأحكامهم -وخاصة في باب المعاملات- لأنهم يتوسعون فيها، ويعتبرون المعاني والمقاصد، ولا يقفون عند الألفاظ فقط.
وقد مثل ابن القيم لجريان العرف مجرى النطق بمسائل كثيرة منها:
1 -
لزوم نقد البلد في المعاملات وإن لم يشترطه.
2 -
ضرب الدابة المستأجرة إذا حَرَنَتْ في الطريق.
(1) إعلام الموقعين 3/ 205.
(2)
مصادر التشريع الإِسلامي فيما لا نص فيه 145.
(3)
المرجع السابق 146 - 147.
(4)
انظر تنقيح الفصول 448، وأصول الفقه الإِسلامي 226.
3 -
لَوْ جَذَّ ثماره أو حصد زرعه ثم بقي من ذلك ما يرغب عنه عادة، جاز لغيره التقاطه وأخذه وإن لم يأذن فيه لفظًا (1).
نظرة في "المفردات":
ذكر ناظم "المفردات" أنه لم يذكر في منظومته إلا الصحيح الأشهر عند أكثر علماء الحنابلة من أهل النظر والتحقيق حيث قال:
بنيتها على الصحيح الأشهر
…
عند أكثر الأصحاب أهل النظر
ومن درس المسائل التي ذكرها الناظم في هذه المنظومة، يجد أن ناظمها رحمه الله لم يلتزم هذا الشرط كما نبه عليه علاء الدين المرداوي في مقدمة كتابه الإنصاف حيث قال: وكذلك، ناظم "المفردات" فإنه بناها على الصحيح الأشهر وفيها مسائل ليست كذلك (2)، ونبه عليها الشيخ منصور في أول هذا الكتاب.
ونريد هنا أن نسوق أمثلة من المسائل التي ذكرها الناظم، وكانت مما ضعفه المحققون من علماء الحنابلة، كما ذكره الشيخ منصور في الشرح، أو ذكرته في التعليق ومنها:
1 -
كراهية الوضوء من ماء زمزم.
2 -
إذا خلت المرأة بالماء للشرب فلا يَرفَعُ باقيه -إذا كان دون القلتين- حدث الرجل.
3 -
إمامة المرأة بالرجال في صلاة التراويح.
4 -
أن من ملك خمسين درهمًا فهو غني لا تحل له الزكاة.
5 -
إيجاب الزكاة في بقر الوحش السائمة إذا بلغت نصابًا.
6 -
العبد المشترك على كل واحد من مالكيه صاع في زكاة الفطر.
(1) إعلام الموقعين 2/ 488.
(2)
الإنصاف 1/ 16.
7 -
الإسهام للبعير في الجهاد إذا كان صاحبه لا يقدر على فرس.
8 -
إرث بنت المولى بالولاء.
9 -
إذا تزوج الحر أمة زواجًا صحيحًا مكتمل الشروط، ثم تزوج حرة، بطل زواج الأمة، وكان زواج الحرة طلاقًا لها.
10 -
تحريم الكتابية على المسلم إذا كانت أمها حربية.
11 -
أن الكفاءة في النكاح شرط لصحته.
12 -
حصول الرجعة بالخلوة.
13 -
إذا جنى المرء على نفسه ضمنت العاقلة ديته لورثته، إذا كان القتل خطأ أو شبه عمد.
14 -
إذا أُكْرِهَ الرجلُ على الزنا فَيُحَدُّ؛ لأنه لا يتصور منه الزنا مع الإكراه.
15 -
نصب القاضي سنّة وليس فرض كفاية.
16 -
انعقاد اليمين بالرسول.
17 -
إذا أثخن الصائد الصيد وأدركه وفيه حياة مستقرة، ولم يكن معه آلة يذكيه بها، أرسل عليه الجارح، فإذا قتله حل.
وقد استقصى المرداوي في كتاب الإنصاف الروايات في مذهب الإمام أحمد، ونَبَّهَ على كثير مما انفرد به، ومنها روايات ضعيفة نبه عليها محققو المذهب، وأهملها الناظم لضعفها، منها:
1 -
ابتداء مدة المسح على الخفين من المسح بعد الحدث (1).
2 -
إذا لبس الخف ثم أحدث ثم سافر قبل المسح أتم مسح مقيم (2).
(1) المرجع السابق 1/ 177.
(2)
المرجع السابق 1/ 179.
3 -
إذا لبس الخف ثم أحدث ومضى وقت صلاة ثم سافر أتم مسح مقيم (1).
4 -
إباحة التنفل بركعتين قبل صلاة المغرب (2).
وإذا راجعنا ما كتبه فقهاء الحنابلة حول هذه المسائل الفقهية، وجدنا أن محققي المذهب قد أوضحوا ضعفها، وبينوا ما صح عن الإمام أحمد منها، وما يعضده الدليل، وما هو المذهب عند كبار أصحاب أحمد الذين تأثروا بمنهجه، وجمعوا بين الرصيد الضخم من الأحاديث والآثار، وبين العلم بالفقه وطرق الاستنباط التي عَوَّلَ عليها أحمد في فتاواه.
ولا يعني هذا أن جملة ما انفرد به أحمد ضعيف، فإن أكثر مفرداته التي لم يختلف فيها مذهبه يكون قوله فيها راجحًا، وما انفرد به مما هو ضعيف يكون له في الغالب رواية توافق القول الراجح فيه، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية:
وأكثر مفاريد أحمد -التي لم يختلف فيها مذهبه- يكون قوله فيها راجحًا. كقوله بجواز فسخ الإفراد والقران إلى التمتع.
وقبوله شهادة أهل الذمة على المسلمين عند الحاجة، كالوصية في السفر.
وقوله: بتحريم نكاح الزانية حتى تتوب.
وقوله: بجواز شهادة العبد.
وقوله: بأن السنة للمتيمم أن يمسح الكوعين بضربة واحدة.
وقوله: في المستحاضة بأنها تارة ترجع إلى العادة وتارة ترجع إلى التمييز، وتارة ترجع إلى غالب عادات النساء .. فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنن، عمل بالثلاث أحمد دون غيره.
(1) المرجع السابق.
(2)
المرجع السابق 1/ 422.