الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن باب نواقض الوضوء
النواقض: جمع ناقض والنقض حقيقة في البناء، واستعماله في المعاني -كنقض الوضوء والعلة- (1) مجاز، فنواقض الوضوء مفسداته.
والدود من غير سبيل إن خرج
…
ينقض والنعمان قال لا حرج
أي: إن خرج الدود من غير القبل والدبر نقض الوضوء، يعني: إن فحش كسائر النجاسات من غير سبيل لأن دود الجرح نجس لتولده من النجاسة أشبه غيره من النجاسات (2).
وقال أبو حنيفة النعمان: لا حرج أي لا نقض به لأنه طاهر غير خارج من سبيل بخلاف ما يخرج من السبيل من الدود (3).
* * *
كذا كثير الدم حين يخرج
…
......................
أي: ينقض الكثير من الدم الوضوء وكذا سائر النجاسات من غير السبيلين (4)، روى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وقتادة
(1) نقض العلة: هو وجود الوصف المعلل به دون الحكم وهو من القوادح المتوجهة على القياس.
(2)
ليس مع القائلين به دليل صحيح، وقياسه على الدم باطل لأن الأصح في الدم عدم النقض كما سيأتي قريبًا.
(3)
انظر بدائع الصنائع 1/ 27.
(4)
في د، ك، السبيل.
والثوري وأصحاب الرأي (1). لما روى أبو الدرداء (2): "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ قال ثوبان: صدق: أنا سكبت له وضوءه". رواه الترمذيُّ وقال: هذا أصح شيء في الباب (3).
قيل لأحمد: حديث ثوبان صح (4) عندك؟ قال: نعم. وقال صلى الله عليه وسلم (لفاطمة)(5): "إنه عرق فتوضئي لكل صلاة". رواه (6) الترمذيُّ، علل بأنه دم عرق وهذا كذلك (7)، ولأنه قول من سمي من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم.
وأما القليل فلا ينقض الوضوء قال أحمد (8): عدة من الصحابة تكلموا فيه، أبو هريرة (9) كان يدخل أصابعه في أنفه، وابن عمر عصر بثرة فخرج دم فصلى ولم يتوضأ، وابن أبي أوفى عصر دملًا، وابن عباس قال: إذا كان
(1) انظر فتح القدير شرح الهداية 1/ 25 - 26.
(2)
في د أبو داود.
(3)
الترمذيُّ برقم 87 وهو عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فتوضأ
…
الحديث ويتوقف الاستدلال بالحديث على أن الفاء في فتوضأ للسببية لا للتعقيب وأن يكون لفظ: توضأ بعد لفظ: قاء محفوظًا، فقد رواه أبو داود والترمذيُّ في الصيام وابن الجارود وابن حبان والبيهقيُّ والطبرانيُّ وابن منده والحاكم من حديث معدان بدون ذكر الوضوء، تحفة الأحوذي 1/ 288 - 289.
(4)
في النجديات هـ، ط ثبت.
(5)
ما بين القوسين سقط من أ، جـ طا.
(6)
الترمذيُّ برقم 125 ولفظه: "إنما ذلك دم عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي"، قال أبو معاوية في حديثه: وقال: "توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت" قال الشارح: وجعل بعض المحدثين كلام أبي معاوية مدرجًا وجزم بعضهم أنه موقوف على عروة وقد رد ذلك الحافظ في الفتح 1/ 349 وذكر أن له طريقًا آخر عند الدارمي عن حماد بن سلمة وعند السراج عن يحيى بن سليم كلاهما عن هشام) انظر تحفة الأحوذي 1/ 390 - 391.
(7)
لكنه خارج من السبيل فكيف يقاس عليه الدم وهو لم يخرج منه.
(8)
سقطت من د قال أحمد.
(9)
في د، س هريه.
فاحشًا فعليه الإعادة، وجابر أدخل أصابعه في أنفه، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم. قال الخلال: الذي استقرت عليه الرواية عن أبي (1) عبد الله أن الفاحش ما يستفحشه كل إنسان في نفسه لقوله عليه السلام: "دع ما يريبك إلا ما لا يريبك"(2) ولا فرق بين الخارج بعلاج بقطنة ونحوها وغيره.
* * *
......................
…
(ص) وعنده لا ينقض المعالج
أي: عند أبي حنيفة لا ينقض الدم الخارج بالعلاج لأنه يقول: إن سال الدم نقض، وإن وقف برأس الجرح (3) فلا (4) لحديث:"من قاء أو رعف في صلاته فليتوضأ"(5)، لكن قال في الشرح: هذا الحديث لا يعرف ولم يذكره أصحاب السنن وقد تركوا العمل به فقالوا (6): إذا كان دون ملء الفم لم ينقض الوضوء (7).
* * *
وينقص الوضوء مس الذكر بظاهر (8) الكف
…
......................
أي: وينقض الوضوء مس الذكر أو (9) فرج أصلي (10) بلا حائل باليد
(1) في د ابن.
(2)
المسند 1/ 200.
(3)
في النجديات، ط الجراح.
(4)
بدائع الصنائع 1/ 25.
(5)
رواه ابن ماجة والدارقطنيُّ عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وقال الدارقطنيُّ: الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه مرسلًا) وإسماعيل بن عياش لا يحتج الحفاظ بحديثه عن غير الشاميين وقد صحح هذا الحديث الزيلعيُّ- انظر نصب الراية 1/ 38 - 39.
(6)
في د فقال.
(7)
الشرح الكبير 1/ 178.
(8)
في د بباطن.
(9)
في ط، و.
(10)
في أ، ج، ط غير أصلي وفي د، س غيره أصلي.
ولو زائدة (1) خلا ظفر، وسواء كان اللمس ببطن الكف أو ظهرها أو حرفها.
وقال أبو حنيفة وربيعة والثوري وابن المنذر لا ينقض مسه بحال لما روى قيس بن طلق عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: مسست ذكري أو الرجل يمس (2) ذكره في الصلاة، عليه وضوء؟ قال:"إنما هو بضعة منك" رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ (3)، ولأنه عضو فلم ينقض كسائر أعضائه.
وقال مالك والشافعيُّ وإسحاق لا ينقض مسه بظاهر (4) الكف؛ لأنه ليس بآلة للمس فأشبه ما لو مسه بفخذه (5).
ولنا: حديث بسرة بنت صفوان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مس ذكره فليتوضأ")(6). رواه ابن ماجة والترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ وقال البخاري: أصح شيء في الباب حديث بسرة وصححه أحمد (7) وقوله عليه السلام: "من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء" .. رواه أحمد والدارقطنيُّ (8) فظاهر كفه من يده والإفضاء: اللمس
(1) في د، س زايد.
(2)
في النجديات، ط مس.
(3)
أحمد في الفتح الرباني 2/ 88 - أبو داود برقم 182، 183 والترمذيُّ برقم 85 والنسائيُّ 1/ 101 وصححه ابن الفلاس وابن حبان والطبرانيُّ وابن حزم وضعفه الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطنيُّ والبيهقيُّ وابن الجوزي وادعى فيه النسخ ابن حبان والطبرانيُّ وابن العربي والحازمي وهو رأي ابن حزم- انظر طريق الرشد 34 وهو روايه عن الإمام أحمد ذكرها الموفق في المغني 1/ 170 واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ولكنه جعل الوضوء منه كالوضوء من الغضب ومن أكل ما مسته النار فهو مستحب لا واجب الفتاوى 21/ 241 وحاشية المقنع 1/ 52 وانظر بدائع الصنائع 1/ 30.
(4)
في النجديان، ط بظهر.
(5)
الكافي لابن عبد البر 1/ 149 ومغني المحتاج 1/ 30.
(6)
ما بين القوسنين من ب.
(7)
الترمذيُّ برقم 82، 83، 84، وأبو داود برقم 181 والنسائيُّ 1/ 101 وصححه أحمد في مسائله لأبي داود ص 309 وهو عند ابن ماجة برقم 479.
(8)
انظر الفتح الرباني 2/ 86 - 87 عن بسرة، والدارقطنيُّ 1/ 53 عن أبي هريرة وصححه ابن =
من غير حائل، ولأنه جزء من يده أشبه باطن الكف، وأما حديث قيس فقال أبو زرعة وأبو حاتم: قيس مما لا يقوم بروايته حجة ووهناه ولم يثبتاه، ويحتمل نَسْخُهُ لأن طلقا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يؤسسون المسجد وإسلام (1) أبي هريرة -وهو ممّن روى النقض- متأخر لأنه إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين.
* * *
......................
…
وأكل الجزر
أي: ينقض الوضوء أكل لحم الجزور خاصة تعبدًا سواء أكله عالمًا أو جاهلًا (2) نيًا أو مطبوخًا، وهو قول جابر بن سمرة ومحمَّد بن إسحاق وأبي خيثمة ويحيى بن يحيى وابن المنذر قال الخطابي: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث (3) لحديث البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم"، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم قال: "لا" رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ وابن ماجة (4) وعن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
= حبان والحاكم وابن عبد البر، وقال ابن السكن:(وهو أجود ما روي في هذا الباب، وفي طريق الدارقطني يزيد بن عبد الملك وهو ضعيف). نيل الأوطار 1/ 226.
(1)
في النجديات، ط أسلم.
(2)
ذكر الخلال أن الذي استقر عليه رأي الإمام أحمد أنه إنما ينقض وضوء العالم بالحكم لأنه خبر آحاد فيعذر بجهله كما يعذر بجهل الزنا ونحوه حديث العهد بالإسلام. المبدع 1/ 168.
(3)
وهو اختيار النووي والبيهقيُّ وشيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشوكاني، قال النووي في شرح مسلم 1/ 48 (وهذا المذهب أقوى دليلًا وإن كان الجمهور على خلافه وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث -يعني: حديث جابر بن سمرة- بحديث جابر كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار) ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام والله أعلم. أ. هـ. انظر الفتاوي 20/ 524 وتهذيب السنن 1/ 163 - 164 ونيل الأوطار 1/ 237 - 238.
(4)
أحمد في الفتح الرباني 2/ 94 وأبو داود برقم 184 والترمذيُّ برقم 81 وابن ماجة برقم 494.
مثله، رواه مسلم (1) قال أحمد: فيه حديثان صحيحان، حديث البراء وجابر بن سمرة.
وحديث ابن عباس: "الوضوء مما يخرج لا مما يدخل (2) " من قوله موقوف عليه (3)، ولو صح لوجب تقديم حديثنا عليه، لكونه أصح وأخص والخاص يقدم على العام. وكذا حديث جابر:(كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار). رواه أبو داود (4)، لأنه عام وحديثنا خاص، ولا يصح حمله على الاستحباب (5) ولا على غسل اليدين (6) بقرينة السياق، ولمخافته المعهود في كلام الشارع، وفي الشرح الكبير ما فيه كفاية في ذلك (7).
ولا نقض بشرب لبنها ومرق لحمها وأكل كبدها أو طحالها وسائر أجزائها غير اللحم، ولا بما سوى لحم الجزور من الأطعمة لأن النص الصحيح لم يتناوله، والحكم في اللحم غير معقول (8) فيجب الاقتصار عليه.
* * *
ص وهكذا الردة عن الإيمان
…
......................
أي: تنقض الوضوء وهي الإتيان بما يخرج به عن الإسلام نطقًا أو اعتقادًا أو شكًا، فمتى (9) عاود الإسلام لم يصل حتى يتوضأ، وهذا قول
(1) مسلم برقم360.
(2)
في ط يدل.
(3)
البيهقي 1/ 159 موقوفًا.
(4)
أبو داود برقم 192 والنسائيُّ 1/ 108.
(5)
في أ، ب، هـ الأصحاب وهو تصحيف.
(6)
في د، س، ص، ك اليد.
(7)
انظر الشرح الكبير 1/ 189 - 191.
(8)
في ط قوي وهو غلط.
(9)
في النجديات، هـ، ط فمن.
الأوزاعي وأبي (1) ثور لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]. والطهارة عمل وحكمها باق فيجب أن يحبط بالردة للآية، ولأنها عبادة يفسدها الحدث (2) فبطلت بالشرك كالصلاة (3).
* * *
......................
…
ص وغسل من (4) يدرج في الأكفان
أي: ينقض الوضوء غسل الميت صغيرًا كان أو كبيرًا ذكرًا أو أنثى مسلمًا أو كافرًا، وهو قول النخعي وإسحاق، لأن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت. بالوضوء، وعن أبي هريرة أقل ما فيه الوضوء، قال في الشرح (5): لا نعلم لهم مخالفًا في الصحابة فكان إجماعًا، ولأن الغاسل لا يسلم من مس عورة الميت غالبًا فأقيم مقامه كالنوم مع الحدث (6).
(1) في د، س أبو ثور.
(2)
في ط الحديث.
(3)
الأشهر عن أصحاب الإمام أحمد أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت لقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: 217]. فيصح حجه في إسلامه الأول ويجزئه لو عاد إلى الإِسلام.
(4)
في د ما.
(5)
الشرح الكبير 1/ 189.
(6)
وذهب بعض الحنابلة إلى أنه لا ينقض لأنه لم يرد فيه نص صحيح ولا هو في معنى المنصوص ولأن كلام أحمد الثابت عنه يدل على أنه مستحب لا واجب وما روي عن أبي هريرة موقوف عليه وقد روى البيهقي 1/ 299 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"، وقد حسن الحافظ في التلخيص إسناده وهذا اختيار الموفق وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما من محققي الحنابلة. انظر المغني 1/ 185 - والمبدع 1/ 167 - 168 وحاشية ابن قاسم على الروض المربع 1/ 254.
والنقض بالمذي اتفاقًا نقلًا
…
......................
قال في الشرح (1): والمذي ما يخرج عقب الشهوة زلجًا متسبسبًا (2) فيكون على رأس الذكر ينقض الوضوء إجماعًا.
* * *
......................
…
وعندنا فالأنثيان يغسلا
أي: يجب بخروج المذي غسل الذكر والأنثيين مرة لحديث علي قال: كنت رجلًا مذّاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فأمرت المقداد (3) بن الأسود فسأله فقال: "يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ" رواه أبو داود (4)، وفي لفظ (5):"توضأ وانضح فرجك" رواه مسلم (6)، والأمر للوجوب، ولأنه خارج بسبب الشهوة فأوجب غسلًا زائدًا على موجب البول (7) كالمني، وسواء غسله قبل الوضوء أو بعده، وما أصابه المذي يغسل سبعًا كسائر النجاسات على المذهب (8)، ولا يعتبر لغسل الذكر والأنثيين نية ولا تسمية كإزالة النجاسة. وقد تقدم.
(1) الشرح الكبير 1/ 176.
(2)
في ط منسلسا.
(3)
سقطت من د.
(4)
أبو داود برقم 207، 208.
(5)
في النجديات، ط رواية.
(6)
مسلم برقم 303 والنسائيُّ 1/ 96 - 97.
(7)
في د، س الوضوء.
(8)
وعن أحمد رواية أخرى أنه يكفي فيه غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة. وعنه أنه يكفي فيه النضح واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وخصوصًا في حق الشباب لكثرته منهم فعفي عن يسيره كالدم وهو أولى بالرخصة من بول الغلام ومن أسفل الحذاء لمشقة التحرز منه، إغاثة اللهفان 1/ 150 وحاشية ابن قاسم على الروض المربع 1/ 363.