الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: بجواز المساقاة والمزارعة على الأرض البيضاء والتي فيها شجر، وسواء كان البذر منهما أو من أحدهما، وجواز ما يشبه ذلك وإن كان من باب المشاركة ليس من باب الإجارة، ولا هو على خلاف القياس ونظير هذا كثير. أهـ (1).
وسترى في هذا الكتاب -في غالب أبواب الفقه- مسائل انفرد بها الإمام أحمد وكان الدليل في جنبته، ووافقه عليها أئمة كبار من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم.
أسباب الانفراد:
إن من يستقرئ المسائل التي انفرد بها أحمد، والتي دَوَّن غالبها لنا هذا الكتاب لا بد أن يلمس أن وراء هذا الانفراد أسبابًا سوغت للإمام أحمد أن يخالف ما سمعه من مشايخه -كالشافعي وغيره- وما نقل إليه من بعض علماء السلف قبله. وقد تكون هذه الأسباب التي نشير إلى بعضها يشترك مع الإمام فيها أئمة المذاهب الأخرى أو بعضهم. لكن الاختلاف في تطبيق القاعدة على المسائل الفرعية هو السبب الكامن وراء هذا. الانفراد، ولا نستطيع أن نحصر جميع الأسباب التي نشأ عنها الخلاف في جميع هذه المفردات ولكنا هنا نذكر أهمها بإيجاز فنقول:
الأوّل: كثرة الأحاديث النبوية الصحيحة:
كثر تدوين الأحاديث في عصر الإمام أحمد فألفت الصحاح وجمعت السنن والمسانيد والمصنفات، وتوفر بين يدي طلبة العلم ما اجتمع من أحاديث الآفاق.
وكان أحمد حافظة عصره؛ طاف في طلب الحديث كثيرًا من البلاد الإِسلامية، والتقى بحفظة العصر وأئمة الحديث في العراق والشام والحرمين واليمن، فاجتمع له ثروة عظيمة لم تكن لأحد من معاصريه أو سابقيه. ولقد
(1) الفتاوى: 20/ 229.
قيل: إن أحمد يحفظ ألف ألف حديث. وهو مع ذلك من صيارفة الحديث وعلماء الرجال الذين يفحصون أسانيد الأحاديث، فيعرفون صحيحها وضعيفها، ويفرقون بين جيدها ورديئها. وقد كان لذلك أثره الواضح في فقه الإمام، ويستطيع القارئ لهذا الكتاب أن يلمس أثره واضحًا في مسائل منها:
1 -
روى إبراهيم الحربي قال: قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، كل شيء منك حسن جميل إلا خصلة واحدة، فقال: وما هي؟. قال: تقول بفسخ الحج. فقال أحمد: قد كنت أرى أن لك عقلًا، عندي ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟ (1).
2 -
نقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وقد روى فيه أحمد حديثين أحدهما عن البراء بن عازب والثاني عن جابر بن سمرة. قال أحمد: فيه حديثان صحيحان حديث البراء (2) وحديث جابر بن سمرة (3).
3 -
الأخذ بجميع صور الوتر الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر في هذا الكتاب ما انفرد به أحمد منها وهي:
أ- الإيتار بخمس سردًا، لا يجلس إلا في آخرها (4).
ب- الإيتار بسبع سردًا؛ لا يجلس إلا في آخرها (5).
جـ- الإيتار بتسع ركعات؛ يجلس بعد الثامنة فيتشهد ثم يقوم فيصلي التاسعة فيتشهد التشهد الثاني ويسلم (6).
4 -
سلب الجاني في حرم المدينة، وقد روى فيه حديث سعد بن أبي وقاص الذي في مسلم (7).
(1) المغني 3/ 416.
(2)
أحمد في الفتح الرباني 2/ 94، وأبو داود برقم 184.
(3)
مسلم برقم 360.
(4)
مسلم برقم 737.
(5)
أبو داود برقم 1356.
(6)
مسلم برقم 746.
(7)
مسلم برقم 1364.