الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن كتاب الحج
بفتح الحاء لا بكسرها في الأشهر وعكسه شهر الحجة. وهو لغة: القصد إلى من تعظمه.
وشرعًا قصد مكة لعمل (1) مخصوص، وهو أحد أركان الإِسلام ومبانيه، فرض سنة تسع عند الأكثر، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته سوى حجة الوداع، وكانت سنة عشر، وفرضيته بالكتاب والسنة والإجماع (2).
وأفضل الأنساك فالتمتع
…
لا مفردًا أو (3) قارنًا فاستمعوا (4)
التمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم به في عامه بعد فراغه منها. والإفراد: أن يحرم بالحج وحده، فإذا فرغ منه اعتمر عمرة الإِسلام إن كانت باقية عليه.
والقران: أن يحرم بهما معًا، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها، ويصح ممّن معه هدي ولو بعد السعي (5).
(1) في ط بعمل.
(2)
أما من الكتاب فقوله تعالى: ({وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. ومن السنة حديث: "بني الإِسلام على خمس") وقد سبق تخريجه، وأجمع المسلمون على وجوبه في العمر مرة واحدة). انظر الإجماع 48.
(3)
في أ، ط و.
(4)
في ج فاسمعوا.
(5)
أي: يصح أن يدخل الحج على العمرة إذا كان معه هدي ولو بعد سعي العمرة.
ومن أراد الإحرام فهو مخير بين هذه الثلاثة، ذكره جماعة إجماعًا لقول عائشة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"من أراد منكم أن يهل [بحج فليفعل، ومن أراد أن يهل] (1) بحج (2) وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل" قالت: وأهل بالحج؛ وأهل به ناس معه، وأهل معه ناس بالعمرة والحج، وأهل ناس بالعمرة، وكنت فيمن أهل بعمرة. متفق عليه (3).
وذهب طائفة من السلف والخلف أنه لا يجوز إلا التمتع وقاله (4) ابن عباس (5) وكره التمتع عمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير (6).
وبعضهم القران (7) روى الشافعي عن ابن مسعود أنه كان يكرهه (8).
وأفضل الأنساك التمتع نص عليه في رواية صالح وعبد الله وهو قول ابن عمر وابن عباس وعائشة والحسن وعطاء وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد وسالم والقاسم وعكرمة (9).
وذهب الثوري وأصحاب الرأي: إلى اختيار القران لما روى أنس
(1) سقط من ج والأزهريات.
(2)
في ط أن يهل الحج وعمرة.
(3)
البخاري 1/ 355 و 3/ 485 ومسلمٌ برقم 1211 وفي الحديث تقديم وتأخير في أوله وصوابه: "من أراد أن يهل بحج وعمره فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل" الحديث ..
(4)
في أ، جـ، ط وقال ابن عباس.
(5)
المسند 1/ 259 - 261.
(6)
فتح الباري 2/ 344 - 345.
(7)
أي: وكره بعضهم القران.
(8)
مسند الشافعي 1/ 376.
(9)
وهو قول للشافعي ذكره في المنهاج قال 1/ 514: (وأفضلها الإفراد وبعده التمتع وبعد التمتع القران وفي قول التمتع أفضل من الإفراد)، وهو اختيار ابن تيمية قال رحمه الله: اختيار المتعة قول أصحاب الحديث وهو قول فقهاء مكة من الصحابة والتابعين وقول بني هاشم اتفق على اختياره علماء سنته وأهل بلدته وأهل بيته) الفتاوى 26/ 289.
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعًا: "لبيك عمرة وحجا؛ لبيك عمرة وحجًا) متفق عليه (1)(2).
وذهب مالك وأبو ثور إلى اختيار الإفراد وهو ظاهر مذهب الشافعي، وروي ذلك عن (3) عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعائشة، لما روت عائشة وجابر أن النبي صلى الله عليه وسلم (أفرد الحج) متفق (4) عليه ولأنه يأتي بالحج تامًا غير جبر فكان أولى (5).
ولنا: أن التمتع آخر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم (6) احتج به أحمد، قال إسحاق بن إبراهيم: كان اختيار أبي عبد الله الدخول بعمرة لقوله عليه السلام: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم"(7)، وفي الصحيحين: أنه أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديًا، وثبت على إحرامه لسوقه الهدي، وتأسف (8) ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل، ولا يتأسف إلا عليه، ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله (9) دون سائر الأنساك، ولأنه يجتمع فيه الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالها (10) على وجه اليسر والسهولة مع زيادة نسك فكان أولى (وأما القران فإنما يؤتى فيه بأفعال الحج وتدخل فيه أفعال العمرة والمفرد يعتمر بعد الحج من أدنى الحل وقد اختلف في إجزائها عن عمرة التمتع
(1) البخاري 3/ 327، 442 ومسلمٌ برقم 1251 واللفظ لمسلم.
(2)
انظر حاشية ابن عابدين 2/ 529.
(3)
سقطت من د، س.
(4)
حديث عائشة أخرجه: البخاري 3/ 336 ومسلمٌ برقم 1211 وحديث جابر في البخاري 2/ 402 ومسلمٌ برقم 1248.
(5)
انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 364 ومختصر المزني المطبوع مع الأم 2/ 52.
(6)
سقط من ط كلمة (وسلم).
(7)
رواه مسلم من حديث جابر برقم 1216.
(8)
رواه البخاري 3/ 345، 346، 402، 403 ومسلمٌ برقم 1211، 126 وأبو داود برقم 1778 - 1783.
(9)
في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196].
(10)
في ط كما لها.
فكان أولى) (1).
فإن قيل: أمرهم بالفسخ ليس لفضل التمتع، وإنما هو لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج (2).
أجيب: بأنهم لم يعتقدوه (3) ثم لو كان لم يخص (4) به من لم يسق الهدي، لأنهم سواء في الاعتقاد، ثم لو كان لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيها وجعل العلة فيه (5) سوق الهدي.
وعنه فالقران إذ يساق
…
الهدى (6) إذ قال به إسحاق
أي: وعن الإِمام إن ساق (7) الهدي فالقران أفضل له رواه المروذي، وهي قول إسحاق (8) واختارها الشيخ تقي الدين، وقال: هو المذهب، وقال: إن اعتمر وحج في سفرتين أو (9) اعتمر قبل أشهر (10) الحج، فالإفراد أفضل باتفاق الأئمة الأربعة (11)(12) نص عليه أحمد في الصورة الأولى وذكره
(1) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ ط.
(2)
وقد بين ذلك ابن عباس قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفر، ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: الحل كله). رواه مسلم برقم 1240.
(3)
في ط يعتقدوا.
(4)
في ط لم يختص.
(5)
أي: في بقائه على إحرامه وعدم فسخه إلى عمرة.
(6)
في أ، ب، هـ، ط هديا وذا.
(7)
ف ب، ج، ط يساق.
(8)
سقطت من النجديات، ط.
(9)
في ط و.
(10)
سقطت من ط كلمة (أشهر).
(11)
سقطت من ط كلمة (الأربعة)
(12)
الفتاوى 2/ 37، 85 - 89 والاختيارات 117.
القاضي في الخلاف وغيره، وهي (1) أفضل من الثانية نص عليه، واختاره صاحب الفائق في الصورة الأولى.
ووجه هذه الرواية ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن حين ساق الهدي، ومنع كل من ساق الهدي من الحل حتى ينحر هديه (2)، وأجيب عن الاحتجاج بفعله صلى الله عليه وسلم بأجوبة منها:
أن أكثر الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا (3)، روي ذلك عن عمر وعثمان وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر ومعاوية وأبي موسى وجابر وعائشة وحفصة بأحاديث صحاح (4)، وأخبر عليه السلام عن نفسه بالمتعة في حديث حفصة (5) فلا يعارض خبر (6) غيره.
(1) في النجديات، ط وهو.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
هذا جواب من رجح التمتع مطلقًاورأى أن النبي صلى الله عليه وسلم حج متمتعًا وقد رآه بعض الحنابلة وقد نص شيخ الإِسلام ابن تيمية على أن الإِمام أحمد لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم حج متمتعًا -التمتع الخاص- بل نص على أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قارنًا .. وأجاب رحمه الله عن الأحاديث التي ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم حج متمتعًا بأن المراد التمتع العام الذي يشمل القرآن ويوجب الهدي، وهو سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها علي بن أبي طالب ووافقه عثمان على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها. الفتاوى 25/ 34، 67، وما رجحه شيخ الإِسلام من أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قارنًا هو رأي محققي المذاهب الأربعة، قال النووي في شرح مسلم 8/ 135: والصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان أولًا مفردًا ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك وأدخلها على الحج فصار قارنًا ورجحه الكمال بن الهمام في فتح القدير 2/ 519 - 523.
(4)
قال الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 347 وأما حجه تمتعًا فروي عن عائشة وابن عمر عند الشيخين، وعلي وعثمان عند مسلم وأحمدُ، وابن عباس عند أحمد والترمذيُّ وسعد بن أبي وقاص أي عندهما. أ. هـ.
وروي أيضًا عن عمر عند أحمد ومسلمٌ وابن ماجة والبيهقيُّ. انظر بلوغ الأماني شرح
الفتح الرباني 11/ 160 - 161.
(5)
لم أجده وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 341 في ترجيح أنه حج قارنًا: وأنه لم يقع في شيء من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال: أفردت ولا تمتعت بل صح عنه أنه قال: قرنت. أ. هـ.
(6)
في ب خبره غيره.
ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن يكون أحرم بالعمرة ثم لم يحل منها لأجل هديه حتى أحرم بالحج فصار قارنًا، وسماه من سماه مفردًا لاشتغاله (1) بأفعال الحج وحدها بعد فراغه من أفعال العمرة، والجمع بين الأحاديث مهما أمكن أولى من حملها على التعارض.
[تنبيه: إسحاق المذكور في كلامه هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد (2) أبو يعقوب المعروف بابن راهويه أحد أئمة الإسلام جمع بين الحديث والفقه والورع سمع ابن عيينة ومن في طبقته، وسمع منه البخاري ومسلمٌ والترمذيُّ ولد سنة ست وستين ومائة ومات سنة ثلاث وأربعين ومائتين على ما ذكره القاضي أبو الحسين (3) في طبقاته، (4).
والحج والعمرة إن لم يقعا
…
في أشهر الحج فما تمتعا
يعني: إن أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج لم يكن متمتعًا ولم يلزمه دم (5) تمتع، سواء وقعت أفعالها في أشهر الحج أو في غيره (6) قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عمن أهل بعمرة في غير أشهر الحج ثم قدم في شوال أيحل من عمرته في شوال أم يكون متمتعًا؟ قال: لا يكون متمتعًا، واحتج بحديث جابر وذكر إسناده عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله سئل عن امرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مسمى، ثم يخلو (7) إلا ليلة
(1) في ط ولا شتغاله ولا معنى لهذه الواو.
(2)
في جـ، ص، ك مجلد.
(3)
في أ، ج، ط أبو الحسن .. وهو القاضي محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء له طبقات الحنابلة قتل رحمه الله سنة 526.
(4)
ما بين القوسين سقط من د، س.
(5)
سقط من د.
(6)
وهذا قول في مذهب الشافعي قال في المجموع 7/ 170: ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهره فقولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليليهما (أصحهما): نصه في الأم لا دم. (والثاني): نصه في القديم والإملاء يجب الدم. أما لو أحرم بالعمرة وأتى بأعمالها قبل أشهر الحج فلا يكون متمتعًا ولا يجب عليه هدي التمتع عند جمهور العلماء، ونقل النووي في المجموع 7/ 170 خلاف طاووس في ذلك ..
(7)
سقطت ثم من د، س وصحفت يخلو فكتبت يجلو.
واحدة، ثم تحيض، قال: لتخرج ثم لتهل بعمرة ثم لتنتظر (1) حتى تطهر ثم لتطف بالبيت (2).
من لم يسق هديًا ففسخ حجه
…
بعمرة جوز لمن يرجه
بل جاءنا منصوصه بندبه
…
حيث النبي آمر لصحبه (3)
يعني: من أحرم مفردًا أو قارنًا ولم يسق هديًا يجوز له (4) بل يندب أن (5) يفسخ نية الحج ويجعلها عمرة مفردة، فيقصر ويحلّ من إحرامه ليصير متمتعًا إن لم يكن وقف بعرفة، وهذا قول الحسن ومجاهد وداود.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز لأن الحج أحد النسكين فلم يجز فسخة كالعمرة (6)(7).
(1) في النجديات، هـ ط تنتظر.
(2)
لم أجده وهو في المغني 3/ 499، نقله عن الأثرم وجوّد في المبدع 3/ 122 إسناده.
(3)
في جـ، هـ فسخ بدون الفاء العاطفة.
(4)
سقطت كلمة (له) من ط.
(5)
في أ، ب أي.
(6)
شرح النووي على مسلم 8/ 144، 150 وبداية المجتهد 1/ 333.
(7)
ويرى ابن حزم وابن القيم والألباني وجوب الفسخ وهو رأي ابن عباس فقد روى عنه مسلم برقم 1244، 1245 أنه كان يقول: لا يطوف بالبيت حاج إلا حل، واستدل له بحديث البراء بن عازب وفيه قال: فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة قال: فقال الناس: يا رسول الله، قد أحرمنا بالحج كيف نجعلها عمرة؟ قال:"انظروا ما آمركم به فافعلوا"، فردوا عليه القول، فغضب ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان ورأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟ قال: "ما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع". رواه ابن ماجة برقم 2982 قال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 204 تعليقًا على هذا الحديث: (وغضبه صلى الله عليه وسلم لما لم يفعلوا ما أمرهم به من الفسخ ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضًا علينا فسخه إلى عمرة تفاديًا من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعًا لأمره فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صح حرف واحد يعارضه ولا خص بها أصحابه دون غيرهم بل أجرى الله على لسان سراقة أن سأله هل هذا مختص بهم؟ فأجاب بأن ذلك كائن لأبد الأبد فما ندري ما يقدم على هذه الأحاديث وهذا الأمر المؤكد الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من خالفه؟). أ. هـ. وانظر المحلى 7/ 99 وإرواء الغليل 4/ 183.
ولنا: أنه قد (1) قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها (2) عمرة إلا من كان معه الهدي. في أحاديث كثيرة متفق عليها بحيث تقرب من التواتر، ولم يختلف في صحة ذلك وثبته عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد من أهل العلم علمناه، وعن إبراهيم الحربي (3) قال:(قال (4)) سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، كل شيء منك حسن جميل إلا خصلة واحدة فقال: ما هي؟ قال: تقول بفسخ الحج، فقال أحمد: قد كنت أرى أن لك عقلًا، عندي ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟.
وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة وأحاديثهم متفق عليها، ورواه غيرهم من وجوه صحاح.
وأما ما روى (5) من (6) أن ذلك رخصة خاصة بأصحابه عليه السلام فلم يثبت بدليل صحيح (7).
(1) في ط أن وسقطت قد من هـ.
(2)
في ط يجعلوهما.
(3)
في أ، ط الخرقي.
(4)
ما بين القوسين من ب.
(5)
حديث ابن عمر رواه البخاري 3/ 431 / 432 ومسلمٌ برقم 1227، وحديث ابن عباس رواه البخاري 3/ 337 - 338 ومسلمٌ برقم 1240، وحديث جابر رواه البخاري 3/ 343 ومسلمٌ برقم 1216، وحديث عائشة رواه البخاري 3/ 334 - 334 ومسلمٌ برقم 1211.
(6)
سقطت من النجديات وهـ وط.
(7)
روى ذلك مسلم عن أبي ذر برقم 1224. ولفظه: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة: ورواه أبو داود برقم 1807 والنسائيُّ 5/ 179 - 180 وكلها موقوفة على أبي ذر وقد عارضه حديث ابن عباس المرفوع فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة، رواه مسلم برقم 1241 وما أخرجه مسلمٌ أيضًا عن جابر في حديثه الطويل رقم 1218 وفيه: "فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة"، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: "دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لأبد أبد".
مسافة القصر لدى الأسفار
…
ما بينما الحج والاعتمار
به دم المتعة والقران
…
سقوطه فواضح البرهان
يعني: إذا أحرم بالعمرة وحل منها ثم سافر فأحرم بالحج من مسافة قصر فأكثر من مكة سقط عنه دم التمتع، وروي ذلك عن عطاء والمغيرة وابن المديني (1) وإسحاق.
(وقال)(2) الشافعي: إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه (3).
وقال أصحاب الرأي: إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا (4)(وقال مالك: إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا)(5).
وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده، واختاره ابن المنذر لعموم (قوله تعالى):(6){فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196].
ولنا: قول عمر إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع (7)، وعن ابن عمر نحو ذلك (8)، ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه لزمه الإحرام منه، فإذا كان بعيدًا فقد أنشأ سفرًا بعيدًا لحجه فلم يترفه بترك أحد المسفرين.
وأما سقوط دم القران بالسفر المذكور فهو القياس، ولكن كلامهم
(1) سقطت كلمة وابن من ب، ج، والأزهريات وط.
(2)
ما بين القوسين من ب.
(3)
انظر مغني المحتاج 1/ 516.
(4)
انظر حاشية ابن عابدين 2/ 541.
(5)
ما بين القوسين سقطت من النجديات، ط.
(6)
ما بين القوسين من ب.
(7)
رواه ابن حزم في المحلى 7/ 159 قال: روينا من طريق وكيع حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره.
(8)
رواه ابن حزم في المحلى 7/ 159 من طريق ابن أبي شيبة حدثنا وكيع وحفص بن غياث قال حفص: عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر.
يقتضي لزومه، لأن اسم القرآن باق بعد السفر بخلاف التمتع قاله في الفروع (1)، والصحيح أن اسم التمتع باقٍ أيضًا.
ويلزم الورّاث (2) أن يحججوا (3)
…
من أصل مال الميت عنه يخرجوا
هذا وإن لم تك (4) بالوصية
…
حتى ولا تجزئ (5) ميقاتيه
يعني: من وجب عليه الحج ومات ولم يحج لزم ورثته أن يخرجوا من جميع ماله ما يحج به ويعتمر من حيث وجبا سواء فاته بتفريطه أو بغيره ولا تجزئ الاستنابة عنه من الميقات.
وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط (6) عنه بالموت، فإن وصى (7) فمن الثلث، لأنه عبادة بدنية فسقط بالموت كالصلاة (8)(9).
وقال الشافعي فيمن مات وعليه حجة الإِسلام يستناب عنه من الميقات، لأن الإحرام لا يجب من دونه (10).
ولنا: على عدم السقوط (11) ما روى ابن عباس أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج قال: "حجي عن أبيك،، وعنه: أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال:، أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه؟ "، قال: نعم قال:
(1) الفروع 3/ 316.
(2)
في النجديات، د، س الوارث.
(3)
في نظ والأزهريات يحجوا.
(4)
في أ، ب، ج تكن.
(5)
في ج، ص، ك يجزئ.
(6)
في أ، ط تسقط.
(7)
في أ، جـ، هـ، ط وإن أوصى به وفي ب وأن أوصى به فإن أوصى.
(8)
انظر بدائع الصنائع 2/ 221 والكافي لابن عبد البر 1/ 357 - 358.
(9)
في طا بالصلاة.
(10)
انظر المجموع 7/ 88 - 89.
(11)
في ط السقط.
"فاقضوا (1) الله فهو أحق بالقضاء"، رواهما النسائي (2) ولأنه حق تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين بخلاف الصلاة (3).
وأما كونه من حيث وجب فلأن القضاء يكون على صفة الأداء في الصلاة والصوم، فإن كان له وطنان جازت الاستنابه من أقربهما.
نفقة الحج على الصبي
…
مثل الضحايا لا على الولي
أي: نفقه الحج في مال الصبي كالأضحية لا على وليه في رواية اختارها جماعة منهم القاضي في خلافه، وقدمها في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق (4) وإدراك الغاية، لأن الحج له فنفقته (5) عليه كالبالغ، ولأن له فيه مصلحة بتحصيل الثواب له ويتمرن عليه فصار كأجر (6) المعلم والطبيب.
والصحيح من المذهب أن ما زاد على نفقة الحضر في مال وليه إن أنشأ (7) السفر به تمرينًا له على الطاعة، وكذا الكفارة لأن الحج لا يجب في العمر إلا مرة فلا حاجة إلى التمرن عليه، ولأنه قد لا يجب فلا يجوز تكليفه بذل ماله من غير حاجة إليه.
وامنع من الحج بغير محرم
…
لامرأة لو في جوار الحرم
أي: يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرم لها، ولا يجوز لها السفر بدونه ولو كانت جوار الحرم أي (8) ليس بينها وبينه مسافة
(1) في ط فاقض.
(2)
النسائي 5/ 116 والحديث الثاني أخرجه البخاريُّ 1/ 507.
(3)
وهو مذهب الظاهرية كما ذكره ابن حزم في المحلى 7/ 62 - 65 واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 115: ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله وخلف مالًا حج عنه في أظهر قولي العلماء.
(4)
في ط التأليف.
(5)
في د نفقته.
(6)
في النجديات، ط كأحرة.
(7)
في د، ط نشا.
(8)
سقطت من د، س.
قصر (1)، قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن (2) لها محرم هل وجب عليها الحج؟ قال: لا، وقال: المحرم من السبيل، وهذا قول الحسن والنخعي وإسحاق وأصحاب (3) الرأي: وابن المنذر (4).
وقال ابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعيُّ: ليس المحرم شرطاً في حجها بحال، وقال ابن سيرين، تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به، وقال مالك: تخرج مع جماعة النساء، وقال الشافعي: تخرج مع حرة ثقة (5).
ولنا: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة (6) تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة (7) يوم إلا ومعها ذو (8) محرم"، وفي حديث ابن عباس مرفوعًا:"ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو (9) محرم"، متفق (10) عليهما، قال أبو عبد الله (11): أما أبو هريرة فيقول: يوم وليلة
(1) في الأزهريات القصر.
(2)
في النجديات، ط ليس.
(3)
لم يوافق الأحناف هذه المسألة كما حكى المؤلف رحمه الله عنهم، لأن الذي انفرد به أحمد هو اشتراط المحرم في الحج مطلقًا طالت المسافة أو قصرت أما الاحناف فإنهم يشترطون المحرم لمن بينها وبين مكة ثلاثة أيام فصاعدًا. قال في بداية المبتدي 2/ 419 - 420: ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام، وقال في بدائع الصنائع 2/ 124: ثم المحرم أو الزوج إنما يشترط إذا كان بين المرأة وبين مكة ثلاثة أيام فصاعدًا فإن كان أقل من ذلك حجت بغير محرم.
(4)
وهذا هو الذي صححه شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى المصرية قال في الاختيارات ص 116، وصحح أبو العباس في الفتاوى المصرية أن المرأة لا تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم.
(5)
الموطأ مع شرح الزرقاني 2/ 401 والأم 2/ 100.
(6)
في النجديات، ط لمن.
(7)
في النجديات، ط مسايرة.
(8)
سقطت من النجديات، ط كلمة ذو.
(9)
سقطت من طا كلمة ذو.
(10)
حديث أبي هريرة رواه البخاري 2/ 468 ومسلمٌ برقم 1339 واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري يوم وليلة، وحديث ابن عباس رواه البخاري 4/ 64 - 66 ومسلمٌ برقم 1341.
(11)
في النجديات، ط عبيد.
ويروى (1) عن أبي هريرة: لا تسافر سفرًا أيضًا، وأما حديث أبي سعيد فيقول: ثلاثة أيام (2)، قلت: ما تقول أنت؟ قال: لا تسافر سفرًا قليلًا ولا كثيرًا إلا مع ذي محرم. وروى الدارقطني (3) بإسناده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو (4) محرم".
وكافر فلا يكون (5) محرمًا
…
لامرأة حتى يكون مسلمًا
أي: الكافر ليس بمحرم للمسلمة وإن كانت ابنته قال أحمد في يهودي أو نصراني أسلمت ابنته: لا يزوجها ولا يسافر بها ليس هو (6) لها بمحرم.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: هو محرم لها؛ لأنها محرمة عليه على التأبيد (7) ولنا: أن إثبات (8) المحرمية يقتضي الخلوة بها فوجب أن لا يثبت لكافر على مسلمة كالحضانة للطفل، ولأنه لا يؤمن عليها أن يفتنها عن دينها كالطفل وما ذكروه يبطل (9) بالتحريم باللعان (10).
من أحرمت زوجته تطوعًا
…
أو (11) عبده من غير إذن سمعًا
ليس له في الأشهر التحليل
…
والشيخ كالجمهور لا يميل
(1) سقطت من ط كلمة يروي.
(2)
رواه مسلم برقم 1340.
(3)
الدارقطني 2/ 223.
(4)
سقطت من طا كلمة (ذو).
(5)
في ب، ج لا يكون.
(6)
سقطت من د، س.
(7)
انظر بدائع الصنائع 2/ 124 ونهاية المحشاج 3/ 243.
(8)
في أ، جـ، ط ثبات.
(9)
سقط من النجديات، هـ ط بالتحريم.
(10)
فإن الملاعنة محرمة عليه على التأبيد ومع ذلك فليس الملاعن محرمًا لها ولا يباح له الخلوة بها بالاتفاق ولا يدخل تحت هذا الخلاف المجوسي الذي يعتقد حل محارمه فلا تسافر معه لأنه لا يؤمن عليها، ذكر ذلك الكاساني في بدائع الصنائع 2/ 124 وابن مفلح في الفروع 3/ 239.
(11)
في نظ، د، س وعبده.
يعني: ليس للمرأة أن تحرم بتطوع بغير إذن زوجها، ولا للعبد (1) أن يحرم بغير إذن سيده؛ لأنهما يفوتان حقوق الزوج والسيد الواجبة بالتزام ما ليس بواجب، فإن أحرم كذلك انعقد صحيحًا، لأنه عبادة بدنية فأشبه الصلاة والصيام، وليس للزوج ولا للسيد تحليلهما (2) في رواية نقلها الجماعة واختارها أبو بكر والقاضي وابنه وقدمها في المحرر.
وعنه: لهما تحليلهما وفاقًا لجمهور العلماء (3) وهي (4) المذهب، وقطع بها (5) الشيخ الموفق في المقنع، وكذا صاحب الوجيز والمنور وابن منجا في شرحه واختارها ابن حامد والشارح وغيرهما، وجزم بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها؛ لأنّ في بقائهما على الإحرام تفويتًا لحق الزوج والسيد بغير إذنهما فجاز لهما تحليلهما (6)، تداركًا لدفع الضرر عنهما كالصوم (7) المضر ببدنهما.
ومن ينسب لاثنين (8) في حجهما
…
كان (9) له حيث نوى وأبهما (10)
يعني: لو استنابه اثنان (11) في نسك وأحرم به عن أحدهما لا بعينه وقع عن نفسه؛ لأنّ أحدهما ليس أولى به من الآخر أشبه ما لو أحرم عنهما (12).
(1) في د، س لعبد.
(2)
في د، س، ط تحليلها.
(3)
انظر حاشية ابن عابدين 2/ 591 والأم 2/ 96، 100، 101 والكافي لابن عبد البر 1/ 412 - 414 والمحلى 7/ 52.
(4)
في د، س وهي.
(5)
في د، س به.
(6)
في ط تحليلها.
(7)
في د، س أي الزوج والسيد.
(8)
في نظ الأثنين.
(9)
في هـ، ط كانت.
(10)
في جـ رأيهما.
(11)
في أ، ح! ط استناب أثنين.
(12)
وهو رأي أبي يوسف ذكر ذلك عنه السرخسي في المبسوط 4/ 159 واستدل له بقوله: =
وقال أبو الخطاب: يصح ويصرفه إلى أيهما شاء، كما لو أحرم بنسك ولم يعينه (1).
وإن أحرم عن أحدهما بعينه صح، ثم يحج عن الآخر، وإن أحرم به عنهما أو (2) عن نفسه وأحدهما (3) وقع عن نفسه؛ لأنه لا يمكن وقوعه عنهما، وليس أحدهما أولى به (4) من الآخر.
إذا استناب العاجز المعضوب
…
ولو تعافى سقط الوجوب
يعني: إذا استناب العاجز عن الحج لمرض لا يرجى برؤه ونحوه ويسمى (5) المعضوب فحج النائب ثم عوفي المستنيب لم يجب عليه حج آخر وهذا قول إسحاق.
وقال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر: يلزمه؛ لأنّ هذا بدل إياس فإذا برئ تبينا أنه لم يكن مأيوسًا منه فلزمه الأصل، كالآيسة تعتد بالشهور ثم تحيض يلزمها العدة بالحيض (6).
ولنا: أنه (7) أتى بما أمر به فخرج من (8) العهدة كما لو (9) لم يبرأ
= وحجته أنه مأمور بالحج عن كل واحد منهما بتعيين النية له فإذا لم يفعل صار مخالفًا كما إذا نوى عنهما جميعًا.
(1)
وهو رأي أبي حنيفة ومحمَّد. قال في المبسوط 4/ 159: رجل أمره رجلان أن يحج عنهما فأهل بحجة عن أحدهما لا ينويه يصرفه إلى أيهما شاء في قول أبي حنيفة ومحمَّد. وانظر الهداية لأبي الخطاب 1/ 92.
(2)
في ط و.
(3)
في د وأحدهما.
(4)
ليست في ط.
(5)
في د، س وسمي.
(6)
انظر الأم 2/ 98 وحاشية ابن عابدين 2/ 598.
(7)
في أأنه أن أتى وفي هـ أنه إذا أتى.
(8)
في الأزهريات عن.
(9)
سقطت من ط كلمة (لو).
نقول أدى حجة الإِسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان، كما لو حج عن نفسه، ولأن هذا يفضي إلى إيجاب حجتين عليه ولم يوجب الله عليه (1) إلا حجة واحدة.
وأما الآيسة فلا يتصور عود حيضها حتى ولو رأت دمًا (2) فليس بحيض ولا يبطل به اعتدادها، وكذلك (3) الحكم لو عوفي بعد إحرام نائبه قبل أن يتممه (4). فأما إن عوفي قبل إحرام النائب لم يجزه (5) بحال فيقع للنائب "قلت" ويلزمه رد النفقة.
وعادم النعلين في الإحرام
…
يلبس خفين على التمام (6)
من غير قطع لهما كلا ولا
…
فدية في هذا على من فعلا (7)
يعني: إذا عدم المحرم النعلين حال الإحرام جاز له لبس الخفين من غير قطع ولا فدية عليه، روي عن علي بن أبي طالب وبه قال عطاء وعكرمة.
(1) في النجديات، ط تعالى.
(2)
في النجديات، ط رأته دمًا.
(3)
في الأزهريات وكذا.
(4)
الأظهر عند الموفق وشيخ الإِسلام ابن تيمية أنه لا يجزئه كالمتيمم يجد الماء في الصلاة قال في المغني 3/ 179: فأما إن عوفي قبل فراغ النائب من الحج فينبغي أن لا يجزئه الحج؛ لأنه قدر على الأصل قبل تمام البدل فلزمه كالصغيرة ومن ارتفع حيضها إذا حاضتا قبل إتمام عدتهما بالشهور، وكالمتيمم إذ رأى الماء في صلاته. وانظر أيضًا حاشية المقنع 1/ 391.
(5)
في النجديات، هـ س يجزيه وفي ط يجزيه.
(6)
في د، س وروى.
(7)
وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الفتاوى 21/ 193: إن المحرم إذا لم يجد نعلين ولا ما يشبه النعلين -من خف مقطوع أو جمجم مداس أو غير ذلك- فإنه يلبس أي خف شاء ولا يقطعه هذا أصح قولي العلماء وهو ظاهر مذهب أحمد وغيره.
وانتصر لذلك ابن القيم في تهذيب السنن 3/ 346 - 348.
وقال عروة بن الزبير ومالك والثوري والشافعيُّ وإسحاق وأصحاب الرأي: وابن المنذر: يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، لما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين" متفق (1) عليه، وهو متضمن لزيادة على حديث (2) ابن عباس وجابر، والزيادة من الثقة مقبولة (3).
قال الخطابي: العجب من أحمد في هذا فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه وقلت سنة لم تبلغه (4).
ولنا: حديث ابن عباس وجابر: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين (5) مع قول علي: (قطع الخفين فساد يلبسهما كما هما)(6) مع موافقة القياس فإنه ملبوس أبيح لعدم غيره أشبه السراويل، ولأن قطعه لا يخرجه عن حالة الحظر (7)، فإن لبس المقطوع محرم مع القدرة على النعلين كلبس الصحيح، وفيه إتلاف ماليته وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته.
وأما حديث ابن عمر فزيادة القطع لم يذكرها جماعة، وروي أنها من قول نافع (8)، ولو سلم صحة رفعها فهي (9) بالمدينة، وخبر ابن عباس
(1) البخاري 3/ 318 - 321 ومسلمٌ برقم 1177.
(2)
في د حديب.
(3)
انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 388، والأم 2/ 173، وحاشية ابن عابدين 2/ 490.
(4)
معالم السنن 2/ 345 طبع مطبعة أنصار السنة المحمدية 1367 هـ.
(5)
حديث ابن عباس رضي الله عنه رواه البخاري 3/ 319 ومسلمٌ برقم 1178 وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما رواه مسلم برقم 1179.
(6)
لم أجده وهو في المغني 2/ 474.
(7)
كتبت في جميع النسخ الحضر.
(8)
قال الموفق في المغني 2/ 374 فأما حديث ابن عمر فقد قيل: إن قوله: وليقطعهما من كلام نافع، كذلك رويناه في أمالي أبي القاسم بن بشر بإسناد صحيح وقال أيضًا:(ولا يرتاب أحد من المحدثين أن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن عباس).
(9)
في النجديات، ط في المدينة.
بعرفات (1)، فلو كان القطع واجبًا لبينه للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كلامه في المدينة في موضع البيان ووقت الحاجة، ولا يقال: اكتفى بما سبق، لأنه يقال: فلم ذكر لبسهما؟ والمفهوم من إطلاقه لبسهما بلا قطع.
وقول المخالف (2) المقيد (3) يقضي على المطلق محله إذا لم يمكن تأويله وعن قوله حديث (4) ابن عمر فيه زيادة لفظ، بأن خبر ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكم هو (5) جواز اللبس بلا قطع يعني: أن هذا الحكم لم (6) يشرع بالمدينة (7) وهذا أولى من دعوى النسخ، وبهذا يجاب عن قول الخطابي السابق. وقوله: فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه، فيه شيء، فإنه قد يخالف لمعارض (8) راجح كما هو عادة المجتهدين رحمهم الله في الجمع بين الأخبار.
قال الموفق: والأولى قطعهما عملًا بالحديث الصحيح، وخروجًا من الخلاف وأخذًا بالاحتياط (9) قال الشارح والذي قاله صحيح (10).
وحالق شعرين مثل البدن
…
والرأس فديتان (11) فيما قد عني
(1) قال الدارقطنيُّ في سننه 2/ 23: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول في حديث ابن جريج وليث بن سعد وجويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ماذا يترك المحرم من الثياب؟ وهذا يدلّ على أنه قبل الإحرام بالمدينة وحديث شعبة وسعيد بن زيد عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب برفات. هذا بعد حديث ابن عمر.
(2)
في أ، ج، ط المخالفة.
(3)
في د، س المقيس.
(4)
في النجديات، ط في حديث.
(5)
في أ، وجـ وط هي.
(6)
سقطت من أ، هـ، ط.
(7)
في ط المدنية.
(8)
في ط لعارض.
(9)
المغني 3/ 275.
(10)
الشرح الكبير 3/ 275.
(11)
في د فديتين.
يعني: لكل واحد من شعر البدن وشعر الرأس حكم منفرد (1)، فلو حلقهما ففديتان، في رواية نقلها الجماعة واختارها القاضي في التعليق وغيره وابن عقيل وجماعة وجزم بها في المبهج (2).
وعنه: شعر الرأس والبدن واحد، وهو الصحيح من المذهب اختاره أبو الخطاب والموفق والشارح، وجزم به في الهادي والمنور وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وشرح ابن رزين والنظم، وجزم به في المنتهى والإقناع وهذا قول أكثر الفقهاء (3)؛ لأنّ الشعر كله جنس واحد فلم تتعدد الفدية فيه باختلاف مواضعه كما لو لبس قميصًا وسراويل.
ومحرم (4) فإن يدل محرمًا
…
على اصطياد فالجزا عليهما
يعني: إذا (5) دلّ محرم محرمًا على صيد فقتله فالجزاء بينهما، وبه قال عطاء وحماد بن أبي سليمان.
وقال الشعبي وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي: على كل واحد جزاء، لأنّ كل واحد يستقل بالجزاء إذا انفرد فكذلك عند الاجتماع (6) ولنا: أن الواجب جزاء المتلف وهو واحد فيكون الجزاء واحدًا. وقال مالك والشافعيُّ: لا شيء على الدال (7).
(1) في ط، جـ مفرد.
(2)
وهو قول أبي القاسم الأنماطي من الشافعية قال في المهذب 7/ 366: وإن حلق شعر رأسه وشعر بدنه لزمه ما ذكرناه أي فدية واحدة وقال أبو القاسم الأنماطي يلزمه فديتان؛ لأنّ شعر الرأس مخالف لشعر البدن ألا ترى أنه يتعلق النسك بحلق الرأس ولا يتعلق بشعر البدن والمذهب الأوّل. أ. هـ.
(3)
انظر حاشية ابن عابدين 2/ 549 - 550 والكافي لابن عبد البر 1/ 388 - 389 والمهذب 1/ 366.
(4)
في ط محزم.
(5)
سقطت من د، س وهي في هـ أن.
(6)
انظر بدائع الصنائع 2/ 203 - 204.
(7)
انظر مواهب الجليل 3/ 176، والأم 2/ 176.
ولنا: حديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي وأصحابه محرمون قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو (1) أشار إليها؟ "(2) فإنه يدلّ على تعلق التحريم بذلك لو وجد منهم، ولأنه سبب (3) يتوصل به إلى إتلاف الصيد فتعلق به الضمان كما لو نصب أحبوله (4).
وهكذا الحلال للحلال
…
في حرم صاد ولم يبال
يعني: إذا دلَّ حلال حلالًا على صيد الحرم فقتله فالجزاء بينهما كالمحرمين؛ لأنّ صيد الحرم مضمون على الحلال والمحرم فاشتركا فيه.
ورجعة النكاح في الإحرام
…
قولان في الصحة عن إمامي
فابن عقيل لا (5) على المشهور
…
والشيخ بالصحة كالجمهور
يعني: في الرجعة في الإحرام روايتان، إحداهما: لا تصح وهي اختيار ابن عقيل لأنها عقد وضع لإباحة البضع أشبه النكاح (6).
والثانية: تصح وهي قول الجمهور (7)، واختيار (8) الخرقي والموفق وغيرهما وقطع بها في (9) التنقيح والإقناع والمنتهى لأنها إمساك للزوجة لقوله تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231، وفي الطلاق من آية: 2](10)، ولأنها
(1) في ط و.
(2)
رواه البخاري 4/ 24 - 25 ومسلمٌ برقم 1196.
(3)
في أ، حـ5، ط ولا سبب.
(4)
الأحبولة: المصيدة وهي آلة يصاد بها. انظر القاموس 3/ 353.
(5)
سقطت من نط، هـ لا.
(6)
وهو وجه في مذهب الشافعية عند الخراسانيين قال في المجموع 7/ 287: وذكر الخراسانيون وجهين في الرجعة:
- أصحهما: أنها تصح.
- والثاني: أنها لا تصح بناءً على اشتراط الشهادة على أحد القولين والصواب الأوّل. أ. هـ.
(7)
انظر الموطأ مع الزرقاني 2/ 274 - 275 والمجموع 7/ 287.
(8)
في النجديات واختار.
(9)
سعطت من ج كلمة (في).
(10)
في النجديات، ط بالمعروف وهي في البقرة من آية 231 وفي الطلاق من آية 2.
تجوز بلا ولي ولا شهود ولا إذنها فلم تحرم، كإمساكها بترك الطلاق، ولأن الصحيح من المذهب أن الرجعية (1) مباحة قبل الرجعة فلا يحصل بها إحلال، وإن قلنا إنها محرمة فليس ذلك مانعًا من رجعتها كالتكفير للمظاهر.
ومحرم بالنظر المكرر
…
أمنى فدى (2) بالشاه أو بالجزر (3)
إذا كرر النظر المحرم فأمنى فعليه الفدية (4)، وهل هي شاة أو بدنه؟ فيه روايتان، والصحيح من المذهب أنها بدنه لأنها إنزال بفعل محظور (5) فأشبه اللمس، وإن أمذى بذلك فعليه شاة، وإن لم يقترن به مني ولا مذي فلا شيء عليه.
والاستمناء (6) في معنى تكرار النظر فيقاس عليه (7) وأما مجرد النظر فلا شيء فيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى نسائه وهو محرم وكذلك أصحابه.
وإن نظر ولم يكرر فأمنى فعليه شاة؛ لأنه فعل (8) يحصل به اللذة أوجب الفدية أشبه اللمس (9).
(1) في جـ ط الرجعة وكتبت في هامش أبقلم مغاير الزوجة.
(2)
في د فذا.
(3)
في د بالجزي.
(4)
وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وإسحاق ذكر ذلك النوويّ في المجموع 7/ 397.
(5)
في د، س محذور.
(6)
في د، س الاستمتاع.
(7)
سقطت الواو من جـ، ط.
(8)
سقطت كلمة فعل من د، وهي في س كفعل.
(9)
وهو مذهب المالكية قال المواق: في التاج والإكليل 3/ 166: قال مالك: إن أراد المحرم النظر للذة حتى أنزل فسد حجه وعليه حج قابل والهدي فإن لم يبالغ النظر ولا أدامه فأنزل فحجه تام وعليه الهدي. أ. هـ.
وبهذا النقل يتبين أن المذهبين يتفقان في حكم من أمنى ولم يكرر النظر أما من كرره فأمنى فعند المالكية يفسد حجه ويقضيه من قابل ويهدي، وعند الحنابلة حجه صحيح وعليه الفدية.
أو يمن باللمس أو التقبيل
…
والوطء دون الفرج في التمثيل
بدنة تلزمه لما اعتدى
…
إذ حجه بذاك نصًا فسدا
يعني: إن أمنى (1) المحرم باللمس لشهوة أو القبلة أو الوطء دون الفرج [فعليه بدنة كفارة لذلك المحظور؛ لأنه استمتاع أوجب الغسل فأوجب بدنة كالوطء في الفرج](2).
وإن لم ينزل فعليه شاة، وبه قال سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة ومالك والثوري والشافعيُّ وأبو ثور وأصحاب الرأي: لأنها ملامسة لا تفسد الحج عريّة عن الإنزال فلم توجب بدنة كاللمس لغير شهوة، وسواء أمذى بذلك أو لم يمذ (3).
وقوله: إذ حجه بذاك نصًا فسدا هو رواية اختارها أبو بكر والخرقي فيما إذا وطئ دون الفرج فأنزل، وهو قول عطاء والحسن والقاسم بن محمَّد ومالك (4) وإسحاق؛ لأنها عبادة يفسدها الوطء فأفسدها الإنزال عن مباشرة كالصيام.
وعنه: لا يفسد النسك بذلك، وهو قول الشافعي (5) وأصحاب الرأي (6) وهو الصحيح من المذهب، وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لأنه (7) استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلم يفسد النسك، كما لو لم ينزل ولأنه لا نص فيه ولا إجماع، ولا يصح قياسه على المنصوص عليه،
(1) في د أي أمنى وفي س إن أمني وسقطت من النسختين كلمة يعني.
(2)
ما بين القوسين سقط من د ولم يوجد منه في س إلا فعليه بدنه.
(3)
هؤلاء الأئمة إنما وافقوا المذهب فيما إذا لم ينزل، أما إذا أنزل فيجب عليه دم عند الحنفية والشافعية والمالكية وهو شاة فوجوب البدنة من مفردات المذهب. انظر بدائع الصنائع 2/ 195 والمدونة 2/ 186 والأم 2/ 184 وبداية ابن رشد 1/ 371 - 372.
(4)
انظر المدونة 2/ 186 والكافي لابن عبد البر 1/ 396.
(5)
انظر المجموع 7/ 283.
(6)
انظر بدائع الصنائع 2/ 195.
(7)
في حـ، ط لأنها.
لأنّ الوطء في الفرج يجب بنوعه الحد، ولا يفترق الحال فيه بين الإنزال وعدمه بخلاف المباشرة.
والصيام يخالف الحج في المفسدات ولذلك يفسد بتكرار النظر (1) وبسائر محظوراته، والحج لا يفسد (2) بغير الجماع فافترقا فإن لم ينزل لم يفسد حجه بذلك، قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافًا (3).
أن (4) يدهن في رأسه بالشيرج (5)
…
أو زيت المنصوص لا من حرج
أي: يجوز للمحرم أن يدهن رأسه بالشيرج والزيت، نص عليه وكذا السمن (6) والشحم وسائر الأدهان غير المطيبة، وروي ذلك (7) عن ابن عباس وأبي ذر (8) والأسود بن يزيد (9) وعطاء والضحاك نقله الأثرم. وقال أصحاب الرأي ومالك والشافعيُّ وأبو ثور: لا يدهن رأسه بشيء من الأدهان (10)، لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر (11).
وأما سائر البدن فيجوز بلا خلاف في المذهب، وحكى فيه القاضي روايتين، ولا فدية سواء فعله في الرأس أو غيره.
(1) لا يفسد الصيام بتكرار النظر ما لم يترتب عليه إنزال وهذا هو مقصود المؤلف .. انظر المقنع 1/ 365 - 366.
(2)
في أ، ج، ط لا وفسد به وفي ب لا يفسده غير الجماع.
(3)
الشرح الكبير 3/ 323.
(4)
في ط أو يدهن.
(5)
الشيرج: دهن السمسم وربما قيل لدهن الأبيض وللعصير قبل أن يتغير تشبيهًا به لصفائه) تاج العروس 2/ 64.
(6)
في جـ السمس.
(7)
في ط بذلك.
(8)
في أ، جـ أبو وكرت في ب وفي هـ ابن ذر.
(9)
في ج، ط زيد.
(10)
انظر بدائع الصنائع 2/ 190 والكافي لابن عبد البر 1/ 387 والأم 2/ 130.
(11)
وعن أحمد رواية كمذهب الجمهور ذكرها عنه أبو داود ونقلها في المغني 3/ 300 ورجحها شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى 26/ 116.
ومن يطف (1) إفاضة نواها
…
فرضًا فلا يجزيه إن أخلاها
أي: يشترط في طواف الإفاضة وهو طواف الزيارة أن يعينه بالنية هذا قول إسحاق وابن القاسم صاحب مالك وابن المنذر.
وقال الثوري والشافعيُّ وأصحاب الرأي: يجزيه (2) وإن لم ينو الفرض الذي عليه (3).
ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى"(4)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه صلاة (5) والصلاة لا تصح إلا بنية (6) اتفاقًا، وهذا الطواف ركن لا يتم الحج إلا به بغير خلاف.
سمي طواف الإفاضة لكونه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، وطواف الزيارة لأنه يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى.
وقبله إذ حيث منه يقرب
…
في متعة طوف قدوم يندب (7)
(1) في النجديات يطق وهو تصحيف وفي د، س يطوف.
(2)
في نظ تجزيه.
(3)
انظر المجموع 7/ 70 وبدائع الصنائع 2/ 128 - 129 والكافي لابن عبد البر 1/ 362 ومعنى ما ذكره المؤلف عنهم أنه متى كان عليه طواف الزيارة فنوى بطوافه غيره انصرف إلى طواف الزيارة وسقط الفرض من ذمته وتم حجه واستدل في المجموع بأنّه إذا أحرم بالحج نافلة ولم يكن قد حج فرضه انصرف إلى الفريضة، وكذلك الوقوف بعرفة فيما لو نوى به غير ركن الحج فإنه ينصرف إليه.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
في قوله صلى الله عليه وسلم: "الطواف حول البيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه". الحديث رواه الترمذيُّ برقم 960 والنسائيُّ 5/ 222 وحكى الترمذيُّ الاختلاف في رفعه ووقفه على ابن عباس ويؤيد المرفوع رواية النسائيُّ والحاكم 1/ 459 انظر نصب الراية 3/ 57 - 58.
(6)
في النجديات، ط بالنية.
(7)
في نظ، أ، ب، ج في متعة طوافه قد ينب وذكر في حاشية ط أنه أيضًا نص نسخة الشرح التي اعتمد عليها.
أي: يندب للمتمتع إذا دخل مكة لطواف الزيارة أن يطوف للقدوم قبله نص عليه، وكذا مفرد وقارن لم يدخلا مكة قبل، واحتج أحمد بما روت عائشة قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة وبين (1) الصفا والمروة ثم حلقوا ثم طافوا (2) طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذي جمعوا (3) الحج والعمر فإنما طافوا طوافًا واحدًا (4) فحمل أحمد قول عائشة على أن طوافهم لجمعهم (5) هو طواف القدوم، ولأنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع فلم يكن طواف الزيارة مسقطًا له (6) كتحية المسجد عند دخوله قبل التلبس بصلاة الفرض.
قال الموفق: (ولم أعلم أحدًا وافق أبا عبد الله على هذا الطواف الذي ذكره بل المشروع طواف واحد للزيارة كمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة، وعائشة إنما ذكرت طوافًا واحدًا فمن أين يستدل به على طوافين)(7) وأطال فيه واختاره الشيخ تقي الدين (8) وصححه ابن رجب (9).
وراكب بغير عذر طائفًا
…
لم يجز والشيخان فيه خالفًا
أي: لا يجزئ طواف الراكب ولا المحمول (10) لغير عذر على الصحيح من المذهب. وقال أبو حنيفة: يجزيه ويجبر بدم ويعيد ما كان بمكة (11).
(1) في ط (وسعوا) بين قوسين وليست في أ: ولا في شيء من النسخ الخطية ولا في كتب الحديث.
(2)
في د، س ثم حلق ثم طاف.
(3)
في أ: وأما الذين حجوا جمعوا.
(4)
رواه البخاري 3/ 395 ومسلمٌ برقم 1211 وأبو داود برقم 1781.
(5)
في د، س لحجهم.
(6)
سقطت من أ، حـ ط.
(7)
المغني 3/ 468.
(8)
الاختيارات 118.
(9)
القواعد الفقهية 1/ 25.
(10)
في النجديات، ط ولا لمحمول.
(11)
انظر المبسوط 4/ 45.
وقال الشافعي وابن المنذر: يجزيه ولا شيء عليه (1) وهو رواية اختارها أبو بكر وابن حامد والموفق والمجد وغيرهم؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا (2) قال ابن المنذر: لا قول لأحد مع (3) فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الطواف بالبيت صلاة"(4)، ولأنه عبادة تتعلق بالبيت (5) فلم يجز (6) فعلها راكبًا لغير عذر كالصلاة، وأما طوافه صلى الله عليه وسلم راكبًا فكان لعذر، كما يشير إليه قول جابر طاف (7) النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس ويشرف عليهم ليسألوه فإن الناس غشوه (8) وسعى راكبًا كطواف (9).
وهكذا أيضًا طواف الحامل
…
لبس بمجز عن طواف كامل
أي: لا يجزئ طواف (10) حامل معذور إلا إذا نويا جميعًا عنه أو نوى هو دون المحمول؛ لأنه طواف أجزأ عن المحمول فلم يقع عن الحامل كما لو نويا جميعًا عن المحمول، ولأنه طواف واحد فلم يقع عن شخصين
(1) مغني المحتاج 1/ 487.
(2)
طواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا ثبت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم: منهم.
1 -
عبد الله بن عباس وقد أخرج حديثه البخاري 2/ 378 ومسلمٌ برقم 1272.
2 -
وجابر بن عبد الله وأخرج حديثه مسلم برقم 1273 وأبو داود برقم 1880 والنسائيُّ 5/ 241.
3 -
وعائشة وقد أخرج حديثها مسلم برقم 1274 والنسائيُّ 5/ 224.
(3)
سقطت من ج، هـ، ط، كلمة مع.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
في جـ، ط، الموت.
(6)
في أيجزي.
(7)
في د طواف.
(8)
وراه مسلم 1273 وأبو داود 1880 والنسائيُّ 5/ 241.
(9)
في النجديات، هـ ط لطواف.
(10)
سقطت من أ، جـ، هـ، ط وفي ب الطواف.
كالراكب (1)، وأما إذا حمله بعرفة فما حصل الوقوف بالحمل، فإن المقصود الكون في عرفات وهما كائنان بها، والمقصود هنا الفعل وهو واحد فلا يقع عن شخصين (2)، ووقوعه (3) عن المحمول أولى لأنه لم ينو طوافه إلا لنفسه والحامل لم يخلص قصده بالطواف لنفسه.
لا يكره الطواف أسبوعين
…
من غير ما فصل بركعتين
كذا طواف ثالث ورابع
…
ويجمع الركعات ثم يركع
لا يكره أن يجمع (4) أسبوعين فأكثر فإذا فرغ ركع لكل (5) أسبوع ركعتين فعلته عائشة والمسور بن مخرمة وبه قال عطاء وطاووس وسعيد بن جبير (6).
وكرهه ابن عمر والزهري وأبو حنيفة ومالك؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولأن تأخير (7) الركعتين عن طوافهما يخل بالموالاة بينهما (8)(9).
(1) أي: نويا الطواف عن الحامل فقط.
(2)
وهو قول في مذهب الشافعية ذكره في مغني المحتاج 1/ 492 وذكر أنه نص الشافعي في الأم وأنه أقوى الأقوال عند الأصحاب وإن كان يخالف ما نص عليه النوويّ في المنهاج من وقوعه عن الحامل إذا نويا عنهما جميعًا.
ويرى أبو حنيفة رحمه الله أنه يقع عنهما إذا نويا وقوعه عنهما جميعًا لأنه وجد الطواف عنهما مع نيتهما فوقع عن كل منهما وقال الموفق: هذا قول حسن. انظر بدائع الصنائع 2/ 128، الشرح الكبير 3/ 396.
(3)
سقطت الواو من ط.
(4)
في النجديات، هـ ط لا يكره الطواف أسبوعين.
(5)
في ط ركع أسبوعًا ركعتين.
(6)
وعدم كراهته هو مذهب الشافعية قال في المجموع 7/ 62: إذا طاف طوافين أو أكثر بلا صلاة ثم صلى لكل طواف ركعتين جاز، لكن ترك الأفضل صرح به جماعة من أصحابنا منهم الصيمري والشيخ أبو نصر البندنيجي وصاحب العدة والبيان وغيرهم، قال أصحابنا: ولا يكره ذلك. ورووه عن عائشة والمسور بن مخرمة.
(7)
في النجديات، ط تأخيره.
(8)
سقطت من النجديات، ط.
(9)
انظر حاشية ابن عابدين 2/ 498 - 499 والكافي لابن عبد البر 1/ 414.
ولنا: أن الطواف يجري مجرى الصلاة، والصلاتان الجائز جمعهما يؤخر ما بينهما فيصليهما (1) بعدهما، كذلك هذا، وكون النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله لا يوجب كراهه (2)، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف أسبوعين ولا ثلاثة وذلك غير مكروه بالاتفاق.
والموالاة غير معتبرة بين الطواف والركعتين، بدليل أن عمر صلاها بذي طوى (3)، وأخرت أم سلمة ركعتي (4) الطواف حين (5) طافت راكبة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (6).
والأولى أن يركع لكل أسبوع عقبه اقتداء بفعله عليه السلام وخروجًا من الخلاف.
وخطبة في سابع الأيام
…
فلا تسن جاء عن إمامي
أي: لا تسن الخطبة للإمام في سابع ذي الحجة (7) بل يوم عرفة بنمرة ويوم النحر وثاني أيام التشريق بمنى لفعله صلى الله عليه وسلم مع (8) قوله: "خذوا عني مناسككم"(9).
(1) كذا في جميع النسخ والذي في الشرح الكبير 3/ 402 فيصليها وهو الصواب.
(2)
في ط كراهته.
(3)
رواه مالك في الموطأ 2/ 308 وإسناده على شرط البخاري ومسلمٌ قاله في المجموع 7/ 57 وطُوَى: موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به. النهاية 3/ 147.
(4)
في ب الركعتي.
(5)
في د، س حيث.
(6)
أخرجه البخاريُّ 3/ 389 - 390.
(7)
استدل من قال بسنيتها بما رواه النسائيُّ عن جابر في صفة حجة أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه وفيها: فلما كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم حتى إذا فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، الحديث، وقد أعله النسائيُّ بعبد الله بن خثيم فإنه ليس بالقوي وقال فيه علي بن المديني: منكر الحديث .. سنن النسائيُّ 5/ 247 - 248.
(8)
في النجديات وط من.
(9)
رواه مسلم برقم 1297 وأبو داود برقم 1970 والنسائيُّ 5/ 270 من حديث جابر رضي الله عنه.
وقت الوقوف عندنا (1) فيدخل
…
في يوم تعريف بفجر نقلوا
يعني: يدخل وقت الوقوف بعرفه من طلوع الفجر يوم عرفة.
وقال مالك والشافعيُّ وغيرهما: أول وقته زوال الشمس يوم عرفة (2) واختاره أبو حفص العكبري (3)، وحكاه بعضهم إجماعًا لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما وقف بعد الزوال.
ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفه قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه"(4)، ولأنه من يوم عرفة فكان وقتًا للوقوف (5): كما بعد الزوال، وترك الوقوف فيه لا يمنع كونه وقتًا له كما بعد العشاء، وإنمَّا وقفوا في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا وقت الوقوف (6).
من فاته الوقوف خاب الأرب
…
بعمرة إحرامه ينقلب
وعنه بل إحرامه لا يبطل (7)
…
من حجه بل يلزم التحلل (8)
يعني: من طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة لعذر أو غيره فاته الحج بلا نزال وانقلب إحرامه -إن لم يختر البقاء عليه ليحج من قابل- عمرة فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، قال الزركشي: المذهب المنصوص
(1) في جـ عنده.
(2)
انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 372 ومغني المحتاج 1/ 498.
(3)
في ط، ب، جـ العبكري.
(4)
في حديث عروة بن مضرس الطائي رواه أحمد 4/ 261 - 262 وأبو داود برقم 1950 والترمذيُّ برقم 891 والنسائيُّ 5/ 263 وابن ماجة برقم 3016 وصححه الترمذيُّ قال فيه ابن حجر: وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي أبو بكر بن العربي على شرطهما. انظر تلخيص الحبير 2/ 256.
(5)
في أ، ج، ط لوقوف.
(6)
سقط من ج، ط (في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا وقت الوقوف).
(7)
في أ، جـ ط يلزم.
(8)
في هـ التحليل.
أنه يتحلل بعمرة اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه والشيخان، انتهى، وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها (1).
وعنه: لا يقلب إحرامه عمرة، بل يتحلل بطواف وسعى وحلق (2) ولم يكن عمرة، وهو قول ابن حامد ذكره عنه جماعة وهو ظاهر المقنع (3) قال الشارح: يحتمل أن من قال: يجعل إحرامه عمره أراد أنه (4) يفعل فعل المعتمر من الطواف والسعي فلا يكون بين (5) القولين. خلاف، انتهى (6)، قلت: ويؤيده ما قالوه من أنها لا تجزئ عن عمرة الإِسلام كمنذوره.
إن عدم الهدي لذي الإحصار
…
أو كان لا يمكن للإعسار
يصوم عشرًا فبها (7) التحلل
…
فالصوم (8) عن فقد الهدايا بدل
(1) وهذه الرواية قال بها أبو يوسف من الحنفية ذكر ذلك الكاساني في بدائع الصنائع 2/ 220 وهو وجه في مذهب الشافعية قال في مغني المحتاج 10/ 431: ثم ما أتى به لا ينقلب عمرة وقيل ينقلب عمرة ويجزئ عن عمرة الإِسلام، وقال ابن عبد البر في الكافي 1/ 401 في بيان مذهب مالك فيمن فاته الوقوف: ومن لم يدرك شيئًا من ذلك فقد فاته الحج وليس عليه عمل ما بقي من المناسك وهو عند مالك بالخيار إن شاء أقام على إحرامه إلى قابل فأتم حجه وأجزأه ولا شيء عليه، وإن شاء تحلل بعمرة ثم قضى قابلًا وأهدى والاختيار أن يتحلل.
(2)
في جميع النسخ فقط والتصحيح من المغني 3/ 550 والشرح الكبير 3/ 508.
(3)
هذا مذهب الشافعية وقول أبي حنيفة ومحمَّد بن الحسن فإنهم قالوا: يتحلل بطواف وسعي وحلق، واستدلوا بما رواه الشافعي في مسنده، عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأبي أيوب لما فاته الحج: اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن أدركت الحج قابلًا فحج وأهد ما استيسر من الهدي، واستدل في بدائع الصنائع 2/ 220، بأنّه قد روي عن عمر وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس فيمن فاته الحج أنه يحل بعمل العمرة فأضافوا العمل إلى العمرة والشيء لا يضاف إلى نفسه.
(4)
في ب، ط أن وفي د يعقل.
(5)
في جـ من.
(6)
الشرح الكبير 3/ 509.
(7)
في جـ ها.
(8)
في أ، جـ بالصوم.
يعني: إذا أحصر المحرم ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هديًا (في موضعه)(1) وحل بلا خلاف، فإن لم يجد الهدي أو ثمنه صام عشرة أيام بالنية ثم حل (2).
وقال أبو حنيفة ومالك: لا بدل له، لأنه لم يذكر (3) في القرآن (4). (5).
ولنا: أنه دم واجب للإحرام فكان له بدل كدم التمتع والطيب واللباس وترك النص عليه لا يمنع قياسه (6) على غيره (7) وليس له التحلل (8) حتى يصوم، كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحوه.
وهديه (فعندنا يختص
…
بفقراء (9) حرم) (10) قد نصوا
يعني: لا ينحر المحصر (11) هديًا معه إلا بالحرم ويواطئ (رجلًا على نحره في وقت)(12) يتحلل فيه، قال الموفق: هذا والله أعلم فيمن كان حصره خاصًا، فأما الحصر (13) العام (14) فلا ينبغي أن يقوله (15) أحد؛ لأن
(1) ما بين القوسين من ب.
(2)
وهو قول في مذهب الشافعية ذكره في مغني المحتاج قال 1/ 534، 535 والقول الثاني بدله الصوم وهو كصوم التمتع أو الحلق أو التعديل.
(3)
في ط يذكره.
(4)
أي: في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196].
(5)
انظر بدائع الصنائع 2/ 180 والكافي لابن عبد البر 1/ 400.
(6)
في ط قيامه.
(7)
و (8) مخروم في جـ وبياض في ط.
(9)
في د س لفقدا.
(10)
مخروم في جـ.
(11)
في د، س المحصور.
(12)
بياض في ط ومخروم في جـ.
(13)
في هـ المحصر.
(14)
الحصر الخاص هو الذي يكون في حق شخص واحد مثلًا كالمحبوس بغير حق أو من أخذته اللصوص وحده، والحصر العام هو الذي يكون في حق جميع الحجاج.
(15)
في د، س يقول.
ذلك يفضي إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدي إلى محله، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1) نحروا هداياهم في الحديبية (2) وهي من الحل، قال البخاري:(قال مالك وغيره: إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا وحلوا من (3) كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا أن يقضي شيئًا ولا أن يعود له) (4) انتهى.
والمذهب أنه (5) ينحر هديه في موضع حصره من حل أو حرم نص عليه، وعليه الأصحاب لما تقدم.
بطيبة في الحرم المطهر
…
فيضمن الصيد وعضد (6) الشجر
بسلب الجاني لمن رآه
…
يأخذه والشيخ ذا يأباه
يعني: يضمن الصيد والشجر في حرم طيبة وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجزاء ذلك (7) سلب الجاني وهو ما عليه من ثياب دون دابته لمن أخذه، هذا المنصور. عند الأصحاب في كتب الخلاف قاله في الفروع (8). ونقله الأثرم والميموني وحنبل واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور ونهاية ابن رزين وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق (9) لحديث
(1) سقطت من د، س.
(2)
الحديبية: تعرف اليوم باسم الشميسي وبينها وبين المسجد قرابة اثنين وعشرين كيلو متر وهي أبعد الحل من البيت. انظر معالم الحجاز 2/ 246 - 247.
(3)
في ط في.
(4)
المغني 3/ 373 وما نقله الموفق عن البخاري موجود في الصحيح 4/ 9، وقد نقله بتصرف.
(5)
في ط أن.
(6)
في ب، ط عضد.
(7)
سقطت من د، س.
(8)
الفروع 3/ 488.
(9)
وهو القديم من قولي الشافعي واختاره النوويّ في المجموع 7/ 450 قال رحمه الله: والمختار ترجيح القديم ووجوب الجزاء فيه وهو سلب القاتل لأنّ الأحاديث فيه صحيحة بلا معارض.
مسلم عن (1) عامر بن سعد أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق (2) فوجد عبدًا يقطع شجرًا ويحطبه (3) فسلبه ولما رجع سعد جاءه أهل الغلام فكلموه أن يرد على (4) غلامهم أو عليهم، فقال: معاذا الله أن أرد شيئًا نفلنيه (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبى أن يرد عليهم (6)، وعن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من وجد أحدًا يصيد فيه فليسلبه"، رواه أبو داود (7).
وعنه لا جزاء في ذلك، وهذا المذهب اختاره الشيخ الموفق، وجزم به في الوجيز والمنتخب والتنقيح والمنتهى والإقناع، وقدمه في الفروع والخلاصة والنظم والكافي وتجريد العناية (8) وإدراك الغاية ونهاية ابن (9) رزين، وهو قول أكثر أهل العلم؛ لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام فلم يجب في صيده ونحوه جزاء كصيد (10) وج (11) واد بالطائف.
(1) في ط ابن.
(2)
في هـ العقتيق.
(3)
في د، س يحتطبه وفي صحيح مسلم يخبطه من الخبط وهو ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها: النهاية 2/ 7.
(4)
في النجديات، ط إلى.
(5)
في ب، حـ ط فعله وهو من النفل وهو الزيادة وهو في باب الغنائم ما يعطيه الأمير المجاهد زيادة على نصيبه من الغنيمة، انظر النهاية 4/ 99.
(6)
مسلم برقم 1364.
(7)
الحديث في أبي داود برقم 2021 ولفظه: "من وجد أحدًا يصيد فيه فليسلبه ثيابه" وفيه القصة السابقة في مسلم وفيه سليمان بن أبي عبد الله قال المنذري سئل عنه أبو حاتم فقال: ليس بالمشهور فيعتبر حديثه، وقال الذهبي: تابعي وثّق. عون المعبود 6/ 24.
(8)
في جـ، ط الغناية.
(9)
سقطت من ط.
(10)
في ط لصيد.
(11)
وُجّ كما ذكر المؤلف واد بالطائف وقيل: هو بلد الطائف وصيده وشجره مباح عند الجمهور، وقال أصحاب الشافعي هو محرم واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم:"صيد وجّ وعضاهها محرم". رواه أحمد ورد بأنّه ضعيف ضعفه البخاري وأحمدُ.
انظر المغني 3/ 371 والمجموع 7/ 449، 452.