المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن كتاب الصوم والاعتكاف - المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أهمية البحث

- ‌أسباب اختياري للموضوع:

- ‌خطة البحث:

- ‌القسم الأوّل

- ‌ثانيًا: التحقيق

- ‌ثالثًا: وضعت الفهارس الآتية لخدمة الكتاب:

- ‌لمحة عن مفردات الإمام أحمد

- ‌المفردات

- ‌لكل إمام مفردات:

- ‌أولًا: أمثلة لما انفرد به الإمام أبي حنيفة رحمه الله:

- ‌ثانيًا: أمثلة لما انفرد به الإمام مالك:

- ‌ثالثًا: أمثلة لما انفرد به الشافعي:

- ‌التآليف في مفردات الإمام أحمد:

- ‌أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل

- ‌الأصل الأوّل: النصوص من الكتاب والسنة:

- ‌الأصل الثاني: الإجماع:

- ‌الأصل الثالث: قول الصحابي:

- ‌الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف:

- ‌الأصل الخامس: القياس:

- ‌الأصل السادس: استصحاب الحال:

- ‌الأصل السابع: المصالح المرسلة:

- ‌الأصل الثامن: الاستحسان:

- ‌الأصل التاسع: شرع من قبلنا:

- ‌الأصل العاشر: سد الذرائع وإبطال الحيل:

- ‌الأصل الحادي عشر: العرف:

- ‌أسباب الانفراد:

- ‌الأوّل: كثرة الأحاديث النبوية الصحيحة:

- ‌الثاني: كثرة آثار الصحابة:

- ‌الثالث: تقديم خبر الواحد على القياس:

- ‌الرابع: الأخذ بظاهر النص ما لم ترد قرينة قوية تصرفه أو يدل دليل على نسخه:

- ‌الخامس: الخلاف في القواعد الأصولية والفقهية:

- ‌التعريف بمؤلف الكتاب

- ‌عصره:

- ‌نسبه ومولده:

- ‌نشأته وتعلمه:

- ‌خلقه:

- ‌صلاته بعلماء نجد:

- ‌شيوخه:

- ‌1 - عبد الرحمن بن يوسف البهوتي:

- ‌2 - يحيى بن موسى الحجاوي:

- ‌تلاميذه:

- ‌1 - محمَّد الخلوتي:

- ‌2 - عبد الله بن عبد الوهاب المشرفي:

- ‌مؤلفاته:

- ‌أ- كشات القناع عن متن الإقناع:

- ‌ب- شرح منتهى الإرادات:

- ‌د- عمدة الطالب:

- ‌د- المنح الشافيات:

- ‌هـ- حاشية على الإقناع:

- ‌و- حاشية على المنتهى:

- ‌تنبيه

- ‌وفاته:

- ‌التعريف بالكتاب

- ‌أولًا: العنوان:

- ‌ثانيًا: نسبة الكتاب إلى المؤلف:

- ‌ثالثًا: منهج المؤلف في الكتاب:

- ‌رابعًا: قيمة الكتاب:

- ‌خامسًا: المآخذ على الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌أ- كتب الحديث:

- ‌1 - الجوزجاني:

- ‌2 - النجاد:

- ‌3 - الخلال:

- ‌4 - الأثرم:

- ‌5 - أبو بكر البرقاني:

- ‌6 - أبو بكر عبد العزيز:

- ‌7 - أبو حفص بن شاهين:

- ‌8 - عمر بن شبة:

- ‌ب- كتب الفقه:

- ‌1 - الإجماع:

- ‌2 - الأحكام السلطانية في مصلحة الراعي والرعية:

- ‌3 - الاختيارات:

- ‌4 - إدراك الغايه في اختصار الهداية:

- ‌5 - الإرشاد في فروع الحنبلية:

- ‌6 - الإفادات بأحكام العبادات:

- ‌7 - الإفصاح عن معاني الصحاح:

- ‌8 - الإقناع:

- ‌9 - الإقناع:

- ‌10 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف:

- ‌11 - البلغة:

- ‌12 - التبصرة:

- ‌13 - تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية:

- ‌14 - التذكرة:

- ‌15 - التذكرة:

- ‌16 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع:

- ‌17 - التصحيح

- ‌18 - التلخيص:

- ‌19 - التنبيه:

- ‌20 - الجامع لعلوم أحمد بن حنبل:

- ‌21 - الجامع الصغير:

- ‌22 - الحاويان:

- ‌23 - حاشية ابن مفلح على المقنع:

- ‌24 - الخلاصة:

- ‌25 - الخلاف الكبير:

- ‌26 - رؤوس المسائل:

- ‌27 - رؤوس المسائل:

- ‌28 - الرعايتان وهما كبرى وصغرى:

- ‌29 - كتاب الروايتين والوجهين:

- ‌30 - زاد المسافر:

- ‌31 - شرح ابن رزين:

- ‌32 - الشرح الكبير:

- ‌34 - شرح ابن منجا:

- ‌35 - شرح ابن عبيدان:

- ‌36 - شرح المجد ابن تيمية على الهداية:

- ‌37 - شرح أبي المعالي:

- ‌38 - شرح الزركشي على مختصر الخرقي:

- ‌39 - شرح المحرر:

- ‌40 - العدة:

- ‌41 - الفائق:

- ‌42 - الفروع:

- ‌43 - الفصول:

- ‌45 - القواعد الفقهية:

- ‌46 - الكافي:

- ‌47 - المبدع:

- ‌48 - المبهج:

- ‌49 - المجرد:

- ‌50 - مجمع البحرين:

- ‌51 - المحرر:

- ‌52 - مختصر ابن تميم:

- ‌53 - المذهب الأحمد:

- ‌54 - مسائل الإمام أحمد:

- ‌أ- مسائل أبي داود:

- ‌ب- مسائل ابن منصور الكوسج:

- ‌ج- مسائل إبراهيم بن إسحاق الحربي:

- ‌د- مسائل ابن هانئ:

- ‌55 - مسبوك الذهب:

- ‌56 - المستوعب:

- ‌57 - المطلع على أبواب المقنع:

- ‌58 - المنتخب:

- ‌59 - منتخب الأزجي:

- ‌60 - المنتهى:

- ‌61 - المنور في راجح المحرر:

- ‌62 - النكت على المحرر:

- ‌63 - النهاية:

- ‌64 - الهداية:

- ‌65 - الهادي:

- ‌66 - الواضح:

- ‌67 - الوجيز:

- ‌68 - الوسيلة:

- ‌جـ- كتب اللغة:

- ‌1 - تهذيب اللغة:

- ‌2 - القاموس المحيط:

- ‌3 - النهاية في غريب الحديث والأثر:

- ‌بين يدي التحقيق

- ‌من كتاب الطهارة

- ‌(فائدة)

- ‌ومن باب الوضوء

- ‌ومن باب المسح على الجوارب

- ‌ومن باب نواقض الوضوء

- ‌ومن باب الغسل

- ‌ومن باب التيمم

- ‌ومن باب الحيض

- ‌ومن كتاب الصلاة

- ‌ومن باب الأذان

- ‌ومن باب سجود السهو

- ‌ومن باب صلاة الجماعة

- ‌ومن باب صلاة المسافر والخوف

- ‌ومن باب صلاة الجمعة

- ‌ومن أبواب العيدين والكسوف والاستسقاء

- ‌ومن كتاب الزكاة

- ‌ومن باب زكاة الفطر

- ‌ومن كتاب الصوم والاعتكاف

- ‌ومن كتاب الحج

- ‌ومن كتاب الأضاحي

- ‌ومن كتاب الجهاد (وما يلحق به)

- ‌ومن كتاب البيوع

- ‌(ومن باب البيع الفاسد والباطل

الفصل: ‌ومن كتاب الصوم والاعتكاف

‌ومن كتاب الصوم والاعتكاف

الصيام والصوم مصدر صام وهو لغة الإمساك، يقال: صام النهار إذا وقف سير الشمس، قال تعالى حكايته عن مريم:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أي: إمساكًا عن الكلام.

وشرعًا: إمساك (1) بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين من شخص مخصوص.

وصوم رمضان أحد أركان الإِسلام ومبانيه، فرض في السنة الثانية من الهجرة فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات إجماعًا.

وفي الثلاثين من الليالي

من شهر شعبان عن الهلال

إن حال غير في غد يصام

من رمضان فطره حرام

يعني: إن لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وحال دون مطلعه غير أو قتر ونحوهما وجب صيامه حكمًا ظنيًا (2) احتياطًا بنية رمضان، ويجزيه إن كان من شهر رمضان اختاره الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا، وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي (3) أبي بكر، وبه قال بكر بن عبد الله المزني وأبو

(1) في ب، ج إمساكًا.

(2)

في ب واحتياطًا وفي أ، حـ، هـ أو احتياطًا.

(3)

في د بنتًا وفي س بنت.

ص: 318

عثمان النهدي (1) وابن أبي مريم ومطرف (2) وميمون بن مهران وطاووس ومجاهد.

وعن أحمد لا يجب صومه ولا يجزيه (3) عن رمضان إن صامه وهي (4) قول أبي حنيفة ومالك والشافعيُّ وكثير من أهل العلم لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم (5) فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري (6) وأيضًا قد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك (7) و (8) هذا يوم شك ولأن الأصل بقاء شعبان (9).

ووجه الرواية (10) الأولى حديث نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له"، قال نافع: كان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسعة (11) وعشرون يومًا يبعث (12) من ينظر له (13) الهلال فإن رأى فذاك وإن لم ير ولم (14) يحل دون منظره سحاب ولا قتر

(1) في النجديات ط لهندي وفي د، س النهري.

(2)

في أ، ج، والأزهريات، ط مطروح.

(3)

في د، س يجزي.

(4)

في أ، ط، وهو.

(5)

في النجديات، ط عليه.

(6)

البخاري 4/ 106 وأحمد 2/ 415، 430، 454، 456، 469.

(7)

وذلك في حديث عمار بن ياسر: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"، رواه أبو داود برقم 2334 والترمذيُّ برقم 686 والنسائيُّ 4/ 153 وابن ماجة برقم 1645.

(8)

سقطت الواو من ط.

(9)

انظر بدائع الصنائع 2/ 78 - 79 والكافي لابن عبد البر 1/ 348 ومغني المحتاج 1/ 420.

(10)

في ب، ج الرؤية.

(11)

في د، س تسع.

(12)

في د بعث.

(13)

سقطت من د، س.

(14)

في ب: وإن لم يروه لم.

ص: 319

أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائمًا (1).

ومعنى اقدروا أي: ضيقوا من قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] أي: ضيق، وقوله تعالى (2):{يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الروم: 37] والتضييق له أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يومًا، وقد فسره ابن عمر بفعله وهو راويه (3) وأعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره (4)، كما رجع إليه في تفسير التفرق في خيار المتبايعين (5)، ولأنه شك في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنه من غير رمضان فوجب صومه كالطرف الآخر، قال علي وأبو هريرة وعائشة:(لأن أصوم يومًا من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان)(6)، ولأن الصوم يحتاط (7) له ولذلك (8) وجب الصوم بخبر الواحد ولم يفطروا إلا بشهادة اثنين.

فأما خبر أبي هريرة الذي احتجوا به فإنه يرويه محمد بن زياد (9)، وقد

(1) أبو داود برقم 2320 والمرفوع منه رواه مسلم برقم 1080.

(2)

سقطت من د، س.

(3)

في د، س روايته.

(4)

في ج تفسير.

(5)

في ب، ج، ط التابعين.

(6)

أما أثر علي فأخرجه الشافعي في مسنده مع الأم 6/ 131 وهو من رواية فاطمة بنت الحسين عنه وهي لم تدركه ولو صح فلا يستقيم الاستدلال به لأن لفظ الرواية، (أن رجلًا شهد عند علي على رؤية الهلال فصام، وأحسبه قال: أمر الناس أن يصوموا ثم قال: أصوم) إلخ وانظر نيل الأوطار 4/ 217 .. وأما أثر أبي هريرة، فقد ساق ابن القيم سنده في زاد المعاد 1/ 158 قال: وأما الرواية عن أبي هريرة فقال -يعني: أحمد- حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن أبي مريم قال: سمعت أبا هريرة يقول: (لأن أتعجل في صوم رمضان بيوم أحب إلى من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني).

وأما أثر عائشة فرواه أحمد 6/ 125 - 126 وسنده صحيح ورواه سعيد بن منصور وفي سنده راو لم يسم. انظر إرواء الغليل 4/ 11.

(7)

في ط محتاط.

(8)

في ط وكذلك.

(9)

هو محمد بن زياد الجمحي مولى عثمان بن مظعون كان من أجلاء التابعين وثقه أحمد والناس وأخرج له البخاري في الصحيح. انظر التاريخ الكبير 1/ 82 - 83 وميزان الاعتدال 3/ 551.

ص: 320

خالفه سعيد بن المسيب فرواه عن أبي هريرة: "فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين"(1)، وروايته أولى لإمامته واشتهار ثقته وعدالته وموافقته لرأي: أبي هريرة ومذهبه، ولخبر ابن عمر الذي رويناه ويمكن حمله على ما إذا (2) غم في طرفي الشهر و (3) روية ابن عمر:"فاقدروا له ثلاثين"(4)، مخالفة للرواية الصحيحة المتفق عليها ولمذهب (5) ابن عمر [رضي الله عنه](6)، ورواية النهي عن صوم يوم الشك محمول على حال الصحو جمعًا بين الأخبار، فإذا لم يكن ليلة الثلاثين من شعبان مانع من الرؤية كره صومه، وقد أطال الأصحاب في المسألة وأفردت بالتأليف (7).

ويصلي التراويح ليلة الثلاثين مع الغيم (8). ويجب على من لم يبيت

(1) مسلم برقم 1081.

(2)

في د، س على إذا ما غم.

(3)

سقطت الواو من ط.

(4)

أخرجها مسلم برقم 1080.

(5)

في ج والمذهب.

(6)

ما بين القوسين ليست في د، س.

(7)

قال في اختيارات شيخ الإِسلام ص 107: وإن حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غير أو قتر فصومه جائز لا واجب ولا حرام، وهو قول طوائف من السلف والخلف، وهو مذهب أبي حنفية والمنقولات الكثيرة المستفيضة عن أحمد إنما تدل على هذا، ولا أصل للوجوب في كلامه ولا في كلام أحد من الصحابة رضي الله عنهم. وحكى عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرًا إلى أنه لا يستحب صومه. وانتصر لهذا ابن القيم في زاد المعاد 1/ 156 - 157 قال: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد .. فإن لم تكن رؤية ولا شهادة أكمل عدة شعبان ثلاثين يومًا وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظره غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يومًا ثم صامه ولم يكن يصوم يوم الإغمام ولا أمر به بل أمر بأن يكمل عدة شعبان ثلاثين إذا غم وكان يفعل كذلك فهذا فعله وهذا أمره، وقد أسهب رحمه الله في الانتصار لهذا الرأي وعرض أدلته والإجابة على أدلة المخالفين.

(8)

بني هذا وما بعده على ترجيحه الرواية الأولى وقد ظهر من كلام المحققين في المذهب -ابن تيمية وابن القيم- أنها مرجوحة والأدلة الصحيحة الصريحة تدل على ذلك كما سبق، وهو الراجح إن شاء الله.

ص: 321

النية الإمساك مع القضاء، وعلى من وطئ فيه الكفارة إذا لم يتبين أنه من شعبان.

وإن رأى الهلال أهل بلد

صام جميع الناس في المجود (1)

يعني: إذا ثبت رؤية الهلال ببلد لزم الصوم جميع الناس من رآه ومن لم يره ولو اختلفت (2) المطالع نصًا، وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعي (3).

والمشهور عندهم إن كان بين البلدين مسافة تختلف (4) فيها المطالع فلكل أهل بلد حكم رؤيتهم (5) لقصة كريب حين رأى الهلال بالشام وقدم المدينة وأخبر ابن عباس وكانوا لم يروه تلك الليلة، فقال ابن عباس: فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه (6)، فقال له كريب: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم (7).

ولنا الإجماع على صوم شهر رمضان، وقد ثبت أن هذا اليوم منه بشهادة الثقات فوجب صومه على جميع المسلمين، ولأن الشهر ما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام من حلول الدين ووقوع الطلاق والعتاق ووجوب النذر وغير ذلك من الأحكام فيجب صيامه بالنص والإجماع (8).

(1) في ج، د، س المجرد.

(2)

في النجديات، ط اختلف.

(3)

وهو ظاهر الرواية في المذهب الحنفي ذكر ذلك قاضيخان الحنفي ونقله عن شمس الأئمة السرخي .. الاختيار 1/ 129.

(4)

في النجديات يختلف.

(5)

قال النووي في المنهاج 1/ 442 (وإذا رؤي ببلد لزم حكمه البلد القريب دون البعيد في الأصح والبعيد مسافة القصر وقيل: باختلاف المطالع، قلت: هذا أصح، والله أعلم).

(6)

في د، س ونراه.

(7)

رواه مسلم برقم 1087 وأبو داود برقم 2332 والترمذيُّ برقم 693 والنسائيُّ 4/ 131.

(8)

لا نص ولا إجماع على موضع النزاع، واختلاف المطالع قول في مذهب أحمد اختاره =

ص: 322

فأما حديث كريب فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده ونحن نقول به (1)، وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الأول وليس هو في الحديث المذكور.

بنية يصح صوم النفل

بعد زوال الشمس نصا نقلي

أي: يصح صوم النفل (2) بنية من (3) النهار ولو بعد الزوال هذا ظاهر كلام أحمد والخرقي وهو ظاهر قول ابن مسعود ويروى عن سعيد بن المسيب (4).

واختار القاضي في المجرد أنه لا تجزيه (5) النية بعد الزوال وفاقًا لأبي حنيفة والمشهور من قولي (6) الشافعي، لأن معظم النهار مضى بغير نية بخلاف الناوي قبل الزوال فإنه أدرك معظم العبادة، ولهذا لو أدرك الإِمام في الركوع اعتد بالركعة بخلاف ما لو أدركه بعده (7).

ولنا أنه نوى (8) في جزء من النهار أشبه ما لو نوى في أوله، ولأن

= شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 106: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا فإن اتفقت لزمه الصوم وإلا فلا، وهو الأصح للشافعية وقول في مذهب أحمد. وقد ذكر ابن عبد البر الإجماع على اعتبار اختلاف المطالع وأن الرؤية لا تراعى مع البعد كالأندلس مع خراسان. انظر العذب الزلال ص 39 وصحح النووي في شرح مسلم7/ 197 اعتبار اختلاف المطالع.

(1)

هذا لا يستقيم مع قول ابن عباس في الحديث لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. إذ لو كان كما يقول المؤلف لقال ابن عباس: أو يشهد معك آخر.

(2)

في ج النقل.

(3)

في النجديات، هـ ط في.

(4)

وهو قول في مذهب الشافعي قال في المنهاج 1/ 424: (يصح النفل بنية قبل الزوال وكذا بعده في قول).

(5)

في النجديات، ط يجزيه وفي ص ك تجزي.

(6)

في الأزهريات، ط قول.

(7)

انظر حاشية ابن عابدين 2/ 377 ومغني المحتاج 4/ 421.

(8)

في ط أنه إن نوى.

ص: 323

جميع الليل وقت لنية الفرض فكذلك النهار وقت لنية النفل ولأن صوم النفل (1)، إنما جوزناه بنية من النهار طلبًا لتكثيره وهذا أبلغ في التكثير وتعليلهم يبطل بما لو نوى قبل الزوال بلحظة فيصح مع أن الأكثر خلا عن النية في الأصل فإن ما بين طلوع الفجر والزوال يزيد على ما بين الزوال والغروب بما بين طلوع الفجر والشمس (2).

وعند مالك وداود: النفل كالفرض لا يصح إلا بنية من الليل (3) وعند أبي حنيفة يصح الفرض (4) بالنية (5) قبل الزوال كالنفل ودليلهم والجواب عنه مذكور في المطولات.

ليس من البر الصيام في سفر (6)

وفطره أفضل أخذًا بالأثر

أي: الفطر في السفر المبيح للقصر أفضل من الصوم وهو مذهب ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والأوزاعي (7).

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: الصوم أفضل لمن قوى عليه (8)، ويروى عن أنس وعثمان بن أبي العاص لقوله عليه السلام من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه .. رواه أبو داود (9).

(1) كرر في هـ ولأن صوم النفل.

(2)

هذا لا يلزم الحنفية فإنهم لم يعتبروا الزوال بل اعتبروا نصف النهار فعبر به بعضهم، وقال بعضهم: إلى الضحوة الكبرى لا بعدها ولا عندها، ومن اعتبر منهم الزوال فقد ضعفوا قوله. انظر حاشية ابن عابدين 2/ 377.

(3)

المنتقى شرح الموطأ 2/ 40 - 41.

(4)

و (12) مخروم في ج.

(5)

انظر بدائع الصنائع 2/ 85 والمغني 3/ 22 - 24.

(6)

في ج مخروم (ليس من البر الصيام).

(7)

وهو اختيار ابن تيمية قال في الاختبارات: والمسافر الأفضل له الفطر: ص 107.

(8)

انظر بدائع الصنائع 2/ 961 والكافي لابن عبد البر 1/ 337 ومغني المحتاج 1/ 271.

(9)

أبو داود برقم 2410 وهو من رواية سلمة بن المحبق الهذلي رضي الله عنه وفي سنده حبيب بن عبد الله الأزذى وهو مجهول وابنه عبد الصمد بن حبيب ضعفه أحمد وغيره. حاشية جامع الأصول لعبد القادر الأرناؤوط 4/ 414.

ص: 324

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام (1) في السفر". متفق عليه (2)، ولأنه عليه السلام أفطر في السفر فلما بلغه أن قومًا صاموا قال:"أولئك العصاة". رواه مسلم (3).

بل قيل: إن الصوم في السفر لا يجزئ لظاهر الأحاديث السابقة وغيرها قال ابن عبد البر: هذا قول يروى عن عبد الرحمن (4) بن عوف هجره الفقهاء كلهم (5)، والسنة ترده، قال أنس: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. متفق عليه (6) والأحاديث السابقة محمولة على تفضيل الفطر على الصيام وقوله: "أولئك العصاة"

يحتمل أنهم اعتقدوا عدم حل الفطر أو نحوه.

ومن نوى الصيام وهو حاضر

في يومه يفطر إذ يسافر

يعني: إذا أنشا الحاضر السفر في أثناء يوم من رمضان فله الفطر في ذلك اليوم إذا فارق بيوت قريته العامرة وهذا قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وأبي (7) داود وابن المنذر (8).

وعنه: لا يباح له فطر ذلك (اليوم)(9) وهو قول مكحول والزهري

(1) في النجديات، ط الصوم.

(2)

في البخاري 4/ 161 - 162 ومسلمٌ برقم 1115 وأبو داود برقم 2407 والنسائيُّ 4/ 176.

(3)

مسلم برقم 1114 والترمذيُّ برقم 710.

(4)

في النجديات، هـ عبد الله بن عوف وفي ط عبد الله وابن عوف وهو الصحابي المشهور فإنه كان يرى ذلك وهو في النسائي 4/ 183 وصحح ابن حزم في المحلى 4/ 257 إسناده .. وانظر تلخيص الحبير 2/ 204.

(5)

بل قال به ابن حزم في المحلى 4/ 243.

(6)

البخاري 4/ 163 أو مسلم برقم 1118.

(7)

في ب، ج، هـ وأبو داود وفي أ، ط أبي داود.

(8)

وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: في الفتاوى 25/ 212، ورجحه الصنعاني في سبل السلام 2/ 320 والشوكاني في نيل الأوطار 4/ 255 وقال:(وهذا هو الحق).

(9)

ما بين القوسين من ب.

ص: 325

ويحيى الأنصاري وأصحاب الرأي ومالك والشافعيُّ، لأن الصوم عبادة تختلف (1) بالحضر والسفر فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة (2).

ولنا ما روى عبيد بن جبر (3) قال: ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداءه فلم يجاوز البيوت حتى دعا (4) بالسفرة ثم قال: أقترب قلت: ألست ترى البيوت قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود (5)، وكالمرض، والصوم أشق فلا يقاس على الصلاة.

قل أفطر الحاجم والمحجوم

بذا أتى (6) النص عداك اللوم

أي: يفطر الحاجم والمحجوم بالحجامة إن (7) ظهر بها (8) دم، وبه قال: إسحاق وابن المنذر ومحمَّد بن إسحاق بن خزيمة وعطاء وعبد الرحمن بن مهدي.

وكان مسروق والحسن وابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم.

وكان جماعة من الصحابة يحتجمون ليلًا في الصوم منهم ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس بن (9) مالك.

(1) في أ، ج، ط مختلف.

(2)

انظر حاشية ابن عابدين 2/ 431 والكافي لابن عبد البر 1/ 338 ومغني المحتاج 1/ 437.

(3)

في جميع النسخ جبير وكذلك في الشرح الكبير 3/ 20، والتصحيح من سنن أبي داود 2412 ومن ميزان الاعتدال 3/ 19.

(4)

في د دانا السفرة وفي ط السفر.

(5)

أبو داود برقم 2412 وفي سنده كليب بن ذهل الحضرمي لم يوثقه غير ابن حبان وقال ابن حجر: مقبول، وباقي رجاله ثقات، ويشهد له حديث محمد بن كعب عند الترمذيُّ برقم 799، 800 قال: أتيت أنس بن مالك رضي الله عنه في رمضان وهو يريد سفرًا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب سفره ودعا بطعام وأكل فقلت له: سنة؟ وإرواء الغليل 4/ 64 - 65 وحاشية جامع الأصول 6/ 413.

(6)

في ج به إلى.

(7)

في النجديات، هـ، ط إذا.

(8)

في س لها.

(9)

سقط من د.

ص: 326

ورخص فيها أبو سعيد الخدري وابن مسعود وأم سلمة وعروة وسعيد ابن جبير، وقال أبو حنيفة والثوري ومالك والشافعيُّ: يجوز للصائم أن يحتجم ولا يفطر لما روى البخاري (1) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (احتجم وهو صائم)(2)، ولأنه دم (3) خارج من البدن أشبه القصد (4)(5).

ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفسًا قال أحمد: حديث شداد بن أوس من أصح حديث يروى في هذا الباب، وإسناد حديث رافع إسناد جيد، وقال: حديث ثوبان وشداد صحيحان، وقال علي بن المديني: أصح شيء في هذا الباب حديث شداد وثوبان (6).

وحديثهم منسوخ بحديثنا [بدليل حديث ابن عباس قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقاحة (7) بقرن وناب](8) وهو محرم صائم .. فوجد لذلك ضعفًا شديدًا فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتجم الصائم. رواه أبو إسحاق الجوزجاني في المترجم (9)، وعن الحكم قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فضعف

(1) البخاري 4/ 155 وأبو داود برقم 2372 والترمذيُّ برقم 777.

(2)

خرم في ج مكان (صائم) ومكان (دم خا).

(3)

القصد: شق العرق ليخرج منه الدم. انظر القاموس 1/ 323.

(4)

انظر بدائع الصنائع 2/ 107 والموطأ مع شرح الزرقاني 2/ 176 - 177 ومغني المحتاج 1/ 431.

(5)

ذكر الحافظ ابن حجر أنه قد روى عن ستة عشر صحابيًا وهم ثوبان وشداد بن أوس ورافع بن خديج وأبو موسى ومعقل بن ياسر وأسامة بن زيد وبلال وعلي وعائشة وأبو هريرة وأنس وجابر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبو يزيد الأنصاري وابن مسعود وقد تكلم ابن حجر على طرقها كلها في تلخيص الحبير 2/ 193 وحديث ثوبان أخرجه أبو داود برقم 2367 و 2370 و 2371، وأخرج حديث شداد أيضًا برقم 2368 و 2369 وحديث رافع أخرجه الترمذيُّ برقم 774.

(6)

القاحة: اسم موضع بين مكة والمدينة على ثلاث مراحل من المدينة. انظر النهاية 4/ 119.

(7)

في د، س وبان.

(8)

ما بين القوسين سقط من ط.

(9)

المسند 1/ 244 وطبقات ابن سعد 1/ 143.

ص: 327

ثم كرهت الحجامة للصائم (1)، وكان ابن عباس وهو راوي حديثهم يعد الحجام والمحاجم فإذا غابت الشمس احتجم .. كذلك رواه الجوزجاني (2).

فإن قيل: فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الحاجم والمحجوم يغتابان فقال: ذلك (3) أجيب بأنه لم تثبت صحة (4) هذه الرواية مع أن عموم اللفظ يقدم على خصوص السبب (و) لا يقال: معنى أفطر الحاجم والمحجوم أي: قربا من الفطر لأنه تأويل يحتاج إلى دليل (5).

ومن غدا في صومه مستنشقا

ممضمضا (6) لحلقه الما سبقا

فليس ذا للصوم (7) قالوا: أبطلا (8)

حتى ولو بالغ فيما فعلا (9)

يعني: إذا تمضمض الصائم أو استنشق (10) فدخل الماء حلقه بغير قصده لم يفسد صومه، وهذا قول الأوزاعي وإسحاق والشافعيُّ في أحد قوليه (11)، وروي ذلك عن ابن عباس.

وقال أبو حنيفة ومالك: يفطر لأنه أوصل (12) الماء إلى حلقه ذاكرًا لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه (13).

(1) انظر المسند 1/ 248 وطبقات ابن سعد 1/ 143.

(2)

لم أجده وقال الألباني في إرواء الغليل 4/ 79: لم أقف على إسناده في شيء من المصادر التي عندي ولا أراه يصح فقد صح عن ابن عباس من طريق ابن أبي شيبة أنه سئل عن الحجامة فقال: الفطر مما دخل وليس مما خرج.

(3)

رواه البيهقي في شعب الإيمان وفيه غياث بن كلوب الكوفي وهو مجهول. انظر نصب الراية 2/ 483.

(4)

في ج صحته.

(5)

في د س تأويل.

(6)

في نظ مضمضًا.

(7)

في جـ ذا الصوم.

(8)

في د أفطر.

(9)

في أ، ب نقلًا وفي د قررًا.

(10)

في د واستنشق.

(11)

انظر الأم 2/ 86 ومغني المحتاج 1/ 429.

(12)

في ط وصل.

(13)

انظر بدائع الصنائع 1/ 91 والمدونة 1/ 200.

ص: 328

ولنا: أنه وصل إلى حلقه من غير قصد أشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه وبهذا فارق المتعمد.

فإن بالغ الصائم في المضمضة أو الاستنشاق فقد فعل مكروهًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة (1) وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا (2)، فإن دخل الماء حلقه فقال أحمد: يعجبني أن يعيد صومه.

والصحيح من المذهب أنه لا يفطر بذلك كما ذكر الناظم، لأنه وصل من غير قصد أشبه غبار الطريق (3) إذا دخل حلقه، وكذلك (4) لو زاد على الثلاث في المضمضة لغير طهارة، إن كانت لحاجة كغسل (5) فمه (6) عند الحاجة إليه ونحوه فحكمها حكم المضمضة للطهارة، وإن كان عبثًا أو تمضمض من أجل العطش كره، وسئل أحمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه قال: يرش على صدره أحب إلي فإن فعل فوصل الماء إلى حلقه أو أنزل (7) الماء في فيه عابثًا أو تبردًا (8) فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث لأنه مكروه.

وواطيء في الصوم إذ يكفر

وعاد كفارته تكرر

يعني: إذا جامع في يوم وكفر ثم عاد فجامع فيه ثانيًا فعليه كفارة ثانية نص عليه.

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا شيء عليه للجماع الثاني،

(1) في ط، ب، ج للمعيط بن هبيرة وهو تصحيف.

(2)

رواه أبو داود برقم 142 و 143 والترمذيُّ برقم 38 والنسائيُّ 1/ 66.

(3)

في المغني 3/ 44 والشرح الكبير 3/ 44 غبار الدقيق أي ما يتطاير منه عند نخله.

(4)

في النجديات، ط كذلك.

(5)

في ج، الأزهريات لغسل.

(6)

في ج، ب فمن.

(7)

في أ، ب، ط أنزل.

(8)

في ب، ج، ط بترد.

ص: 329

لأنه لم يصادف الصوم ولم يمنع صحته فلم يوجب شيئًا كالجماع في الليل (1).

ولنا: أنها عبادة تجب الكفارة بالجماع فيها فتكررت بتكرار (2) الوطء إذا كان بعد التكفير (3) كالحج، (ولأنه وطء محرم بحرمة رمضان فأوجب الكفارة كالأول وفارق الوطء في الليل لأنه مباح)(4)، وهكذا كل من لزمه الإمساك إذا جامع في نهار رمضان وجبت عليه الكفارة وإن جامع في يوم ثم أعاده فيه قبل التكفير فكفارة واحدة بغير خلاف، وإن جامع في يومين أو أكثر (5) فلكل يوم كفارة سواء كفر للأول أم (6) لا.

كذاك (6) إن ظن غروب الشمس

أو ظن أن الليل باق ممسي

وظهر الأمر بالانعكاس

كفارة وهكذا في الناسي

يعني: إذا وطئ يظن (7) أن الشمس غربت ولم (8) تكن كذلك أو وطئ يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو ناسيًا فعليه الكفارة (9)، وكذا لو

(1) انظر البحر الرائق 2/ 297، 298 والكافي لابن عبد البر 1/ 343 ومغني المحتاج 1/ 444.

(2)

في ب، حـ بتكرر.

(3)

في ط التكلف.

(4)

ما بين القوسين سقطت من ط.

(5)

في النجديات، ط فأكثر.

(6)

في ب، حـ كذلك.

(7)

في د، س فظن وفي النجديات، ط يظن الشمس.

(8)

في النجديات، ط وأن لم تكن.

(9)

إذا جامع يظن أن الشمس غربت فبان عكس ذلك فعليه الكفارة عند الحنفية قال في بداية المبتدي 2/ 374: ولو شك في غروب الشمس لا يحل له الفطر ولو أكل فله القضاء وقال في شرح ذلك في فتح القدير شرح الهداية وفي الكفارة روايتان إذا لم يتبين الحال فإن ظهر أنه أكل قبل الغروب فعليه الكفارة لا أعلم فيه خلافًا، وهم إذا أوجبوها في الأكل ففي الجماع بطريق الأولى لأنه الأصل الذي قاسوا عليه الإفطار بالأكل أو الشرب.=

ص: 330

وطئ مكرهًا (1) لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي قال: وقعت على امرأتي بالكفارة ولم يستفصله، ولو اختلف الحال لسأل واستفصل، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن (2) وقت الحاجة.

فإن قيل: ففي السؤال ما يدل على العمد وهو قوله هلكت أو احترقت (3).

أجيب: بأنه يجوز أن يخبر بهلكته لما يعتقده (4) في الجماع مع النسيان وخوفه من غير ذلك (5).

والمرأة إذا طاوعت غير جاهلة أو ناسية كالرجل، فإن عذرت فالقضاء فقط.

والنزع عندنا جماع يذكر

مذ بان فجر معه يكفر

يعني: إذا طلع عليه الفجر وهو يجامع فنزع في الحال مع أول طلوع الفجر فعليه القضاء والكفارة على الصحيح من المذهب، لأن النزع جماع (عندنا)(6) يتلذذ به أشبه الإيلاج (7).

وقال أبو حفص، لا قضاء عليه ولا كفارة، وهو قول أبي حنيفة

= وذكر ابن الماجشون وابن نافع عن مالك أنه يجب على من جامع ناسيًا في نهار رمضان الكفارة. انظر المنتقى للباجي 2/ 65 والكافي لابن عبد البر 1/ 341.

(1)

يرى ابن الماجشون من المالكية أن عليه الكفارة لأنه ملتذ بالجماع فعليه الكفارة كالمختار.

(2)

في ط عنه.

(3)

في د، س اقترحت.

(4)

في النجديات، ط يفتقده.

(5)

ويرى شيخ الإِسلام ابن تيمية أن الناسي لا قضاء عليه ولاكفارة قال في الفتاوى 20/ 573: والأصل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن من فعل محظورًا ناسيًا لم يكن قد فعل منهيًا عنه فلا يبطل بذلك شيء من العبادات ولا فرق بين الوطء وغيره وسواء كان في إحرام أو صيام.

(6)

سقط من الأزهريات.

(7)

هـ الإبلاع.

ص: 331

والشافعيُّ، لأنه ترك الجماع فلا يتعلق به ما يتعلق (1) بالجماع كما لو حلف لا يدخل دارًا وهو فيها فخرج منها (2).

وقال مالك: لا يبطل (3) صومه ولا كفارة عليه، لأنه (4) لا يقدر على أكثر مما (5) فعله من ترك الجماع (6).

وقال الشيخ الموفق: وهذه المسألة تقرب من الاستحالة (7)، إذ (8) لا يكاد يعلم بطلوع الفجر على وجه يتعقبه النزع من غير أن يكون قبله شيء من الجماع فلا حاجة إلى فرضها والكلام فيها (9).

وليلة القدر فقل (10) أرجاها

سبع وعشرون فقم تلقاها

ليلة القدر ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وقال (11) النبي صلى الله عليه وسلم:"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه (12)، سميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ورزق وبركة وغيرها، يروى عن ابن عباس (13)، وقيل غير ذلك،

(1) في النجديات، ط فلا يتعلق بما يتعلق.

(2)

انظر بدائع الصنائع 2/ 91 والأم 2/ 83.

(3)

في الأزهريات يبطل.

(4)

في د، س ولأنه.

(5)

في د، س ما.

(6)

حاشية الدسوقي 1/ 488.

(7)

في د، س الاستحاضة.

(8)

في أح ط أو.

(9)

المغني 3/ 63.

(10)

سقطت من ج وهي في نظ فقيل.

(11)

سقطت الواو من النجديات، ط.

(12)

البخاري 4/ 99، 221 ومسلم برقم 760.

(13)

رواه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقيُّ في شعب الإيمان. انظر الدر المنثور 6/ 25.

ص: 332

وتختص برمضان، وتطلب في العشر الأخيرة منه وأوتاره آكد، وأرجاها ليلة سبع وعشرين، قال أبي بن كعب وابن عباس: هي (1) ليلة سبع وعشرين (قال زر بن حبيش: قلت لأبي بن كعب: أنَّى (2) علمت (3) أبا المنذر أنها ليلة سبع وعشرين؟) (4) قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع فعددنا وحفظنا، والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين، ولكنه كره أن يخبركم فتتكلوا (5)، قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (6) وحكي عن ابن عباس أنه قال: سورة القدر (7) ثلاثون كلمة السابع والعشرون (8) منها هي (9)، وروى أبو داود بإسناده عن معاوية عن النبي (10) في ليلة القدر قال (11):"ليلة سبع وعشرين"(12) وفيها أقوال أخر (13) وأحاديث، وهي متنقلة في ليالي العشر.

قال أبو قلابة (14): إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب (15) على حسب ما

(1) في ج، ط في.

(2)

في جميع النسخ أما والتصويب من سنن الترمذيّ.

(3)

في، د س علم.

(4)

ما بين القوسين سقط من د.

(5)

في د، س تتكلموا.

(6)

الترمذيُّ برقم 793.

(7)

سقطت من ج، ط.

(8)

سقطت من ج، ط.

(9)

نقله ابن قدامة في المغني 3/ 115 وقد ذكره ابن عطيه في تفسيره وجعله من ملح التفاسير وذكره ابن حزم في المحلى 7/ 35 عن بعض المالكية وبالغ في إنكاره. انظر فتح الباري 4/ 229.

(10)

سقطت من النجديات، هـ ط.

(11)

سقطت من النجديات، ط.

(12)

أبو داود برقم 1386.

(13)

ساقها الحافظ ابن حجر في فتح الباري 4/ 227 - 231 فبلغت ستة وأربعين قولًا.

(14)

في د، س فلان.

(15)

في د، س يخبر.

ص: 333

يسأل (1)، فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد (2) في الماء والطين ليلة إحدى عشرين (3) وفي السنة التي أمر عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين (4)، وفي السنة التي رأى أبي بن كعب علامتها ليلة (5) سبع وعشرين، وهد ترى علامتها في غير هذه الليالي.

قال بعض أهل العلم: أبهم الله هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها، ويجدوا في العبادة في الشهر كله طمعًا في إدراكها، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليكثروا من الدعاء في اليوم كله، وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ليجتهدوا (6) في جميعها، وأخفى الأجل وقيام الساعة ليجد الناس في العمل حذرًا منها، والله أعلم.

والاعتكاف لا تجز إيقاعه

في المسجد العاري عن الجماعة

الاعتكاف لغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه برًا كان أو غيره (7) منه قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (8).

وشرعًا: لزوم المسجد لطاعة الله على وجه مخصوص.

وهو مشروع بالكتاب (9) والسنة قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على

(1) ليس هذا كلام أبي قلابة بل هو من كلام الإِمام الشافعي والعبارة في المغني والشرح الكبير 3/ 116: (قال أبو قلابة: إنها تنتقل في ليالي العشر قال الشافعي: كان هذا عندي والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجب على نحو ما يسأل ..) إلخ.

(2)

في النجديات، هـ يسجد.

(3)

رواه البخاري 4/ 222 ومسلمٌ برقم 1167 وأبو داود برقم 1382 والنسائيُّ 3/ 79 -

80.

(4)

رواه مسلم برقم 1168 وأبو داود برقم 1380 وقد أمره صلى الله عليه وسلم بالنزول إلى المسجد لأنه كان في بادية ويشق عليه أن ينزل كل ليلة فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: مرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد فقال صلى الله عليه وسلم:"أنزل ليلة ثلاث وعشرين".

(5)

سقطت من ب، حـ.

(6)

في د فيجتهدوا في جميعه وفي س فيجتهدوا في جميعها.

(7)

سقطت الواو من ط.

(8)

الأعراف: 138.

(9)

في هـ في الكتاب.

ص: 334

أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن ينذر المرء على نفسه الاعتكاف فيجب عليه (1).

ولا يصح إلا في المسجد لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فلو صح في غيرها لم تختص بتحريم المباشرة، إذ هي محرمة في الاعتكاف مطلقا، ولأنه عليه السلام كان لا يدخل البيت في اعتكافه إلا لحاجة، ولا يصح ممّن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه (2) لما روى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن عروة وسعيد ابن المسيب عن عائشة أن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا اعتكاف (3) إلا في مسجد جماعة (4)، وهو ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولئلا يلزم ترك الجماعة أو (5) تكرر الخروج المنافي للاعتكاف، بخلاف الجمعة لأنها لا تتكرر.

ويصح اعتكاف المرأة ومن لا تلزمه الجماعة كالعبد والمسافر بكل (6) مسجد، ولا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، لأنه ليس بمسجد حقيقة.

(1) انظر الإجماع 47.

(2)

وهو رواية عن أبي حنيفة قال في فتح القدير 2/ 393: وروى الحسن عن أبي حنيفة أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم، ويصلى فيه الخمس بالجماعة يصح الاعتكاف فيه، وصححه بعض المشائخ.

(3)

في أ، ج، ط الاعتكاف.

(4)

جزء من حديث رواه الدارقطني 2/ 201 وقال فيه (يقال إن قوله وأن السنة للمعتكف). إلخ ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقدوهم. أ. هـ. وقد أعله ابن الجوزي في التحقيق بإبراهيم بن محشر ونقل عن ابن عدي أنه قال: له أحاديث مناكير. أ. هـ. من نصب الراية 2/ 487 وقال الألباني في إرواء الغليل 4/ 140:

وقوله: (ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم) لعله سبق قلم فإن هذا النفي لا حاجة إليه لأن أحدًا من الرواة لم يذكر أنه من قوله صلى الله عليه وسلم لأن الحديث من أصله ليس من قوله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول عائشة تحكى فعله صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه أراد أن يقول: "ليس من قول عائشة فوهم".

(5)

في د، س و.

(6)

بياض في ط وفي حـ بعكـ.

ص: 335

كفارة الوطئ (1) في الاعتكاف

تلزم والشيخان بالخلاف

يعني: تجب الكفارة بالوطء في الاعتكاف المنذور، واختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه قال في المستوعب: هذا أصح الروايات وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم.

وعنه: لا كفارة مطلقًا وهو الصحيح من المذهب واختاره الموفق والشارح والمجد وصاحب الفائق وغيرهم وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لكن عليه الكفارة لإفساد النذر قال (2) في الفروع: ومراد أبي بكر ما اختاره صاحب المغني والمحرر والمستوعب وغيرهم أنه أفسد المنذور بالوطء فهو كما لو أفسده بالخروج لما له منه بد على ما سبق (3) وهذا معنى كلام القاضي (في الجامع الصغير)(4).

وقال ابن عقيل في الفصول: يجب في التطوع في أصح الروايتين، قال المجد في شرحه: لا وجه له، قال:(لم يذكرها القاضي ولا وقفت على لفظ يدل عليها عن (5) أحمد، وهي في المستوعب.

وحيث أوجبنا الكفارة بالوطء فهي كفارة يمين وقال القاضي (6) في الخلاف: كفارة الظهار، قدمه في النظم والفائق والرعاية الصغرى والحاويين.

وقيل: كفارة رمضان، واختاره في الرعاية الكبرى قال في الهداية: وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حنبل (7).

(1) في ط الواطي.

(2)

في النجديات قاله.

(3)

لم يسبق شيء من هذا في هذا الكتاب ولكن المؤلف رحمه الله نقل كلام ابن مفلح في الفروع كما هو.

(4)

الفروع 3/ 191 وفيه تقديم وتأخير.

(5)

في أ، جـ هـ من.

(6)

ما بين القوسين قط من طا.

(7)

الهداية لأبي الخطاب 1/ 88.

ص: 336

نذر اعتكاف يقضى بعد الموت

كنذر صوم جاءنا (1) للفوت

يعني: إذا مات بعد أن نذر اعتكافًا (2) وتمكن (3) من فعله فإنه يقضى عنه، فيفعله وليه أو (4) غيره بإذنه وبدونه قياسًا على الصوم (5). ولأن الكفارة تجب بتركه في الجملة أشبه الصوم، وكذا الحج والعمرة ونذر الطواف والوضوء ونحوه لعموم قوله عليه السلام:"فدين الله أحق بالوفاء"(6).

وأما صلاة الفرض وقضاء رمضان فلا يقضى عنه، لكن يطعم في قضاء رمضان إن لم يكن تركه لعذر عن كل يوم طعام مسكين، وكذا صوم متعة وكفارة لوجوبه بأصل الشرع بخلاف النذر.

(1) في ج جاء.

(2)

في جـ، ط الاعتكاف.

(3)

في أ، حـ ط تمكن.

(4)

في د وغيره.

(5)

قال في الإنصاف 3/ 339 وهو الصحيح من المذهب نقله الجماعة عن أحمد وعليه الأصحاب.

(6)

البخاري 4/ 170 ومسلمٌ برقم 1148 ولفظ البخاري: (أحق أن يقضى) وعند مسلم (أحق بالقضاء) وكلفظ البخاري.

ص: 337