الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب تنزيه الصوم
من الصحاح
[1367]
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبى هريرة -رضى الله عنه-: (فليس لله حاجة فى ان يدع طعامه وشرابه) لفظ الحاجة فيه من مجاز القول، والمعنى: لا يبالى بعمله ذلك، ولا ينظر إليه؛ لأنه أمسك عما ابيح له في غير حين الصوم، ولم يمسك عما حرم عليه فى سائر الأحايين.
[1368]
ومنه حديث عائشة -رضى الله عنها- في حديثها: (وكان أملككم لإربه) أرادت بالأرب: حاجة النفس أى: لا يغلبه أرب النفس، ولا يستولى عليه سلطان الشهوة، وكان حاله في ذلك خلاف حال غيره؛ لما آتاه الله من التأييد والعصمة. ويروى:(أربه) -بفتح الهمزة والراء- ويروى مكسورة الألف، ساكنة الراء، ومعناها واحد، والأرب -ساكنة الراء- أيضًا العضو، وحمله على العضو في هذا الحديث غير سديد، ولا يغتر به إلا جاهل بوجوه حسن الخطاب، مائل عن حسن الأدب ونهج الصواب.
[1369]
ومنه: حديثها الآتى: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم[162/أ] يدركه الفجر في رمضان وهو جنب .. الحديث).
قلت: كان أبو هريرة يفتي بخلاف ذلك، ثم إنه رجع عن وقد نقل عن ابن المنذر، أنه قال: أحسن ما سمعت في هذا أن يكون محمولا على النسخ، وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرمًا على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب، فلما اباح الله ذلك إلى طلوع الفجر، جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم؛ لارتفاع الحظر المتقدم، وكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل بن
عباس على الأمر الأول، ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع حديث عائشة هذا صار إليه.
[1372]
ومنه حديث أبي هريرة -رضى الله عنه-: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: هلكت .. الحديث) الرجل على ما استبان لنا من كتب المعارف هو سلمة بن صخر الأنصاري
البياضي، ويقال: سليمان، وسلمة أصح، وكان أحد البكائين، وكان قد ظاهر من امرأته خشية أن لا تملك نفسه، وذلك لما كان يعرف من نفسه من شدة الشبق، ثم وقع عليها في رمضان.
هذا الحديث كذا وجدناه فى عدة من كتب أصحاب الحديث، وعند الفقهاء أنه أصابها في نهار رمضان.
وهذا الحديث يرويه بعضهم، وفي روايته:(هلكت وأهلكت) ولم يتابع عليه؛ لأن أهلكت غير محفوظ.
وفيه: (خذ هذا فتصدق به) ذهب بعض اهل العلم إلى أنه يطعم كل مسكين مدا. قال: والحديث مبين لمقدار الواجب عليه في اطعام ستين، لما في حديث أبى هريرة من غير هذا الوجه:(فأتى بعرق قدر خمسة عشر صاعا).
قلت: وقد روى ايضًا أنه اتى بعرق ثلاثين صاعًا ويؤيده أيضًا حديث سلمة بن صخر (أنه أطعم ستين مسكينًا وسقًا) ومع اختلاف الروايات وتعارضها، فالسبيل ان يحمل في الأقل على أنه كان قاصرًا عن مقدار الواجب، فأمره أن يتصدق بالموجود إلى ان يمكنه الوجدان من أداء ما بقي عليه؛ لئلا ندع شيئًا من الروايات متروكًا. (والغرق) بتحريك الراء، أصله السفيفة تنسج من الخوص، قبل أن يجعل منها زبيل، فسمي العرق بها.
وفيه: (أطعم عيالك) ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك حكم خص به هذا الرجل. وقال بعضهم: هذا منسوخ. وكلا القولين لا سناد له، والقول القويم فيه قول من قال: إن [العمل الجوار] أخبر أن ليس بالمدينة احوج منه ولم ير له ان يتصدق على غيره ويتلوى هو وعياله [162/ب] من الجوع، فجعله في فسحة من الأمر حتى يجد ما يؤديه في الكفارة.
(ومن الحسان)[1381] حديث شداد بن أوس -رضى الله عنه- (رأى النبى عليه السلام رجلا يحتجم .. الحديث)