الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقال: فيه رهق أي: غشيان للمحارم. ويقال للذي يفعل (39/أ/ج 2) ذلك المرهق- بتشديد الهاء وتخفيفها أيضاً وهي مفتوحة في الصيغتين. ويكون قول الملائكة هذا على سبيل الاستعلام، ليعلموا هل دخل ذلك المرهق في جملتهم أم لا، كأنهم قالوا: إن فيهم فلاناً، ومن شأنه كيت وكيت. فماذا صنعت به، أو يكون سؤالهم هذا من طريق التعجب، وعلى هذا النحو من المعنى يحمل قوله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث:(إن فيهم فلاناً الخطاء) ولا يصح حمله على غير ذلك، فإنهم أعلم بالله من أن يسبق عنهم مثل هذا القول على سبيل الإعلام او الاعتراض.
ومن
باب الدفع من عرفة والمزدلفة
(من الصحاح)
[1812]
حديث أسامة رضي الله عنه، أنه سئل: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين يدفع؟ الحديث: دفع أي: دفع من عرفات، والدفع يستعمل قي الإضافة من عرفة إلى مزدلفة، وأرى ذلك لأن الناس في مسيرهم ذلك مدفوعون، كانه يدفع بعضهم بعضاً، وقيل: حقيقة دفع أي: دفع نفسه عن عرفة ونحاها. وفيه: (يسير العنق): العنق: ضرب من سير الدابة والإبل، وهو سير مسيطر قال الراجز:
يا ناق سيري عنقاً فسيحاً
…
إلى سليمان فتتريحا
وانتصاب العنق على المصدر؛ لأن العنق مجانس للسير في المعنى، إذ هو ضرب من السير، فصار كقولهم: سار سيراً، ويجوز أن يكون في الكلام موصوف ومحذوف، كأنه قال: يسير السير العنق. ومثل ذلك قولهم: رجع القهقري، وقعد القرفصاء، واشتمل الصماء. وفيه:(فإذا وجد فجوة نص): الفجوة: الفرجة بين الشيئين وأراد بها هاهنا المكان الذي يخلو عن المارة، فيقع الفرجة بينهم، والنص: السير الشديد، حتى يستخرج أقصى ما عندها.
[1813 [ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس- رضي [عنهما]: (فإن البر ليس بالإيضاع): أي ليس البر في الحج، وهو أن يوفق صاحبه في قضاء نسكه بالإصابة واجتناب الرفث والفسوق، ويتداركه الله بالقبول بالإيضاع: وهو حمل الدابة على إسراعها في السير، يقال: وضع البعير وغيره أي أسرع في سيره وأوضعه راكبه.
(ومن الحسان)
[1821]
حديث محمد بن قيس بن مخرمة: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم قبل أن تغرب) الحديث: أي حين
تكون الشمس في وجوههم كأنها عمائم الرجال، وذلك بأن تقع [من] الجهة التي تحاذى وجوههم، وإنما قال: في وجوههم ولم يقل: على رءوسهم لأن الشمس إذا وجبت للغروب فواجهها الإنسان أخذت بضوئها ما قابلها به، ولم تتعد إلى ما فوقه من الرأس لانحطاطها (39 ب/ج 2) وكذلك وقت الطلوع، وإنما شبهها بعمائم الرجال لأن الإنسان إذا كان بين الشعاب والأدوية في أحد هذين الوقتين لم يصبه من شعاع الشمس إلا الشيء اليسير الذي يلمع في جبهته لمعان بياض العمامة، والظل يستر منه بقية وجهه وبدنه، فإذا نظر الناظر إليه وجد ضوء الشمس في وجهه مثل كور العمامة فوق الجبين، والمراد منه أن أهل الجاهلية كانوا يفيضون من عرفة وقد بقيت من الشمس بقية، ويدفعون من المزدلفة إلى مني وقد بدا حاجب الشمس، وسنتنا نحن أن نفيض بعد الغروب، وندفع قبل الطلوع (هدينا مخالف لهدى الأوثان والشرك)، أي سيرتنا مخالفة لسيرة عبدة الأوثان وأهل الشرك.
[1822]
ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنه، قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب) الحديث
…
أغيلمة نصب على التفسير للضمير الذي في قوله: قدمنا.
وأغيلمة تصغير غلمة، على غير مكبره وكأنهم، صغروا أغلمة، وإن كانوا لم يقولوه، كما قالوا في تصغير الصبية أصيبية، والغلمة جمع غلام، وهو جمع القلة، وجمع كثرة غلمان. وفيه:(على جمرات فجعل يلطح أفخاذنا): جمرات جمع جمار، ويجمع الجمار على جمير، وجمر، وجمرات، وأجمرة، و (يلطح أفخاذنا) أي: يضربها ببطن كفه، واللطح بالحاء المهملة: هو الضرب اللين على الظهر ببطن الكف
وفيه: (أبيني لا ترموا الجمرة) قال بعض علماء اللغة: تصغير أبناء: أبيناء، وإن شيءت أبينون على غير مكبره، كان واحدة ابن مقطوع الألف، فصغره فقال: أبين، ثم جمعه فقال: أبينون، قال الشاعر:
من يك لا ساء فقد ساءني
…
ترك أبيتيك غلى غير راع
وفي الحماسة:
يسدد أبينوها الأصاغر خلتي
حذف النون فيهما للإضافة، وقد نقل بعض أهل النقل عن أبي عبيد أنه قال: هو تصغير بني، ونقل أيضاً أنه قال تصغير ابن، وقد رد عليه بعض المتأخرين من النحاة فقال: هو خطأ، والألف في ابن للوصل، وهو مفرد، ولا يقال فيه أبنون فكيف يتصور ذلك؟ ثم قال: وعند سيبويه تصغير ابني على وزن أعمي، وهو اسم مفرد يدل على الجمع. والجموع إذا صغرت يصغر آحادها، ثم يجمع بالواو والنون إذا كان الاسم مذكراً، وبالألف والتاء إذا كان مؤنثاً، فابني إذا صغر قيل: أبين مثل أعيم، ثم يجمع أبينون.