المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب المشي بالجنازة والصلاة عليها - الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي - جـ ٢

[التوربشتي]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الجنائز

- ‌ باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ باب تمني الموت وذكره

- ‌ باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ باب دفن الميت

- ‌ باب البكاء على الميت

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌ باب ما تجب فيه الزكاة

- ‌ باب صدقة الفطر

- ‌ باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ باب من تحل له المسألة

- ‌ باب الإنفاق وكراهية المسألة

- ‌ باب فضل الصدقة

- ‌ باب إخفاء الصدقة

- ‌ من لا يعبد في الصدقة

- ‌ كتاب الصوم

- ‌ باب رؤية الهلال

- ‌ باب تنزيه الصوم

- ‌ باب صوم المسافر

- ‌ باب صيام التطوع

- ‌ باب الاعتكاف

- ‌ كتاب فضائل القرآن

- ‌ كتاب الدعوات

- ‌ باب ذكر الله تعالى

- ‌ باب أسماء الله تعالى

- ‌ باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل

- ‌ باب الاستغفار والتوبة

- ‌ باب الدعوات في الأوقات

- ‌ باب الاستعاذة

- ‌ باب جامع الدعاء

- ‌ كتاب المناسك

- ‌ باب الإحرام والتلبية

- ‌ باب دخول مكة والطواف

- ‌ باب الوقوف بعرفة

- ‌ باب الدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌ رمي الجمار

- ‌ باب الهدى

- ‌ باب الحلق

- ‌ باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق والتوديع

- ‌ باب الإحصار وفوت الحج:

- ‌ باب حرم مكة

- ‌ باب حرم المدينة

- ‌كتاب البيوع

- ‌ باب الكسب وطلب الحلال

- ‌ باب المساهلة في المعاملة

- ‌ باب الخيار

- ‌ باب الربا

- ‌ باب المنهي عنه من البيوع

- ‌ باب السلم والرهن

- ‌ باب الاحتكار

- ‌ الإفلاس والإنظار

- ‌ باب الشركة والوكالة

- ‌ الغضب والعارية

- ‌ باب الشفعة

- ‌ باب المساقاة والمزارعة

- ‌ باب الإجارة

- ‌ باب إحياء الموات والشرب

- ‌ باب اللقطة

- ‌ باب الفرائض

- ‌ باب الوصايا

الفصل: ‌ باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

ومن‌

‌ باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

(من الصحاح)

[1122]

حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الجنازة، فقوموا .... الحديث).

يحتمل: انه أمر بالقيام عند رؤية الجنازة؛ لأن من حق الموت الذي كتبه الله على كل نفس منفوسة: أن يستحفل أمره ويهاب، وإذا حل بإنسان فرآه آخر يقف شعره، وترعد فرائصه، وإذا ذكر به استشعر الخوف منه، ومن حق المرعوب: أن يكون قلقاً مستوفزاً؛ فيجلس إن كان نائماً، ويقوم إن كان قاعداً، وقلة الاحتفال بهذه النازلة العظيمة، وإظهار التجلد دونها: إنما يوجد ممن أخذت الغفلة بمجامع قلبه؛ فأمر بالقيام لها؛ إزاحة لتلك العلل.

ويؤيد هذا التأويل: حديث جابر- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الموت فزع؛ فإذا رأيتم الجنازة، فقوموا)، وقوله:(فزع) أي: ذو فزع، أو جعل 132] /ب [نفس الموت فزعاً؛ لأنه لا يخلو من الفزع.

وقد صح عن على- رضي الله عنه أنه قال في شأن الجنائز: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد)، ووجه ذلك- والله أعلم-: أنه قام وأمرهم بالقيام على ما ذكرنا، تقريراً للمعنى الذي ذكرناه، ثم قعد ليعدل بالقضية عن حد الوجوب، ويريهم أنهم في فسحة من ذلك، وإن كان القيام أحب إليه.

ويحتمل: النسخ على ضعف فيه؛ لأنه أمر بالقيام على ما ذكرنا، ولم يأمر بالقعود.

ص: 389

قلت: ولولا مكان حديث جابر: أن الموت فزع، ثم ما في هذا الحديث: أن الجنازة كانت جنازة يهودية: لكان لنا أن نقول: إنما أمرهم بالقيام، ليشتركوا مع المشيعين في الثواب، ولكن القول به مدخول، لوجود العلتين.

وفيه: (فلا يقعد حتى يوضع):

النهي عن القعود -ههنا- لاستيفاء الأجر في الإتيان بالتشييع على وجه الكمال.

واختلف بعض أهل العلم في المراد ب (الوضع): هل هو عن أعناق الرجال، أو الوضع في اللحد؛ لاختلاف الرواية:

فواه سفيان الثورى: (حتى توضع بالأرض)، ورواه محمد بن حازم، وأبو معاوية الضرير:(حتى يوضع في اللحد).

قال أبو داود: سفيان أحفظ من أبي معاوية.

قلت: سفيان يفوق أبا معاوية بأكثر من الحفظ، ثم إن لفظ الحديث يشهد لسفيان، وهو قوله:(حتى توضع) على صيغة التأنيث، ولم يرو إلا كذلك؛ فالضمير للجنازة، والجنازة لا توضع في اللحد، وإنما توضع على الأرض، وقد ورد:(حتى يوضع في اللحد) يعني: الميت، في غير هذا الحديث، وهو حديث أبي هريرة في ثواب من شهد الجنازة:(حتى يصلي عليها، وحتى يدفن) أي: يدفن صاحبها، وفي رواية:(حتى يوضع في اللحد).

[1125]

ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة ري الله عنه: (فإنه يرجع من الأجر بقيراطين):

ص: 390

القيراط: نصف دانق، وأصله: قراط- بالتشديد- لأنه يجمع على قراريط، فأبدل من أحد حرفي تضعيفه، لئلا يلتبس بالمصادر التي تجئ على (فعال)، إلا أن يكون بالهاء، فيخرج على أصله، مثل الصنارة.

وأما القيراط- الذي في الحديث-: فقد جاء مفسراً فيه، فقال:(كل قيراط مثل أحد)؛ وذلك تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ (القيراط)، والمراد منه على الحقيقة: أنه يرجع بحصتين من جنس الأجر، فبين المعنى ب (القيراط) الذي هو حصة من جملة الدينار.

[1130]

ومنه: قولة عائشة رضي الله عنها: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد): تريد ب (ابني بيضاء): سهلاً وسهيلاً؛ ينسبان إلى أمهما (بيضاء)، واسمها: دعد بنت الجحدر، ولهما أخ آخر يقال له: صفوان بن بيضاء، وأبوهم: عمرو بن وهب، وقيل: وهب بن ربيعة القرشي 133] /أ [الفهري.

فأما صفوان: فإنه قتل شهيداً يوم بدر، وقيل: إنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومات سنة ثمان وثلاثين. ولم يختلفوا في سهيل: أنه مات بالمدينة سنة تسع، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.

وأما سهل: فقيل: إنه مات في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهو الأكثر، وذكر عن الواقدي أنه مات بعد

ص: 391

رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى مالك بن أنس هذا الحديث عن أبي نضر، عن أبي سلمه، ولم يذكر فيه سهلاً، وأرسل الحديث.

وقد روى هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها مبيناً، ولفظ الحديث:(والله، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء إلا في المسجد: سهل وسهيل).

قلت: وإنما حلفت، لأن الناس تماروا في ذلك؛ فمن قائل يقول بقول عائشة- رضي الله عنها ومن قائل يرى خلافه، وقد روى عن أبي هريرة خلافه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

والقضية الموجبة للاختلاف: هي أن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه توفي في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، وحمل إلى المدينة على أعناق الرجال؛ ليدفن بالبقيع، وذلك في إمرة معاوية، وعلى المدينة مروان، فسألت عائشة أن يصلي عليه في المسجد لتصلي عليه؛ فأبوا عليها، وقالوا: لا يصلي على الميت في المسجد؛ فذكرت الحديث.

فمن ذهب من العلماء إلى حديث عائشة: فلصحة إسناده. ومن ذهب إلى خلاف ذلك: فإنه يقول اختلف أقاويل الرواة في حديث عائشة على ما ذكرنا، وروى أبو هريرة خلافه، ثم إن الصحابة -يومئذ- كانوا متوافرين؛ فلو لم لعلموا بالنسخ، لما خالفوا حديث عائشة رضي الله عنها.

[1134]

ومنه: حديث ابن عباس- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً .... الحديث).

ص: 392

روى هذا الحديث عن ابن عباس كريب، وفي روايته: (مات ابن لعبدالله بن عباس بقديد أو بعسفان، فقال: يا كريب، انظر ما اجتمع له من الناس فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا، فأخبرته، فقال: تقول هم أربعون؟ قلت: نعم، قال: اخرجوا؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

وذكر الحديث، ويتلو هذا الحديث حديث عائشة- رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة

الحديث)، وقد روى هذا الحديث بمعناه عن أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما.

ولا تضاد بين حديثهم وحديث ابن عباس؛ لأن السبيل في أمثال هذا الحديث: أن يكون الأقل من العددين متأخراً؛ لأن الله تعالى إذا وعد المغفرة لمعنى واحد، لم يكن من سنته أن ينقص من الفضل الموعود بعد ذلك، بل يزيد عليه؛ فضلاً منه وتكرماً على عباده؛ فجعلنا حديث ابن عباس في أربعين متأخراً عن حديث الآخرين في المائة؛ للمعنى الذي ذكرناه، وقد 133] /ب [تقدم تقرير هذا المعنى في موع آخر من هذا الكتاب.

(ومن الحسان)

[1140]

حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الراكب يسير خلف الجنازة .... الحديث):

ص: 393

وجدناه في سائر النسخ عن المغيرة بن زياد، وفي هذا الموضع تحريف بين لا ندري من أين وقع؛ فإن المغيرة بن زياد لا يعرف أصلاً لا في الصحابة ولا في التابعين، وهذا الحديث إنما يروى عن المغيرة بن شعبة، وعليه مداره، ويرويه عن المغيرة جبير، ويرويه عن جبير ابنه زياد.

وفي (سنن أبي داود): (عن زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة)، قال: وأحسب أن أهل زياد أخبروني أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلعل بعض النساخ تخبط فيه؛ فصار إسوة لمن لا عناية له بعلم الحديث ورجاله.

[1149]

ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (اللهم، اغفر لحينا وميتنا، وشاهنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا).

ص: 394