المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب الإجارة - الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي - جـ ٢

[التوربشتي]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الجنائز

- ‌ باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ باب تمني الموت وذكره

- ‌ باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ باب دفن الميت

- ‌ باب البكاء على الميت

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌ باب ما تجب فيه الزكاة

- ‌ باب صدقة الفطر

- ‌ باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ باب من تحل له المسألة

- ‌ باب الإنفاق وكراهية المسألة

- ‌ باب فضل الصدقة

- ‌ باب إخفاء الصدقة

- ‌ من لا يعبد في الصدقة

- ‌ كتاب الصوم

- ‌ باب رؤية الهلال

- ‌ باب تنزيه الصوم

- ‌ باب صوم المسافر

- ‌ باب صيام التطوع

- ‌ باب الاعتكاف

- ‌ كتاب فضائل القرآن

- ‌ كتاب الدعوات

- ‌ باب ذكر الله تعالى

- ‌ باب أسماء الله تعالى

- ‌ باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل

- ‌ باب الاستغفار والتوبة

- ‌ باب الدعوات في الأوقات

- ‌ باب الاستعاذة

- ‌ باب جامع الدعاء

- ‌ كتاب المناسك

- ‌ باب الإحرام والتلبية

- ‌ باب دخول مكة والطواف

- ‌ باب الوقوف بعرفة

- ‌ باب الدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌ رمي الجمار

- ‌ باب الهدى

- ‌ باب الحلق

- ‌ باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق والتوديع

- ‌ باب الإحصار وفوت الحج:

- ‌ باب حرم مكة

- ‌ باب حرم المدينة

- ‌كتاب البيوع

- ‌ باب الكسب وطلب الحلال

- ‌ باب المساهلة في المعاملة

- ‌ باب الخيار

- ‌ باب الربا

- ‌ باب المنهي عنه من البيوع

- ‌ باب السلم والرهن

- ‌ باب الاحتكار

- ‌ الإفلاس والإنظار

- ‌ باب الشركة والوكالة

- ‌ الغضب والعارية

- ‌ باب الشفعة

- ‌ باب المساقاة والمزارعة

- ‌ باب الإجارة

- ‌ باب إحياء الموات والشرب

- ‌ باب اللقطة

- ‌ باب الفرائض

- ‌ باب الوصايا

الفصل: ‌ باب الإجارة

إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته) قيل: إن هذا الحديث لم يثبته علماء الحديث، وكان البخاري يضعفه، ورأى [54/ ب] شريكاً قد وهم فيه، وذكر أن شريكاً تفرد به عن أبي إسحق، وتفرد به أبو إسحق عن عطاء، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئاً، ذكر ذلك الخطابى في (المعالم) وقد روى الترمذي عن البخاري أنه سأله عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن. ونقل الترمذي أوثق، وعلى هذا فالحديث ليس مما يقابل بالطعن والإنكار، ولكنه تأول ليوافق الأصول التي تمسك بها المجتهدون، فيحمل معناه على العقوبة والحرمان للغاصب.

ومن‌

‌ باب الإجارة

(من الصحاح)

[2116]

حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: (احتجم وأعطى الحجام أجره، واستعط) السعوط بالفتح الدواء يصب في الأنف، يقال: اسطعت الرجل فاستعط هو بنفسه.

[2117]

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه (كنت أرعى على قراريط لأهل مكة) القيراط، ذكرناه في باب الجنائز، وإنما ذكر هاهنا القراريط؛ لأنه أراد بها سقط الشهر من أجره الرعية، والظاهر أن ذلك لم يكن يبلغ الدينار أو لم ير أن يذكر مقدارها، استهانة بالحظوظ العاجلة، أو لأنه نسى الكمية فيها، وعلى الأحوال، فإنه قال هذا القول تواضعاً لله تعالى وتصيحاً لمنته عليه.

وقد تعمق بعض المتكلفة في تأويله، حتى أتى بما لا حقيقة له، فقال: لعل القراريط موضع بمكة. وذلك قول لم يسبق إليه، وإنما وقع في هذه المهواة حين استعظم أن يرعى نبي الله بالأجرة، ولم يدر أن الانبياء إنما يتنزهون عن الأجرة فيما يعملونه لله، فأما ما كان سبيله الكسب، فإنهم كانوا يعتملون فيه ويكدحون، ولم يزل الكسب سنتهم، والتوكل حالهم، مع أن نبينا صلى الله عليه وسلم تعانى الرعية قبل أن يوحى إليه، ولأنه عمل ذلك العمل بالأجرة، أورد العلماء هذا الحديث في باب الإجارة.

ص: 709

[2118]

ومنه حديثه الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: ثلاثة أن خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر

الحديث) الخصم: مصدر قولك: خصمته خصماً ثم وصف به، ولهذا يستوي فيه الجمع والمؤنث، وكأنه أخذ من الخصم- بالضم- وخصم كل شيء: جانبه وناحيته، وذلك لأنك إذا دفعته من جانب أتاك من جانب آخر. وهذا أبلغ ما يمكن من الوعيد؛ لأن من كان الله خصمه لا ينجو ولا يفلح. وقوله:(أعطى بي) على بناء الفاعل، أي: أعطى الأمان باسمي أو بذكري، أو بما شرعته من ديني. وذلك بأن يقول للمستجير: لك ذمة الله [55/ أ) ولك عهد الله.

[2119]

ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنه: أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بما فيهم لديغ .. الحديث) أراد بالماء: الحي النازلة عليه فاختصره، وتقدير الكلام: بأهل ماء. وفي كتاب البخاري (فيهم لديغ أو سليم) والحديث إنما نقله المؤلف من كتابه، فلم يكن له أن يترك اللفظ الآخر. واللديغ أكثر ما يستعمل في لدغ العقرب. والسليم فيمن لسعته الحي وإنما قيل ذلك تفاؤلا بالسلامة. وقيل: لأنه أسلم وترك يأسا من برئه.

والحديث لا تعلق له بأحكام الإجارة. فيه- على ما اختاره المؤلف من الروايات- اختصار. وقد روى هذا الحديث من وجوه كثيرة، وفي بعض طرقه ألفاظ تبين وجه الحديث، فمن ذلك:(واستضافوهم فلم يضيفوهم) رواه مسلم في كتابه. ومنه: (فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم) رواه البخاري في كتابه عن أبي سعيد الخدري، وفيه أيضاً:(فصالحوهم عن قطيع من الغنم) فوجه الحديث: أن أهل تلك السرية كانوا مرملين، وقد وجب على أهل الماء حقهم، على ما صح من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه (قلنا: يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم، فلا يقروننا، فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن زلتم بقوم فأمروا بكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا، فإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم)، فأبيح لهم أخذ ذلك عوضاً عن حقهم الذي منعوه، ويدل على صحة هذا التأويل قول أبي سعيد:(صالحوهم على قطيع من الغنم) وقد كان أبو سعيد في تلك السرية، ولم تكن الرقية علة لاستحقاقهم ذلك، وإنما كانت ذريعة إلى استخلاص حقهم.

وهذا المعنى وما يشاكله هو الصواب في تأويل هذا الحديث لئلا يخالف حديث عبادة بن الصامت وهو حديث صحيح- ولفظه: (علمت ناساً من الصفة الكتاب والقرآن، وأهدى إلى رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال، وأرمي بها في سبيل الله فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إلى قوساً ممن كنت أعلمه

ص: 710

الكتاب والقرآن، وليست بمال، فأمي عليها في سبيل الله، قال:(إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها) فإن قيل: فإذا ما وجه قوله في حديث ابن عباس: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله- عز وجل قلنا: أراد به أجر الآخرة. كان سؤالهم عن أخذ الاجر عليه، فعرض هو بما هو الحقيقة فيه والمطلوب منه. وهذا النوع من الخطاب يسميه أهل البلاغة التحويل للكلام ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم (55 ب): (الصرعة من يملك نفسه عند الغضب) وقوله: (المحروب من حرب دينه) فإن قيل: فماذا تصنع بحديث خارجة بن الصلت عن عمه، وهو في الحسان، عقيب هذا الحديث، وفيه:(فأعطوه مائة شاة .... الحديث) قلنا: لم يذكر في الحديث أنهم شاطروه على شيء، وإنما كان الرجل متبرعاً بالرقية فرقاه، فبعدما أفاق المرقي أعطوه مائة شاة تكرمه له، هذا وجه هذا الحديث، ليوافق حديث عبادة، فإنه حديث صحيح، وهذا الحديث لا يقاومه في الصحة: فإن قيل: لو سلم لك الأمر فيما ابتغيت من التوفيق بينهما- على ما ذكرت- فكيف يوفق بينهما في غير ذلك المعنى، وهو أن يقال قلت: ولم يذكر في الحديث أنهم شارطوه على شيء، وكان متبرعاً بذلك، فأعطى بعد الرقية مائة شاة، هدية إليه وتكرمه له، وكذلك عبادة علمه القرآن متبرعا به، ثم أهدى إليه القوس هدية [المؤمن إليه المؤمن] فمنعه عن قبلها بأبلغ قول.

قلنا: الفرق بين القضيتين أن عبادة كان من مياسير الصحابة، وقد استفتاه في قولها كالمستشير المفوض أمره إليه، فأشار إليه بما هو الأحق له والأولى به. والرجل حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه بعد أن كان قبل الشياه، وتناول منها وأفناها، وبعد أن رجع من تلك السفرة، ولعله كان من المحاويج فتصدقوا بها عليه، فلم ير لنهيه بعد وقوع الحادثة، أو بعد افتقاره إلى ذلك وجها ثم إن الحديثين، وإن اتفقا في الحكم، فإنهما مختلفان في الصحة، فإن قيل: فإن كان الأمر على ما قدرت، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه بما أشار نظراً له، وشفقة عليه، فعلام أوعده بالعقوبة على صنيع لو أتاه لم يكن آتيا محرماً عليه.

قلنا: نرى أن قوله: (إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها) لم يكن من باب الوعيد بالعقوبة على ارتكاب ذنب، وإنما شبه القوس التي كادت أن تنقض سريرته بالنار المحرقة المفنية لذوات الأشياء، ولما كان من عادة المتسلحة أن يتقلدوا القسى، فيكون عليهم هيئة الطوق، أنزل تلك القوس، إذا تقلد بها منزلة طوق من نار، لما يصيبه [56 أ][بسببها] من بطلان العمل وانتقاص الأجر، وإن يكن المراد منه

ص: 711