الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن
باب الوقوف بعرفة
(من الصحاح)
[1805]
حديث عائشة-رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ..) الحديث: أي يدنو منهم في موقفهم بفضله ورحمته، وفي تخصيص لفظ الدنو بهذا الموضع تنبيه على كمال القرب؛ لأن الدنو من أخص اوصاف القرب.
وفيه: (يباهي بهم الملائكة): المسباهاة هي الفاخرة، [وموضعه] للمخلوقين فيما يترفعون به على أكفائهم، وتعالى الله الملك الحق عن التعزز بما اخترعه ثم تعبده وإنما هو من باب المجاز، أي: يحلهم من قربه وكرامته بين أولئك الملأ، محل الشيء المباهي فيه، ويحتمل أن يكون ذلك في الحقيقة راجعاً إلى أهل عرفة، أي: ينزلهم من الكرامة منزلة تقتضي المباهاة بينهم، وبين الملائكة. وإنما أضاف الفعل إلى نفسه تحقيقاً لكون ذلك من موهبته [والله أعلم]
(ومن الحسان)
[1806]
حديث يزيد بن شيبان-رضي الله عنه: (كنا في موقف لنا بعرفة يباعده عمرو عن موقف
الإمام جدا). الحديث: قوله: (في موقف لنا) يدل على أن قومه كانوا يقفون قبل الإسلام موقفهم ذلك، وقوله (يباعده) أي يجعله بعيداً في وصفه إياه بالبعد. و (جدا) نصب على المصدر، أي: يجد في التبعيد جدا، والتباعد يجيء في كلامهم بمعنى التبعيد، وبه ورد التنزيل:{ربنا باعد بين أسفارنا} .
وفيه: (فأتانا ابن مربع) هو زيد بن مربع الأنصاري من بني حارثة، كذا ذكره الإثبات من علماء النقل. وقيل: عبد الله بن مربع بن قبطي. والميم من مربع مكسور.
وفيه: (قفوا على مشاعركم): المشاعر جمع مشعر، والمراد منها هاهنا مواضع النسك، ويسمى كل موضع من مواضع النسك مشعراً لأنه معلم لعبادة الله.
وفيه: (على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام: أعلمهم أنهم لم يخطئوا سنة خليل الله، وذلك؛ ان قريشاً ومن دان دينهم كانوا لا يرون الخروج عن الحرم للوقفة (38 ب/ج 2) ويقولون نحن قطان الحرم فلا ندعه بحال، وكان غيرهم من العرب يقفون بعرفات، فلما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقف موقفه الذي يقف دونه الإمام، أعلم من وقف بها أنه على منهاج إبراهيم-عليه السلام وأن من بعد موقفه عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم كمن دنا، وذلك منه لمعنيين: أحدهما تسفيه رأي من رأى في الخروج عن الحرم حرجاً للوقفة. والثاني: إعلامهم بأن عرفة كلها موقف لئلا يتنازعوا في مواقفهم، ولا يتوهموا أن الموقف ما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرون الفضل في غيره، فينتهي بهم ذلك إلى التشاجر، وإلى تصور الحق باطلاً ولهذا قال:(وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف) وفي معناه حديث جابر الذي يتلوه.
[1809]
ومنه حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة ..) الحديث: خير الدعاء أي خيره لصاحبه وأنفعه، وذلك لكونه أعجل إجابة، وأجزل ثواباً،
وفيه: (وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..) الحديث
…
إنما سماه دعاء لأنه في معرض الدعاء، وفي معناه. وقد سئل سفيان الثوري عن هذا الحديث فقيل له: هذا هو الثناء فأين الدعاء؟ فأنشد قول أمية بن أبي الصلت في ابن جدعان:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني
…
حياؤك إن شيمتك الحياة
إذا أثنى عليك المرء يوماً
…
كفاه من تعرضه الثناء
وقد ذكرنا فيه وجوهاً في كتابنا الموسوم (بمطلب الناسك)
[1810]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة بن عبد الله بن كريز: (ولا أدحر) أي: أبعد وأذل، والدحور: الطرد والإبعاد، وقد دحره.
وفيه: (رأى جبريل يزع الملائكة) أي يكفهم، فيحبس أولهم على آخرهم.
ومنه الوازع وهو الذي يتقدم الصف فيصلحه ويقدم في الجيش ويؤخر.
وطلحة هذا من تابعي الشام، وأبوه عبد الله، ووجدنا في بعض نسخ المصابيح جعلوا عبيد الله مكان عبد الله، وهو غلط، وطلحة بن عبيد الله هو المشهود له بالجنة [من جملة العشرة المشهود لهم بالجنة-رضي الله عنهم]، وكريز جده، بفتح الكاف وكسر الراء.
[1811]
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه (فتقول الملائكة: يارب فلان كان يرهق) أي يتهم بالسوء، والهاء منه مشددة، وفي حديث أبي وائل: صلى على امرأة كانت ترهق) أي تزن بالهنات،