الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال فهر:
وفارقتك برهن لا فكاك له .... يوم الوداع، وأمسى الرهن قد غلقا
يقال: غلقت الرهن: أوجبته فغلق، أي: وجب للمرتهن، وكان أهل الجاهلية يرون الرهن مستحقا للمرتهن، إذا لم يفتكه الراهن في الوقت المشروط بأداء ما رهن فيه، فلما جاء الله بالإسلام/ [48 أ] أبطل ذلك.
والمراد من الرهن الأول الذي أسند إليه الفعل المصدر، ومن الثاني الشيء المرهون و (غنمه) زيادته ونماؤه، و (غرمه): أداء ما يفك به الرهن، على هذا فسر، وقد فسر:(وعليه غرمه) من يرى الرهن غير مضمون، بأن عليه خسرانه إذا هلك.
وهذا الحديث وجدناه في الكتاب موصولا مسندا إلى أبي هريرة، والظاهر أن ذلك ألحق به، فإن الصحيح فيه أنه من مراسيل سعيد بن المسيب، وعلى هذا رواه أبو داواد في كتابه، ولم يوصله غير ابن أبى أنيسة.
[2042]
ومنه حديث ابن عمر- رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة) المراد منه: أن العبرة [فيما] أوجبه الشرع مكيلا بمكيال أهل المدينة. وقد كانوا أصحاب زروع ونخيل، يتعاملون بالمكاييل، وليس ذلك في عموم ما يكال، بل في القسم المذكور مثل: صدقة الفطر، وما أوجبه الشرع من الإطعام في الكفارات ونحو ذلك، وكذلك في العبرة بميزان أهل مكة، فيما ورد به التوقيف من نصب الذهب ونحوه، فإنهم كانوا أصحاب تجارات.
[2043]
ومنه حديث ابن عباس- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان .. الحديث) الصحيح في إسناد هذا الحديث أنه موقوف على ابن عباس، ولم يرفعه غير الحسين ابن قيس، وهو ضعيف.
ومن
باب الاحتكار
(من الصحاح)
[2044]
حديث معمر بن عبد الله بن نضلة العدوى- رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من
احتكر فهو خاطئ) الاحتكار: جمع الطعام وحبسه يتربص به الغلاء، وهو الحكرة- بالضم- وقوله:(خاطئ) أي: آثم. يقال: خطئ، يخطأ، خطا، وخطاة على (فعلة): إذا تعمد الذنب. ومن ذلك قوله تعالى: {إن قتلهم كان خطئا كبيرا} أي: ذنبا كبيرا. والاسم الخطيئة على (فعيلة). ولك أن تشدد الياء. وأخطأ: إذا تعاطي الخطأ، وهو نقيض الصواب، من غير تعمد.
وقد اختلف أهل العلم في الجنس الذي يكون فيه الاحتكار، والأكثرون على أنه في الطعام، وهذا القول هو الذي ينصره الوضع اللغوي.
واختلفوا فيما يستغله من ضيعته، أو يجلبه من بلد إلى بلد، فيتربص به زيادة السعر، هل يصير به آثما؟ فالأكثرون علة أنه خارج عن القسم المنهي عنه، ويرون القسم المنهي (48 ب) ما يعترض فيه سوق المسلمين، ويدخل الضرر عليهم في أسعارهم.
[2045]
ومنه حديث عمر- رضي الله عنه كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة .. الحديث) بنو النضير: حي من يهود المدينة، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدمته على المدينة، أن لا يكونوا له ولا عليه، فلما وقعت وقعة أحد طارت في رءوسهم نعرة الخلاف، ومناهم المنافقون، فنكثوا العهد، وسار زعميهم الخبيث كعب بن الأشرف في رجال منهم إلى أهل مكة، فحالفوهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة الأنصاري في نفر الأنفار إليه ليقتله، فقتله ليلا، فصبحهم بالكتائب، فحاصرهم حتى قذف الله الرعب في قلوبهم، وأيسوا من نصر أجلب عليهم البلاء من المنافقين، بإطماعهم في النصر، فطلبوا الصلح فأبي عليهم إلا الجلاء، فجلوا إلى أريحا وأذرعات من الشام وإلى خيبر، إلا طائفة منهم لحقت بالحيرة، فأفاء الله أموالهم على رسوله. أي: جعلها فيئا لهم، والفيء: الغنيمة التي لا يلحق في حيازتها مشقة، أخذ من الفيء والفيئة وهو الرجوع. ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خص من ذلك بشيء لم يكن لغيره فكان له أن يستبد به دون غيره، وكان هذا القول من عمر- رضي الله عنه حين تقاول علي والعباس- رضي الله عنهما فيما تقاولا من مال الفيء.
وفيه: (ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع): اسم لجمع الخيل، وتعلق هذا الحديث بهذا الباب هو: أن حبس الطعام لنفقة العيال إلى تمام السنة ليس من الاحتكار في شيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
[2047]
ومنه حديث أنس- رضي الله عنه: (غلا السعر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث) سمى سعرا تشبيها باستعار النار؛ لأن سعر السوق يوصف بالارتفاع، وسعرت وأسعرت، أي: فرضت وقدرت