المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق والتوديع - الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي - جـ ٢

[التوربشتي]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الجنائز

- ‌ باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ باب تمني الموت وذكره

- ‌ باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ باب دفن الميت

- ‌ باب البكاء على الميت

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌ باب ما تجب فيه الزكاة

- ‌ باب صدقة الفطر

- ‌ باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ باب من تحل له المسألة

- ‌ باب الإنفاق وكراهية المسألة

- ‌ باب فضل الصدقة

- ‌ باب إخفاء الصدقة

- ‌ من لا يعبد في الصدقة

- ‌ كتاب الصوم

- ‌ باب رؤية الهلال

- ‌ باب تنزيه الصوم

- ‌ باب صوم المسافر

- ‌ باب صيام التطوع

- ‌ باب الاعتكاف

- ‌ كتاب فضائل القرآن

- ‌ كتاب الدعوات

- ‌ باب ذكر الله تعالى

- ‌ باب أسماء الله تعالى

- ‌ باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل

- ‌ باب الاستغفار والتوبة

- ‌ باب الدعوات في الأوقات

- ‌ باب الاستعاذة

- ‌ باب جامع الدعاء

- ‌ كتاب المناسك

- ‌ باب الإحرام والتلبية

- ‌ باب دخول مكة والطواف

- ‌ باب الوقوف بعرفة

- ‌ باب الدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌ رمي الجمار

- ‌ باب الهدى

- ‌ باب الحلق

- ‌ باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق والتوديع

- ‌ باب الإحصار وفوت الحج:

- ‌ باب حرم مكة

- ‌ باب حرم المدينة

- ‌كتاب البيوع

- ‌ باب الكسب وطلب الحلال

- ‌ باب المساهلة في المعاملة

- ‌ باب الخيار

- ‌ باب الربا

- ‌ باب المنهي عنه من البيوع

- ‌ باب السلم والرهن

- ‌ باب الاحتكار

- ‌ الإفلاس والإنظار

- ‌ باب الشركة والوكالة

- ‌ الغضب والعارية

- ‌ باب الشفعة

- ‌ باب المساقاة والمزارعة

- ‌ باب الإجارة

- ‌ باب إحياء الموات والشرب

- ‌ باب اللقطة

- ‌ باب الفرائض

- ‌ باب الوصايا

الفصل: ‌ باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق والتوديع

ومن‌

‌ باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق والتوديع

(من الصحاح)

[1861]

حديث أبي بكر-رضي الله عنه قال: خطبنا [رسول الله] يوم النحر، فقال: (الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض

الحديث):

الخطب والمخاطبة والتخاطب: المراجعة في الكلام [44/أ]

ومنه الخطبة والخطبة. لكن الخطبة-بالضم- تختص بالموعظة. فقوله: (خطبنا) مكان قوله: وعظنا. و (الزمان) اسم لقليل الوقت وكثيره، وأراد به هاهنا السنة، واستدارة الزمان: دورة بالشهور الهلالية، التي يدور عليها حساب السنة، واستدار ودار واحد، وأراد باستدارة الزمان: عود الأمر فيه إلى أصل الحساب، وبطلان ما ابدعه أهل الجاهلية من النسيء فإنهم كانوا ينسئون الحج في كل عامين من شهر إلى شهر آخر، ويجعلون الشهر الذي أنشأوا فيه ملغي، فتكون تلك السنة ثلاثة عشر شهراً، ويتركون العام الثاني على ما كان عليه الأول، سوى أن الشهر الملغي في الأول لا يكون في العام الثاني، ثم يصنعون في العام الثالث صنيعهم في الأول، ويتركون الرابع على ما تركوا عليه العام الثاني، وعلى هذا إلى تمام الدور، فيستدير حجمهم في كل خمسٍ وعشرين سنة إلى الشهر الذي بدئ منه، ولهذا تخبط عليهم حساب السنة، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله-تعالى أدحض أدحض أمر النسيء، وأن حساب السنة قد استقام، ورجع إلى

ص: 625

الأصل الموضوع يوم خلق السموات والأرض. وقوله: (السنة اثنا عشر شهراً) تأكيد في إبطال أمر النسيء، فإنهم كانوا يجعلون السنة الأولى من كل سنتين ثلاثة عشر شهراً-على ما ذكرنا. وفيه (ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان) إنما أضافه إلى مضر؛ لأنهم كانوا يتشددون في تحريمه، ولا يستحلونه استحلال غيره، ولا يوافقون غيرهم من العرب في استحلاله. وأما تفريقه بالذي بين جمادى وشعبان؛ فلإزاحة الارتياب الحادث فيه من النسيء.

وفيه: (أي شهر هذا؟) قالوا: الله ورسوله أعلم.

قلت: إحالتهم الجواب عليه فيما استبان أمره وتحقق، نوع من الأدب بين يدي من حق عليهم التأدب بين يديه. ثم إنهم لم ييأسوا من أن يكون في الأمر المسئول عنه علم لم يبلغ إليهم، فأحالوا العلم على علام [20 أ] الغيوب، ثم إلى المستأثر من البشر بنوع من ذلك العلم، وينبئك عن هذا المعنى قول بعضهم: حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فإن قيل: في بعض الروايات في خطبة ذلك اليوم، أنه قال:(أي شهر هذا؟) قالوا: (ذو الحجة. وفي بعضها (شهر حرام).

قلنا: كان صلى الله عليه وسلم يومئذ بين بشر كثير لا يضبطهم ديوان، ولا ينالهم حسبان، حتى أقام في كل صقع من يبلغ عنه ما أداه الصوت إليه، إلى من بعد عنه فلم يبلغه.

والاختلاف الذي في هذه الألفاظ لم يوجد في رواية راو واحد، بل في رواية أناس شتى، فالذي يروى قولهم:(الله ورسوله أعلم) إنما يرويه ممن كسان يليه من أهل العلم والخشية، الذين اكرمهم الله بحسن الأدب، وألزمهم كلمة التقوى، وكانوا أحق بها وأهلها. والذي يروى مبادرتهم إلى ما سكت عنه الآخرون، فإنه يرويه على ما بلغه من أوفاض الناس، أو غمار الأعراب.

وفيه: (أليس البلدة؟) وفي كتاب البخاري أيضاً: (أليست بالبلدة؟) قيل: إن البلدة اسم خاص بمكة، عظم الله حرمتها. ويؤيد ذلك هذا الحديث.

ووجه تسميتها بالبلدة- وهي تقع على سائر البلدان - أنها البلدة الجامعة للخير، المستحقة أن تسمى بهذا الاسم؛ لتفوقها سائر مسميات أجناسها، تفوق الكعبة- في تسميتها بالبيت- سائر مسميات أجناسها، حتى كأنها هي المحل المستحق للإقامة بها، من قولهم: بلدن بالمكان، أي: أقام.

وفيه: (فإن دماءكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا .. الحديث) أعراضكم، أي: أنفسكم وأحسابكم، فإن العرض يقال للنفس. يقال: أكرمت عنه عرضي، أي: صنت عنه نفسي، والعرض: الحسب. يقال: فلان نقي العرض، أي: برئ أن يشتم أو يعاب، والعرض: رائحة الجسد وغيره، طيبة كانت أو خبيثة. يقال: فلان طيب العرض، ومنين العرض.

ص: 626

ومعنى الحديث: أن استباحة دم المسلم وماله وانتهاك حرمته في عرضه حرام عليكم، وإنما شبهها في الحرمة بهذه الأشياء، لأنهم كانوا لا يرون استباحة تلك الأشياء وانتهاك حرمتها بحال، وإن تعرضوا لشيء منها باستباحة تعرضوا له متسترين بالتأويل، وإن كان فاسداً.

[1863]

ومنه: حديث ابن عمر-رضي الله عنه أنه كان يرمي جمرة الدنيا بسبع حصيات) الجمرة: واحد جمرات المناسك، وهي ثلاث جمرات، واحدة منها جمرة ذات العقبة، وهي مما يلي مكة. ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة ذات العقبة، وبعد يوم النحر يرمي الثلاث. والسنة فيها ما ذكر في الحديث. و (الدنيا) هي التي بدأ بها ووصفها بالدنيا، لكونها أقرب غلى منازل النازلين عند مسجد الخيف، وهنالك كان مناخ النبي صلى الله عليه وسلم أو لأنها أقرب من الحل من غيرها. وإضافتها إلى الدنيا كإضافة المسجد إلى الجامع، ويحتمل أن يكون فيه حذف، أي جمرة البقعة الدنيا كقولك: حق اليقين، أي: حق الشيء اليقين.

[1865]

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس-رضي الله عنه: (لولا أن تغلبوا؛ لنزلت حتى أضع الحبل على هذه

(الحديث) أعلمهم أن الذي يكدحون فيه، من سقاية الحاج بمكان العمل]

{[ما دمتم حرماً]} : صيد المحرمين دون غيرهم لأنهم هم المخاطبون؛ واستدل بقول عمر رضي

ص: 627

الله عنه لأبي هريرة، حين أفتى المستفتي في أكل المحرم لحم صيدٍ صيد له بغير إذنه؟ فأخبر عمر- رضي الله عنه بمسألة الرجل، فقال: بما أفتيته؟ فقال: بأكله، فأقسم بالله أنه لو أفتاه بغير ذلك لعلاه بالدرة، وقال: لو لم يعلم عمر صحة ذلك من قبل التوقيف، لم يكن ليقسم على التعزير فيما خولف فيه من طريق الاجتهاد.

ص: 628

واستدل أيضاً-بحديث طلحة، وهو حديث صحيح: (أنه كان في سفر، فأهدى لهم طير وهم محرمون، فتورع بعضهم عن أكله، فاستيقظ طلحة، فأخبر به فوفق من أكله، وقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لو لم يعلم طلحة بقاء الحكم في ذلك على ما في الحديث، لم يشهد بالإصابة لمن أكله.

ص: 629

وأما ما ينافيه من حديث جابر الذي ذكر فقد قال الطحاوي: إن ثبت ولا أراه يثبت؛ لأن الراوي عن جابر هو المطلب بن عبد الله بن حنظب، ولم يعرف له سماع عن جابر، فتأويل قوله:(أو يصاد لكم) أي بأمركم.

ص: 630

وقال فى حديث الصعب: (لا نرى العمل به للاختلاف فيه وقد رواه بعضهم: حماراً وحشياً وبعضهم: (مذبوحا) وبعضهم: (من لحم الحمار)، وبعضهم:[حمار].

قلت: وكل هذه الاختلافات رواها مسلم فى كتابه، سوى (مذبوحاً) وروى مسلم- أيضاً -[حمار].

ص: 631

وقد وجدت الخطابي شرح هذا الحديث فى كتاب (الاعلام) قال: وفيه دليل على أن من ملك صيداً فأحرم، كان عليه إرساله.

قلت: وذلك لانه رأى أن الحمار لم يكن مذبوحاً، وإنما كان يسلم له هذا التأويل لو سلم الحديث من الاختلافات التى ذكرناها، ولو سلم كان حجة لأبى حنيفة ومن ذهب مذهبه فى أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما رد عليه لأنه لم ير أن يمسكه، ولا أن يذبحه، ولا أن يأمر به.

[1895]

ومنه: حديث عائشة - رضى الله عنها - عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (خمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم. . . الحديث).

(خمس): منونة، ومنهم من يرويه على الإضافة، والصحيح هو الأول، ويدل عليه رواية البخارى فى إحدى طرقه:(خمس من الدواب كلهن فاسق) أى: كل واحدة وواحد منها فاسق، وأراد بالفسق: خبئهن وكثرة الضرر فيهن.

وإنما خص هذه الخمس من الدواب المؤذية والضارية وذوات السموم، لما أطلعه الله عليه من مفاسدها، أو لأنها أقرب ضرراً إلى الإنسان، وأسرع فى الفساد [44/ب] وذلك لعسر تمكن الإنسان من دفعها والإحتراز عنها، فإن منها ما يطير فلا يدرك، ومنها ما يختبئ فى نفق من الأرض كالمنتهز للفرصة، فإذا مكن من الضرر تبادر إليه، وإذا أحس بطلب استكن، ومنها ما لا يمتنع بالكف والزجر، بل يصول صولة العدو المباسل، وقد يصيب المعرض عنه بالمكروه، كما يصيب المتعرض له، ثم إنه متمكن عن الهجوم على الإنسان [. . . . . .].

ولا كذلك السباع العادية، فإنها متنفرة عن العمرانات، وفى أماكنها يتخذ الإنسان منها حذره.

(والغراب الأبقع) الذى فيه سواد وبياض.

فإن قيل: خص فى هذا الحديث الأبقع، وفى حديث ابن عمر قال:(الغراب)، فما الوجه فيه؟

قلنا: يحتمل أنه يخص الأبقع بالذكر، لأنه أكثر [ضرراً]، وأسرع فساداً.

ص: 632

ويحتمل: أنه خصه، لأنه لم يجعل حكم سائرها كذلك، ومن الدليل على ذلك: أن كثيراً من العلم أستثنى عنها غراب الزرع؛ لأنه مأكول اللحم، فلا يتعرض إلا على وجه التذكية المبيحة.

ويحتمل: أن المراد من الغراب فى حديث ابن عمر هو الأبقع، فلا يوفى البان حقه، لمعرفة المخاطبين، أو لم يضبطه بعض الرواة، فيرد المطلق إلى المقيد، ويستثنى من الغربان غراب الزرع؛ للمنفعة التى فيه وقلة الضرر.

(ومن الحسان)

[1897]

حديث أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم:(الجراد من صيد البحر):

يقال: إن الجراد يتولد من الحيتان كالديدان، فيدسرها البحر إلى الساحل؛ ولهذا الحديث جوز بعض العلماء أن يصيده المحرم، وأما من لم يجوز فيقول: إنه من صيد البر، لاستقراره فيه ولوجوده فى الأرض وتقوته بما تخرجه الأرض من نباتها وثمراتها.

قلت: وحديث أبى هريرة هذا محتمل لمعنى أخر، سوى ما ذهبوا إليه، وهو أن نقول: أراد أنه من صيد البحر، لمشاركته صيد البحر فى حكم الأكل منه من غير تذكية على ما ورد به الحديث:(أحلت لنا ميتتان) وهذا الحديث مع احتماله التأويل فيه ضعف من جهة الراوى عن أبى هريرة - رضى الله عنه - وهو أبو المهزم يزيد بن سفيان البصرى، ضعفه شعبة وغيره من أئمة الجرح والتعديل، ونسأل الله التجاوز عن هذا التعرض.

ص: 633