الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم المعاني
(معاني النحو فيما بين الكلم)
عرفت أن علم المعاني هو بعينه نظرية النظم البلاغي التي أدار عليها عبد القاهر كتابه دلائل الإعجاز، وأنهم قد أخذوا لفظة "المعاني" من قول عبد القاهر: النظم هو تتبع معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يصاغ لها الكلام.
وقد عرف البلاغيون علم المعاني بأنه "علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال" وأحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال، هي ما يعرض له من تقديم، وتأخير، وتعريف، وتنكير وغير ذلك.
وهناك أحوال للفظ ليست بهذه ص 118، كالإعلال، والإدغام، والرفع والنصب وما أشبه ذلك مما لابد منه في تأدية المعنى؛ ولكنها ليست مما يبحث في علم المعاني، بل إنها تبحث في علمي: النحو والصرف.
على أن علم النحو قد درس أحوال التقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، وغيرها مما يدرسه علم المعاني، ولكنه قد درسها من ناحية أخرى، فقد درس جواز التقديم وامتناعه ووجوبه، وجواز الحذف وامتناعه ووجوبه، وأنواع التعريف وأحكام التنكير، ولكنه لم يتناولها من حيث وقوعها مطلباً بلاغياً يقتضيه المقام، وتدعو إليه الحال:
وهذا هو الفرق بين البلاغة والنحو: موضوعات البلاغة تبحث في علم النحو، ولكن النحوي يبحثها من حيث الصحة وعدمها، والبلاغي يبحثها من حيث مطابقتها لأحوال السامعين.
وقد حصر البلاغيون علم المعاني في ثمانية الأبواب التالية.
أولاً: أحوال الإسناد الخبري.
ثانياً: أحوال المسند إليه.
ثالثاً: أحوال المسند.
رابعاً: أحوال متعلقات الفعل.
خامساً: القصر.
سادساً: الإنشاء.
سابعاً: الفصل والوصل.
ثامناً: الإيجاز والإطناب والمساواة.
والسر في انحصار علم المعاني في هذه الأبواب الثمانية: أنهم تتبعوا العبارة من جميع جوانبها وكل أحوالها:
فالكلام: إما أن يكون خبراً، وهو، ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، أي بقطع النظر عن قائله، سواء أكان مقطوعاً بصدقه أو كذبه، وإما أن يكون إنشاء، وهو: ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.
فالأول: هو الخبر، والثاني هو الإنشاء.
ثم الخبر: لابد له من إسناد، ومسند إليه، ومسند.
وأحوال هذه الثلاثة هي الأبواب الثلاثة الأولى.
ثم المسند قد يكون له متعلقات - إذا كان فعلاً أو شبهه - فهذا هو الباب الرابع.
ثم الإسناد والتعليق، كل واحد منهما إما أن يكون بقصر، وإما أن يكون بغير قصر، وهذا هو الباب الخامس.
والإنشاء، هو الباب السادس.
ثم إن الجملة - إذا قرنت بأخرى - فتكون الثانية إما معطوفة على الأولى وإما غير معطوفة، وهذا هو الباب السابع.
ولفظ الكلام البليغ إما أن يكن زائداً على أصل المعنى المراد لفائدة، وإما أن يكون غير زائد عليه، وهذا هو الباب الثامن.
وسوف نتناول في هذه الدراسة:
(1)
أحوال الإسناد الخبري.
(2)
أحوال المسند إليه.
(3)
أحوال المسند.
(4)
أحوال متعلقات الفعل.