الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الغيبة؟ قلت: المبالغة، كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويستدعي منهم الإفكار والتقبيح" (1).
ولهذا فإننا نرى أن الالتفات وإن كانت له فوائد جليلة يقتضيها المقام، إلا أنه - أيضاً - يثير انتباه السامع ويجدد نشاطه للإصغاء إلى تلك الفوائد: فيتقبلها في شوق المنتظر، ولهفة المتطلع، فتستقر في قلبه وتتمكن منه فضل تمكن.
وإليك صور الالتفات كما تصورها جمهور البلاغيين:
الصورة الأولى:
الالتفات من التكلم إلى الخطاب
، وذلك كما في قول الله تعالى:{وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فقد عبر عن المعنى أولاً بطريق التكلم، فقال:{وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} ثم التفت فعبر عنه بطريق الخطاب، فقال:{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وكان مقتضى الظاهر أن يقول: {} ؛ وذلك لما في الالتفات من فائدة تحذيرهم من أنهم راجعون إلى الله تعالى: فكأنه قال: كيف لا تخافون من ترجعون إليه فيحاسبكم على ما قدمتم؟ استمع إلى قول اياس بن الأرت في الرثاء (2):
لوما رأيت الصبح أقبل وجهه
…
دعوت أبا أوس فما أن تكلما
وحان فراق من أخ لك ناصح
…
وكان كثير الشر، للخير قواماً
تتابع قرواش بن ليلى وعامر
…
وكان السرور يوم ماتا مذمماً
(1) الكشاف 2/ 231.
(2)
ديوان الحماسة لأبي تمام 1/ 430.