المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

ولو غرب بما يرى صح والمريض يرجم ولا يجلد حتى يبرأ والحامل لا تحد حتى تلد وتخرج من نفاسها لو كان حدها الجلد.

‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

لا حد.

ــ

عن الوطء لأنه سبحانه وتعالى إنما جعل جزاء غير المحصن، الجلد والجزاء هو الكافي (ولو غرب) الإمام (بما يرى) من التغريب (صح) أي: جاز على أنه تعزير سياسة وعلى هذا حمل النفي المروي / عن بعض الصحابة ولا يختص هذا بالزنا بل [301/أ] يجوز في كل جناية كذا في (الكافي)، وفي (النهاية) المراد الحبس وعليه قوله:

وإني وقيار بها لغريب

أي: محبوس وهذا أحسن وأسكن من التغريب لأنه يعود على موضعه بالنقض، وحمل النفي في قطاع الطريق عليه، (والمريض) إذا كان محصنا وزنا (يرجم) لأنه أسرع للإتلاف فلا يؤخر المريض (ولا يجلد) إن لم يكن محصنا (حتى يبرأ) لأنه شرع زجرا لا متلفا والجلد فيه ربما كان متلفا ولذا قلنا: إنه لا يقطع عند شدة الحر والبرد واستثنى في (الظهيرية) ما إذا وقع اليأس من برئه فيقام عليه ولو كان نحيف البدن يقام عليه بقدر ما يطيق وما مر عن (الظهيرية) من أنه يؤخر إلى برئه محمول على ما إذا لم يطق ذلك (والحامل لا تحد) لكن تحبس إذا كان زناها ثابتا بالبينة لا بالإقرار (إلى أن تلد) فإن كانت محصنة رجمت لوقتها، وعن الإمام أنها تؤخر إلى استغناء الولد عنها حيث لم يكن له أحد، وبهذه الرواية جزم في (المختار) ولعمري إنها من الحسن بمكان وإن غير محصنة جلدت إذا خرجت من نفاسها وهذا القيد علم مما مر إذ النفاس نوع مرض فيؤخر إلى زمان البرء والله الموفق للصواب.

باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

لقيام الشبهة فيه قدم حد الزنا الموجب للحد وهذا الباب لتفاصيله، ولما كان الخلو عن الشبهة مأخوذا في تعريفه ومنها ما لا يعتبر شبهة بدأ ببيان الشبهة، وهي ما يشبه الثابت وليس بثابت ثم أصحابنا قسموها قسمين: شبه في الفعل وتسمى شبهة اشتباه ومشابهة أي: شبهة في حق من اشتبه عليه دون ما لم يشتبه، وشبهة في المحل وتسمى شبهة حكمية وشبهة ملك أي: الثابت شبهة حكم الشرع محل الحمل كذا في (الفتح) وجعلها الشارح وغيره ثلاثة فزاد الشبهة في العقد والتحقيق هو الأول لأنها لا تخرج عنهما كما سيأتي وهو ظاهر ما في (الكتاب) لمن تأمل (لا حد) على

ص: 135

بشبهة المحل وإن ظن حرمته كوطء أمة ولده وولد ولده ومعتدة الكنايات، ولشبهة الفعل إن ظن حله كمعتدة الثلاث وأمة أبويه وزوجته وسيده.

ــ

الزاني (بشبهة المحل) وهي المنافية للحرمة ذاتا على معنى أنا لو نظرنا إلى الدليل مع قطع النظر عن المانع يكون منافية للحرمة (وإن ظن حرمته طوكئ أمة ولده وولد ولده) لأن قوله عليه الصلاة والسلام: (أنت ومالك لأبيك) ينفي الحرمة فيهما (و) وطء (معتدة الكنايات) لأن رأي بعض الصحابة أنها رواجع، ودخل في الكنايات الخلع إذا خلا عن المال لما قلنا كما صرح به النسفي في (جامعه) وأفاد بالكاف إلى أن منها غير ذلك كالجارية المبيعة والمجهولة مهرا إذا وطئها البائع والزوج قبل التسليم أو بعده في الفاسد والمشتركة بينه وبين غيره، وأمة عبده المأذون المديون ومكاتبه والتي فيها خيار للمشتري والتي هي أخته من الرضاع أو جاريته قبل الاستبراء، والزوجة التي حرمت بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه لأمها لأن بعض الأئمة لم يحرم به فجعل بعضهم المسائل ستة مقتصرا عليها مما لا فائدة فيه، ومنها الجارية في الغنيمة إذا وطئ أحد الغانمين، سواء كان ذلك قبل الإحراز بدار الإسلام أو بعده كما في (البدائع).

ولو قتلت الأمة رجلا عمدا فزنى بها ولي الجناية ولم يدع شبهة لا يحد ولو خطأ قبل أن يختار المولى شيئا فإن اختار الفداء حد إجماعا وإن اختار دفعها، ففي القياس يحد وبه أخذا، وفي الاستحسان لا يحد وبه أخذ الثاني، كذا في (الظهيرية)(و) لا حد عليه أيضا (لشبهة الفعل) وثبت باشتباه غير الدليل دليلا لم يقل بظن لأن ذلك الظن هو نفس الشبهة، كذا في (إيضاح الإصلاح) (إن ظن حله) الأولى أن يقال: ادعى الحل لأن العبرة لدعوى الظن وإن وجد في نفسه (كمعتدة) الطلاق (الثلاث) أو البائن على مال وكذا المختلعة، أما البائن على غير مال فمن الحكمية (وأمة أبويه) أراد بالأب والأم الأصل فدخل أمة جده (وجدته) وإن عليا، (و) أمة (سيده) وأم ولده التي أعتقها وهي في عدته، والمرتهن يطأ المرهونة في رواية كتاب الحدود وهي المختار، ومستعير الرهن هنا بمنزلة المرتهن فإن قال المرتهن: علمت حرمتها لا حد عليه أيضا في رواية كتاب الرهن لأن استيفاء الدين يقع بها عند الهلاك وقد انعقد له سبب الملك في الحال فصار كالمشتراة بشرط الخيار.

وفي (الظهيرية) زنى بالمغصوبة ثم ضمن قيمتها لا حد عليه ولو زنى بأمة ثم [301/ب] اشتراها حد في ظاهر الرواية وعن الإمام في (الأمالي) أنه لا يحد ويحد في قول / أبي يوسف وقياس هذا أنه يحد في المغصوبة عندهما خلافا له انتهى. وينبغي أن الراهن

ص: 136

والنسب يثبت في الأولى فقط وحد بوطء أمة أخيه وعمه وإن ظن حله وامرأة وجدت في فراشه لا بأجنبية؛ زفت وقيل: هي زوجتك. .....

ــ

لو أذن في الوطء ظانا الحل فلا حد اتفاقا ولم أر ما لو وطئ الموقوف عليه الموقوفة ظانا الحل وينبغي أن لا يحد أيضا قيد بالظن لأنه لو قال: علمت الحرمة وجب الحد فلو ادعى أحدهما الظن والآخر لم يدع ل حد عليهما حتى يقرا جميعا بعلمهما بالحرمة، (والنسب يثبت في) النوع (الأول فقط) إن ادعاه دون الثاني وإن ادعاه لأن الفعل فيه تمحض زنا الفرض أن لا شبهة ملك إلا أن الحد يسقط لظنه فضلا من الله وهو أمر راجع إليه لا إلى المحل، ولذا لم تجب به عدة ولم تتمحض في الأول، وهذا الإطلاق مقيد بغير المطلقة ثلاثا لما مر في ثبوت النسب من أن نسب ولد معتدة الثلاث يثبت بغير دعوة إذا جاء ت به لأقل من سنتين ويحمل على وطئ سابق على الطلاق، فإن جائت به لأكثر لا يثبت إلا بالدعوة ويحمل على أنه وطئها في العدة بشبهة عقد وما في (الشرح) من أنه يثبت أيضا بوطء أجنبية زفت وقال النساء هي زوجتك فظهر بخلافه من أن الشبهة في الفعل رأي طائفة وسيأتي ما فيه، (ويحد بوطء أمة أخيه) وأخته (وعمه) وعمته وكذا سائر محارمه سوى الولاء.

(ولو ظن الحل) لانتفاء الشبهة في الملك وفي الفعل لعدم انبساط كل بمال الآخر فدعوى ظنه الحل غير معتبرة، وأورد أنه لو سرق من هو لا يقطع، فظاهر أن بينهما انبساطا وأجيب بأن القطع منوط بالأخذ من الحرز وهو منتف لدخوله في بيتهم بلا استئذان عادة، أما الحد فمنوط بعدم الحل وشبهته وهو ثابت هنا (و) بوطء (امرأة) أجنبية (وجدت في فراشه) وقال: ظننتها زوجتي ولو كان أعمى إذ بطول الصحبة لا تشتبه عليه زوجته والأعمى عين بالحركات المألوفة إلا إذا دعاها فأجابته أجنبية قائلة: أنا زوجتك أو أنا فلانة فواقعها لأن الإخبار دليل وقيدوا بقولها لأنها لو أجابت بالفعل ولم تقل ذلك فواقعها وجب الحد كذا في (الإيضاح) وبأنا زوجتك ونحوه لأنها لو اقتصرت الجواب بنعم فوطئها حد، لأنه يمكن التمييز بأكثر من ذلك كذا في (الفتح) (لا) يحد (بأجنبية) أي: بوطئها (زفت) أي: بعثت إليه لم يقل.

وقلت: لأن خبر الواحد كان، كذا في (إيضاح الإصلاح) (هي زوجتك) بذلك قضى علي رضي الله عنه ولم يعلم فيها خلاف قيل: الشبهة هنا شبهة اشتباه وعليه جرى الشارح ويشكل عليه أن النسب لا يثبت فيها وقد أثبتوه هنا، وأيضا لا بد في سقوط الحد معها من دعوى ظن الحل كما مر، ومن ثم جزم في (العناية) بأن هذا من الشبهة في المحل لأن الفعل صدر منه بناء على دليل أطلق الشارع له العمل به وهو

ص: 137

وعليه مهر وبمحرم نكحها.

ــ

الإخبار بأنها امرأته فجعل الملك كالثابت لدفع ضرر العذر لكن يلزم عليه أنه لو قال: علمتها حراما علي لعلمي بكذب النساء إنه لا يحد.

قال في (الفتح): والحق هو الأول لانعدام الملك من كل وجه وكون الإخبار مطلقا للجماع شرعا ليس هو الدليل المعتبر في شبهة المحل بل هو ما اقتضاه ثبوت الملك، نحو أنت وما لك لأبيك على ما مر (وعليه مهرها)، لأن الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن حد أو مهر وقد سقط الحد فوجب المهر إلا في وطء جارية الابن إذا علقت منه وادعى النسب، وفيما إذا وطء البائع المبيعة قبل التسليم ذكرهما في (الزيادات) وينبغي أن لا يجب بوطء جارية السيد لأن المولى لا يجب له دين على عبده إلا أن يقال وجب ثم سقط، كذا في (الشرح).

ولو وطئ العبد سيدته بشبهة ينبغي أن لا مهر أيضا أخذا من المولى ولا يستوجب على عبده حقا، زاد في (الأشباه) ما لو نكح صبي بالغة حرة بغير إذن وليه ووطئها طائعة فلا حد ولا مهر أيضا وعلله في (المجتبى) بأن قول الصبي غير معتبر، وقال في (البحر): ولا يرد يعني على ما في (الشرح) ما لو زنى صبي بامرأة بالغة مطاوعة قالوا: لا حد عليه ولا مهر لإسقاطها حقها حيث مكنته لأن المهر وجب لكن سقط لما ذكرنا انتهى.

وهذا إنما يأتي فيما لو نكحها أيضا وفيها لو وطئ حربية أو وطئ الموقوف عليه الموقوفة أو وطئ المرتهن بإذن الراهن ففي هذه الثلاث ينبغي أن لا يجب المهر أيضا، ولم أره انتهى وأنت قد علمت بأن مسألة الرهن منقولة ففي رواية كتاب الحد وهو الراجح وهذا بإطلاقه يعم ما لو أذن الراهن إذ الفروج لا تباح له، وعلى رواية [302/أ] كتاب الرهن لا يجب وهذا مع الإذن أولى لا يجب / أيضا (بمحرم) أي: لو وطئ محرم نسبا أو رضاعا أو صهرية ومعتدته ومطلقته الثلاث بعد التزوج ومنكوحة الغير كالمحرم، كذا في (الكافي) (نكحها) أي: عقد عليها عند الإمام علم بالحرمة أو لا وقالا: إن علم حد، قيد بالمحرم لأنه لو تزوج أمة على حرة أو بلا إذن سيدها أو تزوج عبده بلا إذن أو تزوج مجوسية فلا حد عليه اتفاقا، أما عنده فظاهر، وأما عندهما لأن الشبهة إنما تنتفي عندهما إذا كان مجمعا على تحريمه وهي حرام في التأبيد، كذا في (الكافي).

قال في (الفتح): وهذا التعليل يقتضي أن يحد عندهما في تزوج منكوحة الغير ومعتدته ومطلقته الثلاث مع جعلها فيه كالمحرم، والذي يغلب على ظني أنه لا يحد عندهما وعبارة الحاكم في (الكافي) تفيد ذلك حيث قال: رجل تزوج امرأة لا

ص: 138

وبأجنبية في غير القبل وبلواطة.

ــ

يحل له نكاحها فدخل بها لا حد عليه وإن فعله على علم لم يحد أيضا ويوجع عقوبة في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: إن علم بذلك فعليه الحد في ذوات المحارم انتهى. وظاهر أنه لا يحد اتفاقا في نكاحه بلا إذن ولي وبلا شهود والخلاف يرجع إلى ثبوت محلية النكاح للمحارم وعدمه فعنده هي ثابتة على معنى أنها محل العقد لا بالنظر إلى خصوص عاقد لقبولها مقاصده من التوالد فأورث شبهة ونفياها على معنى أنها ليست محلا لعقد هذا العاقد فلم يورث شبهة، وهذا ظاهر في أنهما لم يتوارد في المحلية على محل واحد وعرف بهذا شبهة، وهذا أن المحلية لها إطلاقان وعلى هذا فما قدمناه من أن شرطة المحلية وهي الأنثى من بنات آدم التي لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، وكذا قول الأصوليين إن النهي عن نكاح المحارم مجاز عن النفي لعدم محله لو آذاو بها المعنى الثاني قال الإسبيجابي: والصحيح قول أبي حنيفة لكن قال أبو الليث: وبقولهما نأخذ، وفي (السراجية) وعليه الفتوى.

قال في (الفتح): ولعل وجهه أن تحقق الشبهة يقتضي تحقق الحل من وجه لأن الشبهة لا محالة شبهة الحل لكن حلها ليس بثابت من وجه وإلا وجبت العدة وثبت النسب، ودفع بأن من المشايخ من التزم ذلك وعلى التسليم فثبوت النسب والعدة أقل ما ينبني عليه وجود الحل من وجه وهو منتف في المحارم وشبهة الحل ليس إلا بثبوت الحل من وجه فإن الشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت فلا ثبوت لما له شبهة الثبوت بوجه من الوجوه، ألا ترى أن أبا حنيفة ألزم عقوبته بأشد ما يكون وإنما لم تثبت عقوبة هي الحد فعرف أنه زنا محض إلا أن فيه شبهة فلا يثبت نسبه انتهى. وهذا إنما يتم بناء على أنها شبهة اشتباه.

قال في (الدراية): وهو قول بعض المشايخ والصحيح أنها شبهة عقد لأنه روى عن محمد أنه قال: سقوط الحد عنه لشبهة حكمية فيثبت النسب وهكذا ذكر في (المنية) انتهى. وهو صريح في أن الشبهة في المحل وفيها يثبت النسب على ما مر (و) لا يجب أيضا (بوطئه أجنبية في غير قبل، و) لا يجب أيضا (باللواطة) حاول العيني التغاير بينهما، فجعل الوطء في غير القبل يعم الوطء في السرة وأنت خبير بأنه فيها لا يسمى واطئا، والظاهر أن اللواطة خاصة بإتيان الذكر لأنها عمل قوم لوط وكانوا لا يأتون غيرهم، وجمع المصنف بينهما إيماء إلى أنه لا فرق في الحكم بين الغلام، وغيره دفعا لما قيل: من أن الخلاف في الغلام أما إتيانها في دبرها فيحد فيه إجماعا، والأصح أن الكل على الخلاف نص عليه في (الزيادات) فلا يجب الحد عنده، وقالا: هو كالزنا أي: في الحكم فيحد جلدا إن لم يكن أحصن ورجما إن

ص: 139

وببهيمة وبزنا في دار حرب وبغي.

ــ

أحصن روى ذلك عن علي ولأنه في معنى الزنا لا أنه قضاء الشهوة في محل مشتهى على الكمال وله أنه ليس بزنا لاختلاف الصحابة في موجبه من التحريق أو هدم الجدار عليه أو نكسه من مكان مرتفع مع إتباع الأحجار فلو كان زنا في اللسان أو في معناه لم يختلفوا، بل كانوا يتفقون على إيجاب حد الزنا، فاختلافهم في موجبه وهو أهل اللسان أدل دليل على أنه ليس من مسمى لفظ الزنا لغة ولا معناه غير أنه يعزر بأمثال هذه الأمور عنده قاله ملا خسرو، والذي ذكره غيره تقييد قتله بما إذا اعتاد ذلك، قال في (الزيادات): والرأي إلى الإمام فيما إذا اعتاد ذلك إن شاء قتله وإن شاء ضربه وحبسه وفي (فتح القدير) ويعزر ويسجن حتى يموت أو يتوب ولو اعتاد اللواطة قتله الإمام محصنا كان أو غير محصن ساسة.

[302/ب] قال في (البحر): والتقييد بالإمام يفهم أن القاضي / ليس له الحكم سياسة، وفي (الحاوي القدسي) تكلموا في هذا التعزيز من الجلد ورميه من أعلى موضع وحبسه في أنتن المواضع وغير ذلك سوى الإخصاء والجب والجلد أصح انتهى. ولا خلاف أنه لو فعل هذا بعبده أو أمته أو زوجته بنكاح صحيح أو فاسد لا يحد لكنه يعزر على ما مر.

تتمة: هل يجوز أن يكون اللواطة في الجنة؟ قيل: إن كانت حرمتها سمعا وعقلا لا يكون وإن كانت سمعا فقط جاز أن تكون.

قال في (النهاية) معزيا إلى التمرتاشي: والصحيح أنها لا تكون لأن الله تعالى استقبحها وسماها خبيثة والجنة منزعة عنها (وببهيمة) أي: لا يجب الحد بوطء بهيمة أيضا لأنه للزجر، وإنما يحتاج إليه فيما طريقه سالك وهذا ليس كذلك لأنه لا يرغب فيه العقلاء ولا السفهاء وإن اتفق لبعضهم لغلبة الشبق فلا يفتقر إلى الزجر إلا أنه يعزر، وما روي عن علي من حرقها بعد ذبحها فذلك لقطع امتداد الحدث بها كلما رأيت، وليس بواجب هذا إذا كانت مما لا يؤكل فإن كانت تؤكل جاز أكلها عنده وقالا: تحرق أيضا فإن كانت الدابة لغيره أمر صاحبها أن يدفعها إليه بالقيمة ثم تذبح هكذا قالوا، ولا نعرف ذلا إلا سماعا فيحمل عليه كذا في (الشرح) والظاهر أنه يطالب على وجه الندب ولذا قال في (الخانية): كان لصاحبها أن يدفعها إليه بالقيمة (و) لا يجب أيضا (بزنا) مسلم (في دار الحرب) والبغي، يعني إذا خرج إلينا فأقر به عند القاضي أو أقيمت عليه البينة به في غير تقادم لأنه لم ينعقد سببا لإيجاب

ص: 140

وبزنا حربي بذمية في حقه وبزنا صبي أو مجنون بمكلفة بخلاف عكسه وبالزنا بمستأجرة.

ــ

حال وجوده لأن أحكامها لا تصل إليهم فلا ينقلب موجبا للخروج، وقد قالوا: لو غزا من له ولاية إقامته كالخليفة وأمير مصر ودخل دار الحرب يقيم الحرب على من زنا من عسكره إذ هو تحت يده فالقدرة عليه ثابتة وهذه ترد على إطلاق المصنف، أما لو خرج من العسكر فزنى ثم عاد لا يقيمه (و) يجب أيضا (بزنى حربي) دخل دارنا بأمان (بذمية في حقه) أي: الحربي، وأما الذمية فتحد كالمسلمة عند الإمام.

وقال أبو يوسف: يحد المستأمن أيضا وقال محمد: لا يحد واحد منهما غير أنه قال في العكس وهو ما لو زنى ذمي بمستأمنة كقول الإمام من أن الذمي يحد قيد بالذمية لأنه لو زنى بحربية مستأمنة لا يحد واحد منهما عندهما خلافا لأبي يوسف، والأصل عنده أن الحدود كلها تقام على المستأمن والمستأمنة إلا حد الشرب، وعند الإمام لا يقام عليه شيء منها إلا حد القذف، ومحمد يقول ذلك، إلا أن الرجل أصل والمرأة تبع والامتناع في الأصل امتناع في التبع (و) لا يجب أيضا (بزنى صبي أو مجنون بمكلفة بخلاف عكسه)، وهو ما لو زنى المكلف بصغيرة أو مجنونة حيث يجب الحد عليه والفرق أن فعل الرجل أصل في الزنا والمرأة تابعة له وامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع على ما مر، وامتناعه في التبع لا يستلزمه في حق الأصل.

قال الشيخ: وعباراتهم من أن فعلها مع الصبي والمجنون ليس زنا يشير إلى أن إحصانه به لا يسقط كما لا يسقط إحصان الصبي والمجنون كما لو زنى الصبي بصبية أو مكرهة، وهنا لا يجب وأجيب بأن إيجابه هنا لا فائدة فيه أيضا إذ بفرضه يرجع الولي عليها به لأنها لما طاوعته صارت امرأة له به بخلاف ما لو كانت مكرهة أو صبية فإنه لا يرجع، وما أورد من أن القاعدة أن كلما انتفى الحد عن الرجل انتفى عن المرأة وقد تخلف هنا لا يتم مرادا إلا بتسليم كون هذه قاعدة وهو ممنوع؟ ألا ترى أن زنا المكره بالمطاوعة والمستأمن بالذمية والمسلمة يوجب الحد عليها دونه إعطاء لكل حكم بما اقتضاه دليله (و) لا يجب أيضا (بالزنا بمستأجرة) للزنا بأن قال: استأجرتك أو خذي هذه الدراهم لأطأك وهذه عند الإمام، وقالا: يجب الحد لعدم شبهة الملك ولذا لا يثبت النسب وله أن المستوفى في الزنا المنفعة وهي المعقود عليها في الإجارة لكنه في حكم العين فبالنظر إلى الحقيقة يكون محلا للعقد بالإجارة فأورث شبهة بخلاف الاستئجار للطبخ ونحوه لأن العقد لم يضف إلى المستوفى بالوطء فالعقد المضاف إلى محله يورث الشبهة فيه لا في محل آخر، وفي (الكافي) لو قال: أمهرتك كذا لأزني بك لا يجب الحد.

ص: 141

وبإكراه وبإقرار إن أنكره الآخر ومن زنى بأمة فقتلها لزمه الحد والقيمة والخليفة.

ــ

[303/أ] قال في (الفتح): والحق في هذا كله وجوب الحد إذ المذكور / معنى يعارضه كتاب الله تعالى: {الزانية والزاني} (النور: 2) الآية فالمعنى الذي يفيد أن فعل الزنا مع قوله: أزني بك لا يجلد معه للفظ المهر معارض له (و) لا يجب أيضا (بإكراه) فيه إيماء إلى أن الإكراه عليه يتحقق وهذا ما رجع إليه الإمام وكان أولا يقول: إن الرجل يحد لأنه لا يتصور إلا بانتشار الآلة وهو آية الطواعية فافترق بالإكراه ما ينفيه قبل تحقق الفعل المكره عليه بخلاف المرأة إذ ليس معها دليل الطواعية فلم تحد إجماعا قلنا: السبب المجني إلى الفعل قائم ظاهر والانتشار لا يستلزم الطواعية بل محتمل له إذ يكون معه ويكون طبعا لقوة الفحولية وقد يكون لريح حتى يوجد من النائم فلا يترك أمر اليقين إلى المحتمل، نعم هو عنده خاص بالسلطان ولو بأمر منه كما في (جامع الأصولين) فيحد بإكراه غيره وقالا: لا يحد لتحققه من غيره.

قالوا: هذا اختلاف عصر ففي زمنه لم يكن لغيره من القوة مما لا يمكن دفعه وكانت في زمنهما لكل متغلب ولا يسمى في زماننا فيفتى بقولهما (و) لا يجب أيضا (بإقرار) من أحدهما (إن أنكر الآخر) عند الإمام، وقالا: إن لم يدع المنكر شبهة بل قال: ما زنيت حد المقر قلنا: الزنا فعل مشترك بينهما فانتفاء موجبه عن أحدهما يوجب شبهة في الآخر، ثم يجب المهر ولو كانت هي المنكرة للنكاح لأنه من ضرورة سقوط الحد (ومن زنا بأمة فقتلها لزمه الحد والقيمة) معا إن قتلها بفعل الزنا لأنه جنى جنايتين فيوفر على كل واحد منهما حكمه، ولم يذكر محمد في (الجامع الصغير) خلافا في المسألة، وعن الثاني أنه لا يحد لأن تعذر ضمان القيمة مسبب ملك الأمة وجه الظاهر أن هذا ضمان قتل فلا يوجب الملك لأنه ضمان دم، والدم لا يملك قيد بالأمة لأنه لو زنى بحرة فقتلها حد اتفاقا وكان عليه الدية ولو أفضاها فقط فإن كانت كبيرة مطاوعة فلا شيء عليه ثم إن لم يكن ثمة شبهة حدا وإلا لا، ووجب العقد وإن كانت مكرهة ولم يدع شبهة حد ولا مهر ثم إن لم يستمسك ضمن جميع الدية، وكذا إن ادعى شبهة ويضمن المهر في ظاهر الرواية وإن لم يستمسك ضمن جميع الدية ولا يجب المهر عندهما خلافا لمحمد، والصغيرة ولو جرحها في الزنا أو كسر فخذها ضمن الدية وحد كما في (المحيط) وبقتلها لأنه لو ذهب عينها لزمه قيمتها وسقط الحد لما أن الملك يثبت في العمياء فأورث شبهة أي: في ملك المنافع تبعا.

وفي (الفوائد الظهيرية): غصبها ثم زنا بها ثم ضمن قيمتها فلا حد عليه عندهم جميعا، أما لو زنى بحرة ثم نكحها لا يسقط الحد بالاتفاق (والخليفة) وهو

ص: 142