المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المستأمن دخل تاجرنا ثمة حرم تعرضه لشيء منهم فلو أخرج - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٣

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌باب العبد يعتق بعضه

- ‌باب الحلف بالدخول

- ‌باب العتق على جعل

- ‌باب التدبير

- ‌كتاب الإيمان

- ‌باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

- ‌باب اليمين في الطلاق والعتاق

- ‌باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

- ‌باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌باب حد القذف

- ‌فصل في التعزير

- ‌كتاب السرقة

- ‌باب قطع الطريق

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌باب المستأمن

- ‌باب العشر والخراج والجزية

- ‌فصل في الجزية

- ‌باب المرتدين

- ‌باب البغاة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب الآبق

- ‌كتاب المفقود

- ‌كتاب الشركة

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب البيوع

- ‌باب خيار الشرط

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌باب الإقالة

- ‌باب التولية

- ‌باب الربا

- ‌باب الحقوق

- ‌باب السلم

- ‌باب المتفرقات

- ‌كتاب الصرف

- ‌كتاب الكفالة

- ‌كتاب الحوالة

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

الفصل: ‌ ‌باب المستأمن دخل تاجرنا ثمة حرم تعرضه لشيء منهم فلو أخرج

‌باب المستأمن

دخل تاجرنا ثمة حرم تعرضه لشيء منهم فلو أخرج شيئا ملكه ملكا محظورا فيتصدق به.

ــ

باب المستأمن

أي: الطالب للأمان لما كان الاستئمان إنما يكون بعد القهر الذي به يكون الاستيلاء أخره عنه وتقديم استئمان المسلم على الكافر ظاهر الحسن (دخل تاجرنا) معاشر المسلمين أضاف الدخول إليه إيماء إلى أنه بأمان لأنه لا يدخل إلا به حفظا لما بيده وفي إضافته إلينا إيماء أيضا إلى إسلامه (ثمة حرم تعرضه بشيء) من الدماء والأموال والفروج (منهم) أي: من أملاك أهل الحرب لأنه غدر وهو منهي عنه إلا إذا غدر به ملكهم فأخذ ماله أو حبسه أو غيره بعلمه وسكت فله التعرض بأخذ الأموال وقتل الأنفس كالأسير والمتلصص، وخرج بالأملاك ما لو وجد من لا يملكه الحربي من امرأته وأم ولده ومدبرته فيجوز التعرض لهم غير أنه لا يطأ من وطئها الحربي إلا بعد العدة.

وأما إذا أغار أهل الحرب الذين فيهم مسلمون مستأمنون على طائفة من المسلمين ولو خوارج فأسروا ذراريهم ومروا بهم على المسلمين فإنه يجب عليهم قتالهم إن قدروا عليهم لأنهم لا يملكون رقابهم فتقريرهم في أيديهم تقرير على [328/أ] الظلم ولم يلتزمون / بخلاف الأموال. وفي (المحيط) باع الحربي من المستأمن أمة وأم ولده أو عمته أو خالته لا يشتريها منه لأن الحربي وإن ملكها بالقهر فقد صارت حرة ولو قهر الحربي بعض أحرارهم فأراد بيعهم من المستأمن ينظر إن كان الحكم عندهم أن من قهر منهم صاحبه نفد ملكه جاز الشراء وإلا لا.

فرع نفيس

قال في (المبسوط): لو أغار قوم من أهل الحرب على أهل الدار التي فيها المستأمن لا يحل له قتال هؤلاء الكفار إلا أن يخاف على نفسه لأنه إذا لم يخف فهو لإعلاء كلمة الكفر. (فلو أخرج) التاجر (شيئا) إلى دارنا (ملكه) لتحقق الاستيلاء على مال مباح ملكا (محظورا) أي: خبيثا (فيتصدق به) وجوبا لحصوله بسبب محظور وهو الغدر حتى لو كان جارية لا يحل له وطئها ولا للمشترى منه بخلاف البيع الفاسد.

وقالوا: لو تزوج في دار الحرب منهم ثم أخرجها قهرا إلى دارنا ملكها يعني إذا

ص: 228

فإن أدانه حربي أو أدان حربيا أو غصب أحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم يقض بشيء وكذلك لو كانا حربيين وفعلا ذلك ثم استأمنا وإن خرجا مسلمين قضى بالدين بينهما لا بالغصب.

ــ

أضمر في نفسه أن يخرجها ليبيعها وهذا القيد لا بد منه حتى لو أخرجها كرها لا لهذا الغرض بل لاعتقاده أن له أن يذهب بزوجته حيث يشاء.

قال في (الفتح): ينبغي أن لا يملكها كما لو أخرجها طوعا قيد بالإخراج لأنه لو غصب منهم شيئا وجب عليه رده (فإن أدانه حربي) أي: باعه شيئا بالدين (أو أدان) التاجر (حربيا) أو باعه كذلك كذا في (الشرح) وغيره وهو ظاهر في عدم شموله للفرض ويؤيده ما في (القاموس) أدان واستدان وتدين أخذ دينا والدين ما له أجل وما لا أجل له فقرض وأدانه اشترى بالدين أو باع بالدين ضد انتهى، مع أن الحكم فيهما واحد لكن في (المغرب) أدنته ودينته أقرضته وعلى هذا فما في (الكتاب) يشمل القرض أيضا لكن في (طلبة الطلبة) أدان بالتشديد من باب الافتعال أي: قبل الدين والدين غير القرض لأن القرض اسم لما يقرض ويقبض والدين اسم لما يصير في الذمة بالعقد وبالاستيلاء أو بالاستقراض كذا في (السراج).

وحاصله أن من قصر المداينة على البيع بالدين شدد ومن أدخل القرض ونحوه خفف وهو أولى، (أو غصب أحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم يقض بشيء) أما في الإدانة فلأنه لا ولاية له وقتها ولا وقت القضاء على المستأمن لأنه ما التزم حكم الإسلام فيما مضى بل في المستقبل واستشكل قولهما بأن السلم ملتزم أحكام الإسلام مطلقا فصار كما لو خرجا مسلمين وأجاب في (الكافي) بأن ذلك للتسوية بين الخصمين ولا يخفى ضعفه فإن وجوب التسوية بينهما ليس في أن يبطل حق أحدهما بلا موجب لوجوب إبطال حق الآخر بموجب بل إنما ذلك في الإقبال والإقامة والإجلاس ونحو ذلك كذا في (الفتح)، وأما الغصب فلأنه صار ملكا لمن استولى عليه لمصادفته مالا مباحا، وقال الثاني: نقص بالدين على المسلم دون الغصب، قال الشارح: ويفتى برد المغصوب، زاد في (الفتح) ويرد الدين أيضا والله الموفق، (وكذلك) أي: لا يقضى بشيء (لو كانا) أي: المتحاكمان (حربيين و) الحال أنهما قد (فعلا ذلك) يعني ما مر من الإدانة والغصب (ثم استأمنا) أي: دخلا دارنا بأمان لما مر.

وفي (المحيط) ادعى مسلم على حربي أنه أسير وقال: كنت مستأمنا فالقول للحربي إلا إذا قامت قرينة كأن يكون مغلولا أو مع عدد من المسلمين (وإن خرجا) أي: الحربيان من دار الحرب (مسلمين) وتحاكما (قضي بالدين) لوقوعه صحيحا للتراضي والولاية قائمة حال القضاء (دون الغصب) لما مر، ولا يؤمر بالرد لأن ملكه

ص: 229

مسلمان مستأمنان قتل أحدهما صاحبه تجب الدية في ماله والكفارة في الخطأ، ولا شيء في الأسيرين سوى الكفارة في الخطأ كقتل مسلم مسلما أسلم ثمة لا يمكن مستأمن فينا سنة وقيل له: إن أقمت سنة وضع عليك الجزية.

ــ

صحيح لا خبث فيه (مسلمان مستأمنان قتل أحدهما صاحبه) عمدا كان أو خطأ (تجب الدية في ماله) لأن العصمة الثابتة بدار الإسلام لا تبطل بعارض الدخول ولم يجب القصاص في العمد لأنه لا يمكن استيفاؤه إلا بمنعه ولا وجود لها دون الإمام ومعلوم أن العاقلة لا تعقل العمد فوجب في ماله، وأما الخطأ فإنما لم يجب عليهم فيه لأن وجوبها باعتبار الصيانة ولا قدرة لهم عليها مع تباين الدارين (و) تجب (لكفارة) أيضا (في الخطأ) لإطلاق النص دون العمد (ولا شيء) من قتل أو مال (في الأسيرين) إذا قتل أحدهما صاحبه عمدا كان أو خطأ (سوى الكفارة في الخطأ) عند الإمام وقالا:[328/ب] تجب الدية في ماله مطلقا لأن العصمة لا تبطل بالأسر كالاستئمان / وامتناع القصاص لما مر وله أنه بالأسر صار تبعا لهم بديل أنه يصير مقيما بإقامتهم ومسافرا بسفرهم فبطل الإحراز فصار (كقتل مسلم مسلما أسلم ثمة) أي: في دارهم فإنه لا شيء فيه سوى الكفارة في الخطأ اتفاقا لعدم الإحراز بدارنا والله الموفق للإتمام.

فصل في استئمان الكافر

(لا يمكن) كافر (مستأمن) دخل دارنا بأمان أن يمكث (فينا) أي: في دارنا معشر المسلمين (سنة) قيد به لأنه لو دخلها بغير أمان كان وما معه فيئا، ولو قال: دخلت بأمان إلا أن يثبت ولو قال مسلم: أنا أمنته، لم يصدق إلا أن يشهد رجلان غيره وسواء أخذ قبل الإسلام أو بعده عند الإمام وقالا: إن اسلم قبله فهو حر ثم إن أخذه واحد من المسلمين لا يختص به عنده وظاهر قولهما أنه يختص به، ولو دخل الحرم فهو فيء أيضا عند الإمام فيؤخذ.

وقالا: لا يؤخذ ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤذى ولا يخرج كذا في (الفتح) وفيه إذا دخل بلا أمان وقال: أنا رسول الملك فإن كان معه كتاب بعلامة تعرف به ذلك كان آمنا لأن الرسول لا يحتاج إلى أمان خاص (وقيل له) القائل هو الإمام أو نائبه: (إن أقمت) فينا (سنة وضع عليك الجزية) لأنه لا يمكن من الإقامة الدائمة إلا بالاسترقاق أو الجزية ويمكن من اليسيرة لأن في منعها قطع الجلب وغيره ففصلنا بينهما بسنة لأنها مدة تجب فيه الجزية، والوضع عليه ليس بشرط فلو قال: أخذنا منك الجزية لكان أظهر والتقدير بالسنة اتفاقي بل له أن يقدر أقل من ذلك كالشهر والشهرين.

قال في (الفتح): إلا أنه لا ينبغي أن يلحقه غرم بتقصير المدة جدا خصوصا إذا

ص: 230

فإن مكث بعده سنة فهو ذمي فلم يترك أن يرجع إليهم كما لو وضع عليه الخراج.

ــ

كان له معاملات يحتاج إلى قضائها في مدة مديدة (فإن مكث سنة بعد القول فهو ذمي)، هذا ظاهر في توقف كونه ذميا على قول الإمام أو نائبه كما مر حتى لو أقام سنين من غير أن يقول له شيئا كان له أن يرجع وبه صرح العتابي في (فتاواه) وإليه أشار صاحب (الهداية) في التعليل، قال في (النهاية): ولفظ (المبسوط) يدل على أن تقدمه ليس بشرط إنما الشرط إقامته فيها سنة وفي (الفتح) والأول هو الأوجه.

قال في (الحواشي السعدية): ولعل فيه روايتين وبما في (المبسوط) جزم به في (الدرر والغرر) حيث قال: لو قال له: إن أقمت فينا مدة أو لم يقل لكنه أقام حولا كان ذميا وينبغي أن تظهر فائدة الخلاف في ابتداء المدة التي يصير بإقامتها ذميا فعلى الأول من وقت التقدم وعلى الثاني من وقت الدخول والقولان مذكوران في (السراج) ولا تؤخذ منه جزية في السنة التي أقامها إلا إن قال له: إن أقمتها أخذت منك الجزية فكذا في (الفتح) وفيه لو مات المستأمن في دارنا وله ورثة في دار الحرب وقف ماله لهم فإن قدموا فلا بد أن يقيموا بينه ولو من أهل الذمة فيأخذون المال بكفيل، قيل: هذا قولهما خلافا له، وقيل: هو قولهم جميعا ولا يقبل كتاب ملكهم ولو ثبت أنه كتاب (فلم يترك) أي: الحربي يعني لم يكن (أن يرجع إليهم) أي: إلى أهل الحرب ولو لتجارة أو قضاء حاجة كما هو مقتضى الإطلاق وهذا لأن عقد الذمة لا ينقض كيف وفيه مضرة على المسلمين وقطع الجزية عنهم وهذا يؤذن بمنع الذمي من الرجوع إلى دار الحرب (كما لو وضع عليه الخراج) أي: كما لا يمكن من العود فيما لو وضع عليه الخراج بأن ألزم به وأخذ منه عند حلول وقته وذلك بمباشرة سببه وهو زراعة الأرض أو التمكن منها إذا كانت في ملكه أو زراعتها بالإجارة إذا كان خراج مقاسمة لأنه يؤخذ منه لا من المالك، بخلاف ما إذا كان خراجها على مالكها فإنه لا يصير ذميا إذا دخل وقت الأخذ وكذلك إذا أخذ منه العشر على قول محمد، ولا يظن بوضع الخراج وتوظيفه أن يقول الإمام: وظفت على هذا الخراج ونحوه لأن الإمام قط لا يقول في كل قطعة أرض كذلك بل الخراج من حين استقر وظيفة للأراضي المعلومة استمر على كل من صارت إليه كذا في (الفتح).

وذكر الحدادي أنه لو أصاب الزرع آفة لا يصير ذميا وفي (التتارخانية) / لو [329/أ] غصبت منه فإن زرعها الغاصب لا يصير ذميا وإلا فهو ذمي والصحيح أنه يصير ذميا في الوجهين وإن سقط الخراج عنه كما سيأتي، ولو استعارها من ذمي صار المستعير ذميا وفي قوله وضع دليل على أنه لا يصير ذميا بمجرد الشراء وهو ظاهر الرواية وهو الصحيح لأنه قد يكون للتجارة ثم إذا ألزمه خراج الأرض تلزمه الجزية لسنة مستقبلة،

ص: 231

أو نكحت ذميا لا عكسه فإن رجع إليهم وله وديعة عند مسلم أو ذمي أو دين عليهما حل دمه فإن أسر أو ظهر عليهم فقتل سقط دينه .....

ــ

(أو نكحت) الحربية التي دخلت دارنا بأمان (ذميا) فيه دليل على أنها صارت ذمية بنفس التزويج كذا في (الشرح) وكان وجهه إضافة النكاح إليها وهذا لأنها التزمت المقام معه، وقيد بالذمية ليفيد أنها تصير ذمية بنكاح المسلم بالأولى كذا في (الفتح) يعين لو كانت كتابية لما مر.

ومن ثم قالوا: لو أسلم الزوج وهي كتابية صارت ذمية بخلاف ما لو كانت مجوسية وكذا لو صار الزوج ذميا، وهذه ترد على المصنف إلا أن يعطي للدوام حكم الابتداء، (لا عكسه) أي: لا يصير المستأمن بتزوجه ذمية ذميا لعدم التزامه المقام لإمكان طلاقها هكذا جرى عليه هنا في (الهداية) تبعا لغيره إلا أنه في آخر الحضانة جزم بأنه يصير بتزوجها ذميا، قال في (النهاية): ووجدت بخط شيخي ليس في النسخة التي قوبلت بخط المصنف هذه الجملة وما في بعض النسخ وقع سهوا انتهى يعني من الكاتب، وهذا الجواب هو أيسر الأجوبة والله الموفق.

وفي (التتارخانية) لو طالبته بصداقها وقد تزوجها في دارها كان لها أن تمنعه من الرجوع إلى داره لا إن تزوجها في داره انتهى، ولو لم يقدر على وفائه حتى مضى حوله ينبغي أن يكون ذميا على ما في (المبسوط) وعرف من هذا حكم الدين الحادث في دارنا (فإن رجع) المستأمن بعد وضع الجزية عليه (إليهم) أي: إلى أهل الحرب ولم يقل: على داره لأنه لا فرق في رجوعه بين أن يكون إليها أو إلى غيرها من ديار الحرب (وله) أي: والحال أن له (وديعة عند مسلم أو ذمي أو دين عليهما حل دمه) لأنه به بطل أمانه وقوله: وله وديعة هذه الجملة سقطت في بعض النسخ وهي الأولى لأن جواز قتله بعوده ليس موقوفا على ذلك كذا في (البحر).

ولك أن تقول: إن فرضها كذلك إيماء إلى أن بطلان أمانه في ذاته لا يوجب بطلانه في ماله فبقي ماله على ما هو عيه فلو ثبت من يأخذ الوديعة والقرض وجب التسليم إليه كذا في (السراج) وعلى هذا فلو كان عليه دين لمسلم أو ذمي ينبغي أن يوفى منه، فإن كانت الوديعة من غير جنس الدين باعها القاضي ووفى منها وقد أفتيت بذلك ومن ثم قال:(فإن أسر) الراجع إليهم (أو ظهر) بالبناء للمجهول بمعنى غلب كما في (المغرب)(عليهم) أي: على أهل الحرب الذي رجع إليهم (فقتل سقط دينه) لأن إثبات اليد عليه بإثبات المطالبة وقد سقطت ويد من عليه أسبق من يد العامة فيختص به فيسقط ولا طريق لجعله فيئا لأنه الذي يؤخذ قهرا ولا يتصور ذلك في الدين، قال في (البحر): وينبغي أن تكون العين المغصوبة كالدين انتهى.

ص: 232

وصارت وديعته فيئا وإن قتل ولم يظهر عليهم أو مات فقرضه ووديعته لورثته وإن جاءنا حربي بأمان وله زوجة ثمة وولد ومال عند مسلم وذمي وحربي فأسلم هنا ثم ظهر عليهم فالكل فيء وإن اسلم ثمة فجاءنا فظهر عليهم فولده الصغير حر مسلم وما أودعه عند مسلم أو ذمي فهو له وغيره فيء ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له أو حربيا جاءنا بأمان فاسلم فديته على عاقلته للإمام.

ــ

وأقول: وعلى هذا فلو كان له بمسلم في شيء أو أجرة عين سقطا عمن هو عليهما (وصارت وديعته فيئا) لجماعة المسلمين كنفسه لأن يد المودع كيده حكما قيلك هذا قول أبي يوسف، وقال محمد: يصير فيئا للسرية التي أسرته وسكت عن الرهن وقد قال أبو يوسف في المرتهن: إن المرتهن يأخذه بدينه، وقال محمد: يباع فيوفى منه الدين والفاضل لبيت المال.

قال في (البحر): وينبغي ترجيحه لأن ما زاد على قدر الدين في حكم الوديعة وهي فيء وأنت خبير بأن تقديم قول أبي يوسف يؤذن بترجيحه وهذا لأن الويدعة إنما كانت فيئا لما مر من أنها في يده حكما ولا كذلك الرهن (وإن قتل) في الحرب (ولو يظهر على الدار أو مات) حتف أنفه (فقرضه) أي: دينه فدخل فيه ثمن ما باعه كغيره (ووديعته لورثته) لأن حكم الأمان باق لعدم بطلانه فيرد على ورثته لقيامهم مقامه، (وإن جاءنا) معاشر المسلمين (حربي بأمان و) الحال أن (له زوجة ثمة) أي: في دار الحرب (وولد) جمع ولد صغار أو كبار أو كانت زوجته حاملا (ومال عند مسلم وذمي وحربي فاسلم هنا) أي: في دار الإسلام أو صار ذميا (ثم ظهر عليهم) أي: على الحربيين الذين هو منهم / (فالكل) أي: جميع ما ذكر (فيء)، أما المرأة ولو حاملا [329/ب] وأولاده الكبار وعتاده فلعدم تبعيتهم له وأما الصغار فتبعيتهم له في الإسلام مع تباين الدارين لا يتحقق، نعم لو سبي الصغير وأدخل إلى دار الإسلام تبعه في الإسلام مع بقاء رقيته لعدم التنافي بينهما وأما أمواله فلأنها لا تصير محرزة بإحراز نفسه لاختلاف الدار، (وإن أسلم) الحربي (ثمة فجاءنا) إلى دار الإسلام (فظهر عليهم فولده الصغير حر مسلم) تبعا له لاتحاد الدار (وما أودعه عند مسلم أو ذمي فهو له) لأنه في يد محترمة ويده كغيره (وغيره) أي: غير ما ذكر وهو زوجته وولده الكبير وعقاره وماله عند حربي فلما مر وأما الحربي فلأن ما في يده ليس معصوما إذ ليست محترمة ودخل في الغيرية العين المغصوبة في يد مسلم أو ذمي فإنها أيضا تكون (فيئا) لعدم النيابة كذا في (الفتح)(ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له) أصلا (أو) قتل (حربيا) لا ولي له في دارنا وبهذا تغاير موضوع المسألتين.

فقوله في (البحر): لو اقتصر على الأولى لعلمت الثانية فيه نظر، (جاءنا بأمان فأسلم فديته) أي: المقتول (على عاقلته للإمام) أي: له أن يأخذها فيضعها في بيت

ص: 233