الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب السرقة
هي أخذ مكلف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة.
ــ
كتاب السرقة
بفتح السين وكسر الراء ولك إسكانها مع فتح السين وكسرها لما فرغ من ذكر المزاجر المتعلقة بصيانة الأنفس والعقول والأعراض شرع في المتعلقة بصيانة الأموال ولا خفاء في أصالة الأول ثم هي قسمان: صغرى وكبرى، بدأ بالكلام على الأولى لكثرتها وهي لغة أخذ الشيء في خفاء فتعدى نفسها وبحرف الجر وتسمية المسروق سرقة مجاز كما في (المغرب) وركنها الأخذ ومن ثم بدأ به ثم ذكر الشرائط فقال:(هي أخذ مكلف) ولو أنثى أو عبد أو كافر أخرج الصبي والمجنون فإن كان يجن ويفيق فسرق في حال إفاقته قطع وإلا فلا، ولا بد أن يكون ناطقا مبصرا فلا يقطع بسرقة الأخرس لجواز أن يدعي شبهة لو كان ناطقا ولا الأعمى لأنه جاهل بمال [312/ب] غيره (خفية) خرج به الأخذ مغالبة أو نهبا / فلا قطع به لو كان في المصر نهارا، وإن دخل خفية استحسانا ثم إن كانت نهارا اعتبرت الخفية ابتداء وانتهاء، وإن ليلا اعتبرت ابتداء فقط إذا غالب السرقات فيه تصير مغالبة لأنه قل ما يخفى الدخول والأخذ بالكلية ومن ثم قلنا: لو كان صاحب الدار يعلم دخوله واللص لا يعلم كونه فيها أو يعلمه اللص وصاحب الدار لا يعلم دخوله أو كانا لا يعلمان قطع ولو علما لا يقطع، كذا في (الفتح).
وجزم الشارح بعدم القطع فيما إذا زعم اللص على رب الدار والحال أنه لم يعلم، وجرى على الأول في (المحيط)(والخلاصة) وغيرهما وعليه فيكفى في الخفية ظن السارق قد رأى (مقدار عشرة دراهم) لما رواه محمد عن أبي حنيفة يرفعه لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم، ولو كان موقوفا لكان له حكم الرفع لأن المقدارات الشرعية لا دخل للعقل فيها، واسم الدراهم يطلق على المضروبة عرفا.
قال في (المغرب): الدراهم اسم للمضروبة فقوله (مضروبة) تأكيد وهذا أعني اشترط كونها مضروبة هو ظاهر الرواية وهو الأصح لظاهر الحديث ورعاية لكمال الجناية، ومن ثم شرطنا جودتها فلا قطع لو كانت زيوفا أو نبهرجة، ولا بد أن تكون العشرة وزن سبعة على ما مر في الزكاة وغير الدراهم يعتبر بها حتى لو سرق دينارا قيمته أقل من عشرة لا يقطع فإن كانت قيمته وقت السرقة ووقت القطع عشرة بتقوم عدلين قطع فإن نقصت وقت القطع عن عشرة لم يقطع إلا إذا كان النقص لعيب حدث أو فوات بعض العين، فعلى هذا لو سرق في بلد ما قيمته عشرة فأخذ في
محرزة بمكان أو حافظ فيقطع إن أقر مرة.
ــ
أخرى وقيمتها فيها أقل لا يقطع، ولو سرق فضة أقل من وزن عشرة إلا أن قيمتها عشرة مضروبة لا يقطع ولا بد أن يقصد أخذ ذلك القدر حتى لو سرق ثوبا قيمته أقل من عشرة وعلى طرفه دينار مشدود وكان فيه دراهم مضروبة لا يقطع إلا إذا كان وعاء لها، كذا في (التجنيس) وأن يكون للمسروق منه يد صحيحة فلا يقطع السارق من السارق هكذا أطلقه الكرخي والطحاوي لأن يده ليست يد أمانة ولا ملك فكان ضائعا.
قلنا: بقي أن يكون يد غصب والسارق منه يقطع، فالحق ما في (نوادر هشام) عن محمد إن قطعت الأول لم أقطع الثاني وإن درأت عنه الحد قطعته ومثله في (أمالي أبي يوسف)، كذا في (الفتح) ولا بد أيضا أن يخرج النصاب ظاهرا حتى لو ابتلغ دينارا في الحرز وخرج لا يقطع، وأن يخرجه مرة واحدة اتحد مالكه أو تعدد، فلو أخرج بعضه ثم دخل وأخرج باقيه لم يقطع وأن تكون السرقة في دار الإسلام حتى لو سرق في دار الحرب أو البغي فأخذ في دار الإسلام لا يقطع، كما في (البدائع)(محرزة) صفة ثانية لدراهم (بمكان) معد للحفظ ممنوع من الدخول فيه إلا بإذن، (أو حافظ) في مكان ليس حرزا كالمساجد والصحراء وسيأتي إيضاحهما (فيقطع إن أقر مرة)، هذا قولهما وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال أبو يوسف وزفر: لا بد من إقراره مرتين في مجلس اعتبارا بالشهود كالزنا وقد استدل للأكثر بما أسند الطحاوي قالوا: يا رسول الله إن هذا سرق فقال ما إخاله سرق فقال السارق: بلى يا رسول الله قال: اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه، والرواية في إخاله بكسر الهمزة، أي: أظنه وإن جاز الفتح وفيه دليل على أن السارق يلقن بما يمنعه من الإقرار، وهذا نص على الكتفاء بالمرة الواحدة، ومن ثم ذكر بشر رجوع أبي يوسف إلى قولهما ذكره الإتقاني وقالوا: لو سرقت من فلان مائة درهم بل عشرة دنانير قطع في العشرة وضمن المائة إن ادعى المقر له المالين ولو قال: بل مائتين قطع فيهما ولا ضمان عليه، ولو ادعى المقر له المائتين ولو قال: سرقت مائتين بل مائة لم يقطع ويضمن المائتين ولو قال: أنا سارق هذا الثوب بالإضافة يقطع، وبالتنوين لا لأن الأول للحال، والثاني للاستقبال كذا في (الفتح) والظاهر أن يقال: إنه مع التنوين يحتمل الحال والاستقبال فلا يقطع بالشك لكن بقي أن هذا الاحتمال ثابت مع الإضافة أيضا فكان ينبغي أن لا يقطع أيضا فتدبره.
ولو أقر بالسرقة ثم هرب لا يتبع ولو من فوره لما أنه من أمارة الرجوع، ولو رجع
أو شهد رجلان ولو جمعا والآخذ بعضهم قطعوا إن أصاب لكل نصاب ولا يقطع بخشب وحشيش وقصب وسمك وطير.
ــ
صريحا بعدما أقر ولو مرتين قبل منه ذلك في حق الحق لا في المال، كما في [313/أ] (الهداية) بخلاف مما لو أقيمت عليه البينة وضرب السارق / لإقراره سيأتي (أو شهد) عليه بها (رجلان) نبه بحصر الحجة فيهما أنه لا يقطع بالنكول وإن ضمن المال قالوا: ويجب على القاي أن يسألهم عن كيفيتها لجواز أن يكون على كيفية لا يقطع فيها كأن أخرج بعض النصاب ثم عاد وأخرج البعض الآخر أو ناول رفيقا له فأخرجه أو أدخل يده وأخرج المتاع، وماهيتها لأنها تطلق على استراق السمع ونقص أركان الصلاة، وزمانها لأنها مع التقادم لا قطع فيها وإن ضمن المال، ومكانها لاحتمال أنه سرق في دار الحرب، وعن المسروق لأن سرقته كل مال لا توجب القطع وعن قدره لجواز أن يكون دون النصاب وعن المسروق منه لجواز أن يكون محرما، وهذا الأخير لم يذكره محمد واعتذر عنه السرخسي بأنه حاضر يخاصم والشهود يشهدون على السرقة منه فلا حاجة إلى السؤال عنه ومرده في (فتح القدير) بأن الشهادة والخصومة لا يستلزمان بيان النسبة من السارق، ولذا ذكره في (الكافي) فإذا بينوا ذلك على وجه لا يسقط فإن عرفهم القاضي بالعدالة قطعه، وإن لم يعرف حالهم حبس المشهود عليه حتى يعدلوا، والتوثق بالكفيل ممتنع لأنه لا كفالة في الحدود ثم لا يقطع إلا بحضور المسروق منه والشهود فإن غاب أحدهم لا يقطع، وكذا في الموت وهذا في كل الحدود سوى الرجم ويمضي القصاص إن لم يحضروا استحسانا كذا في (كافي الحاكم) فإن كانت عن إقرار رسالة عن الكل إلا الزمان لما مر من أن التقادم لا يمنع الإقرار.
ووقع في بعض نسخ (فتح القدير) ولا يسأل المقر عن المكان لكن يسأله عن باقي الشروط من الحرز وغيره وكأنه تحريف، والصواب أنه يسأله لجواز أن يكون في دار الحرب (ولو) كان (جمعا و) الحال أن (السارق بعضهم قطعوا إن أصاب لكل) منهم (نصاب) هذا استحسان سدا لباب السرقة سواء خرجوا معه من الحرز أو بعده في فوره أو خرج هو بعدهم في فورهم ولو كان فيهم صغير أو مجنون أو معتوه أو ذا رحم محرم من المسروق منه لم يقطع أحدن قيد بالجمع لأنه لو سرق واحد من عشرة من كل واحد درهما من بيت واحد يقطع لكمال النصاب، (ولو يقطع) بحيث لم تجر العادة بإحرازه ولهذا قلنا: إنه يقطع في الأبواب والأواني والساج والأبنوس والقنا والصندل (وحشيش وقصب وسمك)، قال في (الهداية): يدخل فيه المالح والطري قيل: المليح أو المملوح (وطير) بسائر أنواعه قيل: إلا الدجاج والبط وقيل: لا يقطع
وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة وفاكهة رطبة أو على شجر ولبن ولحم وزرع لم يحصد وأشربة وطنبور ومصحف ولو محلى.
ــ
في جميع الطيور وهذا القول أصح، كذا في (الغاية) (وصيد وزرنيخ) قيل: ينبغي أن يقطع به لأنه يحرز ويصاب في دكاكين العطارين (ومغرة) بالفتحات الثلاثة ولك إسكانها الطين الأحمر (ونورة) زاد في (السراج) ولبن وآجر وفخار وزجاج وهذا الأخير أجراه بعضهم على إطلاقه، وآخرون على غير المعمول منه فيقطع به وزاد في (المجتبى) الفحم والأشنان والملح، وقال في (الفتح) اختلف في الوسمة والحناء والوجه القطع لأنه جرت العادة بإحرازه في الدكاكين، وبه جزم الحدادي معللا بأنه لا يتسارع إليه الفساد وهو كالفاكهة اليابسة وإنما لم يقطع في هذه الأشياء لأنها توجد مباحة في دار الإسلام.
لو قال كما في (المجمع) ولا يقطع في مباحة الأصل والمعترضة للفساد لكان أخصر واستغتى عن قوله (وفاكهة رطبة) أي: على شجر لخبر أبي داود (لا قطع في ثمر ولا كثر) بفتح الكاف والثاء المثلثة الجمار يخرج من رأس النخل وأخطأ من قال إنه الحطب أو صغار النخل كما في (المغرب) قيد بالرطبة لأنه يقطع باليابسة التي تبقى كاللوز ونحوه، وفي الإسبيجابي لو سرق مالا يبقى حولا لا يقطع (و) لا إحراز فيما (على الشجرة ولبن ولحم) لقوله عليه الصلاة والسلام:(لا قطع في الطعام) والمراد والله أعلم ما يتسارع إليه الفساد كالمهيأ للأكل وما في معناه كاللحم والثمر أطلق في اللحم فعم القديد منه (وزرع لم يحصد) لما مر في التمر من عدم الإحراز، قيد بذلك لأنه يقطع في الحنطة إجماعا وقيده في (المبسوط) بغير أيام القحط، وأما لو سرق فيها ما لم يقطع (وأشربة) مطربة، أي: مكسة لأن بعضها حرام فيتناول سارقها إراقتها وبعضها مختلف في إباحته فأورث شبهة في عدم المالية، وأما ما حل منها ففيه القطع كالفقاع / ونحوه.
قال الحدادي: وأما شراب نقيع التمر والزبيب فالصحيح أن فيه القطع انتهى.
ولا خلاف أنه يقطع في الخل والعسل، كما في (الشرح) لكن في (البحر) قال أبو حنيفة: لا قطع في الخل لأنه قد صار خمرا مرة (وطنبور) لأنه من المعازل للملاهي كما في (الشرح) ثم قيل لفظ المعازف يجمع العود والطنبور وأشباهها، وقيل خاص بالتي استخرجها أهل اليمن كما في (الجمهرة)(و) لا يقطع أيضا سرقة (مصحف ولو) كان (محلى) بما قيمته تعدل نصابا في ظاهر الرواية عن أصحابنا، وعن أبي
وباب مسجد وصليب ذهب وشطرنج ونرد وصبي حر ولو معه حلي وعبد كبير ودفاتر.
ــ
يوسف في (الإملاء) أنه يقطع وعنه إذا بلغت الحلية نصابا وجه الظاهر أن المقصود ما فيه ومعنى المالية فيه تبعا لا مقصودا ولذا قلنا: لو سرق ثوبا قيمته دون نصاب لكنه محلى بما ساوى نصابا لا يقطع، (وباب مسجد) الأولى وباب مركب كما في (الإصلاح) لأنه لا قطع في الأبواب مطلقا لعدم الإحراز فيها، لكنه لو اعتاد سرقة أبواب المساجد بولغ في تعزيره وحبس حتى يتوب، كما قاله فخر الإسلام (وصليب ذهب) وهو مثل تعبد النصارى، كذا في (غاية البيان) وفي (فتح القدير) الصليب: ما هو كهيئته خطين متقاطعين ويقال لكل جسم صليب.
(وشطرنج) بكسر الشين (ونرد) فارسي معرب ولو كان من ذهب لتأول السارق الكسر نهيا عن المنكر، ولو سرق دراهم عليها تمثال قطع لأنه إنا أعد للتمويل فلا يثبت فيه تأويل (وصبي حر ولو) كان (معه حلي) بفتح الحاء وسكون اللام كل ما لبس من ذهب أو فضة أو جوهر جمع حليا بفتحها لأن الحر ليس بمال وما عليه تبع له قال أبو يوسف: إن بلغ الحلي نصابا قطع والخلاف في غير المميز، أما المميز فلا يقطع إجماعا لأنه خداع لا سرقة (وعبد كبير) أي: مميز يعبر عن نفسه ولو نائما أو مجنونا أو أعجميا لأنه ليس بسرقة بل إما عصب أو خداع.
(ودفاتر) أراد بها الكتب المشتملة على علم الشريعة، كالفقه والحديث والتفسير وغيرها من الغريبة والشعر واختلف في غيرها فقيل ملحقة بدفاتر الحساب فيقطع، وقيل: بالشرعية لأن معرفتها قد يتوقف على اللغة والشعر والحاجة وإن قلت: كفت في إيراث الشبهة، ومقتضى هذا أن لا يختلف في القطع بكتب السحر والفلسفة لأنه لا يقصد ما فيها لأهل الديانة ويمكن في كتب الحساب والهندسة عدم القطع كذا في (الفتح) وينبغي أن ينظر في الأخذ لكتب السحر والفلسفة فإن كان مولعا بذلك لا يقطع للقطع بأن المقصود ما فيها ويدخل في الفقه أصوله وفي الحديث مصطلحه، وفي التفسير ما أفرد من متعلقاته كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ ولم يذكر كثيرا أصول الدين ولا شك أنه من أعز العلوم الشرعية، وما في (التاتارخانية) عن (الكافي) في كتب الأدب اختلاف المشايخ ومنهم من قال: يقطع وفي (السراجية) لا قطع في كتاب الأشعار فيحمل ما في (الفتح) على علم الشعر بخلاف العبد الصغير ودفاتر الحساب حيث يقطع فيها، أما الصغير وهو من لا يعبر عن نفسه فلأنه مال منتفع به إن كان يمشي ويعقل أو بعرضيه أن يصير كذلك إن كان بخلافه، وحكى ابن المنذر الإجماع على ذلك مع أن أبا يوسف استحسن عدم القطع لأنه وإن كان مالا من وجه لكنه أومئ من وجه، والثاني يوجب شبهة ما في
وكلب وفهد ودف وطبل وبربط ومزمار وبخيانة ونهب واختلاس وبنبش.
ــ
ماليته، وأما دفاتر الحساب يعني أهل الديوان فلأن المقصود منها الورق لأن ما فيها لا يقصد بالأخذ إذ لا يستفيد الأخذ به نفعا ومن ذلك دفاتر التجار كما في (السراج).
قال في (البحر): وهذا يدل على أن المراد به الذي مضى حسابه وقد قيل به كما ذكره الشمني، أما التي في الديوان المعمول بها فالمقصود علم ما فيها انتهى. وينبغي أن لا يقطع في دفاتر مباشري الأوقاف إذ المقصود علم ما فيها من جهات ونقود وردت ثم كتمت أو وزعت في لفظ مرماة ونحوها حسب ما يفعله من لا يخشى الله تعالى، (وكلب) ولو كان كلب صيد أو ماشية (وفهد) ولو في عنقهما ما يزيد على نصاب لأن جنسهما يوجد مباح الأصل، (ودف) بفتح الدال وضمها ما يلعب به ونو نوعان: مدور ومربع قاله المطرزي (وطبل) ولو طبل غزو فيما اختاره الشيهد / وهو الأصح وفي (الولوالجية) وهو المختار لأن صلاحيته للهو صارت شبهة [314/أ](وبربط) بفتح الموحدتين وهو العود.
(ومزمار) وكذلك كل ما كان من آلات اللهو، أما على قولهما وهو المفتى به من أنه لا قيمة لها بدليل أنه لا ضمان على متلفها فظاهر، وأما على قول الإمام فلأن أخذها يتأول فيها الكسر نهيا عن المنكر (و) لا يقطع أيضا (بخيانة) في أمانة عنده كوديعة (ونهب) وهو الأخذ على وجه القهر (واختلاس) وهو أن يختطف الشيء من يد المالك أو من بيت المال ويذهب سريعا لما في السنن الأربعة من حديث جابر رضي الله تعالى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع) وما في (الصحيحين) أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر عليه الصلاة والسلام بقطعها، أجاب عنه الجمهور أنه كان لسرقة صدرت منها (ونبش) القبول لأخذ أكفان الموتى بعد الدفن عندهما خلافا لأبي يسوف لما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال:(من نبش قطعناه) ولهما قوله عليه الصلاة والسلام (لا قطع على المختفي) وهو النباش بلغة أهل اليمن وما رواه قيل منكر أو محمول على السياسة لمن اعتاده وشمل إطلاقه ما لو كان القبر في بيت مقفل هو الأصح، وما لو سرق من تابوت في القافلة فيه الميت.
قال في (البحر): وما لو سرق من القبر ثوبا غير الكفن انتهى. وفي شمول
ومال عامة أو مشترك ومثل دينه وبشيء قطع فيه ولم يتغير.
ــ
الإطلاق لهذا نظر ظاهر وأشار إلى أنه لا يقطع لو سرق من البيت الذي فيه القبر مالا آخر غير الكفن لتأوله زيارة القبر أو سرق من بيت فيه الميت لتأول تجهيزه، (و) لا يقطع أيضا في (مال عامة) وهو المال الموضوع في بيت المال لأنه منهم، وإذا احتاج ثبت له الحق بقدر حاجته فأورث شبهة والحدود بها تدرأ (أو مشترك) بينه وبين غيره لأن ثبوت ملكه في بعضه شبهة قوية.
وأما مال الوقف فقال في (البحر): لم أر من صرح به ولا يخفى أنه لا يقطع به وقد عللوا عدم القطع فيما لو سرق حصير المسجد بعدم المالك فكذا هنا انتهى. ولو قيل: إن كان الوقف على العامة فما له كبيت المال، وإن كان على أقوام محصورين فلعدم المالك حقيقة لكان حسنا وفي (السراج) لو أوصى له بشيء فسرقه قبل موت الموصي قطع وإن بعد الموت وقبل القبول لا يقطع انتهى. والظاهر أنه بعد الموت لا فرق في عدم القطع بين كون الموصى به مفردا كثوب أو لا كثلث ماله (و) لا يقطع أيضا في السرقة من مدينة (مثل) جنس (دينه) لأنه استيفاء بحقه ولا يعتبر المماثلة في القدر ولا في الوصف فلا يقطع بسرقة الزائد والأجود، وخرج ما لو سرق خلاف جنسه كالعرض والحلي فإنه يقطع لأنه استبدال ولا يتم إلا بالتراضي وعن هذا قال بعض المشايخ: إنه يقطع فيما لو كان له دراهم فأخذ دنانير وقلبه والأصح أنه لا يقطع لأن النقدين جنس واحد حكما ولذا كان للقاضي أن يقضي بهما دينه بغير رضاه ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة، وعن الثاني أنه لا يقطع في غير الجنس أيضا لأن له أخذه عند بعض العلماء كابن أبي ليلى والشافعي قضاء عن حقه أو رهنا به.
قلنا: هذا قول لم يسند إلى دليل ظاهر فلا يعتبر. وفي (المجتبى) وما قالاه أو سمع ويجوز الأخذ به وإن لم يكن مذهبا فإن الإنسان يعذر في العمل به عند الضرورة انتهى. قال الحدادي: والتوفيق بين القولين أن يحمل قول من قال بالقطع على من لم يعرف الخلاف السابق ومن قال بعدمه على من يعرف ولا خلاف أنه لو قال: أخذتها رهنا بديني أو قضاء لا يقطع ولو سرق من غريم أبيه أو ولده الكبير أو مكاتبه أو عبده المأذون المديون قطع إلا أن يسرق من غريم أبيه أو ولده الكبير أو مكاتبه أو عبده المأذون المديون قطع إلا أن يسرق من غريم ابنه الصغير، ولو سرق العبد والمكاتب من غريم المولى قطع، وفي (السراج) لو سرق ما اشتراه في مدة الخيار أو الموصى له بعد موت الموصى قبل القبول لم يقطع بخلاف ما لو سرقه قبل موت الموصى، (و) لا يقطع أيضا (بشيء) أي: بسرقة شيء (قطع فيه و) الحال أنه (لم يتغير) استحسانا لأن القطع أوجب سقوط عصمة المحل وبالرد إلى المالك، وإن عادت حقيقة العصمة
ويقطع بسرقة الساج والقنا والأبنوس والصندل والفصوص الخضر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ والأواني والأبواب المتخذة من الخشب ومن سرق من ذي رحم محرم.
ــ
لكن بقيت شبهة السقوط لاتحاد الملك والمحل وقيام الموجب وهو القطع فيه قيد بعدم التغير لأنه لو تغير بإحداثه صنعة فيه كسبحه بعد رده قطع لانتفاء الشبهة / [314/ب] الناشئة من اتحاد المحل وفي (كفاية البيهقي) إمام الحنفية سرق ثوبا فخاطه ثم رده فنقض فسرق المنقوض لا يقطع لأنه لا يقطع حق المالك لو فعله الغاصب فلم يكن في حكم عين أخرى ولو باعه المالك من السارق ثم اشتراه منه قطع عند مشايخ بخارى، وقال مشايخ العراق: لا يقطع، كذا في (الفتح).
ولو باعه لغيره فسرقه من المشتري هل يجري فيه الخلاف السابق؟ لم أره، وفي (شرح الطحاوي): لو جعل المالك الذهب والفضة المقطوع بها إناء أو دراهم لا يقطع بسرقتها عند الإمام لأن العين لم تتغير عنده، وقالا: بقطع لأنها تغيرت، وهذا يؤيد ما قاله مشايخ العراف لأنه إذا كان بالصنعة لم يتغير فبالبيع أولى، (ويقطع لسرقة الساج) شجر عظيم جدا تعلوه حمرة صلب كالحجر ولا يوجد كالأبنوس إلا بالهند، (والقنا) بالقصر جمع قناة خشب الرماح وألفه منقلبة عن الواو (والأبنوس) بفتح الباء فيما سمع معرب، (والصندل والفصوص الخضر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ) والعود والمسك والزعفران والعنبر لأن هذه الأشياء من أعز الأموال وأنفسها (و) لم يذكر العاج لأنه لا قطع فيه كما في (الاختيار) ما لم يحدث فيه صنعة، كذا يقطع في (الأواني) كالقصاع (والأبواب) الموضوعة في الحرز إذا كانت حقيقة (المتخذة من الخشب) لأنها بالصنعة التحقت بالأموال النفيسة.
فصل في الحرز
قدم ما يقطع فيه وما لا يقطع على الحرز لأنه كلام في ذاته وثنى بالحرز لأنه خارج، وهو لغة الموضع الذي يحرز فيه الشيء، وشرعا ما يحفظ فيه المال عادة كالدار وإن لم يكن لها باب أو كان وهو مفتوح لأن البناء لقصد الإحراز والحانوت والخيمة والشخص نفسه، والمحرز ما لا يعد صاحبه مضيعا ثم الإخراج منه شرط، ولم يثبت عن أحد من أهل العلم خلافه فكان كالإجماع عليه، وقد ثبت أنه لا يقطع في أقل من النصاب فتخصصت الآية به فجاز تخصيصها بعده بما هو من الأمور الإجماعية (ومن سرق من ذي رحم محرم) ماله أو مال غيره لم يقطع، أما في قرابة الولاد فللإذن بالدخول في الحرز مع البسوطة في المال، وأما في غيرهم كالأخ والأخت فلإلحاقهم بقرابة الولاد بجامع الإذن بالدخول في الحرز، وأيضا فالرحم المحرم يفترض وصلها ويحرم قطعها وبالقطع يحصل القطع فوجب صونها بدرئه، كذا في
منه لا برضاع ومن زوجته وزوجها وسيده وزوجته وزوج سيدته ومكاتبه وختنه وصهره ومن مغنم.
ــ
(الكافي) إلا أن هذا الوجه قد يعكر عليه ما قالوه من أنه لو سرق مال ذي الرحم من بيت غيره فإنه يقطع اعتبارا للحرز مع أن في القطع القطعية موجودة قال في (الفتح): وأجاب في (البحر) بأن القطع حق الله تعالى فلا يكون قطعية انتهى. وأنت خبر بأن هذا مشترك الإلزام أن يجوز أن يقال بالقطع فيما إذا سرق من بيت ذي الرحم المحرم ولا يلزم القطعية لأنه حق الله تعالى، نعم قال الشارح: ينبغي أن لا يقطع في الولاد للشبهة في ماله على ما مر (لا برضاع) يعني إذا كانت المحرمية برضاع يقطع كما إذا سرق من أبيه أو ابنه أو أخيه رضاعا، وقول الشارح هذا لا حاجة إلى إخراجه إذا لم يدخل في الرحم المحرم، رده العيني بجواز أن يكون رحما من النسب ومحرما من الرضاع فيحتاج إلى إخراجه انتهى. وذلك كابن العم الذي هو أخوه رضاعا وهو الحق وهذا لأن الرحم لا يكون إلا نسبا، وأما المحرم فقد يكون من الرضاع أيضا فأخرجه فكأنه قال محرم نسبي.
(و) كذا لا يقطع فيما إذا سرق (من زوجته) ولو من وجه كالمبانة في العدة، (و) كذا إذا سرقت هي (زوجها) للإذن في الدخول عادة فاختل الحرز ولا فرق بين كونه زوجها وقت السرقة أم لم يكن لكنه صار زوجا قبل القضاء، وكذا لو تزوجها بعد القضاء عندهما خلافا لأبي يوسف ولو سرق أحدهما من الآخر فطلقها قبل الدخول لم يقطع أيضا، (و) كذا لا يقطع العبد مدبرا كان أو مكاتبا أو مأذونا أو كانت أم ولد لو سرق من (سيده أو زوجته)، أي: زوجة سيده لما قلنا من اختلال الحرز للإذن بالدخول، وعن ابن عمر أنه جيء له بعبد سرق من امرأة سيده فقال:(عبدكم سرق من امرأتكم لا قطع عليه)، (و) كذا لا يقطع السيد إذا سرق من (مكاتبه) بلا خلاف لأن له حقا في إكسائه، ألا ترى أنه لا يجوز له أن يتزوج أمة مكاتبة.
(و) كذا إذا سرق من (ختنه) وهو زوج كل ذي رحم محرم منه (وصهره) وهو [515/أ] كل ذي رحم محرم من امرأته عند الإمام وقالا: يقطع لعدم الشبهة في ملك البعض / لأنها تكون بالقرابة وهي منتفية وله أن العادة جارية في دخول بعضهم منازل البعض بلا استئذان فتمكنت الشبهة في الحرز وتأخير الشيخ لدليله مؤذن بترجيحه والخلاف مقيد بما إذا كان البيت لحي فإن كان للميت لا يقطع اتفاقا، والمحرمية بالمصاهرة كالمحرمية بالرضاع وعلى هذا الخلاف ما لو سرق من كل من يحرم عليه بالمصاهرة، (و) كذا لا يقطع إذا سرق (من مغنم) لما في مصنف عبد الرازق عن
وحمام وبيت أذن في دخوله لم يقطع ومن سرق من المسجد متاعا وربه عنده.
ــ
علي أنه سقط عنه القطع وقال: إن له نصيبا. قال في (الحواشي السعدية): وهذا التعليل يدل على انه لو لم يكن فيه نصيب يقطع لكن الرواية مطلقة في (مختصر القدوري) و (شرح الطحاوي) فلا بد من تعليل آخر انتهى. وفي (غاية البيان) ينبغي أن يكون المراد من السارق من له نصيب فيها، أما من لا نصيب له فيقطع اللهم إلا أن يقال إنه مباح الأصل وهو على صورته لم يتغير فصار شبهة، وفي كلام المصنف ما يومئ إلى اعتبار الإطلاق حيث قدم أنه لا قطع في المال المشترك وإذا كان له حق فيه كان من المشترك فذكره هنا ليس إلا لإفادة التعميم.
واعلم أن ما مر من التعليل في المكاتب والمقيم ففيه أن المناسب ذكرهما في الفصل السابق عند قوله: ولا من بيت المال لا في هذا الفصل، والظاهر أنه استطرادي، (و) كذا إذا سرق من (حمام) لاختلال الحرز بالإذن بالدخول وسواء كان صاحبه عنده أو لا في ظاهر المذهب بخلاف ما إذا سرق من المسجد وصاحبه عنده فإنه يقطع، والفرق أن الحمام للإحراز فلا يعتب الحافظ كالبيت، أما المسجد فإنه لم يبن له فيعتبر كالطريق والصحراء وهذا الإطلاق قيده الشارح تبعا لغيره بما إذا كان في وقت أذن فيه بالدخول، فإن كان في وقت لم يؤذن فيه قطع، (و) كذا لا يقطع فيما إذا سرق من (بيت أذن في دخوله لم يقطع) لما مر وذلك كالحانوت وحوانيت التجار ولو أذن لجماعة مخصوصين فدخل معهم من لم يؤذن له وسرق ينبغي أن يقطع.
واعلم أنه قد مر أنه لا بد من تحقق السرقة من كون المأخوذ محرزا بمكان أو حافظ والأول أقوى من الثاني، ولذا لم يعتبر الحرز بالحافظ في المحرز بالمكان في الأصح، وفائدته تظهر فيما مر في الحمام، قال الطحاوي: وحرز كل شيء معتبر بحرز مثله حتى لو سرق لؤلؤة من إصطبل لا يقطع بخلاف الدابة وذكر الجلال الكرخي إنما كان حرز النوع فهو حرز للأنواع كلها، قال السرخسي: هذا هو المذهب عندنا.
وفي (المحيط) و (البدائع): الغشاش: وهو الذي يهيأ لغلق الباب ما يفتحه إذا فشل حانوتا أو باب دار نهارا وليس ثمة أحد لم يقطع، وإن كان فيها أحد من أهلها وهو لا يعلم به قطع، (ومن سرق من المسجد متاعا) ونحوه وهو كل مكان لم يوضع للإحراز ومنه الطريق والصحراء (وربه)، أي: مالكه نائما كان أو يقظان في الأصح (عنده) بحيث يراه أو كان نائما وهو تحت رأسه أو جنبه أو بين يديه وقيل: إذا كان
قطع وإن سرق ضيف ممن أضافه أو سرق شيئا ولم يخرجه من الدار لا وإن أخرجه من حجرة إلى الدار أو أغار من أهل الحجرة على حجرة أو نقب فدخل وألقى شيئا في الطريق ثم أخذه أو حمله على حمال فساقه وأخرجه قطع. .....
ــ
بين يديه لا يقطع والأصح الإطلاق كما في (المجتبى)(قطع) لأنه عليه الصلاة والسلام (قطع سارق رداء صفوان من تحت رأسه وهو نائم في المسجد).
وعلى هذا قالوا: لو سرق المواشي من المراعي ومعها حافظ قطع، وإطلاق محمد عدم القطع محمول على عدم الحافظ ولو كان الحافظ هو الراعي، اختلف المشايخ ففي (البقالي) لا يقطع وهو الذي في (المنتقى) عن أبي حنيفة وأطلق خواهر زاده ثبوت القطع إذا كان معها حافظ ويمكن التوفيق بأن الراعي لم يقصد لحفظها من السارق بخلاف غيره، كذا في (الفتح) وفي (المجتبى) وكثير من المشايخ أفتوا بما قاله البقالي ولو كانت تأوي في الليل إلى بيت بني لها عليه باب مغلق فكسره وسرق منها شاة قطع، ولا يعتبر الغلق إذا كان الباب مردودا لا أن يكون بيتا منفردا في الصحراء والمراح ونبه بقوله عنده إلى أنه لو كان لا يسأله لم يقطع، وقيل: يقطع حكاه في (المجتبى).
(ولو سرق ضيف مما أضافه أو سرق شيئا ولم يخرجه من الدار لا) أي: لا يقطع لاختلال الحرز في الأول بالإذن، وعدم تحقق الأخذ في الثاني من كل وجه وعم [315/ب] إطلاقه ما لو سرق من البيت الذي / أضافه فيه أو من بعض بيوت الدار ولو من صندوق مقفل، وقيد بالسرقة لأنه في الغصب يجب الضمان، وإن لم يخرجه في الأصح (وإن أخرجه) أي: المسروق (من حجرة إلى) صحن (الدار) أراد الدار الكبيرة التي بها حجر ومنازل وفي كل حجرة مقصورة وهو ما كان يستغنى به عن الانتفاع بصحن الدار وإنما ينتفعون به انتفاع السكة فيكون الإخراج إليه كالإخراج إلى السكة فيقطع، وبه تغاير المسألة ما قبلها (أو أغار) رجل (من أهل الحجرة على حجرة) أخرى يقال أغار الفرس في العدو إذا أسرع أي سرق منها شيئا بسرعة (أو نقب) السارق البيت (فدخل وألقى شيئا في الطريق) يساوي نصابا ولم يقيده به لما مر (ثم أخذه) قطع عندنا خلافا لزفر، لأن الإلقاء غير موجب للقطع، فكذا الأخذ من السكة قلت: الرمي خصلة يعتاده السارق لتعذر الخروج مع المتاع أو ليتفرغ للقتال والفرار ولم يعترض عليه يد معتبرة فاعتبر الكل واحدا، والخلاف مقيد بما إذا رماه بحيث يراه فإن رماه بحيث لا يراه فلا يقطع، وإن أخذه لأنه جعل مستهلكا له على هذه الصفة قبل خروجه بدليل وجوب الضمان عليه، كذا في (السراج) قيد بأخذه له لأنه لو لم يأخذه أو أخذه غيره كان مضيعا لا سارقا (أو حمله)، أي: ذلك الشيء (على حمار فساقه وأخرجه) أي: علق رسنه في عنق كلب وزجره (قطع) في الكل لأن سير الحمار
وإن ناول آخر من خارج أو أدخل يده في بيت وأخذ أو طر صرة خارجة من كم أو سرق من قطار بعيرا أو حملا لا وإن شق الحمل فأخذ منه أو سرق جوالقا فيه متاع وربه يحفظه أو نائم عليه أو أدخل يده في صندوق أو في جيب غيره أو كمه فأخذ المال قطع.
ــ
مضاف إليه ولو خرج بغير زجره لا يقطع، كما إذا لم يسقه وخرج بنفسه قيد بما يضاف سيره إليه لأنه لو علقه في عنق طائر فألقاه في منزل السارق فإنه لا يقطع، واختلف فيما لو وضعه في ماء وأخرجه بقوة جريه والأصح أنه يقطع لأنه أخرجه بسببه، كذا في (النهاية) ويشكل عليه ما مر من مسألة الطائر ولذا - والله أعلم - جزم الحدادي بأنه لا قطع ولم يحك غيره ولا كلام أنه لو أخرجه بتحريكه لضعف الماء قطع، (وإن ناوله)، أي: ناول المسروق بعد ما دخل الدار رجلا (آخر خارج) الدار لم يقطع واحد منهما أما الداخل فلأنه لم يوجد منه الإخراج لاعتراض يد معتبرة في المال قبله، وقالوا: لو أخرج يده فناوله غيره لا قطع أيضا، ولم يذكر محمد ما لو صفه في النقب ثم خرج وأخذه، والصحيح أنه لا يقطع كما في (الفتح).
وأما الخارج فإن أدخل يده فيه قطع وإلا لا، وجعل الشارح هذا رواية عن الثاني (أو أدخل يده في بيت وأخذ) المتاع لقول علي (لا قطع على السارق الظريف) وفسره بهذا قيد بالبيت لأنه لو أدخل يده في الجوالق أو الصندوق قطع لعدم إمكان دخوله فيها (أو طر) شق (صرة) وهي الخرقة التي يشد فيها الدراهم يقال صررت الدراهم أصرها صرا شددتها والمراد هنا الكم المشدود التي فيها الدراهم، ولذا قال:(خارجة من كمه) وإنما لا يقطع لعدم هتك الحرز بخلاف ما لو كانت من داخل فإنه يقطع لهتكه، ولو كان مكان الطر حل الرباط انعكس الحكم وبهذا ظهر أن ما أطلقوه في الأصول من أن الطرار يقطع إنما يتأتى على قول أبي يوسف فإنه قال: يقطع على كل حال نبه عليه في (الفتح)(أو سرق من قطار) وهو الإبل إذا كانت على نسق واحد والجمع قطر (بعيرا أو حملا) عليه (لا) يقطع جواب لكل وإنما لا يقطع في البعير والحمل سواء كان معه سائق أو قائد أو راكب أولا لعدم الحرز، إذ هؤلاء إنما يقصدون قطع المسافة ونقل الأمتعة دون الحفظ حتى لو كان ثمة من يحفظ قطع، (وإن شق الحمل وأخذ منه أو سرق جوالقا) بضم الجيم (فيه متاع وربه)، أي: والحال أن ربه عنده (يحفظه أو نائم عليه أو أدخل يده في صندوق أو) أدخل يده (في جيب غيره أو كمه وأخذ المال قطع) لوجود السرقة من الحرز.
تقطع يمين السارق من الزند وتحسم.
ــ
تتمة: نقب البيت ثم خرج ولم يأخذ شيئا إلا في الليلة الثانية إن كان ظاهرا أو علم به رب المنزل ولم يسده لم يقطع، وإلا قطع ولو سرق مالا من حرز فدخل آخر وحمل السارق بما معه قطع المحمول خاصة ولا عبرة للحامل ولو أخرج شاة من حرز قيمتها دون نصاب فتبعتها أخرى لم يقطع، ولو أخرج نصابا من حرز مرتين فصاعدا إن تخلل بينهما إطلاق المالك فأصلح النقب أو أغلق الباب فالإخراج الثاني سرقة أخرى، كذا في (السراج).
[316/أ] فصل في كيفية القطع / وإثباته
لما فرغ من بيان ما به يجب القطع شرع في بيان كيف يكون وهل يتكرر إلى أربع مرات؟ وهل يثبت مع الشبهة أو يسقط؟ (تقطع يمين السارق) لقراءة ابن مسعود (فاقطعو أيمانهما) وهي مشهورة فيجوز تقييد المطلق بها (من) مفصل (الزند) وهو الرسغ، قال الجوهري: الزند هو موصل طرف الذراع وهما زندان الكوع والكرسوع، فالكوع طرف الزند الذي يلي الإبهام والكرسوع طرف الزند الذي يلي الخنصر، وخصه لأنه المتوارث من فعله عليه الصلاة والسلام (وتحسم) أي: تكوى بزيت مغلي ونحوه بالحاء المهملة، قال الجوهري: حسمته قطعته فانحسم ومنه حسم العرق وفي الحديث (أتي بسارق فقال احسموه واكووه بالنار لينقطع الدم) ذكره في (الحاوي) وتبعه في (القاموس) وفي (المغرب) من باب الجامع السين الحسم قطع الشيء استئصالا وذكره في الحديث ومعناه ما مر ثم أجر الحسم وثمن الزيت على السارق كما في (الذخيرة) لأنه سببه منه.
قال في (الفتح): وقول صاحب (الهداية) لأنه لو لم يحسم يؤدي إلى التلف يقتضي وجوبه وجوب الحسم، والمنقول عن الشافعي وأحمد أنه يستحب فإن لم يفعل لم يأثم، ويسن تعليق يده في عنقه لأنه عليه الصلاة والسلام أمر به رواه أبو داود وابن ماجة وعندنا ذلك ملق للإمام إن رآه، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم في كل من قطعه ليكون سنة وقد قالوا: إنه لا يقطع في الحر الشديد ولا في البرد الشديد بل يجلس حتى يتوسط الأمر في ذلك، كذا في (السراج) وفيه فرع: إذا كان للسارق كفان في معصم واحد قيل: يقطعان جميعا، وقيل: إن تميزت الأصلية وأمكن
ورجله اليسرى إن عاد فإن سرق ثالثا حبس حتى يتوب ولم يقطع كمن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو إصبعان منها سواها أو رجله اليمنى مقطوعة ولا يضمن بقطع اليسرى من أمر بخلافه.
ــ
الاقتصار على قطعها لم تقطع الزائدة وإلا قطعت وهو المختار فإن كان يبطش بأحدهما قطعت الباطشة، فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى ولا تقطع هذه الزائدة (و) يقطع (رجله اليسرى) من الكعب عند أكثر أهل العلم (إن عاد) إلى السرقة لقوله عليه الصلاة والسلام:(فإن عاد فاقطعوه) وعليه الإجماع (فإن سرق ثالثا حبس حتى يتوب) وتظهر عليه علامة الصلاح، لأن عليا حج الصحابة بقوله:(إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي عليها) فكان إجماعا.
(و) ما جاء (من قطع) يده اليسرى في الثالثة ورجله اليمنى في الرابعة طعن فيه الطحاوي وبتقدير ثبوته فهو محمول على السياسة بدليل أنه قال في الخامسة: فإن عاد فاقتلوه ومن ثم قال في (الفتاوى السراجية): إن للإمام قتله سياسة، وأما قتله ابتداء فليس من السياسة في شيء، قال في (السراج): ويعزر أيضا أي بالضرب كما في (المجتبى)(كمن سرق) أي: كما لا يقطع بل يحبس حتى يتوب من سرق (وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو إصبعان منهاسواها) أي: سوى الإبهام لأن القطع حينئذ تفويت جنس المنفعة بطشا وذلك إهلاك وفوت الإصبعين منها يقوم مقام الإبهام في نقصان البطش بخلاف فوات واحد غير الإبهام، قيد باليسرى لأن اليمنى لو كانت شلاء أو ناقصة الأصابع قطع في ظاهر الرواية لأن استيفاء الناقص عند تعذر الكامل جائز (أو رجله اليمنى) أي: والحال أن رجله اليمنى (مقطوعة) لا تقطع اليسرى لأن في القطع تفويت جنس المنفعة مشيا قد بقطع اليمنى لأن المقطوع لو كان هو الأصابع منها فإن استطاع المشي قطعت، كما في (السراج) وفيه لو سرق سرقة فلم يؤاخذ بها حتى قطعت يمينه قصاصا قطعت رجله اليسرى (ولا يضمن بقطع اليسرى من أمر بخلافه) بأن أمره الحاكم بقطع اليمنى فقطع اليسرى عمدا كان أو خطأ غير أنه يؤدب، وهذا عند الإمام وقالا: إنه يضمن في العمد أرش اليسار وقال زفر: يضمن مطلقا.
وأجمعوا أنه لو قال: اقطع هذا فقطع يساره لم يضمن وأن السارق لو أخرج يساره وقال: هذا يميني فقطعها لا يضمن، والمراد بالخطأ هو الخطأ في الاجتهاد من
وطلب المسروق منه شرط القطع ولو مودعا أو غاصبا أو صاحب الربا ويقطع بطلب المالك لو سرق منهم.
ــ
القاطع في أن قطعها يجزئ عن قطع السرقة نظرا إلى إطلاق النص، أما الخطأ في معرفة اليمين من اليسار فلا يجعل عفوا لأنه بعيد يتهم به مدعيه وقيل: يجعل عفوا.
قال في (المصفى): وهو الصحيح والقياس ما قاله زفر وفرقا بأنه في العمد قطع يدا معصومة بغير حق ولا تأويل غير أنه لا يقطع للشبهة، ولأبي حنيفة أنه وإن تلف [316/ب] ظلما لكنه أخلف من / جنسه ما هو خير له وهو اليمين إذ قوة البطش بها أتم، وإنما قلنا: أخلف لأن اليمين كانت على شرف الزوال فكانت كالفائتة بخلاف ما لو قطع رجله اليمين فإنه وإن امتنع به قطع يده لكنه لم يعوضه من جنس ما أتلف عليه من المنفعة، وفي قطع رجله اليسرى لم يعوضه شيئا أصلا قيد بالأمر لأنه لو قطعه قبل الأمر والقضاء كان عليه القصاص في العمد، والدية في الخطأ والقضاء بالقطع كالأمر به في الأصح، ولو قطعه غير الحداد فلا ضمان عليه أيضا وهو الأصح.
واختلف المشايخ هل هذا القطع يقع حدا؟ قيل: نعم فلا ضمان على السارق لو استهلك العين وقيل: لا فيضمن في العمد والخطأ (وطلب المسروق منه) المال المسروق من السارق (شرط القطع)، لان الخصومة شرط لطهورها فلا فرق في ظاهر الرواية عن أصحابنا في ذلك بين ثبوتها بالبينة أو بالإقرار، وعن الثاني أنه قال: أقطعه بالإقرار، كذا في (غاية البيان) وما في (الشرح) عن (البدائع) أنه يقطع استحسانا يوافق ما عن الثاني، ولفظ الاستحسان لم يوجد في (البدائع) وإنما الذي فيها.
قال أبو حنيفة: الدعوى شرط في الإقرار وقال أبو يوسف: ليست بشرط له، لكن أشار الشمني أنه لا بد من الطلبين وأن أحدهما لا يكفي، والظاهر ما جرى عليه الشارح وغيره من الاكتفاء بدعوى المال إذ القطع محض حق الله تعالى، قال في (الكشف الكبير): ولهذا لا يملك الدعوى به وإثباته ولا العفو عنه بعد وجوبه ولا يورث عنه (ولو) كان المسروق منه (مودعا) شروع في بيان من يلي المطالبة التي قدم أنها شرط وأنها لكل من كان له يد صحيحة، سواء كان المالك حاضرا أو غائبا كما في (السراج) كما إذا كان مودعا بفتح الدال أو مستعيرا أو مضاربا أو مبضعا أو متوليا أو أبا أو وصيا (أو غاصبا) أو مرتهنا أو قابضا على سوم الشراء أو بشرا فاسدا (أو صاحب الربا) بأن باع عشرة بعشرين وقبضها فسرقت منه، كذا فسره الشهيد وغيره لأنه ملكه بعقد فاسد فكان في يده بمنزلة المغصوب.
وفي (الخانية) لو وجد اللفظة في يد غيره ليس له أن يخاصمه في رجها بخلاف الوديعة، لأن الثاني في اللفظة كالأول وليس هو كذلك في الوديعة انتهى. وعلى هذا فلا يقطع بسرقتها (ويقطع بطلب المالك) المسروق (لو سرق منهم) أي:
وعلى هذا فلا يقطع بسرقتها (ويقطع بطلب المالك) المسروق (لو سرق منهم) أي:
لا بطلب المالك أو السارق لو سرق من سارق بعد القطع ومن سرق شيئا ورده قبل الخصومة إلى مالكه. .......
ــ
الثلاثة إذ الحضور إنما هو شرط ليظهر أن المسروق ليس ملكا للسارق وهو حاصل بخصومة المالك، وعن محمد أنه لا بد من حضور المسروق منه، والظاهر للأول وعلى هذا الخلاف لو حضر الراهن فقط قطع في ظاهر الرواية، وروى ابن سماعة عن محمد أنه لا بد من حضور المرتهن أيضا إذ هو متهم، واعلم أن ظاهر كلامه يفيد أنه يقطع بخصومة معطي الربا دون صاحب الربا لأن المال في يده بمنزلة المغصوب كما مر.
قال في (الفتح): للمغصوب منه الخصومة إلا أن المسطور في (السراج) أنه لا يقطع بخصومة معطي الربا لأنه ملك له فيه ولا يد، تبعه الشمني ولم أر من نبه عليه فتدبره، ثم القطع بخصومة الراهن وحده مقيد بما إذا كانت قائمة وقد قضى الدين، أما إذا لم يقضه أو استهلك السارق العين فلا يقطع بخصومته لأنه قبل الإيفاء إلى حق له في المطالبة بالعين وبالاستهلاك صار المرتهن مستوفيا لدينه، قال الشارح: وينبغي أن يقطع بخصومته فيما إذا زادت قيمة الرهن على دينه بما يبلغ نصابا لأن له المطالبة بما زاد كالوديعة، وارتضاه في (فتح القدير)، وهو المذكور في (غاية البيان)(لا) يقطع (بطلب المالك، والسارق لو سرق من سارق بعد القطع) لأنها إنما توجب القطع إذا كانت من يد مالك أو أمين أو ضمين ولا وجود لشيء من ذلك هنا، وهذا لأن المال غير متقوم بعد القطع في حق الأول بدليل أنه لا يجب عليه الضمان بهلاكه قيد بما بعد القطع لأنه قبله يقطع بخصومة الأول كالغاصب، وذكر الطحاوي أنه لا يقطع المشهور الأول، كذا في (السراج) وهو الحق كما مر ثم بعد القطع ليس للأول ولاية الاسترداد في رواية وفي أخرى له ذلك.
قال في (الفتح): والوجه أن القاضي لا يرده لواحد منهما لظهور خيانتهما / بل [317/أ] إلى المالك إن كان حاضرا وإلا حفظه كما يحفظ أموال الغائب، (ومن سرق شيئا فرده قبل الخصومة)، أي: الدعوى والشهادة المترتبة عليها أو الإقرار (إلى مالكه)، لم يقطع في ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة لأن الخصومة شرط القطع ولا يتحقق بعد الرد قيد بالرد قبل الخصومة لأنه لو ردها بعدها سواء قضى القاضي بالقطع أو لا فإنه يقطع، ولا فرق في الرد قبلها بين أن يكون ليد المالك أو ليد أصوله، وإن لم يكونوا في عياله أو فروعه أو لذي رحم محرم منه كأخيه وخاله إن كانوا في عياله أو زوجته أو عبده أو مكاتبه أو أجيره مشاهرة وهو المسمى بغلامه أو مسانهة، وكذا لو سرق من المكاتب ورد إلى سيده أو من العيال ورد إلى من يعولهم، أما الغاصب فلا يبرأ بالرد
أو ملكه بعد القضاء أو ادعى أنه ملكه أو نقصت قيمته من النصاب لم يقطع ولو أقرا بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا ولو سرقا وغاب أحدهما وشهد على سرقتهما قطع الآخر ولو أقر عبد بسرقة قطع وترد السرقة إلى المسروق منه.
ــ
إلى من ذكر (أو ملكه) أي: المسروق (بعد القضاء) بأي سبب كان غير أنه في الهبة يشترط التسليم لأن الإمضاء في الحدود من القضاء وقد طرأ ما يوجب فقد شرطه وهو انقطاع الخصومة، (أو ادعى) السارق (أن المسروق ملكه) وإن لم يثبت لأن الشبهة دارئة للحد فتتحقق لمجرد الدعوى بدليل صحة الرجوع بعد الإقرار (أو نقصت قيمته)، أي: المسروق (من النصاب لم يقطع) في الكل، ووجه الرابعة أن كمال النصاب شرط فيشترط وجوده عند الإمضاء لما مر، ولا فرق بين كون النقص في بلد أو بلدين حتى لو سرق في بلد ما قيمته نصاب وأخذ في أخرى فإذ القيمة أنقص لم يقطع قيد بنقصان القيمة لأنه يقطع مع نقصان العين لأنها مضمونة عليه فكمل النصاب بالدين.
أما نقصان السعر فغير مضمون (ولو أقرا بسرقة فقال أحدهما) ولو بعد القضاء قبل الإمضاء، (هو مالي) مثال والمراد ادعى شبهة مسقطة للقطع (لم يقطعا) لأن الرجوع عامل في حق الراجع ومورث للشبهة في الآخر ولو أقر أنه سرق وفلان فأنكر فلان قطع المقر (ولو سرقا وغاب أحدهما وشهدا) أي شهد اثنان (على سرقتهما قطع الآخر) وهو الحاضر، هذا ما رجع إليه الإمام لأن سرقة الحاضر تثبت بالحجة فلا يعتبر الموهوم وهو دعوى الغائب شبهة واحتمال الدعوى شبهة الشبهة فلا تعتبر (ولو أقر عبد) مكلف ولم يقيد به استغناء بقوله (بسرقة قطع) لأن إقراره بالحدود الخالصة صحيح نظرا إلى آدميته ولا تهمة تعتريه ثم يتعدى إلى المالية (وترد السرقة إلى المسروق منه) سواء كان العبد مأذونا له أو محجورا عليه.
وقال أبو يوسف: إن كان محجورا عليه والمال قائم قطع، وكان المال للمولى إلا أن يصدقه المولى أنه للمسروق منه وقال محمد: لا يقطع والمال للمولى إلا أن يصدقه، والخلاف مبني على أن القطع أصل والمال تبع أو كل منهما أصل أو المال فقطع قال الإمام بالأول والثاني بالثاني ومحمد بالثالث والكل روايات عن الإمام، وأشار بالرد إلى بقائها فلو استهلكها لم يضمن ويقطع اتفاقا، ولو كان صغيرا لم يقطع ويرد المال إن كان قائما وكان مأذونا وإن هالكا يضمن وإن محجورا يرد المال إن قائما ولا ضمان عليه لو هلك ولو كان صرفه المولى فكذلك، ولا ضمان عليه لو كان هالكا ولو بعد العتق، كما في (الفتح).
وأشار بالإقرار إلى أنها لو ثبتت عليه بالبينة كان الحكم كذلك بالأولى غير أنه يشترط حضرة المولى عند إقامة البينة عندهما خلافا للثاني، وأجمعوا أنها غير شرط
ولا يجتمع قطع وضمان وترد العين لو قائما ولو قطع لبعض السرقات لا يضمن شيئا ولو شق ما سرق في الدار ثم أخرجه قطع.
ــ
في الإقرار (ولا يجتمع قطع وضمان) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا غرم على السارق بعدما قطعت يمينه)(وترد العين) المسروقة و (لو قائمة) لبقائها على ملك المسروق منه ولذا لا يحل له الانتفاع بها، ولو خاطها قميصا لم يحل لبسه وتصرف السارق فيها ببيع وهبة غير صحيح بلا خلاف قيد بقيامها لأنها لو هلكت لم يضمنها، وكذا لو استهلكها في ظاهر الرواية إلا أنه يفتي بأداء قيمتها وإن لم يقبض بها عليه، وسواء كان الاستهلاك قبل القطع أو بعده.
وفي (الكافي) لو طلب المالك قبل القطع تضمينه لم يقطع عندنا وإن اختار القطع قطع ولا يضمن في (المجتبى) لو استهلكها غيره بعد القطع لم يضمن لأحد، وكذا لو هلكت في يد المشتري أو الموهوب له ولو استهلكها المشتري فللمالك تضمينه انتهى. فيحتاج إلى الفرق بين الأجنبي والمشتري، وفي (السراج) لو استهلكها غيره بعد القطع كان للمسروق منه أن يضمن المستهلك قيمته انتهى. وهذا بالقواعد / أليق وعليه فلا يحتاج إلى الفرق. [317/ب].
(ولو قطع لبعض السرقات) سواء كانت لجماعة أو لواحد، تعددت سرقته منه فخاصمه في البعض (لا يضمن شيئا) عند الإمام، وقالا: يضمن ما لم يقطع فيه إذ لا بد من الخصومة لتظهر السرقة ولم توجد في غير ما قطع فيه، وله أن مبنى الحدود على التداخل فالواجب بالكل قطع واحد، والخصومة شرط لظهورها عند الحاكم فإذا كان الحكم الثابت في نفس الأمر هو التداخل ومعناه وقوع الحد الواحد عن الأسباب السابقة وقد وجد لزم وقوعه عنها، وهو ملزوم لسقوط ضمان كلها في نفس الأمر علم القاضي أو لم يعلم، وأجمعوا على أن الكل لو حضروا وقطع بخصومتهم لم يضمن شيئا.
(ولو شق) السارق (ما سرقه في الدار ثم أخرجه) وهو يساوي نصابا بعد الشق (قطع) عندهما، وقال أبو يوسف: لا يقطع، وقيل: هذه رواية عنه، قيد بالدار لأنه لو شقه بعد الإخراج قطع اتقاقا، وإن كان بعده لا يساوي نصابا لم يقطع اتفاقا ومحل الخلاف ما إذا شقه فاحشا وهو ما يفوت به بعض العين وبعض المنفعة على الأصح، واختار المالك تضمين النقصان وأخذ الثوب قطع عندهما خلافا له، أما إذا اختار تضمين القيمة وترك الثوب فلا قطع اتفاقا.
أما اليسير وهو ما يتعيب به فقط فيقطع فيه اتفاقا، له أن السرقة ما تمت إلا وقد انعقد للسارق فيها سبب الملك إذ بالخرق الفاحش ثبت الملك له، ولهما أن